خطبه 078-پاسخ اخترشناس











خطبه 078-پاسخ اخترشناس



[صفحه 211]

فمن صدقک بهذا کانه اسقط السيد (رحمه الله) من الروايه شيئا کما هو دابه، و قد مر تمامه. و علي ما تقدم هذا اشاره الي علم ما في بطن الدابه، و ان لم يکن سقط هنا شي‏ء فيحتمل ان يکون اشاره الي دعواه علم الساعتين المنافي لقوله- عز و جل-: و ما تدري نفس ماذا تکسب غدا و لقوله- سبحانه-: قل لايعلم من في السماوات و الارض الغيب الا الله و قوله- جل و علا-: و عنده مفاتح الغيب لا يعلمها الا هو و ما افاد مثل هذا المعني، و يمکن حمل الکلام علي وجه آخر و هو ان قول المنجم بان صرف السوء و نزول الضر تابع للساعه، سواء قال بان الاوضاع العلويه موثر تامه في السفليات و لا يجور تخلف الاثار عنها، او قال بانها موثرات ناقصه و لکن باقي الموثرات امور لا يتطرق اليها التغير او قال بانها علامات تدل علي وقوع الحوادث حتما فهو مخالف لما ثب من الدين من انه- سبحانه- يمحو ما يشاء و يثبت، و انه يقبض و يبسط و يفعل ما يشاء و يحکم ما يريد و لم يفرغ من الامر، و هو- تعالي- کل يوم في شان، و الظاهر من احوال المنجمين السابقين و کلماتهم، جلهم بل کلهم، انهم لا يقولون بالتخلف وقوعا و امکانا، فيکون تصديقهم مخالفا لتصديق القرآن و ما علم من الدين و الاي

مان من هذا الوجه، و لو کان منهم من يقول بجواز التخلف و وقوعه بقدره الله و اختياره، و انه تزول نحوسه الساعات بالتوکل و الدعاء و التوسل و التصدق، و ينقلب السعد نحسا و النحس سعدا، بان الحوادث لا يعلم وقوعها الا اذا علم ان الله- سبحانه- لم تتعلق حکمته بتبديل احکامها کان کلامه عليه‏السلام مخصوصا بمن لم يکن کذلک، فالمراد بقوله صرف عنه السوء و حاق به الضر اي حتما. قوله عليه‏السلام في قولک اي علي قولک، او بسبب قول، او هي للظرفيه المجازيه. الا ما يهتدي به اشاره الي قوله- سبحانه- و هو الذي جعل لکم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر و البحر. و الکهانه بالفتح، مصدر قولک کهن بالضم، اي صار کاهنا، و يقال: کهن يکهن کهانه مثل کتب يکتب کتابه، اذا تکهن و الحرفه الکهانه بالکسر، و هي عمل يوجب طاعه بعض الجان له بحيث ياتيه بالاخبار الغائبه، و هو قريب من السحر. قيل: قد کان في العرب کهنه کشق و سطيح و غيرهما، فمنهم من يزعم ان له تابعا من الجن و رئيا يلقي اليه الاخبار، و منهم من کان يزعم انه يعرف الامور بمقدمات و اسباب يستدل بها علي مواقعها من کلام من يساله او فعله او حاله و هذا يخصونه باسم العراف، کالذي يدعي معرفه الشي‏ء المسروق و مکان

الضاله و نحوهما. و دعوه علم النجوم الي الکهانه اما لانه ينجر امر المنجم الي الرغبه في تعلم الکهانه و التکسب به، او ادعاء ما يدعيه الکاهن. و السحر قيل: هو کلام او کتابه او رقيه او اقسام و عزائم و نحوها يحدث بسببها ضرر علي الغير و منه عقد الرجل عن زوجته، و القاء البغضاء بين الناس، و منه استخدام الملائکه و الجن و استنزال الشياطين في کشف الغائبات و علاج المصاب و استحضارهم و تلبسهم ببدن صبي او امر امره و کشف الغائب علي لسانه (انتهي). و الظاهر انه لا يختص بالضرر، و سياتي بعض تحقيقه في باب هاروت و ماروت و تمام تحقيقه في باب الکبائر. و وجه الشبه في تشبيه المنجم بالکاهن اما الاشتراک في الاخبار عن الغائبات، او في الکذب و الاخبار بالظن و التخمين و الاستناد الي الامارات الضعيفه و المناسبات السخيفه، او في العدول و الانحراف عن سبيل الحق و التمسک في نيل المطالب و درک المارب باسباب خارجه عن حدود الشريعه و صدهم عن التوسل الي الله- تعالي- بالدعاء و الصدقه و سائر اصناف الطاعه، او في البعد عن المغفره و الرحمه. و يجري بعض هذه الوجوه في التشبيهين الاخيرين، و المشبه به في التشبيهات اقوي، و نتيجه الجميع دخول النار. و يمکن ان يکون قو

