المأمونُ العَبّاسي











المأمونُ العَبّاسي[1]



.

3982- عيون أخبار الرضا عن إسحاق بن حمّاد بن زيد- في مجادلة المأمون المخالفين في إمامة عليّ عليه السلام وتفضيله علي سائر الناس بعد النبيّ صلي الله عليه و آله-: سمعنا)[2] يحيي بن أکثم القاضي قال: أمرني المأمون بإحضار جماعة من أهل الحديث، وجماعة من أهل الکلام والنظر، فجمعت له من الصنفين زهاء أربعين رجلاً، ثمّ مضيت بهم، فأمرتهم بالکينونة في مجلس الحاجب لاُعلمه بمکانهم، ففعلوا فأعلمته، فأمرني بإدخالهم، فدخلوا فسلّموا فحدّثهم ساعة وآنسهم، ثمّ قال:

إنّي اُريد أن أجعلکم بيني وبين اللَّه تبارک وتعالي في يومي هذا حجّة؛ فمن کان حاقناً[3] أو له حاجة فليقم إلي قضاء حاجته، وانبسِطوا وسُلّوا أخفافکم وضعوا أرديتکم، ففعلوا ما اُمروا به، فقال:

يا أيّها القوم! إنّما استحضرتکم لاحتجّ بکم عند اللَّه تعالي، فاتّقوا اللَّه وانظروا لأنفسکم وإمامکم، ولا يمنّعکم جلالتي ومکاني من قول الحقّ حيث کان، وردّ

[صفحه 423]

الباطل علي من أتي به، وأشفِقوا علي أنفسکم من النار، وتقرّبوا إلي اللَّه تعالي برضوانه، وإيثار طاعته؛ فما أحد تقرّب إلي مخلوق بمعصية الخالق إلّا سلّطه اللَّه عليه، فناظروني بجميع عقولکم.

إنّي رجل أزعم أنّ عليّاً عليه السلام خير البشر بعد رسول اللَّه صلي الله عليه و آله؛ فإن کنت مصيباً فصوّبوا قولي، وإن کنت مخطئاً فردّوا عليّ، وهلمّوا؛ فإن شئتم سألتکم، وإن شئتم سألتموني.

فقال له الذين يقولون بالحديث: بل نسألک.

فقال: هاتوا، وقلّدوا کلامکم رجلاً واحداً منکم، فإذا تکلّم؛ فإن کان عند أحدکم زيادة فليزِد، وإن أتي بخلل فسدّدوه.

فقال قائل منهم: إنّما نحن نزعم أنّ خير الناس بعد رسول اللَّه صلي الله عليه و آله أبوبکر من قِبَل أنّ الرواية المجمع عليها جاءت عن الرسول صلي الله عليه و آله أنّه قال: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بکر وعمر، فلمّا أمر نبيّ الرحمة بالاقتداء بهما، علمنا أنّه لم يأمر بالاقتداء إلّا بخير الناس.

فقال المأمون: الروايات کثيرة، ولابدّ من أن تکون کلّها حقّاً أو کلّها باطلاً، أو بعضها حقّاً وبعضها باطلاً؛ فلو کانت کلّها حقّاً کانت کلّها باطلاً؛ من قِبَل أنّ بعضها ينقض بعضاً، ولو کانت کلّها باطلاً کان في بطلانها بطلان الدين، ودروس الشريعة؛ فلمّا بطل الوجهان ثبت الثالث بالاضطرار؛ وهو أنّ بعضها حقّ وبعضها باطل؛ فإذا کان کذلک فلابدّ من دليل علي ما يحقّ منها؛ ليُعتقد، ويُنفي خلافه، فإذا کان دليل الخبر في نفسه حقّاً کان أولي ما أعتقده وآخذ به.

وروايتک هذه من الأخبار التي أدلّتها باطلة في نفسها، وذلک أنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله

[صفحه 424]

أحکم الحکماء، وأولي الخلق بالصدق، وأبعد الناس من الأمر بالمحال، وحمل الناس علي التديّن بالخلاف؛ وذلک أنّ هذين الرجلين لا يخلُوَا من أن يکونا متّفقين من کلّ جهة أو مختلفين؛ فإن کانا متّفقين من کلّ جهة کانا واحداً في العدد والصفة والصورة والجسم، وهذا معدوم أن يکون اثنان بمعنيً واحد من کلّ جهة، وإن کانا مختلفين، فکيف يجوز الاقتداء بهما؟ وهذا تکليف ما لا يطاق؛ لأ نّک إذا اقتديت بواحد خالفت الآخر.

والدليل علي اختلافهما أنّ أبابکر سبي أهل الردّة وردّهم عمر أحراراً، وأشار عمر إلي أبي بکر بعزل خالد وبقتله بمالک بن نويرة، فأبي أبوبکر عليه، وحرّم عمر المتعتين ولم يفعل ذلک أبوبکر، ووضع عمر ديوان العطيّة ولم يفعله أبوبکر، واستخلف أبوبکر ولم يفعل ذلک عمر، ولهذا نظائر کثيرة.

قال مصنّف هذا الکتاب: في هذا فصل ولم يذکر[ه][4] المأمون لخصمه؛ وهو أنّهم لم يرووا أنّ النبيّ صلي الله عليه و آله قال: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بکر وعمر، وإنّما رووا أبوبکر وعمر، ومنهم من روي أبابکر وعمر، فلو کانت الرواية صحيحة لکان معني قوله بالنصب: اقتدوا باللذين من بعدي: کتاب اللَّه والعترة يا أبابکر وعمر، ومعني قوله بالرفع: اقتدوا أيّها الناس وأبوبکر وعمر باللذين من بعدي کتاب اللَّه والعترة. رجعنا إلي حديث المأمون:

فقال آخر من أصحاب الحديث: فإنّ النبيّ صلي الله عليه و آله قال: لو کنت متّخذاً خليلاً لاتّخذت أبابکر خليلاً.

فقال المأمون: هذا مستحيل؛ من قِبَل أنّ رواياتکم أنّه صلي الله عليه و آله آخي بين أصحابه

[صفحه 425]

وأخّر علياً عليه السلام فقال له في ذلک فقال: ما أخّرتک إلّا لنفسي. فأيّ الروايتين ثبتت بطلت الاُخري.

قال الآخر: إنّ عليّاً عليه السلام قال علي المنبر: خير هذه الاُمّة بعد نبيّها أبوبکر وعمر.

