حكمت 030











حکمت 030



[صفحه 332]

بيان: علي اربع دعائم الدعامه بالکسر، عماد البيت و دعائم الايمان ما يستقر عليه و يوجب ثباته و استمراره و قوته. علي الصبر و اليقين و العدل و الجهاد قال ابن‏ميثم: فاعلم انه عليه‏السلام- اراد الايمان الکامل، و ذلک له اصل و له کمالات بها يتم اصله، فاصله هو التصديق بوجود الصانع، و ماله من صفات الکمال و نعوت الجلال، و بما تنزلت به کتبه، و بلغته رسله، و کمالاته المتممه هي الاقوال المطابقه و مکارم الاخلاق و العبادات، ثم ان هذا الاصل و متمماته هو کمال النفس الانسانيه لانها ذات قوتين: علميه و عمليه. و کما لها بکمال هاتين القوتين، فاصل الايمان هو کمال القوه العلميه منها و متمماته و هي مکارم الاخلاق، و العبادات هي کمال القوه العمليه. اذا عرفت هذا فنقول: لما کانت اصول الفضائل الخلقيه التي هي کمال الايمان اربعا هي: الحکمه، و العفه، و الشجاعه، و العدل. اشار اليها و استعار لها لفظ الدعائم باعتبار ان الايمان الکامل لايقوم في الوجود الا بها، کدعائم البيت، فعبر عن الحکمه باليقين، و الحکمه منها علميه و هي استکمال القوه النظريه بتصور الامور و التصديق بالحقائق النظريه و العلميه بقدر الطاقه و لاتسمي حکمه حتي يصير هذا

الکمال حاصلا لها باليقين و البرهان، و منها عمليه و هي استکمال النفس بملکه العلم بوجوه الفضائل النفسانيه الخلقيه و کيفيه اکتسابها و وجوه الرذائل النفسانيه و کيفيه الاحتزاز عنها و اجتنابها، و ظاهر ان العلم الذي صار ملکه هو اليقين. و عبر عن العفه بالصبر، و العفه هي الامساک عن الشره في فنون الشهوات المحسوسه، و عدم الانقياد للشهوه، و قهرها و تصريفها بحسب الراي الصحيح و مقتضي الحکمه المذکوره. و انما عبر عنها بالصبر لانها لازم من لوازمه اذ رسمه انه ضبط النفس و قهرها عن الانقياد لقبائح اللذات، و قيل: هو ضبط النفس عن ان يقهرها الم مکروه ينزل بها، و يلزم في العقل احتماله، او يلزمها حب مشتهي يتوق الانسان اليه و يلزمه في حکم العقل اجتنابه حتي لايتناوله علي غير وجهه، و ظاهر ان ذلک يلازم العفه. و کذلک عبر عن الشجاعه بالجهاد لاستلزامه اياها اطلاقا لاسم الملزوم علي لازمه، و الشجاعه هي ملکه الاقدام الواجب علي الامور التي يحتاج الانسان ان يعرض نفسه لاحتمال المکروه و الالام الواصله اليه منها، و اما العدل فهو ملکه فاضله ينشا عن الفضائل الثلاث المذکوره و تلزمها، اذ کل واحده من هذه الفضائل محتوشه برذيلتين هما طرفا الافراط و التفري

