ما يتبع الشعر











ما يتبع الشعر



هذه القصيدة نظمها شاعرنا المؤيد في فتنة بغداد الهائلة الواقعة سنة 443 يلفظ نفثات لوعته من تلکم الفظايع التي أحدثتها يد العداء المحتدم علي اهل بيت الوحي وشيعتهم يوم شنت الغارة علي مشهد الامام الطاهر موسي بن جعفر ومشاهد اوليائه المدفونين في جوار أمنه وحرم قدسه.

قال ابن الاثير في الکامل 9 215 وکان سبب هذه الفتنة أن أهل الکرخ شرعوا في عمل باب المساکين وأهل القلائين في عمل ما بقي من باب مسعود ففرع أهل الکرخ وعملوا أبراجا کتبوا عليها بالذهب محمد وعلي خير البشر وأنکر السنة ذلک وادعوا ان المکتوب محمد وعلي خير البشر، فمن رضي فقد شکر، ومن أبي فقد کفر وأنکر أهل الکرخ الزيادة وقالوا ما تجاوزنا ما جرت به عادتنا فيما نکتبه علي مساجدنا، فأرسل الخليفة القائم بأمر الله أبا تمام نقيب العباسيين، ونقيب العلويين وهو عدنان[1] ابن الرضي لکشف الحال وإنهائه فکتبا بتصديق قول الکرخيين فأمر حينئذ الخليفة ونواب الرحيم بکف القتال فلم يقلبوا، وانتدب إبن المذهب القاضي والزهيري وغيرهما من الحنابلة أصحاب عبدالصمد بحمل العامة علي الاغراق في الفتنة، فأمسک نواب الملک الرحيم عن کفهم غيظا من رئيس الرؤساء[2] لميله إلي الحنابلة، و

[صفحه 309]

منع هذه السنة من حمل الماء من دجلة إلي الکرخ، وکان نهر عيسي قد انفتح بثقه[3] فعظم الامر عليهم، وانتدب جماعة منهم وقصدوا دجلة وحملوا الماء وجعلوه في الظروف وصبوا عليه ماء الورد ونادوا ألماء للسبيل فأغروا بهم السنة وتشدد رئيس الرؤساء علي الشيعة فمحوا خير البشر وکتبوا عليهماالسلام فقالت السنة لا نرضي إلا أن يقلع الآجر الذي عليه محمد وعلي، وأن لا يؤذن حي علي خير العمل وامتنع الشيعة من ذلک ودام القتال إلي ثالث ربيع الاول وقتل فيه رجل هاشمي من السنة فحمله أهله علي نعش وطافوا به في الحربية وباب البصرة وسائر محال السنة واستنفروا الناس للاخذ بثاره ثم دفنوه عند أحمد بن حنبل، وقد اجتمع معهم خلق کثير أضعاف ما تقدم، فلما رجعوا من دفنه قصدوا باب مشهد التبن[4] فاغلق بابه فنقبوا في سورها وتهددوا البواب فخافهم وفتح الباب فدخلوا ونهبوا ما في المشهد من قناديل ومحاريب ذهب وفضة وستور وغير ذلک، ونهبوا ما في الترب والدور، و أدرکهم الليل فعادوا، فلما کان الغد کثر الجمع فقصدوا المشهد وأحرقوا جميع الترب والآزاج واحترق ضريح موسي[5] وضريح إبن إبنه محمد بن علي والجوار والقبتان الساج اللتان عليهما، واحترق ما يقابلهما ويجاورهما من قبور ملوک بني بويه معز الدولة وجلال الدولة ومن قبور الوزراء والرؤساء وقبر جعفر بن ابي جعفر المنصور، وقبر الامين محمد بن الرشيد، وقبر امه زبيدة، وجري من الامر الفظيع ما لم يجر في الدنيا مثله، فلما کان الغد خامس الشهر عادوا وحفروا قبر موسي بن جعفر ومحمد بن علي لينقلوهما إلي مقبرة أحمد بن حنبل، فحال الهدم بينهم وبين معرفة القبر، فجاء الحفر إلي جانبه، وسمع أبوتمام نقيب العباسيين وغيره من الهاشميين والسنة الخبر فجاؤا ومنعوا عن ذلک، وقصد أهل الکرخ إلي خان الفقهاء الحنفيين فنهبوه وقتلوا

[صفحه 310]

