البصرة















البصرة



1/9366- روي کمال الدين ميثم البحراني مرسلاً: أنه لما فرغ أميرالمؤمنين عليه‏السلام من أمر الحرب لأهل الجمل، أمر منادياً ينادي في أهل البصرة إن الصلاة الجامعة لثلاثة أيام من غد إن شاء اللَّه ولا عذر لمن تخلف إلّا من حجة أو علة فلا تجعلوا علي أنفسکم سبيلاً، فلما کان اليوم الذي اجتمعوا فيه، خرج عليه‏السلام فصلي بالناس الغداة في المسجد الجامع، فلما قضي صلاته قام فاسند ظهره إلي حائط القبلة عن يمين المصلي فخطب الناس، فحمد اللَّه وأثني عليه بما هو أهله، وصلي علي النبي صلي الله عليه و آله واستغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات ثم قال: ياأهل البصرة، إن اللَّه لم يجعل لأحد من أمصار المسلمين خطة شرف ولا کرم إلّا وقد جعل فيکم أفضل ذلک وزادکم من فضله بمنه ما ليس لهم، أنتم أقوم الناس قبلة، قبلتکم علي المقام حيث يقوم الامام بمکة، وقارؤکم أقراء الناس، وزاهدکم أزهد الناس، وعابدکم أعبدالناس، وتاجرکم أتجر الناس، وأصدقکم في تجارته، ومتصدقکم أکرم الناس

[صفحه 446]

صدقة، وغنيکم أشد الناس بذلاً وتواضعاً، وشريفکم أحسن الناس خلقاً، وأنتم أکرم الناس جواراً وأقلهم تکلفاً لما لا يعنيه، وأحرصهم علي الصلاة جماعة، ثمرتکم أکثر الثمار، وأموالکم أکثر الأموال، وصغارکم أکيس الأولاد، ونساؤکم أقنع الناس وأحسنهن تبعلاً، سخر لکم الماء يغدو عليکم ويروح صلاحاً لمعاشکم، والبحر سبباً لکثرة أموالکم، فلو صبرتم واستقمتم لکانت شجرة طوبي لکم مقبلاً وظلاً ظليلاً.[1].

2/9367- ابن‏ميثم: في فصل يتضمّن حال غرق البصرة، فعند فراغه عليه‏السلام من ذلک الفصل، قام إليه الأحنف بن قيس فقال له: يا أميرالمؤمنين ومتي يکون ذلک؟ قال: يا أبابحر إنّک لن تدرک ذلک الزمان وإنّ بينک وبينه لقروناً ولکن ليبلغ الشاهد منکم الغائب عنکم، لکي يبلّغوا اخوانهم إذا هم رأوا البصرة قد تحوّلت أخصاصها دوراً وآجامها قصوراً، فالهرب الهرب، فإنهّ لا بصيرة لکم يومئذٍ، ثمّ التفت عن يمينه فقال: کم بينکم وبين الإبلّة؟ فقال له المنذر بن الجارود: فداک أبي‏واُمّي أربعة فراسخ، قال له: صدقت فوالذي بعث محمّداً وأکرمه بالنبوّة وخصّه بالرسالة وعجّل بروحه الي الجنّة، لقد سمعت منه کما تسمعون منّي، أن قال: يا علي هل علمت أنّ بين التي تسمّي البصرة والتي تسمّي الإبلّة أربعة فراسخ، وقد يکون في التي تسمّي الإبلّة موضع أصحاب القشور، يقتل في ذلک الموضع من اُمّتي سبعون ألفاً، شهيدهم يومئذٍ بمنزلة شهداء بدر، فقال له المنذر: يا أميرالمؤمنين ومَن يقتلهم فداک أبي‏واُمّي؟ قال: يقتلهم اخوان الجنّ، وهم أجيل کأنّهم الشياطين، سود ألوانهم، منتنة أرواحهم، شديد کلبهم، قليل سلبهم، طوبي لمن قتلهم وطوبي لمن قتلوه، ينفر لجهادهم في ذلک الزمان قوم هم أذلّة عند المتکبّرين من أهل ذلک الزمان مجهولون في الأرض معروفون في السماء، تبکي عليهم السماء وسکّانها

[صفحه 447]

والأرض وسکّانها.

