ما جاء في وصاياه















ما جاء في وصاياه‏



1/8584- عن عليّ بن الحسين، ومحمّد بن علي عليهماالسلام إنّهما ذکرا وصيّة علي عليه‏السلام وساقا الحديث إلي أن قالا: قال عليه‏السلام: أيّها الناس هل فيکم أحد يدّعي قِبَلي جوراً في حکم أو ظلماً في نفس أو مالٍ فليقم أنصفه من ذلک؟ فقام رجل من القوم فأثني عليه ثناءً حسناً واطراه وذکر مناقبه في کلام طويل، فقال علي عليه‏السلام: أيّها العبد المتکلّم ليس هذا حين اطراء، وما أحبّ أن يحضرني أحد في هذا المحضر بغير النصيحة، واللَّه الشاهد علي من رأي شيئاً يکرهه فلم يعلمنيه، فاني أحبّ أن أستعتب من نفسي قبل أن تفوت نفسي، إلي أن قال عليه‏السلام: أيّها الناس أنا أحبّ أن أشهد عليکم ألّا يقوم أحد فيقول أردت أن أقول فخفت فقد أعذرت بيني وبينکم، اللّهمّ إلّا أن يکون أحد يريد ظلمي والدعوي قبلي بما لم أجر، أما إنّي لم أستحلّ من أحد مالاً ولم أستحلّ من أحد دماً بغير حق، إلي أن قالا: ثمّ لم يزل يقول: اللّهمّ اکفنا عدوّک الرجيم، اللّهمّ إنّي أشهدک أنّک لا إله إلّا أنت وأنت الواحد

[صفحه 374]

الصمد لم يلد ولم يولد ولم يکن له کفواً أحد، فلک الحمد عدد نعمائک لديّ وإحسانک عندي فاغفر لي وارحمني وأنت خير الراحمين، ثمّ لم يزل يقول: لا إله إلّا اللَّه وحده لا شريک له وأنّ محمّداً عبده ورسوله عدّة لهذا الموقف ولما بعده من المواقف، اللّهمّ أجز محمّداً منّا أفضل الجزاء، وبلّغه منّا أفضل السلام، اللّهمّ وألحقني به ولا تحل بيني وبينه إنّک سميع الدعاء غفور رحيم، ثمّ نظر إلي أهل بيته فقال: حفظکم اللَّه وحفظ فيکم نبيّکم واستودعکم اللَّه وأقرأ عليکم السلام، ثمّ لم يزل يقول: لا إله إلّا اللَّه محمّد رسول‏اللَّه حتّي قُبض عليه‏السلام.[1].

2/8585- محمّد بن يعقوب، عن الحسين بن الحسن الحسني رفعه، ومحمّد بن الحسن، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمري رفعه، قال: لما ضُرِب أميرالمؤمنين عليه‏السلام حَفّ به العوّاد، وقيل له: يا أميرالمؤمنين أوصِ، فقال عليه‏السلام: اثنوا لي وسادة، ثمّ قال: الحمد للَّه حقّ قدره متّبعين أمره، وأحمده کما أحبَّ، ولا إله إلّا اللَّه الواحد الأحد الصمد کما انتسب.

أيّها الناس کلّ امرءٍ لاقٍ في فراره ما منه مَفَر، والأجل مساق النفس إليه، والهرب منه موافاته، کم اطّردت الأيام أبحثها عن مکنون هذا فأبي اللَّه عزّ وجلّ ذکره إلّا إخفاءه، هيهات علم مکنون.

أمّا وصيّتي فأن لا تشرکوا باللَّه جلّ ثناؤه شيئاً، ومحمّداً صلي الله عليه و آله فلا تضيّعوا سنّته، أقيموا هذين العمودين وأوقدوا هذين المصباحين، وخَلاکم ذمٌّ ما لم تشرّدوا، حمل کلّ امرءٍ مجهوده، وخَفّف عن الجهلة، ربّ رحيم، وإمام عليم، ودين قويم، أنا بالأمس صاحبکم وأنا اليوم عبرةٌ لکم، وغداً مفارقکم، إن تثبت الوطأة في هذه المزلّة فذاک المراد، وأن تُدحض القدم فإنّا کنّا في أفناء أغصان و ذري رياح وتحت ظلّ غمامة، اضمحلّ في الجوّ متلفّقها وعفا في الأرض مخطّها، وإنّما کنت جاراً

[صفحه 375]

جاورکم بدني أيّاماً وستعقبون منّي جثة خلاء، ساکنة بعد حرکة، وکاظمة بعد نطق، ليعظکم هُدويّ، وخفوت إطراقي، وسکون أطرافي، فإنّه أوعظ لکم من الناطق البليغ، ودّعتکم وداع مرصد للتلاقي، غداً ترون أيامي، ويکشف اللَّه عزّوجلّ عن سرائري، وتعرفوني بعد خلوّ مکاني، وقيام غيري مقامي، إن أبقَ فأنا وليّ دمي، وإن أفنَ فالفناء ميعادي (وإن أعف) فالعفو لي قربة ولکم حسنة «وَليَعْفُوا وَليَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَکُمْ»[2] فيا لها حسرةً علي کلّ ذي غفلة أن يکون عمره عليه حجّة، أو تؤدّيه أيامه إلي شقوة، جعلنا اللَّه وإيّاکم ممن لا يقصر به عن طاعة اللَّه رغبة، أو تحلّ به بعد الموت نقمة، فإنّما نحن له وبه، ثمّ أقبل عليه‏السلام علي الحسن عليه‏السلام فقال: يا بني ضربة مکان ضربة ولا تأثم.[3].

3/8586- قال علي عليه‏السلام في وصيّته عند وفاته: اُوصيک يا بني بالصلاة عند وقتها، والزکاة في أهلها عند محلّها، والصمت عند الشبهة، الخبر.[4].

4/8587- عن أميرالمؤمنين عليه‏السلام إنّه کان يقول عند الوفاة: «تَعَاوَنُوا عَلَي الْبِرِّ وَالتَّقْوَي وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ»[5] ثمّ يقول: لا إله إلّا اللَّه حتّي توفّي صلوات اللَّه وسلامه عليه.[6].

5/8588- ذکر المسعودي: ثمّ دعا الحسن والحسين فقال لهما: اُوصيکما بتقوي اللَّه وحده، ولا تبغيا الدنيا وإن بغتکما، ولا تأسفا علي شي‏ء منها، قولا الحق، وارحما اليتيم، وأعينا الضعيف، وکونا للظالم خصماً وللمظلوم عوناً، ولا تأخذکما في اللَّه لومة لائم.

