عظمته والمؤلفون في اخباره











عظمته والمؤلفون في اخباره



لم تفت ء الشيعة تبجل کل متهالک في ولاء أئمة أهل البيت، وتقدر له مکانة عظيمة، وتکبر منه ما أکبره الله سبحانه ورسوله من منصة العظمة، أضف إلي ذلک ما کان بمرأي منهم ومسمع في حق السيد خاصة من تکريم أئمة الحق صلوات الله عليهم مثواه، وتقريبهم لمحله منهم، وإزلافهم إياه، وتقديرهم لسعيه المشکور في

[صفحه 235]

الاشادة بذکرهم والذب عنهم، والبث لفضائلهم، وتظاهره بمولاتهم، وإکثاره من مدائحهم مع رده الصلاة تجاه هاتيک العقود الذهبية لان ما کان يصدر منه من تلکم المظاهر لم تکن إلا تزلفا منه إلي المولي سبحانه، وأداءا لاجر الرسالة، وصلة للصادع بها صلي الله عليه وآله، ولقد کاشف في ذلک کله إبويه الناصبيين الخارجيين، فکان معجزة وقته في التلفع بهذه المآثر کلها، والتظاهر بهذا المظهر الطاهر، ومنبته ذلک المنبت الخبيث، فما کان الشيعي يوم ذاک وهلم جرا يجد من واجبه الديني إلا إکباره وخفض الجناح عند عظمته.

قال إبن عبد ربه في العقد الفريد 2 ص 289: ألسيد الحميري وهو رأس الشيعة، وکانت الشيعة من تعظيمها له تلقي له وسادة بمسجد الکوفة، وفي حديث شيخ الطايفة الآتي: قال جعفر بن عفان الطائي للسيد: يا أبا هاشم؟ أنت الرأس ونحن الاذناب.

وليس ذلک ببدع من الشيعة بعدما أرلفه الامام الصادق عليه السلام وأراه من دلايل الامامة ما أبقي له مکرمة خالدة حفظها له ألتاريخ کحديث إنقلاب الخمر لبنا.

والقبر وإطلاق لسانه في مرضه وغيرهما، واستفاض الحديث بترحمه عليه السلام إياه والدعاء له والشکر لمساعيه، وبلغهم قوله عليه السلام لعذاله فيه: لو زلت له قدم فقد ثبتت الاخري، وقد أخبره بالجنة.

وکان يستنشد الامام عليه السلام شعره ويحتفل به وقد أنشده إياه فضيل الرسان، وأبوهارون المکفوف، والسيد نفسه، روي أبوالفرج عن علي بن إسماعيل التميمي عن أبيه قال: کنت عند أبي عبدالله جعفر بن محمد عليه السلام إذا استأذن آذنه السيد فأمره بايصاله، وأقعد حرمه خلف ستر، ودخل فسلم وجلس فاستنشده فأنشد قوله:


امرر علي جدث الحسي
ن فقل لاعظمه الزکيه


يا أعظما لازلت من
وطفاء[1] ساکبة رويه


فإذا مررت بقبره
فأطل به وقف المطيه


وابک المطهر للمطه
ر والمطهرة النقية


کبکاء معولة أتت
يوما لواحدها المنيه[2] .

[صفحه 236]

قال: فرأيت دموع جعفر بن محمد تتحدر علي خديه، وارتفع الصراخ والبکاء من داره، حتي أمره بالامساک فأمسک قال: فحدثت أبي بذلک لما أنصرفت فقال لي: ويلي علي الکيساني الفاعل إبن الفاعل يقول:


فإذا مررت بقبره
فأطل به وقف المطيه


فقلت: يا أبت؟ وما يصنع؟ قال: أو لا ينحر؟! أو لا يقتل نفسه؟! فثکلته امه.

