ترجمة عبدالله بن بديل











ترجمة عبدالله بن بديل



ومؤسس شرفهم الباذخ: ألبطل العظيم عبدالله بن ورقاء الذي کان هو وأخواه عبدالرحمن ومحمد رسل رسول الله صلي الله وآله وسلم إلي المين کما في رجال الشيخ. و

[صفحه 364]

وکانواهم وأخوهم عثمان من فرسان مولانا أميرالمؤمنين الشهداء في صفين[1] وأخوهم الخامس: نافع بن بديل استشهد علي عهد النبي صلي الله عليه وآله ورثاه إبن رواحة بقوله:


رحم الله بن بديل
رحمة المبتغي ثواب الجهاد


صابرا صادق الحديث إذا ما
أکثر القوم قال قول السداد[2] .


فحسب هذا البيت شرفا أن فيه خمسة شهداء وهم بعين الله ومع إبن عم رسول الله صلي الله عليه وآله وکان عبدالله من متقدمي الشجعان، والمتبرز في الفروسية، والمحتلي بأعلي مراتب الايمان، وعده الزهري من دهاة العرب الخمسة کما في الاصابة 2 ص 281 قال له أميرالمؤمنين يوم صفين: احمل علي القوم. فحمل عليهم بمن معه من أهل الميمنة وعليه يومئذ سيفان ودرعان فجعل يضرب بسيفه قدما ويقول:


لم يبق غير الصبر والتوکل
والترس والرمح وسيف مصقل


ثم التمشي في الرعيل الاول
مشي الجمال في حياض المنهل


فلم يزل يحمل حتي إنتهي إلي معاوية والذين بايعوه إلي الموت فأمرهم أن يصمدوا لعبدالله بن بديل وبعث إلي حبيب بن مسلمة الفهري وهو في الميسرة أن يحمل عليه بجميع من معه. واختلط الناس واضطرم الفيلقان ميمنة أهل العراق وميسرة أهل الشام وأقبل عبدالله بن بديل يضرب الناس بسيفه قدما حتي أزال معاوية عن موقفه وجعل ينادي: يا ثارات عثمان؟ وإنما يعني أخا له قتل، وظن معاوية وأصحابه أنه يعني: عثمان بن عفان. وتراجع معاوية عن مکانه القهقري کثيرا وأرسل إلي حبيب بن مسلمة مرة ثانية وثالثة يستنجده ويستصرخه ويحمل حبيب حملة شديدة بميسرة معاوية علي ميمنة العراق فکشفها حتي لم يبق مع إبن بديل إلا نحو مائة إنسان من القراء فاستند بعضهم إلي بعض يحمون أنفسهم ولج إبن بديل في الناس وصمم علي قتل معاوية وجعل يطلب موقفه ويصمد نحوه حتي إنتهي إليه ومع معاوية عبدالله بن عامر واقفا فنادي معاوية بالناس: ويلکم ألصخر والحجارة. حتي أثخنوه فسقط فأقبلوا عليه بسيوفهم فقتلوه، وجاء معاوية وعبدالله بن عامر حتي وقفا عليه فأما عبدالله بن عامر

[صفحه 365]

فألقي عمامته علي وجهه وترحم عليه وکان له من قبل أخا وصديقا، فقال معاوية: إکشف عن وجهه. فقال: لا والله لا يمثل به وفي روح فقال معاوية: إکشف عن وجهه فإنا لا نمثل به قد وهبناه لک. فکشف إبن عامرعن وجهه فقال معاوية: هذا کبش القوم ورب الکعبة أللهم اظفرني بالاشتر النخعي والاشعث الکندي والله مامثل هذا إلا کما قال الشاعر:[3] .


أخو الحرب إن عضت به الحرب عضها
وإن شمرت عن ساقها الحرب شمرا


ويحمي إذا ما الموت کان لقاؤه
قدي السير يحمي الانف أن يتأخرا


کليث هزبر کان يحمي ذماره
رمته المنايا قصدها فتقطرا[4] .