ثمّ هملت عيناه بالبکاء، ثمّ قال: ويحک يا بصرة ويلک يا بصرة من جيش لا رهج له ولا حسّ، قال له المنذر: يا أميرالمؤمنين وما الذي يصيبهم من قبل الغرق مما ذکرت، وما الويح وما الويل؟ فقال: هما بابان: فالويح باب الرّحمة، والويل باب العذاب، يا ابن‏الجارود نعم ثارات عظيمة منها عصبة يقتل بعضها بعضاً، ومنها فتنة تکون بها خراب منازل وخراب ديار وانتهاک أموال وقتل رجال وسبي نساء يذبحن ذبحاً، يا ويل أمرهنّ حديث عجب: منها أن يستحلّ بها الدجّال الأکبر الأعور الممسوح العين اليمني والاُخري کأنّهنّ ممزوجة بالدم لکأنّهما في الحمرة علقة، نأتئ الحدقة کهيئة حبّة العنب الطافية علي الماء، فيتبعه من أهلها عدّة، من قتل بالإبلّة من الشهداء أناجيلهم في صدورهم، يقتل من يقتل ويهرب من يهرب، ثمّ رجف ثمّ قذف ثمّ خسف ثمّ مسخ ثمّ الجوع الأغبر (الأکبر) ثمّ الموت الأحمر وهو الغرق.

يا منذر إنّ للبصرة ثلاثة أسماء سوي البصرة في الزبر الأول لا يعلمها إلّا العلماء: منها الخريبة، ومنها تدمر، ومنها المؤتفکة، يا منذر والذي فلق الحبة وبرئ النسمة لو أشاء لأخبرتکم بخراب العرصات عرصة عرصة متي تخرب ومتي تعمر بعد خرابها إلي يوم القيامة، وإنّ عندي من ذلک علماً جمّاً وإن تسألوني تجدوني به عالماً لا أخطئ منه علماً ولا وافياً، ولقد استودعت علم القرون الاُولي وما کائن إلي يوم القيامة، قال: فقام إليه رجل فقال: يا أميرالمؤمنين أخبرني مَن أهل الجماعة ومَن أهل الفرقة ومَن أهل السنّة ومن أهل البدعة؟ فقال: ويحک إذا سألتني فافهم عنّي ولا عليک أن لا تسأل أحداً بعدي، أما أهل الجماعة فأنا ومن اتّبعني وإن قلّوا وذلک الحقّ عن أمر اللَّه وأمر رسوله، وأما أهل الفرقة فالمخالفون لي ولمن اتّبعني وإن کثروا، وأما أهل السنّة فالمتمسّکون بما سنّه اللَّه ورسوله لا العاملون برأيهم

[صفحه 448]

وأهوائهم وإن کثروا.

وقد مضي الفوج الأول وبقيت أفواج وعلي اللَّه قصمها واستيصالها عن جديد الأرض وباللَّه التوفيق.[2].

3/9368- تنبّأ علي عليه‏السلام عن غرق البصرة وهلاک من بها، بقوله: وأيم اللَّه لتغرقنّ بلدتکم حتّي کأني أنظر إلي مسجدها کجؤجؤ سفينة أو نعامة جاثمة.[3].

4/9369- أخبر علي عليه‏السلام عن هلاک البصرة بالزنج، فقال مخاطباً الأحنف بن قيس: يا أحنف کأني به وقد سار بالجيش الذي لا يکون له غبار ولا لَجَبٌ ولا قعقعة لُجُم ولا حمحمة خيل، يثيرون الأرض بأقدامهم کأنها أقدام النعام، ويل لسککم العامرة والدور المزخرفة التي لها أجنحة کأجنحة النسور، وخراطيم کخراطيم الفيلة، من اُولئک الذين لا يندب قتيلهم ولا يُفقد غائبهم، أنا کابّ الدنيا لوجهها وقادرها بقدرها وناظرها بعينها[4].

5/9370- أخبر علي عليه‏السلام عن هلاک البصرة بالتتر، فقال: کأنّي أراهم قوماً کأنّ وجوههم المِجّانُ المُطرقة يلبسون السَرَقَ والديباج، ويعتقبون الخيل العِتاق، ويکون هناک استحرار قتل حتّي يمشي المجروح علي المقتول، ويکون المُفلِت أقلّ من المأسور.[5].

