مسائل ابن الاصفر[1]
194- في کتاب عجائب احکامه- بعد قوله: حدثني ابي، عن ابن ابي عمير، عن عاصم بن حميد، عن محمد بن قيس، عن ابي جعفر(ع)، قال: وعنه،[2] عن ابي الجارود، عن الحارث الاعور، قال: بينا اميرالمؤمنين (ع) في الرحبة والناس عليه متداکون، فمن بين مستفت ومن بين مستعد[3] اذ قام رجل فقال: السلام عليک يا اميرالمؤمنين ورحمة الله وبرکاته. فنظر اليه علي (ع) بعينيه تينک العظيمتين، ثم قال: وعليک السلام ورحمة الله وبرکاته، من انت؟ قال: [انا][4] رجل من رعيتک واهل بلادک، يا اميرالمؤمنين. فقال (ع): ما انت من رعيتي، ولا من اهل بلادي، ولو سلمت علي يوما واحدا [لعرفتک و][5] ما خفيت عني، ثم قال لمن حوله: اتعرفون هذا؟ فلم يعرفه احد. فقال (ع) له: هؤلاء اهل بلادي ما يعرفونک، مع اني لو رايتک مرة لم تخف علي. فقال الرجل: الامان، يا اميرالمؤمنين. قال (ع): هل احدثت في مصري هذا منذ دخلته حدثا؟ قال: لا. قال (ع): فلعلک جئت ايام الحرب؟ قال: نعم. [صفحه 203] قال (ع): اذا وضعت الحرب اوزارها[6] فلا باس. فقال: انا رجل بعثني اليک معاوية متغفلا اسالک [- يا اميرالمؤمنين-][7] عن امر بعث به [اليه][8] ابن الاصفر يساله عنه ويقول له: ان کنت انت القيم بهذا الامر والخليفة بعد محمد فاخبرني بهذه الاشياء. فانک ان اخبرتني بها اتبعتک، او بعثت[9] اليک بالجزية، فلما اتاه الرسول لم يکن عنده جواب، وقد غمه ذلک واقلقه، فبعثني اليک متغفلا لک اسالک عنها. قال (ع): وما هي؟ قال: کم بين الحق والباطل؟ وکم بين السماء والارض؟ وکم بين المشرق والمغرب؟ وعن هذه المجرة،[10] وعن قوس قزح، وعن المحو الذي في القمر، وعن اول شي ء انتضح[11] علي وجه الارض، وعن اول شي ء اهتز عليها، وعن العين التي تاوي اليها ارواح المسلمين،[12] و[عن][13] العين التي تاوي اليها ارواح الکفار،[14] وعن المؤنث، وعن عشرة اشياء بعضها اشد من بعض. فقال اميرالمؤمنين (ع): قاتل اللّه ابن آکلة الاکباد ما اضله واضل من معه، واللّه لقد اعتق جارية فما احسن ان يتزوجها، حکم اللّه بيني وبين هذه الامة، [صفحه 204] قطعوا رحمي، واضاعوا ايامي،[15] ودفعوا حقي، وصغروا[16] عظيم منزلتي، واجمعوا علي منازعتي، علي بالحسن والحسين ومحمد، فجاؤا اليه، فقال (ع): يااخا اهل الشام، هذان ابنا رسول اللّه (ص)، وهذا ابني، فسل ايهم احببت. فقال الشامي: اسال هذا ذا الوفرة[17] - يعني الحسن (ع)- فاخذ الحسن بيده فوضعها علي فخذه، ثم قال: يا اخا اهل الشام، بين الحق والباطل اربع اصابع، ما رايته بعينک فهو الحق، وقد تسمع باذنک باطلا کثيرا. فقال الشامي: صدقت، اصلحک اللّه. قال (ع): وبين السماء والارض دعوة المظلوم ومد البصر، فمن قال غير هذا فکذبه. قال: صدقت، اصلحک اللّه. قال (ع): وبين المشرق والمغرب يوم مطرد الشمس،[18] تنظر اليها حين تطلع وتنظر اليها حين تغيب، فمن قال لک غير هذا فکذبه. قال: صدقت، اصلحک اللّه. قال (ع): واما هذه المجرة فهي اشراج السماء، ومنها يهبط الماء المنهمر. واما قوس قزح فانه اسم شيطان، هو قوس اللّه وامان من الغرق. واما المحو الذي [تراه][19] في القمر فان ضوء القمر کان مثل ضوء الشمس [صفحه 205] فمحاه اللّه تعالي، وهو قوله تعالي: (وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة).[20] . واما اول شي ء نضح علي وجه الارض فهو وادي دلس.[21] . واما اول شي ء اهتز علي [وجه][22] الارض فهو النخلة. واما العين التي تاوي اليها ارواح المسلمين[23] فهي عين يقال لها: سلمي.[24] . واما العين التي تاوي اليها ارواح الکفار[25] فهي عين يقال لها: برهوت.[26] . واما المؤنث فانسان لا يدري امرأة هو ام رجل، ينتظر به، فان کان رجلا احتلم والتحي، وان کان امراة بدا ثديها، والا قيل له: بل علي الحائط، فان اصاب بوله الحائط فهو رجل، وان نکص کما ينکص البعير فهي[27] امراة. واما عشرة اشياء بعضها اشد من بعض، فاشد شي ء خلقه اللّه الحجر، واشد من الحجر الحديد يقطع به الحجر، واشد من الحديد النار، واشد من النار الماء، واشد من الماء السحاب، واشد من السحاب الريح، واشد من الريح[28] الملک، واشد من الملک ملک الموت، واشد من ملک الموت الموت، واشد من الموت [صفحه 206] امر اللّه رب العالمين. فقال الشامي: اشهد انک ابن رسول اللّه (ص)، وان عليا وصي محمد واولي بالامر من معاوية. قال ثم کتب هذه الاشياء له، فذهب بها الي معاوية، وبعثها[29] معاوية الي ابن الاصفر، فلما اتته کتب الي معاوية: اشهد انها ليست من عندک- يا معاوية-، وما هي الا من معدن النبوة وموضع الرسالة، واما انت فلو سالتني درهما واحدا ما اعطيتک.[30] . [صفحه 207]
.
صفحه 203، 204، 205، 206، 207.
والمؤنث: المخنث، وهو الرجل المشبه المرأة في لينه، ورقة کلامه، وتکسر أعضائه. قوله (ع): «و اضاعوا ايامي» اي ما صدر مني من الغزاوات وغيرها مما ايد الله به الدين ونصر به المسلمين، وما اظهر الله ورسوله من مناقبي فکثيرا ما يطلق الايام ويراد بها الوقائع المشهورة الواقعة فيها، وقال المفسرون في قوله تعالي: (و ذکر هم بايام الله) [سورة ابراهيم: 5[ اي: نعمه.