خطبه 231-ايمان











خطبه 231-ايمان



[صفحه 247]

بيان: قال ابن عبدالبر في الاستيعاب و غيره: اجمع الناس کلهم علي انه لم يقل احد من الصحابه و لا احد من العلماء هذا الکلام. و قال ابن‏ميثم: کني بشغر رجلها عن خلو تلک الفتنه من مدبر. قال الجوهري: (بلده شاغره برجلها) اذا لم تمنع من غاره احد. و (شغر البلد) اي خلا من الناس. و قال ابن‏الاثير: (شغر الکلب) رفع احدي رجليه ليبول، و قيل: (الشغر) البعد. و قيل الا تساع. و منه حديث علي- عليه‏السلام-: قبل ان تشغر برجلها فته. انتهي. و قوله- عليه‏السلام- (تطا في خطامها) قال ابن‏ميثم: استعاره بوصف الناقه التي ارسلت خطامها و خلت عن القائد في طريقها فهي تخبط و تعثر و تطامن لقيت من الناس علي غير نظام من حالها. (و تذهب باحلام قومها) قال بعض الشارحين: اي يتحير اهل زمانها فلا يهتدون الي طريق التخلص عنها، و يحتمل ان يريد انهم ياتون اليها سراعا رغبه و رهبه من غير معرفه بکونها فتنه. (هذا بيان آخر في شرح الکلام:) بيان: (العواري) جمع (العاريه) بالتشديد فيهما کانها منسوبه الي العار فان طلبها عار و غيب. قال ابن‏ميثم- رحمه الله-: قوله - عليه‏السلام- (فمن الايمان...) الي آخره قسمه للايمان الي قسمين: احدهما الثابت المستقر في القو

ب الذي صار ملکه، و ثانيهما ما کان في معرض الغير و الانتقال. و استعار - عليه‏السلام- لفظ (العواري) لکونه في معرص الاسترجاع و الرد. و کني- عليه‏السلام- بکونه بين القلوب و الصدور عن کونه غير مستقر في القلوب و لا متمکن من جواهر النفوس. و قال ابن ابي‏الحديد: اراد- عليه‏السلام- من الايمان ما يکون علي سبيل الاخلاص و منه ما يکون علي سبيل النفاق. و قوله - عليه‏السلام- (الي اجل معلوم) ترشيح لاستعکاره العواري و هذه القسمه الي القسمين هي الموجوده في نسخه الرضي- رضي الله عنه- بخطه و في نسخ کثير من الشارحين و نسخ کثيره معتربه ثلاثه اقسام هکذا: (فمن الايمان ما يکون ثابتا مستقرا في القلوب، و منه ما يکون عواري (في القولب، و منه ما يکون عواري) بين القلوب و الصدور الي اجل معلوم. و قال ابن ابي‏الحديد في بيانها: ان الايمان اما ان يکون ثابتا مستقرا بالبرهان و هو الايمان الحقيقي، او ليس بثابت بالبرهان بل بالدليل الجدلي ککثير ممن لم يحقق العلوم العقليه و هو الذي عبر - عليه‏السلام- عنه بقوله (عواري في القلوب) فهوو ان کان في القلب الذي هو محل الايمان الحقيقي الا ان حکمه حکم العاريه في البيت و اما ان يستند الي تقليد و حسن ظن بالاسلاف.

و قد جعله- عليه‏السلام- عواري بين القلوب و الصدور، لانه دون الثاني فلم يجعله حالا في القلب. و رد قوله - عليه‏السلام- الي اجل معلوم الي القسمين الاخيرين لان من لم يبلغ درجه البرهان ربما ينحط الي درجه المقلد، فيکون ايمان کل منهما الي اجل معلوم، لکونه في معرض الزوال. (فاذا کانت لکم برائه...) الخ قيل: اي اذا اردتم التبري من احد فاجعلوه موقوفا الي حال الموت، و لا تسارعوا الي البرائه منه قبل الموت، لانه يجوز ان يتوب و يرجع، فاذا مات و لم يتب جازت البرائه منه، لانه ليس له بعد الموت حاله تنتظر. و ينبغي ان تحمل هذه البرائه علي البرائه المطلقه لجواز التبري من الفاسق و هو حي و من الکافر و هو حي، لکن بشرط الا تصاف باحد الوصفين، بخلاف ما بعد الموت. و قيل: المعني: انتظروا حتي ياتيه الموت فانه ربما يکون معتقادا للحق و يکتم ايمانه لغرض دنيوي، و قيل: هذا اشاره الي ما کان يفعله رسول الله - صلي الله عليه و آله- في الصلاه علي المنافقين، فاذا کبر اربعا کانوا يعلمون انه منافق، و اذا کبر خمسا کانوا يعلمون انه مومن، فاشار- عليه‏السلام- الي انه عند الموت تقع البرائه و تصح بعلامه تکبيراته الاربع. و کلا الوجهين کما تري. و الظاهر ان ال

