النبوّات











النبوّات



أ-بداية العصر التّاريخي للإنسان :

يبدو لنا من کلمات أميرالمؤمنين علي (ع) أنّ العهد التاريخي للإنسانية بدأ بظاهرة وجود النبوّات في المجتمع البشري. هذه النبوّات الّتي تقود مجتمعاتها نحو حياة أفضل، ووجود إنساني أکمل.

ما قبل التاريخ، إذن، بالنسبة إلي الإنسانيّة، هو ما قبل النبوّات، حيث کانت الإنسانية تعيش في حالة البراءة الفطرية، وکانت النفس الإنسانيّة لا تزال عذراء ساذجة، بدائية، خالية من أيّ تعليم... ولذا فلم تکن لدي الإنسانية في فترة ما قبل التاريخ هذه تجارب ومعاناة يعود عرضها بالفائدة التعليميّة والتربويّة لمجتمع متحضر، تامّ التکوين، علي درجة عالية من التعقيد، يفترض فيه أنّه يبني علي هدي خاتمة الرّسالات، وخلاصة النبوّات، وهو مجتمع الأمة الإسلامية.

ولذا لا نجد في جميع الکلام الصادر عن أميرالمؤمنين حديثاً عمّا قبل عهد النبوّات، ومن هنا استنتاجنا أنّه يعتبر إشراق النبوّة وظهور الأنبياء في المجتمعات البشريّة بداية العصر التاريخي للبشرية.

وقد بيّن اللّه تعالي في القرآن الکريم تاريخ بداية عهد النّبوّات في المجتمع البشري فقال سبحانه وتعالي: «کَانَ النّاسُ أمّةً واحِدةً، فبَعثَ اللهُ النّبِيِّين مُبشّرِين ومُنذِرين، وأنزَلَ معهُمُ الکِتابَ بِالحقِّ لِيحکُم بينَ النّاسِ فِيما اختلفُوا فِيهِ، وما اختلفَ فِيهِ إلا الذِين أُوتُوهُ مِن بعدِ ما جاءتهُمُ البَيّناتُ بغياً بينهُم، فهدَي اللهُ الّذيِنَ آمنوا لِما اختلفُوا فِيهِ مِن الحقِّ بِإذنِهِ، واللّهُ يهدِي مَن يشاءُ إلي صِراطٍ مُستقِيمٍ».[1] .

«کانَ النّاسُ أمةً واحِدةً»... کان إنسان ما قبل التّاريخ، ما قبل النّبوّات يحيا في وحدة فطرية قائمة علي أساس وحدة المصالح ووحدة الدّم من جهة، وعلي عامل سلبي من جهة أخري هو عدم وجود ما يهدد حالة السکون والخمود الّتي تميّز هذه الحياة نظراً لبساطة الحاجات وتوفّر ما يلبيها ويشبعها في الطبيعة دون حاجة إلي مغالبة وصراع.

ولکن حرکة الحياة النامية المتصاعدة، وتزايد عدد أفراد النوع، وتفاوت القدرات العقلية والجسمية... کل ذلک وما يشبهه من عوامل الإنقسام والتعقيد أدّي إلي نشوء خلافات داخل الجماعة البشرية النامية، ومغالبة وصراع بين أفرادها وفئاتها... وربّما کان من مظاهر ذلک أو أوّل مظهر من مظاهر ذلک خلفّيات الجريمة الأولي بين ابنَي آدم حيث قتل أحدهما أخاه، وقد قصّ اللّه تعالي نبأهما في القرآن الکريم،[2] وتردّدنا في أنّ هذه الجريمة هي من مظاهر ذلک أو أنّها أوّل مظهر من مظاهر ذلک ناشئ من وجود احتمال أنّ «آدم» القرآني لا يمثّل بداية الجنس البشري علي الأرض، وإنّما يمثّل بداية النسل البشري الموجود الآن، ويکون، علي هذا، قد وجد نسل سابق علي النسل الموجود الآن من بداية يمثّلها آدم سابق علي آدم القرآني، واللّه تعالي أعلم وعلي هذا تکون آية سورة البقرة (213) موضوع البحث تؤرخ لفترة من عمر البشريّة سابقة علي الفترة التي بدأت بآدم القرآني.

وعلي أيّ حال، ففي هذه المرحلة من نموّ الإنسان لم تعد وحدة الدم کافية لتکوين وحدة المجتمع، ولم تعد ثمّة مصالح واحدة أو متّفقة، ولم تعد النفس الإنسانيّة عذراء، ساذجة، بدائية... ويستحيل علي النوع الإنساني في أن ينمو-کما أراد اللّه في أوضاع کهذه تقوده فيها غرائزه فقط، ولا مرجح له في خصوماته ومراعاته إلا غرائزه... في هذه المرحلة من نمو الإنسان قضت حکمة اللّه ورحمته بإرسال الأنبياء حاملين إلي الإنسانية منهاج هدايتها الّذي يخرجها من عهد الغريزة إلي عهد العقل ومن منطق الصراع الّذي مرجعه الغريزة والقوة إلي منطق النظام ومرجعية القانون.