له و الکافر في النار اشاره الي وجه الشبه و ان کان بعيدا، و المراد اما الخلود الدخول و الاخير اظهر و ان کان تحققه في الکافر في ضمن الخلود. و قال ابن ميثم- رحمه الله- في شرح هذا الکلام منه- عليه‏السلام-: اعلم ان الذي يلوح من سر نهي الحکمه النبويه عن تعلم النجوم امران: احدهما اشتغال متعلميها بها و اعتماد کثير من الخلق السامعين لاحکامها فيما يرجون و يخافون عليه فيما يسنده الي الکواکب و الاوقات و الاشتغال بالفزع اليه و الي ملاحظه الکواکب عن الفزع الي الله- تعالي- و الغفله عن الرجوع اليه فيما يهم من الاحوال و قد علمت ان ذلک يضاد مطلوب الشارع، اذا کان غرضه ليس الا دوام التفات الخلق الي الله و تذکرهم لمعبودهم بدوام حاجتهم اليه. الثاني ان الاحکام النجوميه اخبارات عن امور، و هي تشبه الاطلاع علي الامور الغيبيه، و اکثر الخلق من العوام او النساء و الصيبان لا يميزون بينها و بين علم الغيب و الاخبار به، فکان تعلم تلک الاحکام و الحکم بها سببا لضلال کثير من الخلق و موهنا لاعتقاداتهم في المعجزات، اذ الاخبار عن الکائنات منها، و کذا في عظمه بارئهم و يشککهم في عموم صدق قوله- تعالي-: قل لا يعلم من في السماوات و من في الارض الغيب ا

لا الله (و قوله- تعالي-:) و عنده مفاتح الغيب لا يعلمها الا هو و قوله (- تعالي-:) ان الله عنده علم الساعه- الايه. فامنجم اذا حکم لنفسه بانه يصيب کذا فقد ادعي ان نفسه تعلم ما تکسب غدا و باي ارض تموت، و ذلک عين التکذيب للقرآن و کان هذين الوجهين هما المقتضيان لتحريم الکهانه و السحر و العزائم و نحوها. و اما مطابقه لسان الشريعه للعقل في تکذيب هذه الاحکام فبيانها ان اهل النظر اما متکلمون فاما معتزله او اشعريه. اما المعتزله فاعتمادهم في تکذيب المنجم علي احد الامرين: احدهما ان الشريعه کذبته و عندهم ان کل حکم شرعي فيشتمل علي وجه عقلي و ان لم يعلم عين ذلک الوجه، و الثاني مناقشه في ضبطه لاسباب ما اخبر عنه من کون او فساد. و اما الاشعريه فهم و ان قالوا لا موثر في الوجود الا الله- تعالي- و زعم بعضهم انهم خلصوا بذلک من اسناد التاثيرات الي الکواکب، الا انه لا مانع علي مذهبهم ان يجعل الله- تعالي- اتصال نجم بنجم او حرکته علامه علي کون کائن او فساده، و ذلک مما لا يبلطل علي المنجم قاعده، فيرجعون ايضا الي بيان عدم احاطته باسباب کون ما اخبر عنه و مناقشته في ذلک. و اما الحکماء فاعلم انه قد ثبت في اصولهم ان کل کائن فاسد في هذا العالم

