خطبه 232-سفارش به ترس از خدا











خطبه 232-سفارش به ترس از خدا



[صفحه 256]

بيان: (لا يثنيه) اي لا يصرفه و لا يعطفه. بيان: (الارماس) جمع (الرمس) و هو القبر. و (الابلاس) الياس و الانکسار و الحزن. و قال الجزري: (المطلع) مکان الاطلاع من الموضع العالي، و منه الحديث: (لا فتديت من هول المطلع) اي الموقف يوم القيامه، او ما يشرف عليه من امر الاخره عقيب الموت بالمطلع الذي يشرف عليه من موضع عال. و (اختلاف الاضلاع) کنايه عن ضغطه القبر، اذ يحصل بسببها تداخل الاضلاع و اختلافها. و (الضريح) الشق في وسط القبر، و اللحد في الجانب. و (الصفيح) الحجر، و المراد بردمه هنا سد القبر به. (ان ما سياتي هنا بحوث و دراسات في احوال البرزخ و القبر و عذابه و سواله بمناسبه البحث حول القيامه.) (تذييل) ثم اعلم ان عذاب البرزخ و ثوابه مما اتفقت عليه الامه سلفا و خلفا، و قال به اکثر اهل الملل و لم ينکره من المسلمين الا شرذمه قليله لا عبره بهم، و قد انعقد الاجماع علي خلافهم سابقا و لا حقا. و الاحاديث الوارده فيه من طرق العامه و الخاصه متواتره المضمون، و کذا بقاء النفوس بعد خراب الابدان مذهب اکثر العقلاء من المليين و الفلاسفه، و لم ينکره الا فرقه قليله کالقائلين بان النفس هي المزاج و امثاله ممن لا يعبابهم و لا

بکلامهم، و قد عرفت ما يدل عليه من الاخبار الجليه و قد اقيمت عليه البراهين العقليه، و لنذکر بعض کلمات علماء الفريقين في المقامين. قال نصير المله و الدين- قدس الله روحه- في التجريد: عذاب القبر واقع لامکانه و تواتر السمع بوقوعه. و قال العلامه الحي- نور الله ضريحه- في شرحه: نقل عن ضرار انه انکر عذاب القبر، و الاجماع علي خلافه. و قال الشيخ المفيد- رحمه الله- في اجوبه المسائل السروريه- حيث سئل: ما قوله- ادام الله تاييده- في عذاب القبر و کيفيته؟ و متي يکون؟ و هل ترد الارواح الي الاجساد عند التعذيب ام لا؟ و هل يکون العذاب في القبر او يکون بين النفختين؟- الجواب: الکلام في عذاب القبر طريقه السمع دون العقل. و قد ورد عن ائمه الهدي- عليهم‏السلام- انهم قالوا: ليس يعذب في القبر کل ميت، و انما يعذب من جملتهم من محض الکفر محضا، و لا ينعم کل ماض لسبيله، و انما ينعم منهم من محض الايمان محضا، فاما ما سوي هذين الصنفين فانه يلهي عنهم. و کذلک روي انه لا يسال في قبره الا هذان الصنفان خاصه، فعلي ما جاء به الاثر من ذلک يکون الحکم ما ذکرناه. فاما عذاب الکافر في قبره و نعيم المومنين فيه فان الخبر ايضا قد ورد بان الله - تعالي- يجعل روح

