فيمن انتفت من ولدها











فيمن انتفت من ولدها



28- في کتاب عجائب احکامه:[1] حدثني ابي، عن محمد بن ابي عمير، عن عمر بن يزيد، عن ابي المعلي، عن ابي عبداللّه (ع)، الخ..

ثم قال: وفي خبر آخر، الخ.

ثم قال: وعنه، عن ابي اسحاق السبيعي، عن عاصم بن ضمرة،[2] قال: سمعت غلاما بالمدينة وهو يقول: يا احکم الحاکمين، احکم بيني وبين امي بالحق.

فقال عمر: يا غلام، لم تدعو علي امک؟

قال: يا اميرالمؤمنين، انها حملتني في بطنها تسعا، وأرضعتني حولين کاملين، فلما ترعرعت وعرفت الخير من الشر، ويميني من شمالي، طردتني وانتفت مني، وزعمت انها لا تعرفني.

فقال عمر: أين تکون الوالدة؟

قال: في سقيفة بني فلان.

فقال عمر: علي بام الغلام، فاتوا بها مع اربعة اخوة لها واربعين قسامة

[صفحه 69]

يشهدون لها انها لا تعرف الصبي، وان هذا الغلام غلام مدع ظلوم غشوم، ويريد ان يفضحها في عشيرتها، وان هذه الجارية من قريش لم تتزوج قط، وانها بخاتم ربها.

فقال عمر: ما تقول، يا غلام؟

فقال الغلام: يا اميرالمؤمنين، هذه واللّه امي، حملتني في بطنها تسعا، وارضعتني حولين کاملين، فلما ترعرعت وعرفت الخير من الشر، ويميني من شمالي، طردتني وانتفت مني، وزعمت انها لاتعرفني.

فقال عمر: يا هذه، ما يقول الغلام؟

فقالت: يا اميرالمؤمنين، والذي احتجب بالنور ولا عين تراه، وحق محمد وما ولد، ما اعرفه، ولا ادري اي الناس هو، انه غلام مدع يريد ان يفضحني في عشيرتي، وانا جارية من قريش لم اتزوج قط، وانا بخاتم ربي.

فقال عمر: الک شهود؟

قالت: نعم، هؤلاء، فتقدم الاربعون القسامة، فشهدوا عند عمر ان هذا الغلام مدع يريد ان يفضحها في عشيرتها، وان هذه جارية من قريش بخاتم ربها لم تتزوج قط.

فقال عمر: خذوا بيد الغلام فانطلقوا به الي السجن حتي نسال عنه وعن الشهود، فان عدلت شهادتهم جلدته حد[3] المفتري، فاخذ بيد الغلام ينطلق به الي السجن، فتلقاهم اميرالمؤمنين (ع) في بعض الطريق.

فقال الغلام: يا ابن عم محمد، اني غلام مظلوم، وهذا عمر قد امر بي الي السجن.

فقال اميرالمؤمنين (ع): ردوه الي اميرالمؤمنين عمر، فردوه اليه.

[صفحه 70]

فقال عمر: امرت به الي السجن فرددتموه!

فقالوا: يا اميرالمؤمنين، امرنا برده علي بن ابي طالب، وقد قلت: لاتعصوا لعلي امرا.

فبينا هم کذلک اذ اقبل اميرالمؤمنين (ع)، فقال: علي بام الغلام، فاتوا بها، فقال: يا غلام، ما تقول؟

فاعاد الکلام.

فقال علي (ع) لعمر: اتاذن لي ان اقضي بينهم؟

فقال عمر: يا سبحان اللّه! وکيف لا وقد سمعت رسول اللّه (ص) يقول: اعلمکم علي بن ابي طالب؟!

ثم قال (ع) للمراة: يا هذه، الک شهود؟

قالت: نعم، فتقدم الاربعون القسامة فشهدوا بالشهادة الاولي.

فقال اميرالمؤمنين (ع): واللّه لا قضين اليوم بينکما بقضية هي مرضاة للرب من فوق عرشه علمنيها حبيبي رسول اللّه (ص)، ثم قال (ع): الک ولي؟

قالت: نعم، هؤلاء اخوتي.

فقال لهم: امري فيکم وفيها جائز؟

قالوا: نعم، يا ابن عم محمد، امرک فينا وفي اختنا جائز.

فقال علي (ع): اشهد اللّه، واشهد رسوله (ص) ومن حضر من المسلمين، اني قد زوجت هذه الجارية من هذا الغلام باربعمائة درهم، والنقد من مالي، يا قنبر، علي بالدراهم، فاتاه قنبر بها، فصبها في حجر الغلام، فقال: خذها وصبها في حجر امراتک، ولا تاتنا الا وبک اثر العرس- يعني الغسل-.

فقام الغلام الي المراءة فصب الدراهم في حجرها، ثم اخذ بيدها وقال لها: قومي.

فنادت المراءة: الامان الامان، يا ابن عم محمد، تريد ان تزوجني من ولدي!

