ما جاء في إصابته وشهادته
[صفحه 449] معصوب الرأس بعمامة صفراء قد نزف دمه واصفرّ وجهه، ما أدري وجهه أصفر أو العمامة، فأکببت عليه فقبّلته وبکيت، فقال لي: لا تبک يا أصبغ فإنّها واللَّه الجنة، فقلت له: جعلت فداک إنّي أعلم واللَّه إنّک تصير إلي الجنّة، وإنّما أبکي لفقداني إيّاک يا أميرالمؤمنين، جعلت فداک حدّثني بحديث سمعته من رسولاللَّه صلي الله عليه و آله فإنّي أراني لا أسمع منک حديثاً بعد يومي هذا أبداً، فقال: نعم، يا أصبغ دعاني رسولاللَّه صلي الله عليه و آله يوماً فقال لي: يا علي انطلق حتّي تأتي مسجدي ثمّ تصعد علي منبري، ثمّ تدعو الناس إليک، فتحمد اللَّه عزّوجلّ وتثني عليه، وتصلّي عليّ صلاة کثيرة، ثمّ تقول: أيّها الناس إنّي رسولرسولاللَّه إليکم وهو يقول لکم: ألا لعنة اللَّه ولعنة ملائکته المقرّبين وأنبيائه المرسلين، ولعنتي علي من انتمي إلي غير أبيه، أو ادّعي إلي غير مواليه، أو ظلم أجيراً آجره، فأتيت مسجده صلي الله عليه و آله وصعدت المنبر، فلمّا رأتني قريش ومن کان في المسجد أقبلوا نحوي، فحمدت اللَّه وأثنيت عليه وصلّيت علي رسولاللَّه صلي الله عليه و آله صلاة کثيرة، ثمّ تقول: أيّها الناس إنّي رسولرسولاللَّه اليکم وهو يقول لکم: ألا لعنة اللَّه ولعنة ملائکته المقرّبين وأنبيائه المرسلين، ولعنتي علي من انتمي إلي غير أبيه، أو ادعي إلي غير مواليه، أو ظلم أجيراً آجره، (قال:) فلم يتکلّم أحد من القوم إلّا عمر بن الخطّاب فإنّه قال: قد أبلغت يا أباالحسن، ولکنّک جئت بکلام غير مفسّر، فقلت: اُبلّغ ذلک رسولاللَّه صلي الله عليه و آله، فرجعت إلي النبي صلي الله عليه و آله فأخبرته الخبر، فقال: ارجع إلي مسجدي حتّي تصعد منبري، فاحمد اللَّه وأثنِ عليه، وصلِّ عليّ ثمّ قل: أيّها الناس ما کنّا لنجيئکم بشيء إلّا عندنا تأويله وتفسيره، ألا وإنّي أنا أبوکم، ألا وإنّي أنا مولاکم، ألا وإنّي أنا أجيرکم.[1]. 2/8643- کتاب (الروضة): بالإسناد، يرفعه إلي الأصبغ قال: لمّا ضُرِبَ أمير [صفحه 450] المؤمنين عليهالسلام الضربة التي کانت وفاته فيها، اجتمع الناس إليه بباب القصر، وکان يريدون قتل ابنملجم لعنه اللَّه قال: فخرج الحسن عليهالسلام وقال: معاشر الناس إنّ أبيأوصاني أن أترک قاتلة إلي يوم وفاته، قال: فإن کان له الوفاة وإلّا نظر هو في حقّه، فانصرفوا يرحمکم اللَّه، قال: فانصرف الناس ولم أنصرف، قال: وخرج ثانية وقال: يا أصبغ أما سمعت قولي عن قول أميرالمؤمنين؟ قلت: بلي ولکنّي رأيت حاله فأحببت أن أنظر إليه فاسمع منه حديثاً، فاستأذن لي رحمک اللَّه، فدخل ولم يلبث أن خرج وقال: اُدخل، فدخلت فإذا أميرالمؤمنين صلوات اللَّه عليه معصّب بعصابة صفراء وقد علت صفرة في وجهه علي تلک العصابة، فإذا هو يرفع فخذاً ويضع أخري من شدّة الضربة وکثرة السم، فقال لي: يا أصبغ أما سمعت قول الحسن عن قولي؟ قلت: بلي يا أميرالمؤمنين ولکنّي رأيتک في حالة فأحببت النظر إليک وأن أسمع منک حديثاً، فقال لي: اُقعد فلا أراک تسمع منّي حديثاً بعد يومک هذا. إعلم يا أصبغ إنّي أتيت رسولاللَّه صلي الله عليه و آله عائداً کما جئت الساعة، فقال لي: اُخرج يا أباالحسن فناد بالناس الصلاة جامعة واصعد منبري وقم دون مقامي بمرقاة، وقل للناس: ألا من عقّ والديه فلعنة اللَّه عليه، ألا من أبق من مواليه فلعنة اللَّه عليه، ألا من ظلم أجيراً اُجرته فلعنة اللَّه عليه، يا أصبغ فقلت ما أمرني به حبيبي رسولاللَّه صلي الله عليه و آله فقام من أقصي المسجد رجل فقال: يا أباالحسن تکلّمت بثلاث کلمات وأوجزتهنّ فاشرحهنّ لنا، فلم أردّ جواباً حتّي أتيت رسولاللَّه صلي الله عليه و آله وقلت له ما قال الرجل. قال الأصبغ: ثمّ أخذ بيدي وقال: يا أصبغ اُبسط يدک فبسطت يدي، فتناول اصبعاً من أصابع يدي وقال: يا أصبغ کذا تناول رسولاللَّه صلي الله عليه و آله اصبعاً من أصابع يدي کما تناولت اصبعاً من أصابعک، ثمّ قال: يا أباالحسن، ألا وإنّي وأنت أبوا هذه الاُمّة فمن عقّنا فلعنة اللَّه عليه، ألا وإنّي وأنت مَوليا هذه الاُمّة فعلي من أبق عنّا [صفحه 451] فلعنة اللَّه عليه، ألا وإنّي وأنت أجيرا هذه الاُمّة فمن ظلمنا اُجرتنا فلعنة اللَّه عليه، قال: فقل آمين، فقلت: آمين. (ويقول مؤلف الکتاب حسن علي القبانچي: آمين). ثمّ قال الأصبغ: ثمّ اُغمي عليه عليهالسلام، ثمّ أفاق، فقال لي: أقاعدٌ أنت يا أصبغ؟ قلت: نعم يا مولاي، فقال: أزيدک حديثاً آخر؟ قلت: نعم زادک اللَّه من مزيد خير، قال: يا أصبغ لقيني رسولاللَّه صلي الله عليه و آله في بعض طرقات المدينة وأنا مغموم قد تبيّن الغم في وجهي، فقال لي: يا أباالحسن أراک مغموماً ألا اُحدّثک بحديث لا تغتمّ بعده أبداً؟ قلت: نعم، قال: اذا کان يوم القيامة نصب اللَّه لي منبراً يعلو منابر سائر النبيين والشهداء، ثمّ يأمرني اللَّه أن أصعد فوقه، ثمّ يأمرک اللَّه أن تصعد دوني بمرقاة، ثمّ يأمر اللَّه ملکين فيجلسان دونک بمرقاة، فإذا استقللنا علي المنبر لا يبقي أحد من الأوّلين والآخرين إلّا يرانا، فينادي الملک الذي دونک بمرقاة: معاشر الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا اُعرّفه بنفسي، أنا رضوان خازن الجنان، ألا إنّ اللَّه بمنّه وکرمه وفضله وجلاله أمرني أن أدفع مفاتيح الجنّة إلي محمّد، وأنّ محمّداً أمرني أن أدفعها إلي عليّ بن أبيطالب (فاشهدوا لي عليه)، ثمّ يقوم ذلک الذي تحت ذلک الملک بمرقاة منادياً يسمع أهل الموقف: معاشر الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا اُعرّفه بنفسي، أنا مالک خازن النيران، ألا إنّ اللَّه بفضله ومنّه وکرمه (وجلاله) قد أمرني أن أدفع مفاتيح النار إلي محمّد، وأنّ محمّداً قد أمرني أن أدفعها إلي عليّ بن أبيطالب، فاشهدوا لي عليه، انّه قد أخذ مفاتيح الجنان والنيران. ثمّ قال: يا علي فتأخذ بحجزتي، وأهل بيتک يأخذون بحجزتک، وشيعتک يأخذون بحجزة أهل بيتک، قال: وصفّقت بکلتا يديّ إلي الجنّة يا رسولاللَّه؟ قال: إي وربّ الکعبة. قال الأصبغ: فلم أسمع من مولاي غير هذين الحديثين، ثمّ توفّي [صفحه 452] صلوات اللَّه عليه.[2]. 3/8644- عن الحسن بن علي عليهالسلام قال: دخلت علي أميرالمؤمنين صلوات اللَّه عليه وهو يجود بنفسه لمّا ضربه ابنملجم فجزعت لذلک، فقال لي: أتجزع؟ فقلت: کيف لا أجزع وأنا أراک علي حالک هذه، فقال صلوات اللَّه عليه: ألا اُعلّمک خصالاً أربع إن أنت حفظتهنّ نلت بهنّ النجاة، وإن أنت ضيّعتهنّ فاتک الداران: يا بني لا غنًي أکبر من العقل، ولا فقر مثل الجهل، ولا وحشة أشدّ من العجب، ولا عيش ألذّ من حسن الخلق.[3]. 4/8645- عن صعصعة بن صوحان، أنّه دخل علي أميرالمؤمنين صلوات اللَّه عليه لمّا ضرب، فقال: يا أميرالمؤمنين أنت أفضل أم آدم أبوالبشر؟ قال علي عليهالسلام: تزکية المرء نفسه قبيح، لکن قال اللَّه تعالي لآدم: «يَا آدَمُ اسْکُنْ أَنْتَ وَزَوْجُکَ الْجَنَّةَ وَکُلَا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتَُما وَلَا تَقْرَبَا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَکُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ»[4] وأنا أکثر الأشياء أباحها لي وترکتها وما قاربتها. ثمّ قال: أنت أفضل يا أميرالمؤمنين أم نوح؟ قال علي عليهالسلام: إنّ نوحاً دعا علي قومه، وأنا ما دعوت علي ظالمي حقي، وابننوح کان کافراً وإبناي سيّدا شباب أهل الجنّة. قال: أنت أفضل أم موسي؟ قال عليهالسلام: إنّ اللَّه تعالي أرسل موسي إلي فرعون، فقال: إنّي أخاف أن يقتلوني، حتي قال اللَّه تعالي: «لَا تَخَفْ إنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ»[5] وقال: «رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ»[6] وأنا ما خفت [صفحه 453] حين أرسلني رسولاللَّه صلي الله عليه و آله بتبليغ سورة براءة أن أقرأها علي قريش في الموسم، مع إنّي کنت قتلت کثيراً من صناديدهم، فذهبت إليهم وقرأتها عليهم وما خفتهم. ثمّ قال: أنت أفضل أم عيسي بن مريم؟ قال عليهالسلام: عيسي کانت اُمّه في بيت المقدس، فلمّا جاء وقت ولادتها سمعت قائلاً يقول: اُخرجي هذا بيت العبادة لا بيت الولادة، وأنا اُمّي فاطمة بنت أسد لمّا قرب وضع حملها کانت في الحرم فانشقّ حائط الکعبة وسمعت قائلاً يقول: اُدخلي فدخلت في وسط البيت وأنا وُلدت به، وليس لأحد هذه الفضيلة لا قبلي ولا بعدي.[7]. 5/8646- أبومنصور السکري، حدّثنا جدي عليّ بن عمر، حدّثني محمّد بن محمّد الباغندي، حدّثنا أبوثور هاشم بن ناجية، حدّثنا عطاء بن مسلم الخفاف، قال: سمعت الوليد بن يسار يذکر، عن عمران بن ميثم، عن أبيه ميثم، قال: شهدت أميرالمؤمنين عليّ بن أبيطالب عليهالسلام وهو يجود بنفسه، فسمعته يقول: يا حسن، قال الحسن: لبّيک يا أبتاه، قال: إنّ اللَّه تعالي أخذ ميثاق أبيک، وربّما قال: أعطي ميثاقي وميثاق کلّ مؤمن علي بغض کلّ منافق أو فاسق، وأخذ ميثاق کلّ منافق أو فاسق علي بغض أبيک.[8]. يقول العلامة السيد محسن الأمين: (أقول:) هذا بمعني ما ورد لا يحبّک إلّا مؤمن، ولا يبغضک إلّا منافق، وأخذ الميثاق علي المنافق والفاسق فيه نوع تجوز ومسامحة. 6/8647- الصدوق، حدّثنا أبيقدس سره قال: حدّثنا عليّ بن الحسين السعد آبادي، قال: حدّثنا أحمد بن أبيعبداللَّه البرقي، عن أبيه، عن أحمد بن النضر الخزاز، عن عمرو، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبيحمزة الثمالي، عن حبيب بن عمر، قال: [صفحه 454] دخلت علي أميرالمؤمنين عليّ بن أبيطالب صلوات اللَّه عليه في مرضه الذي قبض فيه فحل عن جراحته، فقلت: يا أميرالمؤمنين ما جرحک هذا بشيء وما بک من بأس، فقال لي: يا حبيب أنا واللَّه مفارقکم الساعة، فبکيت عند ذلک، وبکت اُمّ کلثوم وکانت قاعدة عنده، فقال لها: ما يبکيک يا بنيّة؟ فقالت: ذکرت يا أبة أنّک تفارقنا الساعة فبکيت، قال لها: يا بنيّة لا تبکين فواللَّه لو ترين ما يري أبوک ما بکيت (بکيتي)، قال حبيب: فقلت له: وما الذي تري يا أميرالمؤمنين؟ فقال: يا حبيب أري ملائکة السماوات والأرضين والنبيين بعضهم في أثر بعض وقوفاً إلي أن تتلقوني، وهذا أخي محمّد رسولاللَّه صلي الله عليه و آله جالس عندي يقول: أقدم فإنّ أمامک خير لک مما أنت فيه، قال: فما خرجت من عنده حتّي توفّي صلوات اللَّه عليه.[9]. 7/8648- عن أبيحمزة الثمالي، عن أبيإسحاق السبعي، عن عمرو بن الحمق، قال: دخلت علي عليّ عليهالسلام حين ضُرِب الضربة بالکوفة، فقلت: ليس عليک بأس إنّما هو خدش، قال: لعمري إنّي مفارقکم، ثمّ قال: إلي السبعين بلاء، قالها ثلاثاً، قلت: فهل بعد البلاء رخاء؟ فلم يجبني واُغمي عليه، فبکت اُمّ کلثوم فلمّا أفاق قال: لا تؤذيني يا اُمّ کلثوم فإنّک لو ترين ما أري لم تبک، إنّ الملائکة من السماوات السبع بعضهم خلف بعض والنبيّين يقولون لي انطلق يا علي فما أمامک خير لک مما أنت فيه، فقلت: يا أميرالمؤمنين إنّک قلت إلي السبعين بلاء فهل بعد السبعين رخاء؟ قال: نعم، وإنّ بعد البلاء رخاء «يَمْحُو اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْکِتابِ».[10] [11]. 8/8649- عن أبيالحسن البکري، في حديث طويل في وفاة أميرالمؤمنين عليهالسلام [صفحه 455] إلي أن قال الراوي: وکان من کرم أخلاقه عليهالسلام إنّه يتفقّد النائمين في المسجد ويقول للنائم: الصلاة يرحمک اللَّه، الصلاة المکتوبة عليک، ثمّ يتلو عليهالسلام: «إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَي عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالمُنْکَرِ»[12] ففعل ذلک کما کان يفعله علي جاري عاداته مع النائمين في المسجد، حتّي بلغ الي الملعون فرآه نائماً علي وجهه، قال له: يا هذا قم من نومتک هذه فإنّها نومة يمقتها اللَّه وهي نومة الشيطان ونومة أهل النار، بل نَم علي يمينک فإنّها نومة العلماء، أو علي يسارک فإنّها نومة الحکماء، ونَم علي ظهرک فإنّها نومة الأنبياء عليهمالسلام.[13]. 9/8650- عبداللَّه بن جعفر، عن السندي بن محمّد، عن أبيالبختري، عن جعفر، عن أبيه، إنّ علي بن أبيطالب عليهالسلام لما قتله ابنملجم، قال: احبسوا هذا الأسير وأطعموه وأحسنوا أساره، فإن عشت فأنا أولي بما صنع بي، إن شئت استقدت، وإن شئت عفوت، وإن شئت صالحت، وإن متّ فذلک اليکم، فإن بدا لکم أن تقتلوه فلا تمثلوا به.