ط منها، و مقابله برذيله هي ضدها. انتهي. علي اربع شعب الشعبه من الشجره بالضم الغصن المتفرع منها، و قيل: الشعبه ما بين الغصنين و القرنين، و الطائفه من الشي‏ء، و طرف الغصن، و المراد هنا فروع الصبر و انواعه او اسباب حصوله. علي الشوق و الاشفاق و في سائر الکتب و الشفق و الزهد و في المجالس: و الزهاده و الترقب شوق الي الشي‏ء بنزوع النفس اليه و حرکه الهوي. و الشفق بالتحريک، الخدر و الخوف کالاشفاق. و الزهد ضد الرغبه و الترقب الانتظار، اي انتظار الموت و مداومه ذکره و عدم الغفله عنه. و لما کان للصبر انواع ثلاثه کما سياتي في بابه: الصبر عند البليه، و الصبر علي مشقه الطاعه، و الصبر علي ترک الشهوات المحرمه، و کان ترک الشهوات قد يکون للشوق الي اللذات الاخرويه، و قد يکون للخوف من عقوباتها، جعل بناء الصبر علي اربع: علي الشوق الي الجنه ثم بين ذلک بقوله فمن اشتاق الي الجنه سلاعن الشهوات اي نسيها و صبر علي ترکها، يقال: سلاعن الشي‏ء اي نسيه و سلوت عنه سلوا- کقعدت- قعودا اي صبرت. و علي الاشفاق عن النار، و بينها بقوله و من اشفق من النار رجع عن المحرمات، و في المجالس و التحف: عن الحرمات. و يمکن ان تکون الشهوات المذکوره سابقا شامله ل

لمکروهات ايضا. و علي ازهد و عدم الرغبه في الدنيا و ما فيها من الاموال و الازواج و الاولاد، و غيرها من ملاذها و مالوفاتها، و بينها بقوله و من زهد في الدنيا هانت عليه المصائب- و في بعض النسخ و الکتابين: المصيبات- و في النهج: استهان بالمصيبات اي عدها سهلا هينا و استخف بها لان المصيبه حينئذ بفقد شي‏ء من الامور التي زهد عنها و لم يستقر في قلبه حبها. و علي ارتقاب الموت و کثره تذکره، و بينها بقوله و من راقب الموت سارع الي الخيرات- و في الکتابين: و من ارتقب، و في النهج: في الخيرات-. ثم ان تخصيص الشوق الي الجنه، و الاشفاق من النار بترک المشتهيات و المحرمات مع انهما يصيران سببين لفعل الطاعات ايضا اما لشده الاهتمام بترک المحرمات و کون الصبر عليه اشق و افضل کما سياتي في الخبر، او لان فعل الطاعات ايضا داخله فيهما، فان المانع من الطاعات غالبا الاشتغال بالشهوات النفسانيه، فالسلو عنها يستلزم فعلها، بل لايبعد ان يکون الغرض الاصلي من الفقره الاولي ذلک، بل يمکن ادخال فعل الواجبات في الفقره الثانيه، لان ترک کل واجب محرم، و يدخل ترک المکروهات و فعل المندوبات في الفقره الاولي. و اليقين علي اربع شعب: تبصره الفطنه، التبصره مصدر باب

التفعيل، و الفطنه الحذق وجوده الفهم، و قال ابن‏ميثم: هي سرعه هجوم النفس علي حقائق ما تورده الحواس عليها، و قال: تبصره الفطنه اعمالها. اقول: يمکن ان تکون الاضافه الي الفاعل اي جعل الفطنه الانسان بصيرا او الي المفعول اي جعل الانسان الفطنه بصيره، و يحتمل ان تکون التبصره بمعني الابصار و الرويه، فرويتها کنايه عن التوجه و التامل فيها و في مقتضاها، فالاضافه الي المفعول و حمله علي الاضافه اي الفاعل محوج الي تکلف في قوله فمن ابصر الفطنه. و تاول الحکمه التاول و التاويل تفسير ما يول اليه الشي‏ء، و قيل: اول الکلام و تاوله اي دبره و قدره و فسره، و الحکمه العلم بالاشياء علي ما هي عليه، ف (تاول الحمکه) التاول الناشي‏ء من العلم و المعرفه، و هو الاستدلال علي الاشياء بالبراهين الحقه، و قال ابن‏ميثم: هو تفسير الحکمه و اکتساب الحقائق ببراهينها و استخراج وجوه الفضائل و مکارم الاخلاق من مظانها ککلام يوثر او عبره يعتبر. و قال الکيدري: تاول الحکمه هو العلم بمراد الحکماء فيما قالوا، و اول الحکمه بان يعلم قول الله و رسوله، قال- تعالي-: و يزکيهم و يعلمهم الکتاب و الحکمه. و معرفه العبره- و في سائر الکتب: و موعظه العبره- و العبره ما يتع

