في خلق السماوات والأرض















في خلق السماوات والأرض‏



1/9452- الصدوق، حدثنا أبوالحسن محمد بن عمرو بن علي بن عبداللَّه البصري بايلاق، قال: حدثنا أبوعبداللَّه محمد بن عبداللَّه بن أحمد بن جبلة الواعظ، قال: حدثنا أبوالقاسم عبداللَّه بن أحمد بن عامر الطائي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا علي بن موسي الرضا عليه‏السلام قال: حدثنا أبي‏موسي بن جعفر، قال: حدثنا أبي‏جعفر بن محمد، قال: حدثنا أبي‏محمد بن علي، قال: حدثنا أبي‏علي بن الحسين بن علي عليه‏السلام. قال: کان علي بن أبي‏طالب عليه‏السلام بالکوفة في الجامع، إذ قام اليه رجل من أهل الشام فقال: ياأميرالمؤمنين اني أسألک عن أشياء، فقال عليه‏السلام: سل تفقهاً ولا تسأل تعنتاً، فأحدق الناس بأبصارهم.

فقال: أخبرني عن أول ما خلق اللَّه تعالي؟ فقال عليه‏السلام: خلق النور، قال: فمم خلقت السماوات؟ قال عليه‏السلام: من بخار الماء، قال: فمم خلقت الأرض؟ قال عليه‏السلام: من زبد الماء، قال: فمم خلقت الجبال؟ قال عليه‏السلام: من الأمواج، قال: فلِمَ سميت مکة اُم

[صفحه 489]

القري؟ قال عليه‏السلام: لأن الأرض دُحِيت من تحتها. وسأله عن سماء الدنيا فما هي؟ قال عليه‏السلام: من موج مکفوف، وسأله عن طول الشمس والقمر وعرضها؟ قال: تسعمائة فرسخ في تسعمائة فرسخ، وسأله عن طول الکوکب وعرضه؟ قال: اثنا عشر فرسخاً في اثني عشر فرسخاً، وسأله عن ألوان السماوات السبع وأسمائها؟ فقال له عليه‏السلام: إسم سماء الدنيا رفيع وهي من ماء ودخان، واسم السماء الثانية فيدوم (قيذوم) وهي علي لون الناس، والسماء الثالثة اسمها الماروم (المادون) وهي علي لون الشب، والسماء الرابعة اسمها أرفلون وهي علي لون الفضة، والسماء الخامسة اسمها هيعون وهي علي لون الذهب، والسماء السادس اسمها عروس وهي ياقوتة خضراء، والسماء السابعة اسمها عجماء وهي درّة بيضاء.

وسأله عن الثور ما باله غاض طرفه لا يرفع رأسه إلي السماء؟ قال عليه‏السلام: حياء من اللَّه عزّوجلّ، لما عبدقوم موسي العجل نکس رأسه، وسأله عن جمع بين الاُختين؟ فقال عليه‏السلام: يعقوب بن اسحاق عليه‏السلام جمع بين حبار وراحيل فحرّم (وحرم اللَّه) بعد ذلک، ففيه أنزل «وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ»؟.[1]

[صفحه 490]

فأکلت منها حبة وأطعمت آدم حبتين فمن ذلک ورث الذکر مثل حظ الاُنثيين، وسأله عمن خلق اللَّه من الأنبياء مختوناً فقال: خلق اللَّه آدم مختوناً وولد شيث مختوناً وإدريس ونوح وسام بن نوح وإبراهيم وداود وسليمان ولوط وإسماعيل وموسي وعيسي عليهم‏السلام ومحمد صلي الله عليه و آله.