[14]. 10/8651- عن بعض کتب المناقب، برواية أبيالحسن البکري، عن لوط بن يحيي في خبر طويل في کيفية مقتله عليهالسلام وفيه: ثمّ صلّي عليهالسلام حتّي ذهب بعض الليل، ثمّ جلس للتعقيب، ثمّ نامت عيناه وهو جالس، ثمّ انتبه مرعوباً، قالت اُمّ کلثوم: کأنّي به وقد جمع أولاده وأهله وقال لهم: في هذا الشهر تفقدوني، إنّي رأيت في هذه الليلة رؤياً هالتني واُريد أن أقصّها عليکم، قالوا: وما هي؟ قال: إنّي رأيت الساعة رسولاللَّه صلي الله عليه و آله في منامي وهو يقول: يا أباالحسن إنّک قادم إلينا عن قريب يجيء إليک أشقاها فيخضب شيبتک من دم رأسک، وأنا واللَّه مشتاق إليک، وأنّک عندنا [صفحه 456] في العشر الآخر من شهر رمضان، فهلمّ إلينا فما عندنا خير لک وأبقي.[15]. 11/8652- عن بعض کتب المناقب، عن علي صلوات اللَّه عليه لمّا خرج إلي المسجد في ليلة شهادته، تبعه إبنه الحسن عليهالسلام فلحق به قبل أن يدخل الجامع، فقال: يا أباه ما أخرجک في هذه الساعة وقد بقي من الليل ثلثه؟ فقال: يا حبيبي ويا قرّة عيني خرجت لرؤياً رأيتها في هذه الليلة هالتني وأزعجتني وأقلقتني، فقال له: خيراً رأيت وخيراً يکون فقصّها عليّ، فقال عليهالسلام: يا بُني رأيت کأنّ جبرئيل عليهالسلام قد نزل من السماء علي جبل أبيقبيس فتناول منه حجرين ومضي بهما إلي الکعبة وترکهما علي ظهرها، وضرب أحدهما علي الآخر فصارا کالرميم، ثمّ ذراها في الريح، فما بقي بمکة ولا بالمدينة بيت إلّا ودخله من ذلک الرماد، فقال له: يا أبتِ وما تأويلها؟ فقال عليهالسلام: يا بُني إن صدقت رؤياي فإنّ أباک مقتول، ولا يبقي بمکّة ولا بالمدينة بيت إلّا ويدخله من ذلک غمّ ومصيبة من أجلي.[16]. 12/8653- عن عليّ بن الحسين عليهالسلام قال: لمّا ضرب ابنملجم- لعنه اللَّه- أميرالمؤمنين عليّ بن أبيطالب عليهالسلام وکان معه آخر، فوقعت ضربته علي الحائط، وأمّا ابنملجم فضربه فوقعت الضربة وهو ساجد علي رأسه، علي الضربة التي کانت، فخرج الحسن والحسين عليهماالسلام وأخذا ابنملجم وأوثقاه، واحتُمل أميرالمؤمنين فاُدخل داره، فقعدت لبابة عند رأسه وجلست اُمّ کلثوم عند رجليه، ففتح عينيه فنظر إليهما فقال: الرفيق الأعلي خير مستقرّاً وأحسن مقيلاً، ضربة بضربة أو العفو إن کان ذلک، ثمّ عرق ثمّ آفاق فقال: رأيت رسولاللَّه صلي الله عليه و آله يأمرني بالرواح إليه عشيّاً ثلاث مرّات.[17]. [صفحه 457] 13/8654- محمّد بن يحيي، عن عليّ بن الحسن، عن عليّ بن إبراهيم العقيلي يرفعه، قال: لما ضرب ابنملجم أميرالمؤمنين عليهالسلام قال للحسن: يا بني إذا أنا متّ فاقتل ابنملجم واحفر له في الکناسة، ثمّ ارم به فيه، فإنّه وادٍ من أودية جهنّم.[18]. 14/8655- الخوارزمي، قال: لمّا ضرب علي عليهالسلام تحامل وصلّي بالناس الغداة، وقال: عليّ بالرجل، فاُدخل عليه، فقال: أي عدوّ اللَّه ألم أحسن إليک؟ قال: بلي، قال: فما حملک علي هذا؟ قال: شحّذته أربعين صباحاً وسألت اللَّه أن يقتل به شرّ خلقه، قال علي عليهالسلام: فلا أراک إلّا مقتولاً به، وما أراک إلّا من شرّ خلق اللَّه عزّوجلّ.[19]. 15/8656- روي انّ علياً عليهالسلام سهر في تلک الليلة، فأکثر الخروج والنظر إلي السماء وهو يقول: واللَّه ما کذبت ولا کذبت وإنّها الليلة التي وُعدتُ بها، ثمّ يعاود مضجعه، فلمّا طلع الفجر أتاه ابنالتيّاح ونادي الصلاة، فقام فاستقبله الأوز فصحن في وجهه، فقال: دعوهنّ فإنّهنّ صوائح تتبعها نوائح، وتعلّقت حديدة علي الباب في مئزره، فشدّ إزاره وهو يقول: اُشدد حيازيمک للموت فإنّ الموت لاقيکا فقد أعرق أقواماً وإن کانوا صعاليکا 16/8657- محمّد بن الحسن، بإسناده عن محمّد بن أحمد بن داود، عن محمّد بن [صفحه 458] بکّار النقّاش، عن الحسين بن محمّد الفراري، عن الحسن بن علي النحّاس، عن جعفر بن محمّد الرمّاني، عن يحيي الحمّاني، عن محمّد بن عبيدالطيالسي، عن مختار التمّار، عن أبيمطر، قال: لما ضرب ابنملجم الفاسق لعنه اللَّه أميرالمؤمنين عليهالسلام قال له الحسن عليهالسلام: أقتله؟ قال: لا، ولکن احبسه، فإذا متّ فاقتلوه، وإذا مِتّ فادفنوني في هذا الظهر في قبر أخويّ هود وصالح.[21]. 17/8658- المفيد، عن إسماعيل بن زياد، قال: حدّثتني اُمّ موسي خادمة علي عليهالسلام، وهي حاضنة إبنته فاطمة، قالت: سمعت عليّاً عليهالسلام يقول لابنته اُمّ کلثوم: يا بنيّة إنّي أراني قلّ ما أصحبکم، قالت: وکيف ذلک يا أبتاه؟ قال: إنّي رأيت رسولاللَّه صلي الله عليه و آله في منامي وهو يمسح الغبار عن وجهي ويقول: يا علي لا عليک قد قضيت ما عليک، قالت: فما مکث إلّا ثلاثاً حتي ضُرِب تلک الضربة، فصاحت اُمّ کلثوم، فقال: يا بنيّة لا تفعلي فإنّي أري رسولاللَّه صلي الله عليه و آله يشير إليّ بکفّه ويقول: يا علي هلمّ إلينا فإنّ ما عندنا هو خيرٌ لک.[22]. 18/8659- وعنه، عن عبّاد بن يعقوب الرواجني، قال: حدّثنا حبّان بن علي العنزي، قال: حدّثني مولي لعليّ بن أبيطالب عليهالسلام قال: لما حضرت أميرالمؤمنين صلوات اللَّه عليه الوفاة، قال للحسن والحسين عليهماالسلام: إذا متّ فاحملاني علي سريري ثمّ أخرجاني، واحملا مؤخّر السرير فإنّکما تکفيان مقدّمه، ثمّ أتيا بي الغريين فإنّکما ستريان صخرة بيضاء تلمع نوراً، فاحتفرا فيها فإنّکما تجدان فيها ساجة فادفناني فيها، قال: فلمّا مات أخرجناه وجعلنا نحمل مؤخّر السرير ونکفي مقدّمه، وجعلنا نسمع دويّاً وحفيفاً حتّي أتينا الغريين فإذا صخرة بيضاء، يلمع نورها فاحتفرنا فإذا [صفحه 459] ساجة مکتوب عليها هذه ممّا ادّخرها نوح لعليّ بن أبيطالب عليهالسلام، فدفنّاه فيها وانصرفنا ونحن مسرورون بإکرام اللَّه عزّوجلّ لأمير المؤمنين.[23]. 19/8660- أبوبکر الشيرازي في کتابه، عن الحسن البصري، قال: أوصي علي عليهالسلام عند موته للحسن والحسين قال لهما عليهماالسلام: إن أنا متّ فإنّکما ستجدان عند رأسي حنوطاً من الجنّة وثلاثة أکفان من استبرق الجنّة، فغسّلوني وحنّطوني بالحنوط، وکفّنوني، قال الحسن عليهالسلام: فوجدنا عند رأسه طبقاً من الذهب عليه خمس شمّامات من کافور الجنّة، وسدراً من سدر الجنّة، فلمّا فرغوا من غسله وتکفينه أتي البعير فحملوه علي البعير بوصيّةٍ منه، وکان قال: فسيأتي البعير إلي قبري فيقف عنده، فأتي البعير حتّي وقف علي شفير القبر، فواللَّه ما علم أحد من حفره فألحد فيه بعد ما صلّي عليه، وأظلّت الناس غمامة بيضاء وطيور بيض، فلمّا دفن ذهبت الغمامة والطيور.[24]. 20/8661- السيد عبدالکريم بن طاووس، عن المدائني، عن أبيزکريّا، عن أبيبکر الهمداني، عن الحسين بن علوان، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة وعبداللَّه بن محمّد، عن عليّ بن اليماني، عن أبيحمزة الثمالي، عن أبيجعفر محمّد بن علي عليهماالسلام، والقاسم بن محمّد المقري، عن عبداللَّه بن زيد، عن المعافي بن عبدالسلام، عن أبيعبداللَّه الجدلي، عن أميرالمؤمنين عليهالسلام في حديث طويل، إنّه قال للحسن عليهالسلام لمّا حضرته الوفاة: ثمّ احفر لي قبراً في موضعه إلي منتهي کذا وکذا، ثمّ شقّ لحداً فإنّک تقع علي ساجة منقورة، ادّخرها لي أبينوح عليهالسلام وضعني في الساجة، ثمّ ضع عليّ سبع لِبَن کبار، ثم ارقب هنيئة، ثم انظر فإنّک لن تراني في لحدي.[25]. [صفحه 460] 21/8662- وعنه، عنابنبن بابويه،عن الحسن بن محمّد بن سعيد، عن فرات بن إبراهيم، عن عليّ بن حامد، عن إسماعيل بن علي بن قدامة، عن أحمد بن علي بن ناصح، عن جعفر بن محمّد الأرمني، عن موسي بن سنان الجرجاجي، عن أحمد بن علي المقري، عن اُمّ کلثوم بنت علي عليهالسلام قالت: آخر عهد أبيإلي أخويّ عليهماالسلام أن قال: يا بنيّ حنّطاني وسجّياني علي سريري، ثمّ انتظرا حتّي إذا ارتفع لکما مقدّم السرير فاحملا مؤخّره، قالت: فخرجتُ اُشيّع جنازة أبيحتّي إذا کنّا بظهر الغريّ رکن المقدّم فوضعنا المؤخّر، ثمّ برز الحسن عليهالسلام بالبردة التي نُشّف بها رسولاللَّه وفاطمة عليهاالسلام فنشّف بها أميرالمؤمنين عليهالسلام، ثمّ أخذ المعول فضرب ضربة فانشقّ القبر عن ضريح، فإذا هو بساجة مکتوب عليها سطران بالسريانية: بسم اللَّه الرحمن الرحيم، هذا قبر ادّخره نوح النبي لعليّ وصيّ محمّد قبل الطوفان بسبعمائة عام، قالت اُمّ کلثوم: فانشقّ القبر فلا أدري غار سيدي في الأرض أم اُسري به إلي السماء، إذ سمعت ناطقاً لنا بالتعزية: أحسن اللَّه لکم العزاء في سيّدکم حجة اللَّه علي خلقه.