حكمت 281











حکمت 281



[صفحه 452]

تبيين: قال ابن ابي‏الحديد: قد اختلف الناس في المعني بهذا الکلام و من هذا الاخ المشار اليه؟ فقال قوم: هو رسول‏الله- صلي الله عليه و آله- و استبعده قوم لقوله- عليه‏السلام- و کان ضعيفا مستضعفا فانه لايقال في صفاته- صلي الله عليه و آله- مثل هذه الکلمه و ان امکن تاويلها علي لين کلامه و سجاحه اخلاقه، الا انها غير لائقه به- عليه‏السلام-. و قال قوم: هو ابوذر الغفاري و استبعده قوم لقوله- عليه‏السلام- فان جاء الجد فهو ليث غاد وصل واد فان اباذر لم يکن من المعروفين بالشجاعه و البساله. و قال قوم: هو مقداد بن عمرو المعروف بمقداد بن الاسود و کان من شيعه علي- عليه‏السلام- و کان شجاعا مجاهدا حسن الطريقه و قد روي في فضله حديث صحيح مرفوع. و قال قوم: انه ليس باشاره الي اخ معين و لکنه کلام خارج مخرج المثل کقولهم فقلت لصاحبي و يا صاحبي. و هذا عندي اقوي الوجوه. انتهي. و لايبعد ان يقال: ان قوله- عليه‏السلام- فان جاء الجد فهو ليث غاد... الي آخره لايقتضي الشجاعه و البساله في الحرب، بل المراد الوصف بالتصلب في ذات الله و ترک المداهنه في امر الدين و اظهار الحق، بل في العدول عن لفظ الحرب الي الجد بعد الوصف بالضعف، اشعار بذلک

. و قد کان ابوذر معروفا بذلک، و افصاحه عن فضائح بني‏اميه في ايام عثمان و تصلبه و في اظهار الحق اشهر من ان يحتاج الي البيان. و قال الشارح ابن‏ميثم: ذکر هذا الفصل ابن‏المقفع في ادبه و نسبه الي الحسن بن علي- عليهماالسلام- و المشار اليه قيل: هو ابوذر الفغاري و قيل: هو عثمان ابن‏مظعون. انتهي. و اقول: لايبعد ان يکون المراد به اباه- عليه‏السلام-، عبر هکذا لمصلحه. و کان راس ما عظم به في عيني اي و کان اقوي و اعظم الصفات التي صارت اسبابا لعظمته في عيني فان الراس اشرف ما في البدن، و في القاموس: الراس اعلي کل شي‏ء. و الصغر و زان عنب و قفل خلاف الکبر و بمعني الذل و الهوان، و هو خبر کان، و فاعل عظم ضمير الاخ، و ضمير به عائد الي الموصول و الباء للسببيه. کان خارجا من سلطان بطنه اي سلطنته کنايه عن شده الرغبه في الماکول و المشروب کما و کيفا. ثم ذکر- عليه‏السلام- لذلک علامتين حيث قال: فلايشتهي ما لايجد و في النهج: فلايتشهي. و يقال: تشهي فلان اذا اقترح شهوه بعد شهوه، و هو انسب. و لايکثر في الاکل اذا وجد و الاکثار من الشي‏ء الاتيان بالکثير منه، و المراد به اما الاقتصار علي مادون الشبع، او ترک الافراط في الاکل او ترک الاسراف في ت

جويد الماکول و المشروب. کان خارجا من سلطان فرجه اي لم يکن لشهوه فرجه عليه سلطنه بان توقعه في المحرمات او الشبهات و المکروهات، فذکر لذلک ايضا علامتين فقال: فلايستخف له عقله و لا رايه في القاموس: استخفه ضد استثقله، و (استخف) فلانا عن رايه حمله علي الجهل و الخفه و ازاله عما کان عليه من الصواب. و قال الراغب: فاستخف قومه اي حملهم علي ان يخفوا معه او وجدهم خفافا في ابدانهم و عزائمهم، قيل: معناه: وجدهم طائشين. و قوله- عزو جل- و لايستخفنک الذين لايوقنون اي لايزعجنک و يزيلنک عن اعتقادک بما يوقعون من الشبه. و قال البيضاوي في قوله- سبحانه- فاستخف قومه: فطلب منهم الخفه في مطاوعه، او فاستخف احلامهم، و قال في قوله- تعالي- و لايستخفنک: و لايحملنک علي الخفه و القلق الذين لايوقنون بتکذيبهم و ايذائهم. و اقول: هذه الفقره تحتمل وجوها: الاول ان يکون المستتر في فلايستخف راجعا الي الفرج و الضمير في له راجعا الي الاخ، و يکون عقله و رايه منصوبين اي کان لاتجعل شهوه الفرج عقله و رايه خفيفين مطيعين لها. الثاني يکون الضمير في يستخف راجعا الي الاخ و في له الي الفرج، اي لايجعل عقله و رايه او لايجدهما خفيفين سريعين في قضاء حوائج الفرج. الث