مراد بالبرائه قطع العلائق الايمانيه التي يجوز معها الاستغفار کما يومي اليه قوله - سبحانه-: (ما کان للنبي و الذين آمنوا ان يستغفروا للمشرکين و لو کانوا اولي فربي...) الي قوله- تعالي-: (فلما تبين له انه عدو لله تبرا منه) (و الهجره قائمه...) الخ، و اصل الهجره المامور بها الخروج من دار الحرب الي دار الاسلام. و قال في النهايه: فيه لا هجره بعد الفتح و لکن جهادونيه. و في حديث آخر: (لا تنقطع الهجره حتي تنقطع التوبه). (الهجره) في الاصل اسم من (الهجر) ضد الوصل، و قد هجره هجرا و هجرانا. ثم غلب علي الخروج من ارض الي ارض و ترک الاولي للثانيه، يقال منه: هاجر مهاجره. و الهجره هجرتان: احدا هما التي وعد الله عليها الجنه في قوله (ان الله اشتري من المومنين انفسهم و اموالهم بان لهم الجنه). فکان الرجل ياتي النبي - صلي الله عليه و آله- و يدع اهله و ماله لا يرجع في شي‏ء منه، و ينقطع بنفسه الي مهاجره، و کان النبي- صلي الله عليه و آله- يکره ان يموت الرجل بالارض التي هاجر منها، فمن ثم قال: (لکن البائس سعد بن خوله)، يرثي له ان مات بمکه، و قال حين قدم مکه (اللهم لا تجعل منايانا بها). فلما فتحت مکه صارت دار اسلام کالمدينه، و انقطعت الهجر

ه. و الهجره الثانيه من هاجر من الاعراب و غزا مع المسلمين، و لم يفعل کما فعل اصحاب الهجره الاولي، فهو مهاجر و ليس بداخل في فضل من هاجر تلک الهجره، و هو المراد بقوله: (لا تنقطع الهجره حتي تنقطع التوبه). فهذا وجه الجمع بين الحديثين، و اذا اطلق في الحديث ذکر الهجرتين فانما يراد. بهما هجره الحبشه و هجره المدينه. انتهي. و قال ابن ابي‏الحديد: هذا کلام من اسرار الوصيه يختص به علي- عليه‏السلام- لان الناس يروون ان النبي- صلي الله عليه و آله- قال: (لا هجره بعد الفتح)، فشفع عمه العباس في نعيم بن مسعود الاشجعي ان يستثنيه فاستثناه، و من هذه الهجره التي اشار اليها اميرالمومنين- عليه‏السلام- ليست تلک بل هي الهجره الي الامام. و قال بعض الاصحاب: تجب المهاجره عن بلد الشرک علي من يضعف عن اظهار شعائر الاسلام مع المکنه و يستحب للقادر علي اظهارها تحرزا عن تکثير سواد المشرکين، و المراد بها الامور التي تختص بالاسلام کالاذان و الاقامه و صوم شهر رمضان و غير ذلک. و الحق بعضهم ببلاد الشرک بلاد الخلاف التي لا يتمکن فيها المومن اقامه شعائر الايمان مع الامکان. و لو تعذرت الهجره لمرض او عدم نفقه او غير ذلک فلا حرج لقوله- تعالي-: (الا المستض

