ولادة دعبل ووفاته











ولادة دعبل ووفاته



ولد سنة 148 واستشهد ظلما وعدوانا وهو شيخ کبير سنة 246 فعاش سبعا وتسعين سنة وشهورا من السنة الثامنة. يقال: انه هجا مالق بن طوق بأبيات وبلغت مالکا فطلبه فهرب فأتي البصرة وعليها إسحاق بن العباس العباسي وکان بلغه هجاء دعبل نزارا فلما دخل البصرة بعث من فبض عليه ودعا بالنطع والسيف ليضرب عنقه فحلف بالطلاق علي جحدها، وبکل يمين تبرئ من الدم انه لم يقلها، وان عدوا له قالها، إما أبوسعيد أو غيره ونسبها اليه ليغري بدمه، وجعل يتضرع إليه ويقبل الارض ويبکي بين يديه، فرق له فقال: أما إذا عفيتک من القتل فلابد من أن أشهرک. ثم دعي بالعصا فضربه حتي سلح وأمر به والقي علي قفاه وفتح فمه فرد سلحه فيه والمقارع تأخذ رجليه وهو يحلف: أن لا يکف عنه حتي يستوفيه ويبلعه أو يقتله. فما رفعت عنه حتي بلع

[صفحه 385]

سلحه کله ثم خلاه فهرب إلي الاهواز، وبعث مالک بن طوق رجلا حصيفا[1] مقداما وأمره أن يغتاله کيف شاء، وأعطاه علي ذلک عشرة آلاف درهم، فلم يزل يطلبه حتي وجده في قرية من نواحي السوس فاغتاله في وقت من الاوقات بعد صلاة العتمة فضرب ظهر قدمه بعکاز[2] لها زج مسموم فمات من غد ودفن بتلک القرية. وقيل: بل حمل إلي السوي؟ ودفن بها[3] وفي تاريخ إبن خلکان: قتل ب د الطيب وهي بلدة بين واسط العراق وکور الاهواز. وقال الحموي[4] : وبزويلة[5] قبر دعبل إبن علي الخزاعي قال بکر بن حماد:


ألموت غادر دعبلا بزويلة
في أرض برقة أحمد بن خصيب


لا يخفي علي الباحث أن ترديد إبن عساکر في تاريخه 5 ص 242 بعد ذکر وفاة المترجم سنة 246 وقوله: قيل: انه هجا المعتصم فقتله. وقيل: انه هجا مالک فأرسل إليه من سمه بالسوس ترديد بلا تأمل، ونقل بلا تدبر، إذ المعتصم توفي 227 قبل شهادة المترجم بتسع عشر سنة. کما ان ما ذکره الحموي في «معجم البلدان» 4 ص 418 من ان دعبلا لما هجا المعتصم أهدر دمه فهرب إلي طوس واستجار بقبر الرشيد فلم يجره المعتصم وقتله صبرا في سنة 220 خلاف ما اتفق عليه المؤرخون وعلماء الرجال من شهادته سنة 246.

کان البحتري صديقا للمترجم وأبي تمام المتوفي قبله فرثاهما بقوله


قد زاد في کلفي وأوقد لوعتي
مثوي حبيب يوم مات ودعبل


أخوي لا تزل السماء مخيلة[6] .
تغشا کما بسماء مزن مسبل


جدث علي الاهواز يبعد دونه
مسري النعي ورمسه بالموصل


قال أبونصر محمد بن الحسن الکرخي الکاتب: رأيت علي قبر دعبل مکتوبا:

[صفحه 386]

أعد لله يوم يلقاه
دعبل: أن لا إله إلا هو


يقولها مخلصا عساه بها
يرحمه في القيامة الله


ألله مولاه والرسول ومن
بعدهما فالوصي مولاه


خلف المترجم ولداه: عبدالله وحسين الشاعر، ذکر إبن النديم للثاني منهما ديوانا في نحو مائتي ورقة، وترجمه إبن المعتز في «طبقات الشعراء 9 ص 193 وذکر نماذج من شعره وقال: الدعبلي مليح الشعر جدا.

آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين



صفحه 385، 386.





  1. الحصيف: الجيد الرأي محکم العقل.
  2. العکاز بالعين المضمومة والکاف المشددة: عصا ذات زج في أسلفها يتوکأ عليها.
  3. الاغاني 18 ص 60، معاهد التنصيص 1 ص 208.
  4. معجم البلدان 4 ص 418.
  5. اول حدود بلاد السودان.
  6. خيل السحاب: رعد وبرق وتهيأ للمطر.