المومن في قالب مثل قالبه في الدنيا في جنه من جناته ينعمه فيها الي يوم الساعه، فاذا نفخ في الصور انشا جسده الذي بلي في التراب و تمزق ثم اعاده اليه و حشره الي الموقف، و امر به الي جنه الخلد، فلا يزال منعما ببقاء الله - عز و جل- غير ان جسده الذي يعاد فيه لا يکون علي ترکيبه في الدنيا، بل تعدل طباعه، و تحسن صورته، فلا يهرم مع تعديل الطباع، و لا يمسه نصب في الجنه و لا لغوب، و الکافر يجعل في قالب کقالبه في الدنيا في محل غذاب يعاقب به، و نار يعذب بها حتي الساعه، ثم انشي جسده الذي فارقه في القبر و يعاد اليه، ثم يعذب به في الاخره عذاب الابد، و يرکب ايضا جسده ترکيبا لا يفني معه، و قد قال الله- عز و جل اسمه-: (النار يعرضون عليها عدوا و عشيا و يوم تقوم الساعه ادخلوا آل فرعون اشد العذاب) و قال في قصه الشهداء: (و لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون). فدل علي ان العذاب و الثواب يکونان قبل يوم القيامه و بعدها، و الخبر و ارد بانه يکون مع فراق الروح الجسد من الدنيا، و الروح ههنا عباره عن الفعال الجوهر البسيط، و ليس بعباره عن الحياه التي يصح معها العلم و القدره لان هذه الحياه عرض لا يبقي و لا يصح ال

اعاده فيه فهذا ما عول عليه بالنقل و جاء به الخبر علي ما بيناه. ثم سئل- رحمه الله-.: ما قوله- ادام الله تمکينه- في معني قول الله- تعالي-: (و لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون)؟ اهم احياء في الحقيقه علي ما تقتضيه الايه ام الايه مجاز؟ و ان اجسادهم الان في قبورهم ام في الجنه؟ فان المعتزله من اصحاب ابي‏هاشم يقولون: ان الله- تعالي- ينزع من جسد کل واحد منهم اجزاء قدر ما يتعلق به الروح، و انه- تعالي- يرزقهم علي ما نطقت به الايه، و ما سوي هذا من اجزاء ابدانهم فهي في قبورهم کاجساد سائر الموتي. الجواب: هذا المحکي عن اصحاب ابي‏هاشم لان المحفوظ عنه الانسان المخاطب المامور المنهي هو البنيه التي لا تصح الحياه الا بها و ما سوي ذلک من الجسد ليس بانسان و لا يتوجه اليه امر و لا نهي و لا تکليف، و ان کان القوم يزعمون ان تلک البنيه لا تفارق ما جاورها من الجسد فيعذب او ينعم فهو مقال يستمر علي ان البنيه التي ذکروها هو المکلف المامور المنهي و باقي جسده قي القبر، الا انهم لم يذکروا کيف يعذب من عذب و يثاب من اثيب؟ افي دار غير الدنيا ام فيها؟ و هل يحيي بعد الموت او تفارق الجمله في الدنيا فلا يلحقه موت؟ ث

م لم يحک عنهم في اي محل يعذبون و يثابون؟ و فيما قالوه من ذلک فليس به اثر و لا يدل عليه العقل، و انما هو يخرج منهم علي الظن و الحساب، و من بني مذهبه علي الظن في مثل هذا الباب کان بمقالته مفتريا، ثم الذي يفسد قولهم من بعد ما دل علي ان الانسان المامور المنهي هو الجوهر البسيط، و ان الاجزاء المولفه لا يصح ان تکون فعاله، و دلائل ذلک يطول باثباتها الکتاب، و فيما او مانا اليه منها کفايه فيما تعلق به السوال و بالله التوفيق. و سئل عنه- قدس الله روحه- في المسائل العکبره عن قول الله- تعالي- (و لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله- الايه) هل يکون الرزق لغير جسم؟ و ما صوره هذه الحياه؟ فانا مجمعون علي ان الجواهر لا تبلي شيئا، فما الفرق حينئذ في الحياه بين المومن و الکافر. فاجاب - رحمه الله- بان الرزق لا يکون عندنا الا للحيوان، و الحيوان عندنا ليسوا باجسام بل ذوات اخرجوا في هذه الدار الي الاجساد، و تعذر عليهم کثير من الافعال الا بها، فان اغنوا عنها بعد الوفاه جازان يرزقوا مع عدمها رزقا يحصل لهم به اللذات، و ان افتقروا اليها کان الرزق لهم حينئذ بحسبه في الدنيا علي السواء. فاما قوله (ما صوره هذه الحياه؟) فاحياه لا صوره لها لانها