الث ان يقرا يستخف علي بناء المجهول و عقله و رايه مرفوعين و ضمير له اما راجع الي الاخ او الي الفرج. و ما قيل بان يستخف علي بناء المعلوم و عقله و رايه مرفوعان و ضمير له للاخ، فلايساعده ما مر من معاني الاستخفاف. کان خارجا من سلطان الجهاله بفتح الجيم و هي خلاف العلم و العقل. فلا يمديده اي الي اخذ شي‏ء کنايه عن ارتکاب الامور، الا علي ثقه و اعتماد بانه ينفعه نفعا عظيما في الاخره او في الدنيا ايضا اذا لم يضر بالاخره. کان لايتشهي اي لا يکثر شهوه الاشياء کما مر. و لايتسخط اي لايسخط کثيرا لفقد المشتهيات اولا يغضب لايذاء الخلق له لقله عطائهم. في القاموس: السخط بالضم و کعنق و جبل، ضد الرضا و قد سخط- کفرح- و تسخط، و اسخطه اغضبه و تسخطه تکرهه و (تسخط) عطائه ستقله و لم يقع منه موقعا. و لايتبرم اي لايمل و لايسام من حوائج الخلق و کثره سوالهم و سوء معاشرتهم، في القاموس: البرم السامه و الضجر و ابرمه فبرم- کفرح- و تبرم امله فمل. کان اکثر دهره اي عمره، و اکثر منصوب علي الظرفيه. صماتا بفتح الصاد و تشيديد الميم و قري بضم الصاد و تخفيف الميم مصدرا، فالحمل علي المبالغه. و في النهج: صامتا فان قال بذ القائلين و نقع غليل السائلين. قال ف

ي النهايه في الحديث: بذا القائلين اي سبقهم و غلبهم- يبذهم بذا. انتهي. و نقع الماء العطش، اي مکنه. و الغليل حراره العطش، و يمکن ان يکون البذ بالفصاحه و النقع بالعلم و الجواب الشافي. کان لايدخل في مراء اي مجادله في العلوم للغلبه و اظهار الکمال، قال في المصباح: ما ريته اماريه مماراه (و) مراء جادلته، و يقال: ماريته ايضا اذا طعنت في قوله تزييفا للقول و تصغيرا للقائل، و لايکون المراء الا اعتراضا. و لايشارک في دعوي اي في دعوي غيره لا عانته او وکاله عنه. و لايدلي بحجه حتي يري قاضيا في المصباح: ادلي بحجته اثبتها فوصل بها، و في القاموس: ادلي بحجته احضرها و (ادلي) اليه بماله دفعه، و منه: و تدلوا بها الي الحکام. اقول: و في النهج: حتي ياتي قاضيا، و هذه الفقره ايضا يحتمل وجوها: الاول ما ذکره بعض شراح النهج: اي لايدلي بحجته حتي يجد قاضيا، و هو من فضيله العدل في وضع الاشياء مواضعها. انتهي. و اقول: المعني انه ليس من عادته اذا ظلمه احد ان يبث الشکوي عند الناس کما هو داب اکثر الخلق، بل يصبر الي ان يجد حاکما يحکم بينه و بين خصمه، و ذلک في الحقيقه يوول الي الکف عن فضول الکلام و التکلم في غير موقعه. الثاني ان يکون المراد انه يصبر

علي الظلم و يوخر المطالبه الي يوم القيامه، فالمراد بالقاضي الحاکم المطلق و هو الله- سبحانه-، اولا ينازع الاعداء الا عند زوال التقيه، فالمراد بالقاضي الامام الحق النافذ الحکم. الثالث ان يکون المراد نفي اتيانه القاضي لکفه عن المنازعه و الدعوي و صبره علي الظلم اي لاينشي‏ء دعوي و لاياتي بحجه حتي يحتاج الي اتيان القاضي. الرابع ما ذکره بعض الافاضل حيث قرا يري علي بناء الافعال و فسر القاضي بالبرهان القاطع الفاصل بين الحق و الباطل، اي کان لايتعرض للدعوي الا ان يظهر حجه قاطعه و لعله اخذه من قول الفيروز آبادي القضاء الحتم و البيان و سم قاض قاتل، و لايخفي بعده مع عدم موافقته لما في النهج. و کان لايغفل عن اخوانه اي کان يتفقد احوالهم في جميع الاحوال کتفقد الاهل و العيال و لايخص نفسه بشي‏ء من الخيرات دونهم بل کان يجعلهم شرکاء لنفسه فيما خوله الله و يحب لهم ما يحب لنفسه و يکره لهم ما يکره لنفسه. کان ضعيفا اي فقيرا منظورا اليه بعين الذله و الفقر کما قيل، او ضعيفا في القوه البدنيه خلقه و لکثره الصيام و القيام. مستضعفا اي في اعين الناس للفقر و الضعف و قله الاعوان، يقال: استضعفه اي عده ضعيفا. و قال بعض شراح النهج: استضعفه اي ع