6/9371- لما صعد عليّ بن أبي‏طالب رضي الله عنه منبرها خطب، وقال في آخر خطبته: يا أهل البصرة، يا بقايا ثمود، ويا جند المرأة ويا أتباع البهيمة، دعا فاتبعتم وعقر فانهزمتم، أما اني أقول لا رغبةً فيکم ولا رهبةً منکم، غير انّي سمعت رسول‏اللَّه صلي الله عليه وسلم

[صفحه 449]

يقول: أرضٌ يقال لها البصرة أقوم الأرضين قبلة، قارؤها أقرأ الناس، وعابدها أعبدالناس، ومتصدّقها أکثر الناس صدقة، وتاجرها أعظم الناس تجارة، منها إلي قرية يقال لها الإبلة أربع فراسخ، يستشهد عند مسجدها سبعون ألفاً، الشهيد منهم کالشهيد في يوم بدر.[6].

7/9372- علي بن إبراهيم القمي: قول أميرالمؤمنين عليه‏السلام [لأهل البصرة] ياأهل البصرة، وياأهل المؤتفکة، ياجند المرأة وأتباع البهيمة، رغافاً جبتم، وعُقِر فهربتم، ماؤکم زعاق، وأحلامکم رِقاق، وفيکم ختم النفاق، ولعنتم علي لسان سبعين نبياً، إن رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله أخبرني أن جبرئيل عليه‏السلام أخبره أنه طوي له الأرض فرأي البصرة أقرب الأرضين من الماء وأبعدها من السماء، وفيها تسعة أعشار الشر والداء العضال، المقيم فيها مذنب، والخارج منها متدارک برحمة، وقد ائتفکت بأهلها مرتين، وعلي اللَّه تمام الثالثة، وتمام الثالثة في الرجعة.[7].

8/9373- ابن‏أبي‏الحديد: روي يونس بن أرقم، عن يزيد بن أرقم، عن أبي‏ناجية مولي اُم هاني‏ء، قال: کنت عند علي عليه‏السلام فأتاه رجل عليه زي السفر، فقال ياأميرالمؤمنين إني أتيتک من بلدة ما رأيت لک بها محباً، قال: من أين أتيت؟ قال: من البصرة، قال: أما إنهم لو يستطيعون أن يحبوني لأحبوني، إني وشيعتي في ميثاق اللَّه لا يزاد فينا رجل ولا ينقص إلي يوم القيامة.[8].

9/9374- عن علي عليه‏السلام أنه قال: إن رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله قال يوماً: وليس معه غيري: ياعلي إن جبرئيل الروح الأمين حملني علي منکبه الأيمن حتي أراني الأرض ومن عليها، وأعطاني أقاليدها وعلمني ما فيها وما قد کان علي ظهرها وما يکون إلي

[صفحه 450]

يوم القيامة ولم يکبر ذلک عليّ کما لم يکبر علي أبي‏آدم، علّمه الأسماء ولم يعلّمه الملائکة المقربون، واني رأيت بقعة علي شاطي‏ء البحر تسمي البصرة فاذا هي أبعد الأرض من السماء وأقربها من الماء، وانها لأسرع الأرض خراباً وأخبثها تراباً وأشدها عذاباً، ولقد خسف بها في القرون الخالية مراراً، وليأتين عليها زمان، وإن لکم ياأهل البصرة وما حولکم من القري من الماء ليوماً عظيماً بلاؤه، واني لأعرف موضع منفجرة من قريتکم هذه، ثم اُمور قبل ذلک تدهمکم عظيمة أخفيت عنکم وعلمناها، فمن خرج عنها عند دنو غرقها فبرحمة اللَّه سبقت له، ومن بقي فيها غير مرابط بها فبذنبه وما للَّه بظلام للعبيد.[9].


صفحه 446، 447، 448، 449، 450.








  1. شرح النهج لابن ميثم 16:3 و 289:1، البحار 253:32، سفينة البحار في مادة (بصر)48:1.
  2. شرح النهج لابن ميثم، في ضمن حوادث البصرة، في شرح خطبة الملاحم 15:3.
  3. شرح النهج لابن أبي‏الحديد 83:1.
  4. شرح النهج لابن أبي‏الحديد 310:2؛ مناقب ابن‏شهر آشوب، باب إخباره بالفتن والملاحم 272:2؛ البحار 334:41؛ اثبات الهداة 520:4.
  5. شرح النهج لابن أبي‏الحديد 310:2؛ البحار 335:41.
  6. تاريخ مدينة البصرة لعبد اللَّه بن عيسي بن إسماعيل البصري: 58.
  7. تفسير القمي 339:2، البحار 226:32.
  8. شرح النهج لابن أبي‏الحديد الجزء الرابع 368:1.
  9. شرح النهج لابن ميثم 293:1، البحار 257:32.