خطبه 184-به همام درباره پرهيزكاران











خطبه 184-به همام درباره پرهيزکاران



[صفحه 347]

تبيين: قال الکيدري: (الهمام) البعيد الهمه و کان السائل کاسمه. و قال ابن ابي‏الحديد: همام، هو همام بن شريح بن يزيد بن مره و کان من شيعه اميرالمومنين- عليه‏السلام- و اوليائه، و کان ناسکا عابدا و تثاقله عن جوابه لانه علم ان المصلحه في تاخير الجواب، و کانه حضر المجلس من لا يحب - عليه‏السلام- ان يجيب- و هو حاضر. و لعله بتثاقله - عليه‏السلام- يشتد شوق همام الي سماع الموعظه. و لعله من باب تاخير البيان الي وقت الحاجه، لا عن وقت الحاجه. و قال ابن‏ميثم: تثاقله- عليه‏السلام- لخوفه علي همام کما يدل عليه قول- عليه‏السلام- (اما و الله لقد کنت اخافها عليه). و اقول: هذا اظهر. (اتق الله و احسن) اي ليس عليک ان تعرف صفات المتقين علي التفصيل و لعل الاصلح لک القناعه بما تعرفه مجملا من صفاتهم و مراعاه التقوي و الاحسان، و کان المراد بالتقوي الاجتناب عما نهي الله عنه، و بالاحسان فعل ما امر الله به، فالکلمه جامعه لصفات المتقين و فضائلهم. (حتي عزم عليه)، (عزمت علي فلان) اقسمت عليه، و (عزمت علي الامر) اي قطعت عليه و اردت فعله حتما، فالضمير في (عليه) يحتمل عوده اليه- عليه‏السلام- و الي ما ساله من الوصف علي التفصيل، و الاو

ل اظهر، و روايه الصدوق تعينه. و التعرض للغنا و الامن لدفع توهم ان مدح المتقين الترغيب في الطاعه و التخويف من المعصيه لا نتفاعه- سبحانه- و دفع المضره عنه، و ليس المعني ان افعال الله- سبحانه- ليست معلله بالاعراض کما زعمه الحکماء، بل اشاره الي ما ذکره المتکلمون من ان الغرض لا يعود اليه- سبحانه- بل الي العباد، لانه اراد ان يثيبهم في الاخره، و الثواب هو النفع المقارن للتعظيم و الاجلال، و فعله لمن لا يستحق اصلا قبيح عقلا، فلذا کلفهم و بعث اليهم الرسل و وعدهم و اوعدهم و عرضهم للمثوبات الدائمه الجليله. و تفصيل ذلک في کتب الکلام. و (المعايش) بالياء، جمع (معيشه) و هي مايعاش به او فيه و ما يکون به الحياه، قال الله تعالي-: (نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياه الدنيا). و (مواضع الخلق) مراتبهم، قال الله - تعالي-: (و رفعنا بعضهم فوق بعض درجات) و هي اشاره الي الدرجات الدنيويه کالغنا و الفقر و الصحه و المرض، او الدينيه لاختلاف استعداداتهم و قابلياتهم في العلم و العمل، او الاعم منهما و هو اظهر، و التفريع يويد الاخيرين. (منطقهم الصواب)، (المنطق) النطق اي لا يقولون الا حقا و يحترزون عن الکذب و الفحش و الغيبته و سائر الاقاويل الباط

له، و قيل: اي لا يتکلمون الا في مقام التکلم کذکر الله- تعالي- و اظهار حق و ابطال باطل، و کان الابتداء بالمنطق لکون النفع و الضرر في القول اکثر في الاغلب من اعمال سائر الجوارح. و (الملبس) بفتح الباء، ما يلبس. و (الاقتصاد) التوسط بين طرفي الافراط و التفريط، و المعني انهم لا يلبسون ما يلحقهم بدرجه المترفين، و لا ما يلحقهم باهل الخسه و الدنائه، او يصير سببا لشهرتهم بالزهد کما هو داب المتصوفين، او المعني ان الاقتصاد في الاقوال و الافعال صار شعارا لهم محيطا بهم، کاللباس للانسان کما مر. (و مشيهم التواضع) اي لا يمشون مشي المختالين و المتکبرين، کما قال- عز و جل-: (و لا تمش في الارض مرحا- الايه)، او المراد ان سيرتهم و سلوکهم بين الخلق او في سبيل الله بالتواضع و التذلل. (غضوا ابصارهم)، (غض فلان طرفه)- کمد- اي خفضه، و کذلک غض من صوته، و کل شي‏ء کففته فقد غضضته. و (وقفت)- کضربت- اي دمت قائما، و (وقفته انا و قفا) اي فعلت به ما وقف و (وقفت الرجل عن الشي‏ء و قفا) اي منعته عنه، و (وقفت الدار و قفا) اي حسبتها في سبيل الله. و المراد الاقتصار علي استماع العلم النافع، و فيه ايماء الي ذم الاصغاء الي القصص الکاذبه، بل و کثير من ال

صادقه، کما سياتي ان شاء الله. و (الرخاء) بالفتح، سعه العيش، قال القطب الراوندي- رحمه الله-: يعني ان المتقين يتعبون ابدانهم في الطاعات، فيطيبون نفسا بتلک المشقه التي يحتملونها مثل طيب قلب الذي نزلت نفسه في الرخاء. و لا بد من تقدير مضاف لان تشبيه الجمع بالواحد لا يصح، اي کل واحد منهم اذا نزل في البلاء يکون کالرجل الذي نزلت في الرخاء، و نحوه قوله- تعالي-: (مثل الذين کفروا کمثل الذي نيعق). قال: و يجوز ان يکون (الذي) بمعني ما المصدريه کقوله- تعالي-: (و خضتم کالذي خاضوا) اي نزوله في البلاء کنزوله في الرخاء. و قال ابن‏ميثم: يحتمل ان يکون المراد بالذي، الذين، فحذف النون کما في قوله- تعالي-: (و خضتم کالذي خاضوا). و قال ابن ابي‏الحديد: موضع کالذي نصب لانه صفه مصدر محذوف و المراد کالنزول الذي، و قد حذف العائد اليه و هو الهاء في (نزلته) کقولک: (ضربت الذي ضربت) اي ضربت الذي ضربته، و تقدير الکلام: نزلت انفسهم منهم في حال البلاء نزولا کالنزول الذي نزلته منهم في حال الرخاء. و قال الکيدري - قدس سره-: (نزلت انفسهم... الخ) لانهم کسروا سوره الشهوه البهيميه و طيبوا عن انفسهم نفسا و وقفوا اشباحهم و ارواحهم علي مرضاه الله و حسبوها

