قصة السيد مع والديه











قصة السيد مع والديه



روي أبوالفرج في «الاغاني» 7 ص 230 باسناده عن سليمان بن أبي شيخ: إن أبوي السيد کانا إباضيين[1] وکان منزلهما بالبصرة في غرفة بني ضبة، وکان السيد يقول: طالما سب أميرالمؤمنين في هذه الغرفة، فاذا سئل عن التشيع عن أين وقع له؟ قال: غاصت علي الرحمة غوصا، وروي عن السيد: أن أبويه لما علما بمذهبه

[صفحه 233]

هما بقتله فاتي عقبة بن مسلم الهنائي فأخبره بذلک فأجاره وبوأه منزلا وهبه له فکان فيه حتي ماتا فورثهما.

وروي المرزباني في أخبار السيد باسناده عن إسماعيل بن الساحر رواية السيد قال: کنت أتغدا مع السيد في منزله فقال لي: طال الله ما شتم أمير المؤمنين عليه السلام ولعن في هذا البيت. قلت: ومن فعل ذلک؟ قال: أبواي کانا إباضيين. قلت: فکيف صرت شيعيا؟ قال غاصت علي الرحمة فاستنقذتني.

روي المرزباني أيضا عن حودان الحفار إبن أبي حودان عن أبيه وکان أصدق الناس انه قال: شکي إلي السيد: ان امه توقظه بالليل وتقول إني أخاف أن تموت علي مذهبک فتدخل النار، فقد لهجت بعلي وولده فلا دنيا ولا آخرة. ولقد نغصت علي مطعمي ومشربي، وقد ترکت الدخول إليها وقلت أنشد قصيدة منها:


إلي أهل بيت مالمن کان مؤمنا
من الناس عنهم في الولاية مذهب


وکم من شقيق لامني في هواهم
وعاذلة هبت بليل تؤنب


تقول ولم تقصد وتعتب ضلة
وآفة أخلاق النساء التعتب


وفارقت جيرانا وأهل مودة
ومن أنت من حين تدعي وتنسب


فأنت غريب فيهم متباعد
کأنک مما يتقونک أجرب


تعيبهم في دينهم وهم بما
تدين به أزري علبک وأعيب


فقلت: دعيني لن احبر مدحة
لغيرهم ما حج لله أرکب


أتنهينني عن حب آل محمد؟!
وحبهم مما به أتقرب


وحبهم مثل الصلاة وإنه
علي الناس من بعد الصلاة لاوجب[2] .


وقال المرزباني أخبرني محمد بن عبيدالله البصري عن محمد بن زکريا العلائي، قال: حدثتني العباسه بنت السيد قالت: قال لي أبي: کنت وأنا صبي أسمع أبوي يثلبان أميرالمؤمنين عليه السلام فأخرج عنهما وأبقي جايعا واوثر ذلک علي الرجوع إليهما فأبيت في المساجد جايعا لحبي فراقهما وبغضي إياهما حتي إذا أجهدني الجوع رجعت فأکلت ثم خرجت، فلما کبرت قليلا وعقلت وبدأت أقول الشعر قلت لابوي: إن

[صفحه 234]

لي عليکما حقا يصغر عند حقکما علي فجنباني إذا حضرتکما ذکر إميرالمؤمنين عليه السلام بسوء، فإن ذلک يزعجني وأکره عقوقکما بمقابلتکما، فتماديا في غيهما فانتقلت عنهما، وکتبت إليهما شعرا وهو:


خف يا محمد فالق الاصباح
وأزل فساد الدين بالاصلاح


أتسب صنو محمد ووصيه
ترجو بذلک فوزة الانجاح؟؟!!


هيهات قد بعدا عليک وقربا
منک العذاب وقابض الارواح


أوصي النبي له بخير وصية
يوم «الغدير» بأبين الافصاح


إلي آخر الابيات المذکورة في غديرياته. فتواعدني بالقتل فأتيت الامير عقبة بن مسلم فأخبرته خبري فقال لي: لا تقربهما وأعد لي منزلا أمر لي فيه بما أحتاج إليه وأجري علي جراية تفضل علي مؤونتي.

وقال: کان أبواه يبغضان عليا عليه السلام فسمعهما يسبانه بعد صلاة الفجر فقال:


لعن الله والدي جميعا
ثم أصلاهما عذاب الجحيم


حکما غدوة کما صليا الفج
ر بلعن الوصي باب العلوم


لعنا خير من مشي ظهر ال
أرض أو طاف محرما بالحطيم


کفرا عند شتم آل رسول ال
له نسل المهذب المعصوم


والوصي الذي به تثبت الار
ض ولولاه دکدکت کالرميم


وکذا آله اولو العلم والفه
م هداة إلي الصراط القويم


خلفاء الاله في الخلق بالعد
ل وبالقسط عند ظلم الظلوم


صلوات الاله تتري عليهم
مقرنات بالرحب والتسليم


ورواها إبن شاکر في «الفوات» 1 ص 19



صفحه 233، 234.





  1. الاباضية بکسر الهمزة اصحاب عبدالله بن اباض الذي خرج في ايام مروان بن محمد وهم قوم من الحرورية زعموا ان مخالفهم کافر، وکفروا عليا أميرالمؤمنين عليه السلام و اکثر الصحابة.
  2. في بعض النسخ: من بعض الصلاة لاوجب وحق المقام أن يقول: من قبل الصلاة.