حكمت 108











حکمت 108



[صفحه 368]

تبيان: مرجعه منصوب علي الظرفيه. و التهافت التساقط قطعه قطعه، من هفت- کضرب- اذا سقط کذلک، و قيل: هفت اي تطاير لخفته، و المراد تلاشي الاجزاء و تفرقها لعدم الطاقه. و تغلظ- في بعض النسخ علي صيغه المجهول من باب التفعيل، و في بعضها علي صيغه المجرد المعلوم- يقال: غلظ الشي‏ء- ککرم- ضد رق کما في النسخه، و جاء (غلظ)- کضرب-. و الاستعداد للشي‏ء التهيوله. و لفظ الروايه علي ما ذکره ابن الاثير في النهايه اظهر قال: في حديث علي - عليه‏السلام-: من احبنا اهل البيت فليعد للفقر جلبابا اي ليزهد في الدنيا و ليصبر علي الفقر و العله. و الجلباب الازار و الرداء و قيل: هو کالمقنعه تغطي به المراه راسها و ظهرها و صدرها، و جمعه جلابيب کني به عن الصبر لانه يستر الفقر کما يستر الجلباب البدن. و قيل: انما کني بالجلباب عن اشتماله بالفقر اي فليلبس ازار الفقر، و يکون منه علي حاله تعمه و تشمله، لان الغنا من احوال اهل الدنيا و لايتهيا الجمع بين حب الدنيا و حب اهل‏البيت. انتهي. و قال ابن ابي‏الحديد: قد ثبت ان النبي- صلي الله عليه و آله- قال: لايحبک الا مومن و لايبغضک الا منافق. و قد ثبت ان النبي- صلي الله عليه و آله- قال: ان البلوي اسر

ع الي المومن من الماء الي الحدور. هاتان المقدمتان يلزمهما نتيجه صادقه هي انه- عليه‏السلام- لو احبه جبل لتهافت، و لعل هذا هو مراد الرضي- رضي‏الله عنه- بقوله: معني آخر ليس هذا موضع ذکره. انتهي. و فيه تامل. و قال ابن‏ميثم: الجلباب مستعار لتوطين النفس علي الفقر و الصبر عليه، و وجه الاستعاره کونهما ساترين للمستعد بهما من عوارض الفقر و ظهوره في سوء الخلق و ضيق الصدر و التحير الذي ربما ادي الي الکفر، کما يستر بالملحفه. و لما کانت محبتهم- عليهم‏السلام- بصدق يستلزم متابعتهم و الاستشعار بشعارهم، و من شعارهم الفقر و رفض الدنيا و الصبر علي ذلک، وجب ان يکون کل محب مستشعرا للفقر و مستعدا له جلبابا من توطين النفس عليه و الصبر. و قد ذکر ابن‏قتيبه هذا المعني بعباره اخري، فقال: من احبنا فليقتصر علي التقلل من الدنيا و التقنع فيها، قال: و شبه الصبر علي الفقر بالجلباب لانه يستر الفقر، کما يستر الجلباب البدن. قال: و يشهد بصحه هذا التاويل ما روي انه راي قوما علي بابه، فقال: يا قنبر من هولائ؟ فقال: شيعتک يا اميرالمومنين! فقال: ما لي لا اري فيهم سيماء الشيعه؟ قال: و ما سيماء الشيعه؟ قال،: خمص البطون من الطوي، يبس الشفاه من الظماء، ع

