حديث أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب











حديث أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب



1- من کلام له عليه السلام في معني قتل عثمان: لو أمرت به لکنت قاتلا، أو نهيت عنه لکنت ناصرا، غير ان من نصره لا يستطيع أن يقول: خذله من أنا خير منه، و من خذله لا يستطيع أن يقول: نصره من هو خير مني، وأنا جامع لکم أمره:إستأثر فأساء الاثرة، وجزعتم فأسأتم الجزع، ولله حکم واقع في المستأثر والجازع[1] .

قال ابن أبي الحديد في الشرح 158:1: قوله: غير أن من نصره. معناه ان خاذليه کانوا خيرا من ناصريه، لان الذين نصروه کان أکثرهم فساقا کمروان بن الحکم وأضرابه، وخذله المهاجرون والانصار.

2- من کلام له عليه السلام قاله لابن عباس وقد جاءه برسالة من عثمان وهو محصور يسأله فيها الخروج إلي ماله بينبع فقال عليه السلام:

يا ابن عباس ما يريد عثمان إلا أن يجعلني جملا ناضحا بالغرب[2] أقبل وأدبر بعث إلي أن أخرج ثم بعث إلي أن أقدم، ثم هو الآن يبعث إلي أن أخرج، والله لقد دفعت عنه حتي خشيت أن أکون آثما[3] .

3- أخرج البلاذري في الانساب 98:5 من طريق أبي حادة انه سمع عليا رضي الله عنه يقول وهو يخطب فذکر عثمان فقال: والله الذي لا إله إلا هو ما قتلته، و

[صفحه 70]

لامالأت علي قتله، ولا ساءني.

4 أخرج ابن سعد من طريق عمار بن ياسرقال: رأيت عليا علي منبر رسول الله صلي الله عليه وسلم حين قتل عثمان وهو يقول: ما أحببت قتله ولا کرهته، ولا أمرت به ولا نهيت عنه. الانساب للبلاذري 101:5.

وأو عز شاعر أهل الشام کعب بن جعيل إلي قول الامام عليه السلام بأبيات له ألاوهي:


وما في علي لمستعتب
مقال سوي ضمه المحدثينا


وإيثاره اليوم أهل الذنوب
ورفع القصاص عن القاتلينا


إذا سيل عنه حذا شبهة[4] .
وعمي الجواب علي السائلينا


فليس براض ولا ساخط
ولا في النهاة ولا الآمرينا


ولا هو ساء ولا سرة
ولا بد من بعض ذا أن يکونا[5] .


قال ابن أبي الحديد بعد ذکر الابيات: ما قال هذا الشعر إلا بعد أن نقل إلي أهل الشام کلام کثير لامير المؤمنين في عثمان يجري هذا المجري نحو قوله: ما سرني ولا ساءني، وقيل له: أرضيت بقتله؟ فقال: لم أرض، فقيل له: أسخطت قتله؟ فقال: لم أسخط. وقوله تارة: ألله قتله وأنا معه. وقوله تارة أخري: ما قتلت عثمان ولا مالات في قتله. وقوله تارة أخري: کنت رجلا من المسلمين أوردت إذا وردوا، و أصدرت إذا صدروا. ولکل شئ من کلامه إذا صح عنه تأويل يعرفه أولو الالباب.

5- أخرج أبومخنف من طريق عبدالرحمن بن عبيد: ان معاوية بعث إلي علي حبيب من مسلمة الفهري وشرحبيل بن سمط ومعن بن يزيد بن الاخنس فدخلوا عليه وأنا عنده (إلي أن قال بعد کلام حبيب وشرحبيل وذکر جواب مولانا أميرالمؤمنين): فقالا أتشهد أن عثمان رضي الله عنه قتل مظلوما؟ فقال لهما: لا أقول ذلک. قالا: فمن لم يشهد ان عثمان قتل مظلوما فنحن منه برءآء. ثم قاما فانصرفا فقال علي: إنک لا تسمع الموتي ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين، وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون.

