سَعدُ بنُ أبي وَقَّاص











سَعدُ بنُ أبي وَقَّاص



3805- صحيح مسلم عن عامر بن سعد بن أبي وقّاص عن أبيه: أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال: ما منَعک أن تسبّ أباالتراب؟

فقال: أمّا ما ذکرتُ ثلاثاً قالهنّ له رسول اللَّه صلي الله عليه و آله فلن أسبّه، لَأن تکون لي واحدة منهنّ أحبّ إليّ من حُمْر النَّعَم:[1] .

سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول له، خلَّفه في بعض مغازيه، فقال له عليّ عليه السلام: يا رسول اللَّه، خلّفتني مع النساء والصبيان؟! فقال له رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: أما ترضي أن تکون منّي بمنزلة هارون من موسي إلّا أنّه لا نبوّة بعدي؟!

[صفحه 315]

وسمعته يقول يوم خيبر: لاُعطينّ الراية رجلاً يحبّ اللَّه ورسوله، ويحبّه اللَّه ورسوله. قال: فتطاولنا لها، فقال صلي الله عليه و آله: ادعوا لي عليّاً، فاُتي به أرمد، فبصق في عينه ودفع الراية إليه، ففتح اللَّه عليه.

ولمّا نزلت هذه الآية: «فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَآءَنَا وَأَبْنَآءَکُمْ»[2] دعا رسول اللَّه صلي الله عليه و آله عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً عليهم السلام فقال: اللهمّ هؤلاء أهلي.[3] .

3806- المستدرک علي الصحيحين عن عامر بن سعد: قال معاوية لسعد بن أبي وقّاص: ما يمنعک أن تسبّ ابن أبي طالب؟

قال: فقال: لا أسبّ ما ذکرتُ ثلاثاً قالهنّ له رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، لأن تکون لي واحدة منهنّ أحبّ إليّ من حُمْر النَّعم.

قال له معاوية: ما هنّ يا أباإسحاق؟.

قال: لا أسبّه ما ذکرتُ حين نزل عليه الوحي، فأخذ عليّاً وابنيه وفاطمة عليهم السلام فأدخلهم تحت ثوبه، ثمّ قال: ربّ، إنّ هؤلاء أهل بيتي.

ولا أسبّه ما ذکرتُ حين خلّفه في غزوة تبوک غزاها رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، فقال له عليّ عليه السلام: خلّفتني مع الصبيان والنساء؟! قال: ألا ترضي أن تکون منّي بمنزلة هارون من موسي إلّا أنّه لا نبوّة بعدي؟!

ولا أسبّه ما ذکرتُ يوم خيبر قال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: لاُعطينّ هذه الراية رجلاً

[صفحه 316]

يحبّ اللَّه ورسوله، ويفتح اللَّه علي يديه. فتطاولنا لرسول اللَّه صلي الله عليه و آله، فقال: أين عليّ؟ قالوا: هو أرمد، فقال صلي الله عليه و آله: ادعوه، فدعوه فبصق في وجهه، ثمّ أعطاه الراية، ففتح اللَّه عليه.

قال: فلا واللَّه، ما ذکره معاوية بحرف حتي خرج من المدينة.[4] .

3807- خصائص أميرالمؤمنين عن أبي نجيح: أنّ معاوية ذکر عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فقال سعد بن أبي وقّاص: واللَّه لأن تکون لي إحدي خلاله الثلاث أحبّ إليّ من أن تکون لي ما طلعت عليه الشمس:

لأن يکون قال لي ما قال له حين ردّه من تبوک: «أما ترضي أن تکون منّي بمنزلة هارون من موسي إلّا أنّه لا نبيّ من بعدي؟!»، أحبّ إليّ من أن يکون لي ما طلعت عليه الشمس!

ولأن يکون قال لي ما قال له يوم خيبر: «لاُعطينّ الراية غداً رجلاً يحبّ اللَّه ورسوله، ويحبّه اللَّه ورسوله، يفتح اللَّه تعالي علي يديه، ليس بفرّار» أحبّ إليّ من أن يکون لي ما طلعت عليه الشمس!

