فاطمة بنت رسول اللَّه











فاطمة بنت رسول اللَّه



3702- فاطمة بنت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله- من کلام لها بعد وفاة أبيها صلي الله عليه و آله لمّا دخلت علي أبي بکر وهو في حشد من المهاجرين والأنصار وغيرهم-: أيّها الناس اعلموا: أنّي فاطمة، وأبي محمّد صلي الله عليه و آله، أقول عوداً وبدواً، ولا أقول ما أقول غلطاً، ولا أفعل ما أفعل شططاً،[1] «لَقَدْ جَآءَکُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِکُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْکُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ»،[2] فإن تعزّوه وتعرفوه تجدوه أبي دون نسائکم، وأخا ابن عمّي دون رجالکم...

[صفحه 264]

فأنقذکم اللَّه تبارک وتعالي بأبي محمّد صلي الله عليه و آله بعد اللتيّا والتي،[3] وبعد أن مُني ببُهَم[4] الرجال وذؤبان العرب ومردة أهل الکتاب، کلّما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها اللَّه، أو نجم قرن الشيطان، أو فغرت[5] فاغرة من المشرکين قذف أخاه في لهواتها،[6] فلا ينکفئ حتي يطأ صماخها[7] بأخمصه،[8] ويُخمد لهبها بسيفه، مکدوداً في ذات اللَّه، مجتهداً في أمر اللَّه، قريباً من رسول اللَّه، سيّداً في أولياء اللَّه، مشمّراً، ناصحاً، مجدّاً، کادحاً، لا تأخذه في اللَّه لومة لائم.[9] .

3703- عنها عليهاالسلام- خطاباً لقوم وقفوا خلف باب بيتها لأخذ البيعة من الإمام علي عليه السلام-: لا عهد لي بقوم أسوأ محضراً منکم؛ ترکتم رسول اللَّه صلي الله عليه و آله جنازة بين أيدينا، وقطعتم أمرکم فيما بينکم، ولم تؤمّرونا، ولم تروا لنا حقّاً، کأنّکم لم تعلموا ما قال يوم غدير خمّ! واللَّه لقد عقد له يومئذٍ الولاء؛ ليقطع منکم بذلک منها الرجاء، ولکنّکم قطعتم الأسباب بينکم وبين نبيّکم، واللَّه حسيب بيننا وبينکم في الدنيا والآخرة.[10] .

[صفحه 265]

3704- الأمالي للطوسي عن ابن عبّاس: دخلت نسوة من المهاجرين والأنصار علي فاطمة بنت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يعُدنَها في علّتها، فقلن لها: السلام عليکِ يا بنت رسول اللَّه، کيف أصبحتِ؟ فقالت: أصبحتُ واللَّه عائفة[11] لدنياکنّ، قالية[12] لرجالکنّ، لفظتهم[13] بعد إذ عجمتهم،[14] وسئمتهم بعد إذ سَبرتهم،[15] فقُبحاً لاُفون الرأي[16] وخطل القول[17] وخور القناة،[18] و«لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَلِدُونَ»،[19] ولا جرم واللَّه لقد قلّدتهم ربقتها،[20] وشننت[21] عليهم عارها، فجدعاً ورغماً للقوم الظالمين.

ويحهم! أنّي زحزحوها عن أبي الحسن! ما نقموا واللَّه منه إلّا نکير سيفه، ونکال وقعه، وتنمّره[22] في ذات اللَّه، وتاللَّه لو تکافّوا عليه عن زِمام نَبذَه إليه

[صفحه 266]

رسول اللَّه صلي الله عليه و آله لاعتلقه، ثمّ لسار بهم سيراً سجحاً،[23] فإنّه قواعد الرسالة، ورواسي النبوّة، ومهبط الروح الأمين، والبطين بأمر الدين في الدنيا والآخرة: «أَلَا ذَ لِکَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ».[24] .

واللَّه لا يکتلم[25] خشاشه،[26] ولا يتعتع راکبه،[27] ولأوردهم منهلاً رويّاً فضفاضاً،[28] تطفح ضفته، ولأصدرهم بطاناً قد خثر[29] بهم الريّ، غير متحلٍّ بطائل[30] إلّا بغمر الناهل[31] وردع سورة[32] الساغب،[33] ولفتحت عليهم برکات من السماء والأرض، وسيأخذهم اللَّه بما کانوا يکسبون.

فهلمّ فاسمع، فما عشت أراک الدهر العجب، وإن تعجب بعد الحادث، فما بالهم بأيّ سندٍ استندوا أم بأيّة عروةٍ تمسّکوا؟ «لَبِئْسَ الْمَوْلَي وَ لَبِئْسَ الْعَشِيرُ»[34] و«بِئْسَ لِلظَّلِمِينَ بَدَلًا».[35] .

[صفحه 267]

استبدلوا الذنابي بالقوادم، والحرون[36] بالقاحم،[37] والعجز بالکاهل،[38] فتعساً لقوم «يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا»[39] «أَلَآ إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَ لَکِن لَّا يَشْعُرُونَ »[40] «أَفَمَن يَهْدِي إِلَي الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لَّا يَهِدِّي إِلَّآ أَن يُهْدَي فَمَا لَکُمْ کَيْفَ تَحْکُمُونَ».[41] .