[صفحه 71]

کتاب صفين لابن مزاحم ص 277 واللفظ له، تاريخ الطبري 4:6، الکامل لابن الاثير 125:3.

6- ذکر البلاذري في الانساب 44:5 في حديث قول علي عليه السلام لعثمان: يا عثمان إن الحق مرئ، وإن الباطل خفيف وبئ، وإنک متي تصدق تسخط ومتي تکذب ترض.

7- کان علي کلما اشتکي الناس إليه أمر عثمان أرسل إبنه الحسن إليه فلما أکثر عليه قال له: إن أباک يري أن أحدا لا يعلم ما يعلم، ونحن أعلم بما نفعل، فکف عنا، فلم يبعث علي إبنه في شئ بعد ذلک، وذکروا أن عثمان صلي العصر ثم خرج إلي علي يعوده في مرضه ومروان معه فرآه ثقيلا فقال: أماو الله لولا ما أري منک ما کنت أتکلم بما أريد أن أتکلم به، والله ما أدري أي يوميک أحب إلي أو أبغض، أيوم حياتک؟ أو يوم موتک؟ أما والله لئن بقيت لا أعدم شامتا يعدک کهفا، ويتخذک عضدا، ولئن مت لافجعن بک، فحظي منک حظ الوالد المشفق من الولد العاق، إن عاش عقه، وإن مات فجعه فليتک جعلت لنا من أمرک لنا علما نقف عليه ونعرفه، إما صديق مسالم، وإماعدو معاني، ولا تجعلني کالمختنق بين السماء والارض، لا يرقي بيد ولا يهبط برجل، أما والله لئن قتلتک لا اصيب منک خلفا، ولئن قتلتني لا تصيب مني خلفا، وما أحب أن أبقي بعدک. قال مروان: إي والله، وأخري انه لا ينال ماوراء ظهورنا حتي تکسر رماحنا، وتقطع سيوفنا، فما خيرالعيش بعد هذا؟ فضرب عثمان في صدره وقال: ما يدخلک في کلامنا؟ فقال علي: إني والله في شغل عن جوابکما ولکني أقول کما قال أبويوسف فصبر جميل والله المستعان علي ما تصفون. (العقد الفريد 274:2، الامامة والسياسة 30:1)

8- في کتاب لمولانا أمير المؤمنين يجيب به معاوية بن أبي سفيان قال: وذکرت إبطائي عن الخلفاء وحسدي إياهم والبغي عليهم، فأما البغي فمعاذ الله أن يکون، وأما الکراهة لهم فوالله مااعتذر للناس من ذلک، وذکرت بغيي علي عثمان وقطعي رحمه فقد عمل عثمان بما قد علمت، وعمل به الناس ما قد بلغک، فقد علمت أني کنت من أمره في عزلة إلا أن تجني فتجن ماشئت، وأما ذکرک قتلة عثمان وما سألت من دفعهم

[صفحه 72]

إليک فإني نظرت في هذا الامر وضربت أنفه وعينه فلم يسعني دفعهم إليک ولا إلي غيرک، وإن لم تنزع عن غيک لنعرفنک عما قليل يطلبونک ولا يکلفونک أن تطلبهم في سهل ولاجبل ولابر ولا بحر.

کتاب صفين لابن مزاحم ص 102، العقد الفريد 286:2، نهج البلاغة 10:2، شرح ابن أبي الحديد 409:3.