مش العيون من البکاء. و قال ابوعبيد: انه لم يرد الفقر في الدنيا، الاتري ان فيمن يحبهم مثل ما في سائر الناس من الغني؟ و انما اراد الفقر يوم القيامه، و اخرج الکلام مخرج الوعظ و النصيحه و الحث علي الطاعات، فکانه اراد من احبنا فليعد لفقره يوم القيامه ما يحسره من الثواب، و التقرب الي الله- تعالي- والزلفه عنده. قال: و قال السيدالمرتضي- رحمه‏الله-: و الوجهان جميعا حسنان، و ان کان قول ابن‏قتيبه احسن، فذلک معني قول السيد- رضي‏الله عنه- و قد توول ذلک علي معني آخر. انتهي کلام ابن‏ميثم. و قال القطب الراوندي- رحمه الله- بعد ذکر المعنيين المحکيين عن ابن‏قتيبه و ابي‏عبيد: و قال المرتضي فيه وجها ثالثا، اي من احبنا فليزم نفسه و ليقدها الي الطاعات، و ليذللها علي الصبر عما کره منها، فالفقر ان يجز انف البعير فيلوي عليه حبل يذلل به الصعب، يقال: فقره اذا فعل به ذلک. انتهي. و لايخفي انه لو کان المراد الصبر علي الفقر و ستره و الکف عن اظهار الحاجه الي الناس، و ذلک هو المعبر عنه بالجلباب، کما اشير اليه اولا، لايقدح فيه ما ذکره ابوعبيد من ان فيمن يحبهم مثل ما في سائر الناس من الغني، لان الامر بالصبر و الستر حينئذ يتوجه الي من ابتلاه ال

له بالفقر، فالمراد ان من ابتلي من محبينا بالفقر، فليصب عليه و لايکشفها، و لايستفاد منه فقد الغني من الشيعه. و اما الخبر الاول فقد قيل: يحتمل ان تکون مفاده صعوبه حمل محبتهم الکامله، فيکون قريبا من قوله عليه‏السلام-: ان امرنا صعب مستصعب، لايحتمله الا ملک مقرب، او نبي مرسل، او عبد امتحن الله قلبه للايمان. فتهافت الجبل حينئذ لثقل هذا الحمل و شده المهابه، کقوله- تعالي-: لو انزلنا هذا القرآن علي جبل لرايته خاشعا متصدعا من خشيه الله. و قوله- تعالي-: انا عرضنا الامانه علي السماوات و الارض و الجبال فابين ان يحملنها واشفقن منها. و الظاهر من المقام انه ليس المراد بالمحبه ما في العوام و الاوساط، بل ما يستلزم التشبه به- عليه‏السلام- علي وجه کامل، و الاقتداء التام به عليه‏اسلام- في الفضائل و محاسن الاعمال علي قدر الطاقه، و ان کانت درجته الرفيعه فوق ادراک الافهام و اعلي من ان تناله الاوهام، و حق للجبل ان يتهافت عن حمل مثل ذلک الحمل. في هذه الاحاديث الوارده من طرق الخاصه و العامه دلاله واضحه علي ان الانبياء و الاوصياء- عليهم‏السلام- في الامراض الحسيه و البلايا الجمسيه کغيرهم بل هم اولي بها من الغير تعظيما لاجرهم الذي يوجب ا

لتفاضل في الدرجات و لايقدح ذلک في رتبتهم بل هو تثبيت لامرهم، و انهم بشر اذ لو لم يصبهم ما اصاب سائر البشر مع ما يظهر في ايديهم من خرق العاده، لقيل فيهم ما قالت النصاري في نبيهم. و قد ورد هذا التاويل في الخبر، و ابتلاوهم تحفه لهم لرفع الدرجات التي لا يمکن الوصول اليها بشي‏ء من العمل الا ببليه کما ان بعض الدرجات لا يمکن الوصول اليها الا بالشهاده، فيمن الله- سبحانه- علي من احب من عباده بها تعظيما و تکريما له، کما ورد في خبر شهاده سيد الشهداء- عليه‏السلام- انه راي النبي- صلي الله عليه و آله- في المنام فقال له: يا حسين! لک درجه في الجنه لاتصل اليها الا بالشهاده. و استثني اکثر العلماء ما هو نقص و منفر للخلق عنهم کالجنون و الجذام و البرص، و حمل استعاذه النبي- صلي الله عليه و آله- عنها علي انها تعليم للخلق. و قال المحقق الطوسي- قدس سره- في التجريد فيما يجب کونه في کل نبي: العصمه، و کمال العقل، و الذکاء، و الفطنه، و قوه الراي، و عدم السهو، و کلما ينفر عنه الخلق من دنائه الاباء، و عهر الامهات، و الفظاظه، و الغلظه، و الا بنه و شبهها، و الاکل علي الطريق و شبهه. و قال العلامه في شرحه: و ان يکن منزها عن الامراض المنفره نحو