عرض من الاعراض و هي تقوم بالذات الفعاله دون الاجساد التي تقوم بها حياه النمودون الحياه التي هي شرط في العلم و القدره و نحو هما من الاعراض. و قوله (انا مجمعون علي ان الجواهر لا تبلي شيئا) فليس ذلک کما ظن، و لو کان کما توهم لم يمتنع ان توجد الحياه لبعض الجواهر و ترفع عن بعض، کما توجد حياه النمو لبعض الاجساد و ترفع من بعض بالاتفاق، و لو قلنا: (ان الحياه بعد النقله من هذه الدار تعم اهل الکفر و الايمان) لم يفسد ذلک علينا اصلا في الدين، فکانت الحياه لاهل الايمان شرطا في وصول اللذات اليهم، و الحياه لاهل الکفر شرطا في وصول الالام اليهم بالعقاب. انتهي. و قال شارح المقاصد: اتفق الاسلاميون علي حقيقه سوال منکر و نکير في القبر و عذاب الکفار و بعض العصاه فيه، و نسب خلافه الي بعض المعتزله، قال بعض المتاخرين منهم: حکي انکار ذلک عن ضرار بن عمرو، و انما نسب الي المعتزله- و هم براء منه- لمخالطه ضرار اياهم، و تبعه قوم من السفهاء من المعاندين للحق و نحوه، قال في المواقف: و قال المحقق الدواني في شرح العقائد العضديه: عذاب القبر للمومن و الفاسق و الکافر حق لقوله- تعالي-: (النار يعرضون عليها عدوا و عشيا- الايه). و قوله (ربنا امتنا اث

نتين و احييتنا اثنتين)، و لقوله- صلي الله عليه و آله-: (ان احدکم اذا مات عرض عليه مقعده بالغداه و العشي، ان کان من اهل الجنه فمن الجنه، و ان کان من اهل النار فمن النار، فيقال: هذا مقعدک حتي نبعثک يوم القيامه)، و قوله - صلي الله عليه و آله-: (استنزهوا من البول فان عامه عذاب القبر منه)، و قوله- صلي الله عليه و آله-: (القبر اما روضه من رياض الجنه، او حفره من حفر النيران). و نقل العلامه التفتازاني عن السيد ابي الشجاع ان الصبيان يسالون و کذا الانبياء - عليهم‏السلام- و قيل: ان الانبياء لا يسالون لان السوال علي ما ورد في الحديث عن ربه و عن دينه و عن نبيه، و لا يعقل السوال عن النبي- صلي الله عليه و آله- من نفس النبي، و انت خبير بانه لا يدل علي عدم السوال مطلقا بل عدم السوال عن نبيه فقط، و ذلک ايضا في الذي لا يکون علي مله نبي آخر. و اختلف الناس في عذاب القبر فانکره قوم بالکليه و اثبته آخرون، ثم اختلف هولاء فمنهم من اثبت التعذيب و انکر الاحياء و هو خلاف العقل، و بعضهم لم يثبت العذاب بالفعل بل قال: تجتمع الالام في جسده فاذا حشر احس بها دفعه، و هذا انکار لعذاب القبر حقيقه، و منهم من قال باحيائه لکن من غير اعاده الروح، و

