لي سبعون منقبة











لي سبعون منقبة



3662- الخصال عن مکحول: قال أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام: لقد علم المستحفظون من أصحاب النبيّ محمّد صلي الله عليه و آله أنّه ليس فيهم رجلٌ له منقبة إلّا وقد شرکتُه فيها وفضلته،[1] ولي سبعون منقبة لم يشرکني فيها أحدٌ منهم. قلت: يا أمير المؤمنين، فأخبرني بهنّ.

فقال عليه السلام: إنّ أوّل منقبة لي: أنّي لم اُشرک باللَّه طرفة عين، ولم أعبداللات والعزّي.

والثانية: أنّي لم أشرب الخمر قطّ. والثالثة: أنّ رسول اللَّه استوهبني عن أبي في صبائي، وکنت أکيله وشريبه ومونسه ومحدّثه.

والرابعة: أنّي أوّل الناس إيماناً وإسلاماً.

والخامسة: أنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله قال لي: يا عليّ، أنت منّي بمنزلة هارون من موسي، إلّا أنّه لا نبيّ بعدي.

والسادسة: أنّي کنت آخر الناس عهداً برسول اللَّه، ودليته في حفرته.

والسابعة: أنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله أنامني علي فراشه حيث ذهب إلي الغار، وسجّاني ببرده، فلمّا جاء المشرکون ظنّوني محمّداً صلي الله عليه و آله فأيقظوني، وقالوا: ما فعل صاحبک؟ فقلت: ذهب في حاجته، فقالوا: لو کان هرب لهرب هذا معه.

[صفحه 235]

وأمّا الثامنة: فإنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله علّمني ألف باب من العلم، يفتح کلّ باب ألف باب، ولم يعلّم ذلک أحداً غيري.

وأمّا التاسعة: فإنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله قال لي: يا عليّ، إذا حشر اللَّه عزّ وجلّ الأوّلين والآخرين نُصب لي منبر فوق منابر النبيّين، ونُصب لک منبر فوق منابر الوصيّين فتر تقي عليه.

وأمّا العاشرة فإنّي سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: يا عليّ، لا اُعطي في القيامة إلّا سألت لک مثله.

وأمّا الحادية عشرة: فإنّي سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: يا عليّ، أنت أخي وأنا أخوک، يدک في يدي حتي تدخل الجنّة.

وأمّا الثانية عشرة: فإنّي سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: يا عليّ، مَثلک في اُمّتي کمَثل سفينة نوح؛ من رکبها نجا، ومن تخلّف عنها غرق.

وأمّا الثالثة عشرة: فإنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله عمّمني بعمامة نفسه بيده، ودعا لي بدعوات النصر علي أعداء اللَّه، فهزمتهم بإذن اللَّه عزّ وجلّ.

وأمّا الرابعة عشرة: فإنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله أمرني أن أمسح يدي علي ضرع شاة قد يبس ضرعها، فقلت: يا رسول اللَّه، بل امسح أنت. فقال: يا عليّ، فعلک فعلي. فمسحتُ عليها يدي، فدرّ عليَّ من لبنها، فسقيت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله شربة، ثمّ أتت عجوزة فشکت الظمأ فسقيتها، فقال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: إنّي سألت اللَّه عزّ وجلّ أن يبارک في يدک، ففَعل.

وأمّا الخامسة عشرة: فإنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله أوصي إليّ وقال: يا عليّ، لا يلي غسلي غيرک، ولا يواري عورتي غيرک؛ فإنّه إن رأي أحدٌ عورتي غيرک تفقّأت

[صفحه 236]

عيناه. فقلت له: کيف لي بتقليبک يا رسول اللَّه؟ فقال: إنّک ستعان، فوَاللَّه ما أردت أن اُقلّب عضواً من أعضائه إلّا قُلب لي.

وأمّا السادسة عشرة: فإنّي أردت أن اُجرّده، فنوديت: يا وصيّ محمّد، لا تجرّده فغسِّله والقميص عليه، فلا واللَّه الذي أکرمه بالنبوّة وخصّه بالرسالة ما رأيت له عورة، خصّني اللَّه بذلک من بين أصحابه.