[صفحه 71]

هذا واللّه ولدي، زوجوني هجينا[4] فولدت منه هذا، فلما ترعرع وشب امروني ان انتفي منه واطرده، وهذا واللّه ابني، وفؤادي يتقلي اسفا علي ولدي، ثم اخذت بيد الغلام فانطلقت.

ونادي عمر: واعمراه، لولا علي لهلک عمر.

ورواه ابن شهراشوب في المناقب[5] باختصار عن حدائق ابي تراب الخطيب، وکافي الکليني،[6] وتهذيب ابي جعفر:[7] عن عاصم بن ضمرة ان غلاما وامراة اتيا عمر، فقال الغلام: هذه واللّه امي، حملتني في بطنها تسعا، وارضعتني حولين کاملين، فانتفت مني وطردتني، وزعمت انها لا تعرفني،فاتوا بها مع اربعة اخوة لها واربعين قسامة يشهدون لها ان هذا الغلام مدع ظلوم، يريد ان يفضحها في عشيرتها، وانها بخاتم ربها لم يتزوج بها أحد، فامر عمر باقامة الحد عليه، فرأي عليا (ع) فقال له: احکم بيني وبين امي، فجلس (ع) موضع النبي (ص) فقال: الک ولي؟

قالت: نعم، هؤلاء الاربعة اخوتي.

فقال (ع): حکمي عليکم جائز وعلي اختکم؟

قالوا: نعم.

قال: اشهد اللّه، واشهد من حضر اني زوجت هذه الامراة من هذا الغلام باربعمائة درهم، والنقد من مالي، يا قنبر، علي بالدراهم، فاتاه بها، فقال: خذها فصبها في حجر امراتک وخذ بيدها الي المنزل.

فصاحت المراة: الامان يا ابن عم رسول اللّه، هذا واللّه ولدي، زوجني

[صفحه 72]

اخوتي هجينا فولدت منه هذا، فلما بلغ وترعرع اتفقوا وامروني[8] ان انتفي منه، وخفت منهم، فاخذت بيد الغلام فانطلقت به.

فنادي عمر: لولا علي لهلک عمر.

قال: وفي ذلک يقول ابن حماد:


قال الامام فوليني ولاک لکي
اقرر الحکم قالت أنت تملکني


فقال قومي لقد زوجته بک قم
فادخل بزوجک يا هذا ولا تشن


فحين شد عليها کفه هتفت
اتستحل تري بابني ان تزوجني


فاني من اشرف قومي نسبة وابو
هذا الغلام مهين في العشير دني


فکنت زوجته سرا فاولدني
هذا ومات وامري فيه لم يبن


فظلت أکتمه أهلي ولو علموا
لکان کل امري ء منهم يعيرني


وذکر ابن قيم الجوزية في کتاب السياسة الشرعية فيما حکي [من البسيط] عنه ان امرأة استنکحها رجل أسود اللون، ثم ذهب في غزاة فلم يعد، فوضعت غلاما اسود فتعيرته، فبعد ان شب الغلام استعداها الي عمر، فلم يجد شهادة اثبات، وکاد يتم للمراة ما ارادت، بيد أن عليا (ع) أدرک في طرفه ما تجتهد المرأة في اخفائه. فقال: يا غلام، أما ترضي أن أکون لک أبا والحسن والحسين اخويک؟

فقال الغلام: بلي.

ثم التفت الي اولياء المراة فقال: اما ترضون ان تضعوا امر هذه المرأة في يدي؟

قالوا: بلي.

فقال: اني زوجت موليتي هذه من ابني هذا علي صداق قدره کذا وکذا،

[صفحه 73]

فاجفلت المرأة وقالت: النار يا علي، واللّه انه ابني ولکن تعيرته لسواد لونه.[9] .


صفحه 69، 70، 71، 72، 73.








  1. قضايا اميرالمؤمنين (ع): ح 101 و161.
  2. في بعض المصادر: عاصم بن حمزة.

    و هو عاصم بن ضمرة السلولي الکوفي. تجد ترجمته في: «تهذيب الکمال: 496:13 رقم3012».

  3. کذا استظهرها المؤلف (ره)، وفي الاصل: جلد.
  4. الهجنة في الناس والخيل انما تکون من قبل الام، فاذا کان الاب عتيقا والام ليست کذلک کان الولد هجينا، والمراد هنا: الدني النسب.
  5. 362-361: 2.
  6. 423:7 ح 6.
  7. تهذيب الاحکام: 304:6 ح 849.
  8. في المصدر: انفوا.
  9. خصائص الائمة (ع) للرضي: 83، الفضائل لشاذان: 106-105، الروضة في الفضائل لشاذان: 6 (مخطوط)، الطرق الحکمية لابن القيم الجوزية: 45، وسائل الشيعة: 207:18 ح 2، مدينة المعاجز: 452:2 ح 677، بحارالانوار: 268:40 ح 38 وص 304 ح 62، الغدير: 104:6، قضاء اميرالمؤمنين (ع): 9 ح 1.