قال المأمون: هذا مستحيل؛ من قِبَل أنّ النبيّ صلي الله عليه و آله لو علم أنّهما أفضل ما ولّي عليهما مرّة عمرو بن العاص، ومرّة اُسامة بن زيد. وممّا يکذّب هذه الرواية قول عليّ عليه السلام لمّا قبض النبيّ صلي الله عليه و آله وأنا أولي بمجلسه منّي بقميصي، ولکنّي أشفقت أن يرجع الناس کفّاراً، وقوله عليه السلام: أنّي يکونان خيراً منّي وقد عبدت اللَّه تعالي قبلهما، وعبدته بعدهما؟

قال آخر: فإنّ أبابکر أغلق بابه، وقال: هل من مستقيل فاُقيله، فقال عليّ عليه السلام: قدّمک رسول اللَّه صلي الله عليه و آله فمن ذا يؤخّرک؟

فقال المأمون: هذا باطل من قِبَل أنّ عليّاً عليه السلام قعد عن بيعة أبي بکر، ورويتم أنّه قعد عنها حتي قبضت فاطمة عليهاالسلام، وأنّها أوصت أن تدفن ليلاً لئلّا يشهدا جنازتها.

ووجه آخر: وهو أنّه إن کان النبيّ صلي الله عليه و آله استخلفه، فکيف کان له أن يستقيل وهو يقول للأنصار: قد رضيت لکم أحد هذين الرجلين أباعبيدة وعمر؟

قال آخر: إنّ عمرو بن العاص قال: يا نبيّ اللَّه من أحبّ الناس إليک من النساء؟ قال: عائشة. فقال: من الرجال؟ فقال: أبوها.

فقال المأمون: هذا باطل من قِبَل أنّکم رويتم أنّ النبيّ صلي الله عليه و آله وُضع بين يديه طائر مشويّ فقال: اللهمّ ائتني بأحبّ خلقک إليک، فکان عليّاً عليه السلام. فأيّ روايتکم تُقبل؟

فقال آخر: فإنّ عليّاً عليه السلام قال: من فضّلني علي أبي بکر وعمر جلدته حدّ المفتري.

[صفحه 426]

قال المأمون: کيف يجوز أن يقول عليّ عليه السلام أجلد الحدّ علي من لا يجب حدّ عليه، فيکون متعدّياً لحدود اللَّه عزّوجلّ، عاملاً بخلاف أمره، وليس تفضيل من فضّله عليهما فرية، وقد رويتم عن إمامکم أنّه قال: وليتکم ولست بخيرکم. فأيّ الرجلين أصدق عندکم؛ أبوبکر علي نفسه أو عليّ عليه السلام علي أبي بکر؟ مع تناقض الحديث في نفسه، ولابدّ له في قوله من أن يکون صادقاً أو کاذباً، فإن کان صادقاً فأنّي عرف ذلک؟ بوَحي؟ فالوحي منقطع، أو بالتظنّي؟ فالمتظنّي متحيّر، أو بالنظر؟ فالنظر مبحث، وإن کان غير صادق، فمن المحال أن يلي أمر المسلمين، ويقوم بأحکامهم، ويقيم حدودهم کذّابٌ.

قال آخر: فقد جاء أنّ النبيّ صلي الله عليه و آله قال: أبوبکر وعمر سيّدا کهول أهل الجنّة.

قال المأمون: هذا الحديث محال؛ لأ نّه لا يکون في الجنّة کهل، ويروي أنّ أشجعيّة کانت عند النبيّ صلي الله عليه و آله فقال: لا يدخل الجنّة عجوز. فبکت، فقال لها النبيّ صلي الله عليه و آله: إنّ اللَّه تعالي يقول: «إِنَّآ أَنشَأْنَهُنَّ إِنشَآءً فَجَعَلْنَهُنَّ أَبْکَارًا عُرُبًا أَتْرَابًا»[5] فإن زعمتم أنّ أبابکر ينشأ شابّاً إذا دخل الجنّة، فقد رويتم أنّ النبيّ صلي الله عليه و آله قال للحسن والحسين عليهم السلام: إنّهما سيّدا شباب أهل الجنّة من الأوّلين والآخرين، وأبوهما خير منهما.

قال آخر: فقد جاء أنّ النبيّ صلي الله عليه و آله قال: لو لم أکن اُبعث فيکم لبعث عمر.

قال المأمون: هذا محالٌ؛ لأنّ اللَّه تعالي يقول: «إِنَّآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْکَ کَمَآ أَوْحَيْنَآ إِلَي نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن م بَعْدِهِ ي»[6] وقال تعالي: «وَ إِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَقَهُمْ وَ مِنکَ وَ مِن

[صفحه 427]

نُّوحٍ وَ إِبْرَ هِيمَ وَ مُوسَي وَ عِيسَي ابْنِ مَرْيَمَ»[7] فهل يجوز أن يکون من لم يؤخذ ميثاقه علي النبوّة مبعوثاً، ومن أخذ ميثاقاً علي النبوّة مؤخّراً؟!

قال آخر: إنّ النبيّ صلي الله عليه و آله نظر إلي عمر يوم عرفة فتبسّم فقال: إنّ اللَّه تبارک تعالي باهي بعباده عامّة، وبعمر خاصّة.

فقال المأمون: هذا مستحيل؛ من قِبَل أنّ اللَّه تبارک وتعالي لم يکن ليباهي بعمر ويدع نبيّه صلي الله عليه و آله؛ فيکون عمر في الخاصّة، والنبيّ صلي الله عليه و آله في العامّة، وليست هذه الروايات بأعجب من روايتکم أنّ النبيّ صلي الله عليه و آله قال: دخلت الجنّة فسمعت خفق نعلين؛ فإذا بلال مولي أبي بکر سبقني إلي الجنّة. وإنّما قالت الشيعة: عليّ عليه السلام خير من أبي بکر، فقلتم: عبدأبي بکر خير من الرسول صلي الله عليه و آله؛ لأنّ السابق أفضل من المسبوق، وکما رويتم أنّ الشيطان يفرّ من ظلّ عمر، وألقي علي لسان نبيّ اللَّه صلي الله عليه و آله: وأنّهنّ الغرانيق العُلي ففرّ من عمر، وألقي علي لسان النبيّ صلي الله عليه و آله- بزعمکم- الکفّارُ!

قال آخر: قد قال النبيّ صلي الله عليه و آله: لو نزل العذاب ما نجا إلّا عمر بن الخطّاب.

قال المأمون: هذا خلاف الکتاب أيضاً؛ لأنّ اللَّه تعالي يقول لنبيّه صلي الله عليه و آله: «وَمَا کَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ»[8] فجعلتم عمر مثل الرسول صلي الله عليه و آله!

قال آخر: فقد شهد النبيّ صلي الله عليه و آله لعمر بالجنّة في عشرة من الصحابة.

فقال المأمون: لو کان هذا کما زعمتم، لکان عمر لا يقول لحذيفة: نشدتک باللَّه أمِنَ المنافقين أنا؟ فإن کان قد قال له النبيّ صلي الله عليه و آله: أنت من أهل الجنّة ولم

[صفحه 428]

يصدّقه حتي زکّاه حذيفة، فصدّق حذيفةَ ولم يصدّق النبيَّ صلي الله عليه و آله، فهذا علي غير الإسلام، وإن کان قد صدّق النبيّ صلي الله عليه و آله فلِمَ سأل حذيفة؟ وهذان الخبران متناقضان في أنفسهما.

