ولادة الكميت وشهادته











ولادة الکميت وشهادته



ولد الکميت في سنة الستين عام شهادة الامام السبط الشهيد صلوات الله عليه وعاش عيشة مرضية سعيدا في دنياه، باذلا کله في سبيل ما اختاره له ربه، داعيا إلي سنن الهدي حتي اتيحت له الشهادة ببرکة دعاء الامام زين العابدين عليه السلام له بها، وبعين الله ما هربق من دمه الطاهر وذلک بالکوفة في خلافة مروان بن محمد سنة 126.

وکان سبب موته ما حکاه حجر بن عبدالجبار قال: خرجت الجعفرية[1] علي خالد القسري وهو يخطب علي المنبر ولا يعلم بهم فخرجوا في التبابين ينادون: لبيک جعفر، لبيک جعفر، وعرف خالد خبرهم وهو يخطب فدهش بهم فلم يعلم ما يقول فزعا فقال: أطعموني ماء ثم خرج الناس إليهم فاخذوا فجعل يجيئ بهم إلي المسجد و يؤخذ طن قصب فيطلي بالنفط ويقال للرجل منهم: إحتضنه. ويضرب حتي يفعل ثم يحرق فحرقهم جميعا، فلما عزل خالد عن العراق ووليه يوسف بن عمر دخل عليه الکميت وقد مدحه بعد قتله زيد بن علي فأنشده قوله فيه:


خرجت لهم تمشي البراح ولم تکن
کمن حصنه فيه الرتاج المضبب


وما خالد يستطعم الماء فاغرا
بعدلک والداعي إلي الموت ينعب


قال والجند قيام علي رأس يوسف بن عمر وهم ثمانية فتعصبوا لخالد فوضعوا نعال سيوفهم في بطن الکميت فوجؤوه بها وقالوا: أتنشد الامير ولم تستأمره؟ فلم يزل ينزف الدم حتي مات.

الاغاني 15 ص 121.

وحدث المستهل[2] بن الکميت قال حضرت أبي عند الموت وهو يجود بنفسه واغمي عليه ثم أفاق ففتح عينيه ثم قال: أللهم آل محمد، أللهم آل محمد، أللهم آل محمد. ثلاثا ثم قال: يابني وددت أني لم أکن هجوت نساء بني کلب بهذا البيت وهو:

[صفحه 212]

مع العضروط والعسفاء ألقوا
برادعهن غير محصنينا


فعممتهن قذفا بالفجور، والله ما خرجت ليلا قط إلا خشيت أن ارمي بنجوم السماء بذلک. ثم قال: يا بني إنه بلغني في الروايات: انه يحفر بظهر الکوفة خندق، ويخرج فيه الموتي من قبورهم، وينبشون منها فيحولون إلي قبور غير قبورهم. فلا تدفني في الظهر ولکن إذا مت فامض بي إلي موضع يقال له: «مکران» فادفني فيه. فدفن في ذلک الموضع وکان أول من دفن فيه وهو مقبرة بني أسد إلي الساعة.

«الاغاني» 15 ص 130، «ألمعاهد» 2 ص 131.

[صفحه 213]



صفحه 212، 213.





  1. هم المغيرة بن سعيد وبيان واصحابهما الست وکانوا يسمون: الوصفاء.
  2. کان المستهل من الشعراء المعروفين وله ديوان کما في فهرست ابن النديم ص 233.