ما يتبع تائية دعبل











ما يتبع تائية دعبل



1. قال أبوالفرج في الاغاني 18 ص 29: قصيدة دعبل:


مدارس آيات خلت من تلاوة
ومنزل وحي مقفر العرصات[1] .


من أحسن الشعر وفاخر المدايح المقولة في أهل البيت عليهم السلام، قصد بها علي ابن موسي الرضا عليه السلام بخراسان قال: دخلت علي علي بن موسي الرضا عليه السلام فقال لي: أنشدني شيئا مما أحدثت. فأنشدته:


مدارس آيات خلت من تلاوة
ومنزل وحي مقفر العرصات


حتي انتهيت إلي قولي:


اذا وتروا مدوا إلي واتريهم
أکفا عن الاوتار منقبضات


قال: فبکي حتي اغمي عليه وأومأ إلي الخادم کان علي رأسه: أن اسکت. فسکت فمکث ساعة ثم قال لي: اعد. فأعدت حتي انتهيت إلي هذا البيت ايضا فأصابه مثل الذي أصابه في المرة الاولي وأومأ الخادم إلي: أن اسکت. فسکت فمکث ساعة اخري ثم قال لي: أعد. فأعدت حتي إنتهيت إلي آخرها. فقال لي: أحسنت- ثلاث مرات-

[صفحه 351]

ثم أمر لي بعشرة آلاف درهم مما ضرب باسمه ولم تکن دفعت إلي أحد بعد وأمر لي من في منزله بحلي کثير أخرجه إلي الخادم، فقدمت العراق فبعت کل درهم منها بعشرة دراهم إشتراها مني الشيعة فحصل لي مائة ألف درهم فکان أول مال إعتقدته[2] .

قال إبن مهرويه: وحدثني حذيفة بن محمد: ان دعبلا قال له: إنه استوهب من الرضا عليه السلام ثوبا قد لبسه ليجعله في أکفانه فخلع جبة کانت عليه فأعطاه إياها وبلغ أهل قم خبرها فسألوه أن يبيعهم إياها بثلاثين ألف درهم فلم يفعل فخرجوا عليه في طريقه فأخذوها منه غصبا وقالوا له: إن شئت أن تأخذ المال فافعل وإلا فأنت أعلم. فقال لهم: إني والله لا اعطيکم إياها طوعا ولا تنفعکم غصبا وأشکوکم إلي الرضا عليه السلام فصالحوه علي أن أعطوه الثلاثين ألف الدرهم وفرد کم من بطانتها، فرضي بذلک فأعطوه فرد کم فکان في أکفاته وکتب قصيدته:

مدارس آيات خلت من تلاوة......

فيما يقال علي ثوب وأحرم فيه وأمر بأن يکون في أکفانه[3] .

وروي في ص 39 عن دعبل قال: لما هربت من الخليفة بت ليلة بنيسابور وحدي وعزمت علي أن أعمل قصيدة في عبدالله بن طاهر في تلک الليلة فإني لفي ذلک إذ سمعت والباب مردود علي: ألسلام عليکم ورحمة الله انج يرحمک الله. فاقشعر بدني من ذلک ونالني أمر عظيم فقال لي: لا ترع عافاک الله فإني رجل من إخوانک من الجن من ساکني اليمن طرء إلينا طارئ من أهل العراق فأنشدنا قصيدتک:


مدارس آيات خلت من تلاوة
ومنزل وحي مقفر العرصات


فأحببت أن أسمعها منک. قال فأنشدته إياها فبکي حتي خر، ثم قال: رحمک الله ألا احدثک حديثا يزيد في نيتک ويعينک علي التمسک بمذهبک؟! قلت: بلي. قال مکثت حينا أسمع بذکر جعفر بن محمد عليه السلام فصرت إلي المدينة فسمعته يقول: حدثني أبي عن أبيه عن جده ان رسول الله صلي الله عليه وآله قال: علي وشيعته هم الفائزون. ثم ودعني لينصرف فقلت له: يرحمک الله إن رأيت أن تخبرني باسمک فافعل. قال: أناظبيان

[صفحه 352]

بن عامر[4] .