الابنه و سلس الريح، و الجذام، و البرص، لان ذلک کله مما ينفر عنه فيکون منافيا للغرض من البعثه و ضم القوشجي سلس البول ايضا. و قال القاضي عياض من علماء المخالفين في کتاب الشفاء: قال الله- تعالي-: و ما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل افان مات او قتل انقلبتهم علي اعقابکم و قال: ما المسيح بن مريم الا رسول قد خلت من قبله الرسل و امه صديقه کانا ياکلان الطعام و قال: و ما ارسلنا من قبلک من المرسلين الا انهم لياکلون الطعام و يمشون في الاسواق و قال: قل انما انا بشر مثلکم يوحي الي. فمحمد- صلي الله عليه و آله- و سائر الانبياء من البشر ارسلوا الي البشر، و لو لا ذلک لما اطاق الناس مقاومتهم و القبول عنهم و مخاطبتهم، قال الله- تعالي-: و لو جعلناه ملکا لجعلناه رجلا اي لما کان الا في صوره البشر، الذين يمکنکم مخالطتهم اذ لاتطيقون مقاومه الملک و مخاطبته و رويته اذا کان علي صورته، و قال: لو کان في الارض ملائکه يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملکا رسولا اي لا يمکن في سنه الله ارسال الملک الا لمن هو من جنسه او من خص الله- تعالي- و اصطفاه و قواه علي مقاومته کالانبياء و الرسل. فالانبياء و الرسل وسائط بين الله و خلقه، يبلغونهم

اوامره و نواهيه و وعده و وعيده و يعرفونهم بمالم يعلموه من امره و خلقه و جلاله و سلطانه و جبروته و ملکوته، فظواهرهم و اجسادهم و بنيتهم متصفه باوصاف البشر، طاري‏ء عليها ما يطرء علي البشر من الاعراض و الاسقام و الموت و الفناء و نعوت الانسانيه، و ارواحهم و بواطنهم متصفه باعلي من اوصاف البشر، متعلقه بالملا الاعلي، متشبهه بصفات الملائکه، سليمه من التغيير و الافات، و لايلحقها غالبا عجز البشريه و لاضعف الانسانيه. اذ لو کانت بواطنهم خالصه للبشريه کظواهرهم، لما اطاقوا الاخذ عن الملائکه و رويتهم و مخاطبتهم کما لايطيقه غيرهم من البشر. و لو کانت اجسامهم و ظواهرهم متسمه بنعوت الملائکه و بخلاف صفات البشر، لما اطاق البشر و من ارسلوا اليه مخاطبتهم کما تقدم من قول الله- تعالي-. فجعلوا من جهه الاجسام و الظواهر مع البشر، و من جهه الارواح و البواطن مع الملائکه، کما قال- صلي الله عليه و آله-: تنام عيناي و لا ينام قلبي، و قال: اني لست کهيئتکم اني اظل يطعمني ربي و يسقيني. فبواطنهم منزهه عن الافات، مطهره من النقائص و الاعتلالات. و قال في موضع آخر: قد قدمنا انه- صلي الله عليه و آله- و سائر الانبياء و الرسل من البشر و ان جسمه و ظاهره

خالص للبشر، يجوز عليه من الافات و التغييرات و الالام و الاسقام، و تجرع کاس الحمام ما يجوز علي البشر، هذا کله ليس بنقيصه فيه، لان الشي‏ء انما يسمي ناقصا بالاضافه الي ما هو اتم منه و اکمل من نوعه. و قد کتب الله علي اهل هذه الدار: فيها تحيون و فيها تموتون و منها تخرجون، و خلق جميع البشر بمدرجه الغير، فقد مرض- صلي الله عليه و آله- و اشتکي و اصابه الحر و القر، و ادرکه الجوع و العطش، و لحقه الغضب و الضجر و ناله الاعياء و التعب، و مسه الضعف و الکبر، و سقط فجحش شقه، و شجه الکفار و کسروا رباعيته، و سقي السم، و سحر و تداوي، و احتجم و تعوذ ثم قضي نحبه فتوفي- صلي الله عليه و آله و سلم- و لحق بالرفيق الاعلي و تخلص من دار الامتحان و البلوي. و هذه سمات البشر التي لا محيص عنها و اصاب غيره من الانبياء ما هو اعظم منها، و قتلوا قتلا، و رموا في النار، و وشروا بالمياشير. و منهم من وقاه الله ذلک في بعض الاوقات، و منهم من عصمه کما عصم نبينا- صلي الله عليه و آله- بعد من الناس. فلئن لم يکف عن نبينا ربه- تعالي- يد ابن‏قميئه يوم احد، و لا حجبه عن عيون عداه عند دعوه اهل الطائف، فلقد اخذ علي عيون قريش عند خروجه الي ثور و امسک عنه سيف غور