9- أخرج الطبري من طريق إسماعيل بن محمد: ان عثمان صعد يوم الجمعة المنبر فحمدالله وأثني عليه فقام رجل فقال: أقم کتاب الله، فقال عثمان: اجلس فجلس حتي قام ثلاثا فأمر به عثمان فتحاثوا بالحصباء حتي ما تري السماء وسقط عن المنبر وحمل فأدخل داره مغشيا عليه فخرج رجل من حجاب عثمان ومعه مصحف في يده وهو ينادي: إن الذين فارقوا دينهم وکانوا شيعا لست منهم في شئ إنما أمرهم إلي الله. ودخل علي بن أبي طالب علي عثمان رضي الله عنهما وهو مغشي عليه وبنو أمية حوله، فقال: مالک يا أميرالمؤمنين؟ فأقبلت بنو أمية بمنطق واحد فقالوا: ياعلي أهلکتنا وصنعت هذا الصنيع بأميرالمؤمنين، أما والله لئن بلغت الذي تريد لتمرن عليک الدنيا. فقام علي مغضبا.

تاريخ الطبري 113:5، الکامل لابن الاثير 67:3.

10- ذکر ابن قتيبة في الامامة والسياسة 1 ص 42 في حديث مسائلة عمرو بن العاص راکبا: فقال له عمرو: ما الخبر؟ قال: قتل عثمان، قال: فما فعل الناس؟ فقال: بايعوا عليا. قال: فما فعل علي في قتلة عثمان؟ قال: دخل عليه وليد بن عقبة فسأله عن قتله فقال: ما أمرت ولانهيت، ولا سرني ولاساءني. قال: فما فعل بقتلة عثمان؟ فقال: آوي ولم يرض، وقد قال له مروان: إن لا تکن أمرت فقد توليت الامر، وإن لا تکن قتلت فقد آويت القاتلين، فقال عمرو بن العاص: خلط والله أبوالحسن.

11- روي الاعمش عن الحکم بن عتيبة عن قيس بن أبي حازم قال: سمعت عليا عليه السلام علي منبر الکوفة وهو يقول: ياأبناء المهاجرين! انفروا إلي أئمة الکفر، وبقية الاحزاب وأولياء الشيطان، إنفروا إلي من يقاتل علي دم حمال الخطايا، فوالله الذي

[صفحه 73]

فلق الحبة وبرأ النسمة انه ليحمل خطاياهم إلي يوم القيامة لا ينقض من أوزارهم شيئا[6] .

قال الاميني: طعن ابن أبي الحديد في هذا الحديث بمکان قيس[7] بن أبي حازم وقال: هو الذي روي حديث انکم لترون ربکم يوم القيامة کما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته، وقد طعن مشايخنا المتکلمون فيه وقالوا: إنه فاسق ولا تقبل روايته لانه قال: إني سمعت عليا يخطب علي منبر الکوفة ويقول: انفروا إلي بقية الاحزاب. فأبغضته ودخل بغضه في قلبي ومن يبغض عليا عليه السلام لا تقبل روايته. ثم حمله علي فرض الصحة علي إرادة معاوية من قوله: حمال الخطايا فقال: لانهم يحامون عن دمه، ومن حامي عن دم إنسان فقد قاتل عليه. اه.

ألا مسائل الرجل عن ان رواية حديث الرؤية أي منقصة وحزازة فيها وقد أخرجها البخاري ومسلم في صحيحيهما وأحمد في مسنده؟ فهل طعن أحد في أولئک الائمة لروايتهم إياها؟

ثم لو کان من أبغض عليا عليه السلام فاسقا غير مقبول الرواية- کما هو الحق فما- قيمة الصحاح عندئذ في سوق الاعتبار؟ وما أکثرفيها من الرواية عن مناوئي أميرالمؤمنين ومنهم نفس الرجل (قيس بن أبي حازم) فقد أخرج أئمة الصحاح أحاديث من طريقه و هو من رجالهم.

علي أن علماء الفن من القوم مع قولهم بأنه کان يحمل علي علي نصوا علي ثقة الرجل وقالوا: متقن الرواية، والحديث عنه من أصح الاسناد، وقال ابن خراش: کوفي جليل. وقال ابن معين: ثقة. وذکره ابن حبان في الثقات، وقال ابن حجر: أجمعوا علي الذهبي الاحتجاج به ومن تکلم فيه فقد آذي نفسه.