وقد حقّق الإنسان، بإشراق عهد النبوّات، قفزة نوعية عظيمة وحاسمة في تطوّره نحو الأعلي وتکامله، فقد خرج المجتمع البشري بالنبوّات عن کونه تکويناً حيوانياً- بيولوجياً إلي کونه ظاهرة عقلية- روحية.. لقد عقلنت النبوّات المجتمع الإنساني وروحنته.

وحقّقت النّبوّات للإنسان مشروع وحدة أرقي من وحدته الدّموية البيولوجية الّتي کانت سائدة قبل عهد الخلافات والإنقسامات والصراع... وهي الوحدة القائمة علي أساس المعتقد، وبذلک تطوّرت العلاقات الإنسانية مرتفعة من علاقات المادّة إلي علاقات المعاني... بعهد النبوّات بدأ عهد الإنسان...

وتمضي الآية الکريمة، بعد التأريخ لهذه المرحلة، في بيان أنّ الإختلافات الّتي نشأت في النوع الإنساني، بعد إشراق عهد النّبوّات، غدت اختلافات في المعني اختلافات في الدّين والمعتقد، إذ أنّ أسباب الصّراع والبغي من بعض الناس علي بعض، واستغلال الأقوياء للضعفاء لم تلغ بالدين الّذي جاءت به النبوات، بل استمرّت وتنوّعت، ولکن المرجع لم يعد الغريزة وإنما غدا القانون هو المرجع، وإذا کان من المستحيل علي الإنسانية أن تجد قاعدة لوحدتها وتعاونها عن طريق الغرائز، وعلاقات المادة، فإنّ من الممکن لها أن تجد قاعدة ثابتة لوحدتها وتعاونها وتکاملها عن طريق القانون الذي يتضمّنه الدّين وغير القانون من تربية الدّين وإغنائه لروحية الإنسان وأخلاقيّته، وذلک حين يستبدل الإنسان علاقات المادة بعلاقات المعني. وعدم بلوغ الإنسانية إلي هذا المرتقي ليس ناشئاً، في عهد النّبوّات، من فقدان الوسائل، وإنما هو ناشئ من سوء الاختيار البشري، ومن سوء استخدام الحرية المعطاة.

لقد أفضنا في الحديث عن بعض جوانب الآية الکريمة لنضي ء بها الفکرة التي عبّر عنها الإمام عليه السّلام في شأن النبوات وبداية العصر التاريخي للإنسان إذ قال: «.. واصطَفي سُبحانَهُ... أنبياءَ أخذَ علَي الوحِي مِيثاقهُم، وعلي تبِليِغ الرسالةِ أمانتهُم، لمّا بدَّل أکثر خلقِهِ عهد اللهِ إليهم، فجهِلُوا حقَّه، واتخذُوا الأندادَ معهُ، واجتالتهُمُ[3] الشياطِينُ عن معرِفته، واقتطعتهُم عن عِبادتِهِ، فبعثَ فيِهمُ رُسُلَه، وواترَ[4] إليهم أنبياءه،...ولم يُخلِ اللهُ سُبحانهُ خلقهُ مَن نبيٍّ مُرسَلٍ أو کِتابٍ مُنزَلٍ، أو حُجَّةٍ لازِمةٍ أو محجَّةٍ[5] قائمةٍ: رُسُل لا تُقَصِّر بِهم قِلّةُ عددِهِم، ولا کثرةُ المُکذِّبين لهُم مِن سابقٍ سُمِّي لهُ مَن بعدهُ، أو غابرٍ عرَّفهُ مَن قبلهُ، علي ذلِک نسلتِ القُرونُ، ومضتِ الدّهُورُ، وسلفتِ الآباء، وخلفتِ الأبناءُ».[6] .

وهکذا يعبّر الإمام عن جوانب من أفق الآية الکريمة، فحين تعقّدت الحياة البشرية نتيجة لنمو المجتمع وتشابک العلاقات فيه، وحين أدّي ذلک إلي تصادم بين ما تقضي به الحياة الإجتماعية من تعاون وما تدفع إليه الغريزة والروح الفردية من استئثار. وحين ترافق هذا مع الإنحراف عن مقتضيات الفطرة المستقيمة العذراء- وإن تکن في ذلک الحين ساذجة- في إدراک الخالق سبحانه وتعالي... حين حدث في حياة الإنسانية کل هذا اقتضي لطف اللّه ورحمته إرسال الأنبياء ليضيئوا عقول الناس، ويرتفعوا بالمجتمع من علاقات المادة- البيولوجيا- إلي علاقات المعني والقانون.

وقد تواترت حرکة النّبوّات في تاريخ البشرية: تضي ء عقولها، وتصوغ مفاهيمها، تغني حياتها، وتضعها رويداً رويداً علي طريق التکامل... تواترت هذه الحرکة في خطّ تصاعدي نحو الأکمل والأفضل والأجمل، مستجيبة في کل مرحلة من مراحل التاريخ البشري لحاجات تلک المرحلة، باذرة فيها بذور نموّ آخر في المستقبل يهيئ لمرحلة من التقدم والتکامل جديدة.. إلي أن بلغت حرکة النبوات ذروتها في الرسالة الخاتمة الجامعة: رسالة الإسلام علي لسان خاتم النبيّين محمّد صلّي اللّه عليه وآله وسلّم.