ولأن أکون کنت صهره علي ابنته، ولي منها الولد منها ما له، أحبّ إليّ من أن يکون لي ما طلعت عليه الشمس![5] .

3808- مجمع الزوائد عن محمّد بن إبراهيم التيمي: إنّ فلاناً دخل المدينة حاجّاً، فأتاه الناس يسلّمون عليه، فدخل سعد فسلّم، فقال: وهذا لم يُعِنّا علي حقّنا

[صفحه 317]

علي باطل غيرنا.

قال: فسکت عنه ساعة، فقال: ما لک لا تتکلّم؟

فقال: هاجت فتنة وظلمة فقلت لبعيري: إخ إخ، فأنخت حتي انجلت.

فقال رجل: إنّي قرأت کتاب اللَّه من أوّله إلي آخره فلم أرَ فيه إخ إخ.

قال: فغضب سعد، فقال: أما إذ قلت ذاک فإنّي سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: عليّ مع الحقّ- أو الحقّ مع عليّ- حيث کان.

قال: من سمع ذلک معک؟

قال: قاله في بيت اُمّ سلمة.

قال: فأرسل إلي اُمّ سلمة فسألها، فقالت: قد قاله رسول اللَّه صلي الله عليه و آله في بيتي. فقال الرجل لسعد: ما کنتَ عندي قطّ ألوَم منک الآن!

فقال: ولِمَ؟

قال: لو سمعتُ هذا من النبيّ صلي الله عليه و آله لم أزل خادماً لعليّ عليه السلام حتي أموت!![6] .

3809- المناقب لابن شهر آشوب: دخل سعد بن أبي وقّاص علي معاوية بعد مصالحة الحسن عليه السلام، فقال معاوية: مرحباً بمن لايعرف حقّاً فيتّبعه ولا باطلاً فيجتنبه!

فقال: أردتَ أن اُعينک علي عليّ عليه السلام بعدما سمعت النبيّ صلي الله عليه و آله يقول لابنته فاطمة عليهاالسلام: أنت خير الناس أباً وبعلاً!.[7] .

[صفحه 318]

3810- تاريخ دمشق عن الحارث بن مالک: أتيت مکّة، فلقيت سعد بن أبي وقّاص، فقلت: هل سمعت لعليّ عليه السلام منقبة؟

قال: قد شهدت له أربعاً، لأن تکون لي واحدة منهنّ أحبّ إليّ من الدنيا اُعمّر فيها مثل عمر نوح عليه السلام:

إنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله بعث أبابکر ب «براءة» إلي مشرکي قريش، فسار بها يوماً وليلة، ثمّ قال لعليّ عليه السلام: «اتبع أبابکر فخذها فبلِّغها، ورُدّ عليَّ أبابکر» فرجع أبو بکر، فقال: يا رسول اللَّه، أَنَزل بي شي ء؟ قال صلي الله عليه و آله: لا، إلّا خير، إلّا أنّه ليس يبلّغ عنّي إلّا أنا أو رجل منّي- أو قال: من أهل بيتي-.

قال: فکنّا مع النبيّ صلي الله عليه و آله في المسجد، فنودي فينا ليلاً: ليخرج من المسجد إلّا آل رسول اللَّه صلي الله عليه و آله وآل عليّ عليه السلام، قال: فخرجنا نجرّ نعالنا، فلمّا أصبحنا أتي العبّاس النبيّ صلي الله عليه و آله فقال: يا رسول اللَّه، أخرجتَ أعمامک وأصحابک وأسکنت هذا الغلام؟!

فقال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: ما أنا أمرت بإخراجکم ولا إسکان هذا الغلام، إنّ اللَّه هو أمر به.