2- قال أبوإسحاق القيرواني الحصري المتوفي سنة 413 في «زهر الآداب» 1 ص 86: کان دعبل مداحا لاهل البيت عليهم السلام کثير التعصب لهم والغلو فيهم وله المرثية المشهورة وهي من جيد شعره وأولها:


مدارس آيات خلت من تلاوة
ومنزل وحي مقفر العرصات


لآل رسول الله بالخيف من مني
وبالبيت والتعريف والجمرات


ديار علي والحسين وجعفر
وحمزة والسجاد ذي الثفنات


قفا نسأل الدار التي خف أهلها
متي عهدها بالصوم والصلوات؟!


وأين الاولي شطت بهم غربة النوي
أفانين في الآفاق مفترقات؟!


احب قصي الدار من أجل حبهم
وأهجر فيهم اسرتي وثقاتي


3- قال الحافظ إبن عساکر في تاريخه 5 ص 234: ثم إن المأمون لما ثبتت قدمه في الخلافة وضرب الدنانير باسمه أقبل بجمع الآثار في فضايل آل الرسول فتناهي إليه فيما تناهي من فضائلهم قول دعبل:


مدارس آيات خلت من تلاوة
ومنزل وحي مقفر العرصات


لآل رسول الله بالخيف من مني
وبالبيت والتعريف والجمرات


فما زالت تردد في صدر المأمون حتي قدم عليه دعبل[5] فقال له: أنشدني قصيدتک التائية ولا بأس عليک ولک الامان من کل شيئ فيها فاني أعرفها وقد رويتها إلا أني احب أن أسمعها من فيک. قال: فأنشده حتي صار إلي هذا الموضع:


ألم تر إني مذ ثلاثين حجة
أروح وأغدو دائم الحسرات


أري فيئهم في غيرهم متقسما
وأيديهم من فيئهم صفرات


فآل رسول الله نحف جسومهم
وآل زياد غلظ القصرات


بنات زياد في الخدور مصونة
وبنت رسول الله في الفلوات

[صفحه 353]

إذا وتروا مدوا إلي واتريهم
أکفا عن الاوتار منقبضات


فلو لا الذي أرجوه في يوم أوغد
تقطع نفسي إثرهم حسرات


فبکي المأمون حتي اخضلت لحيته وجرت دموعه علي نحره، وکان دعبل أول داخل عليه وآخر خارج من عنده.

4- قال ياقوت الحموي في «معجم الادباء» 4 ص 6 19: قصيدته التائية في أهل البيت من أحسن الشعر، وأسني المدايح قصد بها علي بن موسي الرضا عليه السلام بخراسان وذکر حديث البردة وقصتها المذکورة ثم قال: ويقال: إنه کتب القصيدة في ثوب وأحرم فيه وأوصي بأن يکون في أکفانه، ونسخ هذه القصيدة مختلفة في بعضها زيادات يظن[6] أنها مصنوعة ألحقها بها اناس من الشيعة وإنا موردون ما صح منها:


مدارس آيات خلت من تلاوة
ومنزل وحي مقفر العرصات


لآل رسول الله بالخيف من مني
وبالرکن والتعريف والجمرات


ديار علي والحسين وجعفر
وحمزة والسجاد ذي الثفنات


ديار عفاها کل جون مبادر
ولم تعف للايام والسنوات


قفا نسأل الدار التي خف أهلها
متي عهدها بالصوم والصلوات؟!


وأين الاولي شطت بهم غربة النوي
أفانين في الآفاق مفترقات؟!


هم أهل ميراث النبي إذا اعتزوا
وهم خير قادات وخير حماة


وما الناس إلا حاسد ومکذب
ومضطغن ذو إحنة وترات


إذا ذکروا قتلي ببدر وخيبر
ويوم حنين أسلبوا العبرات


قبور بکوفان واخري بطيبة
واخري بفخ نالها صلواتي


وقبر ببغداد لنفس زکية
تضمنها الرحمن في الغرفات


فأما المصمات التي لست بالغا
مبالغها مني بکنه صفات


إلي الحشر حتي يبعث الله قائما
يفرج منها الهم والکربات


نفوس لدي النهرين من أرض کربلا
معرسهم فيها بشط فرات

[صفحه 354]