[صفحه 376]

ثمّ نظر إلي ابن‏الحنفية فقال: هل سمعت ما أوصيت به أخويک؟ قال: نعم، قال: اُوصيک بمثله، واُوصيک بتوقير أخويک، وتزيين أمرهما، ولا تقطعن أمراً دونهما، ثمّ قال لهما: اُوصيکما به، فإنّه سيفکما وابن‏أبيکما، فاکرماه واعرفا حقّه.[7].

6/8589- محمّد بن أحمد بن داود، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني الحسن بن علي ابن‏فضال، قال: حدّثنا عمرو بن إبراهيم، عن خلف بن حمّاد، عن عبداللَّه بن حسّان، عن الثمالي، عن أبي‏جعفر عليه‏السلام في حديث حدّث به، إنّه کان في وصيّة أميرالمؤمنين عليه‏السلام: أن أخرجوني إلي الظهر، فإذا تصوّبت أقدامکم واستقبلتکم ريح، فادفنوني وهو أوّل طور سيناء، ففعلوا ذلک.[8].

7/8590- عن أميرالمؤمنين عليه‏السلام قال: ادفنوني في هذا الظهر في قبر أخويّ هود وصالح عليهماالسلام.[9].

8/8591- محمّد بن أحمد بن داود القمي، قال: أخبرني محمّد بن علي بن الفضل، قال: أخبرني عليّ بن الحسين بن يعقوب من بني خزيمة قراءةً عليه، قال: حدّثني جعفر بن محمّد بن يوسف الأزدي، قال: حدّثنا علي بن بزرج الخياط، قال: حدّثنا عمرو، قال: جاءني سعد الإسکاف، قال: يا بنيّ تحمل الحديث؟ فقلت: نعم، فقال: حدّثني أبوعبداللَّه عليه‏السلام قال: إنّه لما اُصيب أميرالمؤمنين عليه‏السلام قال للحسن والحسين عليهماالسلام: غسّلاني وکفّناني وحنّطاني واحملاني علي سريري، واحملا مؤخّره تکفيان مقدّمه، فإنّکما تنتهيان إلي قبر محفور ولحد ملحود ولبن موضوع، فالحِداني واشرجا اللبن عليّ وارفعا لبنة مما يلي رأسي فانظرا ما تسمعان، فأخذا اللبنة من عند الرأس بعد ما أشرجا عليه اللبن، فإذا ليس في القبر شي‏ء، وإذا هاتف يهتف:

[صفحه 377]

أميرالمؤمنين کان عبداً صالحاً فألحقه اللَّه بنبيّه، وکذلک يفعل بالأوصياء بعد الأنبياء، حتّي لو أنّ نبيّاً مات في المشرق ومات وصيّه في المغرب لألحق اللَّه الوصيّ بالنبي.[10].

9/8592- الطوسي، أخبرنا جماعة، عن أبي‏المفضّل، عن جعفر بن محمّد العلوي، عن عبداللَّه بن أحمد بن نهيک، عن عبداللَّه بن جبلة، عن حميد بن شعيب، عن جابر ابن‏يزيد، عن أبي‏جعفر عليه‏السلام قال: لمّا احتضر أميرالمؤمنين عليه‏السلام جمع بنيه حسناً وحسيناً وابن‏الحنفية والأصاغر من ولده فوصّاهم، وکان في آخر وصيّته يا بني عاشروا الناس عشرة إن غبتم حنّوا إليکم وإن فقدتم بکوا عليکم، يا بني إنّ القلوب جنود مجنّدة تتلاحظ بالمودّة وتتناجي بها، وکذلک هي في البغض، فإذا أحببتم الرجل من غير خير سبق منه اليکم فارجوه، وإذا أبغضتم الرجل من غير سوء سبق منه اليکم فاحذروه.[11].

10/8593- إبن الشيخ الطوسي، عن أبيه، عن المفيد، عن عمرو بن محمّد المعروف بابن الزيّات، عن محمّد بن همّام الاسکافي، عن جعفر بن محمّد بن مالک، عن أحمد ابن‏سلامة الغنوي، عن محمّد بن الحسن العامري، عن معمّر، عن أبي‏بکر بن عياش، عن النجيع العقيلي، قال: حدّثني الحسن بن عليّ بن أبي‏طالب عليه‏السلام قال: لمّا حضرت والدي الوفاة، أقبل يوصي إلي أن قال: قال عليه‏السلام: واقتصد في عبادتک، وعليک فيها بالأمر الدائم الذي تطيقه، الخبر.[12].

[صفحه 378]

11/8594- عن کتاب (وفاة أميرالمؤمنين عليه‏السلام) لأبي الحسن عليّ بن عبداللَّه بن محمّد البکري، عن لوط بن يحيي، عن أشياخه وأسلافه، وساق الخبر الطويل إلي أن قال: قال عليه‏السلام في وصيّته: ثمّ تقدّم يا أبامحمّد وصلّ عليّ يا بنيّ يا حسن وکبّر عليّ سبعاً، واعلم أنّه لا يحلّ ذلک لأحد غيري إلّا علي رجل يخرج في آخر الزمان، إسمه القائم المهدي من وُلد أخيک الحسين، ويقيم اعوجاج الحق، الخبر.[13].

12/8595- عن أبي‏الجارود، عن أبي‏جعفر عليه‏السلام قال: جمع أميرالمؤمنين عليه‏السلام بنيه وهم إثنا عشر ذکراً، فقال لهم: إنّ اللَّه أحبّ أن يجعل فيّ سنّة من يعقوب إذ جمع بنيه وهم إثنا عشر ذکراً فقال لهم: إنّي اُوصي إلي يوسف فاسمعوا له وأطيعوا، وأنا اُوصي إلي الحسن والحسين فاسمعوا لهما وأطيعوا، فقال له عبداللَّه إبنه: أدون محمّد بن علي- يعني محمّد بن الحنفية- فقال له عليه‏السلام: أجرأةٌ عليّ في حياتي کأنّي بک وقد وُجِدتّ مذبوحاً في فسطاطک لا يُدري من قتلک، فلمّا کان في زمان المختار أتاه فقال له: لست هناک، فغضب فذهب إلي مصعب بن الزبير- وهو بالبصرة- فقال: وَلّني قتال أهل الکوفة، فکان علي مقدّمة مصعب بن الزبير، فالتقوا بحروراء، فلما حجز الليل بينهم أصبحوا وقد وجدوه مذبوحاً في فسطاطه لا يُدري من قتله.[14].

13/8596- أوصي علي عليه‏السلام فقال: يا بني عبدالمطلب لا ألفينّکم تخوضون دماء المسلمين خوضاً، تقولون قتل أميرالمؤمنين، ألا لا يقتلنّ بي إلّا قاتلي، ونهي عن المثلة.

