اللامية من الهاشميات











اللامية من الهاشميات



ألاهل عم في رأيه متأمل
وهل مدبر بعد الاسائة مقبل ؟؟!!


روي أبوالفرج في «الاغاني» 15 ص 126 بالاسناد عن أبي بکر الحضرمي قال: إستأذنت للکميت علي أبي جعفر محمد بن علي عليهماالسلام في أيام التشريق بمني فأذن له فقال له الکميت: جعلت فداک إني قلت فيکم شعرا احب أن انشدکه فقال: يا کميت؟ اذکر الله في هذه الايام المعلومات وفي هذه الايام المعدودات. فأعاد عليه الکميت القول فرق له أبوجعفر عليه السلام فقال: هات. فأنشده قصيدته حتي بلغ


يصيب به الرامون عن قوس غيرهم
فيا آخر أسدي له. الغي أول


فرفع أبوجعفر عليه السلام يديه إلي السماء وقال. أللهم اغفر للکميت.

وعن محمد بن سهل صاحب الکميت قال: دخلت مع الکميت علي أبي عبدالله الصادق جعفر بن محمد عليه السلام فقال له: جعلت فداک ألا انشدک؟ قال: إنها أيام عظام. قال: إنها فيکم. قال: هات. وبعث أبوعبدالله عليه السلام إلي بعض أهله فقرب فأنشده فکثر البکاء حتي أتي علي هذا البيت.


يصيب به الرامون عن قوس غيرهم
فيا آخر أسدي له الغي أول


فرفع أبوعبدالله عليه السلام يديه فقال: أللهم اغفر للکميت ما قدم وما أخر، وما أسر وما أعلن، واعطه حتي يرضي. «ألاغاني» 15 ص 123 «ألمعاهد» 2 ص 27. ورواه البغدادي في «خزانة الادب» 1 ص 70 وفيه بعد قوله: فکثر البکاء: و ارتفعت الاصوات. فلما مر علي قوله في الحسين رضي الله عنه:


کأن حسينا والبهاليل حوله
لاسيافهم ما يختلي المتبتل


وغاب نبي الله عنهم وفقده
علي الناس رزء ما هناک مجلل


فلم أر مخذولا لاجل مصيبة
وأوجب منه نصرة حين يخذل

[صفحه 193]

فرفع جعفر الصادق رضي الله عنه يديه وقال: أللهم اغفر للکميت ما قدم وأخر، وما أسر وأعلن، واعطه حتي يرضي. ثم أعطاه ألف دينار وکسوة، فقال له الکميت: والله ما أحببتکم للدنيا ولو أردتها لاتيت من هو في يديه، ولکنني أحببتکم للآخرة فأما الثياب التي أصابت أجسادکم فإني أقبلها لبرکتها، وأما المال فلا أقبله.

روي أبوالفرج في «الاغاني» 15 ص 119 عن علي بن محمد بن سليمان عن أبيه قال: کان هشام بن عبدالملک قد اتهم خالد بن عبدالله وکان يقال: إنه يريد خلعک فوجد بباب هشام يوما رقعة فيها شعر فدخل بها علي هشام فقرئت عليه وهي:

تألق برق عندنا وتقابلت
أثاف لقدر الحرب أخشي اقتبالها


فدونک قدر الحرب وهي مقرة
لکفيک واجعل دون قدر جعالها


ولن تنتهي أو يبلغ الامر حده
فنلها برسل قبل أن لا تنالها


فتجشم منها ماجشمت من التي
بسور أهرت نحو حالک حالها


تلاف امور الناس قبل تفاقم
بعقدة حزم لا يخاف انحلالها


فما أبرم الاقوام يوما لحيلة
من الامر إلا قلدوک احتيالها


وقد تخبر الحرب العوان بسرها
وإن لم يبح من لا يريد سؤالها


فأمر هشام أن يجتمع له من بحضرته من الرواة فجمعوا فأمر بالابيات فقرأت عليهم فقال: شعر من تشبه هذه الابيات؟ فأجمعوا جميعا من ساعتهم انه کلام الکميت بن زيد الاسدي. فقال هشام: نعم: هذا الکميت ينذرني بخالد بن عبدالله. ثم کتب إلي خالد يخبره وکتب إليه بالابيات، وخالد يومئذ بواسط فکتب خالد إلي واليه بالکوفة يأمره بأخذ الکميت وحبسه، وقال لاصحابه: ان هذا يمدح بني هاشم ويهجو بني امية فأتوني من شعر هذا بشئ فاتي بقصيدته اللامية التي أولها.


