البائية من الهاشميات











البائية من الهاشميات



طربت وما شوقا إلي البيض أطرب
ولا لعبا مني، وذو الشيب يلعب؟


روي أبوالفرج في «الاغاني» 15 ص 124 بإسناده عن إبراهيم بن سعد الاسدي قال: سمعت أبي يقول: رأيت رسول الله صلي الله عليه وآله في المنام فقال: من أي الناس أنت؟ قلت:

[صفحه 190]

من العرب. قال: أعلم فمن أي العرب؟ قلت: من بني أسد. قال: من أسد بن خزيمة. قلت:نعم. قال: أهلالي أنت؟ قلت: نعم. قال: أتعرف الکميت بن زيد؟ قلت: يا رسول الله عمي ومن قبيلتي. قال: أتحفظ من شعره؟ قلت: نعم. قال أنشدني.

طربت وما شوقا إلي البيض أطرب.....

قال: فأنشده، حتي بلغت إلي قوله:


فمالي إلا آل أحمد شيعة
ومالي إلا مشعب الحق مشعب


فقال لي: إذا أصبحت فاقرأ عليه السلام وقل له. قد غفر الله لک بهذه القصيدة. وذکره العباسي في معاهد التنصيص 2 ص 27 وغيره.

وفي « الاغاني» 15 ص 124: عن دعبل بن علي الخزاعي قال: رأيت النبي صلي الله عليه وآله في النوم فقال لي: مالک وللکميت بن زيد؟ فقلت: يا رسول الله؟ ما بيني وبينه إلا کما بين الشعراء. فقال: لا تفعل، أليس هو القائل؟

فلازلت فيهم حيث يتهمونني
ولا زلت في أشياعکم أتقلب


فإن الله قد غفر له بهذا البيت قال. فانتهيت عن الکميت بعدها.

هذا البيت من أبيات حرفتها يد النشر المصرية عن القصيدة بعد قوله:


وقالوا ترابي هواه ورأيه
بذلک ادعي فيهم والقب


قال السيوطي في شرح شواهد المغني ص 13: أخرج إبن عساکر باسناده عن محمد بن عقير[1] کانت بنو اسد تقول: فينا فضيلة ليست في العالم، ليس منزل منا إلا وفيه برکة وراثة الکميت لانه رأي النبي صلي الله عليه وآله في النوم فقال له: انشدني:

طربت وما شوقا إلي البيض أطرب....

فانشده فقال له: بورکت وبورک قومک.

وفي «شرح الشواهد» ايضا ص 14: أخرج إبن عساکر عن أبي عکرمة الضبي عن أبيه قال: أدرکت الناس بالکوفة من لم يرو.


طربت وما شوقا إلي البيض أطرب
ولا لعبا مني وذو الشيب يلعب؟


فليس بهاشمي. ورواه السيد في الدرجات الرفيعة وفيها: فليس بشيعي.

[صفحه 191]

وقال السيوطي في «الشرح » ص 14: أخرج إبن عساکر عن محمد بن سهل قال قال الکميت: رأيت في النوم وأنا مختف رسول الله صلي الله عليه وآله فقال: مم خوفک؟ قلت: يا رسول الله؟ من بني امية وأنشدته:


ألم ترني من حب آل محمد
أروح وأغدو خائفا أترقب[2] .


فقال: أظهر فإن الله قد أمنک في الدنيا والآخرة.

وقال في ص 14: أخرج إبن عساکر عن الجاحظ قال: ما فتح للشيعة ألحجاج إلا الکميت بقوله:


فإن هي لم تصلح لحي سواهم
فإن ذوي القربي أحق وأوجب


يقولون: لم يورث. ولولا تراثه
لقد شرکت فيها بکيل وأرحب


وذکر کلام الجاحظ الشيخ المفيد کما في «الفصول المختارة» 2 ص 84، و لعل الجاحظ لم يقف علي مواقف إحتجاج الشيعة بنفس هذه الحجة وغيرها المتکثرة منذ عهدهم المتقادم المتصل بالعهد النبوي. أو انه يرمي بکلمته إلي إنکار سلف الشيعة في الصدر الاول، لکن فضحه تاريخهم المجيد والمأثورات في فضلهم عن صاحب الرسالة وهلم جرا، وإنک تجد الاحتجاج بما ذکر وغيره في کثير من شعر الصحابة والتابعين لهم باحسان وفي کلماتهم المنثورة قبل أن تنعقد نطفة الکميت کخزيمة بن ثابت ذي الشهادتين. وعبدالله بن عباس، والفضل بن عباس، وعمار بن ياسر، وأبي ذر الغفاري وقيس بن سعد الانصاري، وربيعة بن الحرث بن عبدالمطلب، وعبدالله بن أبي سفيان إبن الحرث بن عبدالمطلب، وزفر بن زيد بن حذيفة، والنجاشي بن الحرث بن کعب، وجرير بن عبدالله البجلي، وعبدالرحمن بن حنبل حليف بني جمع، وآخرين کثيرين.

وقد فتح لهم هذا الباب بمصراعيه أميرالمؤمنين علي صلوات الله عليه في کتبه وخطبه الطافحة بذلک، ألمبثوثة في طيات الکتب ومعاجم الخطب والرسائل، قال شيخنا المفيد کما في « الفصول» 2 ص 85: إنما نظم الکميت معني کلام أميرالمؤمنين عليه السلام في منثور کلامه في الحجة علي معاوية، فلم يزل آل محمد عليهم السلام بعد أميرالمؤمنين يحتجون بذلک ومتکلموا الشيعة قبل الکميت وفي زمانه وبعده وذلک موجود

[صفحه 192]

في الاخبار المأثورة والروايات المشهورة، ومن بلغ إلي الحد الذي بلغه الجاحظ في البهت سقط کلامه.



صفحه 190، 191، 192.





  1. في غير شرح الشواهد: عقبة.
  2. هو البيت الخامس والسبعين من القصيدة.