فلابد له من اسباب اربعه: فاعلي و مادي و صوري و غائي اما السبب الفاعلي القريب فالحرکات السماويه و الذي هو اسبق منها فالمحرک لها الي ان ينتهي الي الجود الالهي المعطي لکل قابل ما يستحقه، و اما سببه المادي فهو القابل لصورته، و تنتهي القوابل الي القابل الاول و هو ماده العناصر المشترکه بينها، و اما الصوري فصورته التي تقبلها مادته، و اما الغائي فهي التي لاجلها وجد. اما الحرکات السماويه فان من الکائنات ما يحتاج في کونه الي دوره واحده للفلک، و منها ما يحتاج الي بعض دوره، و منها ما يحتاج الي جمله من ادواره و اتصالاته. و اما القوابل للکائنات فقد تقرر عندهم ايضا ان قبولها لکل کائن معين مشروط باستعداد معين له، و ذلک الاستعداد يکون بحصول صوره سابقه عليه، و هکذا قبل کل (صوره) صوره معده لحصول الصوره بعدها و کل صوره منها ايضا يستند الي الاتصالات و الحرکات الفلکيه، و لکل استعداد معين زمان معين و حرکه معينه و اتصال معين يخصه لا يفي بدرکها القوه البشريه. اذا عرفت ذلک فنقول: الاحکام النجوميه اما ان تکون جزئيه او کليه. اما الجزئيه فان يحکم مثلا بان هذا الانسان يکون من حاله کذا و کذا، و ظاهر ان مثل هذا الحکم لا سبيل له الي معرفته

اذا العلم به انما هو من جهه اسبابه، اما الفاعليه فان يعلم ان الدوره المعينه او الاتصال المعين سبب لملک هذا الرجيل البلد المعين مثلا و انه لا سبب فاعلي لذلک الا هو، و الاول باطل لجواز ان يکون السبب غير ذلک الاتصال او هو مع غيره، اقصي ما في الباب ان يقال: انما کانت هذه الدوره و هذا الاتصال سببا لهذا الکائن لانها کانت سببا لمثله في الوقت الفلاني، لکن هذا ايضا باطل لان کونها سببا للکائن السابق لا يجب ان يکون لکونها مطلقا دوره و اتصالا، بل لعله ان يکون لخصوصيه کونها تلک المعينه التي لا تعود بعينها فيما بعد، و حينئذ لا يمکن الاستدلال بحصولها علي کون حادث لان الموثرات المختلفه لا يجب تشابه آثارها، و الثاني ايضا باطل لان العقل يجزم بانه لا اطلاع له علي انه لا مقتضي لذلک الکائن من الاسباب الفاعله الا الاتصال المعين، و کيف و قد ثبت ان من الکائنات ما يفتقر الي اکثر من اتصال واحد و دوره واحده او اقل. و اما القابليه فان يعلم ان الماده قد استعدت لقبول مثل هذا الکائن و استجمعت جميع شرائط قبوله الزمانيه و المکانيه و السماويه و الارضيه، و ظاهر ان الاحاطه لذاک غير ممکنه للانسان. و اما احکامهم الکليه فکان (کما) يقال کلما حصلت

الدوره الفلانيه کان کذا، فالمنجم انما يحکم بذلک الحکم عن جزئيات من الدورات تشابهات آثارها فظنها متکرره، و لذلک يعدلون اذا حقق القول عليهم الي دعوي التجريه، و قد علمت ان التجربه تعود الي تکرر مشاهدات يضبطها الحس و العقل يحصل منها حکما کليا کحکمه بان کل نار محرقه، فانه لما امکن للعقل استثبات الاحراق بواسطه الحس امکنه الجزم الکلي بذلک. فاما التشکلات الفلکيه و الاتصالات الکوکبيه المقتضيه لکون ما يکون، فليس شي‏ء منها يعود بعينه کما علمت و ان جاز ان يکون تشکلات و عودات متقاربه احوال و متشابهه الا انه لا يمکن للانسان ضبطها و لا الاطلاع علي مقدار ما بينها من المشابهه و التفاوت، و ذلک ان حساب المنجم مبني علي قسمه الزمان بالشهور و الايام و الساعات و الدرج و الدقائق و اجزائها و تقسيم الحرکه بازائها و رفع بينهما نسبه عدديه، و کل هذه امور غير حقيقيه و انما توخذ علي سبيل التقريب، اقصي ما في الباب ان التفاوت فيها لا يظهر في المدد المتقاربه، لکنه يشبه ان يظهر في المدد المتباعده، و مع ظهور التفاوت في الاسباب کيف يمکن دعوي التجربه و حصول العلم الکلي الثابت الذي لا يتغير باستمرار اثرها علي و تيره واحده؟ ثم لو سلمنا انه لا يظهر