قال الآخر: فقد قال النبيّ صلي الله عليه و آله: وُضعتُ في کفّة الميزان ووُضعتْ اُمّتي في کفّة اُخري، فرجحت بهم، ثمّ وُضع مکاني أبوبکر فرجح بهم، ثمّ عمر فرجح بهم، ثمّ رُفع الميزان.

فقال المأمون: هذا محال؛ من قبل أنّه لا يخلو من أن يکون أجسامهما أو أعمالهما؛ فإن کانت الأجسام فلا يخفي علي ذي روح أنّه محال؛ لأ نّه لا يرجح أجسامهما بأجسام الاُمّة، وإن کانت أفعالهما فلم تکن بعد، فکيف ترجح بما ليس؟

فأخبروني بما[9] يتفاضل الناس؟ فقال بعضهم: بالأعمال الصالحة.

قال: فأخبروني فمن[10] فضل صاحبه علي عهد النبيّ صلي الله عليه و آله، ثمّ إنّ المفضول عمل بعد وفاة رسول اللَّه صلي الله عليه و آله بأکثر من عمل الفاضل علي عهد النبيّ صلي الله عليه و آله أيلحق به؟ فإن قلتم: نعم، أوجدتکم في عصرنا هذا من هو أکثر جهاداً وحجّاً وصوماً وصلاة وصدقة من أحدهم.

قالوا: صدقت، لا يلحق فاضل دهرنا لفاضل عصر النبيّ صلي الله عليه و آله.

قال المأمون: فانظروا فيما روت أئمّتکم الذين أخذتم عنهم أديانکم في فضائل عليّ عليه السلام، وقيسوا إليها ما رووا في فضائل تمام العشرة الذين شهدوا لهم

[صفحه 429]

بالجنّة؛ فإن کانت جزءاً من أجزاء کثيرة فالقول قولکم، وإن کانوا قد روَوا في فضائل عليّ عليه السلام أکثر، فخذوا عن أئمّتکم ما روَوا ولا تعدُوه. قال: فأطرق القوم جميعاً.

فقال المأمون: ما لکم سکتّم؟ قالوا: قد استُقصينا.

قال المأمون: فإنّي أسألکم: خبّروني أيّ الأعمال کان أفضل يوم بعث اللَّه نبيّه صلي الله عليه و آله؟

قالوا: السبق إلي الإسلام؛ لأنّ اللَّه تعالي يقول: «السَّبِقُونَ السَّبِقُونَ أُوْلَل-کَ الْمُقَرَّبُونَ».[11] .

قال: فهل علمتم أحداً أسبق من عليّ عليه السلام إلي الإسلام؟

قالوا: إنّه سبق حدثاً لم يجرِ عليه حکم، وأبوبکر أسلم کهلاً قد جري عليه الحکم، وبين هاتين الحالتين فرق.

قال المأمون: فخبّروني عن إسلام عليّ عليه السلام؛ أبإلهام[12] من قبل اللَّه تعالي أم بدعاء النبيّ صلي الله عليه و آله؟ فإن قلتم: بإلهام فقد فضّلتموه علي النبيّ صلي الله عليه و آله؛ لأنّ النبيّ صلي الله عليه و آله لم يُلهَم بل أتاه جبرئيل عن اللَّه تعالي داعياً ومعرّفاً. فإن قلتم: بدعاء النبيّ صلي الله عليه و آله؛ فهل دعاه من قبل نفسه أو بأمر اللَّه تعالي؟ فإن قلتم: من قِبَل نفسه، فهذا خلاف ما وصف اللَّه تعالي به نبيّه صلي الله عليه و آله في قوله تعالي: «وَ مَآ أَنَا مِنَ الْمُتَکَلِّفِينَ».[13] وفي قوله تعالي: «وَ مَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَي إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَي»[14] وإن کان من قبل اللَّه

[صفحه 430]

تعالي فقد أمر اللَّه تعالي نبيّه صلي الله عليه و آله بدعاء عليّ عليه السلام من بين صبيان الناس وإيثاره عليهم، فدعاه ثقة به وعلماً بتأييد اللَّه تعالي.

وخلّةٌ اُخري: خبرّوني عن الحکيم هل يجوز أن يکلّف خلقه ما لا يطيقون؟ فإن قلتم: نعم؛ فقد کفرتم، وإن قلتم: لا؛ فکيف يجوز أن يأمر نبيّه صلي الله عليه و آله بدعاء من لا يمکنه قبول ما يؤمر به لصغره، وحداثة سنّه، وضعفه عن القبول؟

وخلّةٌ اُخري: هل رأيتم النبيّ صلي الله عليه و آله دعا أحداً من صبيان أهله وغيرهم فيکونوا اُسوة عليّ عليه السلام؟ فإن زعمتم أنّه لم يدعُ غيره، فهذه فضيلة لعليّ عليه السلام علي جميع صبيان الناس.

ثمّ قال: أيّ الأعمال أفضل بعد السبق إلي الإيمان؟ قالوا: الجهاد في سبيل اللَّه.

قال: فهل تجدون لأحد من العَشَرة في الجهاد ما لعليّ عليه السلام في جميع مواقف النبيّ صلي الله عليه و آله من الأثر؟ هذه بدر قُتل من المشرکين فيها نيّف وستّون رجلاً، قتل عليّ عليه السلام منهم نيّفاً وعشرين، وأربعون لسائر الناس.

فقال قائل: کان أبوبکر مع النبيّ صلي الله عليه و آله في عَرِيشة[15] يدبّرها.

فقال المأمون: لقد جئت بها عجيبة! أکان يدبّر دون النبيّ صلي الله عليه و آله، أو معه فيشرکه، أو لحاجة النبيّ صلي الله عليه و آله إلي رأي أبي بکر؟ أيّ الثلاث أحبّ إليک أن تقول؟

فقال: أعوذ باللَّه من أن أزعم أنّه يدبّر دون النبيّ صلي الله عليه و آله أو يشرکه أو بافتقار من النبيّ صلي الله عليه و آله إليه!

[صفحه 431]

قال: فما الفضيلة في العريش؟ فإن کانت فضيلة أبي بکر بتخلّفه عن الحرب، فيجب أن يکون کلّ متخلّف فاضلاً أفضل من المجاهدين، واللَّه عزّوجلّ يقول: «لَّا يَسْتَوِي الْقَعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَ لِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَهِدِينَ بِأَمْوَ لِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَي الْقَعِدِينَ دَرَجَةً وَکُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَي وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَهِدِينَ عَلَي الْقَعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا».[16] .

قال إسحاق بن حمّاد بن زيد: ثمّ قال لي: اقرأ «هَلْ أَتَي عَلَي الْإِنسَنِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ»،[17] فقرأت حتي بلغت: «وَ يُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَي حُبِّهِ ي مِسْکِينًا وَ يَتِيمًا وَ أَسِيرًا»[18] إلي قوله: «وَ کَانَ سَعْيُکُم مَّشْکُورًا»،[19] فقال: فيمن نزلت هذه الآيات؟

فقلت: في عليّ عليه السلام.

