في فضله وعدالته وإمامته















في فضله وعدالته وإمامته‏



1/9130- الصدوق، حدثني أبي‏رحمه الله ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قالا: حدثنا سعد بن عبداللَّه، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي‏الخطاب، عن الحکم ابن‏سکين الثقفي، عن أبي‏الجارود؛ وهشام أبي‏ساسان، وأبي‏طارق السراج، عن عامر بن واثلة، قال: کنت في البيت يوم الشوري فسمعت علياً عليه‏السلام وهو يقول: استخلف الناس أبابکر وأنا واللَّه أحق بالأمر وأولي به منه واستخلف أبوبکر عمر وأنا واللَّه أحق بالأمر وأولي به منه إلّا أن عمر جعلني مع خمسة أنا سادسهم، لا يعرف لهم عليّ فضل، فلو أشاء لاحتججت عليهم بما لا يستطيع عربيهم ولا عجميهم المعاهد منهم والمشرک تغير ذلک.

ثم قال: نشدتکم باللَّه أيها النفر هل فيکم أحد وحدَّ اللَّه قبلي؟ قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتکم باللَّه هل فيکم أحد قال له رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله: أنت مني بمنزلة هارون من موسي إلّا أنه لا نبي بعدي؟ قالوا: اللهم لا.

[صفحه 283]

قال نشدتکم باللَّه هل فيکم أحد ساق رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله لرب العالمين هدياً فأشرکه فيه غيري؟ قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتکم باللَّه هل فيکم أحد أتي رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله بطير يأکل منه، فقال: اللهم ائتني بأحب خلقک اليک يأکل معي من هذا الطير فجئته أنا، غيري؟ قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتکم باللَّه هل فيکم أحد قال له رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله حين رجع عمر يجبن أصحابه ويجبنونه، قد رد راية رسول‏اللَّه منهزماً، فقال له رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله: لأعطين الراية غداً رجلاً ليس بفرار يحبه اللَّه ورسوله ويحب اللَّه ورسوله لا يرجع حتي يفتح اللَّه عليه، فلما أصبح قال: أدعوا لي علياً، فقالوا: يارسول‏اللَّه هو رمد ما يطرف، فقال: جيئوني به، فلما قمت بين يديه تفل في عيني وقال: اللهم أذهب عنه الحر والبرد فأذهب اللَّه عني الحرّ والبرد إلي ساعتي هذه، وأخذت الراية فهزم اللَّه المشرکين وأظفرني بهم غيري؟ قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتکم باللَّه هل فيکم أحد له أخ مثل أخي جعفر المزين بالجناحين في الجنة يحل فيها حيث يشاء غيري؟ قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتکم باللَّه هل فيکم أحد له عم مثل عمي حمزة أسد اللَّه وأسد رسوله، وسيد الشهداء غيري؟ قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتکم باللَّه هل فيکم أحد له سبطان مثل سبطاي الحسن والحسين ابني رسول‏اللَّه وسيدي شباب أهل الجنة غيري؟ قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتکم باللَّه هل فيکم أحد له زوجة مثل زوجتي فاطمة بنت رسول‏اللَّه وبضعة منه وسيدة نساء أهل الجنة غيري؟ قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتکم اللَّه هل فيکم أحد قال له رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله: من فارقک فارقني ومن فارقني فارق اللَّه غيري؟ قالوا: اللهم لا.

[صفحه 284]

قال: نشدتکم اللَّه هل فيکم أحد قال له رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله لينتهين بنو وليعة أو لأبعثهن اليهم رجلاً کنفسي طاعته کطاعتي ومعصيته کمعصيت يغشاهم بالسيف غيري؟ قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتکم باللَّه هل فيکم أحد قال له رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله: ما من مسلم وصل إلي قلبه حبي إلّا کفر اللَّه عنه ذنوبه، ومن وصل حبي إلي قلبه فقد وصل حبک إلي قلبه، وکذب من زعم أنه يحبني ويبغضک غيري؟ قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتکم باللَّه هل فيکم أحد قال له رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله: أنت الخليفة في الأهل والولد والمسلمين في کل غيبة، عدوک عدوي وعدوي عدو اللَّه، ووليک وليي ووليي ولي اللَّه غيري؟ قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتک باللَّه هل فيکم أحد قال له رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله: ياعلي من أحبک ووالاک سبقت له الرحمة، ومن أبغضک وعاداک سبقت له اللعنة، فقالت عائشة يارسول‏اللَّه اُدع اللَّه لي ولأبي لا نکون ممّن يبغضه ويعاديه، فقال: اسکتي إن کنت أنت وأبوک ممن يتولاه ويحبه فقد سبقت لکما الرحمة، وإن کنتما ممن يبغضه ويعاديه فقد سبقت لکما اللعنة، ولقد جئت أنت وأبوک إن کان أبوک أول من يظلمه وأنت أوّل من يقاتله غيري؟ قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتکم باللَّه هل فيکم أحد قال له رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله: مثل ما قال لي: ياعلي أنت أخي وأنا أخوک في الدنيا والآخرة، ومنزلک مواجه منزلي کما يتواجه الاُخوان في الخلد! قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتکم باللَّه هل فيکم أحد قال له رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله: ياعلي إن اللَّه خصک بأمر وأعطاکه، ليس من الأعمال شي‏ء أحب اليه ولا أفضل منه عنده، الزهد في الدنيا، فليس تنال منها شيئاً ولا تناله منک، وهي زينة الأبرار عند اللَّه عزوجل يوم القيامة، فطوبي لمن أحبک وصدق عليک، وويل لمن أبغضک وکذب عليک غيري؟

[صفحه 285]

قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتکم باللَّه هل فيکم أحد بعثه رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله ليجيئ بالماء کما بعثني، فذهبت حتي حملت القربة علي ظهري ومشيت بها فاستبقلتني ريح فردتني حتي أجلستني، ثم قمت فاستقبلتني ريح فردّتني حتي أجلستني، ثم قمت فجئت إلي رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله فقال لي: ما حبسک عني فقصصت عليه القصة، فقال: قد جائني جبرئيل فأخبرني، أما الريح الاُولي فجبرئيل کان في ألف من الملائکة يسلمون عليک، وأما الثانية فميکائيل جاء في ألف من الملائکة يسلمون عليک غيري؟ قالوا: اللهم لا.

