ترجمة الفنجكردي النيسابوري











ترجمة الفنجکردي النيسابوري



ألشيخ أبوالحسن علي بن أحمد الفنجکردي[1] النيسابوري، من أساتذة الادب المحنکين المتقدمين فيه بالامامة والتضلع، وهو مع ذلک معدود من أعاظم حملة العلم، ومشيخة الحديث البارعين، ففي (الانساب) للسمعاني أبوالحسن الفنجکردي علي بن أحمد الاديب البارع صاحب النظم والنثر الجاريين في سلک السلاسة، الباقيين معه علي هرمه وطعنه في السن، قرأ اصول اللغة علي يعقوب بن أحمد الاديب وغيره وکان عفيفا خفيفا ظريف المجاورة قاضيا للحقوق محمود الاحوال، أصابته علة أزمنته ومنعته من الخروج وطعن في السن فتأخر عن الزيارة بالقدم فاستناب عنها التعهد بالعلم، سمع الحديث من القاضي الناصحي[2] وکتب لي الاجازة لجميع مسموعاته وحدثني عنه جماعة من مشايخنا وتوفي ليلة الجمعة الثالث عشر من شهر رمضان سنة 513 وصلوا عليه في الجامع القديم ودفن بالحيرة[3] في مقبرة نوح.

وفي (معجم الادباء) ج 5 ص 103 کان أديبا فاضلا ذکره الميداني في خطبة کتاب (السامي) وأثني عليه ومات سنة 512 عن ثمانين سنة وذکره البيهقي في (الوشاح)فقال الامام علي بن أحمد الفنجکردي الملقب بشيخ الافاضل، اعجوبة زمانه، وآية أقرانه، وشيخ الصناعة، والممتطي غوارب البراعة، وذکره عبدالغفار الفارسي فقال علي بن أحمد الفنجکردي الاديب البارع صاحب النظم والنثر الجاريين في سلک السلاسة، قرأ اللغة علي يعقوب بن أحمد الاديب وغيره وأحکمها وتخرج فيها، وأصابته علة لزمته في آخر عمره ومات بنيسابور في ثالث عشر رمضان سنة 513. ا ه.

[صفحه 321]

ومدحه معاصره الکاتب أبوأبراهيم أسعد بن مسعود العتبي[4] کما في (معجم الادباء) ج 2 ص 242 بقوله


يا أوحد البلغاء والادباء
يا سيد الفضلاء والعلماء


يا من کأن عطاردا في قلبه
يملي عليه حقايق الاشياء


وذکره السيوطي في (بغية الوعاة) ص 329 بما يقرب من کلام الحموي صاحب المعجم وحکي عن (الوشاح) انه مات سنة 513 عن ثمانين سنة وروي له قوله


زماننا ذا زمان سوء
لا خير فيه ولا صلاحا


هل يبصر المسملون فيه
لليل أحزانهم صباحا؟


فکلهم منه في عناء
طوبي لمن مات فاستراحا


وعبر عنه معاصره شيخنا الفتال في (روضة الواعظين) بالشيخ الامام تارة وبالشيخ الاديب اخري، وترجمه وأطراه القاضي في المجالس ص 234، وصاحب (رياض العلماء) و (روضات الجنات) ص 485، و (الشيعة في فنون الاسلام) ص 136، وذکر ابن شهراشوب في (معالم العلماء) له کتاب (تاج الاشعار وسلوة الشيعة) قال وهي أشعار أميرالمؤمنين عليه السلام وينقل عنه في کتابه مناقب آل أبي طالب[5] کما أن شيخنا قطب الدين الکيدري[6] جعله من مصادر کتابه أنوار العقول من أشعار (وصي الرسول) ، ونص فيه بأن الفنجکردي قد جمع في کتابه (تاج الاشعار) مائتي بيت من شعر أميرالمؤمنين عليه السلام وترجمه سيدنا صاحب (رياض الجنة) في الروضة الرابعة وذکر له قوله


إذا ذکرت الغر من هاشم
تنافرت عنک الکلاب الشارده


فقل لمن لامک في حبه
خانتک في مولودک الوالده


قال الاميني أشار المترجم بهذين البيتين إلي ما ورد في جملة من الاحاديث من أن أميرالمؤمنين عليه السلام لا يبغضه إلا دعي وإليک منها

[صفحه 322]

1- عن أبي سعيد الخدري قال کنا معشر الانصار نبور[7] أولادنا بحبهم عليا رضي الله عنه، فاذا ولد فينا مولود فلم يحبه عرفنا انه ليس منا[8] .