في سبيله، فلا مطمح لهم الي ما فيه نصيب انفسهم، بل جل عنايتهم مصروفه الي تحصيل ما خلقوا لاجله من اعداد زاد المعاد، و الاقبال بکل الوجوه علي عباده رب العباد، و التفاتهم الي الابدان يکون علي طريق الطبع کالتفات سالک الباديه للحج الحقيقي الي رعي الجمل، و علموا يقينا ان ما اصابهم من الکد في الطريق و ان کان عظيما فانه کلا شي‏ء في جنب ما يصلون به اليه من لقاء المحبوب و نيل المطلوب، فالمحن عندهم کالملح و البليه کالنعم. و قوله (کالذي) نظير قوله- تعالي-: (و خضتم کالذي خاضوا) و بيت الحماسه: عسي الايام ان يرجعن يوما کالذي کانوا. اي نزلت في البلاء کالنزول الذي نزلت في الرخاء. انتهي. و المراد بالبلاء المرض و الضيق و نحوهما او الاعم من احتمال المشقه ايضا و ليس مخصوصا به و طيب قلوبهم للرضا بقضاء الله کما في المجالس: (فصغر ما دونه في اعينهم) في اختلاف التعبير دلاله علي ان الخالق تمکن في قلوبهم بخلاف ما دونه فلم يتجاوز اعينهم. (فهم و الجنه) قال الراوندي- رحمه الله-: الواو بمعني (مع) و قال ابن ابي‏الحديد بنصب (الجنه) و قد روي بالرفع علي انه معطوف علي هم، و الاول احسن. و قوله (کمن قدرآها) و قوله (فهم فيما منعمون) اما کلا هما لقو

ه الايمان و اليقين، او لشده الخوف و الرجاء، او الرويه اشاره الي قوه اليقين، و (التنعم و العذاب) اي شده الرجاء و الخوف و هما ايضا من فروع اليقين، و اختار الوالد- قدس سره- الاخير، و قال الکيدري: اي حصل لهم من العلوم اليقينيه ما يجري مجري الضروريه کما قال- عليه‏السلام-: (لو کشف الغطاء ما ازددت يقينا). و روي (و الجنه) بالنصب فيکون الواو بمعني مع و يکون خبر المبتدا الکاف في (کمن رآها). (قلوبهم محزونه) حزن قلوبهم للخوف من العقاب لاحتمال التقصير و عدم شرائط القبول، کما قال- عز و جل-: (و الذين يوتون ما آتوا و قلوبهم و جله انهم الي ربهم راجعون). و الامن من شرورهم لانهم لا يهمون بظلم احد، کما ورد في الخبر: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه و يده). و قيل لان افعالهم حسنه في الواقع و ان کانت سيئه في الظاهر، و هو بعيد. (نحيفه) اي مهزوله لکثره الصيام و السهر و الرياضات، او للخوف او لهما و خفه حاجاتهم لقله الرغبه في الدنيا و ترک اتباع الهوي و قصر الامل و قناعتهم بما رزقهم الله. و (العفه) کف النفس عن المحرمات، بل عن الشبهات و المکروهات ايضا. و جمله (اعقبتهم) صفه للايام. و (تجاره) عطف بيان للراحه، او بدل منه، او منصوب علي المد

ح، او علي الحال، او علي تقدير فعل، اي اتجروا تجاره. قال الراوندي- رحمه الله-: نصب المصدر مع حذف فعله کثير في الکلام. و (ربح الرجل في تجارته)- کعلم-، و يسند الي التجاره مجازا، قال- تعالي-: 0فما ربحت تجارتهم). و قال الازهري: (ربح الرجل في تجارته) اي صادف سوقا ذات ربح و (اربحت الرجل ارباحا) اعطيته ربحا، فالتجاره المربحه کانها تعطي ربحا او هي الرابحه من افعل بمعني فعل. و قال الکيدري: (تجاره) انتصابه علي المصدر من معني الکلام السابق، لان مضمون قوله (صبروا اياما... الخ) يدل علي انهم اتجروا بذلک او يکون منصوبا بفعل مضمر يفسره ما بعده، اي يسر لهم ربهم تجاره، او علي المدح او التخصيص، اي اعني تجاره، او اخص تجاره، و جعلها من (راحه) علي ما زعم صاحب المنهاج ليس بالقوي لان التجاره المربحه ليست بنفس الراحه، و انما صبرهم المستعقب لتلک الراحه هي التجاره. انتهي. (ارادتهم الدنيا) اي اقبلت اليهم من الوجوه المذمومه او مطلقا و تمکنوا من تحصيلها بکسب المال و الجاه فلم يقبلوها و لم يسعوا في تحصيلها، و قيل: و يحتمل ان يراد اهل الدنيا. و (اسره)- کضربه- اي شده و حبسه. و (الفديه) زخارف الدنيا و ملاذها التي سلموها الي الدنيا بالترک و ال

اعراض عنها. اقول: و نقل الکيدري- قدس سره- روايه تمثل الدنيا لاميرالمومنين - عليه‏السلام- و اعراضه عنها کما سننقلها عنه في باب ذم الدنيا، ثم قال: فهذا معني قوله- عليه‏السلام- (ارادتهم الدنيا و لم يريدوها). و اذا تدبرت الخلال المذکوره في هذه الخطبه وجدت اميرالمومنين- عليه‏السلام- هو الموصوف بها کلها. و قد اوردت هذه الابيات و امثالها في (انوار العقول من اشعار وصي الرسول). فما اسرها اياهم، فلان ارواح الاولياء قدسيه و مقامه في العالم الجسد اي علي خلاف مقتضي طبيعتها فهي غريبه في هذا العالم و صغوها بالکليه الي عالمها فهي اسيره هنا من حيث الغربه و عدم الملائمه، فدائما يستعد و يتهيا للسفر الحقيقي و يزيل المثبطات و يرفعها من البين، و ذلک فدائها. (اما الليل) في بعض النسخ بالنصب علي حذف حرف الجر، اي اما حالهم في الليل، فالمقصود تفصيل حالهم في الليل و النهار، و في بعض النسخ بالرفع، فالغرض تفصيل حال ليلهم و نهارهم. و (الصف) ترتيب الجمع علي صف، و (صف القدمين) وضعهما في الصلاه بحيث يتحاذي الا بهامان و يتساوي العبد بين الصدر و العقب. و في بعض النسخ: (تالون) مکان (تالين). (يرتلونه) اي القرآن، و روي: (يرتلونها) فالضمير لاجزاء