عفين من الرجال و النساء و الولدان لا يستطيعون حيله و لا يهتدون سبيلا فاولئک عسي الله ان يعفو عنهم و کان الله عفوا غفورا. و الظاهر ان قوله- عليه‏السلام- (ما کان لله في اهل الارض حاجه) کنايه عن بقاء التکليف کما يدل عليه قول النبي - صلي الله عليه و آله- (لا تنقطع الهجره حتي تنقطع التوبه). و للتجوز مجال واسع و في الصحيفه السجاديه: (و لا ترسلني من يدک ارسال من لا خير فيه، و لا حاجه بک اليه). و قيل: کلمه (ما) هيهنا نافيه و وجهوه بتوجيهات رکيکه. و (السر) ما يکتم و (استسر) اي استتر و اختفي، فالمختفي حينئذ کمن لا يختفي بل يعلن نفسه لانه لا يخاف و لا يتقي لدينه او غيره، و قيل: اي ممن اسردينه او اظهره و اعلنه، و (من) لبيان الجنس، و قيل: زائده، و لو حذفت لجر المستسر بدلا من اهل الارض. (لا يقع اسم الهجره...) الخ، اي يشترط في صدق الهجره معرفه الامام و الاقرار به. و المراد بقوله (فمن عرفها...) الخ انه مهاجر بشرط الخروج الي الامام و السفر اليه او المراد بالمعرفه المعرفه الستنده الي المشاهده و العيان، و يحتمل ان يکون المراد ان مجرد معرفه الامام و الاقرار بوجوب اتباعه کاف في اطلاق اسم الهجره کما هو ظاهر الجزء الاخير من الکلام

و يدل عليه بعض اخبارنا، فمعرفه الامام و الاقرار به في زمانه قائم مقام الهجره المطلوبه في زمان الرسول- صلي الله عليه و آله. و قال بعض الاصحاب: الهجره في زمان الغيبه سکني الامصار لانها تقابل الباديه مسکن الاعراب، و الامصار اقرب الي تحصيل الکمالات من القري و البوادي فان الغالب علي اهلها الجفاء و الغلظه و البعد عن العلوم و الکمالات کما روي عن النبي- صلي الله عليه و آله- ان الجفاء و القسوه في الفدادين، و قيل: هي الخروج الي طلب العلوم فيعم الخروج عن القري و البوادي، و الخروج عن بلد لا يمکن فيه طلب العلم. (و لا يقع اسم الاستضعاف..) الخ، (الاستضعاف) عد الشي‏ء ضعيفا او وجدانه ضعيفا و (استضعفه) اي طلب ضعفه. و (الحجه) الدليل و البرهان، و يعبر به عن الامام لانه دليل الحق، و المراد به هنا اما دليل الحق من اصول الدين او الاعم او الامام بتقدير مضاف اي حجه الحجه. قال القطب الراوندي - رحمه الله- يمکن ان يشير بهذا الکلام الي احدي آيتين: احدا هما: (ان الذين توفيهم الملائکه ظالمي انفسهم قالوا: فيم کنتم؟ قالوا: کنا مستضعيفين في الارض. قالوا: الم تکن ارض الله و اسعه فتهاجروا فيها؟!! فاولئک ماويهم جهنم و سائت مصيرا). فيکون مراده ژ

- عليه‏السلام- علي هذا انه لا يصدق اسم الاستضعاف علي من عرف الامام و بلغته احکامه و وعاها قلبه، و ان بقي في ولده و اهله لم يتجشم السفر الي الامام، کما صدق علي هولاء المذکورين في الايه. و الثانيه قوله- تعالي- بعد ذلک: (الا المستضعفين من الرجال و النساء- الايه). فيکون مراده علي هذا ان من عرف الامام و سمع مقالته و وعاها قلبه لا يصدق عليه اسم الاستضعاف کما صدق علي هولاء، اذ کان المفروض علي الموجودين في عصر الرسول المهاجره بالابدان دون من بعدهم، بل يقنع منهم بمعرفته و العلم بقوله بدون المهاجره اليه بالبدن. و قال ابن‏ميثم- رحمه الله- بعد حکايه کلامه: و اقول: يحتمل، ان يريد بقوله ذلک انه لا عذر لمن بلغته دعوه الحجه فسمعتها اذنه في تاخيره عن النهوض و المهاجره اليه مع قدرته علي ذلک و لا يصدق عليه اسم الاستضعاف کما يصدق علي المستضعفين من الرجال و النساء و الولدان حتي يکون ذلک عذرا له، بل يکون في تاخره ملوما مستحقا للعقاب کالذين قالوا: کنا مستضعفين في الارض، و يکون مخصوصا بالقادرين علي النهوض دون العاجزين، فان اسم الاستضعاف صادق عليهم. انتهي. و اقول: سياتي شرح هذا الکلام في اخبار کثيره و ان المراد به ان المستضعف المعذور