تقسمهم ريب الزمان کما تري
لهم عقرة مغشية الحجرات


سوي أن منهم بالمدينة عصبة
مدي الدهر أضناه من الازمات


قليلة زوار سوي بعض زور
من الضبع والعقبان والرخمات


لهم کل حين نومة بمضاجع
لهم في نواحي الارض مختلفات


وقد کان منهم بالحجاز وأهلها
مغاوير يختارون في السروات


تنکب لاواء السنين جوارهم
فلا تصطليهم جمرة الجمرات


إذا وردوا خيلا تشمس بالقنا
مساعر جمر الموت والغمرات


وإن فخروا يوما أتوا بمحمد
وجبريل والفرقان ذي السورات


ملامک في أهل النبي فإنهم
أحباي ما عاشوا وأهل ثقاتي


تخيرتهم رشدا لامري فإنهم
علي کل حال خيرة الخيرات


فيارب زدني من يقيني بصيرة
وزد حبهم يا رب في حسناتي


بنفسي أنتم من کهول وفتية
لفک عناة أو لحمل ديات


احب قصي الرحم من أجل حبکم
وأهجر فيکم اسرتي وبناتي


وأکتم حبيکم مخافة کاشح
عتيد لاهل الحق غير موات


لقد حفت الايام حولي بشرها
وإني لارجو الامن بعد وفاتي


ألم تر إني مذ ثلاثين حجة
أروح وأغدو دائم الحسرات؟!


أري فيئهم في غيرهم متقسما
وأيديهم من فيئهم صفرات


فآل رسول الله نحف جسومهم
وآل زياد حفل القصرات[7] .


بنات زياد في القصور مصونة
وآل رسول الله في الفلوات


إذا وتروا مدوا إلي أهل وترهم
أکفا من الاوتار منقبضات


فلولا الذي أرجوه في اليوم أو غد
لقطع قلبي إثرهم حسراتي


خروج إمام لا محالة خارج
يقوم علي اسم الله والبرکات


يميز فينا کل حق وباطل
ويجزي علي النعماء والنقمات


سأقصر نفسي جاهدا عن جدالهم
کفاني ما ألقي من العبرات

[صفحه 355]

فيا نفس طيبي ثم يا نفس أبشري
فغيربعيد کل ما هو آت


فإن قرب الرحمن من تلک مدتي
وأخر من عمري لطول حياتي


شفيت ولم أترک لنفسي رزية
ورويت منهم منصلي وقناتي


احاول نقل الشمس من مستقرها
وأسمع أحجارا من الصلدات


فمن عارف لم ينتفع ومعاند
يميل مع الاهواء والشبهات


قصاراي منهم أن أموت بغصة
تردد بين الصدر واللهوات


کأنک بالاضلاع قد ضاق رحبها
لما ضمنت من شدة الزفرات


5. أخرج شيخ الاسلام أبوإسحاق الحمويي ألمترجم له ج 1 ص 123 عن أحمد بن زياد عن دعبل الخزاعي قال: أنشدت قصيدة لمولاي علي الرضا رضي الله عنه:


مدارس آيات خلت من تلاوة
ومنزل وحي مقفر العرصات


قال لي الرضا: أفلا الحق البيتين بقصيدتک؟! قلت: بلي يابن رسول الله؟ فقال:

وقبر بطوس يالها من مصيبة
ألحت بها الاحشاء بالزفرات


إلي الحشر حتي يبعث الله قائما
يفرج عنا الهم والکربات[8] .


قال دعبل: ثم قرأت باقي القصيدة فلما إنتهيت إلي قولي:


خروج إمام لا محالة واقع
يقوم علي اسم الله والبرکات


بکي الرضا بکاء شديدا ثم قال: يا دعبل نطق روح القدس بلسانک أتعرف من هذا الامام؟! قلت: لا إلا اني سمعت خروج إمام منکم يملا الارض قسطا وعدلا. فقال: إن الامام بعدي إبني محمد وبعد محمد إبنه علي وبعد علي إبنه الحسن وبعد الحسن إبنه الحجة القائم، وهو المنتظر في غيبته، ألمطاع في ظهوره، فيملا الارض قسطا وعدلا کما ملات جورا وظلما، وأما متي يقوم فإخبار عن الوقت لقد حدثني أبي عن آبائه عن رسول الله صلي الله عليه وآله قال: مثله کمثل الساعة لا تأتيکم إلا بغتة. ويأتي هذا الحديث عن الشبراوي أيضا.