قال عليه السلام: «... إلي أن بعث اللّه سُبحانهُ مُحمّداً رسُولَ اللّه صلَّي اللّه عليِه وآلهِ وسلَّمَ لإنجازِ عِدتِهِ، وإتمامِ نُبوَّتهِ، مأخُوذاً علي النّبيِّين مِثاقُهُ، مشهورةً سِماتُهُ،[7] کريماً مِيلادُهُ».[8] .

وقال في خطبة أخري: «.. بل تعاهدهُم- النّاسَ- بِالحُججِ علي ألسُنِ الخِيرّة مِن أنبيائهِ ومُتحمِّلِي ودائِع رِسالاتِهِ قَرناً فقرناً، حتَّي تمّت بِنَبِيِّنَا مُحمَّدٍ صلَّي اللّه عليهِ وآلِهِ وسلَّمَ حُجَّتُهُ، وبلغَ المقطعَ[9] عُذرُهُ ونُذُرُهُ..».[10] .

وظيفة النّبوّة:

ما وظيفة النبوّة في المجتمع البشري؟

إنّها فيما نفهم من کلمات أميرالمؤمنين تتلخص في هدفين کبيرين:

الأول: وهو أهمهما، إحياء الفطرة الإنسانية الصافية المستقيمة، هذه الفطرة الّتي يهتدي بها الإنسان إلي الإيمان الصحيح باللّه سبحانه وتعالي، ويدرک بها کونه مخلوقاً للّه، ومن ثمّ يدرک موقعه في الکون. ويترتب علي هذا الإيمان الواعي تصحيح المسار الإنساني في طريق التکامل بجعل حرکة الإنسان التاريخية وثيقة الصّلة بعقيدة التوحيد ومتفرعاتها.

الثاني: وهو، من بعض الوجوه نتيجة للأوّل، تکوين الحوافز الروحية والنّفسية

والإجتماعية لإنجاز عملية التقدّم العقلي والمادّي والإجتماعي في الحياة في صيغة تضمن التوازن بين النموّ الرّوحي- الأخلاقي والنموّ المادّي. وهذه الصّيغة الّتي توازن بين اتجاهي النموّ والنّشاط الإنساني هي الدّين.

وهذه هي وظيفة النبوّة کما تفهم من القرآن الکريم والسّنّة الشّريفة.

فالنّبيّ يخرج الناس من الظلمات إلي النّور في عقائدهم وعلاقاتهم الإجتماعية والسياسية، ويصحّح نظرتهم إلي موقعهم في الکون، ومن ثمّ يوجد الإنسان الصّالح الّذي يسعي نحو التکامل فيحقّق لنفسه التقدّم المتوازن في الشکل والمضمون، في الرّوح والمادّة.

وليس النّبيّ مخترعاً کبيراً ومخططاً عظيماً يبدع الآلات والمؤسسات، وليست النبوّة مرکزاً للأبحاث والدّراسات وما إلي ذلک.

إنّ الّذي يخترع الآلات ويُنشئ المؤسسات ويبتکر الخطط هو عقل الإنسان بعد أن تتوفّر له دواعي النموّ والإنطلاق. فاذا تآخت معها قيم الروح والأخلاق حقق الإنسان إنجازات مادّيّة وتنظيمية تتّفق مع مُقتضيات الإيمان، وتوفّر للإنسان حياة سعيدة طيّبة، ورضوان اللّه والنجاة في الآخرة. وإذا لم تتآخ قيم الروح والأخلاق مع دواعي النموّ والإنطلاق في التعامل مع الکون المادّي حقّق الإنسان إنجازات مادّيّة وتنظيمية توفّرُ له القوة واللّذّة والرّخاء دون أن توفّر له السّعادة وطيب بالحياة.

وفهمنا لوظيفة النبوّة- کما تعکسها نصوص نهج البلاغة- مستفاد من النصوص الّتي تحدّث فيها الإمام عن حالة العالم عشية بعثة النبي محمّد (ص)، ذلک لأنّ النصوص الّتي تؤرخ للنّبوات السابقة لنبوّة محمد (ص) نادرة من جهة، وتشبه، من جهة أخري، أن تکون في معظمها مجرد إشارات يغلب عليها طابع الإجمال.

ولکن هذا لا يؤثر شيئاً علي سلامة فهمنا لوظيفة النّبوّة، فإنها وظيفة واحدة منذ بداية حرکة النبوّات في فجر التاريخ الإنساني إلي ختام النبوّات بنبّوة محمّد (ص) ورسالة الإسلام. ولا توجد اختلافات جوهرية بين النبوّات من حيث وظيفتهاالأساسيّة، والإختلاف الأساسي الوحيد فيما بينها هو في درجة الشّمول والإتساع من حيث مساحة شمول التشريع للنشاط البشري من جهة، ومن حيث عُموم الرسالات بالنسبة إلي الشّعوب من جهة أخري.