ظ به الانسان و يعتبره ليستدل به علي غيره، و الموعظه تذکير ما يلين القلب و موعظه العبره ان تعظ العبره الانسان فيتعظ بها. و سنه الاولين السنه السيره محموده کانت او مذمومه، اي معرفه سنه الماضين، و ما آل امرهم اليه من سعاده او شقاوه فيتبع اعمال السعداء، و يجتنب قبائح الاشقياء. ثم بين- عليه‏السلام- فوائد هذه الشعب و کيفيه ترتب اليقين عليها، فقال: فمن ابصر الفطنه اي جعلها بصيره او نطر اليها و اعملها، کان من لم يعملها و لم يعمل بمقتضاها لم يبصرها- و في سائر الکتب تبصر في الفطنه و هو اظهر-. عرف الحکمه- و في النهج: تبينت له الحکمه و في التحف: تاول الحکمه و في المجالس: تبين الحکمه- و الکل حسن، و قال الکيدري: تبصر اي نظر و تفکر و صار ذا بصيره و قال: الحکمه العلم الذي يدفع الانسان عن فعل القبيح، مستعار من حکمه اللجام. و من تاول الحکمه و عرفها کما هي عرف العبره باحوال السماء و الارض، و الدنيا و اهلها، فتحصل له الحکمه النظريه و العمليه. و في النهج: و من تبينت له الحکمه و في المجالس: و من تبين الحکمه. و من عرف العبره عرف السنه اي سنه الاولين و سنه الله فيهم، فانها من اعظم العبر و من عرف السنه فکانما کان مع الاولين في حياتهم

او بعد موتهم ايضا فان المعرفه الکامله تفيد فائده المعاينه لاهلها. و اهتدي الي بذلک اي التي هي اقوم اي الي الطريقه التي هي اقوم الطرائق. ثم بين- عليه‏السلام- کيفيه العبره فقال: و نظر الي من نجا اي من الاولين بما نجا من متابعه الانبياء و المرسلين، و الاوصياء المرضيين، و الاقتداء بهم علما و عملا. و من هلک بما هلک من مخالفه ائمه الدين، و متابعه الاهواء المضله و الشهوات المزله. و ليست هذه الفقرات من قوله و اهتدي الي قوله بطاعته في سائر الکتب. و العدل علي اربع شعب کان المراد بالعدل هناترک الظلم، و الحکم بالحق بين الناس، و انصاف الناس من نفسه، لا ما هو مصطلح الحکماء من التوسط في الامور، فانه يرجع الي سائر الاخلاق الحسنه. غامض الفهم الغامض خلاف الواضح من الکلام و نسبته الي الفهم مجاز، و کان المعني فهم الغوامض، او هو من قولهم اغمض حد السيف اي رققه. و في النهج و التحف غائص من الغوص و هو الدخول تحت الماء لاخراج اللولو و غيره، و قال الکيدري: و هو من اضافه الصفه الي الموصوف للتاکيد. و الفهم الغائص ما يهجم علي الشي‏ء فيطلع علي ما هو عليه کمن يغوص علي الدر و اللولو. و غمر العلم اي کثرته، في القاموس: الغمر الماء الکثير، و غ