(راجع تهذيب التهذيب 386:8)

وأما تأويل: (حمال الخطايا) بإرادة معاوية منه فمن التافة البعيد عن سياق العربية نظير تأويل معاوية الحديث الوارد في عمار من قوله صلي الله عليه وآله وسلم: تقتلک الفئة الباغية.

12- کان مولانا أميرالمؤمنين يخطب ويلوم الناس علي تثبيطهم وتقاعدهم و

[صفحه 74]

يستنفرهم إلي أهل الشام فقال له الاشعث بن قيس: هلا فعلت فعل ابن عفان؟ فقال له: إن فعل ابن عفان لمخزاة علي من لادين له ولا وثيقة معه، إن امرأ أمکن عدوه من نفسه يهشم عظمه ويفري جلده لضعيف رأيه، مأفون عقله، أنت فکن ذاک، إن أحببت فأما أنا فدون أن اعطي ذاک ضرب بالمشرفية الفصل[8] .

13- من کتاب له عليه السلام کتبه إلي أهل مصر لما ولي عليهم الاشتر:

من عبدالله علي أمير المؤمنين: إلي القوم الذين غضبوا لله حين عصي في أرضه وذهب بحقه، فضرب الجور سرادقه علي البر والفاجر، والمقيم والظاعن، فلا معروف يستراح إليه، ولا منکر يتناهي عنه[9] .

قال ابن أبي الحديد في شرحه 58:3: هذا الفصل يشکل علي تأويله لان أهل مصرهم الذين قتلوا عثمان، وإذا شهد أميرالمؤمنين عليه السلام انهم غضبوا لله حين عصي في الارض، فهذه شهادة قاطعة علي عثمان بالعصيان وإتيان المنکر. ثم تأوله بمارآه تعسفا، والتعسف لايغني عن الحق شيئا ولاتتم به الحجة.

هب ابن أبي الحديد تعسف هاهنا وتأول فما يصنع ببقية کلمات مولانا أمير المؤمنين وکلمات ساير الصحابة لدة هذه الکلمة وهي تربو علي مئات؟ فهل يسعنا أن نکون عسوفا في کل ذلک؟ سل عنه خبيرا.

14- من کلام لاميرالمؤمنين قاله عثمان لما اجتمع الناس إليه وشکوا إليه مانقموه علي عثمان فدخل عليه السلام عليه فقال:

إن الناس ورائي وقد استفسروني بينک وبينهم، ووالله ما أدري ما أقول لک، ما أعرف شيئا تجهله، ولا أدلک علي أمر لا تعرفه، إنک لتعلم ما نعلم، ما سبقناک إلي شئ فنخبرک عنه، ولا خلو نا بشئ فنبلغکه وقد رأيت کمارأينا، وسمعت کما سمعنا وصحبت رسول الله کما صحبنا، وما ابن أبي قحافة ولا ابن الخطاب بأولي بعمل الحق منک، وأنت أقرب إلي رسول الله صلي الله عليه وآله وشيجة رحم منهما، وقد نلت من صهره مالم ينالا، فالله الله في نفسک فانک والله ما تبصر من عمي، ولا تعلم من جهل، وإن الطرق

[صفحه 75]

لواضحة، وإن أعلام الدين لقائمة، فاعلم أن أفضل عبادالله عندالله إمام عادل،هدي وهدي، فأقام سنة معلومة، وأمات بدعة مجهولة، وإن السنن لنيرة لها أعلام،وإن البدع لظاهرة لها أعلام، وأن شر الناس عندالله إمام جائر، ضل وضل به، فأمات سنة مأخوذة، وأحيا بدعة متروکة، واني سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله يقول: يؤتي يوم القيامة بالامام الجائر وليس معه نصير ولا عاذر فيلقي في نار جهنم فيدور فيها کما تدور الرحي ثم يرتبط في قعرها، وإني أنشدک الله أن تکون إمام هذه الامة المقتول فإنه کان يقال: يقتل في هذه الامة إمام يفتح عليها القتل والقتال إلي يوم القيامة، ويلبس أمورها عليها، ويثبت الفتن فيها، فلا يبصرون الحق من الباطل، يموجون فيها موجا، ويمرجون فيها مرجا، فلا تکونن لمروان سيقة يسوقک حيث شاء بعد جلال السن و تقضي العمر، فقال له عثمان: کلم الناس في أن يؤجلوني حتي أخرج اليهم من مظالمهم فقال عليه السلام: ما کان بالمدينة فلا أجل فيه، وما غاب فأجله وصول أمرک اليه[10] .