قال: فهل بلغک أنّ عليّاً عليه السلام قال حين أطعم المسکين واليتيم والأسير: «إِنَّمَا نُطْعِمُکُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنکُمْ جَزَآءً وَ لَا شُکُورًا»[20] علي ما وصف اللَّه عزّ وجلّ في کتابه؟

فقلت: لا.

قال: فإنّ اللَّه تعالي عرف سريرة عليّ عليه السلام ونيّته، فأظهر ذلک في کتابه تعريفاً لخلقه أمرَه، فهل علمت أنّ اللَّه تعالي وَصف في شي ء ممّا وصف في الجنّة ما في

[صفحه 432]

هذه السورة: «قَوَارِيرَاْ مِن فِضَّةٍ».[21] .

قلت: لا.

قال: فهذه فضيلة اُخري، فکيف تکون القوارير من فضّة؟

فقلت: لا أدري.

قال: يريد کأنّها من صفائها من فضّة يري داخلها کما يري خارجها. وهذا مثل قوله صلي الله عليه و آله: «يا أنْجَشَة،[22] رويداً سوقک[23] بالقوارير»؛ وعني به نساء کأنّها القوارير رقّة. وقوله صلي الله عليه و آله: «رکبت فرس أبي طلحة، فوجدته بحراً»؛ أي کأنّه بحر من کثرة جريه وعدوه. وکقول اللَّه تعالي: «وَ يَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن کُلِّ مَکَانٍ وَ مَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَ مِن وَرَآلِهِ ي عَذَابٌ غَلِيظٌ»[24] أي کأنّه [ما][25] يأتيه الموت، ولو أتاه من مکان واحد مات.

ثمّ قال: يا إسحاق، ألستَ ممّن يشهد أنّ العشرة في الجنّة؟

فقلت: بلي.

قال: أرأيت لو أنّ رجلاً قال: ما أدري أصحيح هذا الحديث أم لا، أکان عندک کافراً؟

[صفحه 433]

قلت: لا.

قال: أفرأيت لو قال: ما أدري هذه السورة قرآن أم لا، أکان عندک کافراً؟

قلت: بلي.

قال: أري فضل الرجل يتأکّد.

خبّرني[26] يا إسحاق عن حديث الطائر المشويّ؛ أصحيح عندک؟

قلت: بلي.

قال: بانَ واللَّه عنادک؛ لا يخلو هذا من أن يکون کما دعاه النبيّ صلي الله عليه و آله، أو يکون مردوداً، أو عرف اللَّه الفاضل من خلقه وکان المفضول أحبّ إليه، أو تزعم أنّ اللَّه لم يعرف الفاضل من المفضول؛ فأيّ الثلاث أحبّ إليک أن تقول به؟

قال إسحاق: فأطرقت ساعة ثمّ قلت: يا أميرالمؤمنين، إنّ اللَّه تعالي يقول في أبي بکر: «ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَحِبِهِ ي لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا»[27] فنسبه اللَّه عزّ وجلّ إلي صحبة نبيّه صلي الله عليه و آله.

فقال المأمون: سبحان اللَّه! ما أقلّ علمک باللغة والکتاب، أما يکون الکافر صاحباً للمؤمن؟! فأيّ فضيلة في هذه؟ أما سمعت قول اللَّه تعالي: «قَالَ لَهُ و صَاحِبُهُ و وَ هُوَ يُحَاوِرُهُ و أَکَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَکَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّلکَ رَجُلاً»؟[28] فقد جعله له صاحباً، وقال الهذلي شعراً:


ولقد غدوت وصاحبي وحشيةً
تحت الرداء بصيرة بالمشرقِ

[صفحه 434]

وقال الأزدي شعراً:


ولقد ذعرت الوحش فيه وصاحبي
محض القوائم من هجانٍ هيکلِ


فصيّر فرسه صاحبه، وأمّا قوله: «إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا» فإنّ اللَّه تبارک وتعالي مع البَرّ والفاجر، أما سمعت قوله تعالي: «مَا يَکُونُ مِن نَّجْوَي ثَلَثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَ لَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَ لَآ أَدْنَي مِن ذَ لِکَ وَ لَآ أَکْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا کَانُواْ».[29] .

وأمّا قوله: «لَا تَحْزَنْ»[30] فأخبرني عن[31] حزن أبي بکر، أکان طاعة أو معصية؟ فإن زعمت أنّه طاعة فقد جعلت النبيّ صلي الله عليه و آله ينهي عن الطاعة، وهذا خلاف صفة الحکيم، وإن زعمت أنّه معصية، فأيّ فضيلة للعاصي؟

وخبّرني عن قوله تعالي: «فَأَنزَلَ اللَّهُ سَکِينَتَهُ و عَلَيْهِ»[32] علي من؟

قال إسحاق: فقلت: علي أبي بکر؛ لأنّ النبيّ صلي الله عليه و آله کان مستغنياً عن السکينة.[33] .

قال: فخبّرني عن قوله عزّ وجلّ: «وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْکُمْ کَثْرَتُکُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنکُمْ شَيًْا وَضَاقَتْ عَلَيْکُمُ الأَْرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَکِينَتَهُ و عَلَي رَسُولِهِ ي وَعَلَي الْمُؤْمِنِينَ»[34] أتدري مَن المؤمنون الذين أراد اللَّه تعالي في هذا الموضع؟

قال: فقلت: لا.

[صفحه 435]

فقال: إنّ الناس انهزموا يوم حُنين، فلم يبقَ مع النبيّ صلي الله عليه و آله إلّا سبعة من بني هاشم: عليّ عليه السلام يضرب بسيفه، والعبّاس آخذ بلجام بغلة رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، والخمسة يحدقون بالنبيّ صلي الله عليه و آله خوفاً من أن يناله سلاح الکفّار، حتي أعطي اللَّه تبارک وتعالي رسوله صلي الله عليه و آله الظفر، عَنَي بالمؤمنين في هذا الموضع عليّاً عليه السلام ومن حضر من بني هاشم، فمن کان أفضل؛ أمَن کان مع النبيّ صلي الله عليه و آله فنزلت السکينة علي النبيّ صلي الله عليه و آله وعليه، أم من کان في الغار مع النبيّ صلي الله عليه و آله ولم يکن أهلاً لنزولها عليه؟

يا إسحاق! من أفضل؟ من کان مع النبيّ صلي الله عليه و آله في الغار، أو من نام علي مهاده وفراشه ووقاه بنفسه، حتي تمّ للنبيّ صلي الله عليه و آله ما عزم عليه من الهجرة؟

إنّ اللَّه تبارک وتعالي أمر نبيّه صلي الله عليه و آله أن يأمر عليّاً عليه السلام بالنوم علي فراشه ووقايته بنفسه، فأمره بذلک، فقال عليّ عليه السلام: أتسلم يا نبيّ اللَّه؟ [قال: نعم][35] قال: سمعاً وطاعة، ثمّ أتي مضجعه وتسجّي بثوبه، وأحدق المشرکون به، لا يشکّون في أنّه النبيّ صلي الله عليه و آله وقد أجمعوا علي أن يضربه من کلّ بطن من قريش رجلٌ ضربة لئلّا يطلب الهاشميّون بدمه، وعليّ عليه السلام يسمع بأمر القوم فيه من التدبير في تلف نفسه، فلم يدعُه ذلک إلي الجزع کما جزع أبوبکر في الغار، وهو مع النبيّ صلي الله عليه و آله، وعليّ عليه السلام وحده، فلم يزل صابراً محتسباً، فبعث اللَّه تعالي ملائکته تمنعه من مشرکي قريش.