ده ضعيفا و وجده ضعيفا و ذلک لتواضعه و ان کان قويا. و اذا جاء الجد کان ليثا عاديا في اکثر النسخ بالعين المهمله و في بعضها بالمعجمه. و في النهايه فيه: ما ذئبان عاديان، العادي الظالم و قد عدا يعدو عليه عدوانا، و اصله من تجاوز الحد في الشي‏ء. و السبع العادي اي الظالم الذي يفترس الناس. انتهي. و الجد بالکسر، ضد الهزل و الاجتهاد في الامر و المراد به هنا المحاربه و المجاهده. و في انهج: فان جاء الجد فهو ليث عاد وصل واد و في اکثر نسخه غاد بالمعجمه من غدا عليه اي تکبر. و قال بعض شارحيه: الوصف بالغادي لانه اذا غدا کان جائعا فصولته اشد، و المناسب حينئذ ان يکون ليث منونا و في النسخ ليث غاد بالاضافه فکانه من اضافه الموصوف الي الصفه، و في بعض نسخه بالمهمله کما مر، و في بعضها غاب بالباء الموحده بعد العين المعجمه و هو الاجمه و يسکنها الاسد و المناسب حينئذ الاضافه. و قال الجوهري: الصل بالکسر، الحيه التي لا تنفع منها الرقيه، يقال: انها لصل صفا اذا کانت منکره مثلا الافعي، و يقال للرجل اذا کان داهيا منکرا: انه لصل اصلال اي حيه من الحيات، و اصله في الحيات شبه الرجل بها. انتهي. و ذکر الوادي لان الاوديه لانخفاضها تشتد فيها الحراره،

فيشتد السم في حيتها. کان لايلوم احدا فيما يقع العذر في مثله حتي يري اعتذارا فيما يقع العذر اي فيما يمکن ان يکون له فيه عذر، و في کلمه المثل اشعار بعدم العلم بکون فاعله معذورا اذ من الجائز ان يکون الفاعل غير معذور فيجب التوقف حتي يسمع الاعتذار و يظهرالحق، فان لم يکن عذره مقبولا لامه. و يحتمل ان يکون حتي للتعليل اي کان لايلومه بل يتفحص العذر حتي يجد له عذرا و لو علي سبيل الاحتمال. و في النهج: و کان لايلوم احدا علي ما يجد العذر في مثله حتي يسمع اعتذاره. و في بعض النسخ علي ما لايجد بزياده حرف النفي فالمعني: لايلوم علي امر لايجد فيه عذرا بمجرد عدم الوجدان، اذ يحتمل ان يکون له عذر لايخطر بباله. و کان يفعل ما يقول و يفعل ما لايقول اي يفعل ما يامر غيره به من الطاعات، اشاره الي قوله- تعالي-: يا ايها الذين آمنوا لم تقولون ما الي تفعلون. و قد قيل: ان المعني لم لاتفعلون ما تقولون، فانه اذا قال و لم يفعل، فعدم الفعل قبيح لا القول. و يفعل من الخيرات و الطاعات ما لايقوله لمصلحه تقيه او عدم انتهاز فرصه او عدم وجدان قابل، کما قال- تعالي-: قذکر ان نفعت الذکري، کذا فهمه الاکثر. و يخطر بالبال انه المعني انه يحسن الي غيره سواء وع

ده و الاحسان او لم يعده، کما فسرت الايه المتقدمه في کثير من الاخبار بخلف الوعد. و في النهج: و کان يقول ما يفعل، و لايقول ما لايفعل، و في بعض نسخه في الاول: و کان يفعل ما يقول. کان اذا ابتزه امران کذا في اکثر النسخ بالباء الموحده و الزاي علي بناء الافتعال، اي استلبه و غلبه و اخذه قهرا، کنايه عن شده ميله اليهما و حصول الدواعي في کل منهما. في القاموس: البز الغلبه و اخذ الشي‏ء بجفاء و قهر کالابتزاز، و بزبز الشي سلبه ک ابتزه، و لايبعد ان يکون في الاصل: انبراه بالنون و الباء الموحده علي الحذف و الايصال اي اعترض له. و في النهج و کان اذا بدهه امران نظر ايهما اقرب الي الهوي فخالفه يقال: بدهه امر- کمنعه- اي بغته و فاجاه. و هذا الکلام يحتمل معنيين: الاول ان يکون المعني: اذا عرضت له طاعتان کان يختار اشقهما علي نفسه لکونها اکثر ثوابا کالوضوء بالماء البارد و الحار في الشتاء، کما ورد ذلک في فضائل اميرالمومنين- عليه‏السلام-. و الثاني ان يکون معيارا لحسن الاشياء و قبحها کما اذا ورد عليه فعل لايدري فعله افضل او ترکه فينظر الي نفسه و کلما تهواه يخالفها کما ورد لاتترک النفس و هواها فان رداها في هواها و هذا هو الغالب، لکن جعلها

