حكمت 040











حکمت 040



[صفحه 345]

(ايضاح:) قال العلامه- قدس الله روحه- في الباب الحادي عشر: السادسه في انه- تعالي- يجب عليه فعل عوض الالام الصاره عنه، و معني العوض هو النفع المستحق الخالي عن التعظيم و الاجلال و الا لکان ظالما- تعالي الله عن ذلک-، و يجب زيادته علي الالام و الا لکان عبثا. و قال بعض الافاضل في شرحه: الالم الحاصل للحيوان اما ان يعلم فيه وجه من وجوه القبح فذلک يصدر عنا خاصه، او لايعلم فيه ذلک فيکون حسنا و قد ذکر لحسن الالم وجوه: الاول کونه مستحقا، الثاني کونه مشتملا علي النفع الزائد، الثالث کونه مشتملا علي دفع الضرر الزائد عنه، الرابع کونه بمجري العاده، الخامس کونه متصلا علي وجه الدفع، و ذلک الحسن قد يکون صادرا عنه- تعالي- و قد يکون صادرا عنا. فاما ما کان صادرا عنه- تعالي- علي وجه النفع فيجب فيه امران: احدهما العوض، و الا لکان ظالما- تعالي الله عنه-، و يجب ان يکون زائدا علي الالم الي حد يرضي عنه کل عاقل لانه يقبح في الشاهد ايلام شخص لتعويضه المه من غير زياده لاشتماله علي العبث. و ثانيهما اشتماله علي اللطف اما للمتالم او لغيره ليخرج عن العبث. فاما ما کان صادرا عنا مما فيه وجه من وجوه القبح، فيجب عليه- تعالي- الانتصاف

للمتالم من المولم لعدله، و لدلاله الادله السمعيه عليه و يکون العوض هنا مساويا للالم و الا لکان ظلما. و هنا فوائد: الاول: العوض هو النفع المستحق الخالي عن تعظيم و اجلال، فبقيد المستحق خرج التفضل و بقيد الخلو عن تعظيم خرج الثواب. الثاني: لايجب دوام العوض لان يحسن في الشاهد رکوب الاهوال العظيمه لنفع منقطع قليل. الثالث: العوض لايجب حصوله في الدنيا لجواز ان يعلم الله- تعالي- المصلحه في تاخره، بل قد يکون حاصلا في الدنيا و قد لا يکون. الرابع: الذي يصل اليه عوض المه في الاخره، اما ان يکون من اهل الثواب او من اهل العقاب، فان کان من اهل الثواب فکيفيه ايصال اعواضه اليه بان يفرقها الله علي الاوقات او يتفضل الله عليه بمثلها، و ان کان من اهل العقاب اسقط بها جزئا من عقابه بحيث لايظهر له التخفيف بان يفرق القدر علي الاوقات. الخامس: الالم الصادر عنا بامره او اباحته و الصادر عن غير العاقل کالعجماوات، و کذا ما يصدر عنه- تعالي- من تفويت المنفعه لمصلحه الغير و انزال الغموم الحاصله من غير فعل العبد، عوض ذلک کله علي الله- تعالي- لعدله و کرمه. و اقول: کون اعواض الالام الغير الاختياريه منقطعه مما لم يدل عليه برهان قاطع و بعض الروايات

تدل علي خلافه کالروايات الداله علي ان حمي ليله تعدل عباده سنه، و ان من مات له ولد يدخله الله الجنه صبر ام لم يصبر جزع ام لم يجزع، و ان من سلب الله کريمتيه و جبت له الجنه. و امثال ذلک کثيره و ان امکن تاويل بعضها مع الحاجه اليه. و قيل: للفقير ثلاثه احوال: احدها الرضا بالفقر، و الفرح به، و هو شان الاصفياء، و ثانيها الرضا به دون الفرح و له ايضا ثواب دون الاول، و ثالثها عدم الرضا به و الکراهه في القسمه و هذا مما لا ثواب له اصلا. و هو کلام علي التشهي لکن روي السيدالرضي- رضي‏الله عنه- في نهج‏البلاغه انه قال اميرالمومنين- عليه‏السلام- لبعض اصحابه في عله اعتلها: جعل الله ما کان من شکواک حطا لسيئاتک، فان المرض لااجر فيه و لکنه يحط السيئات و يحتها حت الاوراق، و انما الاجر في القول باللسان و العمل بالايدي و الاقدام، و ان الله- سبحانه- يدخل بصدق النيه و السريره الصالحه من يشاء من عباده الجنه. ثم قال السيد- رحمه الله-: و اقول: صدق- عليه‏السلام- ان المرض لا اجر فيه لانه من قبيل ما يستحق عليه العوض، لان العوض يستحق علي ما کان في مقابله فعل الله- تعالي- بالعبد من الالام و الامراض و ما يجري مجري ذلک، و الاجر و الثواب يستحقان ع

