حديث أمارة قيس











حديث أمارة قيس



ففي العهد النبوي کان من النبي صلي الله عليه وآله بمنزلة صاحب الشرطة

[صفحه 70]

من الامير يلي ما يلي من أموره[1] وکان حامل راية الانصار مع رسول الله صلي الله عليه وآله في بعض الغزوات، واستعمله علي الصدقة، وکان من ذوي الرأي من الناس[2] وبعده ولاه أمير المؤمنين عليه السلام مصر وکان أميرها الطاهر.

کان قيس من شيعة علي عليه السلام ومناصحيه بعثه علي أميرا علي مصر في صفر سنة 36، وقال له: سر إلي مصر فقد وليتکها، وأخرج إلي ظاهر المدينة، وأجمع إليک ثقاتک ومن أحببت أن يصحبک حتي تأتي مصر ومعک جند، فإن ذلک أرعب لعدوک وأعز لوليک، فإذا أنت قدمتها إنشاء الله فأحسن إلي المحسن، واشدد علي المريب، و أرفق بالعامة والخاصة فإن الرفق يمن.

فقال قيس: رحمک الله يا أميرالمؤمنين؟ قد فهمت ما ذکرت، فأما الجند فإني أدعه لک، فإذا إحتجت إليهم کانوا قريبا منک، وإن أردت بعثتهم إلي وجه من وجوهک کان لک عدة، ولکني أسير إلي مصر بنفسي وأهل بيتي، وأما ما أوصيتني به من الرفق والاحسان فالله تعالي هو المستعان علي ذلک.

فخرج قيس في سبعة نفر من أهله حتي دخل مصر مستهل ربيع الاول فصعد المنبر فجلس عليه خطيبا فحمد الله وأثني عليه وقال: ألحمد لله الذي جاء بالحق. وأمات الباطل، وکبت الظالمين، أيها الناس؟ إنا بايعنا خير من نعلم بعد نبينا محمد «صلي الله عليه وآله» فقوموا فبايعوا علي کتاب الله وسنة رسوله، فإن نحن لم نعلم لکم بذلک فلا بيعة لنا عليکم.

فقام الناس فبايعوا واستقامت مصر وأعمالها لقيس وبعث عليها عماله إلا أن قرية منها يقال لها: خربتا[3] قد أعظم أهلها قتل عثمان وبها رجل من بني کنانة يقال له: يزيد إبن الحارث فبعث إلي قيس إنا لا نأتيک فابعث عمالک فالارض أرضک ولکن أقرنا علي

[صفحه 71]

حالنا حتي ننظر إلي ما يصير أمر الناس، ووثب محمد بن مسلمة بن مخلد بن صامت الانصاري فنعي عثمان ودعا إلي الطلب بدمه. فأرسل إليه قيس: ويحک أعلي تثب؟ والله ما احب أن لي ملک الشام ومصر واني قتلتک فأحقن دمک. فأرسل إليه مسلمة: إني کاف عنک ما دمت أنت والي مصر، وکان قيس له حزم ورأي[4] .

خرج أميرالمؤمنين عليه السلام إلي الجمل وقيس علي مصر، ورجع من البصرة إلي الکوفة وهو بمکانه ووليها أربعة أشهر وخمسة أيام، دخلها کما مر في مستهل ربيع الاول وصرف منها لخمس خلون من رجب کما في الخطط للمقريزي، فما في الاستيعاب وغيره: انه شهد الجمل الواقع في جمادي الآخرة سنة 36 في غير محله، نعم يظهر من التاريخ شهوده في مقدمات الجمل.

وولاه علي أميرالمؤمنين آذربيجان کما في تاريخ اليعقوبي 2 ص 178 وکتب إليه وهو عليها: أما بعد: فأقبل علي خراجک بالحق، وأحسن إلي جندک بالانصاف، وعلم من قبلک مما علمک الله، ثم ان عبدالله بن شبيل الاحمسي سألني الکتاب إليک فيه بوصايتک به خيرا، فقد رأيته وادعا متواضعا، فألن حجابک، وافتح بابک، وأعمد إلي الحق، فإن من وافق الحق ما يحبو أسره، ولا تتبع الهوي فيضلک عن سبيل الله، إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب.

قال غياث: ولما أجمع علي علي القتال لمعاوية کتب ايضا إلي قيس: أما بعد: فاستعمل عبدالله بن شبيل الاحمسي خليفة لک وأقبل إلي، فإن المسلمين قد أجمع ملاهم وانقادت جماعتهم،فعجل الاقبال فأنا سأحضرن إلي المحلين عند غرة الهلال إنشاء الله، وما تأخري إلا لک، قضي الله لنا ولک بالاحسان في أمرنا کله.

وروي الطبري في تاريخه 6 ص 91، وإبن کثير في تاريخه 8 ص 14 عن الزهري: انه قال: جعل علي عليه السلام قيس بن سعد علي مقدمة من أهل العراق إلي قبل آذربيجان وعلي أرضها وشرطة الخميس التي إبتدعتها العرب وکانوا أربعين ألفا بايعوا عليه السلام علي الموت، ولم يزل قيس يداري ذلک البعث حتي قتل علي عليه السلام واستخلف

[صفحه 72]

أهل العراق الحسن بن علي عليهاالسلام علي الخلافة.



صفحه 70، 71، 72.





  1. صحيح الترمذي 2 ص 317، سنن البيهقي 8 ص 155، مصابيح البغوي 2 ص 51، الاستيعاب 2 ص 538، اسد الغابة 4 ص 215، الاصابة 5 ص 354، تهذيب التهذيب 6 ص 394، مجمع الروايد 9 ص 345.
  2. تاريخ ابن عساکر، تاريخ ابن کثير 8 ص 99.
  3. بفتح الخاء وکسرها وکسر الراء المهملة ثم الموحدة الساکنة.
  4. تاريخ الطبري 5 ص 227، کامل ابن الاثير 3 ص 106، شرح ابن ابي الحديد 2 ص 23 نقلا عن کتاب الغارات لابراهيم بن محمد الثقفي.