القرآن. (و رتل القرآن ترتيلا) اي احسن تاليفه، و عن اميرالمومنين- عليه‏السلام- انه (حفظ الوقوف و اداء الحروف، و هو جامع لما يعتبره القراء). و (الحزن) الهم و (حزنه الامر)- کنصر- اي جعله حزينا و (حزن) - کعلم- اي صار حزينا، و (حزنه تحزينا) جعل فيه حزنا، و في اکثر النسخ علي التفعيل و في بعضها کينصرون. و تحزين النفوس بايات الوعيد ظاهر، و اما آيات الوعد فللخوف من الحرمان و عدم الاستعداد. و (ثار الغبار) اذا سطع و هاج، و (ثار القطا) اذا نهضت من موضعها، و (اثار الغبار و استثاره) هيجه. و لعل المراد بالدواء العلم و بالداء الجهل. و استثاره العلم بالتدبر و التذکر، قال في النهايه: في الحديث: (اثيروا القرآن فان فيه علم الاولين و الاخرين). و يحتمل ان يراد استثاره العلم الکامنه في النفس علي حسب الاستعداد و الکمال بالتدبر و التفکر و التذکر. و قال الوالد- قدس سره-: المراد انهم يداوون بايات الخوف داء الرجاء الغالب الذي کاد ان يبلغ حد الاغترار و الامن لمکر الله، و بايات الرجاء داء الخوف اذا قرب من القنوط، و بما يستکمل اليقين داء الشبهه، و بالعبرداء القسوه و بما ينفر عن الدنيا و الميل اليها داء الرغبه فيها و نحو ذلک. و (رکن الي الش

ي‏ء)- کنصر کما في النسخ و کعلم ايضا- اي مال و سکن. و (التطلع الي الشي‏ء) الاستشراف له و الانتظار لوروده. و (نصب الشي‏ء) رفعه و ان يستقبل به شي‏ء، و الکلمه منصوبه علي الظرفيه اي ظنوا انها فيما نصب بين ايديهم، و في بعض النسخ مرفوعه علي انها خبر ان. و قال الکيدري: (و تطلعت نفوسهم اليها) اي کادت تطلع شموس نفوسهم من افق عوالم ابدانهم، فتصعد الي العالم العلوي شوقا الي ما و عدوا به في تلک الايات، من اخائر الذخائر و عظائم الکرائم. و انتصاب (نصب اعينهم) علي الظرف اي في موضع يقابل اعينهم، و يجوز فيه الرفع. و قال الراوندي- رحمه الله-: الظن هنا بمعني اليقين، قال- تعالي-: (الا يظن اولئک انهم مبعوثون) اي ايقنوا ان الجنه معده لهم بين ايديهم. و قال ابن ابي‏الحديد: و يمکن ان يکون علي حقيقته. و (صغي اليه)- کرضي- اي مال، و (اصغي سمعه اليه) اي اماله، و (زفير النار) صوت توقدها، و (الزفير) ايضا اخراج النفس بعد مده فالمراد زفير اهل جهنم. و (الشهيق) تردد البکاء في الصدر مع سماع الصوت من الحلق، و (شهيق الحمار) صوته. و کونهما في اصول الاذان کنايه عن تمکنها في الاذان. (حانون اوساطهم)، (حني ظهره يحنيه و يحنوه) اي عطفه فانحني، و حنوهم ع

لي اوساطهم وصف لحال رکوعهم. و (الافتراش) البسط علي الارض، و هو وصف لحال سجودهم. قال الکيدري: (فهم حانون) اي منعطفون للرکوع، و (حني) قد جاء متعديا و لازما و تعديته اکثر، فيکون تقديره (حانون ظهورهم علي اوساطهم). (يطلبون الي الله) اي يسالونه راغبين و متوجهين اليه. و (فک الرقبه)- کمد- اي اعتقها و (فک) الاسير) خلصه. (و اما النهار) بالنصب و الرفع کما تقدم. قال الکيدري: (اما النهار) انتصابه علي الظرفيه و تعلقه بما بعده من الصفات کحلماء و غيره. و (حلماء) خبر مبتدا محذوف، اي فهم حلماء في النهار، و يجوز فيه الرفع علي تقدير (اما النهار فهم حلماء فيه) فيکون مبتداء و الجمله بعده خبره و فيها ضمير مقدر يعود اليه. و (الحلماء) ذو و الاناه او العقلاء. و (بري السهم يبريه) اي نحته. و (القداح) جمع (قدح) بالکسر فيهما، و هو السهم قبل ان يراش و ينصل، و هو کنايه عن نحافه البدن و ضعف الجسد، او زوال الامال و المطالب الدنيويه. و (خولط فلان في عقله) اذا اختل عقله و صار مجنونا، و (خالطه) اي مازجه. و قال الراوندي و غيره: المعني: يظن الناظر بهم الجنون و ما بهم من جنه، بل مازج قلوبهم امر عظيم و هو الخوف فتولهوا لاجله. و قيل: (و لقد خالطهم)

اي صار سببا لجنونهم الذي يظنه الناظر. (امر عظيم) هو الخوف. و قال الکيدري: (قد براهم الخوف) اي انضاهم و انحفهم. (خولطوا) اي خالط عقولهم جنون. و (الاستکثار) عد الشي‏ء کثيرا. و (اتهمت فلانا) اي ظننت فيه ما نسب اليه و (اتهمته في قوله) اي شککت في صدقه، و الاسم (التهمه) کرطبه، و السکون لغه، و اصل التاء واو. و المراد انهم يظنون بانفسهم التقصير او الميل الي الدنيا، او عدم الاخلاص في النيه او الاعم، او يشکون في شانها و نياتها و يخافون ان يکون مقصودها في العبادات الرياء و السمعه و ان تجرها العباده الي العجب، فلا يعتمدون عليها. و (الاشفاق) الخوف، و اشفاقهم من السيات و ان تابوا منها لاحتمال عدم قول توبتهم، و من الحسنات لاحتمال عدم القبول لاختلال بعض الشرائط و شوب النيه، او للاعمال السيئه و قد قال الله- عز و جل-: (انما يتقبل الله من المتقين). (اذا زکي احدهم)، (التزکيه) المدح، و خوفهم من الوقوع في العجب و الاتکال علي العمل و سوال عدم المواخذه لذلک، و يحتمل ان يکون کنايه عن عدم الرضا بما يقولون، و التبري من التزکيه و ظن البرائه بالنفس فان النفس اماره بالسوء الا ما رحم الله. (و اجعلني افضل مما يظنون) اي وفقني لدرجه فوق ما يظ

نون بي من حسن العمل و القبول. و قال ابن ابي‏الحديد: قد قاله لقوم مر عليهم، و هم مختلفون في امره فمنهم الحامد له، و منهم الذام، فقال- عليه‏السلام-: (اللهم) ان کان ما يقوله الذامون حقا فلا تواخذني به، و ان کان ما يقوله الحامدون حقا فاجعلني افضل مما يظنون.

