ما جاء في عجيب قضائه















ما جاء في عجيب قضائه‏



1/8769- عن أميرالمؤمنين عليه‏السلام أنه قضي في البينتين تختلفان في الشي‏ء الواحد يدعيه الرجلان، أنّه يقرع بينهما فيه إذا عدلت بينة کل واحدٍ منهما وليس في أيديهما، فأما إن کان في أيديهما فهو فيما بينهما نصفان بعد أن يستحلفا فيحلفا أم ينکلا عن اليمين، فان حلف أحدهما ونکل الآخر کان ذلک لمن حلف منهما، وان کان في يدي أحدهما، فإنما البينة فيه علي المدعي. واليمين علي المدعي عليه.[1].

2/8770- عن أميرالمؤمنين عليه‏السلام أن رجلين اختصما اليه في حائط، بين داريهما ادّعاه کل واحد منهما دون صاحبه، ولا بينة لواحد منهما، فقضي به للذي يليه القِمط- أي الرباط-.[2].

[صفحه 503]

3/8771- ابن‏شاذان، بالاسناد يرفعه إلي عمار بن ياسر، وزيد بن أرقم، قالا: کنا بين يدي أميرالمؤمنين عليه‏السلام وکان يوم الاثنين لسبع عشر خلت من صفر، إذا بزعقة عظيمة، قد ملأت المسامع، وکان علي عليه‏السلام علي دکة القضاء، فقال: ياعمار ائتني بذي الفقار وکان وزنه سبعة أمنان وثلث من، فجئت به ثم انتضاه من غمده وترکه علي فخذه، وقال: ياعمار هذا يوم أکشف لأهل الکوفة الغمة، ليزداد المؤمن وفاقاً والمخالف نفاقاً، ياعمار رأيت من في الباب، قال عمار: فخرجت وإذا علي الباب امرأة في قبة علي جمل، وهي تبکي وتصيح: ياغياث المستغيثين ويابغية الطالبين، وياکنز الراغبين، وياذا القوة المتين، ويامطعم اليتيم، ويارازق العديم، ويامحيي کل عظم رميم، وياقديم سبق قدمه کل قديم، وياعون من ليس له عون ولا معين، ياطود من لا طود له، ياکنز من لا کنز له، إليک توجهت وبوليک توسلت ولخليفة رسولک قصدت، فبيض وجهي وفرج عني کربتي.

(قال عمار:) وحولها ألف فارس بسيوف مسلولة، فقوم لها وقوم عليها، فقلت: أجيبوا أميرالمؤمنين عليه‏السلام أجيبوا عيبة علم النبوة، قال: فنزلت المرأة من القبة ونزل القوم معها ودخلوا المسجد، فوقفت الإمرأة بين يدي أميرالمؤمنين عليه‏السلام وقالت: يامولاي ياإمام المتقين إليک أتيت وإياک قصدت، فاکشف ما بي من غمة فانک قادر عليه وعالم بما کان وما يکون إلي اليوم المعلوم، فعند ذلک قال عليه‏السلام: ياعمار ناد في الکوفة: ألا من أراد أن ينظر إلي ما أعطي اللَّه علياً أخا رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله فليأت المسجد، قال: فاجتمع الناس حتي امتلأ المسجد بالناس وصار القدم علي القدم فعند ذلک قال مولاي عليه‏السلام: سلوا ما بدا لکم ياأهل الشام، فنهض من بينهم شيخ کبير قد لبس عليه بردة يمانية وحلة عريشية وعمامة خراسانية، فقال: السلام عليک ياأميرالمؤمنين وياکنز الطالبين.

يامولاي: هذه الجارية ابنتي قد خطبها ملوک العرب، وقد نکست رأسي بني

[صفحه 504]

عشيرتي، وأنا موصوف بين العرب وقد فضحتني في أهلي ورجالي؛ لأنها عاتق حامل، فأنا نلبس بن عفريس، ولا تخمد لي نار ولا يضام لي جار، وقد بقيت حائراً في أمري، فاکشف عني هذه الغمة فإن الامام ترتجيه الاُمة وهذه غمة عظيمة لم أر مثلها ولا أعظم منها، فقال أميرالمؤمنين عليه‏السلام: ما تقولين ياجارية فيما قال أبوک؟ فقالت: يامولاي أما قوله: إني عاتق فقد صدق وأما قوله: إني حامل، فوحقک يامولاي ما علمت من نفسي خيانة قط، واني أعلم أنک أعلم بي مني، واني ما کذبت (فيما قلت) ففرج عني يامولاي.