قال نشدتکم باللَّه هل فيکم من قال له جبرئيل: يامحمد أتري هذه المواساة من علي فقال رسول‏اللَّه إنه مني وأنا منه، فقال جبرئيل: وأنا منکما غيري؟ قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتکم باللَّه هل فيکم أحد کان يکتب لرسول‏اللَّه کما جعلت أکتب، فأُغفي رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله فأنا أري أنه يملي عليّ، فلما انتبه قال له: ياعلي من اُملي عليک من ههنا؟ فقلت أنت يارسول‏اللَّه فقال: لا ولکن جبرئيل أملاه عليک غيري؟ قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتکم باللَّه هل فيکم أحد نادي له مناد من السماء: «لا سيف إلّا ذو الفقار ولا فتي إلّا علي» غيري؟ قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتکم باللَّه هل فيکم أحد قال له رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله کما قال لي لولا أن أخاف أن لا يبقي أحد إلّا قبض من أثرک قبضة يطلب بها البرکة لعقبه من بعده لقلت فيک قولاً لا يبقي أحد إلّا قبض من أثرک قبضة غيري؟ قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتکم باللَّه هل فيکم أحد قال له رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله احفظ الباب فان زواراً من الملائکة يزورني فلا تأذن لأحد منهم، فجاء عمر فرددته ثلاث مرات وأخبرته أن رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله محتجب وعنده زوار من الملائکة وعدتهم کذا وکذا، ثم

[صفحه 286]

أذنت له فدخل فقال يارسول‏اللَّه إني جئت غير مرة کل ذلک يردني علي ويقول: إن رسول‏اللَّه محتجب وعنده زوار من الملائکة وعدتهم کذا وکذا فکيف علم بالعدة أعاينهم؟ فقال له: ياعلي قد صدق، کيف علمت بعدتهم؟ فقلت اختلفت عليّ التحيات وسمعت الأصوات فأحصيت العدد، قال: صدقت فإن فيک سنة من أخي عيسي، فخرج عمر وهو يقول: ضريه لابن مريم مثلاً فأنزل اللَّه عزّوجلّ: «وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثلاً إِذَا قَوْمَکَ مِنْهُ يَصُدُّوْنَ».[1] قال: يضجون وقالوا: آلهتنا خير أم هو ما ضربوه لک جدلاً بل هم قوم خصمون، إن هو إلّا عبدأنعمنا عليه وجعلناه مثلاً لبني اسرائيل ولو نشاء لجعلنا منکم ملائکة في الأرض يخلقون غيري؟ قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتکم باللَّه هل فيکم أحد قال له رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله کما قال لي: إن طوبي شجرة في الجنة أصلها في دار علي، ليس من مؤمن إلّا وفي منزله غصن من أغصانها غيري؟ قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتکم باللَّه هل فيکم أحد قال له رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله: تقاتل علي سنتي وتبري ذمتي غيري؟ قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتکم باللَّه هل فيکم أحد قال له رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله: تقاتل الناکثين والقاسطين والمارقين غيري؟ قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتکم باللَّه هل فيکم أحد جاء إلي رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله ورأسه في حجر جبرئيل، فقال لي أدن من ابن‏عمک فأنت أولي به مني غيري؟ قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتکم باللَّه هل فيکم أحد وضع رسول‏اللَّه رأسه في حجره حتي غابت الشمس ولم يصل العصر، فلما انتبه رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله قال: ياعلي صليت العصر؟ قلت لا، فدعا رسول‏اللَّه فردت الشمس بيضاء نقية، فصليت ثم انحدرت غيري؟ قالوا:

[صفحه 287]

اللهم لا.

قال: نشدتکم باللَّه هل فيکم أحد أمر اللَّه عزّوجلّ رسوله أن يبعث ببراءة، فبعث بها مع أبي‏بکر فأتاه جبرئيل فقال: يامحمد انه لا يؤدي عنک إلّا أنت أو رجل منک، فبعثني رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله فأخذتها من أبي‏بکر فمضيت بها وأديتها عن رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله، وأثبت اللَّه علي لسان رسوله اني منه غيري؟ قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتکم باللَّه هل فيکم أحد قال له رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله: أنت إمام من أطاعني ونور أوليائي، والکلمة التي ألزمتها المتقين غيري؟ قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتکم باللَّه هل فيکم أحد قال له رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله: من سره أن يحيي حياتي ويموت موتي ويسکن جنتي التي وعدني ربي، جنات عدن، قضيب غرسه اللَّه بيده ثم قال له کن فيکون، فليوال علي بن أبي‏طالب وذريته من بعده، فهم الأئمة وهم الأوصياء، أعطاهم اللَّه علمي وفهمي، لا يدخلونکم في باب ضلال ولا يخرجونکم من باب هدي، لا تعلموهم فهم أعلم منکم، يزول الحق معهم أينما زالوا غيري؟ قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتکم باللَّه هل فيکم أحد قال له رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله: قضي فانقض أنه لا يحبک إلّا مؤمن ولا يبغضک إلّا کافر منافق غيري؟ قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتکم باللَّه هل فيکم أحد قال له رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله مثل ما قال لي: أهل ولايتک يخرجون يوم القيامة من قبورهم علي نوق بيض، شراک نعالهم نور يتلألأ قد سهلت عليهم الموارد فرّجت عنهم الشدائد، وأعطوا الأمان، وانقطعت عنهم الأحزان حتي ينطلق بهم إلي ظل عرش الرحمن، توضع بين أيديهم مائدة يأکلون منها حتي يفرغ من الحساب، يخاف الناس ولا يخافون ويحزن الناس ولا يحزنون غيري؟ قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتکم باللَّه هل فيکم أحد قال له رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله: حين جاء أبوبکر

[صفحه 288]

يخطب فاطمة فأبي أن يزوجه، وجاء عمر يخطبها فأبي أن يزوجه، فخطبت اليه فزوجني، فجاء أبوبکر وعمر فقالا: أبيت أن تزوجنا وزوجته، فقال رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله ما منعتکما وزوجته بل اللَّه منعکما وزوجه غيري؟ قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتکم باللَّه هل سمعتم رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: کل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلّا سببي ونسبي، فأي سبب أفضل من سببي وأي نسب أفضل من نسبي، إن أبي‏وأبارسول‏اللَّه لأخوان. وإن الحسن والحسين ابني رسول‏اللَّه وسيدي شباب أهل الجنة ابناي، وفاطمة بنت رسول‏اللَّه زوجتي سيدة نساء أهل الجنة غيري؟ قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتکم باللَّه هل فيکم أحد قال له رسول‏اللَّه: إن اللَّه خلق الخلق ففرقهم فرقتين: فجعلني من خير الفرقتين، ثم جعلهم شعوباً فجعلني في خير شعبه، ثم جعلهم قبائل فجعلني في خير قبيلة، ثم جعلهم بيوتاً فجعلني في خير بيت، ثم اختار من أهل بيتي أنا وعلياً وجعفراً فجعلني خيرهم، فکنت نائماً بين ابن‏أبي‏طالب، فجاء جبرئيل ومعه ملک فقال ياجبرئيل إلي أي هؤلاء اُرسلت؟ فقال إلي هذا ثم أخذ بيدي فأجلسني غيري؟ قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتکم اللَّه هل فيکم أحد سدّ رسول‏اللَّه أبواب المسلمين کلهم في المسجد، ولم يسدّ بابي فجاءه العباس وحمزة وقالا: أخرجتنا وأسکنته، فقال: ما أنا أخرجتکم وأسکنته بلله أخرجکم وأسکنه، إن اللَّه عزوجل أوحي إلي أخي موسي أن اتخذ مسجداً طهوراً واسکنه أنت وهارون وابنا هارون، إن اللَّه عزوجل أوحي إلي أن اتخذ مسجداً طهوراً واسکنه أنت وعلي وابنا علي غيري؟ قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتکم باللَّه هل فيکم أحد قال له رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله: الحق مع علي وعلي مع الحق لا يفترقان حتي يردا عليّ الحوض غيري؟ قالوا: اللهم لا.