ث و حجر ابي‏جهل و فرس سراقه. و لئن لم يقه من سحر ابن‏الاعصم، فلقد وقاه ما هو اعظم من سم اليهوديه، و کذا سائر انبيائه مبتلي و معافي. و ذلک من تمام حکمته ليظهر شرفهم في هذه المقامات و يبين امرهم و يتم کلمته فيهم و ليحقق بامتحانهم بشريتهم و يرتفع الالتباس عن اهل الضعف فيهم لئلا يضلوا بما يظهر من العجائب علي ايديهم ضلال انصاري بعيسي بن مريم و ليکون في محنهم تسليه لاممهم و وفور لاجورهم عند ربهم تماما علي الذي احسن اليهم. قال بعض المحققين: و هذه الطواري و التغييرات المذکوره انما يختص باجسامهم البشريه المقصود بها مقاومه البشر و معاناه بني‏آدم لمشاکله الجسم، و اما بواطنهم فمنزهه غالبا عن ذلک، معصومه منه، متعلقه بالملا الاعلي و الملائکه لاخذها عنهم، تلقيها الوحي منهم، و قد قال (النبي)- صلي الله عليه و آله-: ان عيني تنامان و لاينام قلبي، و قال: اني لست کهيئتکم اني ابيت عند ربي يطعمني و يسقيني، و قال: اني لست انسي، و لکن انسي ليستن بي. فاخبر ان سره و باطنه و روحه بخلاف جسمه و ظاهره، و ان الافات التي تحل ظاهره من ضعف و جوع و نوم و سهر لايحل منها شي‏ء باطنه بخلاف غيره من البشر في حکم الباطن، لان غيره اذا نام استغرق النوم

جسمه و قلبه، و هو في نومه- عليه‏السلام- حاضر القلب کما هو في يقظته حتي انه جاء في بعض الاثار انه کان محروسا من الحدث في نومه لکون قلبه يقظان کما ذکرناه. و کذلک غيره اذا جاع ضعف لذلک جسمه و حارت قوته و بطلت في الکليه حملته، و هو- عليه‏السلام- قد اخبر انه لايعتريه ذلک و انه بخلافهم، بقوله: لست کهيئتکم، و کذلک اقول: انه في هذه الاحوال کلها من وصب و مرض و سحر و غضب لم يجر علي باطنه ما يحل به، و لا فاض منه علي لسانه و جوارحه ما لا يليق به کما يعتري غيره من البشر. تذييل قال المحقق الطوسي- قدس الله روحه- في التجريد: بعض الالم قبيح يصدر منا خاصه و بعضه حسن يصدر منه- تعالي- و منا، و حسنه اما لاستحقاقه او لاشتماله علي النفع او دفع الضرر الزائدين او لکونه عاديا او علي وجه الدفع. و يجوز في المستحق کونه عقابا، و لا يکفي اللطف في الم المکلف في الحسن و لايشترط في الحسن اختيار المتالم بالفعل، و العوض نفع مستحق خال عن تعظيم و اجلال و يستحق عليه- تعالي- بانزال الالام و تفويت المنافع لمصلحه الغير و انزال الغموم سواء استندت الي علم ضروري او مکتسب او ظن لا ما يستند الي فعل العبد. و امر عباده بالمضار و اباحته او تمکين غير العاقل،