فلمّا أصبح قام فنظر القوم إليه فقالوا: أين محمّد؟ قال: وما علمي به؟ قالوا: فأنت غررتنا[36] ثمّ لحق بالنبيّ صلي الله عليه و آله، فلم يزل عليّ عليه السلام أفضل لما بدا منه إلّا ما يزيد خيراً، حتي قبضه اللَّه تعالي إليه وهو محمود مغفور له.

يا إسحاق! أما تروي حديث الولاية؟

[صفحه 436]

فقلت: نعم.

قال: اروِه، فرويته.

فقال: أما تري أنّه أوجب لعليّ عليه السلام علي أبي بکر وعمر من الحقّ ما لم يوجب لهما عليه؟

قلت: إنّ الناس يقولون: إنّ هذا قاله بسبب زيد بن حارثة.

فقال: وأين قال النبيّ صلي الله عليه و آله هذا؟

قلت: بغدير خمّ بعد منصرفه من حجّة الوداع.

قال: فمتي قُتل زيد بن حارثة؟

قلت: بمؤتة.[37] .

قال: أفَليس قد کان قتل زيد بن حارثة قبل غدير خمّ؟

قلت: بلي.

قال: أخبرني لو رأيتَ ابناً لک أتت عليه خمس عشرة[38] سنة يقول: مولاي مولي ابن عمّي أيّها الناس فاقبلوا، أکنت تکره له ذلک؟

فقلت: بلي.

قال: أفتنزّه ابنک عمّا لا يتنزّه النبيّ صلي الله عليه و آله عنه؟! ويحکم ، أجعلتم فقهاءکم أربابکم؟! إنّ اللَّه تعالي يقول: «اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَنَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ»[39] .

[صفحه 437]

واللَّه ما صاموا لهم ولا صلّوا لهم، ولکنّهم أمروا لهم فاُطيعوا.

ثمّ قال: أتروي قول النبيّ صلي الله عليه و آله لعليّ عليه السلام: أنت منّي بمنزلة هارون من موسي؟

قلت: نعم.

قال: أما تعلم أنّ هارون أخو موسي لأبيه واُمّه؟

قلت: بلي.

قال: فعليّ عليه السلام کذلک؟

قلت: لا.

قال: وهارون نبيّ وليس عليّ کذلک، فما المنزلة الثالثة إلّا الخلافة، وهذا کما قال المنافقون: إنّه استخلفه استثقالاً له، فأراد أن يطيّب نفسه،[40] وهذا کما حکي اللَّه تعالي عن موسي عليه السلام حيث يقول لهارون: «اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ».[41] .

فقلت: إنّ موسي خلّف هارون في قومه وهو حيّ، ثمّ مضي إلي ميقات ربّه تعالي، وإنّ النبيّ صلي الله عليه و آله خلّف عليّاً عليه السلام حين خرج إلي غزاته.

فقال: أخبرني عن موسي حين خلّف هارون، أکان معه حيث مضي إلي ميقات ربّه عزّوجلّ أحد من أصحابه؟

فقلت: نعم.

قال: أوَليس قد استخلفه علي جميعهم؟

[صفحه 438]

قلت: بلي.

قال: فکذلک عليّ عليه السلام خلّفه النبيّ صلي الله عليه و آله حين خرج إلي غزاته في الضعفاء والنساء والصبيان إذ[42] کان أکثر قومه معه، وإن کان قد جعله خليفة علي جميعهم، والدليل علي أنّه جعله خليفة عليهم في حياته إذا غاب وبعد موته قوله صلي الله عليه و آله: «عليّ منّي بمنزلة هارون من موسي، إلّا أنّه لا نبيّ بعدي»، وهو وزير النبيّ صلي الله عليه و آله أيضاً بهذا القول؛ لأنّ موسي عليه السلام قد دعا اللَّه تعالي وقال فيما دعا: «وَ اجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي هَرُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ ي أَزْرِي وَ أَشْرِکْهُ فِي أَمْرِي»[43] فإذا کان عليّ عليه السلام منه صلي الله عليه و آله بمنزلة هارون من موسي فهو وزيره، کما کان هارون وزير موسي، وهو خليفته، کما کان هارون خليفة موسي عليه السلام.

ثمّ أقبل علي أصحاب النظر والکلام فقال: أسألکم أو تسألوني؟ فقالوا: بل نسألک. فقال: قولوا.

فقال قائل منهم: أليست إمامة عليّ عليه السلام من قبل اللَّه عزّ وجلّ، نُقلَ ذلک عن رسول اللَّه صلي الله عليه و آله من نقل الفرض مثل الظهر أربع رکعات، وفي مائتي درهم خمسة دراهم، والحجّ إلي مکّة؟ فقال: بلي.

قال: فما بالهم لم يختلفوا في جميع الفرض، واختلفوا في خلافة عليّ عليه السلام وحدها؟

قال المأمون: لأنّ جميع الفرض لا يقع فيه من التنافس والرغبة ما يقع في الخلافة.

[صفحه 439]

فقال آخر: ما أنکرت أن يکون النبيّ صلي الله عليه و آله أمرهم باختيار رجل منهم يقوم مقامه رأفة بهم ورقّة عليهم من غير أن يستخلف هو بنفسه فيُعصي خليفته، فينزل بهم العذاب؟

فقال: أنکرت ذلک من قِبَل أنّ اللَّه تعالي أرأف بخلقه من النبيّ صلي الله عليه و آله، وقد بعث نبيّه صلي الله عليه و آله إليهم وهو يعلم أنّ فيهم العاصي والمطيع،[44] فلم يمنعه تعالي ذلک من إرساله.

وعلّة اُخري: لو أمرهم باختيار رجل منهم کان لا يخلو من أن يأمرهم کلّهم أو بعضهم؛ فلو أمر الکلّ من کان المختار؟ ولو أمر بعضنا دون بعض کان لا يخلو من أن يکون علي هذا البعض علامة؛ فإن قلت: الفقهاء، فلابدّ من تحديد الفقيه وسِمته.

قال آخر: فقد روي أنّ النبيّ صلي الله عليه و آله قال: ما رآه المسلمون حسناً فهو عند اللَّه تعالي حسن، وما رأوه قبيحاً فهو عند اللَّه قبيح.