[صفحه 289]

قال: نشدتکم باللَّه هل فيکم أحد وقي رسول‏اللَّه حيث جاء المشرکون يريدون قتله فاضطجعت في مضجعه وذهب رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله نحو الغار وهم يرون اني أنا هو، فقالوا: أين ابن‏عمک؟ فقلت لا أدري فضربوني حتي کادوا يقتلونني غيري؟ قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتکم باللَّه هل فيکم أحد قال له رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله کما قال لي: إن اللَّه أمرني بولاية علي فولايته ولايتي، وولاية ربي، عهد عهده إليّ ربي وأمرني أن أبلغکموه، فهل سمعتم قالوا: نعم قد سمعناه، قال: أما أن فيکم من يقول قد سمعت وهو يحمل الناس علي کتفيه ويعاديه، قالوا: يارسول‏اللَّه أخبرنا بهم قال: أما إن ربي قد أخبرني بهم وأمرني بالاعراض عنهم لأمر قد سبق وإنما يکتفي أحدکم بما يجد لعلي في قلبه غيري؟ قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتکم باللَّه هل فيکم أحد قتل من بني عبدالدار تسعة مبارزة غيري کلهم يأخذ اللواء، ثم جاء صواب الحبشي مولاهم وهو يقول واللَّه لا أقتل بسادتي إلّا محمداً، قد أزبد شِدقاه واحمرتا عيناه فاتقيتموه وحدتم عنه وخرجت اليه فلما أقبل کأنه قبة مبنية فاختلفت أنا وهو ضربتين فقطعته نصفين وبقيت رجلاه وعجزه وفخذه قائمة علي الأرض ينظر اليه المسلمون ويضحکون منه غيري؟ قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتکم باللَّه هل فيکم أحد قتل من مشرکي قريش مثل قتلي؟ قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتکم باللَّه هل فيکم أحد جاء عمرو بن عبدود ينادي هل من مبارز فکنتم عنه کلکم، فقمت أنا فقال لي رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله: إلي أين تذهب فقلت أقوم إلي هذا الفاسق، فقال انه عمرو بن عبدود، فقلت يارسول‏اللَّه فأنا علي بن أبي‏طالب، فأعاد عليّ الکلام وأعدت عليه، فقال: امض علي اسم اللَّه، فلما قربت منه قال من

[صفحه 290]

الرجل قلت علي بن أبي‏طالب، قال کفو کريم ارجع ياابن‏أخي فقد کان لأبيک معي صحبة ومحادثة فأنا أکره قتلک، فقلت له ياعمرو انک قد عاهدت اللَّه ألا يخيرک أحد ثلاث خصال إلّا اخترت إحداهن، فقال: أعرض عليّ، قلت تشهد أن لا إلة إلّا اللَّه وإن محمداً رسول‏اللَّه، وتقر بما جاء من عند اللَّه، قال: هات غير هذه، قلت ترجع من حيث جئت، قال: واللَّه لا تحدث نساء قريش بهذا اني رجعت عنک، فقلت فانزل فأقاتلک، قال أما هذه فنعم، فنزل فاختلفت أنا وهو ضربتين فأصاب الحجفة وأصاب السيف رأسي، وضربته ضربة فانکشفت رجليه فقتله اللَّه علي يدي، ففيکم أحد فعل هذا غيري؟ قالوا: اللهم لا.

قال نشدتکم باللَّه هل فيکم أحد جاء مرحب وهو يقول:


أنا الذي سمتني اُمي مرحب
شاک السلاح بطل مجرب‏


أطعن أحياناً وحيناً أضرب

فخرجت اليه فضربني وضربته، وعلي رأسه نقير من جبل لم تکل تصلح علي رأسه بيضة من رأسه، ففلقت النقير ووصل السيف إلي رأسه فقتلته، ففيکم أحد فعل هذا!؟ قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتکم باللَّه هل فيکم أحد أنزل اللَّه فيه آية التطهير علي رسوله صلي الله عليه و آله «إِنَّمَا يُرِيْدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَکُمْ تَطْهِيْراً».[2] فأخذ رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله کساء خيبرياً فضمني فيه وفاطمة والحسن والحسين، ثم قال: يارب هؤلاء أهل بيتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً؟ قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتکم باللَّه هل فيکم أحد قال له رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله: أنا سيد وِلدِ آدم وأنت ياعلي سيد العرب؟ قالوا: اللهم لا.

[صفحه 291]

قال: نشدتکم باللَّه هل فيکم أحد کان رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله في المسجد إذ نظر إلي شي‏ء ينزل من السماء فبادره ولحقه أصحابه فانتهي إلي سودان أربعة يحملون سريراً، فقال لهم ضعوا فوضعوا فقال اکشفوا عنه فکشفوا، فاذا أسود مطوق بالحديد، فقال رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله من هذا؟ قالوا: غلام للرياحيين کان قد أبق عنهم خبثاً وفسقاً فأمرونا أن ندفنه في حديده کما هو، فنظرت اليه فقلت يارسول‏اللَّه ما رآني قط إلّا قال أنا واللَّه احبّک واللَّه ما احبّک إلّا مؤمن ولا أبغضک إلّا کافر، فقال رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله ياعلي لقد أثابه اللَّه بذا، هذا سبعون قبيلاً من الملائکة کل قبيل علي ألف قبيل قد نزلوا يصلون عليه، ففک رسول‏اللَّه حديدته وصلّي عليه ودفنه؟ قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتکم باللَّه هل فيکم أحد قال له رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله مثل ما قال لي: اُذِنَ لي البارحة في الدعاء، فما سألت ربي شيئاً إلّا أعطانيه، وما سألت لنفسي شيئاً إلّا سألت لک مثله فقلت: الحمد للَّه غيري؟ قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتکم باللَّه هل علمتم أن رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله بعث خالد بن الوليد إلي بني جذيمة ففعل ما فعل، فصعد رسول‏اللَّه المنبر فقال: اللهم إني أبرأ اليک مما صنع خالد ابن‏الوليد ثلاث مرات ثم قال: إذهب ياعلي فذهبت فوديتهم، ثم ناشدتهم باللَّه هل بقي شي‏ء؟ فقالوا: ان نشدتنا باللَّه فميلغة کلابنا وعقال بعيرنا فأعطيتهم لهما وبقي معي ذهب کثير فأعطيتهم إياه وقلت هذا لذمة رسول‏اللَّه ولما تعلمون ولما لا تعلمون وللروعات النساء والصبيان، ثم جئت إلي رسول‏اللَّه فأخبرته فقال: واللَّه ما يسرني ياعلي أن لي بما صنعت حمر النعم؟ قالوا: اللهم نعم.