وأمّا السابعة عشرة: فإنّ اللَّه عزّ وجلّ زوّجني فاطمة، وقد کان خطبها أبو بکر وعمر، فزوّجني اللَّه من فوق سبع سماواته، فقال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: هنيئاً لک يا عليّ؛ فإنّ اللَّه عزّ وجلّ زوّجک فاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة، وهي بضعة منّي. فقلت: يا رسول اللَّه، أوَلستُ منک؟ فقال: بلي، يا عليّ وأنت منّي وأنا منک کيميني من شمالي، لا أستغني عنک في الدنيا والآخرة.

وأمّا الثامنة عشرة: فإنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله قال لي: يا عليّ، أنت صاحب لواء الحمد في الآخرة، وأنت يوم القيامة أقرب الخلائق منّي مجلساً، يبسط لي، ويبسط لک، فأکون في زمرة النبيّين، وتکون في زمرة الوصيّين، ويوضع علي رأسک تاج النور وإکليل الکرامة، يحفّ بک سبعون ألف ملک حتي يفرغ اللَّه عزّ وجلّ من حساب الخلائق.

وأمّا التاسعة عشرة: فإنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله قال: ستقاتل الناکثين والقاسطين والمارقين، فمن قاتلک منهم فإنّ لک بکلّ رجل منهم شفاعة في مائة ألف من شيعتک. فقلت: يا رسول اللَّه، فمن الناکثون؟ قال: طلحة والزبير، سيبايعانک بالحجاز، وينکثانک بالعراق، فإذا فعلا ذلک فحاربهما؛ فإنّ في قتالهما طهارة لأهل الأرض. قلت: فمن القاسطون؟ قال: معاوية وأصحابه. قلت: فمن المارقون؟ قال: أصحاب ذي الثُديّة، وهم يمرقون من الدين کما يمرق السهم

[صفحه 237]

من الرمية، فاقتلْهم؛ فإنّ في قتلهم فرجاً لأهل الأرض، وعذاباً معجّلاً عليهم، وذخراً لک عند اللَّه عزّ وجلّ يوم القيامة.

وأمّا العشرون: فإنّي سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول لي: مَثلک في اُمّتي مَثل باب حطّة في بني إسرائيل؛ فمن دخل في ولايتک فقد دخل الباب کما أمره اللَّه عزّ وجلّ.

وأمّا الحادية والعشرون: فإنّي سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: أنا مدينة العلم وعليّ بابها، ولن تُدخل المدينة إلّا من بابها. ثمّ قال: يا عليّ، إنّک سترعي ذمّتي، وتقاتل علي سنّتي، وتخالفک اُمّتي.

وأمّا الثانية والعشرون: فإنّي سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: إنّ اللَّه تبارک وتعالي خلق ابنيَّ الحسن والحسين من نور ألقاه إليک وإلي فاطمة، وهما يهتزّان کما يهتزّ القرطان إذا کانا في الاُذنين، ونورهما متضاعف علي نور الشهداء سبعين ألف ضعف. يا عليّ، إنّ اللَّه عزّ وجلّ قد وعدني أن يکرمهما کرامة لا يکرم بها أحداً ما خلا النبيّين والمرسلين.

وأمّا الثالثة والعشرون: فإنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله أعطاني خاتمه- في حياته- ودرعه ومنطقته وقلّدني سيفه وأصحابه کلّهم حضور، وعمّي العبّاس حاضر، فخصّني اللَّه عزّ وجلّ منه بذلک دونهم.

وأمّا الرابعة والعشرون: فإنّ اللَّه عزّ وجلّ أنزل علي رسوله: «يَأَيُّهَا الَّذِينَء َامَنُواْ إِذَا نَجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَلکُمْ صَدَقَةً»،[2] فکان لي دينار، فبعته عشرة دراهم، فکنت إذا ناجيت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله أصّدّق قبل ذلک بدرهم،

[صفحه 238]

وواللَّه ما فعل هذا أحدٌ من أصحابه قبلي ولا بعدي؛ فأنزل اللَّه عزّ وجلّ: «ءَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَلکُمْ صَدَقَتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُواْ وَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْکُمْ»[3] الآية، فهل تکون التوبة إلّا من ذنب کان!!