منهم من قال بالاحياء و اعاده الروح و لا يلزم ان يري اثر الحياه فيه حتي ان الماکول في بطن الحيوانات يحيي و يسال و ينعم و يعذب و لا ينبغي ان ينکر لان من اخفي النار في الشجر الاخضر قادر علي اخفاء العذاب و النعيم. قال الامام الغزالي في الحياء: اعلم ان لک ثلاث مقامات في التصديق بامثال هذا. احدها- و هو الاظهر و الاصح- ان تصدق بان الحيه مثلا موجوده تلدغ الميت و لکنا لا نشاهد ذلک، فان ذلک العين لا يصلح لمشاهده تلک الامور الملکوتيه، و کل ما يتعلق بالاخره فهو من عالم الملکوت، اما تري ان الصحابه کيف کانوا يومنون بنزول جبرئيل- عليه‏السلام-، و ما کانوا يشاهدونه، و يومنون انه- صلي الله عليه و آله- يشاهده؟ فان کنت لا تومن بهذا، فتصحيح الايمان بالملائکه و الوحي عليک اوجب، و ان آمنت به و جوزت ان يشاهد النبي- صلي الله عليه و آله- ما لا تشاهده الامه فکيف لا تجوز هذا في الميت؟ المقام الثاني ان تتذکر امر النائم فانه يري في نومه حيه تلدغه و هو يتالم بذلک حتي يري في نومه يصيح و يعرق جبينه، و قد ينزعج من مکانه. کل ذلک يدرک من نفسه و يتاذي به کما يتاذي اليقظان، و انت تري ظاهره ساکنا و لا تري في حواليه حيه، و الحيه موجوده في حقه، و ال

عذاب حاصل، و لکنه في حقک غير مشاهد، و ان کان العذاب الم اللدغ فلا فرق بين حيه تتخيل او تشاهد. المقام الثالث ان الحيه بنفسها لا تو لم بل الذي يلقاک منها هو السم، ثم السم ليس هو الالم، بل عذابک في الاثر يحصل فيک من السم، فلوحصل مثل ذلک من غير سم فکان ذلک العذاب قد توفر، و قد لا يمکن تعريف ذلک النوع من العذاب الا بان يضاف الي السبب الذي يفضي اليه في العاده، و الصفات المهلکات تنقلب موذيات و مولمات في النفس عند الموت فتکون آلامها کالام لدغ الحيات من غير وجود الحيات. فان قلت: ما الصحيح من هذه المقامات الثلاثه؟ فاعلم ان من الناس من لم يثبت الا الثالث، و انما الحق الذي انکشف لنا من طريق الاستبصار ان کل ذلک في حيز الامکان، و ان من ينکر بعض ذلک فهو لضيق حوصلته و جهله باتساع قدره الله و عجائب تدبيره منکر من افعال الله- تعالي- ما لم يانس به و لم يالفه و ذلک جهل و قصور، بل هذه الطرق الثلاثه في التعذيب ممکن و التصديق بها واجب، و رب عبد يعاقب بنوع واحد من هذه الانواع الثلاثه. هذا هو الحق فصدق به. ثم قال: و سوال منکر و نکير حق لقوله- صلي الله عليه و آله-: (اذا اقبر الميت اتاه ملکان اسودان ازرقان يقال لاحدهما: منکر و للاخر:

نکير، يقولان: ما کنت تقول في هذا الرجل؟ فان کان مومنا فيقول: هو عبدالله و رسوله، اشهد ان لا اله الا الله و اشهد ان محمدا رسول الله، فيقولان: قد کنا نعلم انک تقول هذا، ثم يفسح في قبره سبعين ذراعا في سبعين ذراعا، ثم ينورله فيه، ثم يقال له: نم، فيقول: ارجع الي اهلي فاخبرهم؟ فيقولان: نم کنومه العروس الذي لا يوقظه الا احب اهله، حتي يبعثه الله من مضجعه ذلک. و ان کان منافقا قال: سمعت الناس يقولون، فقلت مثله، لا ادري؟ فيقولان: قد کنا نعلم انک تقول ذلک، فيقال للارض: التئمي عليه، فتلتئم عليه فتختلف اضلاعه، فلا يزال فيه معذبا حتي يبعثه الله من مضجعه ذلک. و انکر الجبائي و ابنه و البلخي تسميه الملکين منکرا و نکيرا و قالوا: انما المنکر ما يصدر من الکافر عند تلجلجه اذا سئل، و النکير انما هو تقريع الکافر، و هو خلاف ظاهر الحديث. و الاحاديث الصحيحه الداله علي عذاب القبر و نعيمه و سوال الملکين اکثر من ان تحصر بحيث يبلغ قدره المشترک حد التواتر و ان کان کل منها خبر الاحاد، و اتفق عليه السلف الصالح قبل ظهور المخالف. و انکره مطلقا ضرار بن عمرو و اکثر متاخري المعتزله و بعض الروافض متمسکين بان الميت جماد فلا يعذب، و ما سبق حجه عليهم