وسأله کم کان عمر آدم عليه‏السلام؟ فقال: تسعمائة وثلاثون سنة. وسأله عن أول من قال الشعر؟ فقال: آدم عليه‏السلام قال: وما کان شعره؟ قال عليه‏السلام: لما أُنزل إلي الأرض من السماء فرأي تربتها وسعتها وهواها وقتل قابيل هابيل أخاه قال آدم عليه‏السلام:


تغيرت البلاد ومن عليها
فوجه الأرض مغبر قبيح‏


تغير کل ذي طعم ولون
وقل بشاشة الوجه المليح‏


أري طول الحياة عليّ غماً
وهل أنا من حياتي مستريح‏


وما لي لا أجود بسکب دمع
وهابيل تضمنه الضريح‏


قتل قابيل هابيل أخاه
فواحزني لقد فقد المليح‏


فأجابه إبليس (لعنه اللَّه):


تنح عن البلاد وساکنيها
ففي الفردوس ضاق بک الفسيح‏


وکنت بها وزوجک في قرار
وقلبک من أذي الدنيا مريح‏


فلم تنفک من کيدي ومکري
إلي أن فاتک الثمن الربيح‏


وبدل أهلها أثلاً وخمطاً
بجنات وأبواب منيح‏


فلولا رحمة الجبار أضحي
بکفک من جنان الخلد ريح‏


وسأله عن بکاء آدم علي الجنة وکم کان دموعه التي جرت من عينه؟ فقال عليه‏السلام: بکي مائة سنة وخرج من عينه اليمني مثل الدجلة والعين الاُخري مثل

[صفحه 491]

الفرات، وسأله کم حج آدم عليه‏السلام من حجة؟ فقال عليه‏السلام: سبعين حجة ماشياً علي قدميه، وأول حجة حجها کان معه الصرد يدله علي مواضع الماء وخرج معه من الجنة، وقد نهي عن أکل الصرد والخطاف، وسأله ما باله لا يمشي؟ قال: لأنه ناح علي بيت المقدس، فطاف حوله أربعين عاماً يبکي عليه، ولم يزل يبکي مع آدم عليه‏السلام، فمن هناک سکن البيوت.

ونزل آدم ومعه تسع آيات من کتاب اللَّه عزّوجلّ مما کان آدم يقرأها في الجنة وهي معه إلي يوم القيامة، ثلاث آيات من أول الکهف، وثلاث آيات من سبحان الذي أسري وهي «وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ».[2] وثلاث آيات من يس وهي «وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً»[3] وسأله عن أول من کفر وأنشأ الکفر؟ فقال عليه‏السلام: إبليس (لعنه اللَّه)، وسأله عن اسم نوح ما کان؟ فقال: کان اسمه السکن، وانما سمي نوحاً لأنه ناح علي قومه ألف سنة إلّا خمسين عاماً، وسأله عن سفينة نوح ما کان عرضها وطولها؟ فقال: کان طولها ثمان مائة ذراع وعرضها خمسمائة ذراع وارتفاعها في السماء ثمانون ذراعاً، ثم جلس الرجل.

فقام اليه آخر، فقال: ياأميرالمؤمنين أخبرنا عن أول شجرة غرست في الأرض؟ فقال عليه‏السلام: العوسجة ومنها عصي موسي عليه‏السلام، وسأله عن أول شجرة نبتت في الأرض؟ فقال: هي الدبا وهو القرع وسأله عن أول من حج من أهل السماء؟ فقال عليه‏السلام: جبرئيل عليه‏السلام، وسأله عن أول بقعة بسطت من الأرض أيام الطوفان؟ فقال له: موضع الکعبة، وکانت زبرجدة خضراء، وسأله عن أکرم واد علي وجه الأرض؟ فقال: واد يقال له: سرانديب سقط آدم عليه‏السلام فيه من السماء، وسأله عن شر

[صفحه 492]

وادٍ علي وجه الأرض؟ فقال: واد باليمن يقال له: برهوت وهو من أودية جهنم، وسأله عن سجن سار بصاحبه، فقال: الحوت سار بيونس بن متي عليه‏السلام، وسأله عن ستة لم يرکضوا في رحم؟ فقال: آدم وحواء وکبش إبراهيم وعصي موسي وناقة صالح والخفاش الذي عمله عيسي بن مريم عليه‏السلام وطار بإذن اللَّه عزّ وجلّ، وسأله عن شي‏ء مکذوب عليه وليس من الجن ولا من الانس؟ فقال: الذئب الذي کذب عليه أخوه يوسف. وسأله عن شي‏ء اُوحي اليه ليس من الجن ولا من الانس؟ فقال: أوحي اللَّه عزّوجلّ إلي النحل، وسأله عن أطهر موضع علي وجه الأرض لا تحل الصلاة فيه؟ فقال: ظهر الکعبة.