وأمّا الخامسة والعشرون: فإنّي سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: الجنّة محرّمة علي الأنبياء حتي أدخلها أنا، وهي محرّمة علي الأوصياء حتي تدخلها أنت. يا عليّ، إنّ اللَّه تبارک وتعالي بشّرني فيک ببشري لم يبشّر بها نبيّاً قبلي؛ بشّرني بأنّک سيّد الأوصياء، وأنّ ابنيک الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة يوم القيامة.

وأمّا السادسة والعشرون: فإنّ جعفراً أخي الطيّارُ في الجنّة مع الملائکة، المزيّن بالجناحين من درّ وياقوت وزبرجد.

وأمّا السابعة والعشرون: فعمّي حمزة سيّد الشهداء في الجنّة.

وأمّا الثامنة والعشرون: فإنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله قال: إنّ اللَّه تبارک وتعالي وعدني فيک وعداً لن يخلفه، جعلني نبيّاً وجعلک وصيّاً، وستلقي من اُمّتي من بعدي ما لقي موسي من فرعون، فاصبر واحتسب حتي تلقاني، فاُوالي من والاک، واُعادي من عاداک.

وأمّا التاسعة والعشرون: فإنّي سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: يا عليّ، أنت صاحب الحوض، لا يملکه غيرک. وسيأتيک قوم فيستسقونک، فتقول: لا، ولا مثل ذرّة، فينصرفون مسودّة وجوههم. وسترد عليک شيعتي وشيعتک، فتقول: رووا رواءً مرويّين، فيروون مبيضّة وجوههم.

وأمّا الثلاثون: فإنّي سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: يُحشر اُمّتي يوم القيامة علي

[صفحه 239]

خمس رايات؛ فأوّل راية ترد عليَّ راية فرعون هذه الاُمّة، وهو معاوية. والثانية مع سامريّ هذه الاُمّة، وهو عمرو بن العاص. والثالثة مع جاثليق هذه الاُمّة، وهو أبو موسي الأشعري. والرابعة مع أبي الأعور السلمي. وأمّا الخامسة فمعک يا عليّ، تحتها المؤمنون، وأنت إمامهم. ثمّ يقول اللَّه تبارک وتعالي للأربعة: «ارْجِعُواْ وَرَآءَکُمْ فَالْتَمِسُواْ نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ و بَابُ م بَاطِنُهُ و فِيهِ الرَّحْمَةُ»،[4] وهم شيعتي ومن والاني، وقاتل معي الفئة الباغية والناکبة عن الصراط، وباب الرحمة وهم شيعتي، فينادي هؤلاء: «أَلَمْ نَکُن مَّعَکُمْ قَالُواْ بَلَي وَ لَکِنَّکُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَکُمْ وَ تَرَبَّصْتُمْ وَ ارْتَبْتُمْ وَ غَرَّتْکُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّي جَآءَ أَمْرُ اللَّهِ وَ غَرَّکُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنکُمْ فِدْيَةٌ وَ لَا مِنَ الَّذِينَ کَفَرُواْ مَأْوَل-کُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَل-کُمْ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ».[5] ثمّ ترد اُمّتي وشيعتي فيروون من حوض محمّد صلي الله عليه و آله، وبيدي عصا عوسج أطرد بها أعدائي طرد غريبة الإبل.

وأمّا الحادية والثلاثون: فإنّي سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: لولا أن يقول فيک الغالون من اُمّتي ما قالت النصاري في عيسي ابن مريم، لقلت فيک قولاً لا تمرّ بملأ من الناس إلّا أخذوا التراب من تحت قدميک؛ يستشفون به.

وأمّا الثانية والثلاثون: فإنّي سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: إنّ اللَّه تبارک وتعالي نصرني بالرعب، فسألته أن ينصرک بمثله، فجعل لک من ذلک مثل الذي جعل لي.

وأمّا الثالثة والثلاثون: فإنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله التقم اُذني وعلّمني ما کان وما يکون إلي يوم القيامة، فساق اللَّه عزّ وجلّ ذلک إليّ علي لسان نبيّه صلي الله عليه و آله.