[صفحه 356]

(فمن علامه احدهم انک تري له)، في بعض النسخ: (لهم) فالضمير راجع الي معني احدهم. و (القوه في الدين) ان لا يتطرق الي الايمان الشک، و الشبهات و الي الاعمال الوساوس و الخطرات، او ان لا يدرک العزم في الامور الدينيه وني و لا فتور للوم و غيره، قال- تعالي-: (يجاهدون في سبيل الله و لا يخافون لومه لائم). و (الحزم) بالفتح، ضبط الامر، و الاخذ فيه بالثقه، و الحذر من فواته و کان المعني انه لا يصير حزمه سببا لخشونته) بل مع الحزم يداري الخلق و يلاينهم. و (القصد) التوسط بين طرفي الافراط و التفريط و ترک الاسراف و التقتير، اي يقتصد في حال الغنا، او في تحصيل الغنا، او في الانفاق مع غني النفس. و (التجمل) التزين و تکلف الجميل و اظهاره، و (التجمل في الفاقه) سلوک مسلک الاغنياء و المتجملين في حال الفقر، و ذلک بترک الشکوي الي الخلق و الابتهاج بما اعطي الله و اظهار الغني عن الخلق، او التجمل و التزين في الفاقه بما امکن و عدم اظهار الفاقه للناس، الا ما يمکن ستره او زائدا علي ما هو الواقع کالفقراء الطامعين فيما في ايدي الناس. (و الصبر في الشده) الصبر علي شده الفقر او العباده او المصائب او الاعم. و (الطلب في الحلال) الکسب من غي

ر الطرق التي نهي عنها. و (النشاط) بالفتح، طيب النفس للعمل و غيره. و (الهدي) الرشاد و الدلاله، اي ينشط لهدايه الناس، او لاهتدادئه في نفسه. و (التحرج) التاثم، و المعني جعل الطمع حرجا و عده اثما و عيبا. و قال ابن ابي‏الحديد: حرف الجر في بعض هذه المواضع يتعلق بالظاهر فيکون موضعه نصبا بالمفعوليه، و في بعضها يتعلق بمحذوف فيکون موضعه ايضا نصبا علي الصفه، ففي قوله (في دين) يتعلق بالظاهر اي (قوه)، يقال: فلان قوي في کذا و علي کذا، و (في لين) يتعلق بمحذوف اي حزما کائنا في لين، و (في يقين) و (في علم) يتعلق بالظاهر، و (في) بمعني (علي) کقوله- تعالي-: (و لا صلبنکم في جذوع النخل). و (في غني) يتعلق بمحذوف، و (في عباده) يحتمل الامرين، و (في فاقه) بمحذوف، و (في شده) يحتمل الامرين، و (في حلال) يتعلق بالظاهر و (في) بمعني اللام، و (في هدي) يحتملهما، و (عن طمع) بالظاهر. و (الوجل) الخوف، و خوفهم من التقصير في العمل کما او کيفا او من عذاب الله اشاره الي قوله- سبحانه-: (يوتون ما آتوا- الايه). و (الهم) اول العزم، و ما قصده الانسان و اضمره في نفسه، و کان تخصيص الشکر بالمساء لان الرزق و افاضه النعم و الفوز بالمکاسب يکون في اليوم غالبا،

و تخصيص الذکر بالصباح لان الشواغل عن الذکر في اليوم اکثر، و کل يوم کانه وقت استيناف العمل. و (الحذر) و (الفرح)- ککتف- صفتان من الحذر و الفرح، بالتحريک. و المراد بالفض و الرحمه، التوفيق و الهدايه او ما يشمل النعم الدنيويه، و هذا الفرح يعود الي الشکر، و قال بعض الشارحين، ليس المقصود تخصيص البيات بالحذر و الصباح بالفرح بل کما يقول احدنا: يمسي و يصبح حذرا فرحا، و کذلک تخصيص الشکر بالمساء و الذکر بالصباح، و يحتمل ان لا يکون مقصودا. و (الصعب) نقيض الذلول، و (استصعبت علي فلان دابته) اي صعبت، و (استصعبت عليه نفسه) اي لم تطعه في العبادات المکروهه للنفس و ترک المعاصي، لان النفس اماره بالسوء الا ما رحم الله. (و لم يعطها سولها فيما تحب) اي لم يطاوع النفس فيما تريده من هذا الامر الذي استصعبت عليه، او في غيره من اللذات لتنقاد و تترک الاستصعاب، اذ اطاعه النفس في لذاتها توجب طغيانها و قوتها في الباطل و بعدها عن الله، و لذا تري القوه علي العباده في المرتاضين و من انحلتهم العباده اکثر منها في الاقوياء و المترفين بالنعم. و (قرت عين فلان و اقر الله عينه)- کفر و عض- اي سر و فرح، و معناه: ابرد الله دمعه عينه لان دمعه الفرح و السر

ور بارده، و دمعه الحزن حاره، و قيل: معني (اقر الله عينک) بلغک امنيتک حتي ترضي نفسک و تسکن عينک فلا تستشرف الي غيره، و قيل: معناه: ابرد الله عينک بان ينقطع بکائها، و قره عين کل احد ماموله و منتهي رضاه. و (ما لا يزول) ما عند الله و الدار الاخره. و (ما لا يبقي) الدنيا و زخارفها. (يمزج الحلم بالعلم) اي يحلم للعلم بفضله لا لضعف النفس و عدم المبالاه بما قيل له، او فعل به، او لا يطيش في المحاورات و المباحثات مع انه يقول عن علم، و قيل: المراد بالحلم العقل، اي يتعلم عن تفکر و تدبر و لا يعتمد علي الظنون و الاراء الواهيه، او يتفکر فيما علم و يحفظه حتي يتمکن في قلبه. (و القول بالعمل) اي اذا امر الناس بمعروف او نهاهم عن منکر عمل به، او يفيي بالوعد، او يقرن الايمان بالاعمال الصالحه، او يجمع بين القول الجميل و الفعل الحسن. و (النزر و المنزور) القليل. و (الاکل)- کعنق- الحظ من الدنيا، و في بعض النسخ: (اکله) بالفتح، اي لا يمتلي من الطعام، بانه من اسباب الکسل عن العباده و کثره النوم. و (الحرز) الموضع الحصين، و (حرز حريز) کحصن حصين، و (حرزه)- کنصره- حفظه و المراد عدم اهماله في امردينه و عدم تطرق الخلل اليه. و (المامول) المرجو. (

ان کان في الغافلين) لعل الغرض من القرينتين انه لا يزال ذاکرا لله سواء کان مع الغافلين او مع الذاکرين، اما اذا کان في الغافلين فيذکر الله بقلبه او بلسانه ايضا فيصير سببا لذکرهم ايضا، فيکتب انه في الذاکرين. و قوله- عليه‏السلام- (لم يکتب من الغافلين) کانه تفنن في العباره، او المعني انه ليس ذکره بمحض اللسان ليکتب من الغافلين بل قلبه ايضا مشغول بذکره- تعالي-. و الغالب في الصله و القطع الاستعمال في الرحم، و قد يستعملان في الاعم ايضا. و (بعيدا) عود الي السياق السابق، و الجمل معترضه، او حال عن فاعل يصل، و قد يعبر بالبعد عن العدم، کذلک الغيبه و الحضور و الاقبال و الادبار و يحتمل القله فان التقوي غير العصمه، و يمکن ان يراد بالاقبال الازدياد و بالادبار الانتقاص، اي لا يزال يسعي فيزداد خيره و ينقص شره. و قال الوالد - رحمه الله-: يمکن ان يراد بالمعروف و المنکر الاحسان و الاسائه الي الخلق. و (الزلازل) الشدائد. و (الوقور) فعول من (الوقار) بالفتح، و هو الحلم و الرزانه. و (الرخاء) سعه العيش. و (الحيف) الجور و الظلم. و المراد بالاثم الميل عن الحق و الغرض انه لا يترک الحق للعداوه و المحبه اذا کان حاکما، او لا يجور علي العدو و

