ولادة ابن حماد ووفاته











ولادة ابن حماد ووفاته



لم نقف علي تاريخ ولادة إبن حماد ووفاته غير أن النجاشي الذي أدرکه و رآه ولم يرو عنه ولد في صفر سنة 372، وشيخه الذي يروي عنه وهو الجلودي البصري توفي 17 ذي الحجة سنة 332 فيستدعي التاريخان ان المترجم ولد في أوايل القرن الرابع وتوفي في أواخره.

وقفنا لابن حماد علي قصيدة في مجموعة عتيقة مخطوطة في العصور المتقادمة، و قد ذکر إبن شهر اشوب بعض أبياتها ونسبه إلي العبدي (سفيان بن مصعب) المترجم له في الجزء الثاني ص 294، وتبعه البياضي في (الصراط المستقيم)وغيره والقصيدة

[صفحه 156]

للمترجم له وهي


أسايلتي عما الاقي من الاسا
سلي الليل عني هل اجن إذا جنا؟


ليخبرک اني في فنون من الجوي
إذا ما انقضا فن يوکل بي فنا


وإن قلت إن الليل ليس بناطق
قفي وانظري واستخبري الجسد المضني


وإن کنت في شک فديتک فاسئلي
دموعي التي سالت وأقرحت الجفنا


أحبتنا لو تعلمون بحالنا
لما کانت اللذات تشغلکم عنا


تشاغلتموا عنا بصحبة غيرنا
وأظهرتم الهجران ما هکذا کنا


وآليتموا أن لا تخونوا عهودنا
فقد وحياة الحب خنتم وما خنا


غدرتم ولم نغدر وخنتم ولم نخن
وحلتم عن العهد القديم وما حلنا


وقلتم ولم توفوا بصدق حديثکم
ونحن علي صدق الحديث الذي قلنا


أيهنا لکم طيب الکري وجفوننا
علي الجمر؟ لا تهنا ولا بعدکم نمنا


أنخنا بمغناکم لتحي نفوسنا
فما زادنا إلا جوي ذلک المغنا


سنرحل عنکم إن کرهتم مقامنا
ونصبر عنکم مثل ما صبرکم عنا


ونأخذ من نهوي بديلا سواکم
ونجعل قطع الوصل منکم ولا منا


تعالوا إلي الانصاف فيما ادعيتموا
ولا تفر طوابل صححو اللفظ والمعني


أليتکم ناصفتمونا فريضة
بان لکم نصفا وأن لنا ثمنا


إذا طلعت شمس النهار ذکرتکم
وإن غربت جددت ذکرکم حزنا


وإني لارثي للغريب وإنني
غريب الهوي والقلب والدار والمغني


لقد کان عيشي بالاحبة صافيا
وما کنت أدري أن صحبتنا تقنا


زمان نعمنا فيه حتي إذا مضي
بکينا علي أيامه بدم أقنا


فوالله ما زال اشتياقي إليکم
ولا برح التسهيد لي بعدکم جفنا


ولا ذقت طعم الماء عذبا ولا صفت
موارده حتي نعود کما کنا


ولا بارحتني لوعة الفکر والجوي
ولا زلت طول الدهر مقترعا سنا


وما رحلوا حتي استحلوا نفوسنا
کأنهم کانوا أحق بها منا


تري منجدي في أرض بغداد واهنا
لزهدکم فينا وبعدکم عنا

[صفحه 157]

أيزعم أن أسلو؟ ويشغل خاطري
بغيرکم مستبدلا؟ بئس ما ظنا


أيا ساکني نجد سلامي عليکم
ظننا بکم ظنا فاخلفتموا الظنا


امثل مولاي الحسين وصحبه
کأنجم ليل بينها البدر أو أسنا


فلما رأته اخته وبناته
وشمر عليه بالمهند قد أحني


تعلقن بالشمر اللعين وقلن دع
حسينا فلا تقتله يا شمر واذبحنا


فحز وريديه ورکب رأسه
علي الرمح مثل الشمس فارقت الدجنا


فنادت بطول الويل زينب اخته
وقد صبغت من نحره الجيب والردنا


ألا يا رسول الله يا جدنا اقتضت
امية منا بعدک الحقد والضغنا


سبينا کما تسبي الاءماء بذلة
وطيف بنا عرض البلاد وشتتنا


ستفني حياتي بالبکاء عليهم
وحزني لهم باق مدي الدهر لا يفني


ألا لعن الله الذي سن ظلمهم
وأخزي الذي أملا له وبه استنا


سأمد حکم يا آل أحمد جاهدا
وأمنح من عاداکم السب واللعنا


ومن منکم بالمدح أولي لانکم
لاکرم من لبي ومن نحر البدنا


بجدکم أسري البراق فکان من
إله البرايا قاب قوسين أو أدنا


وشخص أبيکم في السماء تزوره
ملائک لا تنفک صبحا ولا وهنا


أبوکم هو الصديق آمن واتقي
وأعطي وما أکدي وصدق بالحسني


وسماه في القرآن ذوالعرش جنبه
وعروته والعين والوجه والاذنا


وشد به أزر النبي محمد
وکن له في کل نائبة رکنا[1] .


