خطبه 234-خطبه قاصعه











خطبه 234-خطبه قاصعه



[صفحه 275]

بيان: (لا يدري) علي صيغه المجهول، و في بعض النسخ علي المتکلم المعلوم، فعلي الاول لا يدل علي عدم علمه - عليه‏السلام- و علي الثاني ايضا المراد به غيره و ادخل نفسه تغليبا، و الابهام لمصلحه کعدم تحاشي السامعين من طول المده او غيره. قوله- عليه‏السلام- (اخرج به منها ملکا) ظاهره ان ابليس کان من الملائکه، و يمکن الجواب بان اطلاق الملک عليه لکونه من الملائکه بالولاء و قال بعض شراح النهج: (يسلم علي الله) اي يرجع اليه سالما من طرده و لعنه، تقول: (سلم علي هذا الشي‏ء) اذا رجع اليک سالما و لم يلحقه تلف، و الباء للمصاحبه کما في قوله (بامر) و اما الباء في (به) فيحتمل المصاحبه و السببيه و قد مر تمام الخطبه و شرحها. بيان: (بهره) غلبه. و (الرواء) بضم الراء و الهمز و المد، المنظر الحسن. و (العرف) بالفتح، الريح الطيبه. قوله- عليه‏السلام- (لا يدري) اي لا يدريه اکثر الناس. قوله- عليه‏السلام- (بامر) الباء للاستصحاب. قوله- عليه‏السلام- (ملکا) اي في الظاهر، لکونه في السماء و مخلوطا بهم. و قال الجزري: (الهواده) الرخصه و السکون. و (المحاباه) و قال: (هذا شي‏ء حمي) اي محظور لا يقرب.

[صفحه 285]

بيان: (الاساوره) جمع للاسوره التي هي جمع السوار. و (الذهبان) بالکسر و الضم، جمع (الذهب). قال الثعلبي: قال العلماء باخبار الماضين: لما کلم الله موسي و بعثه الي مصر خرج و لا علم له بالطريق، و کان الله- تعالي- يهديه و يدله و ليس معه زاد و لا سلاح و لا حموله و لا شي‏ء غير عصاه و مدرعه صوف و قلنسوه من صوف و نعلين، يظل صائما، و يبيت قائما، و يستعين بالصيد و بقول الارض حتي ورد مصر، و لما قرب مصر او حي الله- سبحانه- الي اخيه هارون يبشره بقدوم موسي و يخبره انه قد جعله لموسي وزيرا و رسولا معه الي فرعون، و امره ان يمر يوم السبت لغره ذي الحجه متنکرا الي شاطي النيل ليلتقي في تلک الساعه بموسي. قال: فخرج هارون و اقبل موسي- عليه‏السلام- فالتقيا علي شط النيل قبل طلوع الشمس، فاتفق انه کان يوم و رود الاسد الماء، و کان لفرعون اسد تحرسه في غيضه محيطه بالمدينه من حولها، و کانت ترد الماء غبا، و کان فرعون اذ ذاک في مدينه حصينه عليها سبعون سورا، في کل سور رساتيق و انهار و مزارع و ارض واسعه، في ربض کل سور سبعون الف مقاتل، و من وراء تلک المدينه غيضه تولي فرعون غرسها بنفسه و عمل فيها و سقاها بالنيل، ثم اسکنها الاسد فنسلت و

توالدت حتي کثرت، ثم اتخذها جندا من جنوده تحرسه، و جعل خلال تلک الغيضه طرقا تفضي من يسلکها الي ابواب من ابواب المدينه معلومه ليس لتلک الابواب طريق غيرها، فمن اخطا وقع في الغيضه فاکلته الاسد و کانت الاسود اذا وردت النيل ظلت عليها يومها کلها ثم تصدر مع الليل. قال: فالتقي موسي و هارون يوم و رودها، فلما ابصرتهما الاسد مدت اعناقها و رووسها اليهما و شخصت ابصارها نحو هما، و قذف الله - تعالي- في قلوبها الرعب، فانطلقت نحو الغيضه منهزمه هاربه علي وجوهها تطا بعضها بعضا حتي اندست في الغيضه، و کان لها ساسه يسوسونها و ذاده يذودونها و يشلونها بالناس فلما اصابها ما اصابها خاف ساستها فرعون و لم يشعروا من اين اتوا، فانطلق موسي و هارون- عليهاالسلام- في تلک المسبعه حتي وصلا الي باب المدينه الاعظم الذي هو اقرب ابوابها الي منزل فرعون، و کان منه يدخل و منه يخرج، و ذلک ليله الاثنين بعد هلال ذي الحجه بيوم، فاقاما عليه سبعه ايام فکلمهما واحد من الحراس و زبرهما و قال لهما: هل تدريان لمن هذا الباب؟ فقال موسي- عليه‏السلام-: ان هذا الباب و الارض کلها و ما فيها لرب العالمن، و اهلها عبيد له، فسمع ذلک الرجل قولا لم يسمع مثله قط و لم يظن ان ا

حدا من الناس يفصح بمثله، فلما سمع ما سمع اسرع الي کبرائه الذين فوقه فقال لهم: سمعت اليوم قولا و عاينت عجبا من رجلين هو اعظم عندي و افظع و اشنع مما اصابنا في الاسد، و ما کانا ليقدما علي ما اقدما عليه الا بسحر عظيم، و اخبرهم القصه فلا يزال ذلک يتداول بينهم حتي انتهي الي فرعون. و قال السدي باسناده: سار موسي- عليه‏السلام- باهله نحو مصر حتي اتاها ليلا فتضيف امه و هي لا تعرفه، و انما اتاهم في ليله کانوا ياکلون فيها الطفيشل و نزل في جانب الدار، فجاء هارون فلما ابصر ضيفه سال عنه امه، فاخبرته انه ضيف فدعاه فاکل معه فلما ان فعد تحدثا فاساله هارون فقال: من انت؟ فقال: انا موسي. فقام کل واحد منهما الي صاحبه فاعتنقه، فلما ان تعارفا قال له موسي: يا هارون! انطلق معي الي فرعون، فان الله- عز و جل- قد ارسلنا اليه. فقال هارون: سمعا و طاعه. فقامت امهما فصاحت و قالت: انشد کما الله ان تذهبا الي فرعون فيقتلکما. فاتيا و مضيا لامر الله- سبحانه- فانطلقا اليه ليلا فاتيا الباب و التمسا الدخول عليه ليلا فقرعا الباب ففزع فرعون و فزع البواب، و قال فرعون: من هذا الذي يضرب بابي هذه الساعه؟! فاشرف عليهما البواب فکلمهما، فقال له موسي: انا رسول

رب العالمين. فاتي فرعون فاخبره و قال: ان ههنا انسانا مجنونا يزعم انه رسول رب العالمين. و قال محمد بن اسحاق بن يسار: خرج موسي لما بعثه الله- سبحانه - حين قدم مصر علي فرعون هو و اخوه هارون حتي وقفا علي باب فرعون يلتمسان الاذن عليه و هما يقولان: انا رسولا رب العالمين، فاذنوا بنا هذا الرجل، فمکثا سنتين يغدوان الي بابه و يروحان لا يعلم بهما و لا يجتزي احد علي ان يخبره بشانهما حتي دخل عيه بطال له يلعب عنده و يضحکه فقال له: ايها الملک ان علي بابک رجلا يقول قولا عجيبا يزعم ان له الها غيرک. فقال: ببابي؟! ادخلوه. فدخل موسي و معه هارون - عليهماالسلام- علي فرعون. قالوا: فلما اذن فرعون لموسي و هارون دخلا عليه فلما وقفا عنده دعا موسي بدعاء و هو: (لا اله الا الله الحليم الکريم لا اله الا الله العلي العظيم سبحان الله رب السموات السبع و رب الارضين السبع و ما فيهن و ما بينهن و رب العرش العظيم و سلام علي المرسيلن و الحمدلله رب العالمين. اللهم اني ادروک في نحره و اعوذبک من شره و استعينک عليه فاکفنيه بما شئت). قال: فتحول ما بقلب موسي من الخوف امنا، و کذلک من دعا بهذا الدعاء و هو خائف آمن الله خوفه، و نفس کربته، و هون عليه سکرات

الموت. قم قال فرعون لموسي: من انت؟ قال: انا رسول رب العالمين. فتامله فرعون فعرفه فقال له: (الم نربک فينا و ليدا و لبثت فينا من عمرک سنين و فعلت فعلتک التي فعلت و انت من الکافرين) معناه: علي ديننا هذا الذي تعيبه. فقال موسي: (فعلتها اذا و انا من الضالين) المخطئين و لم ارد بذلک القتل (ففررت منکم لما خفتکم فوهب لي ربي حکما)- اي نبوه- (و جعلني من المرسلين). ثم اقبل موسي ينکر عليه ما ذکر فقال: (و تلک نعمه تمنها علي ان عبدت بني‏اسرائيل) اي اتخذتهم عبيدا تنزع ابنائهم من ايديهم تسترق من شئت اي انما صيرني اليک ذلک. قال فرعون: (و ما رب العالمين قال رب السموات و الارض و ما بينهما ان کنتم موقنين). قال فرعون لمن حوله: (الا تستمعون؟) انکارا لما قال. قال موسي: (ربکم و رب آبائکم الاولين). فقال فرعون: (ان رسولکم الذي ارسل اليکم لمجنون) يعني ما هذا بکلام صحيح اذ يزعم ان لکم الها غيري. قال موسي: (رب المشرق و المغرب و ما بينهما ان کنتم تعقلون). فقال فرعون لموسي: (لئن اتخذت الها غيري لا جعلنک من المسجونين قال: او لو جئتک بشي‏ء مبين) تعرف به صدقي و کذبک، و حقي و باطلک. قال فرعون: (فات به ان کنت من الصادقين فالقي عصاه فاذا هي ثعبان

مبين) فاتحه فاها قد ملات ما بين سماطي فرعون، واضعه لحييها الاسفل في الارض و الاعلي في سورالقصر حتي راي بعض من کان خارجا من مدينه مصر راسها، ثم توجهت نحو فرعون لياخذه فارفض عنها الناس و ذعر عنها فرعون، و وثب عن سريره و احدث حتي قام به بطنه في يومه ذلک اربعين مره! و کان فيما يزعمون لا يسعل و لا يصدع و لا يصيبه آفه مما يصيب الناس، و کان يقوم في اربعين يوما مره، و کان اکثر ما ياکل الموز لکيلا يکون له ثفل فيحتاج الي القيام، و کان هذه الاشياء مما زين له ان قال ما قال، لانه ليسس له من الناس شبيه. قالوا: فلما قصدته الحيه صاح: يا موسي انشدک بالله و حرمه الرضاع الا اخذتها و کففتها عني، و اني او من بک و ارسل معک بني‏اسرائيل. فاخذها موسي فعادت عصا کما کانت، ثم نزع يده من جيبه فاخرجها بيضاء مثل الثلج، لها شعاع کشعاع الشمس، فقال له فرعون: هذه يدک. فلما قالها فرعون ادخلها موسي جيبه ثم اخرجها الثانيه، لها نور ساطع في السماء تکل منها الابصار، و قد اضائت ما حولها، يدخل نورها في البيوت، و يري من الکوي من وراء الحجب، فلم يستطع فرعون النظر اليها، ثم ردها موسي الي جيبه ثم اخرجها فاذا هي علي لونها الاول. قالوا: فهم فرعون بتصديقه،

فقام اليه هامان و جلس بين يديه فقال له: بينا انت اله تعبد اذ انت تابع لعبد؟! فقال فرعون لموسي: امهلني اليوم الي غد. و اوحي الله- تعالي- الي موسي ان قل لفرعون: انک ان آمنت بالله وحده عمرتک في ملکک و رددت شابا طريا. فاستنظره فرعون. فلما کان من الغد دخل عليه هامان فاخبره فرعون بما وعده موسي من ربه. فقال له هامان: و الله ما يعدل هذا عباده هولاء لک يوما واحدا، و نفخ في منخره، ثم قال له هامان: انا اردک شابا، فاتاه بالوسمه فخضبه بها! فلما دخل عليه موسي فرآه علي تلک الحاله هاله ذلک، فاوحي الله- تعالي-: لا يهولنک ما رايت فانه لم يلبث الا قليلا حتي يعود الي الحاله الاولي. و في بعض الروايات ان موسي و هارون لما انصرفا من عند فرعون اصابها المطر في الطريق فاتيا علي عجوز من اقرباء امهما، و وجه فرعون الطلب في اثرهما، فلما دخل عليهما الليل ناما في دارها و جائت الطلب الي الباب و العجوز منتبهه، فلما احست بهم خافت عليهما فخرجت العصا من صير الباب و العجوز تنظر فقاتلتهم حتي قتلت منهم سبعه انفس، ثم عادت و دخلت الدار، فلما انتبه موسي و هارون اخبرتهما بقصه الطلب و نکايه العصا منهم فامنت بهما و صدقتهما. توضيح: (الغيضه) موضع تنبت فيه