قال عمار: فعند ذلک أخذ الامام ذا الفقار وصعد المنبر وقال: اللَّه اکبر جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل کان زهوقاً، ثم قال عليه‏السلام: عليّ بقابلة الکوفة، فجاءت امرأة يقال لها لبنة، وهي قابلة نساء أهل الکوفة، فقال لها: أضربي بينک وبين الناس حجاباً وانظري هذه الجارية أعاتق أم حامل، ففعلت ماأمرها به عليه‏السلام ثم خرجت وقالت: نعم يامولاي هي عاتق حامل وحقک يامولاي، فعند ذلک التفت الامام إلي أبي‏الجارية وقال: ياأباالغضب ألست من قرية کذا وکذا من أعمال دمشق؟ قال: وما هي القرية؟ قال: هي قرية تسمي أسعار، قال: بلي يامولاي، فقال: من منکم يقدر علي قطعة ثلج في هذه الساعة؟ قال: يامولاي الثلج في بلادنا کثير ولکن ما نقدر عليه ههنا، فقال: (علي) بيننا وبينکم مائتان وخمسون فرسخاً؟ قال: نعم يامولاي، ثم قال: ياأيها الناس انظروا إلي ما أعطاه اللَّه علياً من العلم النبوي الذي أودعه اللَّه ورسوله من العلم الرباني.

قال عمار بن ياسر: فمد يده عليه‏السلام من أعلي منبر الکوفة وردها وإذا فيها قطعة من الثلج يقطر الماء منها فعند ذلک ضج الناس وماج الجامع بأهله، فقال عليه‏السلام اسکتوا ولو شئت أتيت بجباله، ثم قال: ياقابلة خذي هذا الثلج وأخرجي بالجارية من المسجد واترکي تحتها طشتاً وضعي هذه القطعة مما يلي الفرج، فسترين

[صفحه 505]

(فستخرج) علقة وزنا سبعة وخمسون درهماً ودانقان، فقالت سمعاً وطاعة للَّه ولک يامولاي، ثم أخذتها وخرجت بها من الجامع فجاءت بطشت فوضعت الثلج علي الموضع کما أمرها عليه‏السلام فرمت علقة وزنتها الداية فوجدتها کما قال عليه‏السلام فأقبلت الدايه والجارية فوضعت العلقة بين يديه، ثم قال عليه‏السلام: قم ياأباالغضب خذ ابنتک فواللَّه ما زنت وإنما دخلت الموضع الذي فيه الماء فدخلت هذه العلقة في جوفها وهي بنت عشر سنين، وکبرت إلي الآن في بطنها، فنهض أبوها وهو يقول: أشهد أنک تعلم ما في الأرحام وما في الضمائر وأنت باب الدين وعموده، الخبر.[3].

تمّ وللَّه الحمد والمنّة المجلّد السابع من مسند الإمام أميرالمؤمنين عليّ ابن‏أبي‏طالب، عليه من الصلوات أفضلها وأزکاها في سنة 1389 ه بقلم مؤلّفه الحقير حسن السيد علي القبانچي النجفي ويتلوه المجلّد الثامن إن شاء اللَّه تعالي وأوّله مبحث أحوال فاطمة الزّهراء عليهاالسلام.


صفحه 503، 504، 505.








  1. دعائم الاسلام 522:2، مستدرک الوسائل 444:13 ح15859.
  2. دعائم الاسلام 523:2، مستدرک الوسائل 446:13 ح15861.
  3. الفضائل (لابن شاذان) 155:1، الروضة في الفضائل (لابن شاذان): 38، البحار 277:40، إثبات الهداة 467:4، عيون المعجزات: 25.