وروي أبوعثمان المازني أنّه قال عليه‏السلام:


تلکم قريش تمنّاني لتقتلني
فلا وربّک ما فازوا وما ظفروا


فإن بقيت فرهنٌ ذمّتي لهم
بذات ودقين لا يعفو لها أثر

[صفحه 379]

وإن هلکت فإنّي سوف أوترهم
ذلّ الممات فقد خانوا وقد غدروا[15].

14/8597- روي مولانا محمّد بن طاهر القمي في شرح کتاب (تهذيب الحديث) نقلاً من کتاب (شرف النبي)، عن أميرالمؤمنين عليه‏السلام أنّه قال للمسلمين حين ثقل من الضربة في کلامٍ له:

وفيکم من تخلّف عن نبيّکم من أن تمسّکتم به لن تضلّوا، هم الدعاة وهم النجاة، وهم أرکان الأرض، إلي أن قال عليه‏السلام: فاخلفوا رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله فيهم بأحسن الخلافة، فقد أخبرکم أنّهما الثقلان، وأنّهما لن يفترقا هم والقرآن حتّي يردا عليّ الحوض، فالزموهم تهتدوا وترشدوا، ولا تفرّقوا عنهم، ولا تترکوهم فتفرقوا وتمزّقوا.[16].

15/8598- المفيد، عن الجعابي، عن الحسين بن محمّد الکندي، عن عمرو بن محمّد ابن‏الحارث، عن أبيه، عن أبي‏الصباح المزني، عن الحارث بن الحضيرة، عن أبيه، قال: قال أميرالمؤمنين عليّ بن أبي‏طالب عليه‏السلام لشيعته: کونوا في الناس کالنحلة في الطير ليس شي‏ء من الطير إلّا وهو يستضعفها، ولو يعلمون ما في أجوافها من البرکة لم يفعلوا ذلک بها، خالطوا الناس بألسنتکم وأجسادکم وزايلوهم بقلوبکم وأعمالکم، لکلّ امرئٍ ما اکتسب وهو يوم القيامة مع من أحبّ.[17].

16/8599- أحمد بن الوليد، عن أبيه، عن الصفّار، عن ابن‏معروف، عن ابن‏مهزيار، عن ابن‏أبي‏نجران، عن الحسن بن بحر، عن فرات بن أحنف، عن رجل من أصحاب أميرالمؤمنين عليه‏السلام قال: سمعته يقول: تبذّل ولا تشتهر، واخفِ شخصک لئلّا تُذکر وتُعلم، واکتم واصمُت تسلَم، وأومي بيده إلي صدره تُسرّ الأبرار، وتغيظ

[صفحه 380]

الکفّار، وأومي بيده الي العامّة.[18].

17/8600- روي حفص بن البختري، قال: سمعت أباعبداللَّه عليه‏السلام يقول: حدّثني أبي، عن آبائه عليهم‏السلام، إنّ أميرالمؤمنين عليه‏السلام قال لکميل بن زياد النخعي: تبذّل ولا تشهّر، ووارِ شخصک ولا تُذکر، وتعلّم واعمل واسکت تسلم، تُسرّ الأبرار وتغيظ الفجّار ولا عليک إذا عرّفک دينه أن لا تعرف الناس ولا يعرفوک.[19].

18/8601- محمّد بن إبراهيم النعماني، عن أبي‏العباس أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة الکوفي، عن القاسم بن محمّد بن الحسين بن حازم، عن عيسي بن هشام الناشري، عن عبداللَّه بن جبلة، عن سلام بن أبي‏عميرة، عن معروف بن خرّبوذ، عن أبي‏الطفيل عامر بن وائلة، قال: قال أميرالمؤمنين عليه‏السلام: (أتحبّون) أن لا يکذب اللَّه ورسوله، حدّثوا الناس بما يعرفون وأمسکوا عمّا ينکرون.[20].

19/8602- عماد الدين الطبري، عن أبي‏البقاء إبراهيم بن الحسين، عن أبي‏طالب محمّد بن الحسن بن عتبة، عن أبي‏الحسن محمّد بن الحسين بن أحمد، عن محمّد بن إسحاق، عن سعيد بن زيد بن أرطاة، عن کميل بن زياد، عن أميرالمؤمنين عليه‏السلام أنّه قال في وصيّته له: يا کميل کل مصدور ينفث، فمن نفث إليک منّا بأمرٍ فاستره بسترٍ وإيّاک أن تُبديه، فليس لک من إبدائه توبة، فإذا لم تکن توبة فالمصير لظي، يا کميل إذاعة سرّ آل محمّد عليهم‏السلام لا يقبل اللَّه تعالي منها، ولا يحتمل أحد عليها، يا کميل وما قالوه لک مطلقاً فلا تعلّمه إلّا مؤمناً موفقاً، يا کميل لا تعلّموا الکافرين من أخبارنا فيزيدوا عليها، فيبدؤکم بها يوم يعاقبون عليها، الخبر.[21].

[صفحه 381]

20/8603- في وصيّة أميرالمؤمنين عليه‏السلام لولده الحسن عليه‏السلام: وإيّاک ومقارنة من رهبته علي دينک، وباعد السلطان ولا تأمن خدع الشيطان، وتقول: متي أري ما أنکر نزعت، فإنّه کذا هلک من کان قبلک من أهل القبلة، وقد أيقنوا بالمعاد، فلو سمعت بعضهم يبيع (بيع) آخرته بالدنيا لم يطب بذلک نفساً، ثمّ قد يتخيّله الشيطان بخدعه ومکره حتّي يورطه في هلکته بعرض من الدنيا حقير، وينقله من شرّ إلي شرّ حتّي يؤيسه من رحمة اللَّه ويدخله في القنوط، فيجد الوجه إلي ما خالف الإسلام وأحکامه، فإن أبت نفسک إلّا حبّ الدنيا وقرب السلطان فخالفت ما نهيتک عنه بما فيه رشدک، فأملک عليک لسانک فإنّه لا ثقة للملوک عند الغضب، ولا تسأل عن أخبارهم، ولا تنطق عند أسرارهم، ولا تدخل فيما بينک وبينهم، إلي أن قال عليه‏السلام: وباين أهل الشرّ تَبن منهم.[22].

21/8604- قال أميرالمؤمنين عليه‏السلام في خطبةٍ له:

انتفعوا ببيان اللَّه، واتّعظوا بمواعظ اللَّه، واقبلوا نصيحة اللَّه، فإنّ اللَّه قد أعذر اليکم بالجلية، وأخذ عليکم الحجة، وبيّن لکم محابّهُ من الأعمال، ومکارههُ منها، لتبتغوا هذه وتجتنبوا هذه.[23].

