عبدالله المرقال وعمرو
إني شريت النفس لما اعتلا أعور يبغي أهله محلا لابد أن يفل أو يفلا لا خير عندي في کريم ولي [صفحه 170] فقال عمرو متمثلا: وقد نبت المرعي علي دمن الثري وإنه لهو، دونک يا أميرالمؤمنين؟ ألضب المضب[1] فأشخب أوداجه علي أسباجه أثباجه ولا ترجعه إلي أهل العراق فإنهم أهل فتنة ونفاق، وله مع ذلک هوي يرديه وبطانة تغويه، فوالذي نفسي بيده لئن أفلت من حبائلک ليجهزن إليک جيشا تکثر صواهله لشر يوم لک، فقال عبدالله وهو المقيد: يا ابن الابتر؟ هلا کانت هذه الحماسة عندک يوم صفين؟ ونحن ندعوک إلي البراز، وأنت تلوذ بشمائل الخيل کالامة السوداء والنعجة القوداء، أما انه إن قتلني قتل رجلا کريم المخبرة، حميد المقدرة، ليس بالحبس المنکوس، ولا الثلب[2] المرکوس[3] فقال عمرو: دع کيت وکيت، فقد وقعت بين لحيي لهذم[4] فروس للاعداء، يسعطک إسعاط[5] الکودن[6] الملجم. قال عبدالله: أکثر إکثارک، فاني أعلمک بطرا في الرخاء جبانا في اللقاء، عيابة عند کفاح الاعداء، تري أن تقي مهجتک بأن تبدي سوأتک، أنسيت صفين وأنت تدعي إلي النزال؟ فتحيد عن القتال خوفا أن، يغمرک رجال لهم أبدان شداد، وأسنة حداد، ينهبون السرح، ويذلون العزيز. فقال عمرو: لقد علم معاوية أني شهدت تلک المواطن، فکنت فيها کمدرة الشوک، و لقد رأيت أباک في بعض تلک المواطن، تخفق أحشاؤه، وتنق أمعاؤه. قال: أما والله لو لقيک أبي في ذلک المقام لارتعدت منه فرائصک ولم تسلم منه مهجتک، ولکنه قاتل غيرک، فقتل دونک. فقال معاوية: ألا تسکت؟ لا ام لک. فقال: يابن هند؟ أتقول لي هذا؟ والله لئن شئت لاغرقن جبينک، ولاقيمنک وبين عينيک وسم يلين له خدعاک، أبأکثر من الموت تخوفني؟. فقال معاوية: أو تکف يابن أخي؟ وأمر بإطلاق عبدالله، فقال عمرو لمعاوية: [صفحه 171] أمرتک أمراحازما فعصيتني أليس أبوه يا معاوية الذي فلم ينثني حتي جرت من دمائنا وهذا ابنه والمرء يشبه شيخه[9] . فقال عبدالله يجيبه: معاوي إن المرء عمرا أبت له يري لک قتلي يابن هند وإنما علي أنهم لا يقتلون أسيرهم وقد کان منا يوم صفين نقرة قضي ما أنقضي منها وليس الذي مضي فإن تعف عني تعف عن ذي قرابة فقال معاوية: أري العفو عن عليا قريش وسيلة ولست أري قتل العداة إبن هاشم بل العفو عنه بعد ما بان جرمه فکان أبوه يوم صفين جمرة کتاب صفين لابن مزاحم ص 182، کامل المبرد 1 ص 181، مروج الذهب 2 ص 57 -59، شرح إبن أبي الحديد 2 ص 176.
کان في نفس معاوية من يوم صفين إحن علي هاشم بن عتبة بن أبي وقاص المرقال وولده عبدالله، فلما استعمل معاوية زيادا علي العراق کتب إليه: أما بعد: فانظر عبدالله بن هاشم فشد يده إلي عنقه ثم ابعث به إلي، فحمله زياد من البصرة مقيدا مغلولا إلي دمشق، وقد کان زياد طرقه بالليل في منزله بالبصرة فادخل إلي معاوية وعنده عمرو بن العاص فقال معاوية لعمرو بن العاص: هل تعرف هذا؟ قال: لا. قال: هذا الذي يقول أبوه يوم صفين:
وأکثر اللوم وما أقلا
قد عالج الحياة حتي ملا
أسلهم بذي الکعوب سلا
وتبقي حزازات النفوس کماهيا
وکان من التوفيق قتل ابن هاشم
أعان عليا يوم حز الغلاضم؟![7] .
بصفين أمثال البحور الخضارم[8] .
ويوشک أن تقرع به سن نادم
ضغينة صدر غشها غير نائم
يري ما يري عمرو ملوک الاعاجم
إذا کان منه بيعة للمسالم
عليک جناها هاشم وابن هاشم
ولا ما جري إلا کأضغاث حالم
وإن ترقتلي تستحل محارمي
إلي الله في اليوم العصيب القماطر[10] .
بإدراک ثاري في لوي وعامر
وزلت به إحدي الجدود العواثر
علينا فأردته رماح النهابر[11] .
صفحه 170، 171.