في معرفه الامام في زمان الهدنه في الجمله، انما هو اذا لم تبلغه الحجه و اختلاف الناس فيه، او بلغه و لم يکن له عقل يتميز به بين الحق و الباطل، کما سنذکر تفصيله ان شاء الله- تعالي-. (ان امرنا صعف مستصعب)، (الصعب) العسر و الابي الذي لا ينقاد بسهوله ضد الذلول، و (استصعب الامر) اي صار صعبا، و (استصعبت الامر) اي وجدته صعبا. و (حملته و احتملته) بمعني، و (حملته) بالتشديد، فاحتمله. و (الامتحان) الاختبار و (امتحن الله قلبه) اي شرحه و وسعه. قال ابن ابي‏الحديد: قال الله- تعالي-: (اولئک الذين امتحن الله قلوبهم للتقوي) يقال: (امتحن فلان لامر کذا) اي جرب للنهوض به، فهو قوي علي احتمال مشاقه و يجوز ان يکون بمعني المعرفه لان تحقيقک الشي‏ء انما يکون باختباره، فوضع موضعها فيتعلق اللام بمحذوف، اي کائنه له، و هي اللام التي في قولک (انت لهذا الامر) اي مختص به و يکون مع معمولها منصوبه علي الحال، و يجوي ان يکون المعني: ضرب الله قلوبهم بانواع المحن لاجل التقوي، اي ليثبت و يظهر تقواها و يعلم انهم متقون، لان التقوي لا يعلم الا عند الصبر علي المحن و الشدائد او اخلص قلوبهم للتقوي اي اذابه و صفاه. و (وعيت الحديث) اي حفظته و فهمته و الغرض ح

فظ الحديث عن الاذاعه و ضبط الاسرار عن افضائها الي غير اهلها او الاذعان الکامل به، و عدم التزلزل عند العجز عن المعرفه التفصيليه به، فيکون کالتفسير لما قبله. و (الحلم) بالکسر، الاناه و العقل. و (الرزانه) الوقار. و حاصل الکلام ان شانهم و ما هم عليه من الکمال و القدره علي خوارق العادات صعب لا يحصل لغيرهم، مستصعب الفهم علي الخلق، او فهم علومهم و ادراک اسرارهم مشکل يستصعبه اکثر الخلق، فلا يقبله حق القبول بحيث لا يخرج الي طرف الافراط بالغلو او التفريط بعدم التصديق، او القول بعدم الحق لسوء الفهم الا قلب عبد شرحه الله و صفاه للايمان، فيحمل کلما ياتون به علي وجهه اذا وجد له محملا و يصدق اجمالا بکل ما عجز عن معرفته تفصيلا و يرد علمه اليهم- عليهم‏السلام-. و المراد بطرق السماء الطرق التي يصعد منها الملائکه و يرفع فيها اعمال العباد، او منازل سکان السماوات و مراتبهم، او الامور المستقبله و ما خفي علي الناس مما لا يعلم الا بتعليم رباني فان مجاري نزولها في السماء، او احکام الدين و قواعد الشريعه و علي ما يقابل کل واحد منها يحمل طرق الارض. و (شغر البلد) - کمنع- اذا خلا من حافظ يمنعه، و (بلده شاغره برجلها) لم تمنع عن غاره احد، و

(شغرت المراه) رفعت رجلها للنکاح، و (شغرتها) فعلت بها ذلک، يتعدي و لا يتعدي، و (شغر الکلب) اذا رفع احد رجليه ليبول، و قيل: (الشغر) البعد و الا تساع، و قيل کني بشغر رجلها عن خلو تلک الفتنه عن مدبر يردها و يحفظ الامور و ينظم الدين. و يحتمل ان يکون کنايه عن شمولها للبلاد و العباد من الشغر بمعني الا تساع، او من شغر الکلب، او من شغره المراه کنايه عن تکشفها و عدم مبالاتها بظهور عيوبها و ابداء سوئتها. و (الوطء) الدوس بالرجل. و (الخطم) بالفتح من الدابه، مقدم انفها، و (الخطام)- ککتاب- ما يوضع في انف البعير ليقتادبه. و الوطء في الخطام کنايه عن فقد القائد و اذا خلت الناقه من القائد تعثر و تخبط، و تفسد ما تمر عليه بقوائمها. (و تذهب باحلام قومها) اي تفسد عقول اهلها فکانت افعالهم علي خلاف ما يقتضيه العقل، فالمراد باهلها المفسدون، او يتحير اهل زمانها فلا يهتدون الي طريق التخلص عنها، فاهلها من اصابته البليه، او ياتي اهل ذلک الزمان اليها رغبه و رهبه و لا يتفحصون عن کونها فتنه لغفلتهم عن وجه الحق فيها.


صفحه 247.