قال: نشدتکم باللَّه هل سمعتم رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: ياعلي لقد عرضت عليّ اُمتي البارحة فمرّ بي أصحاب الرايات فاستغفرت لک ولشيعتک؟ فقالوا: اللهم نعم. قال: نشدتکم باللَّه هل سمعتم رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله قال: ياأبابکر إذهب فاضرب

[صفحه 292]

عنق ذلک الرجل الذي تجده في موضع کذا وکذا، فرجع فقال: قتلته؟ قال: لا وجدته يصلي، قال: ياعمر إذهب فاقتله، فرجع فقال: قتلته؟ قال: لا وجدته يصلي، فقال: آمرکما بقتله فتقولان وجدناه يصلي، قال: ياعلي إذهب فاقتله فلما مضيت قال: إن أدرکه قتله، فرجعت فقلت يارسول‏اللَّه لم أجد أحداً فقال: صدقت أما انک لو وجدته لقتلته؟ قالوا: اللهم نعم.

قال: نشدتکم باللَّه هل فيکم أحد قال له رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله کما قال لي إن وليک في الجنة وعدوک في النار؟ قالوا: اللهم لا.

قال: نشدتکم باللَّه هل علمتم أنّ عائشة قالت: لرسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله: إنّ إبراهيم ليس منک وإنّه ابن‏فلان القبطي، قال: ياعلي إذهب فاقتله، فقلت: يارسول‏اللَّه إذا بعثتني أکون کالمسمار المحمي في الوبر أو أتثّبت؟ قال: لا بل تثبّت، فذهبت فلمّا نظر إليّ استند إلي حائط فطرح نفسه فيه فطرحت نفسي علي أثره فصعد علي نخل وصعدت خلفه فلمّا رآني قد صعدت رمي بإزاره، فإذا ليس له شي‏ء ممّا يکون للرّجال فجئت فأخبرت رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله قال: الحمد للَّه الذي صرف عنا السوء أهل البيت؟ فقالوا: اللهم لا، فقال: اللهم اشهد.[3].

2/9131- الطبرسي: روي يحيي بن عبداللَّه بن الحسن، عن أبيه عبداللَّه بن عبداللَّه، قال: کان أميرالمؤمنين عليه‏السلام يخطب بالبصرة بعد دخولها بأيام، فقام اليه رجل فقال ياأميرالمؤمنين أخبرني من أهل الجماعة، ومن أهل الفرقة، ومن أهل البدعة، ومن أهل السنة؟

فقال عليه‏السلام: ويحک أما إذا سألتني فافهم عني ولا عليک أن تسأل عنها أحداً بعدي: أما أهل الجماعة فأنا ومن تبعني وإن قلوا، وذلک الحق عن أمر اللَّه تعالي وعن أمر رسوله. وأمّا أهل الفرقة: فهم المخالفون لي ولمن اتبعني وإن کثروا، وأما

[صفحه 293]

أهل السنة فالمتمسکون بما سنّه اللَّه لهم ورسوله وإن قلّوا، وأما أهل البدعة: فالمخالفون لأمر اللَّه تعالي ولکتابه ولرسوله، العاملون برأيهم وأهوائهم وإن کثروا، وقد مضي منهم الفوج الأول وبقيت أفواج، وعلي اللَّه قبضها واستيصالها عن جدد الأرض.

فقام اليه عمار فقال: ياأميرالمؤمنين، إن الناس يذکرون الفيئ ويزعمون أن من قاتلنا فهو وماله وولده في لنا، فقام اليه رجل من بکر بن وائل، يدعي عباد بن قيس، وکان ذا عارضة ولسان شديد، فقال: ياأميرالمؤمنين واللَّه ما قسمت بالسوية، ولا عدلت بالرعية، فقال: ولِمَ ويحک؟!! قال: لأنک قسمت ما في العسکر وترکت الأموال والنساء والذرية.

فقال: أيها الناس من کانت به جراحة فليداوها بالسمن. فقال عبّاد جئنا نطلب غنائمها فجاءنا بالترهات! فقال له أميرالمؤمنين عليه‏السلام إن کنت کاذباً فلا أماتک اللَّه حتي يدرکک غلام ثقيف، قيل ومن غلام ثقيف؟ فقال: رجل لا يدع للَّه حرمة إلّا انتهکها، فقيل: أفيموت موتاً أو يقتل؟ فقال: يقصمه قاصم الجبارين بموت فاحش يحترق منه دبره لکثرة ما يخرج من بطنه، ياأخا بکر، أنت امرء ضعيف الرأي، أما علمت أنّا لا نأخذ الصغير بذنب الکبير، وأن الأموال کانت لهم قبل الفرقة، وتزوجوا علي رشدة، وولدوا علي فطرة، وإنما لکم ما حوي عسکرکم، وما کان في دورهم فهو ميراث، فإن عدا أحد منهم أخذناه بذنبه، وإن کف عنا لم نحمل عليه ذنب غيره.

ياأخا بکر لقد حکمت فيهم بحکم رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله في أهل مکة فقسم ما حوي العسکر، ولم يتعرض لما سوي ذلک، وإنما اتبعت أثره حذو النعل بالنعل.

ياأخا بکر، أما علمت أن دار الحرب يحل ما فيها، وأن دار الهجرة يحرم ما فيها إلّا بالحق، فمهلاً مهلاً رحمکم اللَّه، فان لم تصدقوني وأکثرتم عليّ وذلک انه تکلم في

[صفحه 294]

هذا غير واحد- فأيکم يأخذ عائشة بسهمه؟ فقالوا: ياأميرالمؤمنين، أصبت وأخطأنا، وعلمت وجهلنا، فنحن نستغفر اللَّه تعالي، ونادي الناس من کل جانب أصبت ياأميرالمؤمنين، أصاب اللَّه بک الرشاد والسداد.

فقام عباد فقال: أيها الناس انکم واللَّه لو اتبعتموه وأطعتموه لن يضل بکم عن منهل نبيکم حتي قيد شعرة، وکيف لا يکون ذلک وقد استودعه رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله علم المنايا والقضايا وفصل الخطاب، علي منهاج هارون وقال له: أنت مني بمنزلة هارون من موسي إلّا أنه لا نبي بعدي، فضلاً خصه اللَّه به واکراماً منه لنبيه صلي الله عليه و آله حيث أعطاه ما لم يعط أحداً من خلقه.

ثم قال أميرالمؤمنين عليه‏السلام: انظروا رحمکم اللَّه ما تؤمرون فافضوا له، فان العالم أعلم بما يأتي به من الجاهل الخسيس الأخس، فاني حاملکم إن شاء اللَّه إن أطعتموني علي سبيل النجاة، وان کان فيه مشقة شديدة، ومرارة عديدة، والدنيا حلوة الحلاوة لمن اغتر بها من الشقاوة والندامة عما قليل، ثم اني أخبرکم أن جيلاً من بني اسرائيل أمرهم نبيهم أن لا يشربوا من النهر، فنجوا في ترک أمره فشربوا منه إلّا قليلاً منهم، فکونوا رحمکم اللَّه من اُولئک الذين أطاعوا نبيهم ولم يعصوا ربهم، وأما عائشة فأدرکها رأي النساء، ولها بعد ذلک حرمتها الاُولي والحساب علي اللَّه يعفو عمن يشاء ويعذب من يشاء[4].