لا يساعد المحب بما يخرج عن الحق. (لا يضيع ما استحفظ) اي ما اودع عنده من الاموال و الاسرار، و التضييع في الاول بالخيانه و التفريط و في الثانيه بالاذاعه و الافشاء، و يحتمل شموله لما استحفظه الله من دينه و کتابه. (و لا ينسي ما ذکر) اي ما امر بتذکره من آيات الله و عبره و امثاله، او الاعم منها و من احکام الله و الموت و المصير الي الله و اهوال الاخره. و (النبز) بالتحريک، القلب، قيل: و کثر فيما کان ذما، و (المنابزه و التنابز) التعاير و التداعي بالالقاب. و (المضاره) الاضرار. و (الجار) المجاور في السکني و من آجرته من ان يظلم. و (شمت- کفرح- شماته) بالفتح، اي فرح ببليه العدو. (لا يدخل في الباطل) اي في مجلس الفسق و اللهو و الفساد، او المراد عدم ارتکاب الباطل، و کذا (الخروج من الحق) اي من مجالسه، او عدم ترک الحق. (لم يغمه صمته) لعلمه بمفاسد الکلام و عدم التذاذه بالباطل من القول، او لاشتغال قلبه حين الصمت بذکر الله. (لم يعل صوته) اي لا يشتد صوته او يکتفي بالتبسم، اذ الخروج عنه يکون غالبا بالضحک بالصوت العالي، و الواسطه نادره. و (اراح الناس) لاشتغاله بنفسه. و (الزهد) خلاف الرغبه، و کثيرا ما يستعمل في عدم الرغبه في الدنيا.

و (النزاهه) بالفتح، التباعد عن کل قدر و مکروه، و انما کان تباعده زهدا و نزاهه لانه انما يرغب عن اهل الدنيا و اهل الباطل، و قيل: نزاهه عن تدنس العرض. و (الخديعه)- ککريهه- الاسم من (خدعه) اي ختله و اراد به المکروه من حيث لا يعلم. و (صعق)- کسمع-: اي غشي عليه من صوت شديد سمعه او من غيره، و ربما مات منه. (کانت نفسه فيها) اي مات بها، و يحتمل ان يراد بالصعقه الصيحه، کما هو الغالب في هذا المقام. و يراد بکون نفسه فيها خروج روحه بخروجها. و (ويح) کلمه رحمه و يسعمل في التعجب کما مر مرارا، و التلطف في مثل هذا المقام من قبيل الاحسان الي من اساء. و قد مر الکلام في هذا المقام و في بعض ما تقدم في شرح روايه الکافي فلا نعيده. و اقول: روي في تحف العقول ايضا مثله. و اقول: لما سلک قدوه المحققين ابن‏ميثم البحراني في شرح هذا الحديث مسلکا آخر، اردت ايراده ليطلع الناظر في کتابنا علي اکثر ما قيل في ذلک فاوردته. قال- قدس سره-: وصف- عليه‏السلام- المتقين بالوصف المجمل فقال: (فالمتقون فيها هم اهل الفضائل) اي الذين استجمعوا الفضائل المتعلقه باصلاح قوتي العلم و العمل، ثم شرع في تفصيل تلک الفضائل و نسقها. فالاولي: الصواب في القول و هو فضيله ا

لعدل المعلقه باللسان، و حاصله ان لا يسکت عما ينبغي ان يقال فيکون مفرطا، و لا يقول ما ينبغي ان يسکت عنه فيکون مفرطا، بل يضع کلا من الکلام في موضعه اللائق به و هو اخص من الصدق، لجواز ان يصدق الانسان فيما لا ينبغي من القول. الثانيه: (و ملبسهم الاقتصاد) و هو فضيله العدل في الملبوس، فلا يلبس ما يلحقه بدرجه المترفين و لا يلحقه باهل الخسه و الدنائه مما يخرج به عن عرف الزادهين في الدنيا. الثالثه: مشي التواضع، و التواضع ملکه تحت العفه، يعود الي العدل بين رذيلتي المهانه و الکبر و مشي التواضع مستلزم للسکون و الوقار. الرابعه: غض الابصار عما حرم الله و هو ثمره العفه. الخامسه: و قوفهم اسماعهم علي سماع العلم النفع، و هو فضيله العدل في قوه السمع. و العلوم النافعه ما هو کمال القوه النظريه من العلم الالهي و ما يناسبه و ما هو کمال للقوه العمليه و هي الحکمه العمليه. السادسه: نزول انفسهم منهم في البلاء کنزولها في الرخاء، اي لا تقنط من بلاء ينزل بها و لا تبطر برخاء يصيبها، بل مقامها في الحالين مقام الشکر. و (الذي) صفه مصدر محذوف و الضمير العائد اليه محذوف ايضا، و التقدير: نزلت کالنزول الذي نزلته في الرخاء. و يحتمل ان يکون المراد

ب (الذي) (الذين) فحذف النون کما في قوله- تعالي-: (کالذي خاضوا). و يکون المقصود تشبيههم حال نزول انفسهم منهم في البلاء بالذي نزلت انفسهم منهم في الرخاء، و المعني واحد. السابعه: غلبه الشوق الي ثواب الله و الخوف من عقابه علي نفوسهم الي غايه ان ارواحهم لا تستقر في اجسادهم من ذلک، لو لا الاجال التي کتبت لهم. و هذا الشوق و الخوف اذا بلغ الي حد الملکه، فانه يستلزم دوام الجد في العمل و الاعراض عن الدنيا، و مبدا هما تصور عظمه الخالق، و بقدر ذلک يکون تصور عظمه و عده و وعيده، و بحسب قوه ذلک التصور يکون قوه الخوف و الرجاء و هما بابان عظيمان للجنه. الثامنه: عظم الخالق في انفسهم، و ذلک بحسب الجواذب الالهيه الي الاستغراق في محبته و معرفته، و بحسب تفاوت تصور عظمته - تعالي- يکون تصورهم لاصغيره ما دونه، و نسبته اليه في اعين بصائرهم. و قوله (فهم و الجنه کمن قدر راها) الي قوله (معذبون) اشاره الي ان العارف و ان کان في الدنيا بجسده فهو في مشاهدته بعين بصيرته لاحوال الجنه و سعادتها و احوال النار و شاقوتها، کالذين شاهدوا الجنه بعين حسهم و تنعموا فيها و کالذين شاهدوا النار و عذبوا فيها. و هي مرتبه عين اليقين، فبحسب هذه المرتبه کانت

