فيمن وقعوا في زبية الاسد











فيمن وقعوا في زبية الاسد



5- قال المفيد:[1] ثم رفع اليه (ع) وهو باليمن خبر زبية[2] حفرت للاسد فوقع فيها، فغدا الناس ينظرون اليه، فوقف علي شفير الزبية رجل فزلت قدمه فتعلق بآخر، وتعلق الآخر بثالث، وتعلق الثالث برابع، فوقعوا في الزبية، فدقهم الاسد وهلکوا جميعا، فقضي (ع) بان الاول فريسة الاسد وعليه ثلث الدية للثاني، وعلي الثاني ثلثا الدية للثالث، وعلي الثالث الدية الکاملة للرابع، فانتهي الخبر بذلک الي رسول اللّه (ص)، فقال: لقد قضي ابوالحسن فيهم بقضاء اللّه عز وجل فوق عرشه.

وفي مناقب ابن شهراشوب:[3] احمد بن حنبل في المسند،[4] واحمد بن منيع في اماليه، باسنادهما الي حمادبن سلمة، عن سماک، عن حبيش بن المعتمر.

قال: وقد رواه محمد بن قيس، عن ابي جعفر (ع) واللفظ له انه قضي اميرالمؤمنين (ع) في اربعة نفر اطلعوا علي زبية الاسد فخراحدهم فاستمسک

[صفحه 38]

بالثاني، واستمسک الثاني بالثالث، واستمسک الثالث بالرابع، فقضي (ع) بالاول فريسة الاسد، وغرم اهله ثلث الدية لاهل الثاني، وغرم اهل الثاني لاهل الثالث ثلثي الدية، وغرم اهل الثالث لاهل الرابع الدية کاملة، وانتهي الخبر الي النبي (ص) بذلک فقال: لقد قضي ابوالحسن فيهم بقضاء اللّه فوق عرشه.

وروي هذه الحکاية ابراهيم بن هاشم في کتاب عجائب احکام اميرالمؤمنين علي بن ابي طالب صلوات اللّه عليه[5] بما يخالف ما مر، ففي الکتاب المذکور ما لفظه: وعنه اي عن ابراهيم بن هاشم، عن النوفلي، عن السکوني، عن ابي عبداللّه (ع)، قال: بعث النبي (ص) عليا الي اليمن واذا زبية قد وقع فيها الاسد، فاصبح الناس ينظرون اليه ويتزاحمون ويتدافعون حول الزبية، فسقط رجل في الزبية وتعلق بالذي يليه، وتعلق الاخر بالاخر، حتي وقع فيها اربعة، فجرحهم الاسد، وتناول رجل الاسد بحربة فقتله فاخرج القوم موتي، فانطلقت القبائل الي قبيلة الرجل الاول الذي سقط وتعلق فوقه ثلاثة، فقالوا لهم: ادوا دية الثلاثة الذين اهلکهم صاحبکم، فلولا هو ما سقطوا في الزبية.

فقال اهل الاول: انما تعلق صاحبنا بواحد فنحن نؤدي ديته، واختلفوا حتي ارادوا القتال، فصرخ رجل منهم الي اميرالمؤمنين- وهو منهم غير بعيد- فاتاهم ولامهم واظهر موجدة، وقال لهم: لاتقتلوا انفسکم ورسول اللّه حي وانا بين اظهرکم فانکم تقتلون اکثر ممن تختلفون فيه، فلما سمعوا ذلک منه استقاموا، فقال: اني قاض فيکم قضاء فان رضيتموه فهو نافذ والا فهو حاجز بينکم من جاوزه فلاحق له حتي تلقوا رسول اللّه (ص) فيکون هو احق بالقضاء مني.

فاصطلحوا علي ذلک، فامرهم ان يجمعوا دية تامة من القبائل الذين شهدوا الزبية ونصف دية وثلث دية وربع دية، فاعطي اهل الاول ربع الدية من

[صفحه 39]

اجل انه هلک فوقه ثلاثة، واعطي الذي يليه ثلث الدية من اجل انه هلک فوقه اثنان، واعطي الثالث النصف من اجل انه هلک فوقه واحد، واعطي الرابع الدية تامة لانه لم يهلک فوقه احد، فمنهم من رضي ومنهم من کره.