قال: والثالثة: أنّ نبيّ اللَّه صلي الله عليه و آله بعث عمر[8] وسعداً إلي خيبر، فخرج سعد ورجع عمر، فقال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: لاُعطينّ الراية رجلاً يحبّ اللَّه ورسوله، ويحبّه اللَّه ورسوله- في ثناء کثير أخشي أن اُخطئ بعضه- فدعا عليّاً عليه السلام، فقالوا له: إنّه أرمد، فجي ء به يقاد، فقال صلي الله عليه و آله له: افتح عينيک، فقال عليه السلام: لا أستطيع. قال: فتفل في عينيه من ريقه، ودلکها بإبهامه، وأعطاه الراية.

[صفحه 319]

والرابعة: يوم غدير خمّ؛ قام رسول اللَّه صلي الله عليه و آله فأبلغ، ثمّ قال: يا أيّها الناس! ألست أولي بالمؤمنين من أنفسهم؟- ثلاث مرّات- قالوا: بلي. قال صلي الله عليه و آله: ادنُ يا عليّ، فرفع يده، ورفع رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يده، حتي نظرت إلي بياض إبطيه، فقال: من کنت مولاه فعليّ مولاه- حتي قالها ثلاث مرّات-.

والخامسة من مناقبه: أنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله غزا علي ناقته الحمراء، وخلّف عليّاً عليه السلام، فنَفِست[9] ذلک عليه قريش، وقالوا: إنّه إنّما خُلّف أنّه استثقله، وکره صحبته.

فبلغ ذلک عليّاً عليه السلام، قال: فجاء حتي أخذ بغرز الناقة[10] فقال عليّ: زعمت قريش أنّک إنّما خلّفتني أنّک تستثقلني وکرهت صحبتي! قال: وبکي عليّ عليه السلام.

قال: فنادي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله في الناس، فاجتمعوا، ثمّ قال: أيّها الناس! ما منکم أحد إلّا وله حامّة،[11] أما ترضي ابنَ أبي طالب أن تکون منّي بمنزلة هارون من موسي إلّا أنّه لا نبيّ بعدي؟!

فقال عليّ عليه السلام: رضيت عن اللَّه ورسوله.[12] .

3811- المستدرک علي الصحيحين عن خيثمة بن عبدالرحمن: سمعت سعد بن مالک،[13] وقال له رجل: إنّ عليّاً يقع فيک أنّک تخلّفت عنه! فقال سعد: واللَّه إنّه

[صفحه 320]

لرأي رأيته، وأخطأ رأيي، إنّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام اُعطي ثلاثاً، لأن أکون اُعطيت إحداهنّ أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها:

لقد قال له رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يوم غدير خمّ بعد حمد اللَّه والثناء عليه: هل تعلمون أنّي أولي بالمؤمنين؟ قلنا: نعم. قال صلي الله عليه و آله: اللهمّ من کنت مولاه فعليّ مولاه؛ والِ من والاه، وعادِ من عاداه.

وجي ء به يوم خيبر وهو أرمد ما يبصر، فقال: يا رسول اللَّه، إنّي أرمد، فتفل في عينيه ودعا له، فلم يرمد حتي قتل، وفتح عليه خيبر.

وأخرج رسول اللَّه صلي الله عليه و آله عمّه العبّاس وغيره من المسجد، فقال له العبّاس: تخرجنا ونحن عصبتک وعمومتک، وتسکن عليّاً؟! فقال صلي الله عليه و آله: ما أنا أخرجتکم وأسکنته، ولکنّ اللَّه أخرجکم وأسکنه.[14] .

3812- المستدرک علي الصحيحين عن قيس بن أبي حازم: کنت بالمدينة، فبينا أنا أطوف في السوق إذ بلغت أحجار الزيت، فرأيت قوماً مجتمعين علي فارس قد رکب دابةً وهو يشتم عليّ بن أبي طالب عليه السلام والناس وقوف حواليه، إذ أقبل سعد بن أبي وقّاص فوقف عليهم، فقال: ما هذا؟ فقالوا: رجل يشتم عليّ بن أبي طالب عليه السلام.