الاهل عم في رأيه متأمل
وهل مدبر بعد الاسائة مقبل ؟؟!!


فکتبها وأدرجها في کتاب إلي هشام يقول: هذا شعر الکميت فإن کان قد صدق في هذا فقد صدق في ذاک. فلما قرأت علي هشام إغتاظ فلما سمع قوله:


فياساسة هاتوا لنا من جوابکم
ففيکم لعمري ذو أفانين مقول

[صفحه 194]

اشتد غيظه فکتب إلي خالد يأمره أن يقطع يدي الکميت ورجليه ويضرب عنقه ويهدم داره ويصلبه علي ترابها. فلما قرأ خالد الکتاب کره أن يستفسد عشيرته و أعلن الامر رجاء أن يتخلص الکميت فقال. کتب إلي أميرالمؤمنين وإني لاکره أن استفسد عشيرته. وسماه فعرف عبدالرحمن بن عنبسة بن سعيد ما أراد فأخرج غلاما له مولدا ظريفا فأعطاه بغلة له شقراء فارهة من بغال الخليفة وقال: إن أنت وردت الکوفة فانذرت الکميت لعله أن يتخلص من الحبس فأنت حر لوجه الله والبغلة لک ولک علي بعد ذلک إکرامک والاحسان إليک. فرکب البغلة فسار بقية يومه وليلته من واسط إلي الکوفة فصبحها فدخل الحبس متنکرا فخبر الکميت بالقصة، فأرسل إلي امرأته وهي إبنة عمه يأمرها: أن تجيئه ومعها ثياب من لباسها وخفان. ففعلت فقال:

ألبسيني لبسة النساء. ففعلت، ثم قالت له: أقبل فأقبل وأدبر فأدبر فقالت: ما أدري إلا يبسا في منکبيک إذهب في حفظ الله. فمر بالسجان فظن انه المرأة فلم يعرض له فنجا وأنشا يقول:


خرجت خروج القدح قدح ابن مقبل
علي الرغم من تلک النوايح والمشلي


علي ثياب الغانيات وتحتها
عزيمة أمر أشبهت سلة النصل


وورد کتاب خالد إلي والي الکوفة يأمره فيه بما کتب به إليه هشام، فأرسل إلي الکميت ليؤتي به من الحبس فينفذ فيه أمر خالد، فدنا من باب البيت فکلمتهم المرأة وخبرتهم: انها في البيت، وان الکميت قد خرج.فکتب بذلک إلي خالد فأجابه:حرة کريمة أفدت إبن عمها بنفسها. وأمر بتخليتها فبلغ الخبر الاعور الکلبي بالشام فقال قصيدته التي يرمي فيها إمرأة الکميت بأهل الحبس ويقول:

أسودينا واحمرينا....

فهاج الکميت ذلک حتي قال:


ألا حييت عنا يا مدينا
وهي ثلاثمائة بيت


وقال في ص 114: إن خالد بن عبدالله القسري روي جارية حسناء قصايد الکميت ألهاشميات وأعدها ليهديها إلي هشام وکتب إليه بأخبار الکميت وهجائه بني امية وأنفذ إليه قصيدته التي يقول فيها:

[صفحه 195]

فيارب هل إلا بک النصر يبتغي
ويا رب هل إلا عليک المعول


وهي طويلة يرثي فيها زيد بن علي وابنه الحسين بن زيد ويمدح بني هاشم، فلما قرأها أکبرها وعظمت عليه واستنکرها وکتب إلي خالد: يقسم عليه أن يقطع لسان الکميت ويده. فلم يشعر الکميت إلا والخيل محدقة بداره فاخذ وحبس في المحبس، وکان أبان بن الوليد عاملا علي واسط وکان الکميت صديقه فبعث إليه بغلام علي بغل وقال له: أنت حر- إلي آخر ما يأتي إنشاء الله تعالي.

وللکميت في حديث الغدير من قصيدة قوله:


علي أميرالمؤمنين وحقه
من الله مفروض علي کل مسلم


وان رسول الله أوصي بحقه
وأشرکه في کل حق مقسم


وزوجه صديقة لم يکن لها
معادلة غير البتولة مريم


وردم أبواب الذين بني لهم
بيوتا سوي أبوابه لم يردم


وأوجب يوما بالغدير ولاية
علي کل بر من فصيح وأعجم


تفسير أبي الفتوح 2 ص 193



صفحه 193، 194، 195.