درس دين واخلاق











درس دين واخلاق



لعل الباحث لا يخفي عليه ان کل سوءة وعورة ذکر بها المترجم له في التاريخ

[صفحه 172]

الصحيح، وما يعزي إليه وعرف به من المساوي في طيات تلکم الکلمات الصادقة المذکورة من الوضاعة والغواية والغدر والمکر والحيلة والخدعة والخيانة والفجور ونقض العهد وکذب القول وخلف الوعد وقطع الال والحقد والوقاحة والحسد والرياء والشح والبذاء والسفه والوغد والجور والظلم والمراء والدناءة واللئم والملق والجلافة والبخل والطمع واللدد وعدم الغيرة علي حليلته. إلي غير ذلک من المعاير النفسية وأضداد مکارم الاخلاق، ليست هذه کلها إلا من علايم النفاق، ومن رشحات عدم الاسلام المستقر، وإنتفاء الايمان بالله وبما جاء به النبي الاقدس، إذا الاسلام الصحيح هو المصلح الوحيد للبشر، ومهذب النفس بمکارم الاخلاق، ومجتمع الفضايل، وأساس کل فضل وفضيلة، وأصل کل محمدة ومکرمة، وبه يتأتي الصلاح في النفوس مهما سري الايمان من عاصمة مملکة البدن ألقلب إلي ساير الاعضاء والجوارح واحتلها واستقر بها.

وذلک أن مثل الايمان في المملکة البدنية الجامعة لشتات آحاد الجوارح والاعضاء کمثل دستور الحکومات في الممالک الجامعة لافراد الاشخاص، فکما أن القوانين المقررة في الحکومات والدول مبثوثة في الافراد، وکل فرد من المجتمع له تکليف يخص به، وواجب يحق عليه أن يقوم به، وحد محدود يجب عليه رعايته، وبصلاح الافراد وقيام کل فرد منهم بواجبه يتم صلاح المجتمع، ويحصل التقدم و الرقي في الحکومات، کذلک الايمان في المملکة البدنية فإنه قوانين مبثوثة في الاعضاء والجوارح العاملة فيها، ولکل منها بنص الذکر الحکيم تکليف يخص به، وحد معين في السنة يجب عليه رعايته والتحفظ به، وأخذ کل بما وجب عليه هو ايمانه و به يحصل صلاحه، فواجب القلب غير فريضة اللسان، وفريضته غير واحب الاذن، وواجبهاغيرما کلف به البصر، وفرضه غير واجب اليدين، وواجبهما غير تکليف الرجلين وهکذا وهکذا، وإن السمع والبصر والفؤاد کل أولئک کان عنه مسئولا، وهذا البيان يستفاد من قول النبي صلي الله عليه وآله فيما أخرجه الحافظ إبن ماجة في سننه 1 ص 35، الايمان معرفة بالقلب، وقول باللسان، وعمل بالارکان[1] وقوله صلي

[صفحه 173]

الله عليه وآله: ألايمان بضع وسبعون شعبة فأفضلها لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الاذي عن الطريق، والحياء شعبة من الايمان[2] ومن هنا يقبل الايمان ضعفا وقوة وزيادة ونقصا، ويتصف الانسان في آن واحد بطرفي السلب والايجاب باعتبارين، فيثبت له الايمان من جهة وينفي عنه باخري، ومن هنا يعلم معني قوله صلي الله عليه وآله: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن[3] فلا يتأتي صلاح الممکة البدنية إلا بالسلم العام وقيام جميع أجزائها بواجبها، وإمتثال کل فرد منها فيما فرض عليه، ولا يکمل الايمان إلا بتحقيق شعبه.

وکما أن إنتفاء الايمان عن کل عضو وجارحة مکلفة يکشف عن ضعف ايمان القلب، وتضعضع حکومة الاسلام فيه، إذ هو أمير البدن ولا ترد الجوارح ولا تصدر إلا عن رأيه وأمره، کذلک الصفات النفسية فإن منها ما هو الکاشف عن قوة الايمان القلبي وضعفه کما ورد في النبوي الشريف فيما أخرجه الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب 3 ص 171: إن المرء ليکون مؤمناوإن في خلقه شئ فينقص ذلک من ايمانه.ومنها ما يلازم النفاق ولا يفارقه ولا يجتمع مع شيئ من الايمان وإن صلي صاحبه وصام وبه عرف المنافق في القرآن العزيز. فإليک ما رود عن النبي الاقدس في کثير من الصفات المذکورة المعزوة إلي المترجم له حتي تکون علي بصيرة من الامر، فلا يغرنک تقلب الذين طغوا في البلاد وأکثروا فيها الفساد.

