الاشعث بن قيس الکندي
فلمّا توفّي نظر سائر من حضر إلي النار وقد دخلت عليه کالعنق الممدود حتّي أحرقته وهو يصيح ويدعو بالويل والثبور.[1]. 2/9332- روي أنّه لما حضرت الحسن عليهالسلام الوفاة، قال لأخيه الحسين عليهالسلام: إنّ جعدة لعنها اللَّه ولعن أباها وجدّها، فإنّ أباها قد خالف أميرالمؤمنين عليهالسلام وقعد عنه بالکوفة بعد الرجوع من صفين، مقالياً (مغالياً) منحرفاً لطاعته بعد أن خلعه بالکوفة من الامامة، ولا يجتمع معه في جماعة ولا لأحد من شيعته ولا يصلّي عليهم، منذ سمع أميرالمؤمنين عليهالسلام علي منبره، وهو يقول في خطبته: ويح الفراخ [صفحه 423] فراخ آل محمّد صلي الله عليه و آله وريحانتيه وقرّة عينيه إبني هذا الحسين عليهالسلام من إبنک الذي من صلبک، وهو مع ذلک متمرّد جبّار، يملک بعد أبيه. فقام إليه أبوصحن الأحنف بن قيس التميمي، فقال له: يا أميرالمؤمنين، ما اسمه؟ قال: نعم، يزيد بن معاوية ويؤمّر علي قتل الحسين عليهالسلام عبيداللَّه بن زياد علي الجيش السائر إلي إبني من الکوفة، فتکون وقعتهم بنهر کربلا في غربي الکوفة (الفرات)، فکأني أنظر مناخ رکابهم وحطّ رحالهم، وإحاطة جيش أهل الکوفة بهم، وأغماد سيوفهم ورماحهم وقسيتهم في جيوشهم (جسومهم) ودمائهم ولحومهم، وسبي أولادي وذراري رسولاللَّه صلي الله عليه و آله، وحملهم علي شرس الأقتاب، وقتل الشيوخ والکهول والشباب والأطفال. فقام الأشعث بن قيس علي قدميه وقال: ما ادّعي رسولاللَّه صلي الله عليه و آله ما تدّعيه من العلم من أين لک هذا؟ فقال له أميرالمؤمنين عليهالسلام: ويلک يا عين (عنق) النار إبنک محمّد واللَّه من قوّادهم إي واللَّه وشمر بن ذي الجوشن، وشبث بن ربعي، وعمرو بن الحجاج الزبيدي، وعمرو بن حريث، فأسرع الأشعث في قطع الکلام، فقال: يا ابنأبيطالب، أفهمني ما تقول حتّي اُجيبک. فقال: ويلک هو ما سمعت يا أشعث. فقال: يا ابنأبيطالب ما يساوي کلامک عندي تمرتين، وولّي وقام الناس علي أقدامهم ومدّوا أعينهم إلي أميرالمؤمنين عليهالسلام ليأذن لهم في قتله. فقال لهم: مهلاً رحمکم اللَّه واللَّه إنّي لأقدر علي هلاکه منکم، ولابدّ أن تحقّ کلمة العذاب علي الکافرين. ومضي الأشعث لعنه اللَّه فتشاغل في بنيان حيلة بالکوفة، وبني في داره مبنية (مئذنة) عالية، فکان إذا ارتفعت أصوات مؤذّني أميرالمؤمنين عليهالسلام في جامع الکوفة [صفحه 424] صعد الأشعث بن قيس لعنه اللَّه مبنيته (مأذنته) فنادي نحو المسجد يريد أميرالمؤمنين عليهالسلام: يا رجل، (وما هي) وهو حتم إنّک ساحر کذّاب. فاجتاز أميرالمؤمنين عليهالسلام في جماعة من أصحابه بخطّة الأشعث بن قيس لعنه اللَّه وهو علي ذروة بنيانه، فلمّا بصر بأمير المؤمنين أعرض بوجهه، فقال له عليهالسلام: ويلک يا أشعث حسبک ما أعدّ اللَّه لک من عنق النار. فقال له أصحابه: يا أميرالمؤمنين ما معني عنق النار؟ قال: إنّ الأشعث إذا حضرته الوفاة دخلت عليه عنق من نار ممدودة حتّي تصل إليه، وعشيرته ينظرون إليه فتبتلعه، فإذا خرجت به عنق النار لم يجدوه في مضجعه، فيأخذون عليهم أبوابهم، ويکتمون أمرهم، ويقولون: لا تقرّون بما رأيتم فيشمت بکم عليّ بن أبيطالب. فقالوا: يا أميرالمؤمنين وما تصنع به عنق النار بعد ذلک؟ قال أميرالمؤمنين عليهالسلام: يکون حيّاً (فيها) معذّباً إلي أن تورده النار في الآخرة. فقالوا: يا أميرالمؤمنين وکيف عجّلت له النار في الدنيا؟ فقال: لأنّه کان لا يخاف اللَّه ويخاف النار، فعذّبه اللَّه بالذي يخاف منه. فقالوا: يا أميرالمؤمنين وأين تکون عنق النار هذه؟ قال: في هذه الدنيا والأشعث فيها تورده علي کلّ مؤمن، فتقذفه بين يديه، فيراه بصورته ويدعوه الأشعث ويستجيره، ويقول: أيها العبد الصالح اُدع لي ربّک يخرجني من هذه النار التي جعلها اللَّه عذابي في الدنيا ويعذّبني بها في الآخرة (إلّا) ببغضي عليّ بن أبيطالب وشکّي في محمّد. فيقول له المؤمن: لا أخرجک اللَّه تعالي منها لا في الدنيا ولا في الآخرة، اي واللَّه وتقذفه عند عشيرته وأهله ممّن شکّ أنّ عنق النار أخذته، حتّي يناجيهم ويناجونه ويقولون له: قل لنا بما صرت معذّباً بهذه النار؟ فيقول لهم: بشکّي في محمّد، وبغضي [صفحه 425] لعليّ بن أبيطالب وکراهتي بيعته، وخلافي عليه، وخلعي بيعته، ومبايعتي لضبّ دونه، فيلعنونه، ويتبرّأون منه ويقولون له: ما نحبّ أن نصير إلي ما صرت إليه.[2].
1/9331- روي عن الحسن بن علي عليهالسلام في خبران: أنّ الأشعث بن قيس الکندي، بني في داره مئذنة، فکان يرقي إليها إذا سمع الأذان في أوقات الصلاة في مسجد جامع الکوفة، فيصيح من علي مئذنته: يا رجل إنّک لکاذب ساحر، وکان أبييسمّيه عنق النار، وفي رواية: عرف النار، فيسأل عن ذلک، فقال: إنّ الأشعث إذا حضرته الوفاة دخل عليه عنق من النار ممدودة من السماء فتحرقه فلا يدفن إلّا وهو فحمة سوداء.
صفحه 423، 424، 425.