بخلاف الاحراق عند الالقاء في النار و القتل عند شهاده الزور و الانتصاف عليه- تعالي- واجب عقلا و سمعا، فلايجوز تمکين الظالم من الظلم من دون عوض في الحال يوازي ظلمه. فان کان المظلوم من اهل الجنه فرق الله اعواضه علي الاوقات او تفضل عليه بمثلها، و ان کان من اهل العقاب اسقط بها جزء من عقابه بحيث لايظهر له التخفيف بان يفرق الناقص علي الاوقات، و لايجب دوامه لحسن الزائد بما يختار معه الالم و ان کان منقطعا، و لايجب حصوله في الدنيا لاحتمال مصلحه التاخير، و الالم علي القطع ممنوع مع انه غير محل النزاع، و لايجب اشعار صاحبه بايصاله عوضا و لايتعين منافعه و لايصح اسقاطه، و العوض عليه- تعالي- يجب تزايده الي حد الرضا عند کل عاقل، و علينا تجب مساواته. و قال العلامه- نور الله ضريحه- في شرحه: اعلم انا قد بينا و جوب الالطاف و المصالح، و هي ضربان: مصالح في الدين، و مصالح في الدنيا اعني المنافع الدنياويه. و مصالح الدين اما مضار، او منافع، و المضار منها آلام و امراض و غيرهما کالا جال و الغلاء و المنافع، الصحه و السعه في الرزق و الرخص. و اختلف الناس في قبح الالم و حسنه، فذهبت الثنويه الي قبح جميع الالام و ذهبت المجبره الي حسن جميعها من

الله- تعالي- و ذهبت البکريه و اهل التناسخ و العدليه الي حسن بعضها و قبح الباقي، و اختلفوا في وجه الحسن. الي ان قال: و قالت المعتزله: انه يحسن عند شروط: احدها: ان يکون مستحقا و ثانيها: ان يکون نفع عظيم يوفي عليها، و ثالثها: ان يکون فيها دفع ضرر اعظم منها، و رابعها: ان يکون مفعولا علي مجري العاده، کما يفعله الله- تعالي- بالحي اذا القيناه في النار، و خامسها: ان يکون مفعولا علي سبيل الدفع عن النفس کما اذا آلمنا من يقصد قتلنا، لانا متي علمنا اشتمال الالم علي احد هذه الوجوه، حکمنا بحسنه قطعا. و شرط حسن الالم المبتدا الذي يفعله الله- تعالي- کونه مشتملا علي اللطف، اما للمتالم او لغيره، لان خلو الالم عن النفع الزائد الذي يختار المولم معه الالم يستلزم الظلم و خلوه عن اللطف يستلزم العبث و هما قبيحان، و لذا اوجب ابوهاشم في امراض الصبيان مع الاعواض الزائده اشتمالها علي اللطف لمکلف آخر. و جوز المصنف کابي الحسين البصري ان تقع الالام في الکفار و الفساق عقابا للکافر و الفاسق، و منع قاضي القضاه من ذلک و جزم بکون امراضهم محنا لاعقوبات. و ذهب المصنف کالقاضي و الشيخين الي انه لايکفي اللطف في الم المکلف في الحسن، بل لابد من عوض خ

لافا لجماعه اکتفوا باللطف، و لو فرضنا اشتمال اللذه علي اللطف الذي اشتمل عليه الالم، هل يحسن منه- تعالي- فعل الالم بالحي لاجل لطف الغير مع العوض الذي يختار المکلف لو عرض عليه؟ قال ابوهاشم: نعم، و ابوالحسين منع ذلک، و تبعه المصنف. و لايشترط في حسن الالم المفعول ابتداء من الله- تعالي- اختيار المتالم للعوض الزائد عليه بالفعل، و قيد الخلو عن تعظيم و اجلال ليخرج به الثواب. و الوجوه التي يستحق به العوض علي الله- تعالي- امور: الاول: انزال الالام بالعبد کالمرض و غيره. الثاني: تفويت المنافع اذا کانت منه- تعالي- لمصلحه الغير، فلو امات الله- تعالي- ابنا لزيد و کان في معلومه- تعالي- انه لو عاش لاينفع به زيد لاستحق عليه- تعالي- العوض عما فاته من منافع ولده، و لو کان في معلومه- تعالي- عدم انتفاعه به لانه يموت قبل الانتفاع منه لم يستحق منه عوضا لعدم تفويت المنفعه منه- تعالي-، و لذلک لو اهلک ماله استحق العوض بذلک، سواء اشعر بهلاک ما له او لم يشعر لان تفويت المنفعه کانزال الالم، و لو آلمه و لم يشعر به لا ستحق العوض و کذا لوفوت عليه منفعه لم يشعر بها، و عندي في هذا الوجه نظر. الثالث: انزال الغموم بان يفعل الله- تعالي- اسباب الغ