وأفرده بالعلم والبأس والندي
فمن قدره يسمو ومن فعله يکني


هو البحر يعلو العنبر المحض فوقه
ما الدر والمرجان من قعره يجني


إذا عد أقران الکريهة لم نجد
لحيدرة في القوم کفوا ولا قرنا


يخوض المنايا في الحروب شجاعة
وقد ملات منه ليوث الشري جبنا


يري الموت من يلقاه في حومة الوغا
يناديه من هنا ويدعوه من هنا


إذا استعرت نار الوغي وتغشمرت
فوارسها واستخلفوا الضرب والطعنا

[صفحه 158]

وأهدت إلي الاحداق کحلا معصفرا
وألقت علي الاشداق أردية دکنا


وخلت بها زرق الاسنة أنجما
ومن فوقها ليلا من النقع قد جنا


فحين رأت وجه الوصي تمزقت
کثلة ظأن أبصرت أسدا شنا


فتي کفه اليسري حمام بحربه
کذاک حياة السلم في کفه اليمني


فکم بطل أردي وکم مرهب أودي
وکم معدم أغني وکم سائل أقني


يجود علي العافين عفوا بما له
ولا يتبع المعروف من منه منا


ولو فض بين الناس معشار جوده
لما عرفوا في الناس بخلا ولا ضنا


وکل جواد جاد بالمال إنما
قصاراه أن يستن في الجود ما سنا


وکل مديح قلت أو قال قائل
فإن أميرالمؤمنين به يعني


سيخسر من لم يعتصم بولائه
ويقرع يوم البعث من ندم سنا


لذلک قد واليته مخلص الولا
وکنت علي الاحوال عبدا له قنا


عليکم سلام الله يا آل أحمد
متي سجعت قمرية وعلت غصنا


مودتکم أجر النبي محمد
علينا فآمنا بذاک وصدقنا


وعهدکم المأخوذ في الذر لم نقل
لآخذه کلا ولا کيف أو أنا


قبلنا وأوفينا به ثم خانکم
اناس وما خنا وحالوا وما حلنا


طهرتم فطهرنا بفاضل طهرکم
وطبتم فمن آثار طيبکم طبنا


فما شئتم شئنا ومهما کرهتموا
کرهنا وما قلتم رضينا وصدقنا


فنحن مواليکم تحن قلوبنا
إليکم إذا إلف إلي إلفه حنا


نزورکم سعيا وقل لحقکم
لو أنا علي أحداقنا لکم زرنا


ولو بضعت أجسادنا في هواکم
إذن لم نحل عنه بحال ولا زلنا


وآبائنا منهم ورثنا ولاءکم
ونحن إذا متنا نورثه الابنا


وأنتم لنا نعم التجارة لم نکن
لنحذر خسرانا عليها ولا غبنا


ومالي لا اثني عليکم وربکم
عليکم بحسن الذکر في کتبه أثني


وإن أباکم يقسم الخلق في غد
فيسکن ذا نارا ويسکن ذا عدنا


وأنتم لنا غوث وأمن ورحمة
فما منکم بد ولا عنکم مغني

[صفحه 159]