[صفحه 240]

وأمّا الرابعة والثلاثون: فإنّ النصاري ادّعوا أمراً، فأنزل اللَّه عزّ وجلّ فيه: «فَمَنْ حَآجَّکَ فِيهِ مِن م بَعْدِ مَا جَآءَکَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَآءَنَا وَأَبْنَآءَکُمْ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَکُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَکُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّهِ عَلَي الْکَذِبِينَ»،[6] فکانت نفسي نفس رسول اللَّه صلي الله عليه و آله؛ والنساء فاطمة عليهاالسلام؛ والأبناء الحسن والحسين. ثمّ ندم القوم، فسألوا رسول اللَّه صلي الله عليه و آله الإعفاء، فأعفاهم. والذي أنزل التوراة علي موسي والفرقان علي محمّد صلي الله عليه و آله لو باهلونا لمُسخوا قردة وخنازير.

وأمّا الخامسة والثلاثون: فإنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله وجّهني يوم بدر فقال: ائتني بکفّ حصيات مجموعة في مکان واحد، فأخذتها ثمّ شممتها، فإذا هي طيبة تفوح منها رائحة المسک، فأتيته بها، فرمي بها وجوه المشرکين، وتلک الحصيات أربع منها کنّ من الفردوس، وحصاة من المشرق، وحصاة من المغرب، وحصاة من تحت العرش، مع کلّ حصاة مائة ألف ملک مدداً لنا، لم يکرم اللَّه عزّ وجلّ بهذه الفضيلة أحداً قبل ولا بعد.

وأمّا السادسة والثلاثون: فإنّي سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: ويل لقاتلک؛ إنّه أشقي من ثمود، ومن عاقر الناقة، وإنّ عرش الرحمن ليهتزّ لقتلک، فأبشر يا عليّ فإنّک في زمرة الصدّيقين والشهداء والصالحين.

وأمّا السابعة والثلاثون: فإنّ اللَّه تبارک وتعالي قد خصّني من بين أصحاب محمّد صلي الله عليه و آله بعلم الناسخ والمنسوخ، والمحکم والمتشابه، والخاصّ والعامّ، وذلک ممّا منّ اللَّه به عليَّ وعلي رسوله. وقال لي الرسول صلي الله عليه و آله: يا عليّ إنّ اللَّه عزّ وجلّ أمرني أن اُدنيک ولا اُقصيک، واُعلّمک ولا أجفوک، وحقّ عليَّ أن اُطيع ربّي،

[صفحه 241]

وحقّ عليک أن تعي.

وأمّا الثامنة والثلاثون: فإنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله بعثني بعثاً، ودعا لي بدعوات، واطلعني علي ما يجري بعده، فحزن لذلک بعض أصحابه، قال: لو قدر محمّد أن يجعل ابن عمّه نبيّاً لجعله، فشرّفني اللَّه عزّ وجلّ بالاطّلاع علي ذلک علي لسان نبيّه صلي الله عليه و آله.

وأمّا التاسعة والثلاثون: فإنّي سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: کذب من زعم أنّه يحبّني ويبغض عليّاً؛ لا يجتمع حبّي وحبّه إلّا في قلب مؤمن. إنّ اللَّه عزّ وجلّ جعل أهل حبّي وحبّک- يا عليّ- في أوّل زمرة السابقين إلي الجنّة، وجعل أهل بغضي وبغضک في أوّل زمرة الضالّين من اُمّتي إلي النار.

وأمّا الأربعون: فإنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله وجّهني في بعض الغزوات إلي رَکيٍّ[7] فإذا ليس فيه ماء، فرجعت إليه فأخبرته، فقال: أفيه طين؟ قلت: نعم. فقال، ائتني منه، فأتيت منه بطين، فتکلّم فيه، ثمّ قال: ألقِه في الرکيّ، فألقيته، فإذا الماء قد نبع حتي امتلأ جوانب الرکيّ، فجئت إليه فأخبرته، فقال لي: وفّقت يا عليّ، وببرکتک نبع الماء. فهذه المنقبة خاصّة بي من دون أصحاب النبيّ صلي الله عليه و آله.

