ادبه وشعره
يا بؤس من يمني بدمع ساجم لولا تعلله[3] بکأس مدامة دون شعره أبوبکر محمد بن عبدالله الحمدوني، ثم ألحق به زيادات أخذها من أبي الفرج إبن کشاجم. وشعره کما تطفح عنه شواهد تضلعه في اللغة والحديث، وبراعته في فنون الادب والکتاب والقريض، کذلک يقيم له وزنا في الغرائز الکريمة النفسية، ويمثله بملکاته الفاضلة کقوله شهرت نداي مناصب لي وسجية لي في المکا متحيزا فيها معلي المج ولقد سننت من الکتا وفضضت من عذر المعا وشفعت مأثور الروا ووصلت ذاک بهمة [صفحه 6] عزيمة لا بالکليل کلتاهما لي صاحب ويحکي القارئ عن نبوغه وسرده المعاني الفخمة في أسلاک نظمه، ورقة لطائفه، وقوة أنظاره، ودقة فکرته، ومتانة رويته قوله: لو بحق تناول النجم خلق أو ليس اللسان مني أمضي ويدي تحمل الانامل منها أفعوانا تهاب منه الاعادي وتراه يجود من حيث تجري مطرقا يهلک العدو عقابا وسطور خططتها في کتاب صغت فيه من البيان حليا وقواف کأنهن عقود الد غرر تظهر المسامع تيها ويحار الفهم الرقيق إذا ما ثاويات معي وفکري قد س وإذا ما ألم خطب فرأسي وإذا شئت کان شعري أحلي حلف مشمولة وزير عوان إصطباحي تنفيذ امر ونهي ووقور الندي ولا اخجل الشا أنزع الکأس إن شربت وأ ومعد للصيد منتخبات مضمرات کأنها الخيل تطوي رايقات الشباب مکتسبات [صفحه 7] تصف البيض والجفون إذا ما وکأن المها إذا ما رأتها مع ندامي کأنهم والتصافي والباحث يجد شاعرنا عند شعره معلما أخلاقيا فذا بعد ما يري أمثلة خلايقه الکريمة، ونفايس سجاياه، وصدقه في ولاءه، وقيامه بشؤون الانسانية نصب عينيه مهما وقف علي مثل قوله: ولدينا لذي المودة حفظ أتواخي رضاه جهدي فلما تلک أخلاقنا ونحن أناس وقوله اناس أعرضوا عنا أساؤا ظنهم فينا وخدونا ولو شاؤا فإن عادوا لنا عدنا وإن کانوا قد اشتغلوا وقوله من قصيدة يمدح بها إبن مقلة: کم في من خلة لو انها امتحنت وهمة في محل النجم موقعها وذلة أکسبتني عز مکرمة صاحبت سادات أقوام فما عثروا واستمتعوا بکفاياتي وکنت لهم خط يروق وألفاظ مهذبة لو أنني منهل منها أخا ظمأ وکم سننت رسوما غير مشکلة عمت فلا منشئ الديوان مکتفيا [صفحه 8] وصاحبتني رجالات بذلت لها فأعمل الدهر في ختلي مکائده لکن قنعت فلم أرغب إلي أحد وتراه متي ما أبعده الزمان عن أخلائه وحجبهم عنه، عز عليه البين، وعظمت عليه شقته، وثقل عليه عب ءه، فجاء في شکواه يفزع ويجزع،ويأن ويحن، فيصور علي قارئ شعره حنانه وحنينه، ويمثل سجاح عينه لوعة وجده، ولهب هواه بمثل قوله: يا من لعين ذرفت منهلة عبرتها إن أمنت فاضت وإن وإنما بکاؤها وقوله: يامعرضا لا يلتفت برح هجرانک بي علقت قلبي بالمني وبما کان (کشاجم) مجلوبا بالحنان ولين الجانب، وسجاحة الخلايق، و حسن الادب،مطبوعا بالعطف والرأفة، مفطورا علي عوامل الانسانية، والغرائز الکريمة، ولم يکن شريرا، ولا ردئ النفس، ولا بذي اللسان، ولا مسارعا في الوقيعة في أحد، کان يري الشعر إحدي مآثره الجمة، ويعده من فضايله، وما کان يتخذه عدة للمدح،ولا جنة في الهجاء، وما يهمه التوجه إلي الجانبين، لم ير لاي منهما وزنا، لعدم تحريه التحامل علي أحد، وعدم اتخاذه مکسبا ليدر له أخلاف الرزق، ولا آلة لدنياه وجمع حطامها، وکان يقول: ولئن شعرت لما قصد لکن وجدت الشعر لل [صفحه 9]
إن المترجم قدوة في الادب وأسوة في الشعر، حتي ان الرفاء السري الشاعر المفلق علي تقدمه في فنون الشعر والادب کان مغري بنسخ ديوانه، وکان في طريقه يذهب، وعلي قالبه يضرب[1] ولشهرته بهذا الجانب قال بعضهم:
يهمي علي حجب الفؤاد الواجم[2] .
ورسائل الصابي وشعر کشاجم[4] .
في ذري کسري صريحه
رم إنني فيها شحيحه
مجتنبا منيحه
بة للوري طرقا فسيحه
ني الغر في اللغة الفصيحه
ية بالبديع من القريحه
في المجد سائبة طموحه
ة في الخطوب ولاالطليحه
في کل دامية جموحه
نلت أعلي النجوم باستحقاق
من ظبات المهندات الرقاق ؟
قلما ليس دمعه بالراقي
حية يستعيذ منها الراقي
منه تلک السموم بالدرياق
ويريش الولي ذا الاخفاق
مثل غيم السحابة الرقراق
باختراع البعيد لا الاشفاق
ر منظومة علي الاعناق
حين يسمعنها علي الاحداق
جال منهن في المعاني الرقاق
يرها في نوازح الآفاق
فيه مثل الشهاب في الاعناق
من حديث الفتيان والعشاق
أسد في الحروب غير مطاق
ومن الراح بالعشي اغتباقي
رب منه ولا أذم الساقي
سقيه دهاقا صحبي وغير دهاق
من اصول کريمة الاعراق
کل يوم بطونها للسباق
حللا من صنيعة الخلاق
أخرجت ألسنا من الاشداق
حذرت واستطامنت في وثاق
خلقوا من تألف واتفاق
ووفاء بالعهد والميثاق
مسه الضر مسه إرفاقي
همنا في مکارم الاخلاق
بلا جرم ولا معني
فهلا أحسنوا الظنا
لعادوا کالذي کنا
وإن خانوا لما خنا
فإنا عنهم أغني
أدت إلي غبطة أو سدت الخله
وعزمة لم تکن في الخطب منجله
وربما يستفاد العز بالذله
يوما علي هفوة مني ولا زله
أوفي من الدرع أو أمضي من الاله
لا وعرة النظم بل مختاره سهله
روت صداه فلم يحتج إلي غله
کانت لمن أمها مسترشدا قبله
منها ولم يغن عنها کاتب السله
مالي فکان سماحي يقتضي بذله
والدهر يعمل في أهل الهوي ختله
والحر يحمل عن أخوانه کله
ومن لروح تلفت
کأنها قد طرفت[5] .
خافت رقيبا وقفت
علي ليال سلفت
بمثل ليلي لا تبت
حتي رثي لي من شمت
فأحيه أو فأمت
ت هجاء شخص أو مديحه
آداب ترجمة فصيحه
صفحه 6، 7، 8، 9.