الاشجار الکثيره. و (ربض المدينه) بالتحريک، ما حولها. و (الاندساس) الاختفاء. و (اشليت الکلب علي الصيد) اغريته. و (الطفيشل) - کسميدع- نوع من المرق. و (الارفضاض) التفرق. و (الطلب) بالتحريک، جمع طالب. و (الصير) بالکسر، شق الباب. ثم قال الثعلبي: قالت العلماء باخبار الانبياء: ان موسي و هارون - عليهماالسلام- وضع فرعون امرهما و ما اتيا به من سلطان الله- سبحانه- علي السحر و قال للملا من حوله. (ان هذان لساحران يريدان) الي قوله: (فماذا تامرون) اقتلهما؟ فقال العبد الصالح خربيل مومن آل فرعون: (اتقتلون رجلا ان يقول ربي الله و قد جائکم بالبينات من ربکم) الي قوله: (فمن ينصرنا من باس الله ان جائنا) قال فرعون: (ما اريکم الا ما اري و ما اهديکم الا سبيل الرشاد). و قال الملا من قوم فرعون: (ارجه و اخاه و ابعث في المدائن حاشرين ياتوک بکل سحار عليم) و کانت لفرعون مدائن فيها السحره عده للامر اذا حزبه. و قال ابن‏عباس: قال فرعون لما راي من سلطان الله في اليد و العصا: انا لا نغالب موسي الا بمن هو مثله. فاخذ غلمانا من بني‏اسرائيل فبعث بهم الي قريه يقال لها الغرماء يعلمونهم السحر کما يعلم الصبيان (الکتابه خ ل) في الکتاب، فعلموهم سحرا کثي

را. و واعد فرعون موسي موعدا فبعث فرعون الي السحره فجاء بهم و معهم معلمهم، فقالوا له: ماذا صنعت؟ فقال: علمتهم سحرا لا يطيقه سحره اهل الارض الا ان يکون امر من السماء فانه لا طاقه لهم به. ثم بعث فرعون الشرطي في مملکته فلم يترک في سلطانه ساحرا الا اتي به. و اختلفوا في عدد السحره الذين جمعه فرعون، فقال مقاتل: کانوا اثنين و سبعين ساحرا، اثنان منهم من القبط و هما راسا القوم، و سبعون من بني‏اسرائيل، و قال الکلبي: کانوا سبعين ساحرا غير رئيسهم، و کان الذي يعلمهم ذلک رجلين مجوسيين من اهل نينوي، و قال کعب: کانوا اثني عشر الفا، و قال السدي: کانوا بضعا و ثلاثين الفا، و قال عکرمه: سبعين الفا، و قال محمد بن المنکدر: ثمانين الفا. فاختار منهم سبعه الاف ليس منهم الا ساحر ماهر، ثم اختار منهم سبعمائه، ثم اختار من اولئک السبعمائه سبعين من کبرائهم و علمائهم، قال مقاتل: و کان رئيس السحره اخوين باقصي مدائن مصر. فلما جائهما رسول فرعون قالا لامهما: دلينا علي قر ابينا. فدلتهما عليه، فاتياه فصاحا باسمه فاجابهما، فقالا: ان الملک وجه الينا ان نقدم عليه لانه اتاه رجلان ليس معهما رجال و لا سلاح و لهما عز و منعه و قد ضاق الملک ذرعا من عزهما،

و معهما عصا اذا القياها لا يقوم لهما شي‏ء، تبلع الحديد و الخشب و الحجر، فاجابهما ابوهما: انظرا اذاهما ناما فان قدرتما ان تسلا العصا فسلاها، فان الساحر لا يعمل سحره و هو نائم، و ان عملت العصا و هما نائمان فدلک امر رب العالمين، و لا طاقه لکما بهما و لا للملک و لا لجميع اهل الدنيا، فاتياهما في خفيه و همانائمان لياخذا العصا فقصدتهما العصا. قالوا: ثم و اعدوه يوم الزينه و کان يوم سوق لهم، عن سعيد بن جبير، و قال ابن‏عباس: کان يوم عاشوراء، و وافق ذلک يوم السبت في اول يوم من السنه و هو يوم النيروز، و کان يوم عيد لهم يجتمع اليه الناس من الافاق، قال عبدالرحمن بن زيد بن اسلم: و کان اجتماعهم للميقات بالاسکندريه، و يقال: بلغ ذنب الحيه من وراء البحريه يومئذ. قالوا ثم قال السحره لفرعون: (ائن لنا لاجرا ان کنا نحن الغالبين). قال فرعون: (و انکم اذا لمن المقربين) عندي في المنزله. فلما اجتمع الناس جاء موسي و هو متکي علي عصاه و معه اخوه هارون حتي اتي الجمع و فرعون في مجلسه مع اشراف قومه، فقال موسي - عليه‏السلام- للسرحه حين جائهم: (ويلکم لا تفتروا علي الله کذبا فيسحتکم بعذاب و قد خاب من افتري). فتناجي السحره بينهم و قال بعضهم لبعض

: ما هذا بقول ساحر، فذلک قوله- تعالي-: (فتنازعوا امرهم بينهم و اسروا النجوي). فقالت السحره: لناتينک اليوم بسحر لم تر مثله، و قالوا: (بعزه فرعون انا لنحن الغالبون)، و کانوا قد جاووا بالعصي و الحبال تحملها ستون بعيرا، فلما ابو الا الاصرار علي السحر قالوا لموسي: (اما ان تلقي و اما ان نکون اول من القي؟ قال: بل القوا) انتم، فالقوا حبالهم و عصيهم فاذا هي حيات کامثال الجبال قد ملات الوادي يرکب بعضها بعضا تسعي، فذلک قوله- تعالي-: (يخيل اليه من سحرهم انها تسعي فاوجس في نفسه خيفه موسي) و قال: و الله ان کانت لعصيا في ايديهم و لقد عادت حيات و ما يعدون عصاي هذه، او کما حدث نفسه فاوحي الله- تعالي- اليه: (لا تخف انک انت الاعلي و الق ما في يمينک تلقف ما صنعوا انما صنعوا کيد ساحر و لا يفلح الاسحر حيث اتي) ففرج عن موسي و القي عصاه من يده فاذا هي ثعبان مبين، کاعظم ما يکون اسود مدلهم علي اربع قوائم قصار غلاظ شداد، و هو اعظم و اطول من البختي، و له ذنب يقوم عليه فيشرف فوق حيطان المدينه راسه و عنقه و کاهله، لا يضرب ذنبه علي شي‏ء الا حطمه و قصمه، و يکسر بقوائمه الصخور الصم الصلاب، و يطحن کل شي‏ء، و يضرم حيطان البيوت بنفسه نارا، و ل

ه عينان تلتهبان نارا، و منخران تنفخان سموما، و علي مفرقه شعر کامثال الرماح، و صارت الشعبتان له فما سعته اثناعشر ذراعا، و فيه انياب و اضراس، و له فحيح و کشيش و صرير و صريف، فاستعرضت ما القي السحره من حبالهم و عصيهم و هي حيات في عين فرعون و اعين الناس، تسعي تلقفها و تبتلعها واحدا واحدا حتي ما يري بالوادي قليل و لا کثير مما القوا، و انهزم الناس فزعين هاربين منقلبين، فتزاحموا و تضاغطوا و وطي بعضهم بعضا حتي مات منهم يومئذ في ذلک الزحام و مواطي الاقدام خمسه و عشرون الفا، و انهزم فرعون فيمن انهزم منخوبا مرعوبا عازبا عقله و قد استطلق بطنه في يومه ذلک عن اربعمائه جلسه! ثم بعد ذلک الي اربعين مره في اليوم و الليله علي الدوام الي ان هلک! فلما انهزم الناس و عاين السحره ما عاينوا و قالوا: لو کان سحرا لما غلبنا، و لما خفي علينا امره و لئن کان سحرا فاين حبالنا و عصينا؟ فالقوا سجدا و قالوا: (آمنا برب العالمين رب موسي و هارون) و کان فيهم اثنان و سبعون شيخا قد انحنت ظهورهم من الکبر، و کانوا علماء السحره، و کان رئيس جماعتهم اربعه نفر: سابور و عادور و حطحط و مصفا، و هم الذين آمنوا حين راوا ما راوا من سلطان الله- تعالي-، ثم آمنت ا

لسحره کلهم. فلما راي فرعون ذلک اسف و قال لهم متجلدا: (آمنتم له قبل ان ادن لکم؟ انه لکبير کم الذي علمکم السحر فلا قطعن ايديکم و ارجلکم من خلاف و لا صلبنکم في جذوع النخل و لتعلمن اينا اشد عذابا و ابقي). فقالوا: (لن نوثرک علي ما جائنا من البينات و الذي فطرنا فافض ما انت قاض) الي قوله- تعالي-: (و الله خير و ابقي). فقطع ايديهم و ارجلهم من خلاف و صلبهم علي جذوع النخل، و هو اول من فعل ذلک، فاصبحوا سحره کفره و امسوا شهداء برره، و رجع فرعون مغلوبا معلولا، ثم ابي الا اقامه علي الکفر و التمادي فيه، فتابع الله- تعالي- عليه بالايات و اخذه و قومه بالسنين الي ان اهلکهم و خرج موسي- عليه‏السلام- راجعا الي قومه و العصا علي حالها حيه تتبعه و تبصبص حوله و تلوذ به کما يلوذ ابکلب الالوف بصاحبه، و الناس ينظرون اليها ينخزلون و يتضاغطون حتي دخل موسي عسکر بني‏اسرائيل و اخذ براسها فاذا هي عصاه کما کانت اول مره، و شتت الله علي فرعون امره، و لم يجد علي موسي سبيلا، فاعتزل موسي في مدينته و لحق بقومه و عسکروا مجتمعين الي ان صاروا ظاهرين ظافرين. بيان: (المدلهم) المظلم. و (فحيح الافعي) صوتها من فيها. و (الکشيش) صوتها من جلدها. و (المنخوب) ال

جبان الذي لا فواد له. ثم قال الثعلبي: فلما خاف فرعون علي قومه ان يومنوا بموسي عزم علي بناء صرح يقوي به سلطانه، فقال: (يا هامان ابن لي صرحا- الايه). فجمع العمال و الفعله حتي اجتمع له خمسون الف بناء سوي الاتباع و الاجراء ممن يطبخ الاجر و الجص و ينجر الخشب و الابواب و يضرب المسامير، فلم يزل يبني ذلک الصرح الي ان فرغ منه في سبع سنين و ارتفع ارتفاعا لم يبلغه بنيان احد من الخلق منذ خلق الله السموات و الارض، فبعث الله- عز و جل- جبرئيل و ضرب بجناحه الصرح فقطعه ثلاث قطع: وقعت قطعه منها في البحر، و اخري في الهند، و اخري في المغرب. و قال الضحاک: بعثه الله وقت الغروب فقذف به علي عسکر فرعون فقتل منهم الف الف رجل. و قالوا: و لم يبق احد عمل فيه شيئا الا اصابه موت او حريق او عاهه، ثم ان فرعون بعد ذلک عزم علي قتال موسي فاراه الله الايات. فلما لم يومن اوحي الله - تعالي- اي موسي ان اجمع بني‏اسرائيل کل اربعه اهل ابيات في بيت، ثم اذبحوا اولاد الضان و اضربوا بدمائها علي الابواب، فاني مرسل علي اعدائکم عذابا و اني سامر الملائکه فلا يدخل بيتا علي بابه دم، و سامرها فتقتل ابکار آل فرعون من انفسهم و اموالهم فتسلمون انتم و يهلکون هم ثم

اخبزوا خبزا فطيرا فانه اسرع لکم، ثم اسر بعبادي حتي تنتهي بهم الي البحر فياتيک امري. ففعلت ذلک بنواسرائيل. فقالت القبط لبني اسرائيل: لم تعالجون هذا الدم علي ابوابکم؟ فقالوا: ان الله - سبحانه- مرسل عذابا فنسلم و تهلکون. فقالت القبط: فما يعرفکم ربکم الا بهذه العلامات؟ فقالوا: هکذا امرنا نبينا. فاصبحوا و قد طعن ابکار آل فرعون و ماتوا کلهم في ليله واحده و کانوا سبعين الفا، و اشتغلوا بدفنهم و بمانالهم من الحزن علي المصيبه. و سري موسي بقومه متوجهين الي البحر و هم ستمائه الف و عشرون الفا لا يعدفيهم ابن‏سبعين سنه لکبره و لا ابن‏عشرين سنه لصغره، و هم المقاتله سوي الذريه، و کان موسي- عليه‏السلام- علي الساقه، و هارون علي المقدمه. فلما فرغت القبط من دفن ابکارهم و بلغهم خروج بني‏اسرائيل، قال فرعون: هذا عمل موسي قتلوا ابکارنا من انفسنا و اموالنا، ثم خرجوا و لم يرضوا ان ساروا بانفسهم حتي ذهبوا باموالنامعهم، فنادي في قومه کما قال الله- سبحانه-: (فارسل فرعون في المدائن حاشرين ان هولاء لشرذمه قليلون و انهم لنا لغائظون و انا لجميع حاذرون). ثم تبعهم فرعون بجنوده و علي مقدمته هامان في الف الف و سبعمائه الف کل رجل علي حصان و علي ر

