خطبه 056-به ياران خود











خطبه 056-به ياران خود



[صفحه 178]

قال ابن ابي الحديد: مندحق البطن بارزها، و الدحوق من النوق التي يخرج رحمها بعد الولاده. و سيظهر سيغلب. و رحب البلعوم واسعه. و کثير من الناس يذهب الي انه- عليه السلام- عني زيادا، و کثير منهم يقول: انه عني الحجاج، و قال قوم: انه عني المغيره بن شعبه، و الاشبه عندي انه عني معاويه لانه کان موصوفا بالنهم و کثره الاکل و کان بطنا. ثم قال: و روي صاحب کتاب الغارات يوسف بن کليب المسعودي، عن يحيي بن سليمان العدوي عن ابي مريم الانصاري عن محمد بن علي الباقر- عليه‏السلام-، قال: خطب علي- عليه‏السلام-: علي منبر الکوفه فقال: سيعرض عليکم سببي و ستذبحون عليه، فان عرض عليکم سبي فسبوني و ان عرض عليکم البرائه مني فاني علي دين محمد- صلي الله عليه و آله- و لم يقل: فلا تبرو و امني. و قال ايضا: حدثني احمد بن المفضل عن الحسن بن صالح عن جعفر بن محمد- عليهماالسلام- قال: قال علي (ع) ليذبحن علي سبي- و اشار بيده الي حلقه- ثم قال: فان امروکم بسبي فسبوني و ان امروکم تتبرووا مني فاني علي دين محمد- صلي الله عليه و آله- و لم ينههم عن اظهار البرائه. ثم قال: انه اباح لهم سبه عند الاکراه لان الله- تعالي- قد اباح عند الاکراه التلفظ بکلمه

الکفر فقال (الله): الا من اکره و قلبه مطمئن بالايمان. و اما قوله فانه لي زکاه و لکم نجاه فمعناه انکم تنجون من القتل اذا اظهرتم ذلک، و معني الزکاه يحتمل امرين: احدهما ما ورد في الاخبار النبويه ان سب المومن زکاه له و زياده في حسناته، الثاني ان يريد ان سبهم لي لا ينقص في الدنيا من قدري بل ازيد به شرفا و علو قدر و شياع ذکر، فالزکاه بمعني النماء و الزياده. فان قيل: فاي فرق بين السب و البرائه و کيف اجازلهم السب و منعهم من التبري و السب افحش من التبري؟ فالجواب: اما الذي يقوله اصحابنا في ذلک فانه لا فرق عندهم بين السب و التبري منه في ان کلا منهما فسق و حرام و کبيره و ان المکره عليهما يجوز له فعلهما عند خوفه علي نفسه کما يجوز له اظهار کلمه الکفر عند الخوف، و يجوز ان لا يفعلها و ان قتل اذا قصد بذلک اعزاز الدين کما يجوز له ان يسلم نفسه للقتل و لا يظهر کلمه الکفر اعزازا للدين، و انما استفحش- عليه‏السلام- البرائه لان هذه اللفظه ماوردت في القرآن العزيز الا من المشرکين الا تري الي قوله- تعالي- برائه من الله و رسوله الي الذين عاهدتم من المشرکين. و قال الله- تعالي-: ان الله بري‏ء من المشرکين و رسوله. فقد صارت بحکم العرف الشر

عي مطلقه علي المشرکين خاصه، فاذن يحمل هذا النهي علي ترجيح تحريم لفظ البرائه علي تحريم لفظ السب و ان کان حکمهما و احدا، الا تري ان القاء المصحف في العذره افحش من القائه في دن الشراب و ان کانا جميعا محرمين و کان حکمهما واحدا، فاما الاماميه فتروي عنه انه قال: اذا عرضتم علي البرائه منا فمدوا الاعناق. و يقولون: ان للبرائه من الله و من الرسول و من احدي الائمه حکما واحدا و يقولون: الاکراه علي السب يبيح اظهاره و لا يجوز الاستسلام للقتل و يجوز ان يظهر التبري، و الاولي ان يستسلم للقتل. فان قيل: کيف علل نهيه لهم من البرائه منه بقوله فاني ولدت علي الفطره فان هذا التعليل لا يختص به لان کل ولد يولد علي الفطره و انما ابواه يهودانه و ينصرانه؟ و الجواب انه علل نهيه لهم عن البرائه منه بمجموع امور و هو کونه ولد علي الفطره و سبق الي الايمان و الهجره، و لم يعلل باحاد هذا المجموع و مراده هنا بالولاده علي الفطره انه لم يولد في الجاهليه لانه ولد لثلاثين عاما مضت من عام الفيل، و النبي ارسل لاربعين مضت من عام الفيل، و قد جاء في الاخبار الصحيحه انه مکث قبل الرساله سنين عشرا يسمع الصوت و يري الضوء و لا يخاطبه احد، و کان ذلک ارهاصا لرسا