مر الماء غماره و غموره کثر، و غمره الماء غمرا و اغتمره غطاه. و في النهج: و غور العلم و غور کل شي‏ء قعره، و الغور الدخول في الشي‏ء و تدقيق النظر في الامر. و زهره الحکم، الزهره بالفتح البهجه و النضاره و الحسن و البياض و نور النبات، و الحکم بالضم، القضاء و العلم و الفقه. و روضه الحلم الاضافه فيها و في الفقره السابقه من قبيل لجين الماء و فيهما مکنيه و تخييليه، و حيث شبه الحکم الواقعي بالزهره لکونه معجبا و مثمرا لانواع الثمرات الدنيويه و الاخرويه، و الحلم بالروضه لکونه رائقا و نافعا في الدارين و في النهج: و رساخه الحلم يقال: رسخ- کمنع- رسوخا بالضم و رساخه بالفتح اي ثبت و الحلم الاناه و التثبت و قيل: هو الامساک عن المبادره الي قضاء و طرا لغضب. و رساخه الحلم قوته و کماله. فمن فهم فسر جميع العلم و من علم عرف شرائع الحکم اي من فهم غوامض العلوم، فسر ما اشتبه علي الناس منها، و من کان کذلک عرف شرائع الحکم بين الناس، فلايشتبه عليه الامر، و لايظلم و لايجور. و بعده في المجالس: و من عرف شرايع الحکم لم يضل. و من حلم لم يفرط في امره و لم يغضب علي الناس و تثبت في الامر. و في النهج: فمن فهم علم غور العلم و من علم غور العلم صدر ع

ن شرايع الحکم و من حلم- الخ. و الصدر الرجوع عن الماء و الشريعه و مورد الناس للاستقاء، و الصدور عن شرائع الحکم کنايه عن الاصابه فيه، و عدم الوقوع في الخطاء. و لم يفرط علي بناء التفعيل، اي لم يقصر فيما يتعلق به من امور القضاء و الحکم او مطلقا و في بعض نسخ النهج علي بناء الافعال اي لم يجاوز الحد. و عاش في الناس حميدا، و العيش الحياه و الحميد المحمود المرضي. و الجهاد علي اربع شعب تلک الشعب اما اسباب الجهاد او انواعه الخفيه ذکرها لئلا يتوهم انه منحصر في الجهاد في السيف، مع انه احد افراد الامر بالمعروف و النهي عن المنکر، بل الجهاد استفراغ الوسع في اعلاء کلمه الله و اتباع مرضاته و ترويج شرائعه باليد و اللسان و القلب. قال الراغب: الجهاد و المجاهده استفراغ الوسع في مدافعه العدو و الجهاد ثلاثه اضرب: مجاهده العدو الظاهر، و مجاهده الشيطان، و مجاهده النفس، و تدخل ثلاثتها في قوله- (تعالي)- و جاهدوا في الله حق جهاده و جاهدوا باموالهم و انفسهم في سبيل الله ان الذين آمنوا و هاجروا و جاهدوا باموالهم و انفسهم في سبيل الله و قال- صلي الله عليه و آله-: جاهدوا اهواء کم کما تجاهدون اعداء کم و المجاهده تکون باليد و اللسان، قال- علي

ه‏السلام- جاهدوا الکفار بايديکم و السنتکم. علي الامر بالمعروف هو الذي عرفه الشارع و عده حسنا، فان کان واجبا فالامر واجب، و ان کان مندوبا فالامر مندوب. و النهي عن المنکر اي ما انکره الشارع و عده قبيحا، و هما مشروطان بالعلم بکونه معروفا او منکرا، و تجويز التاثير، و عدم المفسده، و هما يجبان باليد و اللسان و القلب. و الصدق في المواطن اي ترک الکذب علي کل حال الا مع خوف الضرر، فيوري فلايکون کذبا. و المواطن مواضع جهاد النفس. و جهاد العدو و جهاد الفاسق بالامر و النهي و مواطن الرضا و السخط و الضر و النفع ما لم يصل الي حد تجويز التقيه. و اصل الصدق و الکذب ان يکونا في القول ثم في الخبر من اصناف الکلام کما قال- تعالي-: و من اصدق من الله قيلا؟ و من اصدق من الله حديثا؟ و قد يکونان بالعرض في غيره من انواع الکلام کقول القائل: ازيد في الدار، لتضمنه کونه جاهلا بحال زيد، و کما اذا قال: و اسني! لتضمنه انه محتاج الي المواساه. و يستعملان في افعال الجوارح، فيقال: صدق في القتال اذا و في حقه و صدق في الايمان اذا فعل ما يقتضيه من الطاعه. فالصادق الکامل من يکون لسانه موافقا لضميره و فعله مطابقا لقوله، و منه: الصديق حيث يطلق علي المعصو