اسه بيضه و بيده حربه. و قال ابن‏جريح: ارسل فرعون في اثر موسي و قومه الف الف و خمسمائه الف ملک مسور مع کل ملک الف، ثم خرج فرعون خلفهم في الدهم و کانوا مائه الف رجل کل واحد منهم راکبا حصانا ادهم، فکان في عسکر فرعون مائه الف حصان الدهم، و ذلک حين طلعت الشمس و اشرقت، کما قال الله- سبحانه- (فاتبعوهم مشرقين). فلما ترائي الجمعان و رات بنواسرائيل غبار عسکر فرعون قالوا: يا موسي اين ما وعدتنا من النصر و الظفر؟ هذا البحر امامنا، ان دخلناه غرقنا، و فرعون خلفنا ان ادرکنا قتلنا، و لقد اوذينا من قبل ان تاتينا و من بعد ما جئتنا. فقال موسي: (استعينوا بالله و اصبروا ان الارض لله يورثها من يشاء من عباده و العاقبه للمتقين). و قال (عسي ربکم ان يهلک عدوکم و يستخلفکم في الارض فينظر کيف تعملون). قالوا: فلما انتهي موسي - عليه‏السلام- الي البحر هاجت الريح ترمي بموج کالجبال، فقال له يوشع بن نون: يا مکلم الله اين امرت و قد غشينا فرعون و البحر امامنا؟ فقال موسي: ههنا. فخاض يوشع الماء و جاز البحر ما يواري حافر دابته الماء. و قال خربيل: يا مکلم الله اين امرت؟ قال: ههنا. فکبح فرسه بلجامه حتي طارالزبد من شدقيه ثم اقحمه البحر فرسب في الماء و

ذهب القوم يصنعون مثل ذلک فلم يقدروا، فاوحي الله- سبحانه- الي موسي: (ان اضرب بعصاک البحر)، فضرب فلم يطعه فاوحي الله اليه ان کنه، فضرب موسي بعصاه ثانيا و قال: انفلق ابا خالد! (فانفلق فکان کل فرق کالطود العظيم). فاذا خربيل واقف علي فرسه لم يبتل سرجه و لا لبده. و ظهر في البحر اثناعشر طريقا لاثني عشر سبطا، لکل سبط طريق، و ارسل الله الريح و الشمس علي قعر البحر حتي صاريبسا. و عن عبدالله بن سلام ان موسي لما انتهي الي البحر قال: (يا من کان قبل کل شي‏ء، و المکون لکل شي‏ء، و الکائن بعد کل شي‏ء اجعل لنا مخرجا). و عن عبدالله قال: قال رسول الله- صلي الله عليه و آله-: انه قال عند ذلک: (اللهم لک الحمد و اليک المشتکي و انت المستعان و لا حول و لا قوه الا بالله العلي العظيم). قالوا: فخاضت بنواسرائيل البحر کل سبط في طريق و عن جانبيهم الماء کالجبل الضخم لا يري بعضهم بعضا فخافوا و قال کل سبط، قد قتل اخواننا. فاوحي الله- سبحانه- الي جبال الماء ان تشبکي! فصار الماء شبکات ينظر بعضهم الي بعض، و يسمع بعضهم کلام بعض حتي عبروا البحر سالمين، و لما خرجت ساقه عسکر موسي من البحر وصلت مقدمه عسکر فرعون اليه، و اراد موسي ان يعود البحر الي حاله

الاولي فاوحي الله- سبحانه- ان: (اترک البحر رهوا انهم جند مغرقون). فلما وصل فرعون قال لقومه: انظروا الي البحر قد انفلق لهيبتي حتي ادرک اعدائي و عبيدي، و لم تکن في خيل فرعون انثي فجاء جبرئيل علي فرس انثي و عليه عمامه سوداء و تقدمهم و خاض البحر و ظن اصحاب فرعون انه منهم، فلما سمعت الخيول ريحها اقتحمت البحر في اثرها، و جاء ميکائيل علي فرس خلف القوم يشحذهم و يقول لهم: الحقوا باصحابکم. فلما اراد فرعون ان يسلک طريق البحر نهاه وزيره هامان و قال: اني قد اتيت هذا الموضع مرارا و ما لي عهد بهذه الطرق، و ان لا آمن ان يکون هذا مکرا من الرجل يکون فيه هلاکنا و هلاک اصحابنا. فلم يطعه فرعون و ذهب حاملا علي حصانه ان يدخل البحر، فامتنع و نفر حتي جاء جبرئيل علي رمکه بيضاء فخاض البحر فتبعها حصان فرعون، فلما توافوا في البحر و هم اولهم بالخروج امر الله البحر فالتطم عليهم فغرقهم اجمعين بمراي من بني‏اسرائيل. قالوا: فلما سمعت بنواسرائيل صوت التطام البحر قالوا لموسي: ما هذه الوجبه؟ فقال لهم: ان الله - سبحانه- قد اهلک فرعون و کل من کان معه. فقالوا: ان فرعون لا يموت لانه خلق خلق من لا يموت، الم تر انه کان يلبث کذا و کذا يوما يحتاج الي شي

‏ء مما يحتاج اليه الانسان؟ فامرالله- سبحانه- البحر فالقاه علي نجوه من الارض و عليه درعه حتي نظر اليه بنواسرائيل. و يقال: لو لم يخرجه الله - تعالي- ببدنه لشک فيه بعض الناس، فبعث موسي جندين عظيمين من بني‏اسرائيل کل جند اثناعشر الفا الي مدائن فرعون، و هي يومئذ خاليه من اهلها لم يبق منهم الا النساء و الصبيان و الزمني و المرضي و الهرمي، و امر علي الجند بن يوشع بن نون و کالب بن يوفنا فدخلوا بلاد فرعون فغنموا ما کان فيها من اموالهم و کنوزهم، و حموا من ذلک ما استقلت به الحموله عنها، و ما لم يطيقوا حملها باعوه من قوم آخرين، فذلک قوله- تعالي-: (کم ترکوا من جنات و عيون و زروع و مقام کريم و نعمه کانوا فيها فاکهين کذلک و اورثناها قوما آخرين). ثم ان يوشع استخلف علي قوم فرعون رجلا منهم و عاد الي موسي بمن معه سالمين غانمين. تذنيب: قال السيد المرتضي - قدس سره-: فان قيل: کيف جاز لموسي ان يامر السحره بالقاء الحبال و العصي و ذلک کفر و سحر و تلبيس و تمويه، و الامر بمثله لا يحسن؟ قلنا: لابد من ان يکون في امره- عليه‏السلام- بذلک شرط، فکانه قال: القوا ما انتم ملقون ان کنتم محقين، و کان فيما تفعلونه حجه، و حذف الشرط لدلاله الکلام عل

يه و اقتضاء الحال له، و يمکن ان يکون علي سبيل التحدي بان يکون دعاهم الي الالقاء علي وجه يساويه فيه، و لا يخيلون فيما القوه السعي و التصرف من غير ان يکون له حقيقه لان ذلک غير مساو لما ظهر علي يده من انقلاب الجماد حيه علي الحقيقه دون التخييل، و اذا کان ذلک ليس في مقدورهم فانما تحداهم به ليظهر حجته. اقول: يمکن ان يقال: الامر بالسحر اذا کان مشتملا علي بيان بطلانه و ظهور المعجزه و عدم مبالاته بما صنعوا مع ان القوم لا ينتهون عنه بعدم امره بل بنهيه ايضا ليس بقبيح، فيمکن ان يکون مخصصا لعمومات النهي عن الامر بالسحر ان کانت و لو کان لمحض دليل العقل، فلا يحکم في خصوص تلک الصوره بشي‏ء من القبح، او يقال: انه لم يکن المراد به الامر حقيقه بل کان الغرض عدم خوفه و مبالاته بما سحروا به، فيمکن ارجاعه الي امر التسويه، و قيل: انه لم يامر بالسحر بل بالالقاء و هم اعم منه. ثم قال السيد: فان قيل: فمن اي شي‏ء خاف موسي- عليه‏السلام-؟ او ليس خوفه يقتضي شکه في صحه ما اتي به؟ قلنا: انما راي من قوه التلبيس و التخييل ما اشفق عنده من وقوع الشبهه علي من لم ينعم النظر فامنه الله- تعالي- من ذلک، و بين له ان حجته ستتضح للقوم بقوله- تعالي-: (لا

تخف انک انت الاعلي). اقول: قد مر خبر في عله ذلک الخوف في القاء ابراهيم- عليه‏السلام- في النار، و قيل کان لا يلقي العصا الا بوحي، و لما ابطا الوحي خاف تفرق بعض الناس قبل ان يومر بالاقاء، و قيل: کان خوفه ابتداء علي مقتضي الجبله البشريه. ثم قال السيد- رحمه الله-: فان قيل: فما معني قوله: (ربنا انک اتيت فرعون و ملاه- الايه)؟ قلنا: اما قوله: (ليضلوا عن سبيلک) ففيه وجوه: اولها: انه اراد: لئلا يضلوا، فحذف. و هذا له نظائر کثيره في القرآن و کلام العرب فمن ذلک قوله: (ان تضل احديهما) و انما اراد: لئلا تضل. و قوله: (ان تقولوا يوم القيمه) و قوله: (ان تميد بکم) و قال الشاعر: نزلتم منزل الاضياف منا فعجلنا القري ان تشتمونا و ثانيها: ان اللام ههنا هي لام العاقبه و ليست بلام الغرض کقوله: (ليکون لهم عدوا و حزنا). و ثالثها: ان يکون مخرج الکلام مخرج النفي و الانکار علي من زعم ان الله- تعالي- فعل ذلک ليضلهم. و رابعها: ان يکون اراد الاستفهام فحذف حرفه المختص به. و (خفض الجناح) کنايه عن لين الجانب و حسن الخلق و الشفقه. و (المخمصه) الجوع. و (المجهده) المشقه. و (محصهم) بالمهملتين، اي خلصهم و طهرهم، و بالمعجمتين، اي حرکهم و زلزلهم.

[صفحه 285]

و (العقيان) بالکسر، هو الذهب الخالص، و قيل: ما ينبت منه نباتا. و (البلاء) الامتحان. و (اضمحل الانباء) اي سقط الوعد و الوعيد. و (الذهبان) بالضم و الکسر، جمع الذهب. و (العقيان) بالکسر، الذهب الخالص. و (البلاء) الامتحان. و (الانباء) الاخبار بالوعد والوعيد. قوله- عليه‏السلام- (و لا لزمت الاسماء معانيها) اي کانت تنفک الاسماء عن المعاني فتصدق الاسماء بدون مسمياتها، کالمومن و المسلم و الزاهد و غيرها. و (الخصاصه) الفقر. و (ضامه حقه) انتقصه. و (الضيم) الظلم. قوله- عليه‏السلام- (تمتد نحوه) اي يومله الموملون و يرجوه الراجون، فان کل من امل شيئا يطمح اليه بصره و يسافر برغبته اليه، فکني عن ذلک بمد العنق و شد عقد الرحال. قوله- عليه‏السلام- (فکانت النيات مشترکه) اي بين الله و بين ما ياملون من الشهوات، غير خالصه له- تعالي-. و حسناتهم مقتسمه بينه- تعالي- و بين تلک الشهوات، او المعني انهم لو کانوا کذلک لامن بهم جل الخلق للرغبه و الرهبه، فلم يتميز المومن و المنافق، و المخلص و المرائي.