الاغاني 7 ص 240

وهذه القصيدة أنشدها أبوهارون المکفوف الامام الصادق عليه السلام، روي شيخنا إبن قولويه في «الکامل ص 33 و 44 عن أبي هارون قال: قال أبوعبدالله عليه السلام يا أبا هارون؟ أنشدني في الحسين عليه السلام قال: فأنشدته فبکي فقال: أنشدني کما تنشدون يعني بالرقة قال: فأنشدته:


امرر علي جدث الحسي
ن فقل لاعظمه الزکيه


ثم قال: زدني. قال: فأنشدته القصيدة الاخري. وفي لفظه الآخر، فأنشدته:


يا مريم قومي فاندبي مولاک
وعلي الحسين فأسعدي ببکاک


قال: فبکي وسمعت البکاء من خلف الستر. ألحديث. ورواه شيخنا الصدوق في «ثواب الاعمال». وهناک منامات صادقة تنم عن تزلف السيد عند النبي الاعظم صلي الله عليه وآله مرت جملة منها ص 221 -224، وروي أبوالفرج عن إبراهيم بن هاشم العبدي إنه قال: رأيت البني صلي الله عليه وآله وبين يديه السيد الشاعر وهو ينشد:


أجد بآل فاطمة البکور
فدمع العين منهمر غزير


حتي أنشده إياها علي آخرها وهو يسمع: قال: فحدثت هذا الحديث رجلا جمعتني وإياه طوس عند قبر علي بن موسي الرضا فقال لي: والله لقد کنت علي خلاف فرأيت النبي صلي الله عليه وآله في المنام وبين يديه رجل ينشد:


أجد بآل فاطمة البکور
إلي آخرها


فاستيقظت من نومي وقد رسخ في قلبي من حب علي بن أبي طالب رضي الله عنه ما کنت أعتقده.

الاغاني 7 ص 246

هذه مکرمة للسيد تشف عن عظمة محله، وحسن عقيدته، وخلوص نيته،

[صفحه 237]

وسلامة مذهبه، وطهارة ضميره، وصدق موقفه. ومهما عرف أعلام الامة مسيس حاجة المجتمع إلي سرد تأريخ مثل السيد من رجالات الفضيلة سلفا وخلفا، أفرد جمع منهم تآليف في أخبار السيد وشعره فمنهم:

1- أبوأحمد عبدالعزيز الجلودي الازدي البصري ألمتوفي 302.

2- ألشيخ صالح بن محمد الصراي شيخ أبي الحسن الجندي.

3- أبوبکر محمد بن يحيي الکاتب الصولي ألمتوفي 335.

4- أبوبشر أحمد بن إبراهيم العمي البصري، ذکر له شيخ الطايفة في فهرسته ص 30: کتاب أخبار السيد وشعره، وفي معجم الادباء 2 ص 226: کتاب أخبار السيد، ويظهر من رجال النجاشي ص 70 ومعالم العلمآء انه ألف کتابا في أخباره وکتابا في شعره

5- أبوعبدالله أحمد بن عبدالواحد ألمعروف بابن عبدون شيخ النجاشي.

6- أبوعبدالله محمد بن عمران المرزباني المتوفي 378، له کتاب «أخبار السيد» وقفنا علي بعض أجزاءه وهو جزء من کتابه «أخبار الشعراء» المشهورين المکثرين في عشرة آلاف ورقة کما في فهرست إبن النديم.

7- أبوعبدالله أحمد بن محمد بن عياش الجوهري المتوفي 401.

8- إسحاق بن محمد بن أحمد بن أبان النخعي.

9- المستشرق الفرنسوي (بربيه دي مينار) جمع أخباره في مائة صحيفة طبعت في پاريس

فهرست النجاشي ص 171 و 141 و 70 و 64 و 63 و 53، فهرست إبن النديم ص 215، فهرست شيخ الطائفة ص 30، معالم العلماء ص 16، الاعلام 1 ص 112.



صفحه 235، 236، 237.





  1. وطف المطر: انهمر. يقال: سحابة وطفاء. اي مسترخية لکثرة مائها.
  2. يوجد من القصيدة 23 بيتا.