3/9132- الطبرسي: روي أن أميرالمؤمنين عليه‏السلام أرسل عبداللَّه بن العباس إلي الخوارج، وکان بمرأي منهم ومسمع، قالوا له في الجواب: إنا نقمنا يابن عباس علي صاحبک خصالاً کلها مکفرة، موبقة، تدعو إلي النار.

أما أولها: فانه محي اسمه من إمرة المؤمنين، ثم کتب بينه وبين معاوية، فاذا لم يکن أميرالمؤمنين، ونحن المؤمنون فلسنا نرضي بأن يکون أميرنا.

[صفحه 295]

وأما الثانية: فانه شک في نفسه حين قال للحکمين: انظروا فان کان معاوية أحق بها فاثبتناه، وان کنت أولي بها فاثبتاني، فاذا هو شک في نفسه ولم يدر أهو المحق أم معاوية، فنحن فيه أشد شکاً.

والثالثة: انه جعل الحکم إلي غيره، وقد کان عندنا أحکم الناس.

والرابعة: إنه حکّم الرجال في دين اللَّه ولم يکن ذلک اليه.

والخامسة: إنه قسم بيننا الکراع والسلاح يوم البصرة، ومنعنا النساء والذرية. والسادسة: إنه کان وصياً فضيّع الوصية.

قال ابن‏عباس: قد سمعت ياأميرالمؤمنين مقالة القوم، وأنت أحق بجوابهم، فقال عليه‏السلام نعم:

ثم قال: يابن عباس قل لهم ألستم ترضون بحکم اللَّه وحکم رسوله؟ قالوا: نعم، قال (صلوات اللَّه عليه): أبدأ علي ما بدأتم به في بدء الأمر، ثم قال: کنت اکتب لرسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله الوحي والقضايا والشروط والأمان يوم صالح أباسفيان، وسهيل ابن‏عمرو فکتبت:

بسم اللَّه الرحمن الرحيم،

هذا ما اصطلح عليه محمد رسول‏اللَّه وأباسفيان صخر بن حرب، وسهيل بن عمرو، فقال سهيل: لا نعرف الرحمن الرحيم، ولا نقر إنک رسول‏اللَّه، ولکنا نحسب ذلک أن تقدم اسمک علي أسمائنا، وإن کنّا أسنّ منک وأبي‏أسنّ من أبيک.

فأمرني رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله فقال: اکتب مکان بسم اللَّه الرحمن الرحيم باسمک اللهم، فمحوت ذلک وکتبت باسمک اللهم، ومحوت رسول‏اللَّه وکتبت محمد بن عبداللَّه، فقال لي: إنک تدعي إلي مثلها فتجيب وأنت مکره، وهکذا کتبت بيني وبين معاوية وعمرو بن العاص: هذا ما اصطلح عليه أميرالمؤمنين ومعاوية وعمرو بن العاص فقالا: لقد ظلمناک بأن أقررنا بأنک أمير المؤمنين وقاتلناک، ولکن اکتب علي بن

[صفحه 296]

أبي‏طالب، فمحوت کما محي رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله فان أبيتم ذلک فقد جحدتم، فقالوا: هذه لک خرجت منها.

قال عليه‏السلام: وأما قولکم إني شککت في نفسي حيث قلت للحکمين: انظروا فان کان معاوية أحق بها مني فأثبتاه، فان ذلک لم يکن شکاً مني، ولکن أنصفت في القول، قال اللَّه تعالي: «وَإِنَّا وَإِيَاکُمْ لَعَلي هُدًي أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِيْنٍ».[5] ولم يکن ذلک شکاً وقد علم اللَّه أن نبيه علي الحق، قالوا: وهذه لک.

قال: وأما قولکم إني جعلت الحکم إلي غيري وقد کنت عندکم أحکم الناس، فهذا رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله قد جعل الحکم إلي سعد يوم بني قريظة، وقد کان من أحکم الناس، وقد قال اللَّه تعالي: «لَقَدْ کَانَ لَکُمْ فِي رَسُوْلِ اللَّهِ اُسْوَةٌ حَسَنَةٌ».[6] فتأسيّت برسول‏اللَّه، قالوا: وهذه لک بحجتنا.

وأما قولکم: إني حکمت في دين اللَّه الرجال، فما حکمت الرجال وإنما حکمت کلام ربي الذي جعله اللَّه حکماً بين أهله، وقد حکم اللَّه الرجال في طائر فقال: «وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْکُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْکُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْکُمْ»[7] فدماء المسلمين أعظم من دم طائر. وقالوا: هذه لک بحجتنا.

قال: وأما قولکم: إني قسمت يوم البصرة لما أظفرني اللَّه بأصحاب الجمل الکراع والسلاح، ومنعتکم النساء والذرية، فاني مننت علي أهل البصرة کما منّ رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله علي أهل مکة، فان عدوا علينا أخذناهم بذنوبهم، ولم نأخذ صغيراً بکبير، فأيکم کان يأخذ عائشة في سهمه؟ قالوا: وهذه لک بحجتنا.

وأما قولکم: أني کنت وصياً فضيعت الوصية، فأنتم کفرتم وقدمتم عليّ،

[صفحه 297]

وأزلتم الأمر عني، وليس علي الأوصياء الدعاء إلي أنفسهم، إنما يبعث اللَّه الأنبياء عليهم‏السلام فيدعون إلي أنفسهم، وأما الوصي فمدلول عليه مستغن عن الدعاء إلي نفسه، وذلک لمن آمن باللَّه ورسوله، ولقد قال اللَّه جلّ ذکره: «وِللَّهِِ عَلي النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيْلاً».[8] فلو ترک الناس الحج لم يکن البيت ليکفر بترکهم إياه، ولکن کانوا يکفرون بترکهم، لأن اللَّه قد نصبه لهم علماً، وکذلک نصبني علماً حيث قال رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله: ياعلي أنت مني بمنزلة هارون من موسي وأنت مني بمنزلة الکعبة تؤتي ولا تأتي فقالوا: وهذه لک بحجتنا، فأذعنوا فرجع بعضهم وبقي منهم أربعة آلاف لم يرجعوا ممن کانوا قصدوا فقاتلهم وقتلهم.[9].

4/9133- الطبرسي: روي عن محمد ويحيي ابني عبداللَّه بن الحسن، عن أبيهما، عن جدهما، عن علي بن أبي‏طالب (صلوات اللَّه عليه) قال: لما خطب أبوبکر قام اليه اُبي بن کعب، وکان يوم الجمعة أول يوم من شهر رمضان.

وقال: يامعشر المهاجرين الذين اتبعوا مرضات اللَّه، وأثني اللَّه عليهم في القرآن، ويامعشر الأنصار الذين تبؤوا الدار والايمان وأثني اللَّه عليهم في القرآن، تناسيتم أم نسيتم، أم بدلتم، أم غيرتم، أم خذلتم، أو عجزتم؟

ألستم تعلمون أن رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله قام فينا مقاماً أقام فيه علياً فقال: من کنت مولاه فهذا مولاه- يعني علياً- ومن کنت نبيه فهذا أميره.