[صفحه 310]

(توضيحات حول المسائل المطروحه في نهايه الخطبه) )1- کيفيه ولاده الرسول- صلي الله عليه و آله- و معيشته و سلوکه و آدابه) اقول: قال عبدالحميد بن ابي‏الحديد: روي ان بعض اصحاب ابي‏جعفر محمد بن علي الباقر- عليهماالسلام- ساله عن قوله الله- تعالي-: (الا من ارتضي من رسول فانه يسلک من بين يديه و من خلفه رصدا) فقال - عليه‏السلام-: يوکل الله- تعالي- بانبيائه ملائکه يحصون اعمالهم و يودون اليهم تبليغهم الرساله، و کل بمحمد ملکا عظيما منذ فصل عن الرضاع يرشده الي الخيرات و مکارم الاخلاق و يصده عن الشر و مساوي الاخلاق، و هو الذي کان يناديه: السلام عليک يا محمد يا رسول الله، و هو شاب لم يبلغ درجه الرساله بعد، فيظن ان ذلک من الحجر و الارض، فيتامل فلا يري شيئا. و روي الطبري في التاريخ عن محمد بن الحنيفه، عن ابيه علي- عليه‏السلام- قال: سمعت رسول الله- صلي الله عليه و آله- يقول: ما هممت بشي‏ء مما کان اهل الجاهليه يعملون به غير مرتين، کل ذلک يحول الله بيني و بين ما اريد من ذلک، ثم ما هممت بسوء حتي اکرمني الله برسالته، قلت ليله لغلام من قريش کان يرعي معي باعلي مکه: لو ابصرت لي غنمي حتي ادخل مکه فاسمر بها کما يسمر الشباب

، فخرجت اريد ذلک حتي اذا جئت اول دار من دور مکه سمعت عزفا بالدف و المزامير، فقلت: ما هذا؟ قالوا: هذا فلان تزوج ابنه فلان. فجلست انظر اليهم، فضرب الله علي اذني، فکنت فما ايقظني الا مس الشمس، فجئت الي صاحبي فقال: ما فعلت؟ فقلت: ما صنعت شيئا ثم اخبرته الخبر، ثم قلت له ليله اخري مثل ذلک، فقال: افعل. فخرجت فسمعت حين دخلت مکه مثل ما سمعت حين دخلتها تلک الليله، فجلست انظر فضرب الله علي اذني، فما ايقظني الا مس الشمس، فرجعت الي صاحبي فاخبرته الخبر، ثم ما هممت بعدها بسوء حتي اکرمني الله برسالته. و روي محمد بن حبيب في اماليه قال: قال رسول الله- صلي الله عليه و آله- اذکر و انا غلام ابن سبع سنين، و قد بني ابن جذعان دارا له بمکه، فجئت مع الغلمان ناخد التراب و المدر في حجورنا فنقله فملات حجري ترابا، فانکشفت عورتي، فسمعت نداء من فوق راسي: يا محمد ارخ ازارک! فجعلت ارفع راسي فلا اري شيئا الا اني اسمع الصوت، فتماسکت لم ارخه، فکان انسانا ضربني علي ظهري فخررت لوجهي، و انحل ازاري و سقط التراب الي الارض، فقمت الي دار ابي‏طالب عمي و لم اعد. فاما حديث مجاورته- صلي الله عليه و آله- بحراء فمشهور، و قد ورد في الکتب الصحاح انه کان يجاور

في حراء من کل سنه شهرا، و کان يطعم في ذلک اشهر من جائه من المساکين، فاذا قضي جواره من حراء کان اول ما يبدا به اذا انصرف ان ياتي باب الکعبه قبل ان يدخل بيته فيطوف بها سعبا او ما شاء الله من ذلک، ثم يرجع الي بيته حتي جائت السنه التي اکرمه الله- تعالي- فيها بالرساله فجاور في حراء في شهر رمضان و معه اهله خديجه و علي بن ابي‏طالب و خادم لهم، فجائه جبرئيل بالرساله، قال- صلي الله عليه و آله-: جائني و انا نائم بنمط فيه کتاب فقال: اقرا! قلت: ما اقرائ؟ ففتني حتي ظننت انه الموت ثم ارسلني فقال: (اقرا باسم ربک الذي خلق...) الي قوله: (علم الانسان مالم يعلم). فقراته ثم انصرف عني، فهببت من نومي، و کانما کتب في قلبي کتاب. و ذکر تمام الحديث. و اما حديث (ان الاسلام لم يجتمع عليه بيت واحد يومئذ الا النبي و هو- عليهماالسلام- و خديجه) فخبر عفيف الکندي مشهور، و قد ذکرناه من قبل، و ان اباطالب قال له: اتدري من هذا؟ قال: لا. قال: هذا محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب، و هذا ابني علي بن ابي‏طالب، و هذه المراه خلفهما خديجه بنت خو يلد زوجه محمد ابن اخي، و ايم الله ما اعلم علي الارض کلها احدا علي هذا الدين غير هولاء الثلاثه. و قال ايضا: روي مح

مد بن اسحاق بن يسار في کتاب السيره النبويه، و رواه ايضا محمد ابن جرير الطبري في تاريخه قال: کانت حليمه بنت ابي‏ذويب السعديه ام رسول الله- صلي الله عليه و آله- التي ارضعته تحدث انها خرجت من بلدها و معها زوجها و ابن لها ترضعه في نسوه من بني سعد بن بکر يلتمس الرضعاء بمکه في سنه شهباء لم تبق شيئا، قالت: فخرجت علي اتان لنا قمراء عجفاء، و معنا شارف لنا ما تبض بقطره، و لا ننام ليلنا اجمع من بکاء صبينا الذي معنا من الجوع، ما في ثديي ما يغنيه، و لا في شارفنا ما يغذيه، و لکنا نرجوا الغيث و الفرج. فخرجت علي اتاني تلک و لقد راثت بالرکب ضعفا و عجفا حتي شق ذلک عليهم حتي قدمنا مکه نلتمس الرضعاء فما منا امراه الا و قد عرض عليها محمد فتاباه اذا قيل لها: انه يتيم، و ذلک انا انما کنا نرجوا المعروف من ابي الصبي، فکنا نقول: يتيم، ما عسي ان تصنع امه وجده، فکنا نکرهه لذلک، فما بقيت امراه ذهبت معي الا اخذت رضيعا غيري. فلما اجتمعنا للانطلاق قلت لصحابي: و الله اني لاکره ان ارجع من بين صواحبي لم آخذ رضيعا، و الله لاذهبن الي ذلک اليتيم فلاخذنه، قال: لا عليک ان تفعلي، و عسي الله ان يجعل لنافيه برکه، فذهبت اليه فاخذته و ما يحملني علي اخذه

الا اني لم اجد غيره. قالت: فلما اخذته رجعت الي رجلي فلما وضعته في حجري اقبل عليه ثدياي بماشاء من لبن، فرضع حتي روي، و شرب معه اخوه حتي روي، و ما کنا ننام قبل ذلک من بکاء صبينا جوعا، فنام و قام زوجي الي شارفنا تلک فنظر اليها فاذا انها حافل فحلب منها ما شرب و شربت حتي انتهيناريا و شبعا، فبتنا بخير ليله. قالت: يقول صاحبي حين اصبحنا: تعلمين؟! و الله يا حليمه لقد اخذت نسمه مبارکه. فقلت: و الله اني لارجو ذلک. ثم خرجنا و رکبت اتاني تلک و حملته معي عليها، فو الله لقطعت بالرکب ما يقدر عليها شي‏ء من حمير هم حتي ان صواحبي ليقلن لي: و يحک يا بنت ابي‏ذويب اربعي علينا، اليس هذه اتانک التي کنت خرجت عليها؟ فاقول لهن: بلي و الله انها لهي. فيقلن: و الله ان لها لشانا. قالت: ثم قدمنا منازلنا من بلاد بني سعد و ما اعلم ارضا من ارض العرب اجدب منها، فکانت غنمي تروح علي حين قدمنا به معنا شباعا ملاء لبنا، فکنا نحتلب و نشرب و ما يحلب انسان قطره لبن، و لا يجدها في ضرع حتي ان الحاضر من قومنا ليقولون لرعاتهم: و يلکم اسرحوا حيث يسرح راعي ابنه ابي‏ذويب، فيفعلون فيروح اغنامهم جياعا ما تبض بقطره، و تروح غنمي شباعا لبنا، فلم نزل نعرف من الله

الزياده و الخير به حتي مضت سنتاه و فصلته، فکان يشب شبابا لا يشبه الغلمان حتي کان غلاما جفرا فقدمنا به علي امه آمنه بنت وهب و نحن احرص شي‏ء علي مکثه فينا لما کنا نري من برکته. فکلمنا امه و قلنا لها: لو ترکتيه عندنا حتي يغلظ فانا نخشي عليه و باء مکه. فلم نزل بها حتي ردته معنا فرجعنا به الي بلاد بني‏سعد، فو الله انه لبعد ما قدمنا باشهر مع اخيه في بهم لنا خلف بيوتنا اذ اتانا اخوه يشد فقال لي و لابيه: ها هو ذاک اخي القرشي قد جائه رجلان عليهما ثياب بيض فاضجعاه و شقا بطنه فهما يسوطانه. قالت: فخرجت انا و ابوه نشتد نحوه فوجدناه قائما منتقعا و جهه، فالتزمته و التزمه ابوه و قلنا: مالک يا بني؟ جائني رجلان عليهما ثياب بيض فاضجعاني، ثم شقا بطني، فالتمسا فيه شيئا لا ادري ما هو. قالت: فرجعنا به الي خبائنا، و قال لي ابوه: يا حليمه! لقد خشيت ان يکون هذا الغلام قد اصيب فالحقيه باهله. قالت: فاحتملته حتي قدمت به علي امه، فقالت: ما اقدمک به يا ظئر و قد کنت حريصه عليه و علي مکثه عندک؟ فقلت لها: قد بلغ الله بابني و قضيت الذي علي، و تخوفت عليه الاحداث، و اديته اليک کما تحبين. قالت: ما هذا شانک فاصدقيني خبرک. قالت: فلم تدعني حتي اخبر

تها الخبر. قالت: افتخوفت عليه الشيطان؟ قلت: نعم. قالت: کلا و الله ما للشيطان عليه من سبيل و ان لابني لشانا، افلا اخبرک خبره؟ قلت: بلي. قالت: رايته حين حملت به انه خرج مني نور اضائت له قصور بصري من الشام، ثم حملت به، فو الله ما رايت حملا قط کان اخف و لا ايسر منه، ثم وقع حين ولدته و انه واضع يديه بالارض، و رافع راسه الي السماء، دعيه عنک، و انطلقي راشده. و روي الطبري في تاريخه عن شداد بن اوس، قال: سمعت رسول الله - صلي الله عليه و آله- يحدث عن نفسه و يذکر ما جري له و هو طفل في ارض بني‏سعد بن بکر، قال: لما ولدت استرضعت في بني‏سعد، فبينا انا ذات يوم منتبذا من اهلي في بطن و ادمع اتراب لي من الصبيان نتقاذف بالجله اذ اتاني رهط ثلاثه، معهم طست من ذهب مملوه ثلجا، فاخذوني من بين اصحابي، فخرج اصحابي هرابا حتي انتهوا الي شفير الوادي، ثم عادوا الي الرهط فقالوا: ما رابکم الي هذا الغلام فانه ليس منا، هذا ابن سيد قريش و هو مسترضع فينا غلام يتيم ليس له اب، فماذا يرد عليکم قتله؟ و ماذا تصيبون من ذلک؟ و لکن ان کنتم لابد قاتليه فاختاروا منا اينا شئتم فاقتلوه مکانه و دعوا هذا الغلام، فانه يتيم. فلما راي الصبيان ان القوم لا يحيرون

لهم جوابا انطلقوا هرابا مسرعين الي الحي يوذنوهم و يستصر خونهم علي القوم، فعمد احدهم فاضجعني اضجاعا لطيفا، ثم شق ما بين مفرق صدري الي منتهي عانتي و انا انظر اليه فلم اجد لذلک مسا، ثم اخرج احشاء بطني فغسلها بذلک الثلج، فانعم غسلها ثم اعادها مکانها، ثم قام الثاني منهم فقال لصاحبه: تنح! فنحاه عني، ثم ادخل يده في جوفي و اخرج قلبي و انا انظر اليه فصدعه، ثم اخرج منه مضغه سوداء فرماها، ثم قال بيده: يمنه منه، و کانه يتناول شيئا فاذا في يده خاتم من نور تحار ابصار الناظرين دونه، فختم به قلبي، ثم اعاده مکانه فوجدت برد ذلک الخاتم في قلبي دهرا، ثم قال الثالث لصحابه: تنح عنه! فامريده ما بين مفرق صدري الي منتهي عانتي، فالتام ذلک الشق، ثم اخذ بيدي فانهضني من مکاني انهاضا لطيفا و قال للاول الذي شق بطني: زنه بعشره من امته. فوزنني بهم فرجحتهم. فقال: دعوه فلو و زنتموه بامته کلها لرجحهم. ثم ضموني الي صدورهم و قبلوا راسي و ما بين عيني، و قالوا: يا حبيب! لا ترع انک لو تدري ما يراد بک من الخير لقرت عيناک. فبينا انا کذلک اذا انا بالحي قد جاووا بحذا فيرهم، و اذا امي و هي ظئري امام الحي تهتف باعلي صوتها و تقول: يا ضعيفاه! فانکب علي اول

ئک الرهط فقبلوا راسي و بين عيني و قالوا: حبذا انت من ضعيف. ثم قالت ظئري: يا وحيداه! فانکبوا علي و ضموني الي صدورهم و قبلوا راسي و بين عيني، ثم قالوا: حبذا انت من وحيد، و ما انت بوحيد، ان الله و ملائکته معک و المومنين من اهل الارض. ثم قالت ظئري: يا يتيماه! استضعفت من بين اصحابک فقتلت لضعفک. فانکبوا علي و ضموني الي صدورهم و قبلوا راسي و ما بين عيني و قالوا: حبذا انت من يتيم، ما اکرمک علي الله، لو تعلم ما يراد بک من الخير. قال: فوصل الحي الي شفير الوادي فلما بصرت بي امي و هي ظئري قالت: يا بني لااراک حيا بعد، فجائت حتي انکبت علي و ضمتني الي صدرها، فو الذي نفسي بيده اني لفي حجرها قد ضمتني اليها و ان يدي لفي يد بعضهم، فجعلت التفت اليهم و ظننت ان القوم يبصرونهم، فاذا هم لا يبصرونهم، فيقول بعض القوم: ان هذا الغلام قد اصابه لمم او طائف من الجن، فانطلقوا به الي کاهن بني فلان حتي ينظر اليه و يداويه. فقلت: ما بي شي‏ء مما يذکر، ان نفسي سليمه و ان فوادي صحيح ليست بي قلبه. فقال ابي و هو زوج ظئري: الا ترون کلامه صحيحا؟ اني لارجو ان لا يکون علي ابني باس. فاتفقوا علي ان يذهبوا بي الي الکاهن، فاحتملوني حتي ذهبوا بي اليه فقصوا