قاعده کليه کما تقوله المتصوفه مشکل لما نقل عن بعضهم انه مر بعذره فعرضها علي نفسه فابت فاکلها، و الظاهر ان اکلها کن عين هواها لتعده الرعاع من الناس شيخا کاملا و لکل عذره آکلا. الا عند من يرجو عنده البرء اي ربه- تعالي- فانه الشافي حقيقه او المراد الطبيب الحاذق الذي يرجو بمعالجته البرء فانه حينئذ ليس بشکايه، بل هو طلب لعلاجه، فالاستثناء منقطع. و في النهج: و کان لايشکو و جعا الا عند برئه اي يحکيه بعد البرء للشکر و التحدث بنعمه الله، فالاستثناء منقطع او اطلقت الشکايه عليها علي المشاکله، و قيل: اي کان يکتم مرضه عن اخوانه لئلا يتجشموا زيارته. و لايستشير في المصباح: شاورته في کذا و استشرته راجعته لاري رايه فيه. فاشار علي بکذا اراني ما عنده فيه من المصلحه فکانت اشارته خسنه و الاسم المشوره. و فيه لغتان: سکون الشين و فتح الواو و الثانيه ضم الشين و سکون الواو وزان معونه، و يقال: هي من شار الدابه اذا عرضه في المشوار، و يقال: من اشرت العسل شبه حسن النصيحه بشري العسل. الا من يرجو عنده النصيحه اي خلوص الراي و عدم الغش و کمال الفهم. کان لايتبرم کان اعاده تلک الخصال مع ذکرها سابقا للتاکيد و شده الاهتمام بترک تلک الخصال، او ال

مراد بها في الاول تشهي الدنيا و التسخط من فقدها التبرم بمصائب الدنيا و الشکايه عن الوجع، و المراد هنا التبرم من کثره سوال الناس و سوء اخلاقهم و التسخط بما يصل اليه منهم و تشهي ملاذ الدنيا و التشکي عن احوال الدهر او عن الخوان. و الشکايه و التشکي و الاشتکاء بمعني و يمکن الفرق بامور اخر بالتامل فيما ذکرنا. و لاينتقم اي من العدو حتي ينتقم الله له کما مر. و لايغفل عن العدو اي الاعداء الظاهره و الباطنه کالشيطان و النفس و الهوي. فعليکم بمثل هذه الاخلاق، في النهج: فعليکم بهذه الخلائق فالزموها و تنافسوا فيها، فان لم تستطيعوها فاعلموا ان اخذ القليل خير من ترک الکثير. اقول: لما کان الغرض من ذکر صفات الاخ ان يقتدي السامعون به في الفضائل المذکوره، امرهم- عليه‏السلام- بلزومها و التنافس فيها او في بعضها ان لم يمکن الکل. قوله- عليه‏السلام- من ترک الکثير اي الکل. و اقول: في روايه النهج ترک بعض تلک الخصال و فيها زياده ايضا و هي قوله و کان ان غلب علي الکلام لم يغلب علي السکوت، و کان علي ما يسمع احرص منه علي ان يتکلم. و المراد بالفقره الاولي انه ان غلبه احد بالجدال و الخروج عن الحق عدل الي السکوت و ترک المراء فکان هو الغالب حقيق

ه لعدم خروجه عن الحق او المراد ان سکوته کان اکثر من غيره، فالکلام اعم مما هو في معرض الجدال، و اما الثانيه فالحرص علي الاستماع لاحتمال الانتفاع، و قيل: صيغه التفضيل هنا، مثلها في قوله- تعالي-: اذلک خير ام جنه الخلد؟ (الفرقان: 15(. (هذا بيان آخر في شرح الحکمه:) بيان: قيل: کان يکتمه لئلا يتکلف الناس زيارته و الاظهر انه بعد البرء شکر لا شکايه، او يحمل علي ما اذا علي سبيل الشکر.


صفحه 452.