قال عليه السّلام: «... فَبعثَ فيِهم رُسُلَهُ، وواترَ إليهم أنبياءهُ لِيستأدُوهُم مِيثاق فِطرتِه، ويُذکِّروهُم منسِيَّ نِعمتِهِ، ويحتجُّوا عليِهم بِالتّبليغ، ويُثيروا لهُم دفائنَ العُقولِ، ويُرُوهُم آياتِ المقدِرةِ: مِن سقفٍ فوقهُم مرفُوعٍ، ومِهادٍ تحتهُم موضُوعٍ، ومعايِش تُحييهِم، وآجالٍ تُفنِيهِم وأوصابٍ[11] تُهرِمُهم، وأحداثٍ تتابعُ عليهِم..».[12] .

إحتوي هذا النّص الّذي يؤرخ للنّبوّات السّابقة علي القضايا التّالية في معرض بيان الغاية من إرسال الأنبياء

1- ميثاق الفطرة:

وهذه القضية تعني مسألة الإيمان باللّه تعالي، وما يتفرع عن هذا الإيمان من قضايا أساسية تنبع منه وتتصل بکافة شؤون الحياة.

وما عبّر عنه الإمام هنا وفي مواضع أخري من خطب وتوجيهات هو تعبير عن حقيقة کبري من الحقائق القرآنية، ورد النّبي عليها أو الإشارة إليها في عدّة آيات منها قوله تعالي: «وإذ أخذَ رَبُّکَ مِن بنِي آدمَ مِن ظُهُورِهِم ذُرّيَّتهُم وأشهدَهُم علي أَنفُسِهِم: أَلستُ بِربّکُم؟ قالُوا: بلي شهِدنا، أن تقُولُوا يوم الِقيامةِ إِنَّا کُنّا عن هذا غافِلينَ. أَو تقُولُوا إِنَّمَا أشرک آباؤُنا مِن قبلُ، وکُنَّا ذُرِّيَّةً مِن بعدِهِم، أفتُهلِکُنا بِما فعلَ المُبطِلُونَ».[13] .

وقد تکرّر ذکر هذه القضية الإيمانية الکبري في جميع النصوص التي أرّخ فيها الإمام للنبوّات.

2- إثارة دفائن العقول :

وهذه القضية تعني بعث القوي العقلية والنّفسية في الإنسان لإنجاز عملية التقدم الصحيح والتغيير الإيجابي في المجتمع عن طريق الحرکة التاريخية المستبطنة للوعي الإيماني المستقيم.

3- جعل الطّبيعة موضوعاً للبحث والنظرة:

هذه القضية دلّ عليها قوله: «... وَيُرُوهُم آياتِ المَقدِرَةِ...».

وهذه القضية تخدم القضيتين الأوليين، فإنّ مراقبة الطبيعة لفهمها، والتعامل معها واکتشافها تعزّز قضية الإيمان لأنها تقدِّم مزيداً من الأدلّة التجريبية علي ما أدرکته الفطرة السليمة من قضايا الألوهة. کذلک يعين التعامل مع الطبيعة بصورة مباشرة علي إنجاز عملية التقدم، بل شرط أساسي لإنجاز التقدم المادّي، وإذ تتخذ قضية الإيمان في ذات الإنسان مع حرکته التاريخيّة في الطّبيعة والمجتمع فيکون تقدم علي هدي الإيمان وأخلاقيات الروح والعقل، ويکون إيمان يستجيب للحياة الدنيا ولا يقف منها موقف الرفض والعداء.

في نص آخر أرّخ الإمام للعالَم حين بعثة النبي محمد (ص) فقال: «... إلي أن بَعثَ اللّه سُبحانَهُ مُحمّداً (ص)... وَأَهلُ الأرِض يومئذٍ مِلَلُ مُتفرِّقة، وأهواء مُنتَشِرة،وطرائقُ مُتَشتِّتَة، بينَ مُشَبِّهٍ للّه بِخلقِهِ أو مُلُحِدٍ فِي اسمِهِ، أو مُشِيرٍ إلي غيرِهِ، فهداهُم بِهِ مِن الضّلالَةِ، وأَنقذَهُم بِمَکانِهِ مِنَ الجهالَةِ...».[14] .

وقال في نصّ ثانٍ: «بَعثهُ والنّاسُ ضُلال فِي حَيرةً، وحاطِبُونَ[15] فِي فِتنةٍ، قدِ استهوتهُمُ الأهواء، واستنزلتهُمُ الکِبرِياءُ،[16] واستخفَّتهُمُ[17] الجاهِليّةُ الجهلاء. حياري فِي زلزالٍ مِن الأمرِ وبلاءٍ مِن الجهلِ، فبالَغ (ص) فِي النّصِيحَةِ، ومضي علي الطّرِيقة، ودعا إلي الحِکمَةِ والموعِظةِ الحسنَةِ».[18] .

وقال في نصّ ثالث: «وأَشهدُ أنّ محمّداً عبدُهُ ورسُولُهُ، أرسلهُ بِالدِّينِ المشهُورِ... والنّاسُ فِي فِتنٍ انجذمَ[19] فِيها حبلُ الدِّينِ، وتزعزعت سَوارِي[20] اليقِنِ، واختلف النّجرُ[21] وتشتَّت الأمرُ، وضاقَ المخرجُ وعمِيَ المصدَرُ، فالهُدي خامِل والعمي شامِل، عُصِي الرّحمانُ ونُصِرَ الشّيطانُ، وخُذِلَ الإيمَانُ، فانهارت دعائمُهُ، وتنَکّرت معالِمُهُ، ودرست سُبُلُهُ، وعفت شُرُکُهُ[22] أطاعُوا الشّيطانَ فسلکُوا مسالِکَهُ، ووردُوا مناهِلهُ،[23] بِهِم سارت أعلامُهُ، وقام لِواؤُهُ، فِي فِتنٍ داستهُم بِأخفافِها، ووطِئتهُم بِأَظلافِها وقامت علي سَنابِکِها[24] فهُم فِيها تائهُون... حائرُون... جاهِلُون... مفتُونُون...».[25] .