لقحت فنَظِرة ريثما تنتج، ثمّ احتلبوا طلاع القعب[42] دماً عبيطاً[43] وذُعافاً[44] ممضّاً،[45] هنالک يخسر المبطلون ويعرف التالون غبّ[46] ما أسّس الأوّلون، ثمّ طيبوا بعد ذلک عن أنفسکم لفتنتها، ثمّ اطمئنّوا للفتنة جأشاً،[47] وأبشروا بسيفٍ صارم، وهرجٍ دائمٍ شامل، واستبدادٍ من الظالمين، يدع فيئکم زهيداً، وجمعکم حصيداً، فيا حسرة لهم وقد عميت عليهم الأنباء «أَنُلْزِمُکُمُوهَا وَ أَنتُمْ لَهَاکَرِهُونَ».[48] [49] .

[صفحه 268]



صفحه 264، 265، 266، 267، 268.





  1. الشطط: مجاوزة القدر في کلّ شي ء (المحيط في اللغة: 250:7).
  2. التوبة: 128.
  3. بعد اللتيّا والتي: قيل: هما کنايتان عن الشدائد المتعاقبة يکنّي بها عنها، فهي کالمَثَل (مجمع البحرين: 1620:3).
  4. بُهَم: جمع البُهْمة وهوالشجاع، وقيل: هوالفارس الذي لايُدري من أين يُؤتي له من شدّة بأسه (لسان العرب:58:12).
  5. فَغَر فاهُ: فَتَحه وشَحاه (لسان العرب: 59:5).
  6. اللهْوة: ما ألقيتَ في فم الرحي من الحبوب للطحن (لسان العرب: 261:15).
  7. الصماخ: خرق الاُذن الذي يفضي إلي الرأس (مجمع البحرين: 1049:2).
  8. الأخمص: باطن القدم وما رقّ من أسفلها وتجافي عن الأرض (لسان العرب: 30:7).
  9. الاحتجاج: 49:259:1 عن عبد اللَّه بن الحسن بإسناده عن آبائه عليهم السلام، شرح الأخبار: 974:34:3 نحوه.
  10. الاحتجاج: 37:202:1 عن عبد اللَّه بن عبد الرحمن، بحارالأنوار: 3:205:28.
  11. العائف: الکاره للشي ء، المتقذّر له (لسان العرب: 260:9).
  12. قليته: أبغضته وکرهته غاية الکراهة فترکته (لسان العرب: 198:15).
  13. لفظت الشي ء من فمي: رميته (لسان العرب: 461:7).
  14. يعجمه: أي يلوکه ويعضّه (النهاية: 187:3).
  15. أسبُره: أختَبِرُه وأعتبره (النهاية: 333:2).
  16. الأفن: النقص (النهاية: 57:1).
  17. الخَطَل: المنطق الفاسد (النهاية: 50:2).
  18. خارَ الرجل: ضعف وانکسر. والقناة: الرمح (لسان العرب: 262:4 و ج 203:15).
  19. المائدة: 80.
  20. الربقة في الأصل: عروة في حبل تجعل في عنق البهيمة أو يدها تمسکها (النهاية: 190:2)أي جعلت إثمها لازمة لرقابهم کالقلائد.
  21. شنّ الماء: صبّه وفرّقه (لسان العرب: 242:13).
  22. نمّر وجهه: أي غيّره وعبّسه (لسان العرب: 235:5).
  23. السُّجُح: السهلة (النهاية: 342:2).
  24. الزمر: 15.
  25. يَکلِمهم: يجرحهم، والکِلام الجراح (لسان العرب: 525:12).
  26. الخشاش: عُوَيد يجعل في أنف البعير يُشدّ به الزمام ليکون أسرع لانقياده (النهاية: 33:2).
  27. لا يتعتع راکبه: لا يصيبه أذي يقلقه ويزعجه (النهاية: 190:1).
  28. الفَضْفاض: الکثير الواسع (لسان العرب: 209:7).
  29. خثر: أي ثقل. يقال: خَثَرت نفسُه: أي غثت وثقلت واختلطت (لسان العرب: 230:4).
  30. لم يحلَ منه بطائل: أي لم يستفد منه کبير فائدة (الصحاح: 2319:6).
  31. الغمر: الماء الکثير، والناهل: الذي قد شرب وروي (لسان العرب: 29:5 و ج 681:11).
  32. سَورة الخمر وغيرها: شدّتها (مجمع البحرين: 906:2).
  33. الساغب: الجائع (النهاية: 371:2).
  34. الحجّ: 13.
  35. الکهف: 50.
  36. حرونٌ من خيلٍ حُرُنٍ: لا ينقاد، إذا اشتدّ به الجري وقف (لسان العرب: 110:13).
  37. القاحم: الکبير الذي أقحمته السنّ، تراه قد هرم (لسان العرب: 462:12).
  38. الکاهل: مقدّم أعلي الظهر (النهاية: 214:4).
  39. الکهف: 104.
  40. البقرة: 12.
  41. يونس: 35.
  42. طلاع الشي ء: ملؤه. والقعب: القدح الضخم (لسان العرب: 235:8 و ج 683:1).
  43. العبيط: الطريّ (لسان العرب: 348:7).
  44. سمٌّ ذُعاف: قاتل (لسان العرب: 109:9).
  45. مضّني الجرح: آلمني وأوجعني (لسان العرب: 233:7).
  46. غبّ الأمر: عاقبته وآخره (لسان العرب: 634:1).
  47. الجأْش: النفس، وقيل: القلب (لسان العرب: 269:6).
  48. هود: 28.
  49. الأمالي للطوسي: 804:374 وراجع معاني الأخبار: 1:354 والاحتجاج: 50:286:1 ونثر الدرّ: 13:4 وشرح نهج البلاغة: 233:16 وبلاغات النساء: 32.