م فيحتمل ان يکون الصدق هنا شاملا لجميع ذلک. و شنان الفاسقين الشنان بالتحريک و السکون- و قد صحح بهما في النهج- البعض، يقال: شنئه- کسمعه و منعه- شنئا مثلثه و شنائه و شنانا. و هذا اولي مراتب النهي عن المنکر، و قيل: هو مقتضي الايمان و يجب علي کل حال و ليس داخلا في النهي عن المنکر. شد ظهر المومن- و في النهج: ظهور المومنين- و شد الظهر کنايه عن التقويه، کما ان قصم الظهر کنايه عن ضدها، و الامر بالمعروف يقوي المومن لانه يريد ترويج شرائع الايمان، و عسي ان لايتمکن منه. ارغم انف المنافق ارقام الانف کنايه عن الاذلال، و اصله الصاق الانف بالرغام، و هو التراب، و يطلق علي الاکراه علي الامر، و يقال: فعلته علي رغم انفه اي علي کره منه، و الرغم مثلثه، الکره. و المنکر مطلوب للمنافقين و الفساق الذينهم صنف منهم حقيقه، و النهي عن المنکر يرغم انوفهم. و من صدق في المواطن قضي الذي عليه- و في سائر الکتب سوي الخصال: قضي ما عليه- اي من الامر بالمعروف و النهي عن المنکر، اذا لم يقدر علي اکثر من ذلک، او من جميع التکاليف فان الصدق في الايمان و العقائد يقتضي العمل بجميع التکاليف فعلا و ترکا او لانه ياتي بها لئلا يکون کاذبا اذا سئل عنها. و من شن

ي‏ء الفاسقين المضبوط في النهج بکسر النون. و لنتمم کلام المحقق البحراني، و ان لم يکن فيه کثيره فائده بعد ما ذکرنا، قال بعد مامر: و اما شعب هذه الدعائم، فاعلم انه جعل لکل دعامه منها اربع شعب من الفضائل، تتشعب منها و تتفرع عليها فهي کالفروع لها و الاغصان. اما شعب الصبر الذي هو عباره عن ملکه العفه فاحدها الشوق الي الجنه، و محبه الخيرات الباقيه، الثاني الشفق و هو الخوف من النار، و ما يودي اليها، الثالث الزهد في الدنيا و هو الاعراض بالقلب عن متاعها و طيباتها، الرابع ترقب الموت و هذه الاربع فضائل منبعثه عن ملکه العفه لان کلا منها يستلزمها. و اما شعب اليقين، فاحدها تبصره الفطنه و اعمالها، الثاني تاول الحکمه و هو تفسيرها، الثالث موعظه العبره، الرابع ان يلحظ سنه الاولين حتي يصير کانه فيهم، و هذه الاربع هي فضائل تحت الحکمه کالفروع لها، و بعضها کالفرع للبعض. و اما شعب العدل فاحدها غوص الفهم اي الفهم الغائص فاضاف الصفه الي الموصوف، و قدمها للاهتمام بها، و رسم هذه الفضيله انها قوه ادراک المعني المشار اليه بلفظ او کنايه او اشاره و نحوها، الثاني غور العلم و اقصاه و هو العلم بالشي‏ء کما هو تحقيقه و کنهه، الثالث نور الحکم اي