6. قال أبوسالم إبن طلحة الشافعي المتوفي 652 في «مطالب السئول» ص

[صفحه 356]

85 قال دعبل: لما قلت: مدارس آيات. قصدت بها أبا الحسن علي بن موسي الرضا وهو بخراسان ولي عهد المأمون فأحضرني المأمون وسألني عن خبري ثم قال لي:

يا دعبل؟ أنشدني- مدارس آيات خلت من تلاوة- فقلت: ما أعرفها يا أمير المؤمنين؟ فقال: يا غلام أحضر أبا الحسن علي بن موسي الرضا عليه السلام؟ فلم يکن إلا ساعة حتي حضر فقال له: يا أبا الحسن؟ سألت دعبلا من- مدارس آيات خلت من تلاوة-فذکر أنه لا يعرفها. فقال لي أبوالحسن: يا دعبل؟ أنشد أميرالمؤمنين؟ فأخذت فيها فأنشدتها فاستحسنها فأمرني بخمسين ألف درهم. وأمر لي أبوالحسن الرضا بقريب من ذلک فقلت: يا سيدي؟ إن رأيت أن تهبني شيئا من ثيابک ليکون کفني. فقال: نعم. ثم دفع لي قميصا قد إبتذله ومنشفة لطيفة، وقال لي: إحفظ هذا تحرس به. ثم دفع ذو الرياستين أبوالعباس ألفضل بن سهل وزير المأمون صلة وحملني علي برذون أصفر خراساني، وکنت اسايره في يوم مطير وعليه ممطر خز وبرنس فأمر لي به ودعا بغيره جديد ولبسه وقال: إنما آثرتک باللبيس لانه خير الممطرين. قال: فاعطيت به ثمانين دينارا فلم تطب نفسي ببيعه، ثم کررت راجعا إلي العراق فلما صرت في بعض الطريق خرج علينا الاکراد فأخدونا فکان ذلک اليوم يوما مطيرا فبقيت في قميص خلق وضر شديد متأسف من جميع ما کان معي علي القميص والمنشفة ومفکر في قول سيدي الرضا إذ مر بي واحد من الاکراد الحرامية تحته الفرس الاصفر الذي حملني عليه ذو الرياستين وعليه الممطر ووقف بالقرب مني ليجتمع إليه أصحابه وهو ينشد- مدارس آيات خلت من تلاوة- ويبکي فلما رأيت ذلک عجبت من لص من الاکراد يتشيع ثم طمعت في القميص والمنشفة فقلت: يا سيدي. لمن هذه القصيدة؟! فقال: وما أنت وذلک؟! ويلک. فقلت: لي فيه سبب اخبرک به. فقال: هي أشهر بصاحبها من أن تجهل. قلت: من؟! قال: دعبل بن علي الخزاعي شاعر آل محمد جزاه الله خيرا. قلت له: يا سيدي فأنا والله دعبل وهذه قصيدتي. ألحديث.

وقال ص 86 بعد ذکر الحديث ما لفظه: فانظر إلي هذه المنقبة وما أعلاها و ما أشرفها وقد يقف علي هذه القصة بعض الناس ممن يطالع هذا الکتاب ويقرأه فتدعوه نفسه إلي معرفة هذه الابيات المعروفة ب د مدارس آيات- ويشتهي الوقوف

[صفحه 357]

عليها وينسبني في إعراضي عن ذکرها إما أنني لم أعرفها، أو: أنني جهلت ميل النفوس حينئذ إلي الوقوف عليها فأحببت أن أدخل راحة علي بعض النفوس وأن أدفع عني هذا النقص المتطرق إلي بعض الظنون فأوردت منها ما يناسب ذلک وهي:


ذکرت محل الربع من عرفات
وأرسلت دمع العين بالعبرات


وفل عري صبري وهاج صبابتي
رسوم ديار أقفرت وعرات


مدارس آيات خلت من تلاوة
ومهبط وحي مقفر العرصات


لآل رسول الله بالخيف من مني
وبالبيت والتعريف والجمرات


ديار علي والحسين وجعفر
وحمزة والسجاد ذي الثفنات[9] .