ألستم تعلمون أن رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله قال: ياعلي أنت مني بمنزلة هارون من موسي، طاعتک واجبة علي من بعدي کطاعتي في حياتي غير أنه لا نبي بعدي؟

ألستم تعلمون أن رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله قال: أوصيکم بأهل بيتي خيراً فقدموهم ولا تقدموهم وأمرّوهم ولا تأمرّوا عليهم؟

[صفحه 298]

ألستم تعلمون أن رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله قال: أهل بيتي منار الهدي، والدالون علي اللَّه؟

ألستم تعلمون أن رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله قال لعلي (صلوات اللَّه عليه): أنت الهادي لمن ضلّ؟

ألستم تعلمون أن رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله قال: علي المحيي لسنتي، ومعلم اُمتي، والقائم بحجتي، وخير من أخلف من بعدي، وسيد أهل بيتي، وأحب الناس إليّ، طاعته کطاعتي علي اُمتي؟

ألستم تعلمون أنه لم يول علي علي أحداً وولاه في کل غيبته عليکم؟

ألستم تعلمون أنه کان منزلهما في أسفارهما واحداً، وارتحالهما واحداً وأمرهما واحداً؟

ألستم تعلمون أنه قال: إذا غبت فخلفت عليکم علياً فقد خلفت فيکم رجلاً کنفسي؟

ألستم تعلمون أن رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله قبل موته قد جمعنا في بيت ابنته فاطمة عليهاالسلام فقال لنا: إن اللَّه أوحي إلي موسي بن عمران أن اتخذ أخاً من أهلک فاجعله نبياً، واجعل أهله لک ولداً، أُطهرهم من الآفات، واخلصهم من الريب، فاتخذ موسي هارون أخاً، وولده أئمة لبني اسرائيل من بعده، الذين يحل لهم في مساجدهم ما يحل لموسي، وأن اللَّه تعالي أوحي إليّ أن اتخذ علياً أخاً، کما أن موسي اتخذ هارون أخاً، واتخذ ولده ولداً، فقد طهرتهم کما طهرت ولد هارون، ألا إني قد ختمت بک النبيين فلا نبي بعدک فهم الأئمة الهادية أفما تبصرون أفما تفهمون، أفما تسمعون؟! ضرب عليکم الشبهات، فکان مثلکم کمثل رجل في سفر فأصابه عطش شديد حتي خشي أن يهلک، فلقي رجلاً هادياً في الطريق، فسأله عن الماء فقال له أمامک عينان إحداهما مالحة، والاُخري عذبة، فان أصبت المالحة ضللت وان أصبت العذبة هديت ورويت، فهذا مثلکم أيتها الاُمة المهملة کما زعمتم، وأيم اللَّه ما أهملتم، لقد

[صفحه 299]

نصب لکم علم، يحل لکم الحلال، ويحرم عليکم الحرام، ولو أطعتموه ما اختلفتم، ولا تدابرتم، ولا تقاتلتم، ولا برئ بعضکم من بعض، فواللَّه إنکم بعده لناقضون عهد رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله وإنکم علي عترته لمختلفون، وان سئل هذا عن غير ما يعلم أفتي برأيه، فقد أبعدتم، وتخارستم وزعمتم أن الخلاف رحمة، هيهات أبي الکتاب ذلک عليکم، يقول اللَّه تعالي جدّه: «وَلَا تَکُوْنُواْ کَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِنْ بَعْدِ مَا جَائَهُمُ البَيِّنَاتُ وَاُوْلَئِکَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ».[10] ثم أخبرنا باختلافکم فقال سبحانه: «وَلَا يَزَالُوْنَ مُخْتَلِفِيْنَ إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّکَ وَلِذَلِکَ خَلَقَهُمْ»-.[11] أي للرحمة- وهم آل محمد- سمعت رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: ياعلي أنت وشيعتک علي الفطرة والناس منها براء، فهلا قبلتم من نبيکم، کيف وهو خبرکم بانتکاصتکم عن وصيّه علي بن أبي‏طالب وأمينه، ووزيره، وأخيه، ووليه دونکم أجمعين! وأطهرکم قلباً، وأعلمکم علماً، وأقدمکم سلماً، وأعظمکم وعياً من رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله أعطاه تراثه، وأوصاه بعداته، فاستخلفه علي اُمته، ووضع عنده سره، فهو وليه دونکم أجمعين وأحق به منکم اکتعين، سيد الوصيين، ووصيي خاتم المرسلين، أفضل المتقين، وأطوع الأُمة لرب العالمين، سلّمتم عليه بامرة المؤمنين في حياة سيد النبيين وخاتم المرسلين، فقد أعذر من أنذر، وأدي النصيحة من وعظ، وبصّر من عمي، فقد سمعتم کما سمعنا، ورأيتم کما رأينا، وشهدتم کما شهدنا.

فقام اليه عبداللَّه بن عوف، وأبوعبيدة بن الجراح، ومعاذ بن جبل فقالوا: ياأُبي أصابک خبل أم بک جنّة؟ فقال: بل الخبل فيکم، واللَّه کنت عند رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله يوماً، فألفيته يکلّم رجلاً أسمع کلامه ولا أري شخصه، فقال له: فيما يخاطبه: ما أنصحه لک ولاُمتک، وأعلمه بسنتک، فقال له رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله: أفتري اُمتي تنقاد له

[صفحه 300]

من بعدي؟ قال: يامحمد يتبعه من اُمتک أبرارها، ويخالف عليهم من اُمتک فجارها، فکذلک أوصياء النبيين من قبلک، يامحمد إن موسي بن عمران أوصي إلي يوشع بن نون، وکان أعلم بني اسرائيل وأخوفهم للَّه، وأطوعهم له، فأمره اللَّه عزوجل أن يتخذه وصياً کما اتخذت علياً وصياً، وکما اُمرت بذلک، فحسده بنو اسرائيل، سبط موسي خاصة، فلعنوه وشتموه ووضعوا له، فان اُخذت اُمتک سنن بني اسرائيل، کذبوا وصيک، وجحدوا إمرته، وابتزوا خلافته، وغالطوه في علمه، فقلت:

يارسول‏اللَّه من هذا؟ فقال رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله: هذا ملک من ملائکة ربي عزوجل، ينبئني أن اُمتي تتخلف عن وصيي علي بن أبي‏طالب، واني اُوصيک يااُبي بوصية إن حفظتها لم تزل بخير، يااُبي عليک بعلي، فإنه الهادي المهدي، الناصح لاُمتي، المحيي لسنتي، وهو إمامکم بعدي، فمن رضي بذلک لقيني علي ما فارقته عليه، يااُبي ومن غير أو بدل، لقيني ناکثاً لبيعتي، عاصياً أمري، جاحداً لنبوتي، لا أشفع له عند ربي، ولا أسقيه من حوضي فقام اليه رجال من الأنصار فقالوا له: أقعد رحمک اللَّه يااُبي فقد أديت ما سمعت الذي معک ووفيت بعهدک.[12].