ثم قال: إن نساء خزاعة لو قدرت علي أن تقاتلني فضلا عن رجالها لفعلت[5] ومر بعبدالله بن بديل وهو بآخر رمق من حياته ألاسود بن طهمان الخزاعي فقال له: عز علي والله مصرعک أما والله لو شهدتک لآسيتک ولدافعت عنک، ولو رأيت الذي أشعرک لاحببت أن لا ازايله ولا يزايلني حتي أقتله أو يلحقني بک. ثم نزل إليه فقال: رحمک الله يا عبدالله؟ إن کان جارک ليأمن بوائقک، وإن کنت لمن الذاکرين الله کثيرا، أوصني رحمک الله. قال: اوصيک بتقوي الله وأن تناصح أميرالمؤمنين وتقاتل معه حتي يظهر الحق أو تلحق بالله، وأبلغ أميرالمؤمنين عني السلام وقل له: قاتل علي المعرکة حتي تجعلها خلف ظهرک، فإنه من أصبح والمعرکة خلف ظهره کان الغالب. ثم لم يلبث أن مات فأقبل الاسود إلي علي عليه السلام فأخبره فقال: رحمه الله جاهد معنا عدونا في الحياة ونصح لنا في المماة.[6] .

وينم عن عظمة عبدالله بن بديل بين الصحابة العلوية قول إبن عدي بن حاتم رضوان الله عليه يوم صفين:


أبعد عمار وبعد هاشم
وابن بديل فارس الملاحم


نرجوا البقاء مثل حلم الحالم
وقد عضضنا أمس بالاباهم


وقول سليم سليمان بن صرد الخزاعي يوم صفين:


يالک يوما کاسفا عصبصبا
يالک يوما لا يواري کوکبا


يا أيها الحي الذي تذبذبا
لسنا نخاف ذا ظليم حوشبا


لان فينا بطلا مجربا
إبن بديل کالهزبر مغضبا


أمسي علي عندنا محببا
نفديه بالام ولانبقي أبا


وقول الشني في أبيات له:


فإن يک أهل الشام أودوا بهاشم
وأودوا بعمار وأبقوا لنا ثکلا


وبابني بديل فارسي کل بهمة
وغيث خزاعي به ندفع المحلا[7] .


وأما أبوالمترجم علي بن رزين فکان من شعراء عصره، ترجمه المرزباني في «معجم الشعراء» 1 ص 283، وجده رزين کان مولي عبدالله بن خلف الخزاعي أبي طلحة الطلحات کما ذکره إبن قتيبة في الشعر والشعراء.

وعم المترجم عبدالله بن رزين، أحد الشعرآء کما ذکرة إبن رشيق في «العمدة». وإبن عمه أبوجعفر محمد أبوالشيص إبن عبدالله المذکور، شاعر له ديوان عمله الصولي في مائة وخمسين ورقة، توجد ترجمته في «البيان والتبيين» 3 ص 83، «ألشعر والشعراء» ص 346، «الاغاني» 15 ص 108، «فوات الوفيات» 2 ص 25. وغيرها. و ترجمه إبن المعتز في طبقاته ص 26 -33 وذکر له قصايد طويلة غير انه عکس في إسمه و إسم أبيه وذکره بعنوان: عبدالله بن محمد. والصحيح: محمد بن عبدالله. وعبدالله بن أبي الشيص المذکور، شاعر له ديوان في نحو سبعين ورقة، وذکره أبوالفرج في «الاغاني» 15 ص 108 وقال: إنه شاعر صالح الشعر وکان منقطعا إلي محمد بن طالب فأخذ منه جامع شعر أبيه ومن جهته خرج إلي الناس. وترجمه إبن المعتز في طبقاته ص 173.



صفحه 364، 365.





  1. صفين لابن مزاحم ص 126، خصال الصدوق، شرح النهج 1 ص 486. الاصابة 3 ص 371.
  2. الاصابة 3 ص 543.
  3. هو حاتم الطائي من قصيدة في ديوانه ص 121 ولم يرو فيه البيت الثالث.
  4. تقطر: سقط صريعا.
  5. کتاب صفين لابن مزاحم ص 126، شرح النهج لابن ابي الحديد 1 ص 486.
  6. کتاب صفين لابن مزاحم ص 243 ط ايران و 520 ط مصر، شرح ابن ابي الحديد 2 ص 299.
  7. البهمة بالضم: الجيش. المحل: الخديعة والکيد. الشدة. الجدب.