ونعلم أن لو لم ندن بولائکم
لما قبلت أعمالنا أبدا منا


وأن إليکم في المعاد إيابنا
إذ نحن من أجداثنا سرعا قمنا


وأن عليکم بعد ذاک حسابنا
إذا ما وفدنا يوم ذاک وحوسبنا


وأن موازين الخلايق حبکم[2] .
فأسعدهم من کان أثقلهم وزنا


وموردنا يوم القيامة حوضکم
فيظما الذي يقصي ويروي الذي يدني


وأمر صراط الله ثم إليکم
فطوبا لنا إذ نحن عن أمرکم جزنا


وما ذنبنا عند النواصب ويلهم
سوي أننا قوم بما دنتم دنا


فإن کان هذا ذنبنا فتيقنوا
بأنا عليه لا انثنينا ولا نثني


ولما رفضنا رافضيکم ورهطکم
رفضنا وعودينا وبالرفض نبزنا


وإنا اعتقدنا العدل في الله مذهبا
ولله نزهنا وإياه وحدنا


وهم شبهوا الله العلي بخلقه
فقالوا خلقنا للمعاصي واجبرنا


فلو شاء لم نکفر ولو شاء أکفرنا
ولو شاء لم نؤمن ولو شاء آمنا


وقالوا رسول الله ما أختار بعده
إماما لنا لکن لانفسنا اخترنا


فقلنا إذن أنتم إمام إمامکم
بفضل من الرحمن تهتم وما تهنا


ولکننا اخترنا الذي اختار ربنا
لنا يوم (خم) لا ابتدعنا ولا جرنا


سيجمعنا يوم القيامة ربنا
فتجزون ما قلتم ونجزي بما قلنا


هدمتم بأيديکم قواعد دينکم
ودين علي غير القواعد لا يبني


ونحن علي نور من الله واضح
فيا رب زدنا منک نورا وثبتنا


ظن ابن حماد جميل بربه
وأحري به أن لا يخيب له ظنا


بني المجد لي شن بن أقصي فحزته
تراثا جزي الرحمن خيرا أبي شنا


وحسبي بعد القيس في المجد والدي
ولي حسب عبدالقيس مرتبة تبني


وخالي تميم ثم مجدي بفخره
فنلت بذا مجدا ونلت بذا أمنا


ودونک لا ما للقلائد هذبت
مديحا فلم تترک لذي مطعن طعنا


ولا ظل أو أضحي ولا راح واغتدي
تأمل لا عين تراه ولا لحنا

[صفحه 160]

فصاحة شعري مذ بدت لذوي الحجي
تمثلت الاشعار عندهم لکنا


وخير فنون الشعر ما رق لفظه
وجلت معانيه فزادت بها حسنا


وللشعر علم إن خلا منه حرفه
فذاک هذاء في الرؤس بلا معني


إذا ما أديب أنشد الغث خلته
من الکرب والتنغيص قد ادخل السجنا


إذا ما رأوها أحسن الناس منطقا
وأثبتهم حدثا وأطيبهم لحنا


تلذ بها الاسماع حتي کأنها
ألذ من أيام الشبيبة أو أهني


وفي کل بيت لذة مستجدة
إذا ما انتشاه قيل ياليته ثني


تقبلها ربي ووفي ثوابها
وثقل ميزاني بخيراتها وزنا


وصلي علي الاطهار من آل أحمد
إله السماما عسعس الليل أوجنا


وله يمدح أميرالمؤمنين عليه السلام


حدثنا الشيخ الثقه
محمد عن صدقه


رواية متسقه
عن أنس عن النبي


رأيته علي حري
مع علي ذي النهي


يقطف قطفا في الهوي
شيئا کمثل العنب


فأکلا منه معا
حتي إذا ما شبعا


رأيته مرتفعا
فطال منه عجبي


کان طعام الجنة
أنزله ذو العزة


هدية للصفوة
من الهدايا النخب


أشار بهذه الابيات إلي ما أخرجه محمد بن جرير الطبري باسناده عن أنس قال إن رسول الله صلي الله عليه واله وسلم رکب يوما إلي جبل کداء فقال يا أنس خذ البغلة وانطلق إلي موضع کذا تجد عليا جالسا يسبح بالحصي فاقرأه مني السلام واحمله علي البغلة وائت به إلي فقال فلما ذهبت وجدت عليا کذلک فقلت إن رسول الله يدعوک فلما أتي رسول الله قال له اجلس فإن هذا موضع جلس فيه سبعون نبيا مرسلا ما جلس فيه من الانبياء أحد إلا وأنا خير منه وقد جلس مع کل نبي أخ له ما جلس من الاخوة أحد إلا وأنت خير منه قال فرأيت غمامة بيضاء وقد أظلتهما فجعلا يأکلان

[صفحه 161]

منه عنقود عنب وقال کل يا أخي فهذه هدية من الله إلي ثم اليک ثم شربا ثم ارتفعت الغمامة ثم قال يا أنس والذي خلق ما يشاء لقد أکل من الغمامة ثلثمائة وثلاثة عشر نبيا وثلثمائة وثلاثة عشر وصيا ما فيهم نبي أکرم علي الله مني ولا وصي أکرم علي الله من علي.

ولابن حماد العبدي يمدح أميرالمؤمنين صلوات الله عليه قوله علي روية نونية العوني المذکور


ما لابن حماد سوي من حمدت
آثاره وأبهجت غرانه[3] .