فقال: هذا القول لابدّ من أن يکون يريد کلّ المؤمنين أو البعض؛ فإن أراد الکلّ فهذا مفقود؛ لأنّ الکلّ لا يمکن اجتماعهم، وإن کان البعض فقد روي کلّ في صاحبه حسناً مثل رواية الشيعة في عليّ، ورواية الحشويّة في غيره، فمتي يثبت ما تريدون من الإمامة؟

قال آخر: فيجوز أن تزعم أنّ أصحاب محمّد صلي الله عليه و آله أخطأوا؟

قال: کيف نزعم أنّهم أخطأوا واجتمعوا علي ضلالة وهم لم يعلموا فرضاً ولا سنّة؛ لأ نّک تزعم أنّ الإمامة لا فرضٌ من اللَّه تعالي ولا سنّة من الرسول صلي الله عليه و آله،

[صفحه 440]

فکيف يکون فيما ليس عندک بفرض ولا سنّة خطأ.

قال آخر: إن کنت تدّعي لعليّ عليه السلام من الإمامة دون غيره، فهات بيّنتک علي ما تدّعي.

فقال: ما أنا بمدّعٍ ولکنّي مقرّ، ولا بيّنة علي مقرّ، والمدّعي من يزعم أنّ إليه التولية والعزل، وأنّ إليه الاختيار، والبيّنة لا تعري من أن تکون من شرکائه؛ فهم خصماء، أو تکون من غيرهم والغير معدوم، فکيف يؤتي بالبيّنة علي هذا؟

قال آخر: فما کان الواجب علي عليّ عليه السلام بعد مضيّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله؟

قال: ما فَعَلَه.

قال: أفما وجب أن يُعلم الناس أنّه إمام؟

فقال: إنّ الإمامة لا تکون بفعل منه في نفسه، ولا بفعل من الناس فيه من اختيار أو تفضيل أو غير ذلک، إنّما تکون[45] بفعل من اللَّه تعالي فيه، کما قال لإبراهيم عليه السلام: «إِنِّي جَاعِلُکَ لِلنَّاسِ إِمَامًا»،[46] وکما قال عزّ وجلّ لداود عليه السلام: «يَدَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَکَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ»،[47] وکما قال عزّ وجلّ للملائکة في آدم عليه السلام: «إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً»؛[48] فالإمام إنّما يکون إماماً من قبل اللَّه تعالي، وباختياره إيّاه في بدء الصنيعة، والتشريف في النسب، والطهارة في المنشأ، والعصمة في المستقبل، ولو کانت بفعل منه في نفسه کان من فعل ذلک الفعل

[صفحه 441]

مستحقّاً للإمامة، وإذا عمل خلافها اعتزل، فيکون خليفة قبل أفعاله.

قال آخر: فلِمَ أوجب الإمامة لعليّ عليه السلام بعد الرسول صلي الله عليه و آله؟

فقال: لخروجه من الطفوليّة إلي الإيمان کخروج النبيّ صلي الله عليه و آله من الطفوليّة إلي الإيمان والبراءة من ضلالة قومه عن الحجّة واجتنابه الشرک،[49] کبراءة النبيّ صلي الله عليه و آله من الضلالة واجتنابه للشرک؛ لأنّ الشرک ظلم، ولا يکون الظالم إماماً، ولا من عَبَد وثناً بإجماع، ومن شرک فقد حلّ من اللَّه تعالي محلّ أعدائه، فالحکم فيه الشهادة عليه بما اجتمعت عليه الاُمّة حتي يجي ء إجماع آخر مثله، ولأنّ من حکم عليه مرّة فلا يجوز أن يکون حاکماً، فيکون الحاکم محکوماً عليه، فلا يکون حينئذٍ فرق بين الحاکم والمحکوم عليه.

قال آخر: فلِمَ لم يقاتل عليّ عليه السلام أبابکر وعمر کما قاتل معاوية؟

فقال: المسألة محال؛ لأنّ «لِمَ» اقتضاء، و «لم يفعل» نفي، والنفي لا يکون له علّة، إنّما العلّة للإثبات، وإنّما يجب أن يُنظر في أمر عليّ عليه السلام أمن قبل اللَّه أم من قبل غيره؟ فإن صحّ أنّه من قبل اللَّه تعالي فالشکّ في تدبيره کفر؛ لقوله تعالي: «فَلَا وَرَبِّکَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّي يُحَکِّمُوکَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا».[50] فأفعال الفاعل تبع لأصله؛ فإن کان قيامه عن اللَّه تعالي فأفعاله عنه، وعلي الناس الرضا والتسليم، وقد ترک رسول اللَّه صلي الله عليه و آله القتال يوم الحديبيّة يوم صدّ المشرکون هديه عن البيت، فلمّا وجد الأعوان وقوي حارب، کما قال تعالي في الأوّل؛ «فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ»،[51] ثمّ قال عزّ وجلّ:

[صفحه 442]

«فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِکِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ کُلَّ مَرْصَدٍ».[52] .

قال آخر: إذا زعمت أنّ إمامة عليّ عليه السلام من قبل اللَّه تعالي، وأنّه مفترض الطاعة، فلِمَ لم يجز إلّا التبليغ والدعاء للأنبياء:، وجاز لعليّ أن يترک ما اُمر به من دعوة الناس إلي طاعته؟

فقال: من قبل أنّا لم نزعم أنّ علياً عليه السلام اُمر بالتبليغ فيکون رسولاً، ولکنّه عليه السلام وُضع عَلَماً بين اللَّه تعالي وبين خلقه؛ فمن تبعه کان مطيعاً، ومن خالفه کان عاصياً؛ فإن وجد أعواناً يتقوّي بهم جاهد، وإن لم يجد أعواناً فاللّوم عليهم لا عليه؛ لأ نّهم اُمروا بطاعته علي کلّ حال، ولم يؤمر هو بمجاهدتهم إلّا بقوّة، وهو بمنزلة البيت؛ علي الناس الحجّ إليه؛ فإذا حجّوا أدّوا ما عليهم، وإذا لم يفعلوا کانت اللائمة عليهم، لا علي البيت.

وقال آخر: إذا اُوجِب أنّه لابدّ من إمام مفترض الطاعة بالاضطرار، کيف يجب بالاضطرار أنّه عليّ عليه السلام دون غيره؟

فقال: من قِبَل أنّ اللَّه تعالي لا يفرض مجهولاً، ولا يکون المفروض ممتنعاً؛ إذ المجهول ممتنع، فلابدّ من دلالة الرسول صلي الله عليه و آله علي الفرض؛ ليقطع العذر بين اللَّه عزّ وجلّ وبين عباده، أرأيت لو فرض اللَّه تعالي علي الناس صوم شهر، ولم يعلم الناس أيّ شهر هو، ولم يوسَم بِوسم، وکان علي الناس استخراج ذلک بعقولهم، حتي يصيبوا ما أراد اللَّه تعالي، فيکون الناس حينئذٍ مستغنين عن الرسول المبيّن لهم، وعن الإمام الناقل خبر الرسول إليهم.

