الهواتف بالشعر في الدعاية











الهواتف بالشعر في الدعاية



وهناک هتافات غيبية شعرية في الدعاية الدينية، خوطب بها اناس في بدء

[صفحه 10]

الاسلام فاهتدوا بها، وهي معدودة من معاجز النبي صلي الله عليه وآله وتنم عن أهمية الشعر في باب الالقاء والحجاج وإفهام المستمع، وإن أخذه بمجامع القلوب والافئدة آکد من الکلام المنثور، فليتخذ دستورا في إصلاح المجتمع، وبث الدعاية الروحية.

ومنها:

1- سمعت آمنة بنت وهب في ولادة النبي صلي الله عليه وآله هاتفا يقول:


صلي الاله وکل عبد صالح
والطيبون علي السراج الواضح


ألمصطفي خير الانام محمد
ألطاهر العلم الضياء الايح


زين الانام المصطفي علم الهدي
ألصادق البر التقي الناصح


صلي عليه الله ما هبت الصبا
وتجاوبت ورق الحمام النايح[1] .


2- هتف هاتف من صنم بصوم جهير ليلة مولد النبي صلي الله عليه وآله وقد خرت فيها الاصنام وهو يقول:


تردي لمولود أنارت بنوره
جميع فجاج الارض بالشرق والغرب


وخرت له الاوثان طرا وأرعدت
قلوب ملوک الارض طرا من الرعب


ونار جميع الفرس باخت وأظلمت
وقد بات شاه الفرس في أعظم الکرب


وصدت عن الکهان بالغيب جنها
فلا مخبر منهم بحق ولا کذب


فيال قصي إرجعوا عن ضلالکم
وهبوا إلي الاسلام والمنزل الرحب[2] .


3- قال ورقة: بت ليلة مولد النبي صلي الله عليه وآله عند صنم لنا إذ سمعت من جوفه هاتفا يقول:


ولد النبي فذلت الاملاک
ونأي الضلال وأدبر الاشراک


ثم إنتکس الصنم علي رأسه.[3] .

4- قال العوام بن جهيل مصغرا الهمداني سادن يغوث: بت ليلا في بيت الصنم: وسمعت هاتفا من الصنم يقول: يا ابن جهيل؟ حل بالاصنام ألويل، هذا

[صفحه 11]

نور سطع من الارض الحرام، فودع يغوث بالسلام. فکلمت قومي ما سمعت فإذا هاتف يقول:


هل تسمعن القول يا عوام؟
أم أنت ذو وقر عن الکلام؟


قد کشف دياجر الظلام
وأصفق الناس علي الاسلام


فقلت:


يا أيها الهاتف بالعوام
لست بذي وقر عن الکلام


فبينن عن سنة الاسلام

قال: وما کنت والله عرفت الاسلام قبل ذلک فأجابني يقول:


أرحل علي اسم الله والتوفيق
رحلة لا وان ولا مشيق


إلي فريق خير ما فريق
إلي النبي الصادق المصدوق


فرميت الصنم وخرجت اريد النبي صلي الله عليه وآله فصادفت وفد همدان يدور بالنبي فدخلت عليه فأخبرته خبري فسر النبي صلي الله عليه وآله ثم قال: أخبر المسلمين: وأمرني بکسر الاصنام فرجعت إلي اليمن وقد إمنحن الله قبلي بالاسلام وقلت في ذلک:


من مبلغ عنا شآم قومنا
ومن حل بالاجواف سرا وجهرا


بأنا هدانا الله للحق بعدها
تهود منا حائر وتنصرا


وإنا سرينا من يغوث وقربه
يعوق. وتابعناک يا خير الوري[4] .