تفاوت اصلا الا ان العلم بعودتلک الدوره لا يقتضي بمجرده العلم بعود الاثر السابق لتوقف العلم بذلک علي عود امثال الاسباب الباقيه للاثر السابق من الاستعداد و سائر اسبابه العلويه و السفليه، و علي ضبطها فان العلم التجربي انما يحصل بعد حصرها ليعلم عودها و تکررها، و کل ذلک مما لا سبيل للقوه البشريه الي ضبطه، فکيف يمکن دعوي التجربه؟ ثم قال: و اعلم ان الذي ذکرناه ليس الا بيان ان الاصول التي يبني عليها الاحکاميون احکامهم و ما يخسرون به في المستقبل اصول غير موثوق بها فلا يجوز الاعتماد عليها في تلک الاحکام و الجزم بها، و هذا لا ينافي کون تلک القواعد ممهده بالتقريب، کقسمه الزمان و حرکه الفلک و والسنه و الشهر و اليوم ماخوذا عنها حساب بيني عليه مصالح اما دينيه کمعرفه اوقات العبادات کالصوم و الحج و نحوهما او دنيويه کاجال المداينات و سائر المعاملات و کمعرفه الفصول الاربعه ليعمل في کل منها ما يليق به من الحراثه و السفر و اسباب المعاش، و کذلک معرفه قوانين تقريبيه من اوضاع الکواکب و حرکاتها يهتدي بقصدها و علي سمتها المسافرون في بر او بحر، فان ذلک القدر منها غير محرم، بل لعله من الامور المستحبه لخلو المصالح المذکور فيه عن وجوه ال

مفاسد التي تشتمل عليها الاحکام کما سبق، و لذلک امتن الله- تعالي- علي عباده بخلق الکواکب في قوله: هو الذي جعل لکم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر و لبحر و قوله لتعلموا عدد السنين و الحساب. اقول: و روي ابن ابي الحديد هذه الروايه (بوجه آخر) ابسط مما اورده السيد - الرحمه الله- نقلا من کتاب صفين لابن ديزيل مرسلا، قال: عزم علي- عليه‏السلام- علي الخروج من الکوفه الي الحروريه و کان في اصحابه منجم، فقال له: يا اميرالمومنين لا تسر في هذه الساعه و سر علي ثلاث ساعات مضين من النهار، فانک ان سرت في هذه الساعه اصابک و اصحابک اذي و ضر شديد و ان سرت في الساعه التي امرتک بها ظفرت و ظهرت و اصبت ما طلبت. فقال له علي- عليه‏السلام-: اتدري ما في بطن فرسي هذا اذکر ام انثي؟ قال: ان حسبت علمت. فقال- عليه‏السلام-: فمن صدقک بهذا فقد کذب بالقرآن، قال الله- تعالي-: ان الله عنده علم الساعه- الايه. ثم قال- عليه‏السلام-: ان محمدا- صلي الله عليه و آله- ما کان يدعي علم ما ادعيت علمه، اتزعم انک تهدي الي الساعه التي يصيب النفع من سارفيها، و تصرف عن الساعه التي يحيق السوء بمن سار فيها؟ فمن صدقک بهذا فقد استغني عن الاستعانه بالله- جل و عز- في صرف