22/8605- محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسي، عن إبراهيم بن عمر اليماني، وعمر بن اُذينة، عن أبان، عن سليم بن قيس، قال: شهدت وصيّة أميرالمؤمنين صلوات اللَّه عليه حين أوصي إلي إبنه الحسن عليه‏السلام، وأشهد علي وصيّته الحسين عليه‏السلام ومحمّداً وجميع وُلده ورؤساء شيعته وأهل بيته، ثمّ دفع إليه الکتب (الکتاب) والسلاح، وقال لابنه الحسن عليه‏السلام:

يا بني أمرني رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله أن اُوصي إليک، وأن أدفع إليک کتبي وسلاحي، کما

[صفحه 382]

أوصي إليّ رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله ودفع إليّ کتبه وسلاحه، وأمرني أن آمرک إذا حضرک الموت أن تدفعها إلي أخيک الحسين عليه‏السلام ثمّ أقبل علي إبنه الحسين عليه‏السلام فقال: وأمرک رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله أن تدفعها إلي إبنک هذا، ثمّ أخذ بيد عليّ بن الحسين عليه‏السلام، ثمّ قال لعليّ ابن‏الحسين عليه‏السلام: وأمرک رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله أن تدفعها إلي إبنک محمّد بن علي واقرأه من رسول‏اللَّه ومنّي السلام.[24].

23/8606- قال علي بن أبي‏طالب عليه‏السلام: لا تسع بقدميک إلي من يراک دونه فتصغر في عينه، واجعل انقطاعک عنه في مقابلة کبريائه، فان عزة النفوس تضاهي جاه الملوک، فأنت إن قبلت نصحي رشدت، وان خالفتني کنت کمن صير الماء العذب إلي اُصول الحنظل کلما ازدادت رياً ازدادت مرارة.[25].

24/8607- الطبري، أخبرنا الشيخ أبوالبقاء إبراهيم بن الحسين بن إبراهيم البصري بقرائتي عليه في المحرّم سنة ست عشرة وخمسمائة بمشهد مولانا أميرالمؤمنين عليّ بن أبي‏طالب عليه‏السلام قال: حدّثنا أبوطالب محمّد بن الحسن بن عتبة، قال: حدّثنا أبوالحسن محمّد بن الحسين بن أحمد، قال: أخبرنا محمّد بن وهبان الدبيلي، قال: حدّثنا علي بن أحمد بن کثير العسکري، قال: حدّثني أحمد بن المفضّل أبوسلمة الاصفهاني، قال: أخبرني راشد بن علي بن وائل القرشي، قال: حدّثني عبداللَّه بن حفص المدني، قال: أخبرني محمّد بن إسحاق، عن سعيد بن زيد بن أرطاة، قال: لقيت کميل بن زياد وسألته عن فضل أميرالمؤمنين عليّ بن أبي‏طالب عليه‏السلام فقال: ألا اُخبرک بوصيّةٍ أوصاني بها يوماً هي خيرٌ لک من الدنيا بما فيها، فقلت: بلي.

[صفحه 383]

قال: قال لي علي:

يا کميل بن زياد سمّ کلّ يوم باسم اللَّه ولا حول ولا قوّة إلّا باللَّه وتوکّل علي اللَّه واذکرنا وسمّ بأسمائنا وصلّ علينا، واستعذ باللَّه ربّنا وأدرأ عن نفسک وما تحوطه عنايتک تکف شرّ ذلک اليوم.

يا کميل إنّ رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله أدّبه اللَّه عزّوجلّ وهو أدّبني وأنا اُؤدّب المؤمنين وأورّث الأدب المکرمين.

يا کميل ما من علمٍ إلّا وأنا أفتحه وما من سرٍّ إلّا والقائم عليه‏السلام يختمه.

يا کميل ذرية بعضها من بعض واللَّه سميع عليم.

يا کميل لا تأخذ إلّا عنّا تکن منّا، يا کميل ما من حرکةٍ إلّا وأنت محتاج إلي معونة فيها إلي معرفة.

يا کميل إذا أکلت الطعام فسمّ باسم اللَّه الذي لا يضرّ مع اسمه شي‏ء وهو الشفاء من جميع الأسواء.

يا کميل إذا أکلت الطعام فواکِل به ولا تبخل به، فإنّک لم ترزق الناس شيئاً واللَّه يجزل لک الثواب بذلک.

يا کميل أحسن خلقک وأبسط إلي جليسک ولا تنهرنّ خادمک.

يا کميل إذا أکلت فطوّل أکلک يستوف من معک ويرزق منه غيرک.

يا کميل إذا استوفيت طعامک فاحمد اللَّه علي ما رزقک وارفع بذلک صوتک ليحمده سواک فيعظم بذلک أجرک.

يا کميل لا توقرنّ معدتک طعاماً ودع فيها للماء موضعاً وللريح مجالاً.

يا کميل لا تنفذ طعامک فإنّ رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله لم ينفذه.

يا کميل لا ترفعنّ يدک من الطعام إلّا وأنت تشتهيه، فإذا فعلت ذلک فأنت تستمرئه.

[صفحه 384]

يا کميل صحّة الجسم من قلّة الطعام وقلّة الماء.

يا کميل البرکة في المال من ايتاء الزکاة ومواساة المؤمنين وصلة الأقربين وهم الأقربون (لنا).

يا کميل زد قرابتک المؤمن علي ما تعطي سواه من المؤمنين، وکن بهم أرأف وعليهم أعطف، تصدّق علي المساکين.

يا کميل لا تردنّ سائلاً ولو بشقّ تمرة أو من شطر عنب، يا کميل الصدقة تنمي عند اللَّه تعالي.

يا کميل حسن خلق المؤمن التواضع، وجماله التعطّف، وشرفه الشفقة، وعزّه ترک القال والقيل.

يا کميل إيّاک والمراء فإنّک تغري بنفسک السفهاء إذا فعلت وتفسد الإخاء.

يا کميل إذا جادلت في اللَّه تعالي فلا تخاطب إلّا من يشبه العقلاء، وهذا ضرورة.

يا کميل هم علي کلّ حال السفهاء کما قال اللَّه تعالي بقوله: «أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلکِنْ لَا يَعْلَمُونَ».[26].

يا کميل في کلّ صنف قوم أرفع من قوم، فإيّاک ومناظرة الخسيس منهم، وإن أسمعوک فاحتمل، وکن من الذين وصفهم اللَّه تعالي فقال: «وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً».[27].