م، اما الغم الحاصل من العبد نفسه فانه لا عوض فيه عليه- تعالي-. الرابع: امرالله- تعالي- عباده بايلام الحيوان او اباحته، سواء کان الامر للايجاب او للندب، فان العوض في ذلک کله علي الله- تعالي-. الخامس: تمکين غير العاقل مثل سباع الوحش و سباع الطير و الهوام و قد اختلف اهل العدل هنا اربعه اقوال: فذهب بعضهم الي ان العوض علي الله- تعالي- مطلقا، و يعزي الي الجبائي، و قال آخرون: ان العوض علي فاعل الالم عن ابي علي، و قال آخرون: لا عوض هنا علي الله- تعالي- و لا علي الحيوان. و قال القاضي: ان کان الحيوان ملجا الي الايلام کان العوض عليه- تعالي- و ان لم يکن ملجا کان العوض علي الحيوان، و اذا طرحنا صبيا في النار فاحترق فان الفاعل للالم هو الله- تعالي- و العوض علينا و يحسن لان فعل الالم واجب في الحکمه من حيث اجراء العاده، و الله قد منعنا من طرحه و نهانا عنه فصار الطارح کانه الموصل اليه الالم، فهذا کان العوض علينا دونه- تعالي- و کذلک اذا شهد عند الامام شاهدا زور بالقتل فان العوض علي الشهود، و ان کان الله- تعالي- قد اوجب القتل و الامام تولاه، و ليس عليهما عوض، لانهما اوجبا بشهادتهما علي الامام ايصال الالم اليه من جهه الشرع فصار

کانهما فعلاه، لان قبول الشاهدين عاده شرعيه يجب اجراوها علي قانونها کالعادات الحسيه. و اختلف اهل العدل في وجوب الانتصاف عليه- تعالي-، فذهب قوم منهم الي ان الانتصاف للمظلوم من الظالم واجب علي الله- تعالي- عقلا لانه هو المدبر لعباده فنظره نظر الوالد لولده، و قال آخرون منهم: انه يجب سمعا، و المصنف- رحمه الله- اختار و جوبه عقلا و سمعا. و هل يجوز ان يمکن الله- تعالي- من الظلم من لا عوض له في الحال يوازي ظلمه؟ فمنع منه المصنف- قدس سره-. و قد اختلف اهل العدل هنا، فقال ابوهاشم و الکعبي: انه يجوز، لکنهما اختلفا فقال اکلعبي: يجوز ان يخرج من الدنيا و لا عوض له يوازي ظلمه، و قال: ان الله- تعالي- يتفضل عليه بالعوض المستحق عليه و يدفعه الي المظلوم، و قال ابوهاشم: لايجوز بل يجب التقيه، لان الانتصاف واجب و التفضل ليس بواجب و لايجوز تعليق الواجب بالجائز. و قال السيد المرتضي- رضي‏الله عنه-: ان التقيه تفضل ايضا، فلايجوز تعليق الانتصاف بها، فلهذا وجب العوض في الحال، و اختاره المصنف- رحمه الله- لما ذکرناه. و اعلم ان المستحق للعوض اما ان يکون مستحقا للجنه او للنار، فان کان مستحقا للجنه، فان قلنا: ان العوض دائم فلا بحث، و ان قلنا:

انه منقطع توجه الاشکال بان يقال: لو اوصل العوض اليه ثم انقطع عنه حصل له الالم بانقطاعه. و الجواب من وجهين: الاول: انه يوصل اليه عوضه متفرقا علي الاوقات بحيث لايتبين له انقطاعه، فلايحصل له الالم. الثاني: ان يتفضل الله- تعالي- عليه بعد انقطاعه بمثله دائما، فلايحصل له الم و ان کان مستحقا للعقاب جعل الله عوضه جزء من عقابه، بمعني انه يسقط من عقابه بازاء ما يستحقه من الاعواض، اذ لافرق في العقل بين ايصال النفع و دفع الضرر في الايثار. فاذا خفف عقابه و کانت آلامه عظيمه، علم ان آلامه بعد اسقاط ذلک القدر من العقاب اشد و لايظهر له انه کان في راحه، او نقول: انه- تعالي- ينقص من آلامه ما يستحقه من اعواضه متفرقا علي الاوقات، بحيث لاتظهر له الخفه من قبل. و اختلف في انه هل يجب دوام العوض ام لا؟ فقال الجبائي: يجب دوامه و قال ابوهاشم: لايجب، و اختاره المصنف- رحمه الله-. و لايجب اشعار مستحق العوض بتوفيره عوضا له بخلاف الثواب، و حينئذ امکن ان يوفره الله- تعالي- في الدنيا علي بعض المعوضين غير المکلفين و ان ينتصف لبعضهم من بعض في الدنيا، و لا تجب اعادتهم في الاخره. و العوض لايجب ايصاله في منفعه معينه دون اخري بل يصح توفيره بکل ما يح

صل فيه شهوه المعوض بخلاف الثواب، لانه يجب ان يکون من جنس ما الفه المکلف من ملاذه. و لايصح اسقاط العوض و لاهبته ممن وجب عليه في الدنيا و لا في الاخره سواء کان العوض عليه- تعالي- او علينا، هذا قول ابي‏هاشم و القاضي، و جزم ابوالحسين بصحه اسقاط العوض علينا اذا استحل الظالم من المظلوم و جعله في حل بخلاف العوض عليه- تعالي- فانه لايسقط، لان اسقاطه عنه- تعالي- عبث لعدم انتفاعه به. ثم قال بعد ايراد دليل القاضي علي عدم صحه الهبه مطلقا: و الوجه عندي جواز ذلک لانه حقه و في هبته نفع للموهوب، و يمکن نقل هذا الحق اليه. و علي هذا لو کان العوض مستحقا عليه- تعالي-، امکن هبه مستحقه لغيره من العباد، اما الثواب المستحق عليه- تعالي- فلايصح مناهبته لغيرنا لانه مستحق بالمدح فلايصح نقله الي من لايستحقه. ثم قال: العوض الواجب عليه- تعالي- يحب ان يکون زائدا علي الالم الحاصل بفعله او بامره او با باحته او بتمکينه لغير العاقل زياده تنتهي الي حد الرضا من کل عاقل بذلک العوض في مقابله ذلک الالم لو فعل به لانه لو لا ذلک لزم الظلم، اما مع مثل هذا العوض، فانه يصير کانه لم يفعل. و اما العوض علينا فانه يجب مساواته لما فعله من الالم، او فوته من ال

منفعه لان الزائد علي ما يستحق عليه من الضمان يکون ظلما. و لايخرج ما فعلناه بالضمان عن کونه ظلما قبيحا، فلايلزم ان يبلغ الحد الذي شرطناه في الالام الصادره عنه- تعالي-. انتهي ملخص ما ذکره- قدس سره- و انما ذکرناها بطولها لتطلع علي ما ذکره اصحابنا تبعا لاصحاب الاعتزال، و اکثر دلائلهم علي جل ما ذکر في غايه الاعتلال، بل ينافي بعض ما ذکروه کثير من الايات و الاخبار، و نقلها و تحصيلها و شرحها و تفصيلها لايناسب هذا الکتاب، و الله اعلم بالصواب، و سياتي بعض القول انشاءالله- تعالي- عن قريب. (هذا بيان آخر في شرح الحکمه:) بيان: التهافت التساقط قطعه قطعه. و التاويل الاخر الذي ذکره السيد- رحمه الله- لعله هو ما ذکره ابن‏ميثم، قال: قال ابوعبيد: انه لم يرد الفقر في الدنيا و انما اراد الفقر يوم القيمه، اي فليعد لذلک ما يجده من الثواب و التقرب الي الله- تعالي- و الزلفه لديه.


صفحه 368.