5- أخرج أبونعيم في دلايل النبوة 1 ص 34 عن العباس بن مرداس السلمي قال: دخلت علي وثن يقال له الضمار فکنست ما حولهومسحته وقبلته فإذا بصايح يصيح يا عباس بن مرداس؟


قل للقبايل من سليم کلها
هلک الانيس وفاز أهل المسجد


أودي «ضمار» وکان يعبد مرة
قبل الکتاب إلي النبي محمد


إن الذي ورث النبوة والهدي
بعد ابن مريم من قريش مهتد


فخرج العباس في ثلثمائة راکب من فومه إلي النبي صلي الله عليه وآله فلما

[صفحه 12]

رآه النبي تبسم ثم قال: يا عباس بن مرداس کيف کان إسلامک؟ فقص عليه القصة فقال: صدقت وسر بذلک[5] .

6- أخرج أبونعيم في دلايله 1 ص 33 عن رجل خثعمي قال: إن قوما من خثعم کانوا مجتمعين عند صنم لهم إذ سمعوا بهاتف يهتف:


يا أيها الناس ذوو الاجسام
ومسندوا الحکم إلي الاصنام


ما أنتم وطائش الاحلام
هذا نبي سيد الانام


أعدل ذي حکم من الحکام
يصدع بالنور وبالاسلام


ويردع الناس عن الآثام
مستعلن في البلد الحرام


وأخرج أبونعيم عن عمر قال: سمعت هاتفا يهتف ويقول:


يا أيها الناس ذوو الاجسام
ومسندوا الحکم إلي الاصنام


ما أنتم وطائش الاحلام
فکلکم أوره کالنعام[6] .


اما ترون ما أري أمامي؟
قد لاح للناضر من تهام


أکرم به لله من إمام
قد جآء بعد الکفر بالاسلام


والبر والصلات للارحام[7] .

ورواه الخرائطي کما في تاريخ إبن کثير 2 ص 343 باسناده واللفظ فيه:


يا أيها الناس ذوو الاجسام
من بين أشياخ إلي غلام


ما أنتم وطائش الاحلام
ومسند الحکم إلي الاصنام


أکلکم في حير النيام؟
أم لا ترون ما الذي أمامي؟


من ساطع يجلو دجي الظلام
قد لاح للناظر من تهام


ذاک نبي سيد الانام
قد جاء بعد الکفر بالاسلام


أکرمه الرحمن من إمام
ومن رسول صادق الکلام

[صفحه 13]

أعدل ذي حکم من الحکام
يأمر بالصلاة والصيام


والبر والصلات للارحام
ويزجر الناس عن الآثام


والرجس والاوثان والحرام
من هاشم في ذروة السنام


مستعلنا في البلد الحرام

7-أخرج أبونعيم عن يعقوب بن يزيد بن طلحة التيمي عن رجل قال: کنا بقفرة من الارض إذا هاتف من خلفنا يقول:


قد لاح نجم فأضاء مشرقة
يخرج من ظلماء عسوف موبقه


ذاک رسول مفلح من صدقه
ألله أعلي أمره وحققه[8] .

8-أخرج البيهقي وإبن عساکر عن إبن عباس إن رجلا قال: يا رسول الله؟ خرجت في الجاهلية أطلب بعيرا شرد فهتف بي هاتف في الصبح يقول:


يا أيها الراقد في الليل الاجم
قد بعث الله نبيا في الحرم


من هاشم أهل الوفاء والکرم
يجلو دجنات الدياجي والظلم


فأدرت طرفي فما رأيت له شخصا فقلت:


يا أيها الهاتف في داجي الظلم
أهلا وسهلا بک من طيف ألم


بين هداک الله في لحن الکلم
ماذا الذي يدعو إليه؟ يغتنم


فإذا أنا بنحنحة وقائل يقول:

ظهر النور، وبطل الزور، وبعث الله محمدا بالخيور. ثم أنشأ يقول:


ألحمد لله الذي
لم يخلق الخلق عبث


أرسل فينا أحمدا
خير نبي قد بعث


صلي عليه الله ما
حج له رکب وحث[9] .