عليه قصتي، فقال: اسکتوا حتي اسمع من الغلام فهو اعلم بامره منکم. فسالني فقصصت عليه امري و انا يومئذ ابن‏خمس سنين، فلما سمع قولي وثب و قال: يا للعرب اقتوا هذا الغلام، فهو و اللات و العزي لئن عاش ليبد لن دينکم، و ليخالفن امرکم، و لياتينکم بما لم تسمعوا به قط. فانتز عتني ظئري من حجره و قالت: لو علمت ان هذا يکون من قولک ما اتيتک به ثم احتملوني. فاصبحت و قد صار في جسدي اثر الشق ما بين صدري الي منتهي عانتي کانه الشراک. بيان: اقول: رواه الکاز روني في المنتفي باسانيد و لنشرج بعض الفاظها: (الرضعاء) جمع (رضيع). و قال الجزري: في حديث حليمه: (في سنه شهباء) اي ذات قحط و جدب، و قال: (القمراء) الشديده البياض. قولها (راثت) من (الريث)، بمعني الابطاء، و في اکثر رواياتهم: (و لقد اذمت) قال الجزري، و منه حديث حليمه (فلقد اذمت بالرکب) اي حبستهم لانقطاع سيرها، کانها حملت الناس علي ذمها. انتهي. و (العجف) الهزال. (حتي انتهينا ريا) اي بلغنا غايته. (لقطعت بالرکب) اي من سرعه سيرها و شده تقدمها انقطع الرکب عنها. و (اربعي) اي ارفقي بنا و انتظري بنا. و (اللبن) بمعني اللبون. و قال الجزري: في حديث حليمه: (کان يشب في اليوم شباب الصبي في الشهر

فبلغ ستا وهو جفر)، (استجفر الصبي) اذا قوي علي الاکل، و اصله في اولاد المعز اذا بلغ اربعه اشهر و فصل عن امه و اخذ في الرعي، قيل له: (جفر) و الانثي (جفره). انتهي. و (البهم) جمع (بهمه) و هي اولاد الضان. و (السوط) خلط الشي‏ء بعضه ببعض، و (المسواط) ما يساط به القدر ليختلط بعضه ببعض. قوله (منتقعا) اي متغيرا. و (الجله) بالفتح، البعر. قوله (ما رابکم) اي ما شککم، و معناه هاهنا: ما دعاکم الي اخذ هذا. قوله (ماذا يرد عليکم) اي ما ينفعکم ذلک. قوله (فانعم غسلها) اي بالغ فيه. قوله (ثم قال بيده يمنه) اي اشار بيده، اومدها الي جانب يمينه. و (القلبه) الداء. )2- کيفيه عباده النبي- صلي الله عليه و آله- قبل البعثه) تذنيب: اعلم ان علماء الخاصه و العامه اختلفوا في ان النبي- صلي الله عليه و آله- هل کان قبل بعثته متعبدا بشريعه ام لا؟ قال العلامه- قدس الله روحه- في شرحه علي مختصر ابن‏الحاجب: اختلف الناس في ان النبي- صلي الله عليه و آله- هل کان متعبدا بشرع احد من الانبياء قبله قبل النبوه ام لا؟ فذهب جماعه الي انه کان متعبدا و نفاه آخرون کابي الحسين البصري و غيره و توقف الغزالي و القاضي عبدالجبار، و المثبتون اختلفوا فذهب بعضهم الي انه ک

ان متعبدا بشرع نوح - عليه‏السلام- و آخرون قالوا بشرع ابراهيم- عليه‏السلام- و آخرون بشرع موسي- عليه‏السلام- و آخرون بشرع عيسي - عليه‏السلام- و آخرون قالوا: بما ثبت انه شرع. و استدل المصنف علي انه کان متعبدا بشرع من قبله بما نقل نقلا يقارب التواتر انه کان يصلي و يحج و يعتمر و يطوف بالبيت و يتجنب الميته و يذکي و ياکل اللحم و يرکب الحمار و هذه امور لا يدرکها العقل فلا مصير اليها الا من الشرع، و استدل آخرون علي هذا المذهب ايضا بان عيسي- عليه‏السلام- کان مبعوثا الي جميع المکلفين، و النبي- صلي الله عليه و آله- کان من المکلفين، فيکون عيسي- عليه‏السلام- مبعوثا اليه. و الجواب: لا نسلم عموم دعوه من تقدمه. و احتج المخالف بانه لو کان متعبدا بشرع من قبله لکان مخالطا لاهل تلک الشريعه قضاء للعاده الجاريه بذلک او لزمته المخالطه لارباب تلک الشريعه بحيث يستفيد منهم الاحکام، و لما کان التالي باطلا اجماعا فکذا المقدم. و الجواب: لا نسلم وجوب المخالطه لان الشرع المنقول اليه عمن تقدمه ان کان متواترا فلا يحتاج الي المخالطه و المناظره، و ان کان آحادا فهو غير مقبول خصوصا مع اعتقاده بان اهل زمانه- صلي الله عليه و آله- کانوا في غايه الال

حاد. سلمنا انه کان يلزم المخالطه، لکن المخالطه قد لا تحصل لموانع تمنع منها، فيحتمل ترک المخالطه لمن يقاربه من ارباب الشرائع المتقدمه علي تلک الموانع جمعا بين الادله. انتهي. و قال المرتضي- رضي الله عنه- في کتاب الذريعه: هل کان رسول الله- صلي الله عليه و آله- متعبدا بشرائع من تقدمه من الانبياء- عليه‏السلام-؟ في هذا الباب مسالتان: احدا هما قبل النبوه، و الاخري بعدها. و في المساله الاولي ثلاثه مذاهب: احدها انه- صلي الله عليه و آله- ما کان متعبدا قطعا، و الاخر انه کان متعبدا قطعا، و الثالث التوقف و هذا هو الصحيح، و الذي يدل عليه ان العباده بالشرائع تابعه لما يعلمه الله- تعالي- من المصلحه بها في التکليف العقلي، و لا يمتنع بشي‏ء من الشرائع، کما انه غير ممتنع ان يعلم انه له- صلي الله عليه و آله- في ذلک مصلحه. و اذا کان واحد من الامرين جائزا و لا دلاله توجب القطع علي احدهما، وجب التوقف. و ليس لمن قطع علي انه ما کان متعبدا ان يتعلق بانه لو کان تعبد- صلي الله عليه و آله- بشي‏ء من الشرائع لکان فيه متبعا لصاحب تلک الشريعه و مقتديا به، و ذلک لا يجوز لانه الفضل الخلق و اتباع الافضل للمفضول قبيح، و ذلک انه غير ممتنع ان يوجب

الله - تعالي- عليه- صلي الله عليه و آله- بعض ما قامت عليه الحجه به من بعض الشرائع المتقدمه لا علي الاقتداء بغيره فيها و لا الاتباع. و ليس لمن قطع علي انه- صلي الله عليه و آله- کان متعبدا ان يتعلق بانه- صلي الله عليه و آله- کان يطوف بالبيت و يحج و يعتمر و يذکي و ياکل المذکي و يرکب البهائم و يحمل عليها، و ذلک انه لم يثبت عنه- صلي الله عليه و آله- انه قبل النبوه حج او اعمتر، و لو ثبت لقطع به علي انه کان متعبدا، و بالتظني لا يثبت مثل ذلک، و لم يثبت ايضا انه- صلي الله عليه و آله- تولي التذکيه بيده. و قد قيل ايضا انه لو ثبت انه ذکي بيده لجاز ان يکون من شرع غيره في ذلک الوقت ان يستعين بغيره في الذکاه، فذکي علي سبيل المعونه لغيره. و اکل لحم المذکي لا شبهه في انه غير موقوف علي الشرع، لانه بعد الذکاه قدر صار مثل کل مباح من الماکل و رکوب البهائم و الحمل عليها يحسن عقلا اذا وقع التکفل بما يحتاج اليه من علف و غيره، و لم يثبت انه- صلي الله عليه و آله- فعل من ذلک ما لا يستباح بالعقل فعله، و ليس علمه- صلي الله عليه و آله- بان غيره نبي بالدليل يقتضي کونه متعبدا بشريعته، بل لابد من امر زائد علي هذا العلم. فاما المساله الثانيه

، فالصحيح انه- صلي الله عليه و آله- ما کان متعبدا بشريعه نبي تقدم، و سندل عليه بعون الله، و ذهب کثير من الفقهاء الي انه کان متعبدا. و لابد قبل الکلام في هذه المساله من بيان جواز ان يتعبد الله- تعالي- نبيا بمثل شريعه النبي الاول، لان ذلک اذا لم يجز سثط الکلام في هذا الوجه من المساله. و قد قيل: ان ذلک يجوز علي شرطين: اما بان تندرس الاولي فيجددها الثاني، او بان يزيد فيها ما لم يکن منها، و يمنعون من جواز ذلک علي غير احد هذين الشرطين و يدعون ان بعثته علي خلاف ما شرطوه تکون عبثا، و لا يجب النظر في معجزته و لابد من وجوب النظر في المعجزات. و ليس الامر علي ما قالوه، لان بعثه النبي الثاني لا تکون عبثا، اذا علم الله- تعالي- انه يومن عندها و ينتفع من لم ينتفع بالاول، و لو لم يکن الامر ايضا کذلک کانت البعثه الثانيه علي سبيل ترادف الادله الداله علي امر واحد، و لا يقول احد: ان نصب الادله علي هذا الوجه يکون عبثا. فاما الوجه الثاني، فانا لا نسلم لهم ان النظر في معجز کل نبي يبعث لابد من ان يکون واجبا، لان ذلک يختلف، فان خاف المکلف من ضرر ان هو لم ينظر وجب النظر عليه، و ان لم يخف لم يکن واجبا. و قد استقصينا هذا الکلام و فرغناه

في کتاب الذخيره. و الذي بحقق هذه المساله ان تعبده- صلي الله عليه و آله- بشرع من تقدمه لابد فيه من معرفه امرين: احدهما نفس الشرع و الاخر کونه متعبدا به، و ليس يخلو من ان يکون علم- صلي الله عليه و آله- کلا الامرين بالوحي النازل عليه و الکتاب المسلم اليه، او يکون علم الامرين من جهه النبي المتقدم، او يکون علم احدهما من هذا الوجه و الاخر من غير ذلک الوجه. و الوجه الاول يوجب ان لا يکون متعبدا بشرائعهم اذا فرضنا انه بالوحي اليه علم الشرع و التعبد معا، و اکثر ما في ذلک ان يکون تعبد بمثل شرائعهم، و انما يضاف الشرع الي الرسول اذا حمله و لزمه ادائه، و يقال في غيره: انه متعبد بشرعه متي دعاه الي اتباعه و الزمه الانقياد له، فيکون مبعوثا اليه، و اذا فرضنا ان القرآن و الوحي و ردا ببيان الشرع و ايجاب الاتباع فذلک شرعه- صلي الله عليه و آله- لا يجب اضافته الي غيره. و اما الوجه الثاني فهو و ان کان خارجا من اقوال الفقهاء المخالفين لنا في هذه المساله فاسد من جهه ان نقل اليهود و من جري مجراهم من الامم الماضيه قد بين في مواضع انه ليس بحجه لا نقراضهم و عدم العلم باستواء اولهم و آخرهم، و ايضا فانه- صلي الله عليه و آله- مع فضله علي الخ

لق لا يجوز ان يکون متبعا لغيره من الانبياء المتقدمين - عليه‏السلام-، ثم هذا القول يقتضي ان لا يکون- صلي الله عليه و آله- بان يکون من امه ذلک النبي باولي منا، و لا بان تکون متعبدين بشرعه باولي من ان يکون متعبدا بشرعنا، لان حاله کحالنا في اننا في امه ذلک النبي. و بهذه الوجوه التي ذکرناها نبطل القسمين الذين فرغناهما، و مما يدل علي حجه ما ذکرناه و فساد قول مخالفينا انه قد ثبت عنه- صلي الله عليه و آله- توقفه في احکام معلوم ان بيانها في التوراه و انتظاره فيها نزول الوحي، و لو کان متعبدا بشريعه موسي- عليه‏السلام- لما جري ذلک، و ايضا فلو کان الامر ما قالوه لکان يجب ان يجعل- صلي الله عليه و آله- کتب من تقدمه في الاحکام بمنزله الادله الشرعيه، و معلوم خلافه، و ايضا فقد نبه- صلي الله عليه و آله- في خبر معاذ علي الادله فلم يذکر في جملتها التواره و الانجيل، و ايضا فان کل شريعته مضافه اليه بالاجماع، و لو کان متعبدا بشرع غيره لما جاز ذلک، و ايضا فلا خلاف بين الامه في انه- صلي الله عليه و اله- لم يود الينا من اصول الشرائع الا ما او حي اليه و حمله، و ايضا فانه لا خلاف في ان شريعته- صلي الله عليه و آله- ناسخه لکل الشرائع المتق