أشار الإمام في هذه النّصوص إلي وجوه الفساد الّتي کان يعاني منها العالم عشية بعثة رسول اللّه (ص)، وهي وجوه الفساد الکبري في کلّ عصر وفي کلّ أمّة، فإصلاحها هو وظيفة النّبوّة في حرکتها الصاعدة منذ بدأت في مستهلّ التاريخ البشري إلي أن ختمت بمحمّد (ص).

الأوّل: الضّلال في العقيدة، فَالنّاسُ ضُلال فِي حَيْرَةٍ... وَحاطِبُون فِي فتنَةٍ، وَهُم حائرونَ لأنّه حيث لا يستقر الإنسان علي عقيدة أو يؤدي به الفساد العام إلي عقيدة باطلة، فإنّه يشعر بالضياع ويشعر بانعدام الهدف... إِنعدام المعني من وجوده، يشعر بالعبث حين يواجه نفسه بسؤال: مَن أنا؟ لماذا أنا هنا؟ ما المعني لوجودي؟... وهکذا يمضي هذا الإنسان الضائع في التماس الجواب حيث لا جواب، لأنّه «.. بين مشبّه للّه بخلقه، أو ملحد في اسمه، أو مشير إلي غيره».

الثّاني: الفساد السياسي والإجتماعي، فالناس قد أوقعتهم کبرياؤهم الّتي لا مبرّر لها في الزّلل والسّقوط الحضاري، فحملت أقوياءهم علي احتقار ضعفائهم وفقرائهم... وخاصّتهم إلي الإستهانة بعامّتهم، فهانت کرامة الإنسان من حيث هو إنسان، وغدا مقياس الکرامة خاضعاً لعوامل غير إنسانية: للثّروة، أو للقوة،أو للنسب، وما إليها. لقد غدا الناس- نتيجة لذلک مَللاً متفرقةً متناحرةً، لکلّ ملّة مذهب وطريق، ولکلّ فئة هوي واتجاه، ولکلّ فريق منهج وغاية، والکل مفتون برأيه، مأخوذ بهواه، يعمل علي شاکلته.

والنّبوّة تعالج وجوه الفساد کلّها في الإنسان والمجتمع، في الرّوح وفي المادة،والمؤسسات لتحقق الغاية العظيمة النبيلة، وهي تکوين الإنسان المتکامل.

وقد أعلن الأنبياء صلوات اللّه عليهم أجمعين هدفهم هذا علي مدي التاريخ، کلّ واحد منهم في المحيط الذي بعث إليه في الزّمان الّذي کان فيه.. إلي أن ختمت النبوّة بمحمد (ص) فکان هذا الهدف العظيم بحجم امتداد الرسالة الخاتمة في الزمان والمکان علي مستوي البشريّة کلّها وعلي مدي المستقبل کله... إِلي نهاية الزمان: «فبالغ (ص) في النصيحة، ومضي علي الطريقة، ودعا إلي الحکمة والموعظة الحسنة»... «... فهداهم به من الضّلالة، وأنقذهم بمکانه من الجهالة».

وقد أثمر جهد الأنبياء العظيم النبيل وجهادهم ومن اتبعهم وجري علي سنتهم-أثمر تحقيق هذا الهدف العظيم الذي هو وضع الإنسانية علي طريق التکامل.

وربّما کان هذا القول مثيراً للدّهشة والتّعجب، والتّساؤل: کيف حقّق الأنبياء الکرام هدفهم هذا ولم يؤمن بهم إِلا القليل، وأعرض عنهم أکثر الناس، بل حاربوهم ورفضوهم..؟ إنّ هدف النبوّة قد تحقق في کلّ عصر، وعلي عهد کلّ نبيّ في صورتين: إحداهما: فيمن آمن بالنّبيّ وصدّق به واتبع منهاجه، فالتزم في حياته العامة والخاصة بالعقيدة والشريعة اللّتين اشتملت عليهما رسالته.

والصّورة الأخري: تتمثّل في الجو الثّقافي والرّوحي العام الّذي اشاعته الرّسالة النّبوية في المجتمع نتيجة لتبليغ النبي وأتباعه، وللصراع الفکري والإجتماعي الّذي ولّدته الرّسالة في المجتمع، فإنّ هذا المناخ الثقافي يترک آثاره بلا شکّ علي المفاهيم والمؤسسات والقيم والقناعات الّتي تسود المجتمع، ويدفع بها نحو التغيير بصورة لا شعورية، فينتقل المجتمع إلي حالة أفضل في علاقاته وقيمه ومؤسساته وحوافز العمل فيه، وإن کان أکثر هذا المجتمع کافراً برسالة النّبيّ.