يا کميل قل الحق علي کلّ حال ووازر المتّقين واهجر الفاسقين.

يا کميل جانب المنافقين ولا تصاحب الخائنين.

يا کميل إيّاک والتطرّق إلي أبواب الظالمين والإختلاط بهم والاکتساب منهم،

[صفحه 385]

وإيّاک أن تطيعهم وأن تشهد في مجالسهم بما يسخط اللَّه.

يا کميل إن اضطررت إلي حضورها فداوم ذکر اللَّه والتوکّل عليه، واستعذ باللَّه من شرّهم وأطرق عنهم، وأنکر بقلبک فعلهم وأجهر بتعظيم اللَّه تعالي وأسمعهم فإنّهم يهابوک وتکفي (شرّهم).

يا کميل إنّ أحبّ ما أمت (ما امتثله) العباد إلي اللَّه تعالي بعد الإقرار به وبأوليائه عليهم‏السلام التجمّل والتعفّف والإصطبار.

يا کميل لا بأس بأن لا يعلم سرّک.

يا کميل لا ترين الناس افتقارک واضطرارک، واصطبر عليه احتساباً تعرف بستر.

يا کميل أخوک أخوک الذي لا يخذلک عند الشدّة، ولا يغفل عنک عند الجريرة، ولا يخدعک حين تسأله، ولا يترکک وأمرک حتّي يعلمه فإن کان مميلاً أصلحه.

يا کميل المؤمن مرآة المؤمن (لأنّه) يتأمّله ويسدّ فاقته ويجمل حالته.

يا کميل المؤمنون إخوة ولا شي‏ء آثر عند کلّ أخٍ من أخيه.

يا کميل إذا لم تحبّ أخاک فلست أخاه.

يا کميل إنّما المؤمنون من قال بقولنا، فمن تخلّف عنّا قصُرَ عنّا، ومن قصر عنّا لم يلحق بنا، ومن لم يکن معنا ففي الدرک الأسفل من النار.

يا کميل کلّ مصدور ينفث، فمن نفث إليک منّا بأمرٍ وأمرک فاستره، فإيّاک أن تُبديه، فليس لک من إبدائه توبة، فإذا لم تکن لک توبة فالمصير إلي لظي.

يا کميل إذاعة سرّ آل محمّد صلي الله عليه و آله لا يقبل اللَّه تعالي منها ولا يحتمل عليها أحد.

يا کميل وما قالوه لک مطلقاً فلا تعلمه إلّا مؤمناً موفقاً.

[صفحه 386]

يا کميل لا تعلّم الکافرين أخبارنا فيزيدوا عليها فيبدوکم بها يوم يعاقبون عليها.

يا کميل لابدّ لماضيکم خير من أوبة ولابدّ لنا فيکم من غلبة.

يا کميل سيجمع اللَّه لکم خير البدء والعاقبة.

يا کميل أنتم ممتّعون بأعدائکم تطربون بطربهم وتشربون بشربهم وتأکلون بأکلهم وتدخلون مداخلهم، وربما غلبتم علي نعمتهم إي واللَّه علي إکراهٍ منهم لذلک، ولکنّ اللَّه عزّوجلّ ناصرکم وخاذلهم، فإذا کان واللَّه يومکم وظهر صاحبکم لم يأکلوا واللَّه معکم، ولم يردوا مواردکم، ولم يقرعوا أبوابکم ولم ينالوا نعمتکم أذلّةً خاسئين أينما ثقفوا أخذوا وقتّلوا تقتيلاً.

يا کميل احمد اللَّه تعالي والمؤمنون علي ذلک وعلي کلّ نعمة.

يا کميل قل عند کلّ شدّة: لا حول ولا قوّة إلّا باللَّه العليّ العظيم تکفها، وقل عند کلّ نعمة: الحمد للَّه تزد منها، وإذا أبطأت الأرزاق عليک فاستغفر اللَّه يوسّع عليک فيها.

يا کميل إذا وسوس الشيطان في صدرک فقل: أعوذ باللَّه القويّ من الشيطان الغويّ، وأعوذ بمحمّد الرضي من شرّ ما قدّر وقضي، وأعوذ بإله الناس من شرّ الجنّة والناس أجمعين، وصلّي اللَّه علي محمّد وآله أجمعين وسلّم، تُکف مؤنة إبليس والشياطين معه ولو أنّهم کلّهم أبالسة مثله.

يا کميل إنّ لهم خداعاً وشقاشق وزخاريف ووساوس وخيلاء علي کلّ أحد قدر منزلته في الطاعة والمعصية، فبحسب ذلک يستولون عليه بالغلبة.

يا کميل لا عدوّ أعدي منهم، ولا ضارّ أضرّ منهم اُمنيّتهم أن تکون معهم غداً إذا اجتثّوا في العذاب الأليم، لا يَفتّر عنهم شرره ولا يقصر عنهم خالدين فيها أبداً.

يا کميل سخط اللَّه تعالي محيط بمن لم يحترس منهم باسمه ونبيه وجميع عزائمه

[صفحه 387]

وعوذه جلّ وعزّ، وصلّي اللَّه علي نبيّه وآله وسلّم.

يا کميل إنّهم يخدعونک بأنفسهم فإذا لم تجبهم مکروا بک وبنفسک وبتحسينهم إليک شهواتک واعطائک أمانيک وإرادتک، ويسوّلون لک وينسونک وينهونک ويأمرونک، ويحسّنون ظنّک باللَّه عزّوجلّ حتّي ترجوه، فتغترّ بذلک وتعصيه، وجزاء العاصي لظي.

يا کميل احفظ قول اللَّه عزّوجلّ: «الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَي لَهُمْ»[28] والمسوّل الشيطان والمملي اللَّه تعالي.

يا کميل اذکر قول اللَّه عزّوجلّ لإبليس- لعنه اللَّه-: «وَأجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِکَ وَرَجِلِکَ وَشَارِکْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُوراً».[29].

يا کميل إنّ إبليس لا يعد عن نفسه وإنّما يعد عن ربّه ليحملهم علي معصيته فيورّطهم.

يا کميل إنّه يأتي لک بلطف کيده ويأمرک بما يعلم أنّه قد ألفته من طاعة لا تدعها، فتحسب أنّ ذلک ملک وإنّما هو شيطان رجيم، فإذا سکنت إليه واطمأننت علي العظائم المهلکة التي لا نجاة معها.

يا کميل إنّ له فخاخاً ينصبها فاحذر أن يوقعک فيها.