وسأله عن موضع طلعت عليه الشمس ساعة من نهار ولا تطلع عليه أبداً؟ قال: ذلک البحر حين فلقه اللَّه تعالي لموسي عليه‏السلام، فأصابت أرضه الشمس وأطبق عليه الماء فلم تصيبه بعد ذلک أبداً. وسأله عن شي‏ء شرب وهو حي وأکل وهو ميت؟ فقال: تلک عصي موسي عليه‏السلام شربت وهي في شجرتها غضة وأکلت لما لقفت حبال السحرة وعصيهم، وسأله عن نذير أنذر قومه ليس من الجن ولا من الانس؟ فقال: هي النملة وسأله عن أول من أمر بالختان؟ فقال: إبراهيم عليه‏السلام. وسأله عن أول من خفض من النساء؟ فقال: هاجر اُم اسماعيل خفضتها سارة لتخرج عن يمينها، وسأله عن أول امرءة جرت ذيلها، فقال: هاجر لما هربت من سارة، وسأله عن أول من جر ذيله من الرجال، قال: قارون، وسأله عن أول من لبس الثقلين؟ فقال: إبراهيم عليه‏السلام. وسأله عن أکرم الناس نسباً؟ فقال: صديق اللَّه يوسف بن يعقوب إسرائيل اللَّه بن إسحاق ذبيح بن إبراهيم خليل اللَّه عليه‏السلام، وسأله عن ستة من الأنبياء لهم إسمان؟ فقال: يوشع بن نون وهو ذو الکفل، ويعقوب وهو إسرائيل اللَّه، والخضر وهو حلقيا، ويونس وهو ذو النون، وعيسي وهو المسيح، ومحمد وهو

[صفحه 493]

أحمد (سلام اللَّه عليهم أجمعين). وسأله عن شي‏ء يتنفس ليس له لحم ولا دم؟ فقال له: ذلک الصبح إذا تنفس. وسأله عن خمسة من الأنبياء تکلموا بالعربية؟ فقال عليه‏السلام: هود وصالح وشعيب وإسماعيل ومحمد صلي الله عليه و آله، ثم جلس.

وقام رجل آخر سأله (فسأله) وتعنيه، فقال: ياأميرالمؤمنين أخبرني عن قول اللَّه عزّوجلّ: «يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ»[4] من هم؟ فقال عليه‏السلام: قابيل يفر من هابيل، والذي يفر من اُمه موسي، والذي يفر من أبيه إبراهيم يعني الأب المربي لا الوالد، والذي يفر من صاحبته لوط، والذي يفر من ابنه نوح يفر من ابنه کنعان. وسأله عن أول من مات فجأة؟ فقال عليه‏السلام: داود مات علي منبره يوم الأربعاء، وسأله عن أربعة لا يشبعن من أربعة؟ فقال: أرض من مطر، وأثني من ذکر، وعين من نظر، وعالم من علم. وسأله عن أول من وضع سکک الدنانير والدراهم؟ فقال: نمرود بن کنعان بعد نوح عليه‏السلام. وسأله عن أول من عمل عمل قوم لوط، فقال عليه‏السلام: إبليس، لأنه أمکن من نفسه. وسأله عن معني هدير الحمام الراعبية؟ فقال: تدعوا علي أهل المعازف والقيان والمزامير والعيدان، وسأله عن کنية البراق، فقال عليه‏السلام: يکني أباهلال (هزال). وسأله لِمَ سمي تبع الملک تبعاً؟ فقال عليه‏السلام: لأنه کان غلاماً کاتباً يکتب للملک الذي کان قبله، وکان إذا کتب کتب بسم اللَّه الذي خلق صبحاً وريحاً، فقال الملک: اکتب وابدأ باسم ملک الرعد، فقال: لا أبدأ إلّا باسم إلهي، ثم أعطف علي حاجتک، فشکر اللَّه عزّ وجلّ، فأعطاه ملک ذلک الملک فتابعه الناس علي ذلک، فسمي تبعاً. وسأله ما بال الماعز مرفوعة الذنب بادية الحياء والعورة، فقال عليه‏السلام: لأن الماعز عصت نوحاً عليه‏السلام لما أدخلها السفينة، فدفعها فانکسر ذنبها، والنعجة مستورة الحياء والعورة، لأن النعجة بادرت

