وفاة عمرو بن العاص











وفاة عمرو بن العاص



توفي ليلة الفطر سنة 43 علي ما هو الاصح عند المؤرخين وقيل غير ذلک، وعاش نحو تسعين سنة وقال العجلي: عاش تسعا وتسعين سنة. قال اليعقوبي في تاريخه 2 ص 198: لما حضرت عمرا ألوفاة قال لابنه: لود أبوک انه کان مات في غزات ذات السلاسل، إني قد دخلت في امور لا أدري ما حجتي عند الله فيها. ثم نظر إلي ماله فرأي کثرته فقال: يا ليته کان بعرا، يا ليتني مت قبل هذا اليوم بثلاثين سنة، اصلحت لمعاوية دنياه وأفسدت ديني، آثرت دنياي وترکت آخرتي، عمي علي رشدي حتي حضرني أجلي، کأني بمعاوية قد حوي مالي وأساء فيکم خلافتي.

قال إبن عبدالبر في الاستيعاب 2 ص 436: دخل إبن عباس علي عمرو بن العاص في مرضه فسلم عليه وقال: کيف أصبحت يا أبا عبدالله؟ قال: أصبحت وقد أصلحت من دنياي قليلا، وأفسدت من ديني کثيرا، فلو کان الذي أصلحت هو الذي أفسدت والذي أفسدت هو الذي أصلحت لفزت، ولو کان ينفعني أن أطلب طلبت، ولو کان ينجيني أن أهرب هربت، فصرت کالمنخنق بين السماء والارض، لا أرقي بيدين ولا أهبط برجلين، فعظني بعظة أنتفع بها يابن أخي. فقال له إبن عباس: هيهات يا أبا عبدالله؟ صار إبن أخيک أخاک، ولا تشاء أن تبکي إلا بکيت، کيف يؤمن برحيل من هو مقيم؟. فقال عمرو: وعلي حينها[1] حين إبن بضع وثمانين سنة تقنطني من رحمة ربي؟ أللهم؟ إن إبن عباس تقنطني من رحمتک، فخذ مني حتي ترضي. قال إبن عباس: هيهات يا أبا عبدالله؟ أخذت جديدا وتعطي خلقا. فقال عمرو: مالي ولک يابن عباس؟! ما أرسلت کلمة إلا أرسلت نقيضها.

[صفحه 176]

قال عبدالرحمن بن شماسة: لما حضرت عمرو بن العاص ألوفاة بکي فقال له إبنه عبدالله: لم تبکي أجزعا من الموت؟؟!! قال: لا والله ولکن لما بعده. فقال له : قد کنت علي خير. فجعل يذکره صحبة رسول الله صلي الله عليه وآله وفتوحه الشام، فقال له عمرو: ترکت أفضل من ذلک: شهادة أن لا إله إلا الله. إني کنت علي ثلاث أطباق ليس منها طبق إلا عرفت نفسي فيه، کنت أول شئ کافرا فکنت أشد الناس علي رسول الله صلي الله عليه وآله فلو مت يومئذ وجبت لي النار. فلما بايعت رسول الله صلي الله عليه وآله کنت أشد الناس حياء منه فما ملات عيني من رسول الله صلي الله عليه وآله حياء منه، فلو مت يومئذ قال الناس: هينئا لعمرو أسلم وکان علي خير ومات علي خير أحواله فترجي له الجنة . ثم بليت بعد ذلک بالسلطان وأشياء فلا أدري أعلي أم لي؟؟!! فإذا مت فلا تبکين علي باکية. ولا يتبعني مادح ولا نار، وشدوا علي ازاري فإني مخاصم، وشنوا علي التراب فإن جنبي الايمن ليس بأحق بالتراب من جنبي الايسر ألحديث.



صفحه 176.





  1. يعني حين الوفاة.