دمه من غير استثناء، فلو کان الامر کما قالوه لما صح هذا الاطلاق، و ايضا فان شرائع من تقدم مختلفه متضاده فلا يصح کونه متعبدا بکلها فلابد من تخصيص و دليل يقتضيه، فان ادعوا انه متعبد بشريعه عيسي- عليه‏السلام- بانها ناسخه لشريعه من تقدم فذلک منهم ينقض تعلقهم بتعرفه- صلي الله عليه و آله- من اليهود في التواره، فاما رجوعه في رجم المحصن اليها فلم يکن لانه کان متعبدا بذلک، لانه لو کان الرجوع لهذه العله لرجع - صلي الله عليه و آله- في غير هذا الحکم اليها، و انما رجع لامر آخر، و قد قليل: ان سبب الرجوع انه- صلي الله عليه و آله- کان خبر بان حکمه في الرجم يوافق ما في التواره فرجع اليها تصديقا لخبره و تحقيقا لقوله- صلي الله عليه و آله-. انتهي. و قال المحقق ابوالقاسم الحلي- طيب الله رمسه- في اصوله: شريعه من قبلنا هل هي حجه في شرعنا؟ قال قوم: نعم ما لم يثبت نسخ ذلک الحکم بعينه. و انکر الباقون ذلک و هو الحق. لنا وجوه: الاول: قوله- تعالي-: (و ما ينطق عن الهوي ان هو الا وحي يوحي). الثاني: لو کان متعبدا بشرع غيره لکان ذلک الغير افضل، لانه يکون تابعا لصاحب ذلک الشرع، و ذلک باطل بالاتفاق. الثالث: لو کان متعبدا بشرع غيره لوجب عليه الب

حث عن ذلک الشرع، لکن ذلک باطل، لانه لو وجب لفعله، و لو فعله لا شتهر، و لوجب علي الصحابه و التعابعين بعده و المسلمين الي يومنا متابعته- صلي الله عليه و آله- علي الخوض فيه، و نحن نعلم من الدين خلاف ذلک. الرابع: لو کان متعبدا بشرع من قبله لکان طريقه الي ذلک اما الوحي او النقل، و يلزم من الاول ان يکون شرعا له لا شرعا لغيره، و من الثاني التعويل علي نقل اليهود و هو باطل، لانه ليس بمتواتر لما تطرق اليه من القدح المانع من افاده اليقين، و نقل الاحاد منهم لا يوجب العمل لعدم الثقه. و احتج الاخرون بقوله - تعالي-: (فبهديهم اقتده) و قوله (ثم اوحينا اليک ان اتبع مله ابراهيم حنيفا) و بقوله: (شرع لکم من الدين ما وصي به نوحا) و بقوله: (انا اوحينا اليک کما اوحينا الي نوح و النبيين) و بقوله: (انا انزلنا التوريه فيها هدي و نور يحکم بها النبيون) و بانه - صلي الله عليه و آله- رجع في معرفه الرجم في الزنا الي التوريه. اجاب الاولون عن الايه الاولي بانها تتضمن الامر بالاهتداء بهديهم کلهم، فلا يکون ذلک اشاره الي شرعهم، لانه مختلف، فيجب صرفه الي ما اتفقوا عليه و هو دلائل العقائد العقليه دون الفروع الشرعيه. و عن الثاني بان مله ابراهيم -

عليه‏السلام- المراد بها العقليات دون الشرعيات يدل علي ذلک قوله (- تعالي-): (و من يرغب عن مله ابراهيم الا من سفه نفسه)، فلو اراد الشرعيات لما جاز نسخ شي‏ء منها، و قد نسخ کثير من شرعه، فتعين ان المراد منه العقليات. و عن الايه الثالثه انه لا يلزم من وصيه نوح- عليه‏السلام- بشرعنا انه امره به بل يحتمل ان يکون و صايته به امرا منه بقبوله عند اعقابهم الي زمانه- صلي الله عليه و آله-، او وصي به بمعني اطلعه عليه و امره بحفظه، و لو سلمنا ان المراد: شرع لنا ما شرع لنوح- عليه‏السلام- لا حتمل ان يکون المراد به من الاستدلال بالمعقول علي العقائد الدينيه، و لو لم يحتمل ذلک لم يبعد ان يتفق الشرعان، ثم لا يکون شرعه حجه علينا من حيث ورد علي نبينا- صلي الله عليه و آله- بطريق الوحي، فلا تکون شريعته شريعه لنا باعتبار و رودها عنه. و عن الايه الرابعه ان المساواه في الوحي لا تستلزم المساواه في الشرع. و عن الايه الخامسه ان ظاهرها يقتضي اشتراک الانبياء جميعا في الحکم بها، و ذلک غير مراد، لان ابراهيم و نوحا و ادريس و آدم - عليه‏السلام- لم يحکموا بها لتقدمهم علي نزولها، فيکون المراد ان الانبياء يحکمون بصحه و رودها عن الله و ان فيها نورا و

هدي، و لا يلزم ان يکونوا متعبدين بالعمل بها، کما ان کثيرا من آيات القرآن منسوخه و هي عندنا نور و هدي، و اما رجوعه - صلي الله عيه و آله- في تعرف حد الرجم فلا نسلم ان مراجعته الي التوريه لتعرفه، بل لم لا يجوز ان يکون ذلک لاقامه الحجه علي من انکر وجوده في التوريه. انتهي. اقول: انما اوردنا دلائل القول في نفي تعبده- صلي الله عليه و آله- بعد البعثه بشريعه من قبله لاشتراکها مع ما نحن فيه في اکثر الدلائل، فاذا عرفت ذلک فاعلم ان الذي ظهر لي من الاخبار المعتبره و الاثار المستفيضه هو انه- صلي الله عليه و آله- کان قبل بعثته مذ اکمل الله عقله في بدوسنه نبيا مويدا بروح القدس، يکلمه الملک، و يسمع الصوت، و يري في المنام، ثم بعد اربعين سنه صار رسولا، و کلمه الملک معاينه، و نزل عليه القرآن، و امر بالتبيليغ، و کان يعبد الله قبل ذلک بصنوف العبادات اما موافقا لما امر به الناس بعد التبليغ و هو اظهر، او علي وجه آخر، اما مطابقا لشريعته ابراهيم- عليه‏السلام-، او غيره ممن تقدمه من الانبياء- عليهم‏السلام- لا علي وجه کونه تابعا لهم و عاملا بشريعتهم، بل بان ما اوحي اليه- صلي الله عليه و آله- کان مطابقا لبعض شرائعهم، او علي وجه آخر نسخ ب

ما نزل عليه بعد الارسال. و لا اظن ان يخفي صحه ما ذکرت علي ذي فطره مستقيمه و فطنه غير سقيمه بعد الاحاطه بما اسلفنا من الاخبار في هذا الباب و ابواب احول الانبياء- عليه‏السلام- و ما سنذ کره بعد ذلک في کتاب الامامه. و لنذکر بعض الوجوه لزياده الاطمئنان علي وجه الاجمال: الاول: ان ما ذکرنا من کلام اميرالمومنين- عليه‏السلام- من خطبته القاصعه المشهوره بين العامه و الخاصه يدل علي انه- صلي الله عليه و آله- من لدن کان فطيما کان مويدا باعظم ملک يعلمه مکارم الاخلاق و محاسن الاداب، و ليس هذا الا معني النوبه کما عرفت في الاخبار الوارده في معني النوبه. و هذا الخبر مويد باخبار کثيره سبقت في الابواب السابقه في باب منشاه- صلي الله عليه و آله- و باب تزويج خديجه و غيرها من الابواب. الثاني: الاخبار المستفيضه الداله علي انهم- عليه‏السلام- مويدون بروح القدس من بدء حالهم بنحو مامر من التقرير. الثالث: صحيحه الاحوال و غيرها حيث قال: (نحو ما کان راي رسول الله- صلي الله عليه و آله- من اسباب النبوه قبل الوحي حتي اتاه جبرئيل من عند الله بالرساله) فدلت علي انه- صلي الله عليه و آله-: کان نبيا قبل الرساله. و يويده الخبر المشهور عنه- صلي الله ع

ليه و آله-: (کنت نبيا و آدم بين الماء و الطين) او (بين الروح و الجسد)، و يويده ايضا الاخبار الکثيره الداله علي ان الله- تعالي- اتخذ ابراهيم- عليه‏السلام- عبدا قبل ان يتخذه نبيا، و ان الله اتخذه نبيا قبل ان يتخذه رسولا، و ان الله اتخذه رسولا قبل ان يتخذه خليلا، و ان الله اتخذه خليلا قبل ان يجعله اماما. الرابع: ما رواه الکليني في الصحيح عن يزيد الکناسي، قال: سالت اباجعفر- عليه‏السلام- اکان عيسي بن مريم حين تکلم في المهد حجه لله علي اهل زمانه؟ فقال: کان يومئذ نبيا حجه لله غير مرسل، اما تسمع لقوله حين قال: (اني عبدالله اتاني الکتاب و جعلني نبيا و جعلني مبارکا اينما کنت و اوصاني بالصلاوه و الزکاه مادمت حيا)؟! قلت: فکان يومئذ حجه لله علي زکريا في تلک الحال و هو في المهد؟ فقال: کان عيسي في تلک الحال آيه للناس و و رحمه من الله لمريم حين تکلم فعبر عنها و کان نبيا حجه علي من سمع کلامه في تلک الحال ثم صمت فلم يتکلم حتي مضت له سنتان، و کان زکريا الحجه لله علي الناس بعد صمت عيسي بسنتين، ثم مات زکريا فورثه ابنه يحيي الکتاب و الحکمه و هو صبي صغير، اما تسمع لقوله- عز و جل-: (يا يحيي خذ الکتاب بقوه و آتيناه الحکم صبيا). فلم

ا بلغ عيسي- عليه‏السلام- سبع سنين تکلم بالنبوه و الرساله حين اوحي الله- تعالي- اليه، فکان عيسي الحجه علي يحيي و علي الناس اجمعين... الي آخر الخبر. و قد ورد في اخبار کثيره ان الله لم يعط نبيا فضيله و لا کرامه و لا معجزه الا و قد اعطاه نبينا- صلي الله عليه و آله- فکيف جاز ان يکون عيسي- عليه‏السلام- في المهد نبيا و لم يکن نبينا - صلي الله عليه و آله- الي اربعين سنه نبيا؟ و يويده مامر في اخبار ولادته- صلي الله عليه و آله- و ما ظهر منه في تلک الحال من اظهار النبوه، و مامر و سياتي من احوالهم و کمالهم في عالم الاظله و عند الميثاق، و انهم کانوا يعبدون الله- تعالي- و يسبحونه في حجب النور قبل خلق آدم- عليه‏السلام- و ان الملائکه منهم تعلموا التسبيح و التهليل و التقديس الي غير ذلک من الاخبار الوارده في بدء انوارهم. و يويده ما ورد في اخبار ولاده اميرالمومنين- عليه‏السلام- انه- عليه‏السلام- قرا الکتب السماويه علي النبي- صلي الله عليه و آله- بعد ولادته، و ما سياتي من ان القائم- عليه‏السلام- في حجر ابيه - عليه‏السلام- اجاب عن المسائل الغامضه و اخبر عن الامور الغائبه، و کذا سائر الائمه- عليهم‏السلام- کما سياتي في اخبار ولادت

هم- عليه‏السلام- و معجزاتهم، فکيف يجوز عاقل ان يکون النبي- صلي الله عليه و آله- في ذلک ادون منهم جميعا؟ الخامس: انه- صلي الله عليه و آله- بعد ما بلغ حد التکليف لابد من ان يکون اما نبيا عاملا بشريعته او تابعا لغيره، لما سياتي من الاخبار المتواتره ان الله لا يخلي الزمان من حجه و لا يرفع التکليف عن احد، و قد کان في زمانه اوصياء عيسي - عليه‏السلام- و اوصياء ابراهيم- عليه‏السلام- فلو لم يکن اوحي اليه بشريعه و لم يعلم انه نبي کيف جازله ان لا يتابع اوصياء عيسي- عليه‏السلام- و لا يعمل بشريعتهم ان کان عيسي- عليه‏السلام- مبعوثا الي الکافه، و ان لم يکن مبعوثا الي الکافه و کان شريعه ابراهيم- عليه‏السلام- باقيا في بني‏اسماعيل کما هو الظاهر، فکان عليه ان يتبع اوصياء ابراهيم - عليه‏السلام- و يکونوا حجه عليه- صلي الله عليه و آله- و هو باطل بوجهين: احدهما انه يلزم ان يکونوا افضل منه کما مر تقريره. و ثانيهما ما مر من نفي کونه محجوجا بابي‏طالب و بابيه بل کانا مستودعين للوصايا. السادس: انه لا شک في انه- صلي الله عليه و آله- کان يعبد الله قبل بعثته بما لا يعلم الا بالشرع کالطواف و الحج و غيرهما کما سياتي انه- صلي الله عليه و آله-