ومن هنا کان الأنبياء صلوات اللّه عليهم أجمعين هم آباء الحضارة الإنسانيّة والمدنية الإنسانيّة. وما من خير بلغته وتمتعت به البشريّة في عقولها وأذواقها وقيمها ومؤسساتها وحوافز العمل من أجل التقدم المادي عندها إِلا وللأنبياء فيه فضل کبير، لأنّهم- علي مدي التاريخ- أشاعوا، بما بثّوه من الوحي الإلهي في الناس، وحدة جديدة في کلّ مجتمع تنبثّ کالنّور... کالعافية فيه فتضي ء، بدرجات متفاوتة، مناطق الظلمة، وتلمس- بدرجات متفاوتة- مناطق البؤس والمرض فيه. وکان تأثير هذه الروح النبويّة متفاوتاً بنسبة مقاومة قوي الشر حين تعي درجة تأثير الخير النبوي، وبقاء هذا الخير حراً في التأثير حين تغفل قوي الشرعية أو تري لنفسها مصلحة فيه.

وهکذا، فمن هذا المنظور نفهم أنّ کلّ نبي قد هدي اللّه به الناس من الضّلالة،وأنقذهم بمکانه من الجهالة. فهم صلوات اللّه وسلامه عليهم أجمعين آباء الإنسانية الکرام، وآباء الحضارة العظام.

وهذا نصّ آخر يضي ء به الإمام جانباً آخر من جوانب وظيفة النبوّة في نطاق الهدفين العظيمين، قال عليه السّلام: «قَد صُرِفَت نحوهُ أفئدةُ الأبرارِ، وثُنِيت إليهِ أزمَّةُ الأَبصارِ. دفنَ اللهُ بِهِ الضّغائنَ[26] وأَطفأ بِهِ الثَّوائرَ.[27] ألَّفَ بِهِ إخواناً، وفرَّقَ بِهِ أقراناً. أعزَّ بِهِ الذِّلّةَ، وأذَلَّ بِهِ العِزَّة».[28] .

في هذا النّصّ کشف الإمام عن عمل النبوّة في تغيير القيم السائدة في المجتمع،هذه القيم الّتي تحکم وتوجه العلاقات داخل المجتمع بين فئاته وأفراده، وإبدالها بقيم أخري متّسقة في طبيعتها مع طبيعة الرّسالة النبوية لأنها مستمدة منها. وما يترتب علي ذلک من تغيّر في المفاهيم والقناعات، ومن تبدل في نوع العلاقات نتيجة لتبدل القيم الجاهليّة بالقيم النبويّة.

لقد ثنيت أزمّة الأبصار نحو الرّسول الأکرم (ص) کما کانت تثني نحو کل نبيّ في مجتمعه، لأنه قد أثار اهتمام الناس کلّهم، وأوجد هزّة راحت تنداح علي المجتمع کلّه وتنفذ في أعماقه. وهذه الفکرة تضي ء التحليل الّذي بيّنا فيه آنفاً أنّ أثر النبوّة الخيّرة لا يقتصر علي المؤمنين بالنبي ورسالته وحدهم، وإِنّما يتعداهم ليشمل ببرکاته المجتمع کله.

لقد أدّت القيم الجديدة الّتي جاء بها النّبيّ إِلي تغيير المفاهيم، ومن ثمّ إِلي تغيير عميق وجذري في العلاقات الإجتماعيّة بين الأفراد والفئات، وإِلي إحداث التّبدّلات الإجتماعية.

لقد دفنت به الضغائن، لأن أسباب تولّدها قد زالت، ومن ثمّ فقد زالت أسباب تفجّرها فزالت الثوائر.

لقد نعم المجتمع کلّه بدرجة عالية من الإستقرار والطمأنينة بعد أن انخفضت إلي أدني الدرجات مظاهر العنف والتوتر فيه نتيجة لتبدّل المفاهيم والقيم الّتي کانت سائدة فيه بمفاهيم وقيم أخري بثّتها النبوّة.

وقد أدّت القيم الجديدة إلي إيجاد علاقات جديدة: فألّف اللّه بالنبي... بالقيم الّتي بشّر بها وأذاعها في الناس، إخواناً في الإيمان، وفرقت هذه القيم الإيمانية بين أقران اختلفت بهم الطريق حين هتف صوت النبوّة في المجتمع، فسلک بعضهم طريق الإيمان وبقي الآخر علي طريقه القديمة، وقيمه القديمة، طريق الجاهلية وقيم الجاهلية.

کما أدّت هذه القيم الجديدة إلي تغيير في المراتب الإجتماعية، لأنّ القيم القديمة التي کانت تجعل أساس الترتيب في البنية الإجتماعية بين الأشخاص أو الفئات متمثلاً في المال، أو السلالة والنسب، أو القوة الحربية... هذه القيم قد زالت وحلّت محلها قيمة جديدة غدت هي الأساس الّذي يقوم عليه الترتيب الإجتماعي، وهي التّقوي1 ومن ثم فقد أعزّ اللّه بالنبي... بالقيم الّتي جاء بها الذّلة الّتي کانت تفرضها القيم الجاهلية القديمة علي الفقراء والمستضعفين، وأذلّ به العزّة الّتي کانت تنشأ من قيم غير إيمانية.