، و من تامل عجائب الملک و الملکوت و غرائب صنعه- تعالي- لم يستنکف عن قبول امثال هذا، فان للنفس نشات و في کل نشاه تشاهد صورا تقتضيها تلک النشاه، فکما انها تشاهد في المنام امورا لم تکن تشاهد في اليقظه فکذا تشاهد في حال الانخلاع عن البدن امورا لم تکن تشاهد في الحياه. و الي هذا يشير من قال: الناس نيام فاذا ماتوا انتبهوا. انتهي کلامه. و لا يخفي علي احد ان ما نسبه هو و غيره الي الشيعه في هذا الباب فريه بلامريه. و لا يوجد من ذلک في کتبهم عين و لا اثر، و قد سمعت بعض کلماتهم في ذلک، و لعله راي ذلک في بعض کتب الملاحده من الاسماعيليه و غيرهم الملصقين بهذه الفرقه المحقه فنسب ذلک اليهم مجملا، و هذا تدليس قبيح و لا سيما من الفضلاء. ثم اعلم انه روي العامه في کتبهم عن ابي امامه الباهلي ان النبي- صلي الله عليه و آله- قال: (اذا مات احدکم و سويتم عليه التراب فليقم احدکم عند قبره ثم ليقل: يا فلان بن فلانه فانه يسمع و لا يجيب، ثم ليقل: يا فلان بن فلانه - الثانيه- فيستوي قاعدا، ثم ليقل: يا فلان بن فلانه، فانه يقول: ارشدنا رحمک الله، فيقول: اذکر ما خرجت عليه من الدنيا: شهاده ان لا اله الا الله، و ان محمدا عبده و رسوله، و انک رضيت با

لله ربا، و بالاسلام دينا، و بالاسلام دينا، و بمحمد نبيا، و بالقرآن اماما. فان منکرا و نکيرا يتاخر کل واحد منهما فيقول: انطلق فما يقعدنا عند هذا و قد لقن حجته؟) فقال: يا رسول الله! فان لم يعرف امه؟ قال: فلينسبه الي حواء. و قال الشيخ‏البهايي- قدس الله روحه-: قد يتوهم ان القول بتعلق الارواح بعد مفارقه ابدانها العنصريه باشباح اخر کما دلت عليه الاحاديث قول بالتناسخ، و هذا توهم سخيف لان التناسخ الذي اطبق المسلمون علي بطلانه هو تعلق الارواح بعد خراب اجسادها باجسام اخر في هذا العالم، اما عنصريه کما يزعم بعضهم و يقسمه الي النسخ و المسخ و الفسخ و الرسخ، او فلکيه ابتداء او بعد ترددها في الابدان العنصريه علي اختلاف آرائهم الواهيه المفصله في محلها. و اما القول بتعلقها في عالم آخر بابدان مثاليه مده البرزخ الي ان تقوم قيامتها الکبري فتعود الي ابدانها الاوليه باذن مبدعها اما بجمع اجزائها المتشتته او بايجادها من کتم العدم کما انشاها اول مره فليس من التناسخ في شي‏ء، و ان سميته تناسخا فلا مشاحه في التسميه اذا اختلف المسمي، و ليس انکارنا علي التناسخيه و حکمنا بتکفيرهم بمجرد قولهم بانتقال الروح من بدن الي آخر، فان المعاد الجسمان