ديار عفاها جور کل منابذ
ولم تعف بالايام والسنوات


ودار لعبدالله والفضل صنوه
سليل رسول الله ذي الدعوات


منازل کانت للصلاة وللتقي
وللصوم والتطهير والحسنات


منازل جبريل الامين يحلها
من الله بالتسليم والزکوات


منازل وحي الله معدن علمه
سبيل رشاد واضح الطرقات


منازل وحي الله ينزل حولها
علي أحمد الروحات والغدواة


فأين الاولي شطت بهم غربة النوي
أفانين في الاقطار مفترقات؟!


هم آل ميراث النبي إذا انتموا
وهم خيرات سادات وخير حمات


مطاعيم في الاعسار في کل مشهد
لقد شرفوا بالفضل والبرکات


إذا لم نناج الله في صلواتنا
بذکرهم لم يقبل الصلوات


أئمة عدل يقتدي بفعالهم
وتؤمن منهم زلة العثرات


فيا رب زد قلبي هدي وبصيرة
وزد حبهم يا رب في حسناتي


ديار رسول الله أصبحن بلقعا
ودار زياد أصبحت عمرات


وآل رسول الله غلت رقابهم
وآل زياد غلظ القصرات

[صفحه 358]

وآل رسول الله تدمي نحورهم
وآل زياد زينوا الحجلات


وآل رسول الله تسبي حريمهم
وآل زياد آمنوا السريات


وآل زياد في القصور مصونة
وآل رسول الله في الفلوات


فيا وارثي علم النبي وآله
عليکم سلام دائم النفحات


لقد آمنت نفسي بکم في حياتها
واني لارجو الامن من بعد مماتي


7- ذکر شمس الدين سبط إبن الجوزي الحنفي المتوفي 654 في تذکرته ص 130 من القصيدة 29 بيتا وفيها مالم يذکره الحموي في «معجم الادباء» وذکرت في هامش التذکرة ألقصيدة من أولها إلي- مدارس آيات-.

8- ذکر صلاح الدين الصفدي ألمتوفي 764 في «الوافي بالوفيات» 1 ص 156. طريق رواية القصيدة عن عبيدالله[10] بن جخجخ النحوي عن محمد بن جعفر بن لنکک أبي الحسن البصري النحوي عن أبي الحسين العباداني عن أخيه عن دعبل. وهذا الطريق ذکره جلال الدين السيوطي في «بغية الوعاة» ص 94.

9- روي الشبراوي الشافعي المتوفي 1172 في «الاتحاف» ص 165 عن الهروي قال: سمعت دعبلا يقول: لما أنشدت مولاي الرضا قصيدتي التي أولها:


مدارس آيات خلت من تلاوة
ومهبط وحي مقفر العرصات


فلما انتهيت إلي قولي:


خروج إمام لا محالة خارج
يقوم علي اسم الله والبرکات


يميز فينا کل حق وباطل
ويجزي علي النعماء والنقمات


بکي الرضا عليه السلام بکاء شديدا ثم رفع رأسه إلي فقال لي: يا خزاعي نطق روح القدس علي لسانک بهذين البيتين فهل تدري من هذا الامام؟! ومتي يقوم؟! فقلت: لا يا سيدي؟ إلا أني سمعت بخروج إمام منکم إلي آخر ما مر عن الحمويي[11] .

وفي «الاتحاف» ص 161: نقل الطبري في کتابه عن أبي الصلت الهروي قال: دخل الخزاعي علي علي بن موسي الرضا بمرو فقال: يابن رسول الله؟ إني قلت فيکم

[صفحه 359]

أهل البيت قصيدة وآليت علي نفسي أن لا أنشدها أحدا قبلک واحب أن تسمعها مني فقال له علي الرضا: هات قل. فأنشأ يقول:


ذکرت محل الربع من عرفات
فأجريت دمع العين بالعبرات


وفل عري صبري وهاجت صبابتي
رسوم ديار أقفرت وعرات


مدارس آيات خلت من تلاوة
ومهبط وحي مقفر العرصات


لآل رسول الله بالخيف من مني
وبالبيت والتعريف والجمرات


ديار علي والحسين وجعفر
وحمزة والسجاد ذو الثفنات


ديار لعبدالله والفضل صنوه
نجي رسول الله في الخلوات


منازل کانت للصلاة وللتقي
وللصوم والتطهير والحسنات


منازل جبريل الامين يحلها
من الله بالتعليم والرحمات


منازل وحي الله معدن علمه
سبيل رشاد واضح الطرقات


قفا نسأل الدار التي خف أهلها
متي عهدها بالصوم والصلوات


وأين الاولي شطت بهم غربة النوي
فأمسين في الاقطار مفترقات؟!