من تاريخنا الإسلامي تحفل السيرة النبوية بمئات من الشّواهد والنّماذج.

فالأذلاء في الجاهلية کعمّار بن ياسر وبلال الحبشي غدوا أعزاء في المجتمع الجديد، لأنّ القيم الجاهليّة الّتي کانت تفرض عليهم أن يکونوا أذلاء في مرتبة اجتماعية متدنية قد زالت بالإسلام. وجاء الإسلام بقيم جديدة غيّرت موقعهم في المجتمع فجعلتهم من النخبة، والأعزاء في الجاهلية غدوا أذلاء لأنّ القيم الّتي کانوا يتکئون عليها ويستمدون منها اعتبارهم الإجتماعي ويتبوّؤن مرکز النخبة فيه... هذه القيم قد زالت بالإسلام وحلّت محلّها قيمة جديدة هي التقوي، وحيث أنهم لم يتحلّوا بهذه القيمة الجديدة فقد غدوا من الأذلاء.

1- في شرح مفهوم التقوي الإسلامي وبيان مکوّناته وأبعاده راجع کتابنا (دراسات في نهج البلاغة) فصل: المجتمع والطبقات الإجتماعية.

وثمة نصوص في نهج البلاغة تحدث فيها الإمام عن حالة العرب بالنّسبة إلي تأثير النبوّة في أوضاعهم الحياتية والمعنوية.

ففي النص التالي صوّر أمير المؤمنين حالة المجتمع العربي الجاهلي عشية بعثة النبي محمد (ص)، في جميع وجوه حياته الّتي کان عليها من النّواحي الرّوحية والإجتماعية والأخلاقية. قال عليه السّلام: «إنّ اللهَ بعثَ مُحمّداً (ص) نَذِيراً للعالَمِين، وأميناً علي التَّنزيلِ، وأنتُم معشرَ العربِ علي شرِّ دِينٍ وفِي شرِّ دارٍ مُنِيخون[29] بينَ حِجارَةٍ خُشنٍ وحيَّاتٍ صُمٍّ[30] تشربُون الکَدِر، وتأکُلُون الجشِبَ،[31] وتسفِکُون دِماءکُم وتقطعُون أرحامکُم، الأصنام فِيکُم منصوبَة والآثامُ بِکم معصُوبة»[32] [33] .

إنّهم کانوا علي شرّ دينٍ.

کانت الأصنام فيهم منصوبة يتوجهون إليها بالعبادة والضراعة، کانوا، إذن، وثنيّين، وکانت وثنيّتهم، الّتي استعاروها من هنا وهناک، بدائية متخلفة خالية من الجمال الفنّي والذوق إضافة إلي خلوها، بطبيعة الحال، من کلّ مضمون روحي سليم وکانوا في شر دارٍ.

کانت دارهم البادية القاحلة المجدبة الّتي تفرض عليهم شروط حياة صعبة قاسية جعلت من حياتهم سلسلة من الأخطار والمتاعب وألوان الحرمان.

وکانوا- بسبب ما هم عليه من إفلاس روحي لأنهم علي شرّ دين، ومن تخلف في حياتهم المادّيّة لأنهم في شرّ دار-... بسبب هذا وذاک- کانوا علي شرّ حال في حياتهم الإجتماعية وعلاقاتهم الإنسانية، فهم يقطعون أرحامهم، وهم يسفکون دماءهم.

وهم- بالإجمال- يکدحون بأستمرار لتوفير حياة متخلفة، قاسية، فقيرة في الشکل والمضمون في ظل علاقات اجتماعيّة وإنسانيّة فاسدة.

في نصّ آخر يؤرخ الإمام للتغيير الّذي أدخلته النبوّة علي حياة العرب، ويسجّل ملامح عامة للحال الّتي انتقلوا منها وللحال الّتي صاروا إليها بعد الإسلام.

قال عليه السّلام: «أمّا بعدُ فإنَّ الله سُبحانهُ بعثَ مُحمّداً (ص) وليس أحد مِن العربِ يقرأُ کِتاباً ولا يدّعِي نُبوَّةً ولا وحياً، فقاتلَ بِمن أطاعُ من عصاهُ، يسُوقُهُم إلي منجاتِهِم، ويُبادِرُ بِهِمُ السّاعة أن تنزِلَ بِهِم يحسِرُ الحسِيرُ ويقِفُ الکسِيرُ[34] فَيُقِيم عليهِ حتي يُلحِقهُ غايتهُ، إلا هالِکاً لا خير فيِهِ، حتَّي أرأهُم منجاتُهم[35] وبوّأهُم محلَّتَهُم،[36] فاستدارَت رحاهُم[37] واستقامَت قناتَهُم».[38] .

کان العرب أمّيّين لا يقرأون ومن ثمّ فقد کان الجهل سائداً فيهم، وکانوا بعيدي عهد بالنبوّات ورسالات السماء ومن ثم فقد کانت حياتهم الروحية فقيرة هزيلة مشوّهة. وقد جهد رسول اللّه في إخراجهم من الظلمات... کلّ الظلمات: ظلمات الروح والعقل والحياة، إلي کلّ النور، من التخلف إلي التقدم، ومن الجهل إلي المعرفة، ومن العمي الرّوحي إلي نعمة الإيمان الکبري.