حج عشرين حجه مستسرا و قد ورد في اخبار کثيره انه- صلي الله عليه و آله- کان يطوف و انه کان يعبد الله في حراء، و انه کان يراعي الاداب المنقوله من التسميه و التحميد عند الاکل و غيره. و کيف يجوز ذو مسکه من العقل علي الله- تعالي- ان يهمل افضل انبيائه اربعين سنه بغير عباده؟ و المکابره في ذلک سفسطه، فلا يخلو اما ان يکون عاملا بشريعه مختصه به اوحي الله اليه، و هو المطلوب، او عاملا بشريعته غيره و هو لا يخلو من وجوه: الاول: ان يکون علم وجوب عمله بشريعته غيره و کيفيه الشريعه من الوحي و هو المطلوب ايضا، لانه- صلي الله عليه و آله- حينئذ يکون عاملا بشريعه نفسه موافقا لشريعه من تقدمه کما مر تقريره في کلام السيد- رحمه الله- الثاني: ان يکون علمهما جميعا من شريعه غيره، و هو باطل کما عرفت بوجهين: احدهما انه يلزم کون من يعمل بشريعته افضل منه. و ثانيهما انه معلوم انه- صلي الله عليه و آله- لم يراجع في شي‏ء من الامور الي غيره و لم يخالط اهل الکتاب، کان هذا من معجزاته- صلي الله عليه و آله- انه اتي بالقصص مع انه لم يخالط العلماء و لم يتعلم منهم، کما مر في وجوه اعجاز القرآن، و قد قال- تعالي-: (هو الذي بعث في الاميين رسولا منهم)، و الم

کابره في هذا ايضا مما لا ياتي به عاقل. الثالث: انه- صلي الله عليه و آله- علم وجوب العمل بشريعه من قبله بالوحي و اخذ الشريعه من اربابها، و هذا مع تضمنه للمطلوب کما عرفت- اذ لا يلزم منه الا ان يکون نبيا اوحي اليه ان يعمل بشريعه موافقه لشريعه من تقدمه- باطل بما عرفته من العلم بعدم رجوعه- صلي الله عليه و آله- الي ارباب الشرائع قط في شي‏ء من اموره، و اما عکس ذلک فهو غير متصور اذ لا يجوز عاقل ان يوحي الله الي عبده بکيفيه شريعه لان يعمل بها و لا يامره بالعمل بها حتي يلزمه الرجوع في ذلک الي غيره، مع انه يلزم ان يکون تابعا لغيره مفضولا و قد عرفت بطلانه. ثم ان قول من ذهب الي انه- صلي الله عليه و آله- کان عاملا بالشرائع المنسوخه کشريعه نوح و موسي- عليهماالسلام- فهو اشد فسادا، لانه بعد نسخ شرائعهم کيف جازله- صلي الله عليه و آله- العمل بها الا بان يعلم بالوحي انه يلزمه العمل بها، و مع ذلک لا يکون عاملا بتلک الشريعه، بل بشريعه نفسه موافقا لشرائعهم کما عرفت. و اما استدلالهم بقوله- تعالي-: (ما کنت تدري ما الکتاب و لا الايمان)، فلا يدل الا علي انه- صلي الله عليه و آله- کان في حال لم يکن يعلم القرآن و بعض شرائع الايمان، و لعل

ذلک کان في حال ولادته قبل تاييده بروح القدس، کما دلت عليه روايه ابي‏حمزه و غيرها، و هذا لا ينافي نبوته قبل الرساله و العمل بشريعته نفسه قبل نزول الکتاب. و بعد ما قررنا المطلوب في هذا الباب و ما ذکرنا من الدلائل لا يخفي عليک ضعف بعض ما نقلنا في ذلک عن بعض الاعاظم و لا نتعرض للقدح فيها بعد وضوح الحق، و لو اردنا الاستقصاء في ايراد الدلائل و دفع الشبهه لطال الکلام، و لخرجنا عن مقصودنا من الکتاب، و الله الموفق للصواب. (هذا بيان في شرح الجزء الاخر من الخطبه) بيان: (الکلاکل) الصدور، الواحده (کلکل) و المعني: اني اذللتهم و صرعتهم الي الارض او انختهم للحمل عليهم. و (نجم النبت) اي طلع و ظهر، قال عبدالحميد بن ابي‏الحديد في شرح هذه الخطبه: فان قلت: اما قهره لمضر فمعلوم فما حال ربيعه و لم يعرف انه قتل منه احدا؟ قلت: بلي قد قتل بيده و بجيشه کثيرا من روسائهم في صفين و الجمل و قد تقدم ذکر اسمائهم من قبل، و هذه الخطبه خطب بها بعد انقضاء امر النهروان. و (العرف) بالفتح، الريح الطيبه. و (مضغ الشي‏ء يمضغه) بفتح الضاد. و (الخطله في الفعل) الخطاء فيه و ايقاعه علي غير وجهه. و (حراء) (بالمد و التخفيف) جبل بمکه معروف. و (الرنه) الصوت.

و (القرابه القريبه) بينه و بين رسول الله- صلي الله عليه و آله-، و (المنزله الخصيصه) انه ابن‏عمه دنيا و ان ابويهما اخوان لاب و ام دون غيرهما من بني عبدالمطلب الا الزبير. ثم ان اباه کفل رسول الله- صلي الله عليه و آله- دون غيره من الاعمام و رباه من بني‏هاشم، ثم ما کان بينهما من المصاهره التي افضت الي النسل الاطهر دون غيره من الاصهار. و نحن نذکر ما ذکره ارباب السيره من معاني هذا الفصل. روي الطبري في تاريخه، قال: حدثنا ابن‏حميد، قال: حدثنا سلمه، قال: حدثني محمد بن اسحاق، قال: حدثني عبدالله بن نجيح، عن مجاهد، قال: کان نعمه الله- عز و جل- علي علي بن ابي‏طالب- عليه‏السلام- و ما صنع الله له و اراد به من الخير ان قريشا اصابتهم ازمه شديده... و ساق الحديث الي آخر ما مر بروايه الصدوق. ثم قال الطبري: قال ابن‏حميد: قال حدثنا محمد بن اسحاق، قال: کان رسول الله- صلي الله عليه و آله- اذا حضرت الصلاه خرج الي شعاب مکه و خرج معه علي بن ابي‏طالب- عليه‏السلام- مستخفيا من عمه ابي‏طالب و من جميع اعمامه و سائر قومه، فيصليان الصلوات فيها. فاذا امسيا، رجعا فمکثا ما شاء الله ان يمکثا. ثم ان اباطالب عثر عليهما يوما و هما يصليان، فقال لرسول

الله- صلي الله عليه و آله: يا ابن اخي ما هذا الذي اراک تدين به؟ قال: يا عم! هذا دين الله و دين ملائکته و دين رسله و دين ابينا ابراهيم، او کما قال: بعثني الله به رسولا الي العباد و انت يا عم! احق من بذلت له النصيحه و دعوته الي الهدي و احق من اجابني اليه و اعانني عليه، او کما قال... فقال ابوطالب: يا ابن‏اخي! اني لا افارق ديني و دين آبائي و ما کانوا عليه، و لکن لا يخلص اليک شي‏ء تکرهه ما بقيت. قال الطبري: و قد روي هولاء المذکورون ان اباطالب قال لعلي- عليه‏السلام-: يا بني؟ ما هذا الذي انت عليه؟ فقال: يا ابه! آمنت بالله و برسوله و صدقت بما جاء به وصليت لله معه. قال: فزعموا انه قال له: اما انه لا يدعو الا الي خير فالزمه. و روي الطبري في تاريخه ايضا، قال: حدثنا احمد بن الحسين الترمذي، قال: حدثنا عبدالله بن موسي، قال: اخبرنا العلاء، عن المنهال بن عمرو، عن عباد بن عبدالله قال: سمعت عليا- عليه‏السلام- يقول: انا عبدالله و اخو رسوله و انا الصديق الاکبر، لا يقولها بعدي الا کاذب مفتر، صليت قبل الناس سبع سنين. و في غير روايه الطبري: انا الصديق الاکبر و انا الفاروق الاول، و اسلمت قبل اسلام ابي‏بکر و صليت قبل صلاته سبع سنين،

کانه- عليه‏السلام- لم يرتض ان يذکر عمرو لا راه اهلا للمقايسه بينه و بينه، و ذلک لان اسلام عمر کان متاخرا. و روي الفضل بن العباس، قال: سالت ابي عن ولد رسول الله الذکور: ايهم کان رسول الله- صلي الله عليه و آله- له اشد حبا؟ فقال: علي بن ابي‏طالب- عليه‏السلام-. فقلت له: سالتک عن بنيه؟ فقال له: سالتک عن بنيه؟ فقال: انه کان احب عليه من بنيه جميعا و اراف، ما رايناه زايله يوما من الدهر منذ کان طفلا الا ان يکون في سفر لخديجه، و ما راينا ابا ابر بابن منه لعلي و لا ابنا اطوع لاب من علي له. و روي الحسين بن زيد بن علي بن الحسني- عليهاالسلام-، قال: سمعت زيدا ابي يقول: کان رسول الله- صلي الله عليه و آله- يمضغ اللحمه و التمره حتي تلين فيجعلها في فم علي - عليه‏السلام- و هو صغير في حجره. و روي جبير بن مطعم، قال: ابي‏لنا و نحن صبيان بمکه: الا ترون حب هذا الغلام - يعني عليا- لمحمد و اتباعه له دون ابيه؟ و اللات و العزي لوددت انه ابني‏بفتيان بني نوفل جميعا. بيان: قال ابن ابي‏الحديد: و اما رنه الشيطان، فروي احمد بن حنبل في مسنده عن علي بن ابي‏طالب- عليه‏السلام- قال: کنت مع رسول الله صبيحه الليله التي اسري به فيها و هو بالحجر يصلي،

فلما قضي صلاته و قضيت صلاتي سمعت رنه شديده، فقلت: يا رسول الله! ما هذه الرنه؟ قال: الا تعلم؟! هذه رنه الشيطان، علم انه اسري بي الليله الي السماء فايس من ان يعبد في هذه الارض. و قد روي عن النبي- صلي الله عليه و آله- ما يشابه هذا لم بايعه الانصار السبعون ليله العقبه، سمع من العقبه صوت عال في جوف الليل: يا اهل مکه! هذا مذمم و الصباه معه قد اجمعوا علي حربکم. فقال رسول الله- صلي الله عليه و آله- للانصار: الا تسمعون ما يقول هذا ازب الکعبه يعني شيطانها- و قد روي ازيب العقبه-؟! ثم التفت اليه فقال: اتسمع يا عدو الله؟ اما و الله لا فرغن لک. انتهي. اقول: و هاتان الرنتان غير ما ورد في الخبر، و هي احدي الرنتين اللتين مضتا في الخبرين. و (الکلاکل) الصدور، الواحده (کلکل) اي انا اذللتهم و صرعتهم الي الارض. و (النواجم) جمع (ناجمه) و هي ما علا قدره و طار صيته. و (الخطل) خفه و سرعه، و يقال للاحمق العجل: خطل.

[صفحه 335]

(هذا ايضا بيان آخر قصير في شرح الجزء الاخير من الخطبه:) قب: مرسلا مثله مع اختصار. بيان: (الدوي) صوت ليس بالعالي کصوت النحل و نحوه. (قصف الرعد و غيره قصيفا) اشتد صوته. و (رفرت الطائر بجناحيه) اذا بسطهما عند السقوط علي شي‏ء يحوم عليه ليقع فوقه. و (العتو) التکبر و التجبر. قوله (لا تفيئون) اي لا ترجعون. قوله - عليه‏السلام- (في القليب) اي قليب بدر. و (الدوي) صوت ليس بالعالي. و (قصف الطير) اشتد صوته. و (رفرف الطائر بجناحيه) اذا بسطهما عند السقوط علي شي‏ء يحوم عليه ليقع فوقه. و (العتو) التکبر و التجبر. قوله (خفيف فيه) اي سريع. قوله - عليه‏السلام- (و لا يغلون) کل من خان خفيه في شي‏ء فقد غل. اقول: انما اوردت هذه الخطبه الشريفه بطولها لا شتمالها علي جمل قصص الانبياء- عليهم‏السلام- و علل احوالهم و اطوارهم و بعثتهم و التنبيه علي فائده الرجوع الي قصصهم و النظر في احوالهم و احوال اممهم و غير ذلک من الفوائد التي لا تحصي و لا تخفي علي من تامل فيها. صلوات الله علي الخطيب بها.

[صفحه 343]

و (اعداه الداء) اي اصابه مثل ما بصاحب الداء. و (الاستفزاز) الازعاج و الاستنهاض علي خفه و اسراع. و (الرجل) اسم جمع لراجل. قوله- عليه‏السلام- (لقد فوق) اي وضع فوق سهمه علي الوتر. (و اغرق) اي استوفي مد القوس و بالغ في نزعها ليکون مرماه ابعد، و وقع سهامه اشد. قوله (من مکان قريب) لقربه بهم و جريانه منهم مجري الدم. قوله- عليه‏السلام- (بظن مصيب) في بعض النسخ (غير مصيب) و وجه بوجوه: الاول: انه قال ما قال لا علي وجه العلم، بل علي سبيل التوهم، و (المصيب) الحق هو العلم دون التوهم او الظن و ان اتفق و قوعهما. الثاني: ان قوله: (لاغوينهم) بمعني الشرک او الکفر، و الذين استثناهم المعصومون من المعاصي، و لا ريب في کون هذا الظن غير مصيب. الثالث: انه- عليه‏السلام- انما قال ذلک لان غوايتهم کان منهم اختبارا، و تصديق ابناء الحميه له يعود الي وقوع الغوايه منهم علي وفق ظنه، فکان ظنه في نسبتها اليه خطا و بعباره اخري لما ظن انه قادر علي اجبارهم علي المعاصي و سلب اختيارهم حکم- عليه‏السلام- بخطائه، و لعل هذا اصوب. قوله- عليه‏السلام- (الجامحه) اي النفوس الجامحه من (جمح الفرس) اذا اعتز راکبه و غلبه. و کل ما طلع و ظهر فقد نجم.