احب قضاء الله من أجل حبهم
وأهجر فيهم اسرتي وثقاتي


هم أهل ميراث النبي إذا انتموا
وهم خير سادات وخير حماة


مطاعيم في الاعسار في کل مشهد
لقد شرفوا بالفضل والبرکات


أئمة عدل يقتدي بفعالهم
وتؤمن منهم زلة العثرات


فيارب زد قلبي هدي وبصيرة
وزد حبهم يا رب في حسناتي


لقد آمنت نفسي بهم في حياتها
وإني لارجو الامن بعد وفاتي


ألم تراني مذ ثلاثين حجة
أروح وأغدو دائم الحسرات؟!


أري فيئهم في غيرهم متقسما
وأيديهم من فيئهم صفرات


إذا وتروا مدوا إلي أهل وترهم
أکفا عن الاوتار منقبضات


وآل رسول الله نحف جسومهم
وآل زياد أغلظ القصرات


سأبکيهم ماذر في الافق شارق
ونادي منادي الخير بالصلوات


وما طلعت شمس وحان غروبها
وبالليل أبکيهم وبالغدوات

[صفحه 360]

ديار رسول الله أصبحن بلقعا
وآل زياد تسکن الحجرات


وآل زياد في القصور مصونة
وآل رسول الله في الفلوات


فلو لا الذي أرجوه في اليوم أو غد
تقطع نفسي إثرهم حسراتي


خروج إمام لا محالة خارج
يقوم علي اسم الله بالبرکات


يميز فيناکل حسن وباطل
ويجزي عن النعماء والنقمات


فيا نفس طيبي ثم يا نفس فاصبري
فغير بعيد کل ما هو آت


وهي قصيدة طويلة عدة أبياتها مائة وعشرون بيتا. ولما فرغ دعبل من إنشادها نهض أبوالحسن الرضا وقال: لا تبرح. فأنفذ اليه صرة فيها مائة دينار واعتذر إليه. فردها دعبل وقال: والله ما لهذا جئت وإنما جئت للسلام عليه والتبرک بالنظر إلي وجهه الميمون وإني لفي غني فإن رأي أن يعطيني شيئا من ثيابه للتبرک فهو أحب إلي. فأعطاه الرضا جبة خز عليه الصرة وقال للغلام: قل له: خذها ولا تردها فإنک ستصرفها أحوج ما تکون إليها. فأخذها وأخذ الجبة. إلي آخر حديث اللصوص المذکور.

10- ذکر الشبلنجي في «نور الابصار» ص 153 ما مر عن الشبراوي برمته حرفيا.

أما أعلام الطايفة

فقد ذکر القصيدة وقصة الجبة واللصوص جمع کثير لا نطيل المقال بذکر کلماتهم بل نقتصر منها علي مالم يذکر في الکلمات المذکورة. روي شيخنا الصدوق في«العيون» 368 و «الامالي» 211 عن الهروي قال: دخل دعبل علي أبي الحسن الرضا عليه السلام بمرو فقال له: يابن رسول الله؟ إني قد قلت فيکم قصيدة وآليت علي نفسي أن لا أنشدها أحدا قبلک فقال عليه السلام: هاتها. فأنشده فلما بلغ إلي قوله:


أري فيئهم في غيرهم متقسما
وأيديهم من فيئهم صفرات


بکي أبوالحسن عليه السلام وقال له: صدقت يا خزاعي؟ فلما بلغ إلي قوله:


إذا وتروا مدوا إلي واتريهم
أکفا عن الاوتار منقبضات


جعل أبوالحسن عليه السلام يقلب کفيه ويقول: أجل والله منقبضات: فلما بلغ إلي قوله:


لقد خفت في الدنيا وأيام سعيها
وإني لارجو الامن من بعد وفاتي

[صفحه 361]

قال الرضا: آمنک الله يوم الفزغ الاکبر. فلما إنتهي إلي قوله:


وقبر ببغداد لنفس زکية
تضمنها الرحمن في الغرفات


قال له الرضا: أفلا ألحق لک بهذا الموضع بيتين بهما تمام قصيدتک؟! فقال بلي يابن رسول الله. فقال عليه السلام:


وقبر بطوس يالها من مصيبة
توقد في الاحشاء بالحرقات


إلي الحشر حتي يبعث الله قائما
يفرج عنا الهم والکربات


فقال دعبل: يابن رسول الله؟ هذا القبر الذي بطوس قبر من هو؟! فقال الرضا: قبري ولا تنقضي الايام والليالي حتي تصير طوس مختلف شيعتي وزواري، ألا فمن زارني في غربتي بطوس کان معي في درجتي يوم القيامة مغفورا له. ثم نهض الرضا عليه السلام وأمر دعبل أن لا يبرح من موضعه. فذکر قصة الجبة واللصوص ثم قال:

کانت لدعبل جارية لها من قبله محمل فرمدت عينها رمدا عظيما فأدخل أهل الطب عليها فنظروا إليها فقالوا: أما العين اليمني فليس لنا فيها حيلة وقد ذهبت، وأما اليسري فنحن نعالجها ونجتهد ونرجوا أن تسلم. فاغتم لذلک دعبل غما شديدا وجزع عليها جزعا عظيما، ثم انه ذکر ما کان معه من وصلة الجبة فمسحها علي عيني الجارية وعصبها بعصابة منها من أول الليل فأصبحت وعيناها أصح ما کانتا قبل ببرکة أبي الحسن الرضا عليه السلام[12] .

في مشکاة الانوار[13] ومؤجج الاحزان[14] : روي انه لما قرأ دعبل قصيدته علي الرضا عليه السلام وذکر الحجة عجل الله فرجه بقوله:


فلو لا الذي أرجوه في اليوم أوغد
تقطع نفسي إثرهم حسراتي


خروج إمام لا محالة خارج
يقوم علي اسم الله والبرکات


وضع الرضا عليه السلام يده علي رأسه وتواضع قائما ودعي له بالفرج. وحکاه عن «المشکاة» صاحب الدمعة الساکبة وغيره.

[صفحه 362]

ولهذه التائية عدة شروح لاعلام الطايفة منها:

شرح العلامة الحجة السيد نعمة الله الجزائري المتوفي 1112.

شرح کمال الدين محمد بن محمد القنوي الشيرازي.

شرح ألحاج ميرزا علي العلياري التبريزي المتوفي 1327.



صفحه 351، 352، 353، 354، 355، 356، 357، 358، 359، 360، 361، 362.





  1. هو البيت الثلاثون من القصيدة وتسمي به.
  2. في معاهد التنصيص 1 ص 205، عيون اخبار الرضا ص 280.
  3. وذکر في معجم الادباء 4 ص 196، ومعاهد التنصيص 1 ص 205، وعصر المامون 3.
  4. وذکره صاحب معاهد التنصيص 1 ص 205.
  5. ومن هنا يوجد في الاغاني 18 ص 58، وزهر الاداب 1 ص 86، ومعاهد التنصيص 1 ص 205، والاتحاف 165.
  6. يأتي في آخر ما يتبع الشعر: ان هذا الظن اثم ولا يغني من الحق شيئا.
  7. الحفل من الحافل: الممتلئ. القصرات جمع قصرة: أصل العنق.
  8. ألحقهما الامام عليه السلام بعد قول دعبل:

    وقبر ببغداد لنفس زکية
    تضمنها الرحمان في الغرفات.

  9. ذکر الثعالبي في ثمار القلوب ص 233 بيتين من القصيدة احدهما: مدارس ايات. والثاني هذاالبيت وقال: ذو الثفنات کان يقال لکل من علي بن الحسين بن علي ع وعلي بن عبدالله بن عباس: ذو الثفنات. لما علي اعضاء السجود منهما من السجدات الشبيهة بثفنات الابل وذلک لکثرة صلاتهما.
  10. قال ياقوت الحموي: کان ثقة صحيح الکتابة.
  11. وذکره الصدوق في العيون. 370، والامالي 210، والطبرسي في اعلام الوري 192.
  12. وذکره الطبرسي في اعلام الوري ص 191، والاربلي في کشف الغمة ص 275.
  13. تأليف الشيخ محمد بن عبدالجبار البحراني.
  14. تأليف الشيخ عبدالرضا بن محمد الاوالي البحراني.