2- عبادة بن الصامت کنا نبور أولادنا بحب علي بن أبي طالب رضي الله عنه فاذا رأينا أحدهم لا يحب علي بن أبي طالب علمنا انه ليس منا وانه لغير رشدة[9] قال الحافظ الجزري في (أسني المطالب) ص 8 بعد ذکر هذا الحديث وهذا مشهور من قديم وإلي اليوم انه ما يبغض عليا رضي الله عنه إلا ولد الزنا.

3- أخرج الحافظ الحسن بن علي العدوي قال حدثنا أحمد بن عبدة الضبي عن أبي عيينة عن إبن الزبير عن جابر قال أمرنا رسول الله صلي الله عليه وآله أن نعرض أولادنا علي حب علي بن أبي طالب رجاله رجال الصحيحين کلهم ثقات.

4- أخرج الحافظ إبن مردويه عن أحمد بن محمد النيسابوري عن عبدالله بن أحمد بن حنبل عن أحمد قال سمعت الشافعي يقول سمعت مالک بن أنس يقول قال أنس بن مالک ما کنا نعرف الرجل لغير أبيه إلا ببغض علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

5- أخرج إبن مردويه عن أنس في حديث کان الرجل من بعد يوم خيبر يحمل ولده علي عاتقه ثم يقف علي طريق علي رضي الله عنه فاذا نظر إليه أومأ بإصبعه يا بني تحب هذا الرجل؟ فإن قال نعم قبله وإن قال لا، خرق به الارض وقال له إلحق بامک.

6- أخرج الحافظ الطبري في کتاب الولاية باسناده عن علي عليه السلام إنه قال لا يحبني ثلاثة ولد الزنا ومنافق ورجل حملت به امه في بعض حيضها.

7- أخرج الحافظ الدارقطني وشيخ الاسلام الحمويي في فرائده باسنادهما عن أنس مرفوعا قال إذا کان يوم القيامة نصب لي منبر ثم ينادي مناد من بطنان العرش أين محمد فاجيب فيقال لي ارق فأکون أعلاه ثم ينادي الثانية أين علي فيکون دوني بمرقاة

[صفحه 323]

فيعلم جميع الخلايق ان محمدا سيد المرسلين وان عليا سيد المؤمنين[10] قال أنس فقام إليه رجل فقال يا رسول الله من يبغض عليا بعد؟ فقال يا أخا الانصار لا يبغضه من قريش إلاسفحي، ولا من الانصار إلا يهودي، ولا من العرب إلا دعي، ولا من ساير الناس إلاشقي.

هذا الحديث ضعفه السيوطي لمکان إسماعيل بن موسي الفزاري في سنده وقد ذکره إبن حبان في الثقات وقال مطين کان صدوقا وقال النسائي لا بأس به وعن أبي داود انه صدوق في الحديث روي عنه البخاري في کتاب خلق أفعال العباد، وأبوداود والترمذي، وابن ماجة، وابن خزيمة، والساجي، وأبويعلي وغيرهم ولم يذکر غمز فيه عن أحد من هؤلاء الاعلام، نعم ذنبه الوحيد انه شيعي علوي المذهب.

8- عن أبي بکر الصديق قال رأيت رسول الله صلي الله عليه وآله خيم خيمة وهو متکئ علي قوس عربية وفي الخيمة علي وفاطمة والحسن والحسين فقال معشر المسلمين أنا سلم لمن سالم أهل الخيمة، حرب لمن حاربهم، ولي لمن والاهم، لا يحبهم إلا سعيد الجد طيب المولد، ولا يبغضهم إلا شقي الجد ردئ المولد[11] .

9- عن أبي مريم الانصاري عن علي عليه السلام قال لا يحبني کافر ولا ولد زنا[12] .

10- أخرج إبن عدي والبيهقي وأبوالشيخ والديلمي عن رسول الله صلي الله عليه وآله إنه قال من لم يعرف عترتي والانصار والعرب فهو لاحدي الثلاث إما منافق و إما ولد زانية وإما امرؤ حملت به امه في غير طهر[13] .

11- روي المسعودي في (مروج الذهب) ج 2 ص 51 عن کتاب الاخبار لابي الحسن علي بن محمد بن سليمان النوفلي باسناده عن العباس بن عبدالمطلب قال کنت عند رسول الله صلي الله عليه وآله إذا أقبل علي بن أبي طالب فلما رآه اسفر في وجهه فقلت يا رسول الله إنک لتسفر في وجه هذا الغلام فقال يا عم رسول الله والله لله أشد حبا له مني، ولم يکن نبي إلا وذريته الباقية بعده من صلبه و إن ذريتي بعدي

[صفحه 324]

من صلب هذا، إنه إذا کان يوم القيامة دعي الناس بأسمائهم وأسماء امهاتهم إلا هذا وشيعته فانهم يدعون بأسمائهم وأسماء آبائهم لصحة ولادتهم.

