خطبه 174-موعظه ياران











خطبه 174-موعظه ياران



[صفحه 168]

بيان: (ايها الغافلون) الظاهر ان الخطاب لعامه المکلفين، اي الذين غفلوا عما يرادبهم و منهم. (غير المغفول عنهم) فان اعمالهم محفوظه مکتوبه. و (التارکون) اي لما امروا به. (الماخوذ منهم) بانتقاض اعمارهم و قواهم و استلاب احبابهم و اموالهم. و (الذهاب عن الله) التوجه الي غيره و الاعراض عن جنابه. و (النعم) بالتحريک، جمع لا واحد له من لفظه، و اکثر ما يقع علي الابل. (اراح بها سائم) شبههم بالنعم التي تتبع نعما اخري سائمه اي راعيه. و انما قال ذلک لانها اذا اتبعت امثالها کان ابلغ في ضرب المثل بجهلها من الابل التي يسميها راعيها. و ما يظهر من کلام ابن‏ميثم من ان السائم بمعني الراعي ففيه ما لا يخفي. و (المرعي الوبي) ذوالوباء و المرض، و اصله الهمز. و (الدوي) ذوالداء، و الاصل في الدوي (دوي) بالتخفيف ولکنه شدد للازدواج. قال الجوهري: (رجل دو) بکسر الواو، اي فاسد الجوف من داء. و (المدي) بالضم، جمع (مديه) و هي السکين. قوله- عليه‏السلام- (تحسب يومها) اي تظن ان ذلک العلف کما هو حاصل لها في هذا اليوم حاصل لها ابدا، او نظرها مقصور علي يومها تحسب انه دهرها. و (شبعها امرها) اي تظن انحصار شانها و امرها في الشبع. قوله- عليه‏ال

سلام- (و الله لوشئت ان اخبر) قال ابن ابي‏الحديد: هذا کقول المسيح - عليه‏السلام-: (و اتبئکم بما تاکلون و ما تدخرون في بيوتکم). قال - عليه‏السلام-: (الا اني اخاف عليکم الغلو في امري و ان تفضلوني علي رسول الله- صلي الله عليه و آله- بل اخاف عليکم ان تدعوا في الالهيه کما ادعت النصاري ذلک في المسيح- عليه‏السلام- لما اخبرهم بالامور الغائبه. و مع کتمانه - عليه‏السلام- فقد کفر کثير منهم و ادعوا فيه النبوه و انه شريک الرسول في الرساله و انه هو الرسول، و لکن الملک غلط و انه هو الذي بعث محمدا- صلي الله عليه و آله-، و ادعوا فيه الحلول و الاتحاد. و يحتمل ان يکون کفرهم فيه باسناد التقصير اليه- عليه‏السلام- في اظهار شانه و جلالته. و (المهلک) بفتح اللام و کسرها، يحتمل المصدر و اسم الزمان و المکان، و المراد بالهلاک اما الموت و القتل، او الضلال و الشقاء، و کذلک النجاه. و المراد بالامر خلافه او الدين و ملک الاسلام و ماله انتهاوه بظهور القائم- عليه‏السلام- و ما يکون في آخر الزمان. و (افرغه) صبه، کفرغه. (هذا بيان آخر في شرح الخطبه:) قال ابن ابي‏الحديد في قوله (اني اخاف ان تکفروا في برسول الله- صلي الله عليه و آله-) اي اخاف عليکم

الغلو في امري و ان تفضلوني علي رسول الله- صلي الله عليه و آله-. ثم قال: و قد ذکرنا فيما تقدم من اخباره- عليه‏السلام- عن الغيوب طرفا صالحا، و من عجيب ما وقفت عليه من ذلک قوله في الخطبه التي يذکر فيها الملاحم و هو يشير الي القرامطه (ينتحلون لنا الحب و الهوي، و يضمرون لنا البغض و القلي، آيه ذلک قتلهم و راثنا و هجرهم احداثنا)، و صح ما اخبره - عليه‏السلام- لان القرامطه قتلت من آل ابي‏طالب- عليه‏السلام- خلقا کثيره، و اسماوهم مذکوره في کتاب مقاتل الطالبيين لابي الفرج الاصفهاني، و مر ابوطاهر سليمان بن الحسن الجنابي في جيشه بالغري و بالحائر فلم يعرج علي واحد منهما و لا دخل و لا وقف، و في هذه الخطبه قال و هو يشير الي الساريه التي کان يستند اليها في مسجد الکوفه (کاني بالحجر الاسود منصوبا ههنا، و يحهم ان فضيلته ليست في نفسه بل في موضعه و اسه، يمکث ههنا برهه ثم ههنا برهه- و اشار الي البحرين- ثم يعود الي ماواه و ام مثواه)، و وقع الامر في الحجر الاسود بموجب ما اخبر به- عليه‏السلام-. و قد وقفت له علي خطب مختلفه فيها ذکر الملاحم، فوجدتها تشتمل علي ما يجوز ان ينسب اليه و ما لا يجوز ان ينسب اليه، و وجدت في کثير منها اختلالا ظا

هرا، و هذه المواضع التي انقلها ليست من تلک الخطب المضطربه، بل من کلام له وجدته متفرقا في کتب مختلفه. و من ذلک ان تميم بن اسامه بن زهر بن دريد التميمي اعترضه و هو يخطب علي المنبر و يقول: (سلوني قبل ان تفقدوني فو الله لا تسالوني عن فئه تصل مائه او تهدي مائه الا نباتکم بناعقها و سائقها، و لو شئت لاخبرت کل واحد منکم بمخرجه و مدخله و جميع شانه)، فقال له: فکم في راسي طاقه شعر؟ فقال له: اما و الله اني لاعلم ذلک و لکن اين برهانه لو اخبرتک به؟ و لقد اخبرت بقيامک و مقالک و قيل لي: ان علي کل شعره من شعر راسک ملکا يلعنک و شيطانا يستنصرک و آيه ذلک ان في بيتک سخلا يقتل ابن رسول الله - صلي الله عليه و آله- او يخص علي قتله. فکان الامر بموجب ما اخبر به- عليه‏السلام- کان ابنه حصين- بالصاد المهمله- يومئذ طفلا صغيرا يرضع اللبن، ثم عاش الي ان صار علي شرطه عبيدالله بن زياد، و اخرجه عبيدالله الي عمر بن سعد يامره بمناجزه الحسين- عليه‏السلام- و يتوعده علي لسانه ان ارجي ذلک، فقتل (حسين- عليه‏السلام-) صبيحه اليوم الذي ورد فيه الحصين بالرساله في ليلته. و من ذلک قوله - عليه‏السلام- للبراء بن عازب يوما: يا براء! ايقتل الحسين - عليه‏السلام

- و انت حي فلا تنصره؟ فقال البراء: لا کان ذلک يا اميرالمومنين، فلما قتل الحسين- عليه‏السلام- کان البراء يذکر ذلک و يقول: اعظم بها حسره اذ لم اشهده و اقتل دونه. و سنذکر من هذا النمط فيما بعد اذا مررنا بما يقتضي ذکره ما يحضرنا ان شاء الله.


صفحه 168.