ذاک علي المرتضي الطهر الذي
بفخره قد فخرت عدنانه


صنو النبي هديه کهديه
إذ کل شي شکله عنوانه


وصيه حقا وقاضي دينه
إذ اقتضي ديونه ديانه


ناصحه الناصر حقا إذ غدا
سواه ضد سره اعلانه


وارثه علم الهدي أمينه
في أهله وزيره خلصانه


ذاک الفتي النجد الذي إذ ابدا
بمعرک ألقت له فتيانه


ليث لو الليث الجري خاله
لطار من هيبته جنانه


صقر ولکن صيده صيد الوغا
ليث ولکن فرسه فرسانه


ذاک الشجاع إن بدا بمعرک
تفرقت من خوفه شجعانه


تبکي الطلي إن ضحکت أسيافه
وترتوي إن عطشت سنانه


تري سباع البيد تقفوا إثره
لانها يوم الوغا ضيفانه


يقرن أرواح الکماة بالردي
لذاک حاصت دونه أقرانه


وکم کمي قد قراه في الوغا
فليس تخبو أبدا نيرانه


يشهد في ذا بدره واحده
وطيبة ومکة أوطانه


وخيبر والبصرة التي بها
النکث وصفين ونهروانه


کذا الذي قد ضمن المدح له
من ربه رب العلي قرآنه


فقوله وليکم فإنما
يخص فيها هو لا فلانه


ثلاثة ألله والرسول والذ
ي تزکي راکعا برهانه


وقوله الاذن فذاک (حيدر)
واعية لقوله آذانه


وقد دعا له النبي انه
يحفط ما يملي له لسانه


وقوله الميزان بالقسط وما
غير علي في غد ميزانه


فويل من خف لديه وزنه
وفوز من أسعده رجحانه


ذاک أمير المومنين رتبة
من الاله الفرد جل شانه


ذادوه عن سلطانه وحقه
من بعد ما بان لهم سلطانه


فکف مولاي الامام کفه
إذ قل في حقوقه أعوانه


ولم يقم معه سوي أربعة
وهم لعمر ربهم أرکانه


يتبعه المقداد وإبن ياسر
عماره وسلمه سلمانه


والصادق اللهجة أعني جندبا
فلم يخالف أمره ايمانه


ولو يشأ أهلکم لکنه
أبقي ليبقي ناسلا إنسانه


وله يرثي بها الامام السبط الشهيد صلوات الله عليه لله


ما صنعت فينا يد البين
کم من حشا أقرحت منا ومن عين؟


مالي وللبين؟ لا أهلا بطلعته
کم فرق البين قدما بين الفين؟


کانا کغصنين في أصل غذاؤهما
ماء النعيم وفي التشبيه شکلين


کأن روحيهما من حسن الفهما
روح وقد قسمت ما بين جسمين


لا عذل بينهما في حفظ عهدهما
ولا يزيلهما لوم العذولين


لا يطمع الدهر في تغيير ودهما
ولا يميلان من عهد إلي مين


حتي إذا أبصرت عين النوي بهما
خلين في العيش من هم خليين


رماهما حسدا منه بداهية
فأصبحا بعد جمع الشمل ضدين


في الشرق هذا وذا في الغرب منتئيا
مشردين علي بعد شجيين


والدهر أحسد شئ للقريبين
يرمي وصالهما بالبعد والبين


لا تأمن الدهر إن الدهر ذو غير
وذو لسانين في الدنيا ووجهين


أخني علي عترة الهادي فشتتهم
فما تري جامعا منهم بشخصين

[صفحه 163]