مدرس الحنفية أبا سعد السرخسي، وأحرقوا الخان ودور الفقهاء، وتعدت الفتنة إلي الجانب الشرقي فاقتتل أهل باب الطاق وسوق بج والاساکفة وغيرهم، ولما انتهي خبر إحراق المشهد إلي نور الدولة دبيس بن مزيد عظم عليه واشتد وبلغ منه کل مبلغ لانه وأهل بيته وسائر أعماله من النيل وتلک الولاية کلهم شيعة فقطعت في أعماله خطبة الامام القائم بأمر الله فروسل في ذلک وعوتب فاعتذر بأن أهل ولايته شيعة واتفقوا علي ذلک فلم يمکنه أن يشق عليهم کما أن الخليفة لم يمکنه کف السفهاء الذين فعلوا بالمشهد ما فعلوا وأعاد الخطبة إلي حالها.

وزاد إبن الجوزي في المنتظم 8 ص 150 ظهر عيار الطقطقي من أهل درزيجان وحضر الديوان واستتيب وجري منه في معاملة أهل الکرخ وتتبعهم في المحال و قتلهم علي الاتصال ما عظمت فيه البلوي، وأجتمع أهل الکرخ وقت الظهيرة فهدمت حائط باب القلائين ورموا العذرة علي حائطه وقطع الطقطقي رجلين وصلبهما علي هذا الباب بعد أن قتل ثلاثة من قبل وقطع رؤسهم ورمي بها إلي أهل الکرخ وقال تغدوا برؤس ومضي إلي درب الزعفراني فطالب أهل بمائة ألف دينار وتوعدهم ان لم يفعلوا بالاحراق فلاطفوه فانصرف، ووافاهم من الغد فقاتلوه فقتل منهم رجل هاشمي فحمل إلي مقابر قريش.

واستنفر البلد ونقب مشهد باب التين ونهب ما فيه واخرج جماعة من القبور فأحرقوا مثل العوني[6] والناشي[7] والجذوعي، ونقل من المکان جماعة موتي فدفنوافي مقابر شتي وطرح النار في الترب القديمة والحديثة، واحترق الضريحان والقبتان الساج، وحفروا أحد الضريحين ليخرجوا من فيه ويدفنونه بقبر أحمد، فبارد النقيب والناس فمنعوهم إلخ.

وذکر القصة علي الاختصار إبن العماد في شذرات الذهب 3 ص 270، وإبن کثير في تاريخه 12 ص 62.

[صفحه 311]



صفحه 309، 310، 311.





  1. الشريف عدنان هو ابن الشريف الرضي المترجم في هذا الجزء صفحة 181 ولي النقابة بعد وفاة عمه الشريف المرتضي المترجم في هذا الجزء 264 واستمر إلي ان توفي ببغداد سنة 449.
  2. ابوالقاسم ابن المسلمة علي بن الحسن بن أحمد وزير القائم بامر الله مکث في الوزارة ثنتي عشرة سنة وشهرا، قتله البساسيري سنة 450 قال ابن کثير في تاريخه 12 68 کان کثير الاذية للرافضة، الزم الروافض بترک الاذان بحي علي خير العمل، وامروا أن ينادي مؤذنهم في أذان الصبح بعد حي علي الفلاح الصلاة خير من النوم مرتين وازيل ما کان علي ابواب المساجد ومساجدهم من کتابة محمد وعلي خير البشر وأمر رئيس الرؤساء بقتل أبي عبدالله بن الجلاب شيخ الروافض لما کان تظاهر به من الرفض والغلو فيه فقتل علي باب دکانه، وهرب أبوجعفر الطوسي ونهبت داره.
  3. انفتح بثقه اي کسر سده بثق السيل أي خرق وشق.
  4. باب التبن اسم محلة کبيرة ببغداد علي الخندق وبها قبر عبدالله بن أحمد بن حنبل ويلصق هذا الموضع في مقابر قريش التي فيها قبر موسي الکاظم، ويعرف قبره بمشهد باب التبن معجم.
  5. الامام الطاهر موسي بن جعفر الکاظم، وحفيده الامام الجواد محمد بن علي بن موسي سلام الله عليهم.
  6. في المنتظم العوفي والصحيح العوني کما في الشذرات وقد مرت ترجمة العوني في هذا الجزء.
  7. هو علي بن الوصيف احد شعراء الغدير مر ذکره في هذا الجزء ص 33 -24.