فتقدّم سعد، فأفرجوا له حتي وقف عليه، فقال: يا هذا! علامَ تشتم عليّ بن أبي طالب عليه السلام؟ ألم يکن أوّل من أسلم؟! ألم يکن أوّل من صلّي مع رسول اللَّه صلي الله عليه و آله؟! ألم يکن أزهد الناس؟! ألم يکن أعلم الناس؟! وذکر حتي قال:

[صفحه 321]

ألم يکن ختن رسول اللَّه صلي الله عليه و آله علي ابنته؟! ألم يکن صاحب راية رسول اللَّه صلي الله عليه و آله في غزواته؟!

ثمّ استقبل القبلة ورفع يديه وقال: اللهمّ إنّ هذا يشتم وليّاً من أوليائک، فلا تفرّق هذا الجمع حتي تريهم قدرتک!

قال قيس: فوَاللَّه ما تفرّقنا حتي ساخت به دابّته، فرمته علي هامته في تلک الأحجار، فانفلق دماغه ومات![15] .

3813- تاريخ اليعقوبي عن سعد بن أبي وقّاص: إنّ عمر لم يُدخِل في الشوري إلّا من تحلّ له الخلافة، فلم يکن أحد منّا أحقّ بها من صاحبه إلّا باجتماعنا عليه، غير أنّ عليّاً قد کان فيه ما فينا، ولم يکن فينا ما فيه.[16] .

راجع: القسم الخامس عشر/خيبة آمال أعدائه/انکار سبّه/سعد بن أبي وقّاص.

القسم الثاني/الدور المصيري في فتح خيبر.

القسم الخامس/بيعة النور/هويّة عدّة ممّن تخلّف عن بيعته/سعد بن أبي وقّاص.



صفحه 315، 316، 317، 318، 319، 320، 321.





  1. هي الإبل الحُمْر، وهي أنفَس أموال النَّعَم وأقواها وأجلدها، فجُعلت کنايةً عن خير الدنيا کلّه (مجمع البحرين: 453:1).
  2. آل عمران: 61.
  3. صحيح مسلم: 32:1871:4، سنن الترمذي: 3724:638:5، خصائص أميرالمؤمنين للنسائي: 9:44 وفيه «آية التطهير» بدل «آية المباهلة»، البداية والنهاية: 340:7 عن إبراهيم بن سعد بن أبي وقّاص عن أبيه.
  4. المستدرک علي الصحيحين: 4575:117:3، مسند البزّار: 1120:324:3، خصائص أمير المؤمنين للنسائي: 55:119.
  5. خصائص أميرالمؤمنين للنسائي: 126:233، البداية والنهاية: 341:7 نحوه.
  6. مجمع الزوائد: 12031:476:7، تاريخ دمشق: 360:20 عن عبيد اللَّه بن عبداللَّه المديني؛ المناقب للکوفي: 330:422:1 عن المنهال بن عمرو وکلاهما نحوه.
  7. المناقب لابن شهر آشوب: 70:3، الصراط المستقيم: 70:2.
  8. في المصدر: «عمراً».
  9. نَفِسْتُ عليه الشي ءَ: إذا لم تَرَه له أهلاً (النهاية: 95:5).
  10. الغَرْز: رِکاب کُور الجَمل إذا کان من جِلْد أو خَشَب. وقيل: هو الکُور مطلقاً، مثل الرکاب للسَّرج (النهاية: 359:3).
  11. حامّة الإنسان: خاصَّته ومن يقرُب منه. وهو الحَميم أيضاً (النهاية: 446:1).
  12. تاريخ دمشق: 8482:116:42 تا 8485، کفاية الطالب: 285؛ بشارة المصطفي: 204 وراجع الخصال: 87:311.
  13. هو سعد بن أبي وقّاص، واسم أبي وقّاص: مالک (اُسد الغابة: 2038:452:2).
  14. المستدرک علي الصحيحين: 4601:126:3 وراجع السنّة لابن أبي عاصم: 1384:595:2، والمناقب للکوفي: 878:401:2.
  15. المستدرک علي الصحيحين: 6121:571:3؛ المناقب للکوفي: 212:291:1 عن السدي نحوه.
  16. تاريخ اليعقوبي: 187:2، وقعة صفّين: 75؛ شرح نهج البلاغة: 114:3.