مظلوميّة عليّ











مظلوميّة عليّ



لماذا کلّ هذا الترکيز علي شخصيّة عليّ؟ ولماذا هذا التمجيد والتبجيل؟ عليّ کبير، وشأنه أعظم من أن يرقي إلي ذراه الطير؛[1] فإذن ينبغي لهذه الشخصيّة أن تعرّف، بَيدَ أنّ السؤال لا يزال: لماذا کلّ هذا التأکيد علي لزوم حبّ عليّ وموالاته؟ ولماذا هذا التحذير من مناواته ومخالفته وانتهاک حرمته؟ عجباً لهذا الحديث الملي ء بالشجون!

لکأنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يتشوّف ذلک کلّه ويتطلّع إليه عبر مرآة الزمان؛ ينظر

[صفحه 63]

ضروب المظالم والإحن والأضغان، يري غربة عليّ ووحدته وما ينزل به من الظلم الفظيع. أجل، لکأنّ رسول اللَّه ينظر إلي ذلک کلّه، وهو يخاطب أميرالمؤمنين بقوله: «إنّ الاُمّة ستغدر بک من بعدي».[2] .

هذا النبيّ يحتضن عليّاً وتنهمر عيونه بالدموع، وهو يذکر عليّاً وما ينزل به من ظلمٍ في الغد؛ وهذا أميرالمؤمنين يصف لنا المشهد وَوَجْد النبيّ، بقوله:

«اعتنقني النبيّ صلي الله عليه و آله ثمّ أجهش باکياً، قلت: ما يبکيکَ؟ قال: ضغائن قوم لايبدونها لک إلّا من بعدي».[3] .

يا للعجب!! رسول اللَّه صلي الله عليه و آله ينتخب عليّاً لمؤاخاته من بين الجميع، ويأتيه أمر السماء بغلق الأبواب المشرعة علي المسجد کلّها إلّا باب عليّ. يصرّح بمنزلة عليّ مرّات ومرّات، ويمتدحه علي مرأي من الاُمّة ومسمع، ويشيد بمکانته، ويذکر بوضوح أنّ من آذي عليّاً فقد آذاه، ومن سبّ عليّاً فقد سبّ اللَّه ورسوله. لکنّه يعود ليسجّل بقلب مصدوع ملي ء بالألم مظلوميّةَ الإمام، وما يؤول إليه من الانغمار بدم الجراح، فيقول مخاطباً إيّاه مواسياً: «بأبي الوحيد الشهيد».[4] .

کما يقول صلي الله عليه و آله: «إنّک مقتول وهذه مخضوبة من هذه».[5] .

وهکذا لا يرتقي إلي عليٍّ نظير في الأبعاد الإنسانيّة کلّها، کما من العجب أن لا يرتقي إلي مظلوميّته أحدٌ أيضاً!

علي ضوء النقاط التي مرّت، نقدّم فيما يلي شطراً من کلمات النبيّ حيال عليّ:

[صفحه 64]



صفحه 63، 64.





  1. إشارة لقول أميرالمؤمنين عليه السلام: «ولا يرقي إليّ الطير».
  2. القسم العاشر:الخصائص السياسيّة والاجتماعيّة:المظلوميّة بعد النبيّ.
  3. القسم العاشر:الخصائص السياسيّة والاجتماعيّة:المظلوميّة بعد النبيّ.
  4. راجع: القسم الثامن/إخبار النبيّ باستشهاده.
  5. راجع: القسم الثامن/إخبار النبيّ باستشهاده.