9-أخرج أبوسعد في شرف المصطفي عن الجعد بن قيس المرادي قال: خرجنا أربعة أنفس نريد الحج في الجاهلية فمررنا بواد من أودية اليمن إذا بهاتف يقول:


ألا أيها الراکب المعرس بلغوا
إذا ما وقفتم بالحطيم وزمزما

[صفحه 14]

محمد المبعوث منا تحية
تشيعه من حيث سار ويمما


وقولوا له: إنا لدينک شيعة
بذلک أوصانا المسيح بن مريما[10] .


10- أخرج الحاکم في المستدرک 3 ص 253 عن عيش بن جبر قال: سمعت قريش في ليلة قائلا يقول علي أبي قبيس:


فإن يسلم السعدان يصبح محمد
بمکة لا يخشي خلاف مخالف


فظنت قريش انهما سعد تميم، وسعد هذيم، فلما کانت الليلة الثانية سمعوه يقول:

أيا سعد سعد الاوس کن أنت ناصرا
ويا سعد سعد الخزرجين الغطارف


أجيبا إلي داعي الهدي وتمنيا
علي الله في الفردوس منية عارف


فإن ثواب الله يا طالب الهدي؟
جنان من الفردوس ذات رفارف


فلما أصبحوا قال سفيان: هو والله سعد بن معاذ وسعد بن عبادة[11] .

11- روي إبن سعد في طبقاته الکبر 1 ص 215 -219 ما ملخصه: لما هاجر رسول الله صلي الله عليه وآله من مکة إلي المدينة ومر هو ومن معه بخيمتي ام معبد الخزاعية وهي قاعدة بفناء الخيمة فسألوها تمرا أو لحما يشترون، فلم يصيبوا عندها شيئا من ذلک، وإذا القوم مرملون[12] مسنتون[13] فقالت: والله لو کان عندنا شئ ما أعوزکم القري، فنظر رسول الله صلي الله عليه وآله إلي شاة في کسر الخيمة، فقال: ما هذه الشاة يا ام معبد؟ قالت: هذه شاة خلفها الجهد عن الغنم، فقال: هل بها من لبن؟ قالت: هي أجهد من ذلک، قال: أتأذنين لي أن أحلبها؟ قالت: نعم بأبي أنت وامي إن رأيت بها حلبا، فدعا رسول الله صلي الله عليه وآله بالشاة فمسح ضرعها وذکر اسم الله وقال: أللهم؟ بارک لها في شاتها. قال: فتفاجت[14] ودرت واجترت[15] فدعا بإناء لها يربض[16] الرهط فحلب فيه ثجا[17] .

[صفحه 15]

سال حتي غلبه الثمال[18] فسقاها فشربت حتي رويت وسقي أصحابه حتي رووا وشرب صلي الله عليه وآله آخرهم وقال: ساقي القوم آخرهم، فشربوا جميعا عللا بعد نهل[19] حتي أراضوا[20] ثم حلب فيه ثانيا عودا علي بدء فغادره عندها ثم إرتحلوا عنها. ألحديث. وأصبح صوت بمکة عاليا بين السماء والارض يسمعونه ولا يرون من يقول وهو يقول:


جري الله رب الناس خير جزائه
رفيقين حلا خيمتي ام معبد


هما نزلا بالبر وارتحلا به
فأفلح من أمسي رفيق محمد


فيال قصي ما زوي الله عنکم
به من فعال لا يجازي وسودد


سلوا اختکم عن شاتها وإنائها
فإنکم إن تسألوا الشاة تشهد


دعاها بشاة حائل فتحلبت
له بصريح ضرة الشاة مزبد[21] .


فغادره رهنا لديها لحالب
تدر بها في مصدر ثم مورد[22] .


12- أخرج إبن الاثير في اسد الغابة 5 ص 188 عن أبي ذؤيب الهذلي الشاعر انه سمع ليلة وفاة النبي صلي الله عليه وآله هاتفا يقول:


خطب أجل أناخ بالاسلام
بين النخيل ومعقد الآطام[23] .