12- عن إبن عباس قال قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه رأيت النبي صلي الله عليه وآله عند الصفا وهو مقبل علي شخص في صورة الفيل وهو يلعنه فقلت ومن هذا الذي يلعنه رسول الله؟ قال هذا الشيطان الرجيم فقلت والله يا عدو الله لاقتلنک ولاريحن الامة منک قال والله ما هذا جزائي منک قلت وما جزاؤک مني يا عدو الله؟ قال والله ما أبغضک أحد قط إلا شرکت أباه في رحم امه.

أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه 2 ص 290، والکنجي في(الکفاية) ص 21 عن أربع من مشايخه.

روي شيخ الاسلام الحمويي في فرايده في الباب الثاني والعشرين من طريق أبي الحسن الواحدي باسناده، والزرندي في (نظم درر السمطين) عن الربيع بن سلمان قال قيل للشافعي إن قوما لا يصبرون علي سماع فضيلة لاهل البيت فإذا أراد أحد يذکرها يقولون هذا رافضي قال فأنشأ الشافعي يقول


إذا في مجلس ذکروا عليا
وسبطيه وفاطمة الزکيه


فأجري بعضهم ذکري سواهم
فأيقن انه لسلقلقيه


إذا ذکروا عليا أو بنيه
تشاغل الروايات الدنيه


وقال تجاوزا يا قوم هذا
فهذا من حديث الرافضيه


برئت إلي المهيمن من اناس
يرون الرفض حب الفاطميه


علي آل الرسول صلاة ربي
ولعنته لتلک الجاهليه


وقد نظم هذه الاثارة کثير من الشعراء قديما وحديثا يضيق المجال بذکر شعرهم ومنه قول الصاحب ابن عباد


بحب علي تزول الشکوک
وتصفو النفوس ويزکو النجار


فمهما رأيت محبا له
فثم العلاء وثم الفخار


ومهما رأيت بغيضا له
ففي أصله نسب مستعار


فمهد علي نصبه عذره
فحيطان دار أبيه قصار

[صفحه 325]

وقال ايضا


حب علي بن أبي طالب
فرض علي الشاهد والغائب


وام من نابذه عاهر
تبذل للنازل والراکب


وقال ابن مدلل


ولقد روينا في حديث مسند
عما رواه حذيفة بن يمان


إني سألت المرتضي لم لم يکن
عقد الولاء يصيب کل جنان؟


فأجابني بإجابة طابت لها
نفسي وأطربني لها استحساني


ألله فضلني وميز شيعتي
من نسل أرجاس البعول زوان


ورواية اخري إذا حشر الوري
يوم المعاد رويت عن سلمان


للناصبين يقال يابن فلانة
ويقال للشيعي يابن فلان


کتموا أبا هذا لخبث ولادة
ولطيب ذا يدعي بلا کتمان

[صفحه 326]



صفحه 321، 322، 323، 324، 325، 326.





  1. بفتح الفاء وسکون النون وضم الجيم او سکونها وبکسر الکاف وسکون الراء وبعدها الدال المهملة نسبة إلي (فنجکرد) قرية من نواحي نيسابور (الانساب).
  2. ابوالحسن محمد بن محمد بن جعفر المتوفي 479.
  3. محلة کبيرة بنيسابور فيها کانت جبانة نوح ولعلها سميت بالحيرة لنزول جمع من اهل حيرة الکوفة بها.
  4. ولد سنة 404 وتوفي في جمادي الاولي.
  5. راجع ج 2 ص 99 و 139 و 176.
  6. هو الشيخ أبوالحسن محمد بن الحسين البيهقي النيسابوري شارح نهج البلاغة توفي حدود سنة 574.
  7. باره يبوره بورا جربه واختبره.
  8. أسني المطالب للحفاظ الجزري ص 8، شرح ابن أبي الحديد 1 ص 373، وهناک تصحيف.
  9. أسني المطالب ص 8، نهاية ابن الاثير 1 ص 118، الغريبين للهروي وفي لفظه نسبر مکان نبور، لسان العرب 5 ص 154، تاج العروس 3 ص 61.
  10. في لفظ الحمويي، الوصيين.
  11. الرياض النضر، للحافظ محب الدين الطبري 2 ص 189.
  12. شرح ابن ابي الحديد ج 1 ص 373.
  13. الصواعق لابن حجر ص 139 103، ألفصول المهمة 11، الشرف المؤبد ص 103 وليس فيه کلمة والعرب.