[صفحه 443]

وقال آخر: من أين أوجبت أنّ عليّاً عليه السلام کان بالغاً حين دعاه النبيّ صلي الله عليه و آله؟ فإنّ الناس يزعمون أنّه کان صبيّاً حين دُعي ، ولم يکن جاز عليه الحکم، ولا بلغ مبلغ الرجال.

فقال: من قبل أنّه لا يعري في ذلک الوقت من أن يکون ممّن اُرسل إليه النبيّ صلي الله عليه و آله ليدعوه؛ فإن کان کذلک فهو محتمل التکليف، قويّ علي أداء الفرائض. وإن کان ممّن لم يرسل إليه فقد لزم النبيّ صلي الله عليه و آله قول اللَّه عزّ وجلّ: «وَ لَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ»[53] [54] .وکان مع ذلک فقد کلّف النبيُّ صلي الله عليه و آله عباد اللَّه ما لا يطيقون عن اللَّه تبارک وتعالي، وهذا من المحال الذي يمتنع کونه، ولا يأمر به حکيم، ولا يدلّ عليه الرسول، تعالي اللَّه عن أن يأمر بالمحال، وجلّ الرسول من أن يأمر بخلاف ما يمکن کونه في حکمة الحکيم. فسکت القوم عند ذلک جميعاً.

فقال المأمون: قد سألتموني ونقضتم عليّ، أفأسألکم؟

قالوا: نعم.

قال: أليس قد روت الاُمّة بإجماع منها أنّ النبيّ صلي الله عليه و آله قال: من کذب عليّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار؟ قالوا: بلي. قال: ورووا عنه عليه السلام أنّه قال: من عصي اللَّه بمعصية صغرت أو کبرت ثمّ اتّخذها ديناً ومضي مصرّاً عليها فهو مخلّد بين أطباق الجحيم؟ قالوا: بلي.

قال: فخبّروني عن رجل تختاره الاُمّة فتنصبه خليفة، هل يجوز أن يقال له:

[صفحه 444]

خليفة رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، ومن قِبَل اللَّه عزّوجلّ ولم يستخلفه الرسول؟ فإن قلتم: نعم؛ فقد کابرتم، وإن قلتم: لا، وجب أنّ أبابکر لم يکن خليفة رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، ولا کان من قبل اللَّه عزّ وجلّ، وأنّکم تکذبون علي نبيّ اللَّه صلي الله عليه و آله؛ فإنّکم متعرّضون لأن تکونوا ممّن وسمه النبيّ صلي الله عليه و آله بدخول النار.

وخبّروني في أيّ قوليکم صدقتم؟ أفي قولکم: مضي عليه السلام ولم يستخلف، أو في قولکم لأبي بکر: يا خليفة رسول اللَّه صلي الله عليه و آله؟ فإن کنتم صدقتم في القولين، فهذا ما لا يمکن کونه؛ إذ کان متناقضاً، وإن کنتم صدقتم في أحدهما بطل الآخر.

فاتّقوا اللَّه، وانظروا لأنفسکم، ودعوا التقليد، وتجنّبوا الشبهات، فوَاللَّه ما يقبل اللَّه تعالي إلّا من عبدلا يأتي إلّا بما يعقل، ولا يدخل إلّا فيما يعلم أنّه حقّ، والريب شکٌّ، وإدمان الشکّ کفر باللَّه تعالي، وصاحبه في النار.

وخبّروني هل يجوز أن يبتاع أحدکم عبداً، فإذا ابتاعه صار مولاه، وصار المشتري عبده؟

قالوا: لا.

قال: کيف جاز أن يکون من اجتمعتم عليه أنتم لهواکم واستخلفتموه صار خليفة عليکم، وأنتم ولّيتموه؟ ألا کنتم أنتم الخلفاء عليه؟ بل تؤتون خليفة وتقولون: إنّه خليفة رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، ثمّ إذا سخطتم[55] عليه قتلتموه، کما فعل بعثمان بن عفان!

فقال قائل منهم: لأنّ الإمام وکيل المسلمين، إذا رضوا عنه ولّوه، وإذا سخطوا عليه عزلوه.

[صفحه 445]

قال: فلمن المسلمون والعباد والبلاد؟

قالوا: للَّه تعالي.

قال: فاللَّه[56] أولي أن يوکّل علي عباده وبلاده من غيره؛ لأنّ من إجماع الاُمّة أنّه من أحدث حدثاً في ملک غيره فهو ضامن، وليس له أن يُحدث، فإن فعل فآثم غارِم.[57] .

ثمّ قال: خبّروني عن النبيّ صلي الله عليه و آله هل استخلف حين مضي أم لا؟

فقالوا: لم يستخلف.

قال: فترْکه ذلک هدي أم ضلال؟

قالوا: هدي.

قال: فعلي الناس أن يتّبعوا الهدي ويترکوا الباطل ويتنکّبوا الضلال.

قالوا: قد فعلوا ذلک.

قال: فلِمَ استخلف الناسُ بعده وقد ترکه هو؟ فترْک فعله ضلال، ومحال أن يکون خلاف الهدي هدي، وإذا کان ترک الاستخلاف هدي، فلِمَ استَخلف أبوبکر ولم يفعله النبيّ صلي الله عليه و آله؟ ولِمَ جعل عمر الأمر بعده شوري بين المسلمين خلافاً علي صاحبه؟ لأ نّکم زعمتم أنّ النبيّ صلي الله عليه و آله لم يستخلف، وأنّ أبابکر استخلف، وعمر لم يترک الاستخلاف کما ترکه النبيّ صلي الله عليه و آله بزعمکم، ولم يستخلف کما فعل أبوبکر، وجاء بمعني ثالث، فخبّروني أيّ ذلک ترونه صواباً؟ فإن رأيتم

[صفحه 446]

فعل النبيّ صلي الله عليه و آله صواباً فقد خطّأتم[58] أبابکر، وکذلک القول في بقيّة الأقاويل.

وخبّروني أيّهما أفضل ، ما فعله النبيّ صلي الله عليه و آله بزعمکم من ترک الاستخلاف، أو ما صنعت طائفة من الاستخلاف؟

وخبّروني هل يجوز أن يکون ترکه من الرسول صلي الله عليه و آله هدي، وفعله من غيره هدي، فيکون هدي ضدّ هدي، فأين الضلال حينئذٍ؟

وخبّروني هل ولي أحد بعد النبيّ صلي الله عليه و آله باختيار الصحابة منذ قبض النبيّ صلي الله عليه و آله إلي اليوم؟ فإن قلتم: لا؛ فقد أوجبتم أنّ الناس کلّهم عملوا ضلالة بعد النبيّ صلي الله عليه و آله، وإن قلتم عم، کذّبتم الاُمّة وأبطل قولَکم الوجودُ الذي لا يُدفع.