کأنما الدهر آلا أن يبددهم
کعاتب ذي عناد أو کذي دين


بعض بطيبة مدفون وبعضهم
بکربلاء وبعض بالغريين


وأرض طوس وسامرا وقد ضمنت
بغداد بدرين حلا وسط قبرين


يا سادتي ألمن أبکي أسي؟ ولمن
أبکي بجفين من عيني قريحين؟


أبکي علي الحسن المسموم مضطلما؟
أم الحسين لقي بين الخميسين؟


أبکي عليه خضيب الشيب من دمه
معفر الخد محزوز الوريدين


وزينب في بنات الطهر لاطمة
والدمع في خدها قد خد خدين


تدعوه يا واحدا قد کنت آمله
حتي استبدت به دوني يد البين


لاعشت بعدک ما إن عشت لانعمت
روحي ولا طعمت طعم الکراعيني


انظر إلي أخي قبل الفراق لقد
أذکا فراقک في قلبي حريقين


انظر إلي فاطم الصغرا أخي ترها
لليتم والسبي قد خصت بذلين


إذادنت منک ظل الرجس يضربها
فتلتقي الضرب منها بالذراعين


وتستغيث وتدعو عمتا تلفت
روحي لرزئين في قلبي عظيمين


ضرب علي الجسد البالي وفي کبدي
للثکل ضرب فما أقوي لضربين


انظر عليا أسيرا لا نصير له
قد قيدوه علي رغم بقيدين


وارحمتا يا أخي من بعد فقدک بل
وارحمتا للاسيرين اليتيمين


والسبط في غمرات الموت مشتغل
ببسط کفين أو تقبيض رجلين


لا يستطيع جوابا للنداء سوي
يومي بلحظين من تکسير جفنين


لا زلت أبکي دما ينهل منسجما
للسيدين القتيلين الشهيدين


ألسيدين الشريفين اللذان هما
خير الوري من أب مجد وجدين


ألضارعين إلي الله المنيبين
کألمسرعين إلي الحق الشفيعين


ألعاملين بذي العرش الحکيمين
ألعادلين ألحليمين الرشيدين


ألصابرين علي البلوي الشکورين
ألمعرضين عن الدنيا المنيبين


ألشاهدين علي الخلق الامامين
ألصادقين عن الله الوفيين


ألعابدين التقيين الزکيين
ألمؤمنين الشجاعين الجريين

[صفحه 164]

ألحجتين علي الخلق الاميرين
ألطيبين الطهورين الزکيين


نورين کانا قديما في الظلال کما
قال النبي لعرش الله قرطين


تفاحتي أحمد الهادي وقد جعلا
لفاطم وعلي الطهر نسلين


صلي الاله علي روحيهما وسقا
قبريهما أبدا نوء السماکين


إلي أن يقول فيها


ما لابن حماد العبدي من عمل
إلا تمسکه بالميم والعين


فالميم غاية آمالي محمدها
والعين أعني عليا قرة العين


صلي الاله عليهم کلما طلعت
شمس وما غربت عند العشائين


(ألقصيدة وهي 57 بيتا)

وله في رثاء الامام السبط الشهيد صلوات الله عليه قوله يذکر فيها حديث الغدير


حي قبرا بکربلا مستنيرا
ضم کنز التقي وعلما خطيرا


وأقم مأتم الشهيد وأذرف
منک دمعا في الوجنتين غزيرا


والتثم تربة الحسين بشجو
وأطل بعد لثمک التعفيرا


ثم قل يا ضريح مولاي سقي
ت من الغيث هاميا حمهريرا


ته علي ساير القبور فقد أص
بحت بالتيه والفخار جديرا


فيک ريحانة النبي ومن حل
من المصطفي محلا أثيرا


فيک ياقبر کل حلم وعلم
وحقيق بأن تکون فخورا


فيک من هد قتله عمد الدين
وقد کان بالهدي معمورا


فيک من کان جبرئيل يناغيه
وميکال بالحباء صغيرا


فيک من لاذ فطرس فترقي
بجناحي رضي وکان حسيرا


يوم سارت إليه جيش ابن هند
لذحول أمست تحل الصدورا


آه واحسرتي له وهو بالسيف
نحير أفديت ذاک النحيرا


آه إذ ظل طرفه يرمق الفسطاط
خوفا علي النساء غيورا


آه إذ أقبل الجواد علي النسوان
ينعاه بالصهيل عفيرا


فتبادرن بالعويل وهتکن
الاقراط بارزات الشعورا

[صفحه 165]

وتبادرن مسرعات من الخدر
ومن قبل مسبلات الستورا


ولطمن الخدود من ألم الثکل
وغادرن بالنياح الخدورا


وبدا صوتهن بين عداهن
وعفن الحجاب والتخفيرا


بارزات الوجوه من بعدما غودرن
صون الوجوه والتخفيرا


ثم لما رأين رأس حسين
فوق رمح حکي الهلال المنيرا


صحن بالذل أيها الناس لم نسبي
ولم نأت في الانام نکيرا؟


ما لنا لا نري لآل رسول الله
فيکم يا هؤلاء نصيرا؟


فعلي ظالميهم سخط الله
ولعن يبقي ويفني الدهورا


قل لمن لام في ودادي بني
أحمد لا زلت في لظي مدحورا


أعلي حب معشر أنت قد کنت
عذولا ولا تکون عذيرا


وأبوهم أقامه الله في خم(
إماما وهاديا وأميرا


حين قد بايعوه أمرا عن
الله فسائل دوحاته والغديرا


وأبوهم أفضي النبي إليه
علم ما کان اولا وأخيرا


وأبوهم علا علي العرش لما
قد رقي کاهل النبي ظهيرا


وأماط الاصنام کلا عن الکعبة
لما هوي بها تکسيرا


قال لو شئت ألمس النجم بالکف
إذن کنت عند ذاک قديرا


وأبوهم قد رد للشمس بيضا
وهي کادت لوقتها أن تغورا


وقضي فرضه أداء وعادت
لغروب وکورت تکويرا


وأبوهم يروي علي الحوض من وا
لاهم ويرد عنه الکفورا


وأبوهم يقاسم النار والجنة
في الحشر عادلا لن يجورا


وأبوهم برا الاله له شبها
لاملاکه سميعا بصيرا


فإذا اشتاقت الملائک زارته
فناهيک زايرا ومزورا


وأبوهم أحيا لميت بصرصر
بعد ما کان في الثري مقبورا


وأبوهم قال النبي له قولا
بليغا مکررا تکريرا


أنت خدني وصاحبي ووزيري
بعد موتي أکرم بذاک وزيرا

[صفحه 166]

