آية نازلة في عثمان











آية نازلة في عثمان



أخرج الواحدي والثعلبي من طريق ابن عباس والسدي والکلبي والمسيب بن شريک قالوا: نزلت قوله تعالي في سورة النجم 35 و 34 و 33: أفرأيت الذي تولي، و أعطي قليلا وأکدي[1] ، أعنده علم الغيب فهو يري: نزلت في عثمان رضي الله عنه کان يتصدق وينفق في الخير فقال له أخوه من الرضاعة عبدالله بن أبي سرح: ما هذا الذي تصنع؟ يوشک أن لايبقي لک شيئا. فقال عثمان: إن لي ذنوبا وخطايا وإني أطلب بما أصنع رضا الله تعالي وأرجو عفوه، فقال له عبدالله: أعطني ناقتک وبرحلها وأنا أتحمل عنک ذنوبک کلها.فأعطاه وأشهد عليه وأمسک وعن بعض ما کان يصنع من الصدقه، فأنزل الله تعالي: أفرأيت الذي تولي. الخ. فعاد عثمان إلي أحسن ذلک وأجمله.

وذکره جمع من المفسرين وفي تفسير النيسابوري: معني تولي: ترک المرکز يوم أحد.

راجع أسباب النزول للواحدي ص 298، تفسير القرطبي 111:17، الکشاف 146:3، تفسير النيسابوري هامش الطبري 50:27 تفسير الشربيني 128:4.

[صفحه 64]

قال الاميني: لا غرابة من ابن أبي سرح وقد تشاکلت أحواله يوم کفره وإسلامه وردته وزلفته من عثمان علي عهد خلافته إن لهج بهذه السخافة التي لا تلائم أيا من نواميس العدل: ولکن إن تعجب فعجب قبول عثمان تلکم الخرافة منه، ومنحه إياه ناقته برحلها علي أن يحمل عنه ذنوبه (ولا تزر وازرة وزر اخري) وإشهاده عليه وإمساکه عن الصدقات، وحسبانه ان ماقاله ذلک الساخر کائن لا محالة، کأن بيد إبن أبي سرح أزمة الحساب، وعنده مقاليد يوم القيامة، وهو الخبير ما يکون فيه، فأنبأه بأن ذنوبه محيت بتلک المبادلة، أو أن عثمان نفسه کان يعلم الغيب، فهو يري ان ما يقوله حميمه حق، وکأنه نسي قوله تعالي: وقال الذين کفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياکم وماهم بحاملين من خطاياهم من شئ إنهم لکاذبون، وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما کانوا يفترون[2] وقوله تعالي: من يعمل سوءايجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا[3] وقوله تعالي: فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره[4] وقوله تعالي: کل نفس بما کسبت رهينة[5] ومن يکسب إثمافإنما يکسبه علي نفسه[6] أليوم تجزي کل نفس ما کسبت لا ظلم اليوم[7] ولتجزي کل نفس بما کسبت وهم لا يظلمون[8] إلي آي کثيرة من أمثالها وهي کلها تقرر حکم العقل بقبح أخذ أي أحد بجريمة غيره.

والعدل يحکم بأن إبن أبي سرح وهو مثال المئاثم والمخازي إن حمل إثما من جراء قولته هذه فإنما هو جرأته علي الله تعالي وتصغيره عظمة نيران القسط الالهي و نهيه عن الصدقة لا ما سبق لعثمان إقترافه من السيئات، لکن هلم معي إلي ضئولة عقل من يصدق تلکم المهزأة، ويرتب عليها آثارا عملية حتي ند د به الذکر الحکيم.

[صفحه 65]

وهب أنا غاضينا الراوي علي عود الرجل إلي ما کان بعد نزول الآية الکريمة، لکن ذلک لا يجديه نفعا يزيح عنه وصمة ضعف الرأي وقوة الرعونة فيه، نعم: کان يجديه لو لم يعبأ بتلکم الضلالة، أوانه عدل عنها بقوة التفکير لا بتوبيخ الوحي الالهي، وليته لم يعدل فإنه عدل إلي ما عرفت من سيرته في الصدقات، وجاء يخضم مال الله خضمة الابل نبتة الربيع.



صفحه 64، 65.





  1. قال ابن عباس ومجاهد وطاوس وقتادة والضحاک: اکدي: انتقطع فلا يعطي شيئا. يقال البئر اکدت.
  2. سورة العنکبوت: 13 و 12.
  3. سورة النساء: 123.
  4. سورة الزلزلة: 8 و 7.
  5. سورة المدثر: 381.
  6. سورة النساء: 111.
  7. سورة غافر: 17.
  8. سورة الجاثية: 22.