مسجد براثا
وفي رواية أن الراهب قال: قرأت أنه يصلي في هذا الموضع ايليا وصي [صفحه 451] البارقليطا محمد نبي الاُميين الخاتم لمن سبقه من أنبياء اللَّه ورسله (في کلام کثير) فمن أدرکه فليتبع النور الذي جاء به، ألا وانه تغرس في آخر الأيام بهذه البقعة شجرة لا تفسد ثمرتها. وفي رواية زاذان، قال أميرالمؤمنين عليهالسلام: من أين شربک؟ قال: من دجلة، قال: ولم لم تحفر عيناً تشرب منها؟ قال: قد حفرتها وخرجت مالحة، قال: فاحتفر الآن بئراً اُخري، فاحتفر فخرج ماؤها عذباً، فقال: ياحباب ليکن شربک من ههنا، ولا يزال هذا المسجد معموراً فاذا خربوه وقطعوا نخله حلت بهم- أو قال بالناس- داهية. وفي رواية محمد بن القيس: فأتي أميرالمؤمنين عليهالسلام موضعاً من تلک الملبة فرکلها برجله فانبجست عين خرارة، فقال: هذه عين مريم، ثم قال عليهالسلام: فاحتفروا ههنا سبعة عشراً ذراعاً، فاحتفروا فاذا صخرة بيضاء فقال: ههنا وضعت مريم عيسي من عاتقها وصلت ههنا، فنصب أميرالمؤمنين عليهالسلام الصخرة وصلي اليها وأقام هناک أربعة أيام. وروي أن أميرالمؤمنين عليهالسلام صاح فقال: يابئر- بالعبراني- أقرب إلي، فلما عبر إلي المسجد وکان فيه عوسج وشوک عظيم فانتضي سيفه وکسح ذلک کله، قال: إن ههنا قبر نبي من أنبياء اللَّه فأمر الشمس أن ارجعي، وکان معه ثلاثة عشر رجلاً من أصحابه، فأقام القبلة بخط الاستواء وصلي اليها[1]. 2/9376- ابنطاووس، وجدنا ذلک بخط المحدث الاخباري محمد بن المشهدي، باسناده عن محمد بن القاسم، عن أحمد بن محمد، عن مشايخه، عن سليمان بن الأعمش، عن جابر بن عبداللَّه الأنصاري، قال: حدثني أنس بن مالک- وکان خادم رسولاللَّه صلي الله عليه و آله قال: [صفحه 452] لما رجع أميرالمؤمنين علي بن أبيطالب عليهالسلام من قتال أهل النهروان نزل براثا وکان بها راهب في قلايته وکان اسمه الحباب، فلما سمع الراهب الصيحة والعسکر أشرف من قلايته إلي الأرض، فنظر إلي عسکر أميرالمؤمنين عليهالسلام فاستفظع ذلک ونزل مبادراً، فقال: من هذا ومن رئيس هذا العسکر؟ فقيل له: هذا أميرالمؤمنين عليهالسلام وقد رجع من قتال أهل النهروان. فجاء الحباب مبادراً يتخطي الناس حتي وقف علي أميرالمؤمنين عليهالسلام فقال: السلام عليک ياأميرالمؤمنين حقاً حقاً، فقال له [عليهالسلام]: وما عملک بأني أميرالمؤمنين حقاً حقاً؟ فقال له: بذلک أخبرنا علماؤنا وأحبارنا. فقال له [عليهالسلام]: ياحباب، فقال له الراهب: وما علمک باسمي؟ فقال [عليهالسلام]: أعلمني بذلک حبيبي رسولاللَّه صلي الله عليه و آله فقال له حباب: مدّ يدک لاُبايعک، فأنا أشهد أن لا إله إلّا اللَّه وأن محمداً رسولاللَّه صلي الله عليه و آله، وانک علي بن أبيطالب وصيه. فقال له أميرالمؤمنين عليهالسلام وأين تأوي؟ فقال: أکون في قلاية لي ههنا، فقال له أميرالمؤمنين عليهالسلام بعد يومک هذا لا تسکن فيها، ولکن ابنِ ههنا مسجداً وسمه باسم بانيه، فبناه رجل اسمه براثا، فسمي المسجد ببراثا باسم الباني له. ثم قال [عليهالسلام]: ومن أين تشرب ياحباب؟ فقال: ياأميرالمؤمنين، من دجلة ههنا، قال: فلم لا تحفر ههنا عيناً أو بئراً؟ فقال له: ياأميرالمؤمنين، کلما حفرنا بئراً وجدناها مالحة غير عذبة، فقال له أميرالمؤمنين عليهالسلام: احفر ههنا بئراً، فحفر فخرجت عليهم صخرة لم يستطيعوا قلعها، فقلعها أميرالمؤمنين عليهالسلام، فانقلعت عن عين أحلي من الشهد وألذّ من الزبد، فقال له: ياحباب يکون شربک من هذه العين. أما أنه ياحباب ستبني إلي جنب مسجدک هذا مدينة، وتکثر الجبابرة فيها، ويعظم البلاء حتي أنه ليرکب فيها کل ليلة جمعة سبعون ألف فرج حرام، فاذا عظم بلاؤهم سدّوا علي مسجدک بقنطرة ثم وابنه مرتين ثم وابنه لا يهدمه إلّا کافر فاذا [صفحه 453] فعلوا ذلک منعوا الحج ثلاث سنين واحترقت خضرهم وسلط اللَّه عليهم رجلاً من أهل السفح لا يدخل بلداً إلّا أهلکه وأهلک أهله. ثم ليعد عليهم مرة اُخري، ثم يأخذهم القمط والغلاء ثلاث سنين حتي يبلغ بهم الجهد، ثم يعود عليهم، ثم يدخل البصرة فلا يدع فيها قائمة إلّا سخطها وأهلکها وأهلک أهلها، وذلک إذا عمرت الخربة وبني فيها مسجد جامع، فعند ذلک يکون هلاک أهل البصرة، ثم يدخل مدينة بناها الحجاج يقال لها واسط فيفعل مثل ذلک، ثم يتوجه نحو بغداد فيدخلها عفواً، ثم يلتجئ الناس إلي الکوفة، ولا يکون بلداً من الکوفة إلّا تشوش له الأمر (يستوثق الأمر له). ثم يخرج هو والذي أدخله بغداد نحو قبري لينبشه فيتلقاها السفياني فيهزمهما ثم يقتلهما، ويوجه جيش نحو الکوفة فيستعبد بعض أهلها، ويجيئ رجل من أهل الکوفة فيلجئهم إلي سور فمن لجأ اليها أمِنَ. ويدخل جيش السفياني إلي الکوفة فلا يدعون أحداً إلّا قتلوه، وإن الرجل منهم ليمر بالدرة المطروحة العظيمة فلا يتعرض لها، ويري الصبي الصغير فيلحقه فيقتله. فعند ذلک ياحباب يتوقع بعدها، هيهات هيهات اُمور عظام وفتن کقطع الليل المظلم، فاحفظ عني ما أقول لک ياحباب. تبيين: قال الفيروزآبادي: القلي رؤوس الجبال، والفطو السوق الشديد، قال المجلسي رحمه الله إعلم أن النسخة کانت سقيمة، فأوردت الخبر کما وجدته[2]. 3/9377- محمد بن علي بن الحسين: روي عن جابر بن عبداللَّه الأنصاري أن أميرالمؤمنين عليهالسلام سأل الديراني الذي کان في مسجد براثا وأسلم علي يديه، من صلي ههنا؟ قال: صلي عيسي بن مريم عليهالسلام واُمه، فقال له عليهالسلام: أفأخبرک من صلي [صفحه 454] ههنا، قال: نعم، قال: الخليل عليهالسلام.[3]. 4/9378- الشيخ الطوسي، أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبوالحسن علي ابنبلال المهلبي، قال: حدثني إسماعيل بن علي بن عبدالرحمن بن بري الخزاعي، قال: حدثني أبيقال: حدثني عيسي بن حميد الطائي، قال: حدثني أبيحميد بن قيس، قال سمعت أباالحسن علي بن الحسين بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن أبيجعفر محمد بن علي بن الحسين، عن أميرالمؤمنين عليهالسلام في حديث نزوله براثا إنه أتي موضعاً فقال: ألکِزوا هذا، فألکزه برجله عليهالسلام فانبجست عين خرّارة، فقال: هذه عين مريم التي انبعقت لها[4].
1/9375- ابنشهر آشوب: الحارث بن الأعور، وعمرو بن سعد الحريث (أو حريث)، وأبوأيوب عن أميرالمؤمنين عليهالسلام أنه لما رجع من وقعة الخوارج، نزل يمني السواد، فقال له راهب: لا ينزل ههنا إلّا وصي نبي يقاتل في سبيل اللَّه، فقال علي عليهالسلام: فأنا سيد الأوصياء وصي سيد الأنبياء، قال: فاذاً أنت أصلع قريش وصي محمد، خذ عليّ الاسلام، اني وجدت في الانجيل نعتک وأنت تنزل مسجد براثا بيت مريم وأرض عيسي، قال أميرالمؤمنين عليهالسلام: فاجلس ياحباب، قال هذه دلالة اُخري، ثم قال عليهالسلام: فانزل ياحباب من هذه الصومعة وابنهذا الدير مسجداً، فبني الدير مسجداً ولحق بأمير المؤمنين عليهالسلام إلي الکوفة، فلم يزل بها مقيماً حتي قتل أميرالمؤمنين عليهالسلام، فعاد حباب إلي مسجده ببراثا.
صفحه 451، 452، 453، 454.