ي کذلک عند کثير من اهل الاسلام، بل بقولهم بقدم النفوس و ترددها في اجسام هذا العالم و انکارهم المعاد الجسماني في النشاه الاخرويه. قال الفخر الرازي في نهايه العقول: ان المسلمين يقولون بحدوث الارواح و ردها الي الابدان لا في هذا العالم، و التناسخيه يقولون بقدمها و ردها اليها في هذا العالم و ينکرون الاخره و الجنه و النار، و انما کفروا من اجل هذا الانکار. انتهي کلامه ملخصا. فقد ظهر البون البعيد بين القولين. انتهي کلامه، زاد الله في اکرامه. ثم اعلم ان مقتضي قواعد العدليه و ظواهر النصوص الماضيه و الاتيه انه انما يسال في القبر المکلفون الکاملون لا الاطفال و المجانين و المستضعفون، و اما الانبياء و الائمه- عليه‏السلام- و ان کان المفهوم من فحوي عدم سوال من لقن و امثالهم و مامر انه يسال و هو مضغوط علي بعض محتملاته و غيره مما يدل علي رفعه شانهم عدم السوال عنهم، لکن لما لم نرفيه نصا صريحا فلاولي عدم التعرض له نفيا و اثباتا، و لذا لم يتعرض له علمائنا - رضوان الله عليهم-. قال صاحب المحجه البيضاء في مذهب آل العباء: اختلف اهل السنه في ان الانبياء- عليه‏السلام- هل يسالون في القبر ام لا؟ و کذا في الاطفان؟ فقيل: الاصح ان الانبياء

- عليه‏السلام- لا يسالون. و قال الصفار: ليس في هذا نص و لا خبر و لا دليل فانتفي ذلک عنهم، و ما روي عنه- صلي الله عليه و آله- من الاستعاذه عن عذاب القبر فذلک للمبالغه في اظهار الافتار الي الله- تعالي- و قيل: هو تحکم محض لجواز ان يقال: (آمن الرسول بما انزل اليه من ربه) فکما جاز ان يسال المومن عما آمن به فيقال: من ربک و ما دينک؟ فکذا الرسول يسال عما آمن به. فعلم ان حمل الاستغاذه علي المبالغه تحکم بغير دليل، و لان النبي- صلي الله عليه و آله- صاحب عهده عظيمه لانه انما بعث لبيان الشرائع و صرف القلوب الي الله- تعالي- فلم لا يجوز ان يسال عما کان في عهدته؟ حتي قيل: و سوالهما الانبياء بهذه العباره: علي ماذا ترکتم امتکم؟ و الحق ان الائمه کالانبياء- صلوات الله عليهم اجمعين- في هذه الامور کلها، و لم ار في کتب الاماميه هذه المساله لا نفيا و لا اثباتا، و الذي يطمئن اليه قلبي انهم مع الائمه- سلام الله عليهم- مستثنون من هذه الاحکام. انتهي. و قال الصدوق- رحمه الله- في رساله العقائد: اعتقادنا في المساء له في القبر انها حق لابد منها، فمن اجاب بالصواب فاذا بروح و ريحان في قبره و بجنه نعيم في الاخره و من لم يات بالصواب فله نزل من

حميم في قبره و تصليه جحيم في الاخره. و اکثر ما يکون عذاب القبر من النميمه و سوء الخلق و الاستخفاف بالبول، و اشد ما يکون عذاب القبر علي المومن مثل اختلاج العين او شرطه حجام، و يکون ذلک کفاره لما بقي عليه من الذنوب التي تکفرها الهموم و الغموم و الامراض و شده النزف عند الموت. فان رسول الله- صلي الله عليه و آله- کفن فاطمه بنت اسد في قميصه بعد ما فرغت النساء من غسلها و حمل جنازتها علي عاتقه حتي اوردها قبرها، ثم وضعها و دخل القبر و اضطجع فيه ثم قام فاخذها علي يديه و وضعها في قبرها، ثم انکب عليها يناجيها طويلا و يقول لها: ابنک ابنک، ثم خرج و سوي عليها التراب، ثم انکب علي قبرها فسمعوه و هو يقول: اللهم اني او دعتها اياک. ثم انصرف. فقال له المسلمون: يا رسول الله! انا رايناک صنعت اليوم شيئا لم تصنعه قبل اليوم؟! فقال: اليوم فقدت بر ابي‏طالب انها کانت يکون عندها الشي‏ء فتوثرني به علي نفسها و ولدها، و اني ذکرت القيامه و ان الناس يحشرون عراه فقالت و اسواتاه! فضمنت لها ان يبعثها الله- تعالي- کاسه، و ذکرت ضغطه القبر فقالت: و اضعفاه! فضمنت لها ان يکفيها الله- تعالي- ذلک فکفنتها بقميصي و اضطجعت في قبرها لذلک و انکببت عليها فلق