و (استفحل) اي قوي و اشتد. و (دلف) اي تقدم. و (قحم في الامر) رمي بنفسه فيه من غير رويه. و (الولجه) بالتحريک، موضع او کهف يستتر فيه الماره من مطر و غيره. و (الورطات) المهالک. قوله- عليه‏السلام- (اثخان الجراحه) اي جعلکم و اطئين لاثخانها و هو کثرتها کما قيل فهمو مفعول ثان للايطاء، و يحتمل ان يکون مفعولا اولا و هو اظهر. و (الحز) القطع. و (الخزائم) جمع (خزامه) و هي حلقه من شعر تجعل في و تره انف البعير فيشد فيها الزمام. و (وري الزند) اي خرجت ناره. و (القدح) اخراجها من الزند. و (تالبوا) تجمعوا. قوله- عليه‏السلام- (يقتنصونکم) اي يتصيدونکم. و (الحومه) معظم الماء و الحرب و غيرهما، و موضع الجار و المجرور نصب علي الحال، اي يقتنصونکم في حومه ذل. و (الجوله) الموضع الذي تجول فيه. و (النزغ) الافساد. و في النهايه: (المسلحه) القوم الذين يحفظون الثغر من العدو، لانهم يکونون ذوي سلاح، او لانهم يسکنون المسلحه و هي کالثغر و المرقب يرقبون العدو لئلا يطقهم علي غفله. انتهي. و کلمه (ما) في قوله- عليه‏السلام- (من غير ما فضل) زائده للتاکيد.

[صفحه 337]

و (امعن في الطلب) اي جد و ابعد. و (المصارحه) المکاشفه. و (المناصبه) المعاداه. و (اعنق) اسرع. و (ليله ظلماء حندس) اي شديده الظلمه. و (المهواه) الوهده يتردي الصيد فيها. و (ذللا) بضمتين، جمع (ذلول) و (سلسا) کذلک جمع (سلس) و هما بمعني سهل الانقياد. قوله- عليه‏السلام- (امرا) اي اعتمدوا امرا. قوله- عليه‏السلام- (تضايقت الصدور به) کنايه عن کثرته. قوله- عليه‏السلام- (تکبروا عن حسبهم) قيل: اي جهلوا اصلهم انه الطين المنتن فتکبروا. قوله- عليه‏السلام- (و القوا الهجينه) اي نسبوا ما في الانسان من القبائح الي ربهم، او نسبوا الخطاء اليه- تعالي- فيما اختار لهم من خليفه الحق. قوله- عليه‏السلام- (مکابره لقضائه) اي لحکمه عليهم بمتابعه ائمه الحق، او لما اوجب عليهم من شکر النعمه. و (الالاء) الانبياء و الاوصياء- عليهم‏السلام-. و (اعتزاء الجاهليه) نداوهم: يا لفلان! فيسمون قبيلتهم فيدعونهم الي المقاتله و اثاره الفتنه. قوله (لنعمه عليکم اضدادا) لعل المعني ان تلک الخصال توجب زوال النعم عنکم، فکانکم اضداد و حساد لنعم الله عليکم. قوله- عليه‏السلام- (شربتم بصفوکم) اي شربتم کدرهم مستبدلين ذلک بصفوکم، او متلبسين بصفوکم. و (الا

حلاس) جمع (حلس) بالکسر، و هو کساء رقيق يکون علي ظهر البعير ملازما له، فقيل لکل ملازم امر هو حلس ذلک الامر، ذکره الجزري. و (النفث) النفخ، استعيرهنا لو ساوس الشيطان، و في بعض النسخ (نثا) من (نث الحديث) اذا افشاه. و (مصارع جنوبهم) مساقطها. و (لواقح الکبر) ما يوجب حصوله.

[صفحه 338]

و (جبل وعر) اي غليظ حزن. قوله- عليه‏السلام- (و اقل نتائق الدنيا) قال ابن ابي‏الحديد: اصل هذه اللفظه من قولهم (امراه نتاق) اي کثيره الحبل و الولاده، يقال: (ضيعه منتاق) اي کثيره الريع، فجعل - عليه‏السلام- الضياع ذوات المدر التي يثار للحرث نتائق و قال: ان مکه اقلها صلاحا للزرع، لان ارضها حجريه. و (القطر) الجانب. قوله- عليه‏السلام- (دمثه) اي سهله، و کلما کان الرمل اسهل کان ابعد من ان ينبت و من ان يزکو به الدواب لانها تتعب في المشي به. قوله (و شله) اي قليله الماء. قوله (اعطافهم)، (عطفا الرجل) جانباه، اي (ان) يميلوا جوانبهم معرضين عن کل شي‏ء متوجهين نحوه. و (المثابه) المرجع. و (النجعه) في الاصل، طلب الکلاء، ثم سمي کل من قصد امرا يروم النفع فيه منتجعا. و (ثمره الفواد) هي سويداء القلب. و (السحيق) البعيد. و (الفج) الطريق بين الجبلين. و (هز المناکب) کنايه عن السفر اليه مشتاقين. و قوله (يهللون) اي يرفعون اصواتهم بالتلبيه. و (الرمل) سعي فوق المشي. و (السرابيل) جمع (السربال) و هو القميص، اي خلعوا المخيط. قوله (ملتف البني) اي مشتبک العماره. و (البره) الواحده من البر و هو الحنطه. و (الارياف) جمع (ريف) و هو کل

ارض فيها زرع و نخل، و قيل: هو ما قارب الماء من الارض. و (المحدقه) المطيفه. و (الغدق) الماء الکثير. و (النظاره) الحسن. و (مضارعه الشک) مقاربته، و في بعض النسخ بالصاد المهمله. و (الاعتلاج) الاضطراب. قوله- عليه‏السلام- (فتحا) بضمتين، اي مفتوحه. و قوله (ذللا) اي سهله.

[صفحه 339]

و (و خامه العاقبه) ردائتها. قوله- عليه‏السلام- (فانها) قيل: الضمير يعود الي مجموع البغي و الظلم و الکبر، و قيل: الي الاخير باعتبار جعله (مصيده) و هي بسکون الصاد و فتح الياء، آله يصطاد بها. و (المساوره) المواثبه. قوله- عليه‏السلام- (ما تکدي) اي لا ترد عن تاثيرها. و يقال: (رمي فاشوي) اذا لم يصب المقتل. قوله - عليه‏السلام- (ما حرس الله) ما زائده. قوله- عليه‏السلام- (عتاق الوجوه) اما من العتق بمعني الحريه، او بمعني الکرم، و (العتيق) الکريم من کل شي‏ء و الخيار من کل شي‏ء. و (النواجم) جمع (ناجمه) و هو ما يطلع و يظهر من الکبر. و (القدع) الکف و المنع.

[صفحه 340]

و يقال: (لاط حبه بقلبي يليط) اذا لصق. و (مواقع النعم) الاموال و الاولاد، و آثارها هي الترفه و الغناء و التلذذ بها، و يحتمل ان يکون الموقع مصدرا. و (المجداء) جمع (ماجد) و (المجد) الشرف في الاباء، و الحسب و الکرم يکونان في الرجل و ان لم يکونا في آبائه. و (النجداء) الشجعان، و احدهم (نجيد). و (بيوتات العرب) قبائلها. و (اليعسوب) السيد و الرئيس و المقدم. و (الرغيبه) المرغوبه. قوله- عليه‏السلام- (لخلال الحمد) اي الخصال المحموده.

[صفحه 340]

قوله- عليه‏السلام- (و مدت العافيه) علي البناء للمفعول و هو ظاهر، او علي البناء للفاعل من قولهم: (مد الماء) اذا جري و سال. قوله- عليه‏السلام- (و وصلت) استعار الوصل لاجتماعهم عن کرامه الله لهم حال کونهم علي ذلک الامر، ن رشح بذکر الحبل. و (التحاض) تفاعل من (الحض) و هو الحث و التحريص. و (تواصي القوم) اي اوصي بعضهم بعضا. و (الفقره) واحده (فقر) الظهر، و يقال لمن اصابته مصيبه شديده: قد کسرت فقرته. و (المنه) بالضم، القوه. و (الاعباء) الاثقال. قوله- عليه‏السلام- (فساموهم) اي الزموهم. و (المرار) بالضم، شجر مر، و استعير شرب الماء المر لکل من يلقي شده. قوله- عليه‏السلام- (و بلغت الکرامه)، قوله (بهم) متعلق بقوله (بلغت) و قوله (لهم) بالکرامه، و قوله (اليه) (متعلق) بقوله (لم تذهب). و (الاملاء) جمع (الملا) اي الجماعات و الاشراف. و (الترافد) التعاون. قوله- عليه‏السلام- (متحازبين) اي مختلفين احزابا. و (غضاره النعمه طيبها و لذتها.

[صفحه 340]

قوله- عليه‏السلام- (فما اشد اعتدال الاحوال) اي ما اشبهه الاشياء بعضها ببعض! و ان حالکم لشبيهه بحال اولئک. قوله- عليه‏السلام- (يحتازونهم) اي يبعدونهم. و (بحر العراق) دجله و الفرات، اما الاکاسره فطردوهم عن بحر العراق، و القياصره عن الشام و ما فيه من المراعي و المنتجع. و (الشيح) نبت معروف، و (منابت الشيح) ارض العرب. و (مها في الريح) المواضع التي تهفو فيها الريح، اي تهب و هي الفيافي و الصحاري. و (نکد المعاش) ضيقه و قلته و (العاله) جمع (عائل) و هو الفقير. و (الدبر) بالتحريک، الجرح الذي يکون في ظهر البعير. و (الجدب) قله الزرع و الشجر. و (الازل) الضيق و الشده. قوله (و اطباق جهل) بکسر الهمزه، اي جهل عام مطبق عليهم، او بفتحها، اي جهل متراکم بعضه فوق بعض. و (و ادالبنات) قتلهن. و (شن الغاره عليهم) تفريقها عليهم من جميع جهاتهم. قوله- عليه‏السلام- (و التفت المله) اي کانوا متفرقين، فالتفت مله محمد- صلي الله عليه و آله- بهم فجمعتهم، يقال: (التف الحبل بالحطب) اي جمعه، و (التف الحطب بالحبل) اي اجتمع به. و قوله (في عوائد حال) اي جمعتهم المله کائنه في عوائد برکتها. قوله- عليه‏السلام- (فکهين) اي اشرين مرحين فکاهه ص

ادره عن خضره عيش النعمه. قوله- عليه‏السلام- (قد تربعت) اي اقامت. و يقال: (تعطف الدهر علي فلان) اي اقبل حظه و سعادته بعد ان لم يکن کذلک. و (الذري) الاعالي. قوله- عليه‏السلام- (لا يغمز) يقال: (غمزه بيده) اي نخسه. و (القناه) الرمح، و يکني عن الغزيز الذي لا يضام، فيقال: (لا يغمز له قناه) اي هو صلب، و القناه اذا لم تکن في يد الغامز کانت ابعد عن الحطم و الکسر. و قوله (لا تقرع لهم صفاه) مثل يضرب لمن لا يطمع في جانبه لعزته و قوته. و (الصفاه) الصخره و الحجر الاملس.

[صفحه 341]

و قوله (باحکام) متعلق بثلمتم، و قوله (بنعمه) متعلق بقوله (امتن). قوله (النار و لا العار) اي ادخلوا النار و لا تلتزموا العار. و قال الجوهري: (کفات الاناء) قلبته، و زعم ابن‏الاعرابي ان (اکفاته) لغته و (کفات القوم کفاء) اذا ارادوا و جها فصرفتهم عنه الي غيره. قوله (الي غيره) الضمير عائد الي الاسلام او الي الله. قوله (فلا تستبطئوا) اي فلا تستبعدوا. قوله (لترک التناهي) يقال: (تناهوا عن المنکر) اي نهي بعضهم بعضا.

[صفحه 342]

و (دوخه) اي ذلله. و (شيطان الردهه) و ذو الثديه. فقد روي انه رماه الله يوم النهر بصاعقه. و (الردهه) نقره في الجبل يجتمع فيها الماء. و انما سمي بذلک لانه وجد بعد موته في حفره، و قيل: هو احد الابالسه. و (الوجبه) اضطراب القلب. و (الرجه) الحرکه و الزلزله. و (ادلت من فلان) اي قهرته و غلبته. و (التشذر) التبدد و التفرق.


صفحه 275، 285، 285، 310، 335، 343، 337، 338، 339، 340، 340، 340، 341، 342.