[26]. 22/8663- ذکر المؤيد في مناقبه: لمّا ضُرِبَ علي عليهالسلام تلک الضربة قال: فما فعل ضاربي؟ أطعموه من طعامي واسقوه من شرابي، فإن عشت فأنا أولي بحقّي، وإن متّ فاضربوه ضربةً ولا تزيدوه عليها، ثمّ أوصي الحسن فقال: لا تغال في کفني فإنّي سمعت رسولاللَّه صلي الله عليه و آله يقول: لا تغالوا في الکفن وامشوا بين المشيتين، فإن کان خيراً عجّلتموني، وإن کان شرّاً ألقيتموني عن أکتفافکم.[27]. 23/8664- البيهقي، أخبرنا أبوسعيد بن أبيعمرو، ثنا أبوالعباس الأصم، ثنا [صفحه 461] بحر، ثنا عبداللَّه بن وهب، أخبرني أنس بن عيّاض، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، أنّ عليّ بن أبيطالب رضي الله عنه کان يخرج الصبح وفي يده درّة يوقظ الناس، فضربه ابنملجم، فقال علي رضي الله عنه: أطعموه واسقوه وأحسنوا أساره، فإن عشت فأنا وليّ دمي أعفو إن شئت، وإن شئت استقدت.[28]. 24/8665- الأصبغ بن نباتة في خبر: أنّ عليّاً عليهالسلام قال: لقد ضُربتُ في الليلة التي قُبض فيها يوشع بن نون ولاُقبض في الليلة التي رُفع فيها عيسي بن مريم عليهالسلام.[29]. 25/8666- ذکر الفقيه محمّد بن معدّ الموسوي، قال: رأيت في بعض الکتب الحديثية القديمة ما صورته: حدّثنا أبوجعفر محمّد بن عبدالعزيز بن عامر الدّهان (الدهقان)، قال: حدّثنا علي بن عبداللَّه الأنباري، قال: حدّثني محمّد بن أحمد بن عيسي ابنأخي الحسن بن يحيي، قال: حدّثني محمّد بن الحسن الجعفري، قال: وجدت في کتاب أبيوحدّثتني اُمّي، عن اُمّها، أنّ جعفر بن محمّد حدّثها أنّ أميرالمؤمنين عليهالسلام أمر إبنه الحسن عليهالسلام أن يحفر له أربع قبور في أربع مواضع: في المسجد، وفي الرحبة، وفي الغري، وفي دار جعدة بن هبيرة، وإنّما أراد بهذا أن لا يعلم أحد من أعدائه موضع قبره.[30]. 26/8667- أحمد، حدّثنا أسود بن عامر، أنبأنا أبوبکر، عن الأعمش، عن سلمة ابنکهيل، عن عبداللَّه بن سَبَع قال: خطبنا علي فقال: والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة، لتخضبنّ هذه من هذه، قال: قال الناس: فأعلِمنا من هو؟ واللَّه لنبيرنّ عترته، قال: أنشدکم باللَّه أن يُقتل غير قاتلي.[31]. 27/8668- کان عبدالرحمن بن ملجم التجوبي عداده من مراد، قال ابنعباس: [صفحه 462] کان من وُلد قدّار عاقر ناقة صالح وقصّتهما واحدة؛ لأنّ قدّار عشق امرأة يُقال لها رباب، کما عشق ابنملجم قطاماً، سُمع ابنملجم وهو يقول: لأضربنّ عليّاً بسيفي هذا، فذهبوا به إليه، فقال عليهالسلام: ما اسمک؟ قال: عبدالرحمن بن ملجم، قال: نشدتک باللَّه عن شيء تخبرني؟ قال: نعم، قال: هل مرّ عليک شيخ يتوکّأ علي عصاه وأنت في الباب فشقّک بعصاه ثمّ قال: بؤساً لک لشقيّ من عاقر ناقة ثمود؟ قال: نعم، قال: هل کان الصبيان يسمّونک ابنراعية الکلاب وأنت تلعب معهم؟ قال: نعم، قال: هل أخبَرتْک اُمّک أنّها حملت بک وهي طامث؟ قال: نعم، قال: فبايع، فبايع، ثمّ قال: خلّوا سبيله. وروي أنّه جاءه ليبايعه فردّه مرّتين أو ثلاثاً، فبايعه وتوثّق منه ألّا يغدر ولا ينکث، فقال: واللَّه ما رأيتک تفعل هذا بغيري، فقال: يا غزوان احمله علي الأشقر، فأرکبه، فتمثّل أميرالمؤمنين عليهالسلام: اُريد حياته ويريد قتلي امضِ يا ابنملجم فواللَّه ما أري تفي بما قلت، وفي رواية: والذي نفسي بيده لتخضّبنّ هذه من هذا.[32]. 28/8669- الحسن البصري، إنّ علي عليهالسلام سهر في تلک الليلة ولم يخرج لصلاة الليل علي عادته، فقالت اُمّ کلثوم: ما هذا السهر؟ قال: إنّي مقتول لو قد أصبحت، فقالت: مُر جُعدة فليصلّ بالناس، قال: نعم، مُروا جُعدة ليصلّ، ثمّ مر وقال: لا مفرّ من الأجل وخرج قائلاً: خلّوا سبيل الجاهد المجاهد [صفحه 463] في اللَّه لا يعبد غير الواحد 29/8670- عز الدين عبدالحميد بن أبيالحديد، قال: ولما خرج علي عليهالسلام لطلب الزبير، خرج حاسراً، وخرج إليه الزبير دارعاً مدجّجاً، إلي أن قال: فقال له أصحابه: يا أميرالمؤمنين تخرج إلي الزبير حاسراً، وهو شاک في السلاح وأنت تعرف شجاعته؟ قال: إنّه ليس بقاتلي؛ إنّما يقتلني رجل خامل الذکر ضئيل النسب، غيلة في غير مأقط حرب ولا معرکة رجال، ويل أمه أشقي البشر ليود أنّ اُمّه هبلت به، أما إنّه وأحمر ثمود لمقرونان في قرن.[34]. 30/8671- الصدوق، أبي، عن سعد، عن ابنأبيالخطّاب، عن الحکم بن مسکين، عن صالح بن عقبة، عن أبيجعفر عليهالسلام قال: جاء رجل من اليهود إلي أميرالمؤمنين عليهالسلام فسأله عن أشياء، إلي أن قال: کم يعيش وصيّ نبيّکم بعده؟ قال عليهالسلام: ثلاثين سنة، قال: ثمّ ماذا يموت أو يقتل؟ قال: يقتل ويضرب علي قرنه فتخضب لحيته، قال: صدقت واللَّه إنّه لبخطّ هارون وإملاء موسي عليهالسلام، الخبر.[35]. 31/8672- الشيخ الطوسي، بإسناد أخي دعبل، عن الرضا، عن آبائه عليهمالسلام قال: خطب الناس أميرالمؤمنين عليهالسلام بالکوفة، فقال: معاشر الناس إنّ الحق قد غلبه الباطل، وليغلبنّ الباطل عمّا قيل، أين أشقاکم- أو قال: شقيّکم- فو اللَّه ليضربنّ هذه فليخضبنّها من هذه- وأشار بيده إلي هامته ولحيته-.[36]. 32/8673- وعنه، عن أبيعمر، عن ابنعقدة، عن أحمد بن يحيي، عن عبدالرحمن، عن أبيه، عن أبيإسحاق، عن هبيرة بن مريم، قال: سمعت عليّ بن أبي [صفحه 464] طالب عليهالسلام يقول- ومسح لحيته-: ما يحبس أشقاها أن يخضبها عن أعلاها بدم.[37]. 33/8674- الصدوق، في خبراليهودي الذي سأل أميرالمؤمنين عمّافيهمن خصال الأوصياء، قال عليهالسلام: قد وفيت سبعاً وسبعاً يا أخا اليهود، وبقيت الاُخري وأوشک بها، فکأن قد، فبکي أصحاب علي عليهالسلام وبکي رأس اليهود، وقالوا: يا أميرالمؤمنين أخبرنا بالاُخري، فقال: الاُخري أن تخضّب هذه- وأومأ بيده إلي لحيته- من هذه وأومأ بيده إلي هامته، قال: وارتفعت أصوات الناس في المسجد الجامع بالضجة والبکاء حتّي لم يبق بالکوفة دار إلّا خرج أهلها فزعاً، وأسلم رأس اليهود علي يدي علي عليهالسلام من ساعته، ولم يزل مقيماً حتّي قتل أميرالمؤمنين عليهالسلام واُخذ ابنملجم لعنه اللَّه فأقبل رأس اليهود حتّي وقف علي الحسن عليهالسلام والناس حوله وابنملجم لعنه اللَّه بين يديه، فقال له: يا أبامحمّد أقتله قتله اللَّه، فإنّي رأيت في الکتب التي اُنزلت علي موسي عليهالسلام أنّ هذا أعظم عند اللَّه جرماً من ابنآدم قاتل أخيه، ومن القدّار عاقر ناقة ثمود.[38]. 34/8675- المفيد، عن علي بن المنذر الطريقي، عن أبيالفضل العبدي، عن فطر، عن أبيالطفيل عامر بن وائلة، قال: جمع أميرالمؤمنين عليهالسلام الناس للبيعة، فجاء عبدالرحمن بن ملجم المرادي لعنه اللَّه فردّه مرّتين أو ثلاثاً، ثمّ بايعه، فقال عند بيعته له: ما يحبس أشقاها فوالذي نفسي بيده لتخضبنّ هذه من هذه ووضع يده علي لحيته ورأسه، فلما أدبر ابنملجم منصرفاً عنه قال عليهالسلام متمثلاً: اُشدد حيازيمک للموت ولا تجزع من الموت کما أضحکک الدهر [صفحه 465] 35/8676- وعنه، عن الحسن بن محبوب، عن أبيحمزة الثمالي، عن أبيإسحاق السبيعي، عن الأصبغ بن نباتة، قال: أتي ابنملجم أميرالمؤمنين عليهالسلام فبايعه فيمن بايع، ثمّ أدبر عنه، فدعاه أميرالمؤمنين عليهالسلام فتوثّق منه وتوکّد عليه أن لا يغدر ولا ينکث، ففعل، ثمّ أدبر عنه، فدعاه الثانية فتوثّق منه وتوکّد عليه أن لا يغدر ولا ينکث، ففعل، ثمّ أدبر عنه، فدعاه أميرالمؤمنين الثالثة فتوثّق منه وتوکّد عليه أن لا يغدر ولا ينکث، فقال ابنملجم لعنه اللَّه: واللَّه يا أميرالمؤمنين ما رأيتک فعلت هذا بأحد غيري، فقال أميرالمؤمنين عليهالسلام: اُريد حياته ويريد قتلي امض يا ابنملجم فواللَّه ما أري أن تفي بما قلت.[40]. 