وأمّا الحادية والأربعون: فإنّي سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: أبشر يا عليّ؛ فإنّ جبرئيل أتاني فقال لي: يا محمّد إنّ اللَّه تبارک وتعالي نظر إلي أصحابک فوجد ابن عمّک وختنک علي ابنتک فاطمة خير أصحابک، فجعله وصيّک والمؤدّي عنک.

وأمّا الثانية والأربعون: فإنّي سمعت رسول اللَّه يقول: أبشر يا عليّ؛ فإنّ منزلک في الجنّة مواجه منزلي، وأنت معي في الرفيق الأعلي في أعلي علّيّين.

[صفحه 242]

قلت: يا رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، وما أعلي علّيّون؟ فقال: قبّة من درّة بيضاء، لها سبعون ألف مصراع، مسکن لي ولک يا عليّ.

وأمّا الثالثة والأربعون: فإنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله قال: إنّ اللَّه عزّ وجلّ رسخ حبّي في قلوب المؤمنين، وکذلک رسخ حبّک- يا عليّ- في قلوب المؤمنين، ورسخ بغضي وبغضک في قلوب المنافقين؛ فلا يحبّک إلّا مؤمن تقيّ، ولا يبغضک إلّا منافق کافر.

وأمّا الرابعة والأربعون: فإنّي سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: لن يبغضک من العرب إلّا دعيّ، ولا من العجم إلّا شقيّ، ولا من النساء إلّا سَلقلقيّة.[8] .

وأمّا الخامسة والأربعون: فإنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله دعاني وأنا رَمِد العين، فتفل في عيني، وقال: اللهمّ اجعل حرّها في بردها، وبردها في حرّها، فوَاللَّه، ما اشتکت عيني إلي هذه الساعة.

وأمّا السادسة والأربعون: فإنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله أمر أصحابه وعمومته بسدّ الأبواب، وفتح بابي بأمر اللَّه عزّ وجلّ. فليس لأحد منقبة مثل منقبتي.

وأمّا السابعة والأربعون: فإنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله أمرني في وصيّته بقضاء ديونه وعِداته، فقلت: يا رسول اللَّه، قد علمت أنّه ليس عندي مال! فقال: سيعينک اللَّه. فما أردت أمراً من قضاء ديونه وعِداته إلّا يسّره اللَّه لي، حتي قضيت ديونه وعِداته، وأحصيت ذلک فبلغ ثمانين ألفاً، وبقي بقيّة أوصيت الحسن أن يقضيها.

وأمّا الثامنة والأربعون: فإنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله أتاني في منزلي، ولم يکن طعمنا منذ ثلاثة أيّام، فقال: يا عليّ، هل عندک من شي ء؟ فقلت: والذي أکرمک

[صفحه 243]

بالکرامة واصطفاک بالرسالة ما طعمت وزوجتي وابناي منذ ثلاثة أيّام، فقال النبيّ صلي الله عليه و آله: يا فاطمة، ادخلي البيت وانظري هل تجدين شيئاً؟ فقالت: خرجت الساعة! فقلت: يا رسول اللَّه، أدخله أنا؟ فقال: ادخل باسم اللَّه. فدخلت، فإذا أنا بطبق موضوع عليه رطب من تمر، وجفنة[9] من ثريد، فحملتها إلي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله فقال: يا عليّ، رأيتَ الرسول الذي حمل هذا الطعام؟ فقلت: نعم. فقال: صِفه لي. فقلت: من بين أحمر وأخضر وأصفر. فقال: تلک خطط جناح جبرئيل عليه السلام مکلّلة بالدرّ والياقوت. فأکلنا من الثريد حتي شبعنا، فما رأي إلّا خدش أيدينا وأصابعنا. فخصّني اللَّه عزّ وجلّ بذلک من بين أصحابه.

وأمّا التاسعة والأربعون: فإنّ اللَّه تبارک وتعالي خصّ نبيّه صلي الله عليه و آله بالنبوّة، وخصّني النبيّ صلي الله عليه و آله بالوصيّة، فمن أحبّني فهو سعيد يحشر في زمرة الأنبياء عليهم السلام.