شده شوقهم الي الجنه و شده خوفهم من النار. التاسعه: حزن قلوبهم، و ذلک ثمره الخوف الغالب. العاشره: کونهم ماموني الشرور، و ذلک ان مبدء الشرور محبه الدنيا و اباطيلها، و العارفون بمعزل عن ذلک. الحاديه عشر: نحافه اجسادهم، و مبدء ذلک کثره الصيام و السهر و جشوبه المطعم و خشونه الملبس و هجر الملاذ الدنيويه. الثانيه عشر: خفه حاجاتهم، و ذلک لاقتصارهم من حوائج الدنيا علي القدر الضروري من ملبس و ماکل، و لا اخف من هذه الحاجه. الثالثه عشر: عفه انفسهم، و ملکه العفه فضيله القوه الشهويه و هي الوسط بين رذيلتي خمود الشهوده و الفجور. الرابعه عشر: الصبر علي المکاره ايام حياتهم من ترک الملاذ الدنيويه و احتمال اذي الخلق، و قد عرفت ان الصبر مقاومه النفس الاماره بالسوء لئلا ينقاد الي قبائح اللذات. و انما ذکر قصر مده الصبر و استعقابه للراحه الطويله ترغيبا فيه و تلک الراحه بالسعاده في الجنه کما قال- تعالي-: (و جزاهم بما صبروا جنه و حريرا- الايه). و قوله (تجاره مربحه) استعار لفظ التجاره لاعمالهم الصالحه و امتثال اوامر الله. و وجه المشابهه کونهم متعوضين بمتاع الدنيا و بحرکاتهم في العباده متاع الاخره. و رشح بلفظ الربح لافضليه متاع الاخره و

زيادته في النفاسه علي ما ترکوه. و ظاهر ان ذلک بتيسير الله لاسبابه و اعدادهم له بالجواذب الالهيه. الخامسه عشر: عدم ارادتهم للدنيا مع ارادتها لهم، و هو اشاره الي الزهد الحقيقي و هو ملکه تحت العفه، و کني بارادتها لهم عن کونهم اهلا لان يکونوا فيها رووسا و اشرافا کقضاه و وزراء و نحو ذلک و کونها بمعرض ان تصل اليهم لو ارادوها. و يحتمل ان يريد: ارادهم اهل الدنيا، فحذف المضاف. السادسه عشر: افتداء من اسرته لنفسه منها، و هو اشاره الي من ترکها و زهد فيها بعد الانهماک فيها و الاستمتاع بها، ففک بذلک الترک و الاعرض و التمرن علي طاعه الله اغلال الهيئات الرديه المتلبسه منها عن عنقه. و لفظ الاسر استعاره لتبديل ذلک الاستمتاع بها بالاعراض عنها و المواظبه علي طاعه الله. و انما عطف بالواو في قوله (و لم يريدوها) و بالفاء في قوله (ففدوا) لان زهد الانسان في الدنيا کما يکون متاخرا عن اقبالها عليه، کذلک قد يکون متقدما عليه لقوله- صلي الله عليه و آله- (و من جعل الاخره اکبر همه جمع الله عليه همه و اتته الدنيا و هي راغمه)، فلم يحسن العطف هنا بالفاء. و اما الفديه فلما لم يکن الا بعد الاسر لا جرم عطفها بالفاء. السابعه عشر: کونهم صافين اقدا

مهم بالليل يتلون القرآن و يرتلونه... الي قوله (آذانهم)، و ذلک اشاره الي تطويع نفوسهم الاماره بالسوء بالعبادات و شرح لکيفيه استيثارهم للقرآن العزير في تلاوته و غايه ترتيلهم له بفهم مقاصده و تحزينهم لانفسهم به عند ذکر الوعيدات من جلمه الستيثارهم لدواء دائهم. و لما کان دائهم هو الجهل و سائر الرذائل العمليه، کان دواء الجهل بالعلم و دواء کل رذيله الحصول علي الفضيله المضاده لها، فهم بتلاوه القرآن يستثيرون بالتحزين الخوف عن و عيد الله المضاد للانهماک في الدنيا، و دائه العلم الذي هو دواء الجهل، و کذلک کل فضيله حث القرآن عليها، فهي دواء لما يضادها من الرذائل. و باقي الکلام شرح لکيفيه التحزين و التشويق. و قوله (فهم حانون علي او ساطهم) ذکر لکيفيه رکوعهم. و قوله (مفترشون لجباههم...) الي قوله (اقدامهم) اشاره الي کيفيه سجودهم و ذکر الاعظم السبعه و قوله (يطلبون...) الي قوله (رقابهم) اشاره الي غايتهم من عبادتهم تلک. الثامنه عشر: من صفاتهم بالنهار کونهم حکماء و اراد الحکمه الشرعيه و ما فيها من کمال القوه العلميه و العمليه لکونها المتعارفه بين الصحابه و التابعين و روي: (حلماء) و (الحلم) فضيله تحت ملکه الشجاعه هي الوسط بين رذي

لتي المهانه و الافراط في الغضب. و انما خص الليل بالصلاه لکونها اولي بها من النهار. التاسعه عشر: کونهم علماء و اراد کمال القوه النظريه بالعلم النظري و هو معرفه الصانع و صفاته. العشرون: کونهم ابرارا و البر يعود الي العفيف لمقابلته الفاجر. الحاديه و العشرون: کونهم اتقياء، و المراد بالتقوي ههنا الخوف من الله. و قد مر ذکر العفه و الخوف و انما کررهما هنا في عداد صفاتهم بالنهار و ذکرها هناک في صفاتهم المطلقه. و قوله (و قد براهم الخوف...) الي قوله (عظيم) شرح لفعل الخوف الغالب بهم، و انما يفعل الخوف ذلک لاشتغال النفس المدبره للبدن به عن النظر في صلاح البدن و وقوف القوه الشهويه و الغاذيه عن اداء بدل ما يتحلل و شبه بري الخوف لهم ببري القداح، و وجه التشبيه شده النحافه، و يتبع ذلک تغير السحنات و الضعف عن الانفعالات النفسانيه من الخوف و الحزن حتي يحسبهم الناظر مرضي و ان لم يکن بهم مرض. (و يقول قد خولطوا) و ذلک اشاره الي ما يعرض لبعض العارفين عند اتصال نفسه بالملا الاعلي و اشتغالها عن تدبير البدن و ضبط حرکاته ان يتکلم بکلام خارج عن المتعارف يستبشع بين اهل الشريعه الظاهره فينسب ذلک منه الي الاختلاط و الجنون و تاره الي الکفر