لي ما کان في مقابله فعل العبد فبينهما فرق قد بينه- عليه‏السلام- کما يقضيه علمه الثاقب و رايه الصائب. انتهي. و قوله- عليه‏السلام- اعتلها اي اعتل بها. و الشکوي المرض. و الحط الوضع و الحدر من علو الي سفل. و حت الورق- کمد- سقطت فانحتت و تحاتت، و حت فلان الشي‏ء اي حطه، يتعدي و لايتعدي. و السريره ما يکتم، کالسر. و لو کانت الروايه صحيحه يويد مذهب الوقم في الجمله. و قال قطب الدين الرواوندي في شرحه علي النهج: قول السيد ان المرض لا اجر له ليس ذلک علي الاطلاق، و ذلک لان المريض اذا احتمل المشقه التي حملها الله عليه احتسابا کان له اجر الثواب علي ذلک و العوض علي المرض، فعلي فعل العبد اذا کان مشروعا الثواب و علي فعل الله اذا کان الما علي سبيل الاختيار العوض. و قال ابن ابي‏الحديد: ينبغي ان يحمل کلام اميرالمومنين- عليه‏السلام- في هذا الفصل علي تاويل يطابق ما يدل عليه العقول و ان لايحمل علي ظاهره، و ذلک لان المرض اذا الستحق عليه الانسان العوض لم يجز ان يقال العوض يحط السيئات بنفسه لا علي قول اصحابنا و لا علي قول الاماميه. اما الاماميه، فانهم مرجئه لايذهبون الي التحابط. و اما اصحابنا، فانهم لاتحابط عندهم الا في الثواب و العقاب

. فاما العقاب والعوض، فلاتحابط بينهما لان التحابط بين الثواب و العقاب انما کان باعتبار التنافي بينهما من حيث کان احدهما يتضمن الاجلال و الاعظام و الاخر يتضمن الاستخفاف و الاهانه، و محال ان يکون الانسان الواحد مهانا معظما في حال واحد. و لما کان العوض لايتضمن اجلالا و اعظاما و انما هو نفع خالص فقط، لم يکن منافيا للعقاب و جاز ان يجتمع للانسان الواحد في الوقت الواحد کونه مستحقا للعقاب و العوض اما بان يوفر العوض عليه في الدار الدنيا و اما بان يخفف عنه بعض عقابه و يجعل ذلک بدلا من العوض الذي کان سبيله ان يوصل اليه. و اذا ثبت ذلک و جب ان يحمل کلام اميرالمومنين- عليه‏السلام- علي تاويل صحيح و هو الذي اراده- عليه‏السلام- لانه کان اعرف الناس بهذه المعاني و منه تعلم المتکلمون علم الکلام، و هو ان المرض و الالم يحط الله- تعالي- عن الانسان المبتلي به ما يستحقه من العقاب علي معاصيه السالفه تفضلا منه- سبحانه- فلما کان اسقاطه للعقاب متعقبا للمرض و واقعا بعده بلافصل، جاز ان يطلق اللفظ بان المرض يحط السيئات و يحتها حت الورق کما جاز ان يطلق اللفظ بان الجماع يحبل المراه و بان سقي البذر الماء ينبته و ان کان الوالد و الزرع عند المت

کلمين واقعا من الله- تعالي- علي سبيل الاختيار لا علي سبيل الايجاب، و لکنه اجري العاده بان يفعل ذلک عقيب الجماع و عقيب سقي البذر الماء. فان قلت: يجوز ان يقال: ان الله- تعالي- يمرض الانسان المستحق للعقاب و يکون انما امرضه ليسقط عنه العقاب لا غير؟ قلت: لا، لانه قادر علي ان يسقط عنه العقاب ابتداء، و لا يجوز انزال الالم الا حيث لا يمکن اقتناص العوض المجزي به اليه الا بطريق الالم، و الا کان فعل الالم عبثا. الاتري انه لايجوز ان يستحق زيد علي عمرو الف درهم فيضر به و يقول: انما اضربه لاجعل ما يناله من الم الضرب مسقطا لما استحقه من الدراهم عليه، و يذمه العقلاء و يسفهونه و يقولون له فهلا و هبتهاله و اسقطتها عنه من غير حاجه الي ان تضربه؟ و ايضا فان الالام قد تنزل بالانبياء و ليسوا ذوي ذنوب و معاص ليقال: انه يحطها عنهم. فاما قوله- عليه‏السلام- و انما الاجر في القول الي آخر الفصل فانه عليه‏السلام- قسم اسباب الثواب اقساما فقال: لما کان المرض لايقتضي الثواب لانه ليس من فعل المکلف (و) انما يستحق المکلف الثواب علي ما کان من فعله، وجب ان نبين ما الذي يستحق به المکلف الثواب. الذي يستحق المکلف به ذلک ان يفعل فعلا اما من افعال الج