5/9134- قال علي رضي الله عنه ليهودي وقد قال له: ما دفنتم نبيکم حتي اختلفتم!! فقال له: إنما اختلفنا عنه لا فيه، ولکنکم ما جفت أرجلکم من البحر حتي قلتم: «إِجْعَلْ لَنَا إِلهاً کَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ».[13] [14].

6/9135- الشيخ الطوسي، أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبوالحسن علي ابن‏خالد، قال: حدثنا العباس بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن عمرو الکندي، قال:

[صفحه 301]

حدثنا عبدالکريم بن إسحاق الرازي، قال: حدثنا محمد بن يزداد، عن سعيد بن خالد، عن إسماعيل بن أبي‏أويس، عن عبدالرحمن بن قيس البصري، قال: حدثنا زاذان، عن سلمان الفارسي رحمه الله قال: لما قبض النبي صلي الله عليه و آله وتقلد أبوبکر الأمر، قدم المدينة جماعة من النصاري يتقدمهم جاثليق، له سمت ومعرفة بالکلام ووجوهه، وحفظ التوراة والانجيل وما فيها، فقصدوا أبابکر، فقال له الجاثليق: إنا وجدنا في الانجيل رسولاً يخرج بعد عيسي، وقد بلغنا خروج محمد بن عبداللَّه يذکر أنه ذلک الرسول، ففزعنا إلي ملکنا فجمع وجوه قومنا، وأنفذنا في التماس الحق فيما اتصل بنا، وقد فاتنا نبيکم محمد، وفيما قرأه من کتبنا أن الأنبياء لا يخرجون من الدنيا إلّا بعد إقامة أوصياء لهم يخلفونهم في اُممهم، يقتبس منهم الضياء فيما اُشکل، فأنت أيها الأمير وصيه، لنسألک عما نحتاج اليه؟

فقال عمر: هذا خليفة رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله: فجثي الجاثليق لرکبتيه، وقال له: خبّرنا أيها الخليفة عن فضلکم علينا في الدين، فانا جئنا نسأل عن ذلک؟

فقال أبوبکر: نحن مؤمنون وأنتم کفار، والمؤمن خير من الکافر، والايمان خير من الکفر.

فقال الجاثليق: هذه دعوي تحتاج إلي حجة، فخبرني أنت مؤمن عند اللَّه أم عند نفسک؟

فقال أبوبکر: أنا مؤمن عند نفسي ولا علم لي بما عنداللَّه.

قال: فهل أنا کافر عندک علي مثل ما أنت مؤمن، أم أنا کافر عنداللَّه؟

فقال: أنت عندي کافر، ولا علم لي بحالک عنداللَّه.

فقال الجاثليق: فما أراک إلّا شاکّاً في نفسک وفيَّ، ولست علي يقين من دينک، فخبرني ألک عنداللَّه منزلة في الجنة بما أنت عليه في الدين تعرفها؟

فقال: لي منزلة في الجنة أعرفها بالوعد، ولا أعلم هل أصل اليها أم لا.

[صفحه 302]

فقال له: فترجو أن تکون لي منزلة في الجنة؟ قال أجل أرجو ذلک، فقال الجاثليق: فما أراک إلّا راجياً لي، وخائفاً علي نفسک، فما فضلک عليّ في العلم.

ثم قال له: أخبرني هل احتويت علي جميع علم النبي المبعوث اليک؟ قال: لا، ولکن أعلم منه ما قضي لي علمه.

قال: فکيف صرت خليفة للنبي، وأنت لا تحيط علماً بما تحتاج اليه اُمته من علمه، وکيف قدّمک قومک علي ذلک.

فقال له عمر کف أيها النصراني عن هذا العنت وإلّا أبحنا دمک، فقال الجاثليق: ما هذا عدل علي من جاء مسترشداً طالباً.

فقال سلمان رحمه الله: فکأنما ألبسنا جلباب المذلة، فنهضت حتي أتيت علياً عليه‏السلام فأخبرته الخبر، فأقبل بأبي واُمي حتي جلس والنصراني يقول دلوني علي من أسأله عما أحتاج اليه، فقال له أميرالمؤمنين عليه‏السلام سل يانصراني فوالذي فلق الحبة وبرئ النسمة، لا تسألني عما مضي ولا ما يکون إلّا أخبرتک به عن نبي الهدي صلي الله عليه و آله.

فقال النصراني: أسألک عما سألت عنه هذا الشيخ، خبرني أمؤمن أنت عند اللَّه، أم عند نفسک؟

فقال أميرالمؤمنين عليه‏السلام: أنا مؤمن عند اللَّه کما أنا مؤمن في عقيدتي.

فقال الجاثليق: اللَّه أکبر هذا کلام وثيق بدينه متحقق فيه بصحة يقينه، فخبرني الآن عن منزلتک في الجنة ما هي؟

فقال عليه‏السلام: منزلتي مع النبي الاُمي في الفردوس الأعلي، لا أرتاب بذلک ولا أشک في الوعد به من ربي.

فقال النصراني: فبما عرفت الوعد لک بالمنزلة التي ذکرتها؟

فقال أميرالمؤمنين عليه‏السلام بالکتاب المنزل وصدق النبي المرسل.

قال: فبماذا علمت صدق نبيک؟

[صفحه 303]

قال عليه‏السلام: بالآيات الباهرات والمعجزات البينات.

قال الجاثليق: هذا طريق الحجة لمن أراد الاحتجاج، فخبرني عن اللَّه تعالي، أين هو اليوم؟

فقال عليه‏السلام: يانصراني، إن اللَّه تعالي يُجل عن الأين، ويتعالي عن المکان، کان فيما لم يزل ولا مکان، وهو اليوم علي ذلک لم يتغير من حال إلي حال.

فقال: أجل أحسنت أيها العالم وأوجزت في الجواب، فخبرني عنه تعالي أمدرک بالحواس عندک، فيسلک المسترشد في طلبه استعمال الحواس، أم کيف طريق المعرفة به إن لم يکن الأمر کذلک؟

فقال أميرالمؤمنين عليه‏السلام: تعالي الملک الجبار أن يوصف بمقدار، أو تدرکه الحواس، أو يقاس بالناس، والطريق إلي معرفته صنائعه الباهرة للعقول، الدالة ذوي الاعتبار بما هو منها عنده مشهود ومعقول.

قال الجاثليق: صدقت، هذا واللَّه هو الحق الذي قد ضلّ عنه التائهون في الجهالات، فخبرني الآن عما قاله نبيکم في المسيح، وانه مخلوق، من أين أثبت له الخلق، ونفي عنه الالهية، وأوجب فيه النقص، وقد عرفت ما يعتقد کثير من المتدينين؟

فقال أميرالمؤمنين عليه‏السلام: أثبت له الخلق بالتقدير الذي لزمه، والتصوير والتغير من حال إلي حال، والزيادة التي لم ينفک منها والنقصان، ولم أنفِ عنه النبوة، ولا أخرجته من العصمة والکمال والتأييد، وقد جاءنا عن اللَّه تعالي بأنه مثل آدم خلقه من تراب، ثم قال له: کن فيکون.