و الخروج عن الدين. و قوله (و لقد خالطهم امر عظيم) هو اشتغال اسرارهم بملاحظه جلال الله و مطالعه انوار الملا الاعلي. الثانيه و العشرون: کونهم لا يرضون (من اعمالهم) القليل الي قوله (الکبير) و ذلک لتصورهم شرف غايتهم المقصوده باعمالهم. قوله (فهم لانفسهم متهمون...) الي قوله (ما لا يعلمون) فتهمتهم لانفسهم و خوفهم من اعمالهم يعود الي شکهم فيما يحکم به او هامهم من حسن عبادتهم و کونها مقبوله او واقعه علي الوجه المطلوب الموصل الي الله - تعالي- فان هذا الوهم يکون مبدا للعجب بالعباده و التقاصر عن الازدياد عن العمل و التشکک في ذلک و تهمه النفس بانقيادها في ذلک الحکم للنفس الاماره يستلزم خوفها ان تلک الاعمال قاصره عن الوجه المطلوب و غير واقعه عليه و ذلک باعث علي العمل و کاسر للعجب به، و قد عرفت ان العجب من المهلکات کما قال- عليه‏السلام-: (ثلاث مهلکات: شح مطاع، و هوي متبع، و اعجاب المرء بنفسه). و کذلک خوفهم من تزکيه الناس لهم هو الدواء لما ينشا من تلک التزکيه من الکبر و العجب بما يزکون به، فيکون جواب احدهم عند تزکيته اني اعلم بنفسي من غيري... الي آخره. ثم شرع- عليه‏السلام- بعد ذلک في علاماتهم التي بجملتها يعرف احدهم. و الصف

ات السابقه و ان کان کثير منها مما يخص احدهم و يعرف به الا ان بعضها قد يدخله الرياء فلا يدل علي التقوي الحقه، فجمعها ههنا و نسقها. فالاولي: القوه في الدين، و ذلک ان يقاوم في دينه الوسواس الخناس و لا يدخل فيه خداع الناس، و هذا انما يکون في الدين العالم. الثانيه: الحزم في الامور الدنيويه و الدينيه و التثبت فيها ممزوجا باللين للخلق و عدم الفضاضه عليهم کما في المثل: (لا تکن حلوا فتسترط و لا مرا فتلفظ). و هي فضيله العدل في المعامله مع الخلق و قد علمت ان اللين قد يکون للتواضع المطلوب بقوله- (تعالي)-: (و اخفض جناحک لمن اتبعک من المومنين). و قد يکون من مهانه و ضعف يقين، و الاول هو المطلوب و هو المقارن للحزم في الدين و مصالح النفس و الثاني رذيله و لا يمکن معه الحزم لانفعال المهين عن کل جاذب. الثالثه: الايمان في اليقين، و لما کان الايمان عباره عن التصديق بالصانع و بما وردت به الشريعه و کان ذلک التصديق قابلا للشده و الضعف، فتاره يکون عن التقليد و هو الاعتقاد المطابق لا لموجب و تاره يکون عن العلم و هو الاعتقاد المطابق لموجب هو الدليل و تاره عن العلم به مع العلم بانه لا يکون الا کذلک و هو علم اليقين. و محققو السالکين لا ي

قفون عند هذه المرتبه بل يطلبون بعين اليقين بالمشاهده بعد طرح حجب الدنيا و الاعراض عنها. اراد ان علمهم علم اليقين لا يتطرق اليه احتمال. الرابعه: الحرص في العلم و الازدياد منه. الخامسه: مزج العلم- و هو فضيله القوه الملکيه- بالحلم و هو من فضائل اقوه السبعيه. السادسه: القصد في الغني و هو فضيله العدل في استعمال متاع الدنيا و حذف الفضول عن قدر الضروره. السابعه: الخشوع في العباده و هو من ثمره الفکر في جلال المعبود و ملاحظه عظمته الذي هو روح العباده. الثامنه: التجمل في الفاقه: و ذلک بترک الشکوي الي الخلق و الطلب منهم و اظهار الغني عنهم، و ينشا عن القناعه و الرضا و علو الهمه و يعين علي ذلک ملاحظه الوعد العاجل و ما اعد للمتقين. التاسعه: و کذلک الصبر في الشده. العاشره: الطلب في الحلال و ينشا عن العفه. الحاديه عشر: النشاط في الهدي و سلوک سبيل الله و ينشا عن قوه الاعتقاد فيما وعد المتقون و تصور شرف الغايه. الثانيه عشر: عمل الصالحات علي و جل، اي من ان يکون علي غير الوجه الائق فلا يقبل کما روي عن زين‏العابدين- عليه‏السلام- انه کان في التلبيه و هو علي راحلته و خر مغشيا عليه، فلما افاق قيل له في ذلک فقال: (خشيه ان يقول لي: ل

ا لبيک و لا سعديک). الثالثه عشر: ان يکون همهم عند المساء الشکر علي ما رزقوا بالنهار و ما لم يرزقوا و يصبحوا و همهم الذکر لله ليذکرهم الله فيرزقهم من الکمالات النفسانيه و البدنيه کما قال- تعالي-: (فاذکروني اذکرکم و اشکروا لي و لا تکفرون). الرابعه عشر: ان يبيت حذرا و يصبح فرحا، و قوله (حذرا...) الي قوله (الرحمه) تفسير للمحذور و ما به الفرح و ليس مقصوده تخصيص البيات بالحذر و الصباح بالفرح، بل کما يقول احدنا: يمسي فلان و يصبح حذرا فرحا. و کذلک تخصيصه الشکر بالمساء و الذکر بالصباح يحتمل ان لا يکون مقصودا. الخامسه عشر: (ان استصعبت...) الي قوله (تحب) اشاره الي مقاومته لنفسه الاماره بالسوء عند استصعابها عليه و قهره لها علي ما تکمره و عدم متابعته لها في ميولها الطبيعيه و محابها. السادسه عشر: ان يري قره عينه فيما لا يزول، اي من الکمالات النفسانيه الباقيه کالعلم و الحکمه و مکارم الاخلاق المستلزمه للذات الباقيه و السعاده الدائميه. و (قره عينه) کنايه عن لذته و ابتهاجه لاستلزامها لقرار العين و بردها برويه المطلوب و زهادته فيما لا يبقي من متاع الدنيا. السابعه عشر: ان يمزج العلم بالحلم فلا يجهل و لا يطيش و القول بالعمل، فلا

يقول ما لا يفعل فلا يامر بمعروف فيقف دونه و لا ينهي عن منکر ثم يفعله و لا يعد فيخلف: فيدخل في مقت الله کما قال - تعالي-: (کبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون). الثامنه عشر: قصر امله و قربه، و ذلک لکثره ذکر الموت و الوصول الي الله. التاسعه عشر: قله زلله و قد عرفت ان زلل العارفين يکون من باب ترک الاولي لان صدور الخيرات عنهم صار ملکه و الجواذب فيهم الي الزلل و الخطيئات نادره تکون لضروره منهم او سهو، و لا شک في قلته. العشرون: خشوع قلبه عن تصور عظمه المعبود. الحاديه و العشرون: قناعه نفسه و ينشا عن ملاحظه حکمه الله في قدرته و قسمته الارزاق، و يعين عليها تصور فوائدها الحاضره و غايتها في الاخره. الثانيه و العشرون: قله اکله و ذلک لما يتصور في البطنه من ذهاب الفطنه و زوال الرقه و حدوث القسوه و الکسل عن العمل. الثالثه و العشرون: سهوله امره، اي لا يتکلف لاحد و لا يکلف احدا. الرابعه و العشرون: حرز دينه، فلا يهمل منه شيئا و لا يطرق اليه خللا. الخامسه و العشرون: موت شهوته، و لفظ الموت مستعار لخمود شهوته عما حرم عليه و يعود الي العفه. السادسه و العشرون: کظم غيظه و هو من فضائل القوه الغضبيه. السابعه و العشرون: کونه (مام

