تسيير عثمان عليا أميرالمؤمنين











تسيير عثمان عليا أميرالمؤمنين



لعل التبسط في البحث عما جري بين عثمان أيام خلافته وبين علي أميرالمؤمنين يوجب خدش العواطف، وينتهي إلي ما يحمد عقباه، والتاريخ وإن لم يحفظ منه إلا النزر اليسير غير أن في ذلک القليل غني وکفاية وبه تعرف جلية الحال، ونحن نمر به کراما، فلا نحوم حول البحث عن کلمه القوارص لعلي عليه السلام، البعيدة عن ساحة قدسه النائية عن مکانته الراقية التي لا يدرک شأوها، ويقصردون استکناهها البيان.

أيسع لمن أسلم وجهه لله وهو محسن وآمن بالکتاب وبما نزل من آية في سيد العترة، وصدق بالنبي صلي الله عليه وآله وسلم وبما صدع به من فضائل علي عليه السلام، وجاوره مع ذلک حقبا وأعواما بيت بيت، ووقف علي نفسياته الکريم د وهو علي ضمادة من أفعاله وتروکه وشاهد مواقفه المبرورة ومساعيه المشکورة في تدعيم الدين الحنيف، أيسع لمسلم هذا شأنه أن يخاطب أخا الرسول المطهر بلسان الله بقوله: لم لا يشتمک مروان إذا

[صفحه 61]

شتمته فوالله ما أنت عندي بأفضل منه[1] ومروان طريد رسول الله وابن طريده و لعينه وابن لعينه.

أم بقوله له: والله يا أباالحسن ما أدري أشتهي موتک؟ أم أشتهي حياتک؟ فوالله لئن مت ما أحب أن أبقي بعدک لغيرک لاني لا أجد منک خلفا، ولئن بقيت لا أعدم طاغيا يتخدک سلما وعضدا، ويعدک کهفا وملجأ، لا يمنعني منه إلا مکانه منک ومکانک منه، فأنا منک کالابن العاق من أبيه إن مات فجعه وإن عاش عقه. إلي آخر مامر في في ص 18؟.

أم بقوله له. ما أنت بأفضل من عمار، وما أنت أقل إستحقاقا للنفي منه[2] .

أم بقوله له: أنت أحق بالنفي من عمار ؟[3] .

أم بقوله الغليظ الذي لا يحب المؤرخون ذکره ونحن سکتنا عن الاعراب عنه؟[4] .

وبعد هذه کلها يزحزحه عليه السلام عن مدينة الرسول صلي الله عليه وآله ويقلقه من عقر داره و ويخرجه إلي ينبع مرة بعد أخري قائلا لابن عباس: قل له فليخرج إلي ماله بالينبع، فلا أغتم به ولا يغتم بي.

ألا مسائل الرجل عما أوجب أولوية الامام الطاهر المنزه عن الخطل، المعصوم من الزلل بالنفي ممن نفاهم من الامة الصالحة؟ أکان بزعمه علي عليه السلام شيوعيا إشتراکيا شيخا کذابا کأبي ذر الصادق المصدق؟ أم کان عنده دويبة سوء کإبن مسعود أشبه الناس هديا ودلا وسمتا برسول الله صلي الله عليه وآله؟

أم کان الرجل يراه ابن متکاء، عاضا اير أبيه، طاغيا کذابا يجترأ عليه ويجرأ عليه الناس کعمار جلدة ما بين عيني النبي صلي الله عليه وآله؟

أم کان يحسبه معالجا نيرنجا ککعب بن عبدة الصالح الناسک؟

[صفحه 62]

أم کان يراه تارکا الجبن واللحم والجمعة والتزويج کعامر بن عبد قيس القارئ الزاهد المتعبد؟.

أم کان الامام متکلما بألسنة الشياطين غير عاقل ولا دين کصلحاء الکوفة المنفيين؟.

حاشا صنوالنبي الاقدس عن أن يرمي بسقطة في القول أو في العمل بعد ما طهره الجليل، واتخذه نفسا لنبيه، واختارهما من بين بريته نبيا ووصيا.

وحاشا اولئک المنفيون من الصحابة الاولين الابرار والتابعين لهم بإحسان عن تلکم الطامات والافائک والنسب المفتعلة.

نعم کان يري الرجل کلا من أولئک الصفوة البررة الآمرين بالعمروف والناهين عن المنکر طاغيا إتخذ عليا عليه السلام سلما ويعده کهفا وملجأ يدافع عنهم بوادر غضب الخليفة، ويحول بينهم وبين ما يرومه من عقوبة تلک الفئة الصالحة الناقمة عليه لما رکبه من النهابير، فدفع هذا المانع الوحيد عن تحقق هواجس الرجل کان عنده أولي بالنفي من أولئک الرجال المنفيين، ولولاه لکان يشفي عنهم غليله، ويتسني له ما کان يبتغيه من البغي عليهم، والله يدافع عن الذين آمنوا وانه علي نصرهم لقدير.

علي أنه ليس من المعقول أن يکون من يأوي إلي مولانا أميرالمؤمنين وآواه هو طاغيا کما يحسبه هذا الخليفة، فإنه لا يأوي إلي مثله إلا الصالح الراشد من المظلومين وهو عليه السلام لا يحمي إلا من هو کذلک، وهو ولي المؤمنين، وأمير البررة، وقائد الغر المحجلين، وإمام المتقين، وسيد المسلمين، کل ذلک نصامن الرسول الصادق الامين وليتني أدري مم کان يغتم عثمان من مکان أميرالمؤمنين عليه السلام بالمدينة؟ ووجوده رحمة ولطف من الله سبحانه وتعالي علي الامة جمعاء لا سيما في البيئة التي تقله، يکسح عن أهلها الفساد، ويکبح جماح المتغلبين، ويقف أمام نعرات المتهو سين، و يسير بالناس علي المنهج اللاحب سيرا سجحا.

نعم: يغتم به سماسرة النهمة والشره فيروقهم بعاده ليهملج کل منهم إلي غاياتة قلق الوضين. وما کان هتاف الناس به يومئذ إلا لان يقيم أود الجامعة، ويعدل الخطة العوجاء، ويقف بهم علي المحجة الواضحة، غير أن ذلک الهتاف لايروق من لا يروقه

[صفحه 63]

ذلک کله، فالاغتمام به جناية علي المجتمع الديني، ووقوف أمام سير الصالح العام.

ولعمر الله ان هذه القوارص هي التي فتحت باب الجرأة علي أميرالمؤمنين بمصراعيه طيلة حياته، وهتکت منه حجاب حرمته وکرامته، وأطالت عليه ألسنة البذاءة والوقيعة فيه، وعثمان هو الذي أزري الامام في الملا الديني، وصغره في أعين الناس وجرأ عليه طغام الامويين وسفلة الاعراب، فباذأه أبناء أمية وهم علي آسال خليفتهم إتخذوه أسوة وقدوة في شتميته وقذيعته وآذوا نبيهم في أخيه علم الهدي، إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة، وأعدلهم عذابا مهينا، والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم، والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اکتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا.



صفحه 61، 62، 63.





  1. راجع ج 8 ص 304 و 310.
  2. الفتنة الکبري ص 165.
  3. راجع صفحة 19 من هذا الجزء.
  4. راجع ج 323 و 306 و 299 و 298:8.