وارح و اما من افعال القلوب، فافعال الجوارح اما قول باللسان او عمل ببعض الجوارح و عبر عن سائر الجوارح عدا اللسان بالايدي و الاقدام لان اکثرها ما يفعل بها، و ان کان قد يفعل بغيرها نحو مجامعه الرجل زوجته اذا قصد به تحصينها و تحصينه عن الزنا و نحو ان ينحي حجرا ثقيلا براسه عن صدر انسان قد کاد يقتله، و غير ذلک. و اما افعال القلوب فهي العزوم و الارادات و النظر و العلوم و الظنون و الندم فعبر- عليه‏السلام- عن جميع ذلک بصدق النيه و السريره الصالحه، و اکتفي بذلک عن تعديد هذه الاجناس. فان قلت: فان الانسان قد يستحق الثواب عل ان لايفعل القبيح و هذا يخرم الحصر الذي حصره اميرالمومنين- عليه‏السلام-. قلت: يجوز ان يکون يذهب مذهب ابي علي في ان القادر بقدره لايخلو عن الفعل و الترک. انتهي. قال ابن‏ميثم- قدس سره-: دعا- عليه‏السلام- لصاحبه بما هو ممکن و هو حط السيئات بسبب المرض و لم يدع له بالاجر عليه معللا ذلک بقوله: فان المرض لا اجر فيه. و السرفيه ان الاجر و الثواب انما يستحق بالافعال المعده له کما اشار اليه بقوله: و انما الاجر في القول... الي قوله بالاقدام، و کني بالاقدام عن القيام بالعباده، و کذلک ما يکون کالفعل من عدمات الملکا

ت کالصوم و نحوه، فاما المرض، فليس هو بفعل العبد و لا عدم فعل من شانه انه يفعله. فاما حطه للسيئات، فباعتبار امرين: احدهما ان المريض تنکسر شهوته و غضبه اللذين هما مبدا الذنوب و المعاصي و مادتهما، الثاني ان من شان المرض ان يرجع الانسان فيه الي ربه بالتوبه و الندم علي المعصيه و العزم علي ترک مثلها، کما قال- تعالي-: و اذا مس الانسان الضر دعانا لجنبه او قاعدا او قائما- الايه. فما کان من السيئات حالات غير متمکنه من جوهر النفس فانه يسرع زوالها منها و ما صار ملکه، فربما يزول علي طول المرض و دوام الا نابه الي الله- تعالي- و استعار لزوالها لفظ الحت و شبهه في قوه الزوال و المفارقه بحت الاوراق. ثم نبه- عليه‏السلام- بقوله و ان الله... الي آخره علي ان العبد اذا احتسب المشقه في مرضه لله بصدق نيته مع صلاح سريرته، فقد يکون ذلک معدا لافاضه الاجر و الثواب عليه و دخوله الجنه، و يدخل ذلک في اعدام الملکات المقرونه بنيه القربه الي الله، و کلام السيد- رحمه الله- مقتضي مذهب المعتزله. انتهي. و قال الکيدري- نور الله ضريحه-: المرض لا اجر فيه للمريض بمجرد الالم بل فيه العوض و اذا احتمل المريض ما حمل احتسابا اثيب علي ذلک. انتهي. و اقول: ا

ذا اطلعت علي ما ذکره المخالف و الموالف في هذا الباب فاعلم انهم جروا في ذلک علي ما نسجوه من قواعدهم الکلاميه نسج العنکبوت و لا طائل في الخوض فيها، لکن لا بد من الخوض في الايات و الاخبار الوارده في ذلک و الجمع بينهما. و الذي يظهر منها ان الله- تعالي- بلطفه و رحمته يبتلي المومنين في الدنيا بانواع البلايا علي قدر ايمانهم، و سبب ذلک اما اصلاح نفوسهم وردعها عن الشهوات او تعريضهم بالصبر عليها لاجزل المثوبات او لحط ما صدر عنهم من السيئات اذا علم ان صلاحهم في العفو بعد الابتلاء ليکون رادعا لهم عن ارتکاب مثلها و مع ذلک يعوضهم او يثيبهم بانواع الاعواض و المثوبات. و لو صح قولهم ان العوض لايکون دائما يمکن ان يقال: دخولهم الجنه و تنعمهم بنعيمه الدائم انما هو بالايمان و الاعمال الصالحه، لکن لما کانت معاصيهم حائله بينهم و بين دخولهم الجنه ابتداء قد يبتليهم في الدينا ليطهرهم من لوثها و قد يوخرهم الي سکرات الموت او عذاب البرزخ او في القيامه ليدخلوا الجنه مطهرين من لوث المعاصي، و کل ذلک بحسب ما علم من صلاحهم في ذلک. ثم ان جميع ذلک في غير الانبياء و الاوصياء و الاولياء- عليهم‏السلام- و اما فيهم- عليهم‏السلام- فليس الا لرفع الدرج

ات و تکثير المثوبات کما عرفت مما سبق من الروايات، فخذ ما آتيتک و کن من الشاکرين و لا تصغ الي شبهات المضلين، و قد سبق منا بعض القول فيه. (هذا بيان آخر في شرح الحکمه:) توضيح: قال الفيروز آبادي: حته فرکه و قشره فانحت و تحات، و (حت) الورق سقطت کانحت و تحاتت، و (حت) الشي‏ء حطه.


صفحه 345.