يا کميل إنّ الأرض مملوءة من فخاخهم فلن ينجو منها إلّا من تثبّت بنا، وقد أعلمک اللَّه عزّوجلّ أنّه لن ينجو منها إلّا عباده، وعباده أولياؤنا.

يا کميل وهو قول اللَّه عزّوجلّ: «إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَکَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ»[30] وقوله عزّوجلّ: «إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَي الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِکُونَ».[31].

[صفحه 388]

يا کميل انج بولايتنا من أن يشرکک في مالک وولدک کما أمر.

يا کميل لا تغترّ بأقوام يصلّون فيطيلون، ويصومون فيداومون ويتصدّقون فيحسبون أنّهم موفّقون.

يا کميل أقسم باللَّه لسمعت رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: إنّ الشيطان إذا حمل قوماً علي الفواحش مثل الزنا وشرب الخمر والربا وما أشبه ذلک من الخنا والمآثم، حبّب إليهم العبادة الشديدة والخشوع والرکوع والخضوع والسجود، ثمّ حملهم علي ولاية الأئمة الذين يدعون إلي النار ويوم القيامة لا ينصرون.

يا کميل إنّه مستقرّ ومستودع فاحذر أن تکون من المستودعين.

يا کميل إنّما تستحقّ أن تکون مستقرّاً إذا لزمت الجادة الواضحة التي لا تخرجک إلي عوج ولا تزيلک عن منهج ما حملناک عليه وهديناک إليه.

يا کميل لا رخصة في فرض ولا شدّة في نافلة.

يا کميل إنّ اللَّه عزّوجلّ لا يسألک إلّا عمّا فرض، وإنّما قدمنا عمل النوافل بين أيدينا للأهوال العظام والطامة يوم المقام.

يا کميل إنّ اللَّه تعالي أعظم من أن تزيله الفرائض والنوافل وجميع الأعمال وصالح الأموال، ولکن من تطوّع خيراً فهو خير له.

يا کميل انّ ذنوبک أکثر من حسناتک، وغفلتک أکثر من ذکرک، ونعمة اللَّه عليک أکثر من کلّ عمل.

يا کميل انّه لا تخلو من نعمة اللَّه عزّوجلّ عندک وعافيته فلا تخل من تحميده وتمجيده وتسبيحه وتقديسه وشکره وذکره علي کلّ حال.

يا کميل لا تکوننّ من الذين قال اللَّه عزّوجلّ: «نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ» ونسبهم إلي الفسق: «أُولئِکَ هُمُ الْفَاسِقُونَ».[32].

[صفحه 389]

يا کميل ليس الشأن أن تصلّي وتصوم وتتصدّق، إنّما الشأن أن تکون الصلاة فُعلت بقلبٍ نقيّ وعمل عند اللَّه مرضيّ وخشوع سويّ إبقاءاً للحدّ فيها.

يا کميل عند الرکوع والسجود وما بينهما تبتّلت العروق والمفاصل حتّي تستوفي إلي ما تأتي من جميع صلاتک.

يا کميل اُنظر فيمَ تصلّي (وعلي ما تصلّي) إن لم يکن من وجهه وحلّه فلا قبول. يا کميل إنّ اللسان يبوح من القلب، والقلب يقوم بالغذاء، فانظر فيما تغذّي قلبک وجسمک، فإن لم يکن ذلک حلالاً لم يقبل اللَّه (تعالي) تسبيحک ولا شکرک.

يا کميل إفهم واعلم إنّا لا نرخّص في ترک أداء الأمانات لأحد من الخلق، فمن روي عنّي في ذلک رخصة فقد أبطل وأثم وجزاؤه النار بما کذب، واُقسم لسمعت رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله يقول لي قبل وفاته بساعة مراراً ثلاثاً: يا أباالحسن أدّ الأمانة إلي البرّ والفاجر فيما قلّ‏وجلّ (حتّي) في الخيط والمخيط.

يا کميل لا غزوَ إلّا مع إمامٍ عادل، ولا نفل إلّا مع إمامٍ فاضل.

يا کميل أرأيت لو أنّ اللَّه لم يظهر نبيّاً وکان في الأرض مؤمن تقي، أکان في دعائه إلي اللَّه مخطئاً أو مصيباً، بلي واللَّه مخطئاً حتّي ينصبه اللَّه عزّوجلّ ويؤهّله.

يا کميل الدين للَّه فلا تغترنّ بأقوال الاُمّة المخدوعة التي ضلّت بعدما اهتدت وأنکرت وجحدت بعدما قبلت.

يا کميل الدين للَّه فلا يقبل اللَّه تعالي من أحد القيام به إلّا رسولاً أو نبيّاً أو وصيّاً.

يا کميل هي نبوّة ورسالة وامامة وما بعد ذلک إلّا متولّين ومتغلّبين وضالّين ومعتدين.

يا کميل إنّ النصاري لم تعطّل اللَّه تعالي ولا اليهود ولا جحدت موسي ولا عيسي، ولکنّهم زادوا ونقّصوا وحرّفوا وألحدوا، فلعنوا ومقتوا ولم يتوبوا ولم يقبلوا.

[صفحه 390]

يا کميل إنّ أبانا آدم عليه‏السلام، لم يلد يهودياً ولا نصرانياً ولا کان ابنه إلّا حنيفاً مسلماً، فلم يقم بالواجب عليه فأدّاه ذلک إلي أن لم يقبل اللَّه له قرباناً، بل قبل من أخيه فحسده وقتله وهو من المسجونين في الفلق الذين عدّتهم اثني عشر: ستّة من الأوّلين وستّة من الآخرين، والفلق لأسفل من النار ومن بخاره حرّ جهنّم، وحسبک فيما حرّ جهنّم من بخاره.

يا کميل نحن واللَّه الذين اتّقوا والذين هم محسنون.

يا کميل إنّ اللَّه عزّوجلّ کريم رحيم عظيم حليم دلّنا علي الخلافة وأمرنا بالأخذ بها، وحمل الناس عليها فقد أدّيناها غير مختلفين وأرسلناها غير منافقين وصدّقناها غير مکذّبين وقبلناها غير مرتابين، لم يکن لنا واللَّه شياطين نوحي إليها وتوحي إلينا کما وصف اللَّه تعالي قوماً ذکرهم اللَّه عزّ وجلّ في کتابه فاقرأ کما اُنزل: «شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَي بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً».[33].

يا کميل الويل لهم فسوف يلقون غيّاً.

يا کميل لست واللَّه متملّقاً حتّي اُطاع، ولا ممتنّاً حتّي اُعصي، ولا مُهاناً بالطغام الأعراب حتّي أنتحِل إمرة المؤمنين أو أدّعي بها.