وأمّا الخمسون: فإنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله بعث ببراءة مع أبي بکر، فلمّا مضي أتي جبرئيل عليه السلام فقال: يا محمّد، لا يؤدّي عنک إلّا أنت أو رجل منک. فوجّهني علي ناقته العضباء، فلحقته بذي الحليفة فأخذتها منه، فخصّني اللَّه عزّ وجلّ بذلک.

وأمّا الحادية والخمسون: فإنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله أقامني للناس کافّة يوم غدير خمّ، فقال: من کنت مولاه فعليّ مولاه، فبُعداً وسحقاً للقوم الظالمين.

وأمّا الثانية والخمسون: فإنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله قال: يا عليّ، ألا اُعلّمک کلمات علّمنيهنّ جبرئيل عليه السلام؟! فقلت: بلي. قال: قل: يا رازق المقلّين، ويا راحم المساکين، ويا أسمع السامعين، ويا أبصر الناظرين، ويا أرحم الراحمين، ارحمني وارزقني.

[صفحه 244]

وأمّا الثالثة والخمسون: فإنّ اللَّه تبارک وتعالي لن يذهب بالدنيا حتي يقوم منّا القائم، يقتل مبغضينا، ولا يقبل الجزية، ويکسر الصليب والأصنام، ويضع الحرب أوزارها، ويدعو إلي أخذ المال فيقسمه بالسويّة، ويعدل في الرعيّة.

وأمّا الرابعة والخمسون: فإنّي سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: يا عليّ، سيلعنک بنو اُميّة، ويردّ عليهم ملک بکلّ لعنة ألف لعنة، فإذا قام القائم لعنهم أربعين سنة.

وأمّا الخامسة والخمسون: فإنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله قال لي: سيفتتن فيک طوائف من اُمّتي؛ فيقولون: إنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله لم يخلّف شيئاً، فبماذا أوصي عليّاً؟ أوَليس کتاب ربّي أفضل الأشياء بعد اللَّه عزّ وجلّ!! والذي بعثني بالحقّ لئن لم تجمعه بإتقان لم[10] يجمع أبداً. فخصّني اللَّه عزّ وجلّ بذلک من دون الصحابة.

وأمّا السادسة والخمسون: فإنّ اللَّه تبارک وتعالي خصّني بما خصّ به أولياءه وأهل طاعته، وجعلني وارث محمّد صلي الله عليه و آله؛ فمن ساءه ساءه، ومن سرّه سرّه- وأومأ بيده نحو المدينة-.

وأمّا السابعة والخمسون: فإنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله کان في بعض الغزوات، ففقد الماء، فقال لي: يا عليّ، قم إلي هذه الصخرة، وقل: أنا رسول رسول اللَّه، انفجري لي ماء. فوَاللَّه الذي أکرمه بالنبوّة لقد أبلغتها الرسالة، فاطلع منها مثل ثدي البقر، فسال من کلّ ثدي منها ماء، فلمّا رأيت ذلک أسرعت إلي النبيّ صلي الله عليه و آله فأخبرته، فقال: انطلق ياعليّ، فخذ من الماء، وجاء القوم حتي ملؤوا قِرَبهم وأداواتهم، وسقوا دوابّهم، وشربوا، وتوضّؤوا. فخصّني اللَّه عزّ وجلّ بذلک من دون الصحابة.

[صفحه 245]

وأمّا الثامنة والخمسون: فإنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله أمرني في بعض غزواته- وقد نفد الماء- فقال: يا عليّ، ائتني بَتْور.[11] فأتيته به، فوضع يده اليمني ويدي معها في التور، فقال: انبع، فنبع الماء من بين أصابعنا.

وأمّا التاسعة والخمسون: فإنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله وجّهني إلي خيبر، فلمّا أتيته وجدت الباب مغلقاً، فزعزعته شديداً، فقلعته ورميت به أربعين خطوة، فدخلت، فبرز إليّ مرحب، فحمل عليَّ وحملت عليه، وسقيت الأرض من دمه. وقد کان وجّه رجلين من أصحابه فرجعا منکسفين.

وأمّا الستّون: فإنّي قتلت عمرو بن عبدودّ، وکان يعدّ بألف رجل.