أنت مني کمثل هرون من موسي
و لم أبتغي سواه ظهيرا


وأبوهم أودي بعمرو بن ود
حين لاقاه في العجاج أسيرا


وأبوهم لباب خيبر أضحي
قالعا ليس عاجزا بل جسورا


حامل الراية التي ردها بالامس
من لم يزل جبانا فرورا


خصه ذوالعلا بفاطمة عرسا
ثم أعطاه شبرا وشبيرا


وهم باب ذي الجلال علي آدم
فارتد ذنبه مغفورا


وبهم قامت السماء ولولاهم
لکادت بأهلها أن تمورا


وبهم باهل النبي فقل لي
ألهم في الوري عرفت نظيرا؟


فيهم أنزل المهيمن قرآنا
عظيما وذاک جما خطيرا


في الطواسين والحواميم والرحمن آيا ما کان في الذکر زورا


وخلقناه نطفة نبتليه
فجعلناه سامعا وبصيرا


لبيان إذا تأمله العارف
يبدي له المقام الکبيرا


ثم تفسير هل أتي فيه يا صاح
قل له إن کنت تفهم التفسيرا


إن الابرار يشربون بکأس
کان عندي مزاجها کافورا 55


فلهم أنشأ المهيمن عينا
فجروها لديهم تفجيرا


وهداهم وقال يوفون بالنذر
فمن مثلهم يوفي النذورا؟


ويخافون بعد ذلک يوما
شره کان في الوري مستطيرا


فوقاهم إلههم ذلک اليوم
ويلقون نضرة وسرورا


وجزاهم بأنهم صبروا في السر
والجهر جنة وحريرا


فاتکوا من علي الارائک لا
يلقون فيها شمسا ولا زمهريرا


وأوان وقد اطيفت عليهم
سلسبيل مقدر تقديرا


وبأکواب فضة وقوارير
قدروها عليهم تقديرا


وبکأس قد مازجت زنجبيلا
لذة الشاربين تشفي الصدورا


وإذا ما رأيت ثم نعيما
دائما عندهم وملکا کبيرا


وعليهم فيها ثياب من السندس
خضر في الحشر تلمع نورا

[صفحه 167]

ويحلون بالاساور فيها
وسقاهم ربي شرابا طهورا


وروي لي عبدالعزيز الجلودي[4] .
وقد کان صادقا مبرورا


عن ثقاة الحديث أعني العلائي
کمهو أکرم بذا وذا مذکورا


يسندوه عن ابن عباس يوما
قال کنا عند النبي حضورا


إذ أتته البتول فاطم تبکي[5] .
وتوالي شهيقها والزفيرا


قال مالي أراک تبکين يافاطم؟
قالت وأخفت التعبيرا


إجتمعن النساء نحوي واقبلن
يطلن التقريع والتعييرا


قلن إن النبي زوجک اليوم
عليا بعلا عديما فقيرا


قال يا فاطم اسمعي واشکري الله
فقد نلت منه فضلا کبيرا


لم ازوجک دون إذن من الله
کوما زال يحسن التدبيرا


أمر الله جبرئيل فنادي
رافعا في السماء صوتا جهيرا


وأتاه الاملاک حتي إذا ما
وردوا بيت ربنا المعمورا


قام جبريل قائما يکثر التحميد
کملله جل والتکبيرا


ثم نادي زوجت فاطم يا رب
علي الطهر الفتي المذکورا


قال رب العلا جعلت لها المهر
لها خالصا يفوق المهورا


خمس أرضي لها ونهري وأو
جبت علي الخلق ودها المحصورا


فانثرت عند ذلک طوبا
علي الحور عنبرا وعبيرا[6] .