36/8677- الخوارزمي باسناده، أن أباسنان الدؤلي عاد علياً عليهالسلام في شکوي اشتکاها، قال: فقلت له: تخوّفنا عليک يا أميرالمؤمنين في شکواک هذه، فقال: لکنّي واللَّه ما تخوّفت علي نفسي لأنّي سمعت رسولاللَّه صلي الله عليه و آله الصادق المصدّق يقول: إنّک ستُضرب ضربةً هاهنا- وأشار إلي صدغيه- فيسيل دمها حتّي يخضب لحيتک، ويکون صاحبها أشقاها، کما کان عاقر الناقة أشقي ثمود.[41]. 37/8678- قال الزهري: کان أميرالمؤمنين عليهالسلام يستبطئ القاتل فيقول: متي يبعث أشقاها، وقال: قدم علي أميرالمؤمنين عليهالسلام وفد من الخوارج من أهل البصرة، فيهم رجل يقال له الجَعد بن نعجة، فقال له: يا علي اتّق اللَّه فإنّک ميّت، فقال له: بل أنا مقتول بضربةٍ علي هذا، فتخضب هذه- يعني لحيته ورأيه- عهد معهود، وقضاء مقضيّ وقد خاب من افتري.[42]. [صفحه 466] 38/8679- عن فضالة بن أبيفضالة الأنصاري- وکان أبوفضالة من أهل بدر قتل بصفين مع أميرالمؤمنين عليهالسلام- قال فضالة: خرجت مع أبيعائداً أميرالمؤمنين عليهالسلام من مرض أصابه بالکوفة وقد أبل منه. فقال له أبي: ما يقيمک هاهنا بين أعراب جهينة؟ تحمل إلي المدينة فإن أصابک أجلک وليک أصحابک وصلّوا عليک. فقال: إنّ رسولاللَّه صلي الله عليه و آله عهد إليّ أن لا أموت حتّي تخضب هذه من هذه- أي لحيته من هامته-.[43]. 39/8680- عن محمّد بن عبيدة قال: قال أميرالمؤمنين عليهالسلام: ما يحبس أشقاکم أن يجيء فيقتلني، اللّهمّ إنّي سئمتهم وسئموني، فأرحهم منّي وأرحني منهم، قالوا: يا أميرالمؤمنين أخبرنا بالذي يخضب هذه من هذه نبيد عشيرته، فقال عليهالسلام إذاً واللَّه تقتلون بي غير قاتلي.[44]. 40/8681- روي عن حنان بن سدير، عن رجل من مزينة، قال: کنت جالساً عند علي عليهالسلام فأقبل إليه القوم من مراد ومعهم ابنملجم، فقالوا: يا أميرالمؤمنين طرأ علينا، ولا واللَّه ما جاءنا زائراً ولا منتجعاً، وإنّا لنخافه عليک، فاشدد يدک به، فقال له علي عليهالسلام: اجلس فنظر في وجهه طويلاً، أرأيتک إن سألتک عن شيء وعندک منه علم هل أنت مخبري عنه؟ قال: نعم، وحلّفه عليه، فقال: أکنت تراضع الغلمان وتقوم عليهم، فکنت إذا جئت فرأوک من بعيد قالوا: قد جاءنا ابنراعية الکلاب؟ قال: اللّهمّ نعم، فقال له: مررت برجل وقد أيفعت، فنظر إليک فأحدّ النظر، فقال لک: يا أشقي من عاقر ناقة ثمود؟ قال: نعم، قال: فأخبرتک اُمّک أنّها حملت بک في بعض حيضها؟ فتَعتعَ هنيئة ثمّ قال: نعم قد حدّثتني بذلک، ولو کنت کاتماً شيئاً [صفحه 467] لکتمتک هذه المنزلة، فقال له علي عليهالسلام: قم، فقام: ثمّ قال: سمعت رسولاللَّه صلي الله عليه و آله يقول: إنّ قاتلک شبه اليهودي بل هو يهودي.[45]. [صفحه 468]
1/8642- المفيد، قال: أخبرنا أبوبکر محمّد بن عمر الجعابيّ، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن سعيد الهمداني، قال: حدّثنا أبوعوانة موسي بن يوسف العطّار الکوفي، قال: حدّثنا محمّد بن سليمان المقري الکندي، عن عبدالصمد بن علي النوفلي، عن أبيإسحاق السبيعي، عن الأصبغ بن نباتة العبدي، قال: لمّا ضرب ابنملجم أميرالمؤمنين عليّ بن أبيطالب عليهالسلام عدونا عليه نفر من أصحابنا، أنا والحرث وسويد بن غفلة وجماعة معنا، فقعدنا علي الباب، فسمعنا البکاء فبکينا، فخرج إلينا الحسن بن علي عليهالسلام فقال: يقول لکم أميرالمؤمنين انصرفوا إلي منازلکم، فانصرف القوم غيري، واشتدّ البکاء من منزله فبکيت، فخرج الحسن فقال: ألم أقل لکم انصرفوا، فقلت: لا واللَّه يا بن رسولاللَّه ما تتابعني نفسي ولا تحملني رجلي أن أنصرف حتّي أري أميرالمؤمنين عليهالسلام قال: فلبثت، فدخل ولم يلبث أن خرج فقال لي: اُدخل، فدخلت علي أميرالمؤمنين عليهالسلام فإذا هو مستند
ولا تجزع من الموت إذا حلّ بواديکا
مساريع إلي الخير وللشرّ متاريکا[20].
عذيرک من خليلک من مراد
في اللَّه ذي الکتب وذي المشاهد
ويوقظ الناس إلي المساجد[33].
فإنّ الموت لاقيک
إذا حلّ بناديک
کذاک الدهر يبکيک[39].
عذيرک من خليلک من مراد(ي)
صفحه 449، 450، 451، 452، 453، 454، 455، 456، 457، 458، 459، 460، 461، 462، 463، 464، 465، 466، 467، 468.