قبض النبي محمد فعيوننا
تذري الدموع عليه بالتسجام


وهناک هواتف في شؤون العترة النبوية منها:

13- أخرج الحافظ الکنجي في کفايتة ص 261: لما ولد في الکعبة علي «أمير المؤمنين» دخل أبوطالب الکعبة وهو يقول:


يا رب هذا الغسق الدجي
والقمر المنبلج المضي


بين لنا من أمرک الخفي
ماذا تري في إسم ذا الصبي

[صفحه 16]

قال: فسمع صوت هاتف وهو يقول:


يا أهل بيت المصطفي النبي
خصصتم بالولد الزکي


إن اسمه من شامخ العلي
علي اشتق من العلي


ثم قال: هذا حديث تفرد به مسلم بن خالد الزنجي وهو شيخ الشافعي.

14- ذکر الشبلنجي في نور الابصار ص 47: إن عليا «أميرالمؤمنين» کان يزور قبر فاطمة في کل يوم فأقبل ذات يوم فانکب علي القبر وبکي وأنشأ يقول:


مالي مررت علي القبور مسلما
قبر الحبيب فلا يرد جوابي


يا قبر مالک لا تجيب مناديا؟
أمللت بعدي خلة الاحباب؟


فأجابه هاتف يسمع صوته ولا يري شخصه وهو يقول:


قال الحبيب: وکيف لي بجوابکم
وأنا رهين جنادل وتراب؟


أکل التراب محاسني فنسيتکم
وحجبت عن أهلي وعن أترابي


فعليکم مني السلام تقطعت
مني ومنکم خلة الاحباب


15- روي إبن عساکر في تاريخه 4 ص 341، والکنجي في الکفاية عن ام سلمة قالت:لما کانت ليلة قتل الحسين الامام السبط سمعت قائلا يقول:


أيها القاتلون جهلا حسينا
أبشروا بالعذاب والتنکيل


کل أهل السماء يدعو عليکم
من نبي ومرسل وقبيل


قد لعنتم علي لسان بن داود
وموسي وحامل الانجيل[24] .



صفحه 10، 11، 12، 13، 14، 15، 16.





  1. بحار الانوار 6 ص 73.
  2. تاريخ ابن کثير 2 ص 341، الخصايص الکبري للسيوطي 1 ص 52.
  3. الخصايص الکبري 1 ص 52.
  4. أسد الغابة 4 ص 193، الاصابة 3 ص 41.
  5. ابن شهر آشوب في المناقب 1 ص 61، تاريخ ابن کثير 2 ص 341.
  6. في البحار 6 ص 319. فکلکم أوره کالکهام. وروه فهو أوره. أي حمق. الکهام: الکليل. البطئ. المسن.
  7. الخصايص الکبري 1 ص 133.
  8. الخصايص الکبري 1 ص 104.
  9. الخصايص الکبري 1 ص 109.
  10. الخصايص الکبري 1 ص 109.
  11. ورواه ابن شهر اشوب في المناقب 1 ص 59.
  12. نفد زادهم وافتقروا.
  13. مجدبون.
  14. من التفاج هو المبالغة في تفريج ما بين الرجلين، وهو من الفج أي الطريق.
  15. من الجرة وهي: ما يخرجه البعير من بطنه فيمضغه ثانيا.
  16. اي يرويهم حتي يناموا ويأخذوا راحتهم.
  17. ثج الماء ثجوجا: سال.
  18. الثمال بضم الثاء واحدة ثمالة: الرغوة.وما بقي في الاناء من ماء غيره.
  19. عللا. بالتحريک: شربا بعد شرب. نهل بالتحريک: اول الشرب.
  20. من اراض اراضة: روي.
  21. الصريح: الخالص. الضرة: أصل الثدي. المزبد: القاذف بالزبد.
  22. ورواها ابونعيم في دلايل النبوة 2 ص 118.
  23. واحده الاطم بالضم: الابنية المرتفعة کالحصون.
  24. ذکر ابن حجر منها بيتين، ورواها شيخنا ابن قولويه المتوفي 367 ر 8 في کامله ص 30.