روينا عن النبي حديثا
في البرايا مصححا مأثورا


انه قال بينما الناس في الجنة
إذ عاينوا ضياء ونورا


کاد أن يخطف العيون فنادوا
أي شئ هذا؟ وأبدوا نکورا

[صفحه 168]

أو ليس الاله قال لنا لا
شمس فيها تري ولا زمهريرا؟


وإذا بالنداء يا ساکن الجنة
مهلا أمنتم التغييرا


ذا علي الولي قد داعب الز
هراء مولاتکم فأبدت سرورا


فبذا إذ تبسمت ذلک النور
فزيدوا إکرامه وحبورا


يا بني أحمد عليکم عمادي
واتکالي إذا أردت النشورا


وبکم يسعد الموالي ويشقي
من يعاديکم ويصلي سعيرا


أنتم لي غدا وللشيعة الابرار
ذخر أکرم به مذخورا


فاستمعها کلدر ليس تري فيها
ملاهي کلا ولا تعييرا


صاغ أبياتها علي بن حماد
فزانت وحبرت تحبيرا


وقفنا للمترجم في طيات المجاميع العتيقة في النجف الاشرف والکاظمية علي قصائد جمة وإليک فهرستها

عدد القصائد مطلع القصيدة عدد الابيات


يا يوم عاشورا أطلت بکائي
وترکتني وقفا علي البرحاء


هن بالعيد إن أردت سوائي
أي عيد لمستباح العزاء؟


إن في مأتمي عن العيد شغلا
فاله عني وخلني بشجائي


فإذا عيد الوري بسرور
کان عيدي بزفرة وبکاء


وإذا جددوا ثيابهم جددت
ثوبي من لوعتي وضنائي


وإذا أدمنوا الشراب فشربي
من دموع ممزوجة بدماء


وإذا استشعروا الفناء فنوحي
وعويلي علي الحسين غنائي


وقليل لومت هما ووجدا
لمصاب الغريب في کربلاء


أيهمني بعيده من مواليه
أبادتهم يد الاعداء؟


آه يا کربلاء کم فيک من
کرب لنفس شجية وبلاء؟


أألذ الحياة بعد قتيل الطف
ظلما؟ إذن لقل حيائي


کيف ألتذ شوب ماء وقد جر
ع کاس لردي بکرب الظماء؟


کيف لا أسلب العزاء إذا
مثلته عاريا سليب الرداء؟

[صفحه 169]

کيف لا تسکب الدموع عيوني
بعد تضريج شيبه بالدماء؟


تطأ الخيل جسمه في ثري الطف
وجسمي يلتذ لين الوطاء؟


بأبي زينب وقد سبيت بالذ
ل من خدرها کسبي الاماء


فإذا عاينته ملقي علي التر
ب معري مجدلا بالعراء


أقبلت نحوه فيسمعها الشمر
فتدعو في خيفة وخفاء


أيها الشمر خلني أتزود
نظرة منه فهي أقصي منائي


أفما للرسول حق فلم تنظر
ني جاهرا بسوء المراء؟


ثم تدعو الحسين لم يا شقيقي
وابن امي خلفتني بشقائي؟


يا أخي يومک العظيم بري عظمي
وأضني جسمي وأوهي قوائي


يا أخي کنت أرتجيک لموتي
وحياتي فخاب مني رجائي


يا أخي لوفدي من الموت شخص
کنت أفديک بي وقل فدائي


ياأخي لا حبيب بعدک بل لا
عشت إلا بمقلة عمياء


آه واحسرتي لفاطمة الصغري
وقد أبرزت بذل السباء


کفها فوق رأسها من جوي الثکل
وکف اخري علي الاحشاء


فإذا أبصرت أباها صريعا
فاحصا باليدين في الرمضاء


لم تطق نهضة إليه من الضعف
فنادته في خفي النداء


ياأبي من تري ليتمي وضعفي
أو تراه لمحنتي وابتلائي؟!؟!


فإذا لم تجد جوابا لها إلا
بکسر الجفون والايماء


أقبلت نحو عمتيها وقالت
ما أري والدي من الاحياء


فإذا کان لم جفاني وما کان
له قط عادة بالجفاء


يا بني أحمد السلام عليکم
ما أنارت کواکب الجوزاء


أنتم صفوة الآءله من الخلق
ومن بعد خاتم الانبياء


ونجوم الهدي بنور کم تهدي
البرايا في حندس الظلماء


أنا مولاکم ابن حماد أعدد
تکم في غد ليوم جزائي


ورجائي أن لا أخيب لديکم
واعتقادي بکم بلوغ الرجاء

[صفحه 170]