وخبّروني عن قول اللَّه عزّ وجلّ: «قُل لِّمَن مَّا فِي السَّمَوَ تِ وَالْأَرْضِ قُل لِّلَّهِ»[59] أصدق هذا أم کذب؟

قالوا: صدق.

قال: أفلَيس ما سوي اللَّه للَّه؛ إذ کان محدثه ومالکه؟

قالوا: نعم.

قال: ففي هذا بطلان ما أوجبتم من اختيارکم خليفة تفترضون طاعته، وتسمّونه خليفة رسول اللَّه صلي الله عليه و آله وأنتم استخلفتموه وهو معزول عنکم إذا غضبتم عليه، وعمل بخلاف محبّتکم، ومقتول إذا أبي الاعتزال.

ويلکم! لا تفتروا علي اللَّه کذباً، فتلقوا وبال ذلک غداً إذا قمتم بين يَدي اللَّه

[صفحه 447]

تعالي ، وإذا وردتم علي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله وقد کذبتم عليه متعمّدين، وقد قال: من کذب عليّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار.

ثمّ استقبل القبلة ورفع يديه وقال: اللهمّ إنّي قد أرشدتهم، اللهمّ إنّي قد أخرجت ما وجب عليّ إخراجه من عنقي، اللهمّ إنّي لم أدَعهم في ريب ولا في شکّ، اللهمّ إنّي أدين بالتقرّب إليک بتقديم عليّ عليه السلام علي الخلق بعد نبيک محمّد صلي الله عليه و آله کما أمرنا به رسولک صلي الله عليه و آله.

قال: ثمّ افترقنا فلم نجتمع بعد ذلک حتي قبض المأمون.

قال محمّد بن أحمد بن يحيي بن عمران الأشعري: وفي حديث آخر:

قال: فسکت القوم، فقال لهم: لِمَ سکتّم؟ قالوا: لا ندري ما تقول.[60] قال: تکفيني هذه الحجّة عليکم. ثمّ أمر بإخراجهم.

قال: فخرجنا متحيّرين خجلين. ثمّ نظر المأمون إلي الفضل بن سهل فقال: هذا أقصي ما عند القوم، فلا يظنّ ظانّ أنّ جلالتي منعتهم من النقض عليّ.[61] .



صفحه 423، 424، 425، 426، 427، 428، 429، 430، 431، 432، 433، 434، 435، 436، 437، 438، 439، 440، 441، 442، 443، 444، 445، 446، 447.





  1. المأمون الخليفة العبّاسي: ولد سنة (170 ه) ومات سنة (218 ه) وله ثمان وأربعون سنة. وقرأ العلم والأدب والأخبار والعقليّات وعلوم الأوائل، وأمر بتعريب کتبهم (راجع سير أعلام النبلاء:72:272:10).
  2. في المصدر: «جمعنا»، والأنسب ما أثبتناه کما في بحارالأنوار.
  3. هو الذي حبس بوله (النهاية: 416:1).
  4. ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السياق.
  5. الواقعة: 35 تا 37.
  6. النساء: 163.
  7. الأحزاب: 7.
  8. الأنفال: 33.
  9. کذا في المصدر، والصحيح: «بِمَ».
  10. في المصدر: «فممّن»، والصحيح ما أثبتناه کما في بحارالأنوار.
  11. الواقعة: 10 و 11.
  12. في المصدر: «أم بإلهام»، والصحيح ما أثبتناه کما في بحارالأنوار.
  13. ص: 86.
  14. النجم: 3 و4.
  15. العَرِيْش: کلّ ما يستظلّ به (النهاية: 207:3).
  16. النساء: 95.
  17. الإنسان: 1.
  18. الإنسان: 8.
  19. الإنسان: 22.
  20. الإنسان: 9.
  21. الإنسان: 16.
  22. أنْجَشة: عبدٌ أسود، وکان حسن الصوت بالحداء، فحدا بأزواج النبيّ صلي الله عليه و آله في حجّة الوداع، فأسرعت الإبل، فقال النبيّ صلي الله عليه و آله الحديث (اُسد الغابة: 284:1).
  23. في المصدر: «يا إسحاق رويداً شوقک بالقوارير»، والصحيح ما أثبتناه کما في بحارالأنوار.
  24. إبراهيم: 17.
  25. أضفنا ما بين المعقوفين من بحارالأنوار.
  26. في المصدر: «خبّروني»، والصحيح ما أثبتناه کما في بحارالأنوار.
  27. التوبة: 40.
  28. الکهف: 37.
  29. المجادلة: 7.
  30. التوبة: 40.
  31. في المصدر: «من»، والصحيح ما أثبتناه کما في بحارالأنوار.
  32. التوبة: 40.
  33. في المصدر: «الصفة السکينة» وحذفنا «الصفة» کما في بحارالأنوار.
  34. التوبة: 25 و 26.
  35. سقط ما بين المعقوفين من المصدر، وأثبتناه من بحارالأنوار.
  36. في المصدر: «غدرتنا»، والصحيح ما أثبتناه کما في بحارالأنوار.
  37. موضع بالشام، حيث التقت جيوش المسلمين وهِرَقل، وقُتل فيه ذو الجناحين جعفر بن أبي طالب (تاج العروس: 131:3).
  38. في المصدر: «خمسة عشر»، والصحيح ما أثبتناه کما في بحارالأنوار.
  39. التوبة: 31.
  40. في المصدر: «بنفسه»، وما أثبتناه من بحارالأنوار.
  41. الأعراف: 142.
  42. في المصدر: «إذا»، والصحيح ما أثبتناه کما في بحارالأنوار.
  43. طه: 29 تا 32.
  44. في المصدر: «عاص ومطيع»، والصحيح ما أثبتناه کما في بحارالأنوار.
  45. في المصدر: «وإنّها يکون»، والصحيح ما أثبتناه کما في بحارالأنوار.
  46. البقرة: 124.
  47. ص: 26.
  48. البقرة: 30.
  49. في المصدر: «لشرک»، والصحيح ما أثبتناه کما في بحارالأنوار.
  50. النساء: 65.
  51. الحِجر: 85.
  52. التوبة: 5.
  53. الوتين: عرق يسقي الکَبِد، وإذا انقطع مات صاحبه (مفردات ألفاظ القرآن: 852).
  54. الحاقّة: 44 تا 46.
  55. في المصدر: «أسخطتم»، وما أثبتناه من بحارالأنوار.
  56. في المصدر: «فوَاللَّه» بدل «قال: فاللَّه»، والمناسب ما أثبتناه کما في بحارالأنوار.
  57. الغارِم: الذي يلتزم ما ضَمِنه وتکفّل به ويؤدّيه. والغُرم: أداء شي ء لازم (النهاية: 363:3).
  58. في المصدر: «أخطأتم»، والصحيح ما أثبتناه کما في بحارالأنوار.
  59. الأنعام: 12.
  60. في بحارالأنوار: «نقول» وهو أظهر.
  61. عيون أخبار الرضا:2:185:2، بحارالأنوار: 2:189:49 وراجع العقد الفريد: 74:4.