تکون الاحکام الصادره عنه نيره واضحه لالبس فيها و لا شبهه، الرابع ملکه الحلم و عبر عنها بالرسوخ لان شان الملکه ذلک، و الحلم هو الامساک عن المبادره الي قضاء و طرالغضب، فيمن يجني عليه جنايه يصل مکروهها اليه. و اعلم ان فضيلتي جوده الفهم و غور العلم، و ان کانتا داخلتين تحت الحکمه و کذلک فضيله الحلم داخله تحت ملکه الشجاعه الا ان العدل لما کان فضيله موجوده في الاصول الثلاثه کانت في الحقيقه هي و فروعها شعبا للعدل. بيانه ان الفضائل کلها ملکات متوسطه بين طرفي افراط و تفريط، و توسطها ذلک هو معني کونها عدلا فهي باسرها شعب له و جزئيات تحته. و اما شعب الشجاعه المعبر عنها بالجهاد، فاحدها الامر بالمعروف، و الثاني النهي عن المنکر، و الثالث الصدق في المواطن المکروهه، و وجود الشجاعه في هذه الشعب الثلاث ظاهر، و الرابع شنان الفاسقين، و ظاهر ان بغضهم مستلزم لعداوتهم في الله و ثوران القوه الغضبيه في سبيله لجهادهم، و هو مستلزم للشجاعه. و اما ثمرات هذه الفضائل فاشار الها للترغيب في مثمراتها، فثمرات شعب العفه اربع: احدها ثمره الشوق الي الجنه، و هو السلو عن الشهوات و ظاهر کونه ثمره له، اذ السالک الي الله ما لم يشتق الي ما وعد المتقون

لم يکن له صارف عن الشهوات الحاضره، مع توفر الدواعي اليها، فلم يسل عنها، الثانيه ثمره الخوف من النار، و هو اجتناب المحرمات، الثالثه ثمره الزهد و هي الاستهانه بالمصيبات، لان غالبها و عامها انما يلحق بسبب فقد المحبوب من الامور الدنيويه فمن اعرض عنها بقلبه کانت المصيبه بها هينه عنده، الرابعه ثمره ترقب الموت و هي المسارعه في الخيرات و العمل له و لما بعده. و اما ثمرات اليقين فان بعض شعبه ثمره لبعض، فان تبين الحکمه و تعلمها ثمرات لاعمال الفطنه و الفکره، و معرفه العبر و مواقع الاعتبار بالماضين، و الاستدلال بذلک علي صانع حکيم ثمره لتبين وجوه الحکمه و کيفيه الاعتبار. و اما ثمرات العدل، فبعضها کذلک ايضا و ذلک ان جوده الفهم و غوصه مستلزم للوقوف علي غور العلم و غامضه، و الوقوف علي غامض العلم مستلزم للوقوف علي شرائع الحکم العادل و الصدور عنها بين الخلق من القضاء الحق، و اما ثمره الحلم، فعدم وقوع الحليم في طرف التفريط و التقصير عن هذه الفضيله و هي رذيله الجبن و ان يعيش في الناس محمودا بفضيلته. و اما ثمرات الجهاد، فاحدها ثمره الامر بالمعروف، و هو شد ظهور المومنين و معاونتهم علي اقامه الفضيله، الثانيه ثمره النهي عن المنکر و ه

ي ارغام انوف المنافقين و اذ لا لهم بالقهر عن ارتکاب المنکرات و اظهار الرذيله، الثالثه ثمره الصدق في المواطن المکروهه، و هي قضاء الواجب من امر الله- تعالي- في دفع اعدائه و الذب عن الحريم، و الرابعه ثمره بغض الفاسقين و الغضب لله، و هي غضب الله لمن ابغضهم و ارضاوه يوم القيامه في دار کرامته. و اقول: فرق الکليني- قدس الله روحه- الخبر علي اربعه ابواب، فجمعنا ما اورده في بابي الاسلام و الايمان هنا، و سنورد ما اورده في بابي الکفر و النفاق في بابيها مع شرح تتمه ما اورده السيد و صاحب التحف و غيرهما انشاءالله- تعالي-.


صفحه 332.