نتها ما تسال عنه، و انما سئلت عن ربها فقالت: الله، و سئلت عن نبيها فاجابت، و سئلت عن و ليها و امامها فارتج عليها، فقلت لها: ابنک ابنک. اقول: و قال الشيخ المفيد - نورالله ضريحه- في شرح هذا الکلام: جائت الاخبار الصحيحه عن النبي- صلي الله عليه و آله- ان الملائکه تنزل علي المقبورين فتسالهم عن اديانهم، و الفاظ الاخبار بذلک متقاربه، فمنها ان ملکين لله- تعالي- يقال لهما: ناکر و نکير، ينزلان علي الميت فيسالانه عن ربه و نبيه و دينه و امامه فان اجاب بالحق سلموه الي ملائکه النعيم، و ان ارتج عليه سلموه الي ملائکه العذاب. و قيل في بعض الاخبار: ان اسمي الملکين اللذين ينزلان علي المومن مبشر و بشير. و قيل: انه انما سمي ملکا الکافر ناکرا و نکيرا لانه ينکر الحق و ينکر ما ياتيانه به و يکرهه، و سمي ملکا المومن مبشرا و بشيرا لانهما يبشرانه من الله- تعالي- بالرضا و الثواب المقيم. و ان هذين الاسمين ليسا بلقب لهما، و انهما عباره عن فعلهما، و هذه امور تتقارب بعضها من بعض و لا تستحيل معانيها و الله اعلم بحقيقه الامر فيها. و قد قلنا فيما سلف: انما ينزل الملکان علي من محض الايمان محضا او محض الکفر محضا، و من سوي هذين فيلهي عنه و بينا ان

الخبر جاء بذلک فمن جهته قلنا فيه ما ذکرناه. فصل: و ليس ينزل الملکان الا علي حي و لا يسالان الا من يفهم المساله و يعرف معناها، و هذا يدل علي ان الله- تعالي- يحيي العبد بعد موته للمساء له، و يديم حياته بنعيم ان کان يستحقه، او بعذاب ان کان يستحقه - نعوذبالله من سخطه و نساله التوفيق لما يرضيه برحمته- و الغرض من نزول الملکين و مسائلتهما العبد ان الله يوکل بالعبد بعد موته ملائکه النعيم و ملائکه العذاب، و ليس للملائکه طريق الي ما يستحقه العبد الا باعلام الله- تعالي- ذلک لهم، فالملکان اللذان ينزلان علي العبد احدهما من ملائکه النعيم و الاخر من ملائکه العذاب، فاذا هبطا لما و کلا به استفهما حال العبد بالمسائله فان اجاب بما يستحق به النعيم قال بذلک ملک النعيم و عرج عنه ملک العذاب، و ان ظهرت فيه علامه استحقاقه العذاب و کل به ملک العذاب و عرج عنه ملک النعيم. و قد قيل: ان الملائکه الموکلين بالنعيم و العقاب غير الملکين الموکلين بالمسائله، و انما يعرف ملائکه النعيم و ملائکه العقاب ما يستحقه العبد من جهه ملکي المسائله، فاذا سائلا العبد و ظهر منه ما يستحق به الجزاء تولي منه ذلک ملائکه الجزاء و عرج ملکا مسائله الي مکانهما من ال