تاريخ الطبري 96:5، الانساب للبلاذري 60:5، نهج البلاغة 303:1، الکامل لابن الاثير 63:3، تاريخ ابن کثير 168:7.

15- أخرج ابن السمان من طريق عطاء إن عثمان دعا عليا فقال: ياأبالحسن إنک لو شئت لاستقامت علي هذه الامة فلم يخالفني واحد. فقال علي: لو کانت لي أموال الدنيا وزخرفها ما استطعت أن أدفع عنک أکف الناس، ولکني سأدلک علي أمر هو أفضل مما سألتني: تعمل بعمل أخويک أبي بکر وعمر، وأنا لک بالناس لا يخالفک أحد (الرياض النضرة 129:2)

16- من خطبة لمولانا أميرالمؤمنين عليه السلام الشقشقية قوله: إلي أن قام ثالث القوم نافجا حضنيه بين نثيله ومعتلفه، وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضمة الابل نبتة الربيع، إلي انکث فتله، وأجهز عليه عمله، وکتب به بطنته.

مرت مصادر هذه الخطبة في الجزء السابع ص 85 -82 ط 2.

17- قال ابن عبد ربه في العقد الفريد 267:2: قال حسان بن ثابت لعلي: إنک تقول: ما قتلت عثمان ولکن خذلته، ولا آمر به ولکن لم أنه عنه، فالخاذل

[صفحه 76]

شريک القاتل، والساکت شريک القاتل.

18- أخرج البلاذري في الانساب 13:5 من طريق عبدالله بن عباس قال: إن عثمان شکا عليا إلي العباس فقال له: يا خال؟ إن عليا قد قطع رحمي، وألب الناس إبنک، والله لئن کنتم يا بني عبدالمطلب! أقررتم هذا الامر في أيدي بني تيم وعدي فبنو عبد مناف أحق أن لا تنازعوهم فيه ولا تحسدوهم عليه. قال عبدالله بن العباس: فأطرق أبي طويلا ثم قال: يا ابن أخت؟ لئن کنت لا تحمد عليا فما يحمدک له، وإن حقک في القرابة والامامة للحق الذي لايدفع ولايجحد، فلو رقيت فيما تطأطأ أو تطأطأت فيما رقي تقاربتما، وکان ذلک أوصل وأجمل، قال: قد صيرت الامر في ذلک اليک فقرب الامر بيننا. قال: فلما خرجنا من عنده دخل عليه مروان فأزاله عن رأيه، فما لبثنا أن جاء أبي رسول عثمان بالرجوع إليه فلما رجع قال: يا خال أحب أن تؤخر النظر في الامر الذي ألقيت إلي حتي أري من رأيي، فخرج أبي من عنده ثم التفت إلي فقال: يا بني ليس إلي هذا الرجل من أمره شئ، ثم قال: أللهم أسبق بي الفتن ولا تبقني إلي ما لا خير لي في البقاء اليه. فما کانت جمعة حتي هلک.

19- أخرج البلاذري في الانساب 14:5 من طريق صهيب مولي العباس: إن العباس قال لعثمان: أذکرک الله في أمر ابن عمک وابن خالک وصهرک وصاحبک مع رسول الله صلي الله عليه وسلم، فقد بلغني انک تريد أن تقوم به وبأصحابه، فقال: أول ما أجيبک به أني قد شفعتک، ان عليا لو شاء لم يکن أحد عندي إلا دونه ولکنه أبي إلا رأيه، ثم قال لعلي مثل قوله لعثمان، فقال علي: لو أمرني عثمان أن أخرج من داري لخرجت.