ول الخير) و ذلک لاکثريه خيريته (و کونه) (مامون الشرور) و ذلک لعلم الخلق بعدم قصده للشرور. الثامه و العشرون: قوله (ان کان من الغافلين... الي قوله (الغافلين) اي ان راه الناس في اعداد الغافلين عن ذکر الله لترکه الذکر باللسان، کتب عند الله من الذاکرين لاشتغال قلبه بالذکر و ان ترکه بلسانه، و ان کان من الذاکرين بلسانه بينهم فظاهر انه لا يکتب من الغافلين. و لذکر الله ممادح کثيره و هو باب عظيم من ابواب الجنه و الاتصال بجناب الله، و قد اشرنا الي فضيلته و اسراره. التاسعه و العشرون: عفوه عمن ظلمه، و العفو فضيله تحت الشجاعه و خص من ظلمه ليتحقق عفوه مع قوه الداعي الي الانتقام. الثلاثون: و يعطي من حرمه و هي فضيله تحت السخاء. الحاديه و الثلاثون: و يصل من قطعه، و المواصله فضيله تحت العفه. الثانيه و الثلاثون: بعد فحشه، و اراد ببعد الفحش عنه انه قلما يخرج في اقواله الي ما لا ينبغي. الثالثه و الثلاثون: لينه في القول عند محاورات الناس و وعظهم و معاملتهم و هو من اجزاء التواضع. الرابعه و الثلاثون: غيبه منکره و حضور معروفه و ذلک للزومه حدود الله. الخامسه و الثلاثون: اقبال خيره و ادبار شره، و هو کقوله (الخير منه مامول و الشر منه ما

مون) و يحتمل باقبال خيره اخذه في الازدياد من الطاعه و تشميره فيها، و بقدر ذلک يکون ادباره عن الشر لان من استقبل امرا و سعي فيه بعد عما يضاده و ادبر عنه. السادسه و الثلاثون: و قاره في الزلازل، و کني بها عن الامور العظام و الفتن الکبار المستلزمه لاضطراب القلوب و احوال الناس، و الوقار ملکه تحت الشجاعه. السابعه و الثلاثون: کثره صبره في المکاره، و ذلک عن ثباته و علو همته عن احوال الدنيا. الثامنه و الثلاثون: کثره شکره في الرخاء و ذلک لمحبته المنعم الاول جلت قدرته فيزداد شکره في رخائه و ان قول. التاسعه و الثلاثون: کونه لا يحيف علي من يبغض و هو سلب للحيف و الظلم مع قيام الداعي اليهما و هو البغض لمن يتمکن من حيفه و ظلمه. الاربعون: کونه لا ياثم فيمن يحب و هو سلب لرذيله الفجور عنه باتباع الهوي فيمن يحب، اما باعطائه او دفع ما يستحق عليه عنه کما يفعله قضاه السوء و امراء الجور، فالمتقي لا ياثم بشي‏ء من ذلک مع قيام الداعي اليه و هو المحبه لمن يحبه، بل يکون علي فضيله العدل في الکل علي السواء. الحاديه و الاربعون: اعترافه بالحق قبل ان يشهد عليه، و ذلک لتحرزه في دينه من الکذب، اذ الشهاده انما يحتاج اليها مع انکار الحق و ذلک کذب

. الثانيه و الاربعون: کونه لا يضيع اماناته و لا يفرط فيما استحفظه الله من دينه و کتابه، و ذلک لورعه و لزوم حدود الله. الثالثه و الاربعون: و لا ينسي ما ذکر من آيات الله و عبره و امثاله و لا يترک العمل بها، و ذلک لمداومه ملاحظتها و کثره اخطرها بباله و العمل لعنايته المطلوبه منه. الرابعه و الاربعون: و لا ينابز بالالقاب، و ذلک لملاحظته النهي في الذکر الحکيم: (و لا تنابزوا بالالقاب) و لسر ذلک النهي و هو کون ذلک مستلزما لاثاره الفتن و التباغض بين الناس و الفرقه المضاده لمطلوب الشارع. الخامسه و الاربعون: و لا يضار بالجار لملاحظه وصيه الله- تعالي- به: (و الجار ذي القربي و الجار الجنب) و وصيه رسول الله- صلي الله عليه و آله- في المرفوع اليه: (او صاني ربي بالجار حتي ظننت انه يورثه)، و لغايه ذلک و هي الالفه و الاتحاد في الدين. السادسه و الاربعون: و لا يشمت بالمصائب، و ذلک لعلمه باسرار القدر و ملاحظته لاسباب المصائب و انه في معرض ان تصيبه فيتصور امثالها في نفسه فلا يفرح بنزولها علي غيره. السابعه و الاربعون: انه لا يدخل في الباطل و لا يخرج عن الحق، اي لا يدخل فيما يبعد عن الله- تعالي- من باطل الدنيا و لا يخرج عما يقرب الي

ه من مطالبه الحقه، و ذلک لتصور شرف غايته. الثامنه و الاربعون: کونه لا يغمه صمته لوضعه کلا من الصمت و الکلام في موضعه و انما يستلزم الغم الصمت عما ينبغي من القول و هو صمت في غير موضعه. التاسعه و الاربعون: کونه لا يعلو ضحکه، و ذلک لغلبه ذکر الموت و ما بعده علي قبله، و مما نقل من صفات الرسول - صلي الله عليه و آله-: کان اکثر ضحکه التبسم و قد يفتر احيانا و لم يکن من اهل القهقهه و الکرکره و هما کيفيتان للضحک. الخمسون: صبره في البغي عليه الي غايه انتقام الله له، و ذلک منه نظرا الي ثمره الصبر الي الوعد الکريم (في قوله - تعالي-): (ذلک و من عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله- الايه) و قوله: (و لئن صبرتم لهو خير للصابرين). الحاديه و الخمسون: کون نفسه منه في عناء، اي نفسه الاماره بالسوء لمقاومته لها و قهرها و مراقبته اياها و الناس من اذاه في راحه لذلک. الثانيه و الخمسون: کون بعده عمن تباعد عنه لزهده فيما في ايدي الناس و نزاهته عنه، لا عن کبر و تعظم عليهم، و کذلک دنوه ممن دنا منه عن لين و رحمه منه لهم، لا لمکربهم و خديعه لهم عن بعض المطالب کما هو عاده الخبيث المکار. و هذه الصفات و العلامات قد يتداخل بعضها، و ل

کن تورد بعباره اخري او تذکر مفرده ثم تذکر ثانيا مرکبه مع غيرها.


صفحه 347، 356.