مسائل اسقف نجران
[صفحه 186] يا اميرالمؤمنين، ان ارضنا ارض باردة شديدة المؤونة لا تحتمل الجيش، وانا ضامن لخراج ارضي احمله اليک في کل عام کملا. قال: وکان يقدم بالمال هو بنفسه معه اعوان له حتي يوفيه بيت المال ويکتب له عمر البرأة. قال: فقدم الاسقف ذات يوم ومعه جماعة وکان شيخا جميلا مهيبا فدعاه عمر الي اللّه والي رسوله و[الي][2] کتابه، وانشا يذکر له [فضل][3] الاسلام وما يصير اليه المسلمون من النعيم والکرامة. فقال الاسقف: انتم[4] تقرءون في کتابکم (وجنة عرضها کعرض السماء والارض)[5] فاين تکون النار؟ فسکت عمر ونکس براسه، فقال له علي (ع): اجب النصراني. فقال: بل اجبه انت [يا اباالحسن].[6] . فقال له علي (ع): انا اجيبک يا اسقف، ارايت اذا جاء النهار اين يکون الليل؟ واذا جاء الليل اين يکون النهار؟ فقال الاسقف: ما کنت اري ان احدا يجيبني في هذه المسالة! من هذا الفتي، يا عمر؟ قال: هذا علي بن ابي طالب ختن رسول اللّه (ص) [واخوه][7] وابن عمه، وهو ابوالحسن والحسين. قال المؤلف: قد يقال: ان السؤال مبني علي ان الجنة والنار کلتاهما في السماء والارض، فاذا کانت الجنة عرضها کعرض السماء والارض فقد ملاتهما، فلم يبق مکان للنار، والجواب بانه اذا جاء النهار او الليل اين يکون الاخر لا يدفع [صفحه 187] ذلک لان النهار عبارة عن اشراق جزء من الارض بطلوع الشمس عليه، والليل عبارة عن ظلمته بغيابها عنه، وهذا لا يدفع السؤال. والجواب الحقيقي انه لم يثبت ان الجنة والنار في هذه السماء والارض، واللّه تعالي يقول: (يوم تبدل الارض غير الارض والسموات)[8] ويمکن ان يکون مل هذا الجواب الي ان اللّه تعالي القادر علي ان يبدل الليل بالنهار والنهار بالليل قادر علي ان يبدل الارض والسماوات باکبر مما هما عليه. فقال الاسقف: اخبرني يا عمر عن بقعة من الارض طلعت فيها الشمس ساعة، ثم لم تطلع فيها قبلها ولا بعدها. فقال عمر: سل الفتي. فقال علي (ع): انا اجيبک، هو البحر حيث انفلق لبني اسرائيل فوقعت فيه الشمس، ثم لم تقع فيه قبله ولا بعده. [فقال الاسقف: صدقت، يا فتي].[9] . فقال الاسقف: يا عمر، اخبرني عن شي ء في ايدي الناس شبيه ثمار اهل الجنة. فقال عمر: سل الفتي. فقال علي (ع): يا اسقف، انا اجيبک، هو القرآن، يجتمع عليه اهل الدنيا فياخذون منه حاجتهم فلا ينقص منه شي ء، وکذلک ثمار اهل الجنة. فقال الاسقف: صدقت، يا فتي. ثم قال الاسقف: اخبرني- يا عمر- هل للسماوات من قفل؟ فقال له عمر: سل الفتي. فقال له علي (ع): انا اجيبک، قفل السماوات الشرک باللّه. [صفحه 188] فقال الاسقف: فما مفتاح ذلک القفل؟ فقال علي (ع): مفتاحه: الشهادة بان لا اله الا اللّه، لا يحجبه شي ء دون العرش. قال: صدقت، يا فتي،[10] فاخبرني- يا عمر- عن اول دم وقع علي وجه الارض اي دم کان؟ قال عمر: سل الفتي. فقال له علي (ع): انا اجيبک يا اسقف- اما نحن فلا نقول کما تقولون دم الخفاش، ولکن اول دم وقع علي وجه الارض مشيمة حواء (س) حين ولدت قابيل بن آدم. قال الاسقف: صدقت، وبقيت مسالة واحدة: اخبرني انت بها- يا عمر- اين اللّه؟ فغضب عمر عليه، فقال له علي (ع): انا اجيبک، وسل عما شئت، کنا عند رسول اللّه (ص) يوما اذ اتاه ملک، فسلم عليه، فقال له رسول اللّه (ص): من اين ارسلت؟ قال: من سبع سماوات من عند ربي. ثم اتاه آخر فسلم عليه، فقال له النبي (ص) من اين ارسلت؟ قال: من سبع ارضين من عند ربي. ثم اتاه آخر، فسلم عليه، فقال له رسول اللّه (ص): من اين ارسلت؟ قال: من مشرق الشمس من عند ربي. ثم اتاه ملک آخر، فسلم عليه، فقال له (ص): من اين ارسلت؟ قال: من مغرب الشمس من عند ربي. [صفحه 189] واللّه هاهنا وهاهنا وهاهنا (في السماء اله وفي الارض اله).[11] [12] .
188- وفي الکتاب المذکور[1] - ما لفظه-: سعد بن ابي رزين، عن ابي حازم، عن ابي جعفر (ع)، قال: قدم اسقف نجران زمن عمر بن الخطاب، فقال:
صفحه 186، 187، 188، 189.
وفي المصدر: (وجنة عرضها السموات والارض) سورة آل عمران:133.