20- من کتاب لامير المؤمنين عليه السلام إلي معاوية: أما بعد: فوالله ما قتل ابن عمک غيرک، وإني لارجو أن ألحقک به علي مثل ذنبه وأعظم من خطيئته.

(العقد الفريد 223:2، وفي ط 285)

ولا تنس في الختام قول حسان بن ثابت:


صبرا جميلا بني الاحرار لا تهنوا
قد ينفع الصبر في المکروه أحيانا


يا ليت شعري وليت الطير تخبرني
ما کان شأن علي وابن عفانا

[صفحه 77]

لتسمعن وشيکا في ديارکم
ألله أکبريا ثارات عثمانا[11] .


قال الاميني: يعطينا الاخذ بمجامع هذه الاحاديث الامام عليه السلام ما کان يري الخليفة إمام عدل يسوءه قتله، أو يهمه أمره يسخطه التجهمر عليه، بل کان يعتزل عن أمره ويخشي أن يکون آثما إن دؤب علي الدفاع عنه، ولا يري الثائرين عليه متحوبين في نهضتهم وإلا لساءه ذلک فضلا عن أن يسکت عنهم، أو يطريهم کماسمعته من کتابه إلي اهل مصر، أو يري الخاذلين له خيرا ممن نصره، ولو کان يراه إمام عدل فأقل المراتب أن يقول: إن ناصره خير من خاذله. بل الشأن هذا في أفراد المسلمين العدول من الرعية فضلا عن إمامها.

وحديث شکاية عثمان إلي عمه العباس المتوفي سنة 32 بعلمنا بأن الخلاف والتشاجر بينهما کانا قبل تجمهر الثائرين عليه في أواسط أيام خلافته قبل وفاته بأعوام وقول أميرالمؤمنين له: لو أمرني عثمان أن أخرج من داري لخرجت. فيه إيعاز إلي أن انکاره عليه السلام علي الرجل لم يکن قط في الملک، وما کان يرضي بشق عصا المسلمين بالخلاف عليه في أمره، وإنما کان للامر بالمعروف والنهي عن المنکر، ولم يک يري لنفسه بدا من ذلک.

ولو أمعنت النظر فيما سردناه من ألفاظه الدرية لا نفتح عليک أبواب من رأي الامام عليه السلام في الخليفة لم نوعز إليها، ويعرب عن رأيه فيه ما مر في ج 8 ص 287 ط 2 من خطبة له عليه السلام خطبها في اليوم الثاني من بيعته من قوله: ألا إن کل قطيعة أقطعها عثمان. وکل مال أعطاه من مال الله فهو مردود في بيت المال. فلو کان الرجل إمام عدل عند الامام عليه السلام لکان أخذه ورده وقطعه وعطاءه حجة لا يتطرق إليها الرد، ولکن...



صفحه 70، 71، 72، 73، 74، 75، 76، 77.





  1. نهج البلاغه 76:1.
  2. الناضح: البعير يستقي عليه. الغرب: الدلو العظيمة.
  3. نهج البلاغة 468:1.
  4. في العقد الفريد: زوي وجهه.
  5. کتاب صفين لابن مزاحم ص 63، العقد الفريد 267:2، شرح ابن أبي الحديد 158:1
  6. شرح ابن أبي الحديد 179:1.
  7. من رجال الصحيحين: البخاري ومسلم.
  8. شرح ابن ابي الحديد 178:1.
  9. تاريخ الطبري 55:6، نهج البلاغة، 63:2، شرح ابن أبي الحديد 29:2.
  10. سيأتي تمام الحديث في صور توبة الخليفة وحنثه اياها مرة بعد اخري.
  11. أنساب البلاذري 104:5.