وبذلک بلغهم ساحل النجاة في الدنيا والآخرة.

وبذلک أعطاهم دوراً عالمياً- بما هم مسلمون- يحملون فيه الهدي والنور والکرامة إلي جميع الأمم بعد أن کانوا کمية مهملة لا قيمة لها ولا قدر ولا دور.

وبذلک أعطاهم لين الحياة، وکرامة الحياة، واستقرار الحياة.

ولم تعد حياتهم قاسية صعبة، بل لقد استدارت رحاهم بالأرزاق.

ولم تعد حياتهم متوجسة متوحشة، بل لقد استقرت واطمأنت.

واستقامت قناتهم لم تعد مشرعة لأجل العدوان أو لأجل رد العدوان.

سلام اللّه وتحيّاته علي جميع الأنبياء والمرسلين.







  1. سورة البقرة (مدنيّة-2) الآية: 213.
  2. سورة المائدة (مدنيّة- 5) الآيات:31-27.
  3. اجتالتهم: صرفتهم عن اللّه.
  4. واتر: تابع.. أرسل الأنبياء يتبع أحدهم الآخر.
  5. المحجة: الطريق المستقيمة الواضحة، يريد هنا الشّريعة الّتي تتبع.
  6. نهج البلاغة- الخطبة الأولي.
  7. السّمة: العلامة، والمراد علامات النّبيّ محمّدٍ الّتي بشَر بها الأنبياء السابقون.
  8. نهج البلاغة- الخطبة الأولي.
  9. المقطع: النّهاية الّتي ليس عليها مزيد. أي أنّ أعذار اللّه وأنذاره تلقيا نهايتهما برسالة محمد (ص).
  10. نهج البلاغة- خطبة الأشباح، رقم: 91.
  11. الأوصاب: المَتاعِب.
  12. نهج البلاغة: الخطبة الأولي.
  13. سورة الأعراف (مکية-) 7 الآية: 173-172.
  14. نهج البلاغة- الخطبة الأولي.
  15. الحاطب هو الّذي يجمع الحطب، يقال لمن يأخذ بالصّواب والخطأ دون تمييز: حاطب ليلٍ، شبه للفتنة باللّيل الّذي تلتبس فيه الأشياء لظلامه حيث أنّ الحق يلتبس فيها بالباطل.
  16. استزلَّتهم: أوقعتهُم الکبرياءُ فِي الزّللِ والسّقوطِ، يعني بذلک فساد حياتهم الإجتماعية.
  17. استَخفَّتهُم: جَعلتهُم طائشينَ مُندفِعينَ وراء شهواتِهم الجسدية والنفسية دون کابح ورادع.
  18. نهج البلاغة، رقم الخطبة:95.
  19. انجذم: انقطع.
  20. السّارية: هي العمود، يدعم بها السقف، والجمع سوارٍ.
  21. النّجر: الأصل، ومثله: النجار.
  22. درست واندرست بمعني زالت وانطمست. والشّرک- بضم الرّاء-جمع شراک، وعفت شرکه بمعني انطمست.
  23. المناهل: جمع منهل، مورد النهر.
  24. الأخفاف جمع خُفّ، وهو للبعير کالقدم للإنسان، والأظلاف جمع ظِلْف للبقر والشّاء. والسّنابک جمع سُنبک: طرف الحافر.
  25. نهج البلاغة، رقم الخطبة: 2.
  26. الضّغائن: الأحقاد المکتومة.
  27. الثّوائر: الأحقاد المتفجّرة في أعمال عدائية عنفية ومعارک.
  28. نهج البلاغة، رقم الخطبة 96.
  29. منيخون: مقيمون.
  30. خشن: من الخشونة. والحيّات الصّم أخبث أنواع الحيّات. کني عن صعوبة مناخ البادية وقساوة العيش فيها.
  31. الکَدِر: الماء الذّي يخالطه الطين وغيره، والجَشب من الطعام: الغليظ الخشن کناية عن بؤس حياتهم وفقرها، وانعدام وسائل الراحة فيها.
  32. معصوبة: مشدودة، کناية عن استمرارهم علي المعصية.
  33. نهج البلاغة: رقم الخطبة 26.
  34. الحسير هو الّذي أصابه الإعياء والتعب. والکسير المکسور الّذي لا يقوي علي السير، يريد أنّ النبي کان تحريضه علي الإسلام وإشفاقه علي المسلمين يلاحظ حال من حدثت عنده شبهة أو خالط قلبه ريب في الدّين فلا يزال يرشده برفق وحب حتي يزيل من قلبه الريب ويجلو عن عقله الشبهة.
  35. منجاتهم: ما به نجاتهم وهو الإسلام.
  36. محلتهم: مرکزهم في المجتمع العالمي، وکونهم ذوي رسالة عالمية هي الإسلام.
  37. استدارة الرّحي کناية عن وفرة الأرزاق. واستقامة القناة کناية عن صلاح الحال واستقرار الحياة.
  38. نهج البلاغة: رقم الخطبة 104.