سماء و هذا کله جائز و لسنا نقطع باحددون صاحبه، اذا الاخبار فيه متکافئه و العاده لنا في معني ما ذکرناه التوقف و التجويز. فصل: و انما و کل الله- تعالي- ملائکه المسائله و ملائکه العذاب و النعيم بالخلق تعبدا لهم بذلک، کما و کل الکتبه من الملائکه - عليه‏السلام- بحفظ اعمال الخلق و کتبها و نسخها و رفعها تعبدا لهم بذلک، و کما تعبد طائفه من الملائکه بحفظ بني آدم و طائفه منهم باهلاک الامم، و طائفه يحمل العرش، و طائفه بالطواف حول البيت المعمور، و طائفه بالتسبيح، و طائفه بالاستغفار للمومنين، و طائفه بتنعيم اهل الجنه، و طائفه بتعذيب اهل النار و التعبد لهم بذلک ليثيبهم عليها. و لم يتعبد الله الملائکه بذلک عبثا کما لم يتعبد البشر و الجن بما تعبدهم به لعبا بل تعبد الکل للجزاء و ما تقتضيه الحکمه من تعريفهم نفسه- تعالي- و الترامهم شکر النعمه عليهم. و قد کان الله- تعالي- قادرا علي ان يفعل العذاب بمستحقه من غير واسطه و ينعم المطيع من غير واسطه، لکنه علق ذلک علي الوسائط لما ذکرناه و بينا وجه الحکمه فيه و وصفناه. و طريق مساء له الملکين الاموات بعد خروجهم من الدنيا بالوفاه هو السمع، و طريق العلم برد الحياه اليهم عند المساء له هو ا

لعقل، اذ لا تصح مساء له الاموات و استخبار الجمادات، و انما يحسن الکلام للحي العاقل لما يکلم به و تقريره و الزامه بما يقدر عليه، مع انه قد جاء في الخبر ان کل مسائل ترد اليه الحياه عند مسائلتهم ليفهم ما يقال له، فالخبر بذلک اکد ما في العقل، و لو لم يرد بذلک خبر لکفي حجه العقل فيه علي ما بيناه. انتهي کلامه- رحمه الله-. و اقول: لما کانت هذه المساله من اعظم الاصول الاسلاميه و قد اکثرت المتفلسفه و الملاحده الشبه فيها و رام بعض من آمن بلسانه و لم يومن بقلبه تاويلها و تحريفها اطنبت الکلام فيها بعض الاطناب و ارجو من فضل ربي ان يوفقني لان اعمل في ذلک رساله مفرده عن هذا الکتاب، و الله الموفق لکل خير و صواب. و قد اثبتنا الاخبار النافعه في هذا المقصد الاقصي في باب الاحتضار، و باب الجريدتين، و باب الدفن، و باب التلقين و غيرها من ابواب الجنائز، و باب احوال اولاد آدم، و ابواب معجزات الائمه - عليه‏السلام- و غرائب احوالهم. و سياتي خبر طويل في تکلم سلمان مع بعض الاموات في باب احواله- رضي الله عنه-، و سياتي في اکثر الابواب ما يناسب الباب لا سيما في باب فضل فاطمه بنت اسد- رضي الله عنها-، و باب فضل ليله الجمعه و يومها، و ابواب الم

واعظ، و ابواب فضائل الاعمال و غيرها مما تطول الاشاره اليها فکيف ذکرها.

[صفحه 269]

بيان: (علي سنن) اي علي طريقه الامم الماضيه يهلککم کما اهلکهم. (القرن) حبل يشد به البعيران. (بافراطها) اي مقدماتها. و 0الکلاکل) جمع (الکلکل) و هو الصدر، و يقال للامر الثقيل: (قد اناخ عليهم بکلکله) اي هدهم و رضهم کما يهد البعير البارک من تحته اذا انيخ عليه بصدره، و الجمع باعتبار تعدد اهوالها. و (الحضن) بالکسر، الجنب. و (الرث) البالي. و (الغث) المهزول. و (الضنک) الضيق. و (الکلب) الشده و الاذي. و (اللجب) الصوت. و (التغيظ) الهيجان و الغليان. و (الذکاء) شده و هج النار. و (حمي التنور) اشتد حرها. و (زحزحه عن کذا) باعده.


صفحه 256، 269.