خطبه 091-پس از كشته شدن عثمان











خطبه 091-پس از کشته شدن عثمان



[صفحه 306]

المخاطبون بهذا الخطاب الطالبون للبيعه بعد قتل عثمان، و لما کان الناس نسوا سيره النبي- صلي الله عليه و آله- و اعتادوا بما عمل فيهم خلفاء الجور من تفضيل الروساء و الاشراف لانتظام امورهم و اکثرهم انما نقموا علي عثمان استبداده بالاموال کانوا يطمعون منه- عليه‏السلام- ان يفضلهم ايضا في العطاء و التشريف و لذا نکث طلحه و الزبير في اليوم الثاني من بيعته، و نقموا عليه التسويه في العطاء و قالوا: آسيت بيننا و بين الاعاجم! و کذلک عبدالله بن عمر، و سعيد بن العاص، و مروان و اضرابهم، و لم يقبلوا ما قسم لهم، فهولاء القوم لما طلبوا البيعه بعد قتل عثمان قال- عليه‏السلام- لهم: دعوني و التمسوا غيري اتماما للحجه عليهم باستقبال امورلها وجوه و الوان لا يصبرون عليها و انه بعد البيعه لا يجيبهم الي ما طمعوا فيه و لا يصغي الي قول القائل و عتب العاتب بل يقيمهم علي المحجه البيضاء و يسير فيهم بسيره رسول الله- صلي الله عليه و آله-. و ان الافاق قد اغامت اي اظلمت بغيم سير ارباب البدع، و خفاء شمس الحق تحت سحاب شبه اهل الباطل. و المحجه جاده الطريق. و تنکرها تغيرها و خفاوها. و قوله- عليه‏السلام- رکبت بکم اي جعلتکم راکبين. و ترکهم

اياه عدم طاعتهم له و اختيار غيره للبيعه حتي لا تتم شرائط الخلافه لعدم الناصر کقوله- عليه السلام- في الشقشقيه: لو لا حضور الحاضر و قيام الحجه بوجود الناصر لالقيت حبلها علي غاربها. و ليس الغرض ردعهم عن الطبيعه الواجبه بل اتمام للحجه و ابطال لما علم- عليه‏السلام- من ادعائهم الاکراه علي البيعه کما فعل طلحه و الزبير بعد النکث، مع ان المرء حريص علي ما منع و الطبع نافر عما سورع الي اجابته. و الوزير من يحمل عن الملک ثقل التدبير. و قال ابن ابي‏الحديد- کما هو دابه ان ياتي بالحق ثم عنه يحيد-: هذا الکلام يحمله اصحابنا علي ظاهره و يقولون: انه- عليه‏السلام- لم يکن منصوصا عليه بالامامه، و ان کان اولي الناس بها لانه لو کان منصوصا عليه لما جازان يقول: دعوني و التمسوا غيري. ثم ذکر تاويل الاماميه بان الخطاب للطالبين منه- عليه‏السلام- ان يسير فيهم بسيره الخلفاء و يفضل بعضهم علي بعض في العطاء، او بان الکلام خرج مخرج التضجر و التسخط لافعال الذين عدلوا عنه- عليه‏السلام- قبل ذلک للاغراض الدنيويه، او بانه خرج مخرج التهکم کقوله - تعالي-: ذق انک انت العزيز الکريم اي بزعمک. ثم قال: و اعلم ان ما ذکروه ليس ببعيد لو دل عليه دليل، فاما اذا

لم يدل عليه دليل فلا يجوز صرف اللفظ عن ظاهره. و لا يخفي علي اللبيب انه بعد الاغماض عن الادله القاهره و النصوص المتواتره لا فرق بين المذهبين في وجوب التاويل، و لا يستقيم الحمل علي ظاهره الا علي القول بان امامته- عليه السلام- کان مرجوحا و ان کونه وزيرا اولي من کونه اميرا، و هو ينافي القول بالتفضيل الذي قال به، فانه- عليه‏السلام- اذا کان احق بالامامه و بطل تفضيل المفضول علي ما هو الحق و اختاره ايضا، کيف يجوز للناس ان يعدلوا عنه الي غيره؟ و کيف يجوز له- عليه‏السلام- ان يامر الناس بترکه و العدول عنه الي غيره مع عدم ضروره الي ترک الامامه، و مع وجود الضروره کما جاز ترک الامامه الواجبه بالدليل جاز ترک الامامه المنصوص عليها، فالتاويل واجب علي التقديرين، و لا نعلم احدا قال بتفضيل غيره عليه، و رجحان العدول الي احد سواه في ذلک الزمان، علي ان للظاهر للمتامل في اجزاء الکلام حيث علل الامر بالتماس الغير باستقبال امر لا تقوم له القلوب و تنکر المحجه، و انه ان اجابهم حملهم علي محض الحق هو ان السبب في ذلک وجود المانع دون عدم النص و انه لم يکن متعينا للامامه او لم يکن احق و اولي به و نحو ذلک. و لعل الوجه في قوله- عليه‏السلام- لع

لي اسمعکم و اطوعکم هو انه اذا تولي الغير امرا الامامه و لم تتم الشرائط في خلافته- عليه‏السلام- لم يکن - عليه‏السلام- ليعدل عن مقتضي التقيه بخلاف سائر الناس حيث يجوز الخطاء عليهم. و اما قوله- عليه‏السلام- فانا لکم وزيرا، خير لکم مني اميرا فلعل المراد بالخيريه فيه موافقه الغرض او سهوله الحال في الدنيا فانه- عليه‏السلام- علي تقدير الامامه و بسط اليد يجب عليه العمل بمحض الحق و هو يصعب علي النفوس و لا يحصل به آمال الطامعين بخلاف ما اذا کان وزيرا فان الوزير يشير بالراي مع تجويز التاثير في الامير و عدم الخوف و نحوه من شرائط الامر بالمعروف. و لعل الامير الذي يولونه الامر يري في کثير من الامور ما يطابق آمال القوم و يوافق اطماعهم و لا يعمل بما يشير به الوزير فيکون وزارته اوفق لمقصود القوم. فالحاصل ان ما قصد تموه من بيعتي لا يتم لکم، و وزارتي اوفق لغرضکم، و الغرض اتمام الحجه کما عرفت.


صفحه 306.