[صفحه 494]

بالدخول إلي السفينة فمسح نوح عليه‏السلام يده علي حياءها وذنبها فاستترت بالالية. وسأله عن کلام أهل الجنة؟ فقال: کلام أهل الجنة العربية. وسأله عن کلام أهل النار؟ فقال: بالمجوسية، وسأله عن النوم علي کم وجه هو؟ فقال: النوم علي أربعة أصناف: الأنبياء تنام علي أقفيتها مستلقية وأعينها لا تنام متوقعة لوحي ربها عزّ وجلّ، والمؤمن ينام علي يمينه مستقبل القبلة والملوک وأبناؤها تنام علي شمائلها ليستمرؤا ما يأکلون، وإبليس وإخوانه وکل مجنون وذو عاهة ينامون علي وجوههم منبطحين ثم جلس.[5].

2/9453- العياشي: عن جابر بن أبي‏جعفر عليه‏السلام قال: قال أميرالمؤمنين عليه‏السلام: إن اللَّه جل ذکره وتقدست أسماؤه خلق الأرض قبل السماء، ثم استوي علي العرش لتدبير الاُمور.[6].

3/9454- أخرج ابن‏جرير، عن علي بن أبي‏طالب رضي الله عنه قال: لما خلق اللَّه الأرض قمصت وقالت: أي رب تجعل عليّ بني آدم يعملون عليّ الخطايا، ويجعلون عليّ الخبث، فأرسل اللَّه فيها من الجبال ما ترون وما لا ترون، فکان إقرارها کاللحم ترجرج.[7].

4/9455- أخرج أبوبکر الواسطي في کتاب (فضائل بيت المقدس) عن علي بن أبي‏طالب رضي الله عنه قال: کانت الأرض ماء فبعث اللَّه تعالي ريحاً فمسحت الماء مسحاً، فظهرت علي الأرض زبدة فقسمها أربع قطع: خلق من قطعة مکة، والثانيه المدينة، والثالثة بيت المقدس، والرابعة الکوفة[8].

[صفحه 495]

5/9456- عن أبي‏الطفيل عن علي [عليه‏السلام]: لعن اللَّه سهيلاً فانه کان يعشر الناس في الأرض فمسخه اللَّه شهاباً.[9].

لقد تم وللَّه الحمد وله الشکر المجلد الثامن من مسند الامام أميرالمؤمنين عليه‏السلام بقلم مؤلفه حسن علي القبانچي النجفي عفي اللَّه عنه ويتلوه المجلد التاسع إن شاء اللَّه تعالي وأوله مبحث الإمامة.


صفحه 489، 490، 491، 492، 493، 494، 495.








  1. النساء: 23. وسأله عن المدّ والجزر ما هما؟ فقال:ملک من ملائکة اللَّه موکل بالبحار يقال له رومان، فاذا وضع قدميه في البحر فاض، فاذا أخرجهما غاض؟ وسأله عن اسم أبي‏الجن؟ فقال: شومان وهو الذي خلق من مارج من نار، وسأله هل بعث اللَّه عزّوجلّ نبياً إلي الجن؟ فقال عليه‏السلام: نعم بعث اليهم نبياً يقال له يوسف، فدعاهم إلي اللَّه عزّوجلّ فقتلوه، وسأله عن اسم إبليس ما کان في السماء؟ قال: کان اسمه في السماء الحارث، وسأله لِمَ سمي آدم آدم؟ قال عليه‏السلام: لأنه خلق من أديم الأرض، وسأله لِمَ صار الميراث للذکر مثل حظ الاُنثيين؟ فقال عليه‏السلام: من قبل السنبلة کان عليها ثلاث حبات فبادرت اليها حواء
  2. الإسراء: 45.
  3. يس: 9.
  4. عبس: 34.
  5. عيون أخبار الرضا عليه‏السلام 240:1، علل الشرائع: 593، البحار 75:10، الأنوار النعمانية نبذة منه 151:1.
  6. تفسير العياشي 120:2، تفسير البرهان 177:2، البحار 89:57.
  7. تفسير السيوطي 43:4.
  8. تفسير السيوطي 158:4.
  9. کنز العمال 83:6 ح 14944.