1- آية المنافق ثلاث: إذا حدث کذب. وإذا وعد أخلف. وإذا ائتمن خان. أخرجه البخاري ومسلم، وفي رواية مسلم: وإن صام وصلي وزعم أنه مسلم.

2- أربع من کن فيه کان منافقا خالصا. ومن کانت فيه خصلة منهن کانت فيه خصلة من النفاق حتي يدعها: إذا ائمتن خان. وإذا حدث کذب. وإذا عهد غدر. وإذا خاصم فجر، أخرجه البخاري. مسلم. أبوداود. الترمذي. النسائي.

3- لا ايمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له. أخرجه أحمد. ألبزار.الطبراني. إبن حبان. أبويعلي. ألبيهقي.

4- ألمسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه. متفق عليه.

5- ألکذب مجانب للايمان. إبن عدي، ألبيهقي.

6- ألمکر والخديعة في النار. ألديلمي. ألقضاعي.

7- ألمؤمن ليس بحقود. ألغزالي. إبن الدبيع.

8- لا ايمان لمن لا حياء له. إبن حبان. إبن الدبيع.

9- ألحسد يفسد الايمان کما يفسد الصبر العسل. ألديلمي. إبن الدبيع.

10- ألغيرة من الايمان والمذاء من النفاق، ألديلمي. ألقضاعي. إبن الدبيع

11- أليسير من الرياء شرک، ومن عادي أولياء الله فقد بارز الله بالمحاربة. إبن ماجة. ألحاکم. ألبيهقي.

12- من أرضي سلطانا بما يسخط به ربه خرج من دين الله. ألحاکم.

13- ألحياء من الايمان. ألبخاري. مسلم. أبوداود. ألترمذي. النسائي. إبن ماجة.

14- سباب المسلم فسوق وقتاله کفر. ألبخاري. مسلم. ألترمذي. ألنسائي إبن ماجة.

15- لا يجتمع في جوف عبد ألايمان والحسد. إبن حبان. ألبيهقي.

16- ألشح والعجز والبذاء من النفاق. ألطبراني. أبوالشيخ.

17- لا يجتمع شح وايمان في قلب عبد أبدا. ألنسائي. ابن حبان. ألحاکم.

18- خصلتان لا يجتمعان في مؤمن: ألبخل، وسوء الخلق. ألبخاري. ألترمذي وغيرهما.

19- ألمؤمن غر کريم والفاجر خب[4] لئيم. أبوداود. ألترمذي. أحمد.

20- إن الرجل لا يکون مؤمنا حتي يکون قلبه مع لسانه سواء، ويکون لسانه مع قلبه سواء، ولا يخالف قوله عمله. ألاصبهاني.

21- ألحياء والايمان قرنآء جميعا، فإذا رفع أحدهما رفع الآخر. ألحاکم. ألطبراني.

[صفحه 175]

22- إن الله عزوجل إذا أراد أن يهلک عبدا نزع منه الحياء، فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إلا مقيتا ممقتا، فإذا لم تلقه إلا مقيتا ممقتا نزعت منه الامانة، فإذا نزعت منه الامانة لم تلقه إلا خائنا مخونا، فإذا لم تلقه إلا خائنامخونا نزعت منه الرحمة، فإذا نزعت منه الرحمة لم تلقه إلا رجيما ملعنا، فإذا لم تلقه إلا رجيما ملعنا نزعت منه ربقة الاسلام. إبن ماجة. المنذري.



صفحه 172، 173، 175.





  1. وبهذا اللفظ يروي عن امير المؤمنين کما في «نهج البلاغة».
  2. أخرجه البخاري. مسلم. ابوداود. الترمذي. النسائي. ابن ماجة.
  3. اخرجه مسلم وغيره.
  4. الخب الخداع.