يا کميل نحن الثقل الأصغر والقرآن الثقل الأکبر، وقد أسمعهم رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله وقد جمعهم فنادي فيهم: الصلاة جامعة يوم کذا وکذا وأيّاماً سبعة وقت کذا وکذا فلم يتخلّف أحد، فصعد المنبر فحمد اللَّه وأثني عليه وقال: معاشر الناس إنّي مؤدٍّ عن ربّي عزّوجلّ ولا مخبر عن نفسي، فمن صدّقني فاللَّه صدّق ومن صدّق اللَّه أثابه الجنان، ومن کذّبني کذّب اللَّه عزّوجلّ ومن کذّب اللَّه أعقبه النيران، ثمّ ناداني فصعدت فأقامني دونه ورأسي إلي صدره والحسن والحسين عليهماالسلام عن يمينه وشماله، ثمّ قال: معاشر الناس أمرني جبرئيل عليه‏السلام عن اللَّه تعالي إنّه ربّي وربّکم أن اُعلمکم

[صفحه 391]

أنّ القرآن الثقل الأکبر وأنّ وصيّي هذا وابناي ومن خلفهم من أصلابهم حاملاً وصاياهم الثقل الأصغر، يشهد الثقل الأکبر للثقل الأصغر ويشهد الثقل الأصغر للثقل الأکبر، کلّ واحد منهما ملازم لصاحبه غير مفارق له حتّي يردا إلي اللَّه فيحکم بينهما وبين العباد.

يا کميل فإذا کنّا کذلک فعلامَ تقدّمنا من تقدّم وتأخّر عنّا من تأخّر.

يا کميل قد بلّغهم رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله رسالة ربّه ونصح لهم ولکن لا يحبّون الناصحين.

يا کميل قال رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله لي قولاً والمهاجرين والأنصار متوافرون يوماً بعد العصر يوم النصف من شهر رمضان قائماً علي قدميه فوق منبره: عليّ وابناي منه الطيّبون منّي وأنا منهم وهم الطيّبون بعد اُمّهم وهم سفينة من رکبها نجي ومن تخلّف عنها هوي، الناجي في الجنّة والهاوي في لظي.

يا کميل الفضل بيد اللَّه يؤتيه من يشاء واللَّه ذو الفضل العظيم.

يا کميل علامَ يحسدوننا واللَّه أنشأنا من قبل أن يعرفونا، أفتراهم بحسدهم إيّانا عن ربّنا يزيلوننا.

يا کميل من لا يسکن الجنّة فبشّره بعذابٍ أليم وخزي مقيم، وأکبال ومقامع وسلاسل طوال ومقطّعات النيران ومقارنة کلّ شيطان، الشراب صديد واللباس حديد والخزنة فظظة والنار ملتهبة والأبواب موثقة مطبقة، ينادون فلا يجابون ويستغيثون فلا يرحمون، نداؤهم: «يَا مَالِکُ لِيَقْض عَلَيْنَا رَبُّکَ»،[34] قال: إنّکم ماکثون قد جئناکم بالحقّ ولکنّ أکثرکم للحقّ کارهون.

يا کميل نحن واللَّه الحقّ الذي قال اللَّه عزّوجلّ: «وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ

[صفحه 392]

لَفَسَدَتِ السَّموَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ».[35].

يا کميل ثمّ ينادون اللَّه تقدّست أسماؤه بعد أن يمکثوا أحقاباً، اجعلنا علي الرجاء فيجيبهم: «إِخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُکَلِّمُونِ».[36].

يا کميل فعندها ييئسون من الکرّة واشتدّت الحسرة وأيقنوا بالهلکة والمکث جزاءاً بما کسبوا وعذّبوا.

يا کميل قل الحمد للَّه الذي نجّانا من القوم الظالمين.

يا کميل إنّما أحمد علي توفيقه إيّاي والمؤمنين وعلي کلّ حال إنّما حظا من حظا بدنياً زائلة مدبرة، فافهم تحظي بآخرة باقية ثابتة.

يا کميل کلٌّ يصير إلي الآخرة والذي يرغب منها رضي اللَّه تعالي والدرجات العلي من الجنّة التي لا يورثها إلّا من کان تقيّاً.

يا کميل إن شئت فقم.[37].

25/8608- إبراهيم بن محمد الثقفي، قال حدثني إسماعيل بن يسار، قال: حدثني علي بن جعفر الحضرمي، عن سليم بن قيس الشامي أنه سمع علياً عليه‏السلام يقول: إني وأوصيائي من ولدي أئمة مهتدون کلنا محدثون، قلت: ياأميرالمؤمنين من هم؟ قال: الحسن والحسين، ثم إبني علي بن الحسين- قال وعلي يومئذ رضيع- ثم ثمانية من بعده واحداً بعد واحد، وهم الذين أقسم اللَّه بهم فقال: «وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ»[38] أما الوالد فرسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله وما ولد يعني هؤلاء الأوصياء، فقلت: ياأميرالمؤمنين أيجتمع إمامان؟ فقال: لا إلّا وأحدهما مصمت لا ينطق حتي يمضي الأول. قال سليم: سألت محمد بن أبي‏بکر فقلت: أکان علي عليه‏السلام محدثاً؟ قال: نعم، قلت: ويحدث الملائکة

[صفحه 393]

الأئمة؟ فقال: أو ما تقرأ: «وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِکَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ»[39] (وَلَا مُحَدَّثٍ)، قلت: فأمير المؤمنين محدَّث؟ فقال: نعم وفاطمة محدَّثة ولم تکن نبية.[40].

26/8609- عماد الدين محمد بن أبي‏القاسم الطبري، أخبرنا الشيخ أبوالبقاء إبراهيم بن الحسين بن إبراهيم البصري، قال: حدثنا أبوطالب محمد بن الحسن بن عقبة، قال: حدثنا أبوالحسن محمد بن الحسين بن أحمد، قال: أخبرنا محمد بن وهبان الدبيلي، قال: حدثنا علي بن أحمد بن کثير العسکري، قال: حدثني أحمد بن المفضل أبوسلمة الاصبهاني، قال: أخبرني راشد بن علي بن وائل القرشي، قال: حدثني عبداللَّه بن حفص المدني، قال: أخبرني محمد بن إسحاق، عن سعد بن زيد ابن‏أرطاة، عن کميل بن زياد، عن أميرالمؤمنين عليه‏السلام أنه قال في وصيته اليه: ياکميل إن رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله أدّبه اللَّه عزّوجلّ، وهو أدبني، وأنا اُؤدب المؤمنين، وأورث الأدب المکرمين، ياکميل، ما من علم إلّا وأنا أفتحه، وما من شي‏ء إلّا والقائم عليه‏السلام يختمه، ياکميل، ذرية بعضها من بعض واللَّه سميع عليم، ياکميل، لا تأخذ إلّا عنا تکن منا، ياکميل، ما من حرکة إلّا وأنت محتاج فيها إلي معرفة، الخبر.[41].