وأمّا الحادية والستّون: فإنّي سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: يا عليّ، مَثلک في اُمّتي مثل «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ»؛[12] فمن أحبّک بقلبه فکأنّما قرأ ثلث القرآن، ومن أحبّک بقلبه وأعانک بلسانه فکأنّما قرأ ثلثي القرآن، ومن أحبّک بقلبه وأعانک بلسانه ونصرک بيده فکأنّما قرأ القرآن کلّه.

وأمّا الثانية والستّون: فإنّي کنت مع رسول اللَّه صلي الله عليه و آله في جميع المواطن والحروب، وکانت رايته معي.

وأمّا الثالثة والستّون: فإنّي لم أفرَّ من الزحف قطّ، ولم يبارزني أحد إلّا سقيت الأرض من دمه.

وأمّا الرابعة والستّون: فإنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله اُتي بطير مشويّ من الجنّة، فدعا اللَّه عزّ وجلّ أن يدخل عليه أحبّ خلقه إليه، فوفّقني اللَّه للدخول عليه حتي أکلت

[صفحه 246]

معه من ذلک الطير.

وأمّا الخامسة والستّون: فإنّي کنت اُصلّي في المسجد فجاء سائل، فسأل وأنا راکع، فناولته خاتمي من إصبعي، فأنزل اللَّه تبارک وتعالي فيَّ: «إِنَّمَا وَلِيُّکُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ و وَالَّذِينَء َامَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَوةَ وَيُؤْتُونَ الزَّکَوةَ وَهُمْ رَ کِعُونَ».[13] .

وأمّا السادسة والستّون: فإنّ اللَّه تبارک وتعالي ردّ عليَّ الشمس مرّتين، ولم يردّها علي أحد من اُمّة محمّد صلي الله عليه و آله غيري.

وأمّا السابعة والستّون: فإنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله أمر أن اُدعي بإمرة المؤمنين في حياته وبعد موته، ولم يطلق ذلک لأحد غيري.

وأمّا الثامنة والستّون: فإنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله قال: يا عليّ، إذا کان يوم القيامة نادي منادٍ من بطنان العرش: أين سيّد الأنبياء؟ فأقوم، ثمّ ينادي: أين سيّد الأوصياء؟ فتقوم، ويأتيني رضوان بمفاتيح الجنّة، ويأتيني مالک بمقاليد النار، فيقولان: إنّ اللَّه جلّ جلاله أمرنا أن ندفعها إليک، ونأمرک أن تدفعها إلي عليّ بن أبي طالب، فتکون- يا عليّ- قسيم الجنّة والنار.

وأمّا التاسعة والستّون: فإنّي سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: لولاک ما عُرف المنافقون من المؤمنين. وأمّا السبعون: فإنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله نام ونوّمني وزوجتي فاطمة وابنيَّ الحسن والحسين، وألقي علينا عباءة قُطوانيّة، فأنزل اللَّه تبارک وتعالي فينا: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَکُمْ تَطْهِيرًا»،[14] وقال جبرئيل عليه السلام: أنا

[صفحه 247]

منکم يا محمّد، فکان سادسنا جبرئيل عليه السلام.[15] .



صفحه 235، 236، 237، 238، 239، 240، 241، 242، 243، 244، 245، 246، 247.





  1. فَضَل فلانٌ علي غيره؛ إذا غلب بالفضل عليهم (لسان العرب: 525:11).
  2. المجادلة: 12.
  3. المجادلة: 13.
  4. الحديد: 13.
  5. الحديد: 14 و 15.
  6. آل عمران: 61.
  7. الرَّکِيَّة: البئر (لسان العرب: 333:14).
  8. السَّلَقلَق: المرأة السليطة، والتي تحيض من دبرها (مجمع البحرين: 866:2).
  9. الجَفنة: أعظم ما يکون من القصاع (لسان العرب: 89:13).
  10. کذا في المصدر، والظاهر أنّه تصحيف «لن».
  11. هو إناءٌ من صُفر أو حجارة کالإجّانة وقد يتوضّأ منه (النهاية: 199:1).
  12. الإخلاص: 1.
  13. المائدة: 55.
  14. الأحزاب: 33.
  15. الخصال: 1:572.