لته فحکم تلک السنين العشر حکم ايام رسالته- صلي الله عليه و آله- فالمولود فيها اذا کان في حجره و هو المتولي لتربيته مولود في ايام کايام النبوه و ليس بمولود في جاهليه محضه، ففارقت حاله حال من يدعي له من الصحابه مما ثلته في الفضل، و قد روي ان السنه التي ولد فيها هذه السنه التي بدي فيها رسول الله- صلي الله عليه و آله- فاسمع الهتاف من الاحجار و الاشجار و کشف عن بصره، فشاهد انوارا و اشخاصا و لم يخاطب منها بشي‏ء، و هذه السنه هي السنه التي ابتدا فيها بالتبتل و الانقطاع و العزله في جبل حراء، فلم يزل به حتي کوشف بالرساله و انزل عليه الوحي، و کان رسول الله- صلي الله عليه و آله- يتيمن بتلک السنه و بولاده علي- عليه السلام- فيها، و يسميها سنه الخير و سنه البرکه، و قال لاهله ليله ولادته- و فيها شاهد ما شاهد من الکرامات و القدره الا لهيه و لم يکن من قبلها شاهد من ذلک شيئا-: لقد ولدلنا مولود يفتح الله علينا به ابوابا کثيره من النعمه و الرحمه. و کان کما قال- صلوات الله عليه- فانه کان ناصره و المحامي عنه و کاشف الغم عن وجهه، و بسيفه ثبت دين الاسلام و رست دعائمه و تمهدت قواعده. و في المساله تفصيل آخر و هو ان يعني بقوله فاني ولدت

علي الفطره التي لم تتغير و لم تحل، و ذلک ان معني قول النبي- صلي الله عليه و آله- کل مولود يولد علي الفطره ان کل مولود فان الله- تعالي- قد هياه بالعقل الذي خلقه فيه و بصحه الحواس و المشاعر لان يتعلم التوحيد و العدل، و لم يجعل فيه مانعا يمنعه من ذلک و لکن التربيه و العقيده في الوالدين و لالف لاعتقادهما و حسن الظن فيهما يصده عما فطر عليه، و اميرالمومنين- عليه‏السلام- دون غيره ولد علي الفطره التي لم تحل و لم يصد عن مقتضاها مانع لامن جانب الابوين و لا من جهه غيرهما، و غيره ولد علي الفطره و لکنه حال عن مقتضاها و زال عن موجبها. و يمکن ان يفسر انه اراد بالفطره العصمه، و انه منذولد لم يواقع قبيحا و لا کان کافرا طرفه عين، و لا مخطئا و لا غالطا في شي‏ء من الاشياء المتعلقه بالدين و هذا تفسير الاماميه. انتهي کلامه. و اقول: الاخبار في البرائه من طرق الخاصه و العامه مختلفه، و الاظهر في الجمع بينها ان يقال بجواز التکلم بها عند الضروره الشديده و جواز الامتناع عنه و تحمل ما تترتب عليه، و اما ان ايهما اولي ففيه اشکال، بل لا يبعد القول بذلک في السب ايضا. و ذهب الي ما ذکرناه في البرائه جماعه من علمائنا. و اما ما نسبه ابن ابي الح

ديد اليهم جميعا من تحريم القول بالبرائه فلعله اشتبه عليه ما ذکروه من تحريم الحلف بالبرائه اختيارا، فانهم قطعوا بتحريم ذلک و ان کان صادقا، و لا تعلق له باحکام المضطر. و قال الشيخ الشهيد في قواعده: التقيه تنقسم بانقسام الاحکام الخمسه، فالواجب اذا علم او ظن نزول الضرر بترکها به او ببعض المومنين، و المستحب اذا کان لا يخاف ضررا عاجلا و يتوهم ضررا آجلا او ضررا سهلا، او کان تقيه في المستحب کالترتيب في تسبيح الزهراء- عليهاالسلام- و ترک بعض فصول الاذان، و المکروه التقيه في المستحب حيث لا ضرر عاجلا و آجلا، و يخاف منه الالتباس علي عوام المذهب. و الحرام التقيه حيث يومن الضرر عاجلا و آجلا او في قتل مسلم، قال ابوجعفر- عليه السلام-: انما جعلت التقيه ليحقن بها الدماء فاذا بلغ الدم فلا تقيه. و المباح التقيه في بعض المباحات التي رجحها العامه و لا يصل بترکها ضرر. ثم قال- رحمه الله-: التقيه يبيح کل شي‏ء حتي اظهار کلمه الکفر: و لو ترکها حينئذ اثم الا في هذا المقام و مقام التبري من اهل البيت- عليهم‏السلام- فاه لا ياثم بترکها بل صبره اما مباح او مستحب، و خصوصا اذا کان ممن يقتدي به. و قال شيخ امين الدين الطبرسي: قال اصحابنا: التقيه

جائزه في الاحوال کلها عند الضروره، و ربما وجب فيها لضرب من اللطف و الاستصلاح، و ليس يجوز من الافعال في قتل المومن و لا فيها يعلم او يغلب علي الظن انه استفساد في الدين. قال المفيد- رضي الله عنه-: انها قد تجب احيانا و تکون فرضا، و تجوز احيانا من غير وجوب، و تکون في وقت افضل من ترکها، و قد يکون ترکها افضل و ان کان فاعلها معذورا و معفوا عنه متفضلا عليه بترک اللوم عليها. و قال الشيخ ابوجعفر الطوسي- رحمه‏الله-: ظاهر الروايات يدل علي انها واجبه عند الخوف علي النفس، و قد روي رخصته في جواز الافصاح بالحق عنده. انتهي. اقول: سياتي تمام القول في ذلک في باب التقيه ان شاء الله- تعالي-


صفحه 178.