فقال له الجاثليق: هذا ما لا يطعن فيه الآن، غير أن الحجاج مما تشترک فيه الحجة علي الخلق والمحجوج منهم، فبِمَ بِنتَ أيها العالم من الرعية الناقصة عنک؟ قال: بما أخبرتک به من علمي بما کان وما يکون.

[صفحه 304]

قال الجاثليق: فهلم شيئاً من ذکر ذلک أتحقق به دعواک؟

فقال أميرالمؤمنين عليه‏السلام: خرجت أيها النصراني من مستقرک مستفزاً لمن قصدت بسؤالک له، مضمراً خلاف ما أظهرت من الطلب والاسترشاد، أفرأيت في منامک مقامي، وحُدثت فيه بکلامي، وحُذرت فيه من خلافي، واُمرت فيه باتباعي، قال: صدقت واللَّه الذي بعث المسيح، وما اطلع علي ما أخبرتني به إلّا اللَّه تعالي، وأنا أشهد أن لا إله إلّا اللَّه، وأن محمداً رسول‏اللَّه، وأنک وصي رسول‏اللَّه، وأحق الناس بمقامه، وأسلم الذين کانوا معه کإسلامه وقالوا: نرجع إلي صاحبنا، فنخبره بما وجدنا عليه هذا الأمر وندعوه إلي الحق.

فقال له عمر: الحمد للَّه الذي هداک أيها الرجل إلي الحق وهدي من معک اليه، غير أنه يجب أن تعلم أن علم النبوة في أهل بيت صاحبها، والأمر من بعده لمن خاطبک أولاً برضي الاُمة واصطلاحها عليه، وتخبر صاحبک بذلک وتدعوه إلي طاعة الخليفة، فقال: قد عرفت ما قلت أيها الرجل، وأنا علي يقين من أمري فيما أسررت وأعلنت، وانصرف الناس وتقدم عمر ألا يذکر ذلک المقام من بعد، وتوعد علي من ذکره بالعقاب، وقال: أم واللَّه لولا أنني أخاف أن يقول الناس: قتل مسلماً لقتلت هذا الشيخ ومن معه، فاني أظن أنهم شياطين أو أرادوا الافساد علي هذه الاُمة وإيقاع الفرقة بينها.

فقال أميرالمؤمنين عليه‏السلام لي: ياسلمان، أما تري کيف يظهر اللَّه الحجة لأوليائه، وما يزيد ذلک قومنا عنا إلّا نفوراً.[15].

7/9136- العياشي: عن أبي‏الطفيل، عن علي عليه‏السلام قال: قال يوم الشوري: أفيکم

[صفحه 305]

أحد تم نوره من السماء حين قال: «وَآتِ ذَا الْقُرْبي حَقَّهُ وَالْمِسْکِينِ».[16] قالوا: لا.[17].

8/9137- الطبرسي: عن الأصبغ، قال: سأل ابن‏الکواء أميرالمؤمنين عليه‏السلام: أخبرني عن بصير بالليل بصير في النهار، وعن أعمي بالليل أعمي بالنهار، وعن أعمي بالليل بصير بالنهار وعن أعمي بالنهار بصير بالليل؟

فقال له أميرالمؤمنين عليه‏السلام: ويلک سل عما يعنيک، ولا تسأل عما لا يعنيک، ويلک أما بصير بالليل بصير بالنهار، فهو رجل آمن بالرسل والأوصياء الذين مضوا، وبالکتب والنبيين، وآمن باللَّه وبنبيه محمد صلي الله عليه و آله، وأقرّ لي بالولاية فأبصر في ليله ونهاره، وأما أعمي بالليل أعمي بالنهار: فرجل جحد الأنبياء والأوصياء، والکتب التي مضت، وأدرک النبي صلي الله عليه و آله فلم يؤمن به، ولم يقرّ بولايتي، فجحد اللَّه عزّوجلّ ونبيه صلي الله عليه و آله فعمي باللليل وعمي بالنهار.

وأما بصير بالليل أعمي بالنهار: فرجل آمن بالأنبياء والکتب، وجحد النبي صلي الله عليه و آله وولايتي وأنکر لي حقي، فأبصر بالليل وعمي بالنهار.

وأما أعمي بالليل بصير بالنهار: فرجل جحد الأنبياء الذين مضوا، والأوصياء والکتب، وأدرک النبي صلي الله عليه و آله، فآمن باللَّه ورسوله محمد صلي الله عليه و آله وآمن بإمامتي وقبل ولايتي، فعمي بالليل وأبصر بالنهار.

ويلک ياابن‏الکواء، فنحن بنو أبي‏طالب، بنا فتح اللَّه الاسلام وبنا يختمه.

قال الأصبغ: فلما نزل أميرالمؤمنين عليه‏السلام من المنبر تبعته فقلت: سيدي ياأميرالمؤمنين قوّيت قلبي بما بينت.

فقال لي: ياأصبغ، من شک في ولايتي فقد شک في إيمانه، ومن أقر بولايتي فقد أقر بولاية اللَّه عزّ وجلّ، وولايتي متصلة بولاية اللَّه کهاتين- وجمع بين أصابعه-

[صفحه 306]

ياأصبغ، من أقر بولايتي فقد فاز، ومن أنکر ولايتي فقد خاب وخسر وهوي في النار، ومن دخل النار لبث فيها أحقاباً.[18].

[صفحه 307]


صفحه 283، 284، 285، 286، 287، 288، 289، 290، 291، 292، 293، 294، 295، 296، 297، 298، 299، 300، 301، 302، 303، 304، 305، 306، 307.








  1. الزخرف: 57.
  2. الأحزاب: 33.
  3. الخصال باب الأربعين: 553، إرشاد القلوب باب احتجاجه يوم الشوري: 259.
  4. احتجاج الطبرسي 394:1 ح 83، البحار 221:32، کنز العمال 183:16 ح 44216.
  5. سباء: 24.
  6. الأحزاب: 21.
  7. المائدة: 90.
  8. آل عمران: 97.
  9. احتجاج الطبرسي 442:1 ح 102، البحار 377:33، مناقب ابن‏المغازلي: 406.
  10. آل عمران: 105.
  11. هود: 118 و 119.
  12. احتجاج الطبرسي 297:1 ح 52، البحار 163:38، اثبات الهداة 504:3، اليقين بامرة المؤمنين عليه‏السلام (ابن‏طاووس) باب 448:170.
  13. الأعراف: 138.
  14. ربيع الأبرار 70:2.
  15. أمالي الطوسي المجلس الثامن: 218 ح 382، البحار 54:10، إرشاد القلوب: 299، مناقب ابن‏شهر آشوب باب ذکر علي عليه‏السلام في الکتب 257:2.
  16. الإسراء: 26.
  17. تفسير العياشي 288:2، تفسير البرهان 416:2.
  18. الاحتجاج 543:1 ح 131، البحار 83:10.