المکروه عنه، و ينبغي للموقن بامرک ان يوليک الحمد دون الله- جل جلاله- لانک بزعمک هديته الي الساعه التي يصيب النفع من سارفيها و صرفته عن الساعه التي يحيق السوء بمن سارفيها، فمن آمن بک في هذا لم آمن عليه ان يکون کمن اتخذ من دون الله ضدا و ندا. اللهم! لا طير الا طيرک، و لا ضمير الا ضيرک، و لا اله غيرک. ثم قال: بل نخالف و نسير في الساعه التي نهيتنا. ثم اقبل علي الناس فقال: ايها الناس! اياکم و التعلم للنجوم الا ما يهتدي به في ظلمات البر و البحر، انما المنجم کالکاهن، و الکاهن کالکافر، و الکافر في النار. اما و الله ان بلغني انک تعمل بالنجوم لاخلدنک السجن ابدا ما بقيت، و لاحرمنک العطاء ما کان لي سلطان. ثم سار في الساعه التي نهاه عنه المنجم فظفر باهل النهر و ظفر عليهم ثم قال: لو سرنا في الساعه التي امرنا بها المنجم لقال الناس: سار في الساعه التي امر بها المنجم و ظفر و ظهر. اما انه ما کان لمحمد- صلي الله عليه و آله- منجم و لا لنا من بعده حتي فتح الله علينا بلاد کسري و قيصر. ايها الناس! توکلوا علي الله و ثقوا به، فانه يکفي ممن سواه. و اقول: قال السيد الجليل علي بن طاووس- رحمه الله- في کتاب النجوم بعد ما اورد هذه الروايه

نقلا من النهج: انني رايت فيما وقفت عليه في کتاب عيون الجواهر تاليف ابي جعفر محمد بن بابويه- رحمه الله- حديث المنجم الذي عرض لمولانا علي- عليه‏السلام- عند مسيره الي النهروان مسندا عن محمد بن علي ما جيلويه، عن عمه محمد بن ابي القاسم، عن محمد بن علي القرشي، عن نصر بن مزاحم المقري، عن عمر ابن سعد، عن يوسف بن يزيد، عن عبدالله بن عوف بن الاحمر، قال: لما اراد اميرالمومنين- عليه‏السلام- المسير الي النهروان اتاه منجم... ثم ذکر حديثه. فاقول: ان في هذا الحديث عده رجال لا يعمل علماء اهل البيت- عليهم‏السلام- علي روايتهم، و يمنع من يجوز العمل باخبار الاحاد من العمل باخبارهم و شهادتهم، و فيهم عمر بن سعد ابن ابي وقاص مقاتل الحسين- عليه‏السلام-، فان اخباره و رواياته مهجوره و لا يلتفت عارف بحاله الي ما يرويه او يسند اليه، ثم طعن في الروايه بانها لو کانت صحيحه لکان- عليه‏السلام- قد حکم في هذا علي صاحبه الذي قد شهد مصنف نهج‏البلاغه انه من اصحابه ايضا باحکام الکفار، اما بکونه مرتدا عن الفطره فيقتله في الحال، او برده عن غير الفطره فيتوبه، او يمتنع من التوبه فيقتل لان الروايه قد تضمنت ان المنجم کالکافر. او کان يجري عليه احکام الکه

نه او السحره لان الروايه تضمنت انه کالکاهن و الساحر. و ما عرفنا الي وقتنا هذا انه حکم علي هذا المنجم احکام الکفار و لا السحره و لا الکهنه و لا ابعده و لا عزره، بل قال: سيروا علي اسم الله. و المنجم من جملتهم لانه صاحبه، و هذا يدلک علي تباعد الروايه من صحه النقل، او يکون لها تاويل غير ظاهرها موافق للعقل. ثم قال: و مما نذکره من التنبيه علي بطلان ظاهر الروايه بتحريم علم النجوم قول الرواي فيها ان من صدقک فقد کذب القرآن و استغني عن الاستعانه بالله و نعلم ان الطلائع للحروب يدلون علي السلامه من هجوم الجيوش و کثير من النحوس و يبشرون بالسلامه، ما الزم من ذلک ان يوليهم الحمد دون ربهم. ثم اننا وجدنا في الدعوات الکثيره التعوذ من اهل الکهانه و السحره، فلو کان المنجم مثلهم کان قد تضمن بعض الادعيه التعوذ منه، و ما عرفنا في الادعيه التعوذ من النجموم و المنجم الي وقتنا هذا، و من التنبيه علي بطلان ظاهر هذه الروايه ان الدعوات تضمن کثير منها و غيرها من صفات النبي- صلي الله عليه و آله- انه لم يکن کاهنا و لا ساحرا، و ما وجدنا الي الان و لا کان عالما بالنجوم، فلو کان المنجم کالکاهن و الساحر ما کان يبعد ان يتضمنه بعض الروايات و الدعو