فقال لهم علي (ع): تمسکوا بقضائي الي ان تاتوا رسول اللّه (ص) فيکون القاضي فيما بينکم.

فوافقوا رسول اللّه (ص) بالموقف، فثاروا اليه فحدثوه حديثهم، فاحتبي[6] ببرد عليه، ثم قال: انا اقضي بينکم ان شاءاللّه.

فناداه رجل من القوم: ان علي بن ابي طالب قد قضي بيننا.

فقال النبي (ص): ما هو؟ فاخبروه. فقال: هو کما قضي، فرضوا بذلک. انتهي.[7] .

والاختلاف بين ما في هذه الرواية وبين ما في رواية المفيد السابقة وغيرها ظاهر. والظاهر انهما واقعتان، اذ في الرواية الاولي ان الاول زلت قدمه فوقع ولم يرمه احد، فلذلک لم يکن له شي ء وعليه ثلث الدية للثاني لتعلقه به وتعلق الثاني بالثالث، وعلي الثاني الثلثان للثالث لتعلقه به وتعلق الثالث بالرابع،

[صفحه 40]

و علي الثالث دية کاملة للرابع لتعلقه به وعدم تعلق الرابع باحد، وبعد انقاص ما اخذکل واحد مما دفعه يکون قد دفع کل واحد ثلثا فقط للرابع، والرابع لم يدفع شيئا.

وفي هذه الرواية ان المجتمعين تزاحموا وتدافعوا فيکون سقوط الاول بسببهم فکانت له عليهم الدية، لکن سقط عنهم ثلاثة ارباعها من حيث انه سقط فوقه ثلاثة وکان هو السبب في سقوط الاول منهم وسقط عنهم ثلثا الدية للثاني من حيث سقط فوقه اثنان کان هو السبب في سقوط اولهما وسقط عنهم نصف الدية للثالث من حيث سقط فوقه واحد کان هو السبب في سقوطه واعطي الرابع دية کاملة لانه لم يسقط بسببه احد، واللّه اعلم.


صفحه 38، 39، 40.








  1. ارشاد المفيد: 196:1.
  2. الزبية: حفرة في موضع عال تغطي فوهتها، فاذا وطئها الاسد وقع فيها. «المعجم الوسيط: 389:1».
  3. 354-353: 2 وص 378.
  4. 77:1.
  5. قضايا اميرالمؤمنين (ع): ح 98 و192.
  6. احتبي: جلس علي اليتيه وضم فخذيه وساقيه الي بطنه بذراعيه ليستند، ويقال: احتبي بالثوب: اداره علي ساقيه وظهره وهو جالس علي نحو ماسبق ليستند «المعجم الوسيط: 154:1».
  7. فضائل الصحابة لاحمد: 722:2 ح 1239، الام: 177:7، المصنف لابن ابي شيبة: 400:9 وج 175:10، اخبار القضاة لوکيع: 95:1، مشکل الاثار: 58:3، الکافي: 286:7 ح 2 و3، من لا يحضره الفقيه: 116:4 ح 5234، المقنعة: 750، السنن الکبري للبيهقي: 111:8، تهذيب الاحکام: 239:10 ح 951 و952، العمدة لابن البطريق: 316 ح 411 و412، مصباح الانوار: 182 (مخطوط)، تذکرة الخواص: 44، ذخائر العقبي: 84، ميزان الاعتدال: 619:1، مجمع الزوائد: 287:6، جواهر المطالب: 206:1، احقاق الحق: 70-67: 8، وسائل الشيعة: 176:19 ح 2، بحارالانوار: 385:104 ح 1 وص 393 ح 30، معادن الجواهر: 28:2 ح 2 وص 45 ح 37، قضاء اميرالمؤمنين (ع) للتستري: 35 ح 3.