27/8610- عن علي بن الحسين، ومحمد بن علي عليهماالسلام إنهما ذکرا وصية علي عليه‏السلام عند وفاته إلي ولده وشيعته وفيها: وعليکم بطاعة من لا تعذرون في ترک طاعته، وطاعتنا أهل البيت، فقد قرن اللَّه طاعتنا بطاعته وطاعة رسوله، ونظم ذلک في آية من کتابه، مناً من اللَّه علينا وعليکم، فأوجب طاعته وطاعة رسوله وطاعة ولاة الأمر من آل رسوله، وأمرکم أن تسألوا أهل الذکر، ونحن واللَّه أهل الذکر، لا يدعي ذلک غيرنا إلّا کاذب، ويصدّق ذلک في قول اللَّه عزّوجلّ: «قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إلَيْکُمْ

[صفحه 394]

ذِکْراً رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْکُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَي النُّورِ»[42] ثم قال: «فَسْئَلُواْ أَهْلَ الذِّکْرِ إِنْ کُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ»[43] فنحن أهل الذکر، فاقبلوا أمرنا وانتهوا إلي نهينا، ونحن الأبواب التي أمرتم أن تأتوا البيوت منها، فنحن واللَّه أبواب تلک البيوت، ليس ذلک لغيرنا، ولا يقوله أحد سوانا، الوصية.[44].

28/8611- محمد بن علي بن الحسين قال أميرالمؤمنين عليه‏السلام: في وصيته لابنه محمد ابن‏الحنفية: يابني لا تقل ما لا تعلم، بل لا تقل کل ما تعلم، فإن اللَّه تبارک وتعالي قد فرض علي جوارحک کلها فرائض يحتج بها عليک يوم القيامة، إلي قوله وقال عزّوجلّ: «وَمَا کُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْکُمْ سَمْعُکُمْ وَلَا أَبْصَارُکُمْ وَلَا جُلُودُکُمْ»[45] يعني بالجلود الفروج.[46].

29/8612- أبومطر البصري النضري: خرجت من باب المسجد وعليّ أزار طويل، ربما عثرت به، وإذا بمن يناديني من خلفي: أي بني أرفع ذيلک فانه أبقي لثوبک، وأتقي لربک، وخذ من شاربک أن کنت مسلماً، فنظرت ذا هو علي رضي الله عنه.[47].

[صفحه 395]


صفحه 374، 375، 376، 377، 378، 379، 380، 381، 382، 383، 384، 385، 386، 387، 388، 389، 390، 391، 392، 393، 394، 395.








  1. دعائم الإسلام 353: 2؛ مستدرک الوسائل 129: 2 ح1618.
  2. النور: 22.
  3. الکافي 299:1؛ البحار 206:42.
  4. أمالي الطوسي، المجلس الأول: 7 ح8؛ البحار 258:2.
  5. المائدة: 2.
  6. الدعوات: 249 ح702؛ البحار 241:81؛ مستدرک الوسائل 1601:2 ص121.
  7. مروج الذهب 413:2.
  8. تهذيب الأحکام 34:6؛ وسائل الشيعة 294:10.
  9. قصص الأنبياء للجزائري، في قصة صالح: 107؛ تهذيب الأحکام 33:6.
  10. فرحة الغري، باب 39:3؛ تهذيب الأحکام 106:6؛ مناقب ابن شهرآشوب، باب ماظهر بعد وفاته 348:2؛ مستدرک الوسائل 316:2 ح2075؛ البحار 213:42.
  11. فرحة الغري، باب 39:3؛ تهذيب الأحکام 106:6؛ مناقب ابن شهرآشوب، باب ماظهر بعد وفاته 348:2؛ مستدرک الوسائل 316:2 ح2075؛ البحار 213:42.
  12. أمالي الطوسي، المجلس الأول: 8 ح8؛ أمالي المفيد، المجلس 138:26؛ مستدرک الوسائل 130:1 ح176.
  13. فرحة الغري، الباب 33:2؛ البحار 215:42.
  14. الخرائج والجرائح 183:1؛ البحار 295:41؛ اثبات الهداة 546:4.
  15. مناقب ابن شهر آشوب، باب مقتله عليه‏السلام 312:3.
  16. اثبات الهداة 189:3.
  17. أمالي المفيد، المجلس 84:15؛ البحار 410:75.
  18. أمالي المفيد، المجلس 130:23؛ البحار 410:75.
  19. البحار 37:2.
  20. غيبة النعماني، باب الأول: 33؛ مستدرک الوسائل 274: 12 ح14084.
  21. بشارة المصطفي: 26؛ مستدرک الوسائل 303: 12 ح14150.
  22. تحف العقول، في وصايا أمير المؤمنين: 53؛ مستدرک الوسائل 308:12 ح14163.
  23. نهج البلاغة: الخطبة 176؛ البحار 180:2.
  24. الکافي 297:1؛ دعائم الإسلام 348:2؛ البحار 250:42؛ اثبات الهداة 267:2؛ من لا يحضره الفقيه 189:2 ح5433.
  25. المخلاة (للبهائي): 33.
  26. البقرة: 13.
  27. الفرقان: 63.
  28. محمّد: 25.
  29. الإسراء: 64.
  30. الحجر: 42.
  31. النحل: 100.
  32. الحشر: 19.
  33. الأنعام: 112.
  34. الزخرف: 77.
  35. المؤمنون: 71.
  36. المؤمنون: 108.
  37. بشارة المصطفي: 24؛ دار السلام 26: 2؛ تحف العقول، في وصية الأمير لکميل: 114.
  38. البلد: 3.
  39. الحج: 52.
  40. الاختصاص: 329، بصائر الدرجات: 392، تفسير البرهان 101:3، البحار 79:26.
  41. بشارة المصطفي: 24، البحار 269:77، مستدرک الوسائل 267:17 ح21302.
  42. الطلاق: 10 تا 11.
  43. النحل: 43.
  44. دعائم الاسلام 353:2، مستدرک الوسائل 283:17 ح21355.
  45. فصّلت: 22.
  46. من لا يحضره الفقيه 626:2 ح3215، تفسير نور الثقلين 544:4، البحار 50:69.
  47. ربيع الأبرار 278:2.