ات في ذکر الصفات. (انتهي). و اقول: اما قدحه في سند الروايه فهي من المشهورات بين الخاصه و العامه و لذا اورده السيد في النهج، اذ دابه فيه ان يروي ما کان مقبول الطرفين، و ضعف سند الروايه التي اورده الصدوق- رحمه الله- لا يدل علي ضعف سائر الاسانيد، و عمر بن سعد الذي يروي عنه نصر بن مزاحم ليس الملعون الذي کان محارب الحسين- عليه‏السلام- کما يظهر من کتابه کتاب الصفين الذي عندنا فان اکثر ما رواه فيه رواه عن هذا الرجل، و في کثير من المواضع عمرو مکان عمر و لم يکن الملعون من جمله رواه الحديث و حمله الاخبار، حتي يروي عنه هذه الاخبار الکثيره، و ايضا روايه نصر عنه بعيده جدا، فان نصرا کان من اصحاب الباقر- عليه‏السلام- و المعلون لم يبق بعد شهاده الحسين- عليه‏السلام- الا قليلا، و الشواهد علي کونه غيره کثيره لا تخفي علي المتدرب في الاخبار العارف باحوال الرجال، و هذا من السيد- رحمه الله- غريب. و اما قوله انه- عليه‏السلام- لم يحکم بکفر المنجم فيرد عليه ان الظاهر من التشبيه بالکافر انه ليس بکافر، و انما يدل علي اشتراکه معه في بعض الصفات لا في جميع الاحکام حتي يقتله في الحال او بعد امتناعه من التوبه، علي انه- عليه‏السلام- لم يشبهه

بالکافر بل بالمشبه بالکافر. و اما قوله و لا ابعده و لا عزره ففيه انه قد ظهر مما رواه ابن ابي الحديد الايعاد بالحبس الموبد و التحريم من العطاء، و لم يعلم انه اصر المنجم علي العمل بالنجوم بعد ذلک حتي يستحق تعزيرا او نکالا، و عدم اشتمال روايه السيد علي هذه الزياده لا يدل علي عدمها، فان عاده السيد الاقتصار علي ما اختاره من کلامه- عليه‏السلام- بزعمه لا استيفاء النقل و الروايه، مع ان عدم النقل في مثل هذا لا يدل علي العدم، و کونه من اصحابه و بينهم لا يدل علي کونه مرضيا، فان جيشه- عليه‏السلام- کان مشتملا علي کثير من الخوارج و المنافقين کالاشعث اخي هذا المنجم علي ما ذکره السيد و غيره انه کان کان عفيف بن قيس اخا الاشعث راس المنافقين و مثير اکثر الفتن و اما قياسه علي طلائع الحروب فالفرق بين الامرين بين، فان ما يهدي اليه الطلائع و نحوهم ليست امورا يترتب عليها صرف السوء و نيل المحبوب حتما، بل يتوقف علي اجتماع امور کوجود الشرائط و ارتفاع الموانع، و کل ذلک لا يتيسر الظفر بها الا بفضل مسبب الاسباب بخلاف ما ادعاه المنجم من ان الظفر يترتب حتما علي الخروج في الساعه التي اختاره و اما عدم التعوذ من النجوم و المنجم فلان المنجم انم

ا يعود ضرره الي نفسه بخلاف الساحر و الکاهن فانه يترتب منهما ضرر کثير علي الناس، مع ان الدعاء الذي رواه السيد في کتاب الاستخارات- و اوردناه في هذا الباب- يتضمن البرائه الي الله من اللجا الي العمل بالنجوم و طلب الاختيارات منها و اما عدم وصف النبي- صلي الله عليه و آله- بانه لم يکن منجما لان الکفار انما کانوا يصفونه- صلي الله عليه و آله- بالسحر و الکهانه و الشعر، فورد برائته عنها ردا عليهم و لم يکونوا يصفونه بالنجوم، مع انه کان عالما بالحق من علم النجوم و کان من فضائله.


صفحه 211.