شجاک نوي الاحبة کيف شاءا
بداء لا تصيب له دواءا


أيفرح من له کبد يذوب
وقلب من صبابته کئيب؟


ويک ياعين سحي دمعا سکوبا
ويک ياقلب کن حزينا کئيبا


أتلعابا وقد لاح المشيب؟
وشيب الرأس منقصة وعيب


دعوت الدمع فانسکب انسکابا
وناديت السلو فما أجابا


ويقول فيها


إن يک حب أهل البيت ذنبي
فلست بمبتغ عنه منابا


احبهم وأمنحهم مديحا
وأمنح من يسبهم سبابا


ولم أمدحهم قط اکتسابا
ولکني مدحتهم ارتغابا


ولن يرجو ابن حماد علي
لحسن مديحهم إلا الثوابا


هل لجسمي من السقام طبيب؟
أم لعيني من الرقاد نصيب؟


يا أهل بيت رسول الله إنکم
لاشرف الخلق جدا غاب أوأبا


ألدهر فيه طرائف وعجائب
تتري وفيه فوائد ومصائب


أيا من لقلب دائم الحسرات؟
ومن لجفون تسکب العبرات؟


هي علي روي تائية دعبل يقول في آخرها


إليک أمين الله نظم قصيدة
إمامية تزهو بحسن صفات


علي بن حماد دعاها فأقبلت
وهمته من أعظم الهممات


شبيه لما قال الخزاعي دعبل
) تضمنه الرحمن بالغرفات (


(مدارس آيات خلت من تلاوة
ومهبط وحي مقفر العرصات)


بقاع في البقيع مقدسات
وأکناف بطيبة طيبات


دعني أنوح وأسعد النواحا
مثلي بکي يوم الحسين وناحا


أري الصبر يفني والهموم تزيد
وجسمي يبلي والسقام جديد


ماضر عهد الصبي لو أنه عادا
يوما يزودني من طيبة زادا


جاري بها السيد إسماعيل الحميري في قصيدة له أولها

طاف الخيال علينا منک عبادا

[صفحه 171]

فقال العبدي في آخر قصيدته


وازنت ما قال إسماعيل مبتدءا
(طاف الخيال علينا منک عبادا)


أبک ما عشت بالدموع الغزار
لذراري محمد المختار


أآمرتي بالصبر أسرفت في أمري
مأيؤمر مثلي لا أبالک بالصبر؟


سلامي علي قبر تضمن حيدرا
سلام مشوق ما يطيق التصبرا


ويقول في آخرها


لا أغل في ديني کمن کان قد غلا
وما کنت في حب الوصي مقصرا


بذلک يلقي الله في يوم بعثه
علي بن حماد إذا هو انشرا


يا لائمي دع ملامي في الهوي وذر
فإن حب علي قام في عذري


دعي قلبه داعي الوعيد فاسمعا
وداع لبادي شيبه فتورعا


فرقت يا بين شملا کان مجتمعا
أبعدت عني حبيبي والسرورمعا


خليلي عج بنا نطل الوقوفا
علي من نوره شمل الطفوفا


خواطر فکري في الحشاء تجول
وحزني علي آل النبي يطول


أهجرت يا ذات الجمال دلالا؟
وجعلت جسمي للصدود خيالا؟


ألا إن زين المرء في عمره العقل
ونهج هدي ما فيه زحلوقة زل


يا علي بن أبي طالب يا بن المفضل
يا حجاب الله والباب القديم الازلي


ناجتک أعلام الهداية فاعلم
وأقمت فيها بالطريق الاقوم


فانظر بعين العقل في عقبي الهوي
واسأل عن الدارين إن لم تعلم


ألنوم بعدکم علي حرام
من فارق الاحباب کيف ينام؟


وهناک قصائد تعزي إلي شاعرنا إبن حماد العبدي في بعض المجاميع وهي لابن حماد محمد المتأخر عن المترجم له بقرون منها قصيدة مطلعها


لغير مصاب السبط دمعک ضايع
ولا أنت ذا سلو عن الحزن جازع


وقفنا علي تمام هذه القصيدة وفي آخرها


لعل ابن حماد محمد عبدکم
له في غد خير البرية شافع

[صفحه 172]



صفحه 156، 157، 158، 159، 160، 161، 163، 164، 165، 166، 167، 168، 169، 170، 171، 172.





  1. في بعض النسخ حصنا.
  2. وان موازين القصاص ولاؤکم کذا في بعض النسخ.
  3. غران جمع الغرير الخلق الحسن ومنه المثل أدبر غريره وأقبل هريره أي أدبر حسنه وجاء سيئه.
  4. أبوأحمد ابن يحيي البصري أحد مؤلفي الامامية الثقات الاثبات له في الفقه والحديث والتاريخ تآليف قيمة توفي 17 ذي الحجة سنة 332.
  5. هذه الابيات ذکرها ابن شهر اشوب في (المناقب) للعبدي فحسبناه سفيان بن مصعب العبدي فذکرناها في ترجمته ج 2 ص 318 ثم وقفنا علي تمام القصيدة فعرفنا أنها للمترجم.
  6. راجع في الاحاديث المذکورة في هذه الابيات الجزء الثاني من کتابنا ص 318.